[IMG]
]http://www.raynews.net/mimages/1585;1572;1...6;209.jpg[/IMG]
الدكتورة رؤوفة حسن لصحيفة رأي: اتفقت الأحزاب على أن تخذل نفسها بخذلان المرأة
الأحد , 20 أغسطس 2006
رأي نيوز/ خاص:
قالت الدكتورة رؤوفة حسن إن الديمقراطية في بلادنا مازالت حتى الآن وسيلة الأقوياء في استمرار حصولهم على مواقع القوة، وأكدت أن الأحزاب اتفقت على أن تخذل نفسها بخذلانها للمرأة في الترشح للانتخابات المحلية، ولأن الانتخابات ليست لعبة مستقلين بل أحزاب، فإنها لاتنصح أي امرأة عاقلة أن تترشح كمستقلة.
وأعربت في حديث لـصحيفة (رأي) عن إيمانها بأنه سيأتي اليوم الذي ترفض فيه خمسة ملايين امرأة إعطاء أصواتهن لمن يظلمهن، عندما تدرك النساء أن قوة أصواتهن في النظام الديمقراطي الحقيقي هي أشد فعالية من كل قوة.. وفي مايلي نص الحوار الذي ستنشره (رأي) في عددها الثلاثاء المقبل.
حاورها: أحمد السلامي
تكررت تجربة الانتخابات في اليمن مرات عديدة، وفي كل التجارب السابقة ظل الحديث عن المرأة بوصفها نصف المجتمع حديثاً إنشائياً لم تستوعبه القوى السياسية، ولم تمارس خياراتها على أساسه.. حتى التنظير حول إدماج المرأة في عملية التنمية، وإتاحة الفرصة أمامها للمشاركة في الحياة السياسية يصبح أثناء الانتخابات مجرد كلام مكتوب في توصيات مؤتمرات الأحزاب وتصريحات قادتها للإعلام.
حول هذه الإشكالية عموماً، إلى جانب مشكلة ضعف تمثيل المرأة في قوائم المرشحين للانتخابات المحلية القادمة أجرينا الحوار التالي مع الدكتورة رؤوفة حسن الأستاذة الجامعية والناشطة في مجال منظمات المجتمع المدني عبر رئاستها لمؤسسة برامج التنمية الثقافية، إلى جانب تواجدها البارز في (تحالف وطن) عبر إدارتها لأغلب اجتماعاته، ومنذ أشهر و مؤسسة برامج التنمية الثقافية التي تديرها رؤوفة حسن تحتضن سكرتارية التحالف الذي سنتطرق إلى جهوده، وإلى الأسباب المباشرة لغياب أو تغييب المرأة عن الانتخابات القادمة في هذا الحوار:
- عدد النساء المرشحات لخوض انتخابات المجالس المحلية حتى الآن أقل من خمسين امرأة بحسب إحصائيات نشرت إعلامياً .. كيف اتفقت الأحزاب على أن تخذل المرأة ؟
أقل من خمسين امرأة مرشحة في المجالس المحلية، يبدو وكأنه اتفاق على أن تخذل الأحزاب السياسية نفسها وتكشف الصبغة الحقيقية لها التي تتعامل مع الانتخابات لا كأداة ديمقراطية لمنح النساء والرجال حقهم في المشاركة في التغيير في بلادهم والمساهمة في بنائه والوصول إلى أعلى المواقع بناء على إرادة حرة من الناس قائمة على الاختيار الذي لا تمليه قوة المال ولا قوة السلطة ولا قوة السلاح بل الرغبة في وطن حر ومواطنين أحراراً، يسعى الفقراء منهم للحديث المباشر عن مشكلات الفقر، ويضع لها حلولاً، وتتحدث فيه النساء من موقع المسؤولية لجعل المواطنة وكل حقوقها وسيلتهن لتربية أجيال قادمة معهن في الطريق للقضاء على الفقر والتخلف والمرض والجهل والعنف والعنجهية والتسلط الذي يعاد إنتاج أسوأ أشكاله دون مخرج أو حل.
- عدد المرشحات من الحزب الحاكم للمحليات القادمة 16 مرشحة فقط.. ترى أين ذهبت وعود حزب المؤتمر للمرأة.. أم أنها كانت مجرد وعود للاستهلاك الإعلامي ؟
المؤتمر الشعبي العام حاله مثل حال غيره من الأحزاب، سلطات إدارته الذكورية القائمة على سلطة الأقوى والأعنف والأغنى والأشد تجبرا على الآخر لا تسمح في لحظات الزحام على مواقع السيطرة لمكان للأضعف حتى لو كان الادعاء أن هذه الانتخابات تقوم لتوصيل صوت الضعفاء إلى سلطتهم التي يختارونها، لكن المسألة تشبه ما نراه في حالة النهب أو حالة الحرب أو حالة الدمار حين يجري الأقوياء فارين أو يدخلون غازين مغتصبين فيتجبرون ويكون الأطفال والنساء هم الضحايا.
