http://www.alkader.net/des/maanbashoor_061216.htm
الموضوع: رسالة الاصفري ورد بشور
نشر السيد نجدت الاصفري على موقع سوريا الحرة (فري سيريا) رسالة موجهة للاستاذ معن بشور عطفاً على رسالته لرئيس الحكومة اللبنانية الاستاذ فؤاد السنيورة.
وقد رد بشور على رسالة الاصفري، ونحن ننشر الرسالة والرد من اجل ان يطلع الاصدقاء عليها.
رسالة الاصفري
الأستاذ معن بشور المحترم
إن الحرص على الوطن وأهله واضح تمام الوضوح في رسالتك التي كتبتها للرئيس فؤاد السنيورة بتاريخ الخامس من الشهر الحالي و نشرها موقع الحوارالعربي في واشنطن يوم السادس من نفس الشهر لعام 2006 ، وإن كنا نتوخى منك يا استاذ معن ومن أمثلك من المخلصين لأمتهم وأهلهم على مدار الوطن العربي كله مبادرة تقف فيها مع الصح الواضح والشفافية التي لا يحجبها هدف باطني ولا قادم من وراء الحدود ، فإننا نرى أن الحل الذي طرحته – مع احترامي لرأيك- هو عين ما يسعى له الباطنيون ( بالمعنى اللغوي وليس الديني) فإنك بدعوتك الرئيس السنيورة لإطلاق ساقيه للريح تاركا الوطن لقدره بين يدي أناس أقل ما يوصفون به أنهم عملاء ينفذون باخلاص تعاليم ساداتهم من خارج حدود الأمة العربية والوطن الصغير لبنان يجعل ذلك وبالا ليس بعده أسف يرتجى ولا ندم ينفع . تكون قد أوصلتهم لما يريدون وحققت لهم ما يهدفون .
إننا لم نعد نرى في شعارات عبد الناصر أملا بعد أن تشتت العرب وتجمهروا خلف كل ساقطة لاقطة ، باعوا أنفسهم للغريب ، وهانت عليهم أوطانهم ، وندر الإخلاص في مشاريعهم وتوجهاتهم ، وما كان في قديم الزمان ، يوم كان الجميع محصنون بقيم المثالية الطاهرة والنفوس البريئة تمنعهم أخلاقهم أن تنحدر إلى ما نعيشه اليوم في ضلال وانحطاط . إن القيم التي تربيت عليها ورضعتها ( كما يقول الرئيس السنيورة في رده على ((السيد)) عندما بدأ يتهمه بالخيانة والعمالة) هي غير متوفرة اليوم في الحليب الفاسد في صدور الأمهات التي تذخر بهن أوطان العروبة المزورة .
من مثلك ينتظر الحل الراقي يقول للمخطيء أنه مخطأ وينصحه للعودة إلى الطريق القويم ، وليس صعبا على حصافتك ورجاحة عقلك أن تكشف كل ما تعرف لتضع أمام من يعتبر التقية هي سبيل التغلب على الخصوم بأسلوب الخيانة والخداع .
ألم تسمع يا أستاذ معن ما يحيكه ملالي إيران للمنطقة كلها بما عبر عنه الملك عبد الله الثاني منذ سنة ( بالهلال الخصيب) ثم ثنى بعده الأمير سعود الفيصل فأكد علنا ما كان ينقل سرا . ثم هذا هو رئيس وزراء بريطانيا يدلي بدلوه في ذلك يسميه المزج المذهبي .وأخيرا ذاك الذي يختلف فيه قادة العالم من شرقها وغربها عما إذا كان ما يجري في العراق هو حرب أهلية أم لا تزال دون ذلك ، فما المقصود ؟ ومن رواده ومنفذوه ؟من أصحابه ومخططوه ؟؟
إننا لا نريد إعادة اكتشاف الدولاب ، فالعين التي لا ترى ما نعيشه ويحيط بنا حري بها أن توصف بالعمى .فالعشرات من أهل العراق السنة تفصل رؤوسهم عن أجسادهم ، وتحرق بيوتهم ومساجدهم ،وتثقب رؤوسهم بمثاقيب الكهرباء ، ولو انتهى الأمر إلى ذلك لكان محتملا على كراهية ، ولكن الأمر أكبر وأوسع ، فدولة تقيم برامجها النووية لماذا ؟ هل يصدق أنها معاداة لأمريكا ؟ أم معاداة لإسرائيل ؟ أم لجيرانها ؟ ودليلنا الواضح الصغير هو:
- لماذا احتلت إيران جزر الإمارات العربية ( طنب الصغرى والكبرى وابو موسى) بلا ذنب ولم تهدد الإمارات إيران في يوم من الأيام ، وقد سعى العرب بقضهم وقضيضهم عدى سوريا للتوسط لإعادة الجزر فما نجحوا ولا فلحوا .
- رفضت إيران حضور مؤتمر العالم الإسلامي لحجة واهية وسخيفة ألا وهي لماذا يطلق العرب على الخليج الفارسي أسم ( الخليج العربي) هذان مثالان يصوران لك وللجميع من هم وراء أزمة لبنان ، اما أن ينحدر ((السيد)) كما تأتيه التعليمات من الخارج لمستوى اتهام الرئيس السنيورة بالخيانة والعمالة وانت أعلم بالسنيورة منه فهل صحيح ما يتهمه فيه ((السيد)). إن مخططهم ببساطة يقوم على إقامة هلال شيعي يبدأ رأسه الشمالي من لبنان مرورا بسوريا وعبر العراق ( الذي يطبخ الأن على نار حارقة) ثم يتدرج جنوبا على الطرف الغربي من الخليخ العربي (الفارسي ) مرورا من الكويت عبرشرق السعودية في الأحساء والهفوف ، إلى قطر والبحرين والإمارات العربية حتى عمان واليمن .. هذا يجعلهم يحاصرون المملكة والأنقضاض عليها وتقسيمها إلى ماكانت عليه قبل توحيدها على يد اللملك عبد العزيز في أوائل القرن الماضي لإعادة الحجازإلى آل البيت ( وهم أنفسهم آل البيت الطاهرين) ولعلك تذكر أن الحجاج الإيرانيين يسعون في الحج كل عام إلى إقامة مظاهرة وشغب في مكة المكرمة استنكارا لإستعمار السعوديين ( النواصب ) لأملاك آل البيت.
إن الاسلوب الأخلاقي الذي تتحدث عنه يا عزيزي هو من عالم القيم التي زالت ولم يبق ذكرها إلا في أذهان الطيبين الذين يعيشون على ذكرياتهم النبيلة الماضية أمثالك ، تماما كما يتحدث عن حلم جميل عاشه شخص في منامه يتمنى أن يعود إليه كثيرا.
يفصلنا عن الأمثلة التي تطرحها عقدا من الزمن أو أكثر ، في هذه الفسحة الزمنية طرأت تغيرات على البشر مالم نعرفه فيما مضى وأتت لنا الأيام بما لم يكن في سابقها من تكنولوجيا غيرت طبائع البشر وعلاقاتهم ، ووصلت العالم ببعضه صوتا وصورة وأحداثا يعيشها البعيد والقريب معا في نفس اللحظة ، فكشفت لنا هذه التطورات ما لم نكن نحلم به أو نتصوره ، ويجب على المسؤول أن يتماشى مع الزمن ومستلزماته القائمة وليس مع الماضي السحيق
إن تعامل الخلوق مع عديم الأخلاق ، تماما كتعامل اللص مع الأمين ، والصادق مع الكاذب والشريف مع الوضيع ..
إن المسؤولية التي يتحملها الرئيس السنيورة تتوجب منا جميعنا ضم الصفوف ، ورص الأكتاف ، والتضحية بكل غال ورخيص ،لدعمه ونصره ، فإن تهلك هذه العصابة فلن نجد الحرية والكرامة والمنطق والأمن بعد اليوم في هذه الديار وإن غدا لناظره قريب ،نساؤنا سيرغمن على المتعة ، ورجالنا على النخاسة .
أنا أول من يضع نفسي وما أملك في سبيل الدفاع عن شيء نفيس مثل ما يدافع عنه الر ئيس فؤاد السنيورة .
نجدت الأصفري
--
رسالة بشور
الاستاذ نجدت الاصفري المحترم
تحية عربية وبعد،
قرأت رسالتك الموجهة إلي على موقع "سوريا الحرة واشكر عاطفتك وثقتك.
لقد استوقفني في رسالتك أمران:
أولهما : انك فهمت رسالتي للاستاذ فؤاد السنيورة على انها دعوة "لاطلاق ساقيه للريح تاركاً الوطن لقدره بين ايدي اناس..... الخ"، وهو ما لم اذكره في رسالتي البتة، بل كل دعوتي تتلخص ان لا يدير ظهره، وهو رئيس حكومة تل ابيب، لمئات الالاف من اللبنانيين ولمطلبهم في حكومة وحدة وطنية، مذكراً أياه برجل دولة كبير هو الرئيس الشهيد رشيد كرامي الذي كان في أوج قوته، حين اعاد تشكيل حكومته بعد عشرة ايام على تأليفها عام 1958 لأن فريقاً من اللبنانيين اعترض على عدم توازنها ونزل الى الشارع قاطعاً الطرقات في المدينة آنذاك.
ثانيهما: كم كنت اتمنى لو انك ترى أيضاً في لبنان أموراً غير ما يحيكه "ملالي ايران" للمنطقة مستشهداًُ بأقوال لملك الاردن ورئيس وزراء بريطانيا، فترى مثلاَ حركة القناصل والسفراء والمبعوثين الاجانب، وترى ما يقوم به السفير الامريكي ورؤساؤه في الديبلوماسية الامريكية، والذين لا اعتقد انك تخالفني ان ما فعلوه، ويفعلوه في العراق، من جرائم ومجازر وتقسيم وفدرالية وتدمير لمقومات الدولة والمجتمع، مرشح للانتقال الى لبنان والمنطقة اذا لم نتحرر جميعاً من نزعات التعصب والتمذهب والاحكام المسبقة والرؤية بعين واحدة.
الاخ الكريم
وكم كنت، أن ترى أيضاً ما فعلته تل ابيب، وما تزال، بلبنان منذ ما يقارب الثلاثة عقود ونيّف، وقبل ان يأسر رجال المقاومة الابطال الجنديين الصهاينة في 12 تموز للافراج عن اسرى ومعتقلين لبنانيين، بل قبل وجود حزب الله نفسه ، وقبل قيام الجمهورية الاسلامية الايرانية ذاتها، وعلماً ان خطف الجنود الصهاينة للتبادل قد تم اكثر من مرة من قبل حزب الله وغيره. هل يجوز ان ننسى الدور الصهيوني في لبنان والمنطقة ونكتفي برؤية الدور الايراني الذي تعلم، كما يعلم كثيرون، جملة الاعتراضات والانتقادات والملاحظات التي نعبر عنها دوما حين نتحدث عن العلاقة العربية – الايرانية، وندعو الى مراجعة ايرانية نقدية لبعض السياسيات والممارسات في المنطقة، لا سيما في العراق، وذلك من اجل ان تقوم العلاقة بين الأمتين، اللتين تجمعهما روابط العقيدة والحضارة والحوار والمصالح المشتركة، على أفضل وجه، ومن اجل ان تكون ايران سنداً حقيقياً للمقاومة العراقية كما هي للمقاومة اللبنانية والفلسطينية، خصوصاً ان المقاومة العراقية للاحتلال الامريكي هي السند الحقيقي لايران في مواجهتها الضغوط الامريكية والغربية، فلولا هذه المقاومة لما ارتفعت اليوم اصوات في الولايات المتحدة تطالب بالحوار مع ايران.
الاخ الاستاذ نجدت
مرة اخرى اقول، اننا في كل ازمة تمر بها بلادنا مطالبون بالاجابة على سؤال محدد كيف نواجه هذه الازمة؟
أنواجهها بالتحريض والتوتير والتخوين والاتهامات غير الدقيقة وبالتهييج المذهبي والطائفي والعرقي والعنصري، ام نواجهها بالبحث عن المشترك بين اطراف الازمة لننطلق منه تطويراً وتوسيعاً وتعميقاً لنصون بلادنا وامتنا ومنطقتنا.
انا يا أخي العزيز، لم اتوخى من رسالتي للاستاذ السنيورة، إلا السعي الى الخيار الثاني وهو خيار الحوار والتلاقي والبحث عن المشترك وعدم ادارة الظهر لهذا الكم الهائل من ابناء الشعب اللبناني، فقد علمتنا تجربة الحرب في لبنان وغيرها من تجارب الحروب في امتنا، ان إدارة الظهر لفريق كبير من أبناء شعبك هو اقصر الطرق لكسر ظهر الوطن.
ويسعدني ان أعلمك ان الرئيس السنيورة بنفسه لم يفهم رسالتي كما فهمتها، بل بادر الى الاتصال الهاتفي بي فور قراءتها، وكنت في المطار مغادراً الى القاهرة، ليبدي استعداده لتشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس تنازل الاكثرية عن الثلثين (19 وزيراً) وتنازل المعارضة عن الثلث الضامن (10 وزراء) والاتيان بوزير ملك، يحول دون ان تفرض الاكثرية رأيها في الامور المصيرية، ودون ان تعطل المعارضة عمل الحكومة (وهو بالمناسبة اقتراح طرحته شخصياً منذ بداية الازمة في مقابلة تلفزيونية واعاد طرحه الرئيس سليم الحص والجماعة الاسلامية وتبنته بالامس المبادرة العربية).
الاخ الكريم
اتمنى ان تكون رسالاتك ومقالاتك اكثر دقة في المستقبل، وان لا "تصيب قوماً بجهالة" فتصبح نادماً على ما فعلته، خصوصاً انني شخصياً تحملت الكثير من الاتهامات عشية غزو العراق، وبعد احتلاله، لا لشيء سوى انني ارفض احتلال أي بلد عربي واتمسك بحق الشعوب في المقاومة وارفض ازدواجية المواقف منها وادعو لتكاملها من افغانستان الى العراق الى فلسطين ولبنان.
وفي جميع الاحوال شكرا لاهتمامك.
أخوكم
معن بشور
بيروت في 15/12/2006