إن الديمقراطية في أصلها المثالي هي وسيلة حضارية يستطيع بها البسطاء والمتعدين والنساء والمهمشين أن يشاركوا في صناعة القرار في أوطانهم على أساس أنهم متساوون في الحقوق، لكن الديمقراطية حتى الآن في بلدنا هي وسيلة الأقوياء في استمرار حصولهم على مواقع القوة، لامكان للفقر والفقراء إلا مزيد من الفقر، ولاموقع للنساء إلا في بقايا طعام الذين يقمن بإعداد الطعام لهم.
- يتكالب الرجال على الترشح كممثلين لأحزابهم وكمستقلين على السواء ، لماذا غابت المرشحة المستقلة على الأقل؟
يتكالب الرجال، تعبير مرعب وقديم في وصف الرجال بالكلاب، وأنا ارفض هذا التعبير فهناك رجال بشر لهم اهتمام بالإنسان فيهم لا الحيوان، لكننا بحاجة إلى البحث عنهم فهم لا يتكالبون. أما المستقلات فلم يترك لهن القانون وتعقيدات اللجنة العليا للانتخابات مكانا. وأصبح أمام المستقلة عداوة وضراوة كل الأحزاب الأخرى. لعبة الانتخابات ليست لعبة مستقلين بل أحزاب، لذا لا انصح أي امرأة عاقلة أن تترشح كمستقلة إلا إذا كانت تهدف إلى شيء آخر من الترشيح، كالتدرب مثلا على مواجهة الناس.
- إذا استندنا إلى نظام الكوتا.. ما هي ضمانات التزام الأحزاب بهذا النظام؟
نظام الكوتا يقوم على فرضية شعور الإرادة السياسية للأحزاب أن هناك مشكلة في المجتمع تواجه النساء وان لديهم رغبة في التغلب عليها. وبالتالي يختارون الكوتا أو أي شكل يرونه قادرا على توصيل النساء إلى موقع المساواة. لكن عندما لا ترى الأحزاب في نظام استمرار تهميش النساء على أنه دلالة على تقصيرهم وتخلفهم وكذبهم واستغلالهم التاريخي والمزمن والمستمر للنساء فأن الحال لن يتغير.
- ماذا عن مسيرة يوم الأحد ، وهل تتوقعين أن تدفع الأحزاب إلى إعادة النظر في قوائم مرشحيها عبر إتاحة مقاعد للمرأة في اللحظة الأخيرة ، وهل سيسمح الوقت المتبقي من الفترة القانونية للترشح لتلافي الخلل الواضح في نقص عدد المرشحات؟
مسيرة الأحد هي مجرد بداية لمؤشر لن ينضج ويكتمل إلا بعد زمن طويل. إنها المرة الأولى التي تخرج فيها بعض من نساء اليمن من أجل أنفسهن. عادة يخرجن من أجل الرجال الظالمين لهن، ومن أجل فلسطين التي يدعي الرجال أنهم يساندونها أو من أجل ألف قضية وقضية، هذه المرة هي بداية. لكني أخبرك انه سيأتي اليوم الذي ترفض فيه خمسة ملايين امرأة إعطاء أصواتهن لمن يظلمهن. سيأتي يوم لن تقوم في هذه البلاد حكومة ولن تقر فيه ميزانية ولن تمرر قائمة دون قبول النساء. هذا عندما تدرك النساء أن قوة أصواتهن في النظام الديمقراطي الحقيقي هي أشد فعالية من كل قوة. أنا اعتبر هذه المسيرة الصامتة هذا الأحد بداية تمرين لطريق مسيرات ومظاهرات وتوقيعات ملايينية قادمة والألف ميل تبدأ بخطوة كما يقول أهل الصين.
- أين ذهبت جهود (تحالف وطن) في التنسيق والمشاورات المبكرة بهذا الصدد؟
تحالف وطن هو مجرد تجمع طوعي مبسط لمشروع إيجاد حركة، هدفه البسيط تنسيق الجهود من أجل نجاح النساء في الانتخابات المحلية كنقطة بداية. وهدفه الأعمق هو كشف الحاجة إلى إطار واسع تكون الانتخابات هي قضيته الأولى. سواء كانت هذه الانتخابات محلية أو داخل نقابة أو جمعية أو كانت لرئاسة الجمهورية.
هذا الهدف البعيد يحتاج إلى عمل منظم والى جهود منسقة والى سقف اتفاق ينضوي تحته الكل دون أن يفقدوا تفردهم واستقلاليتهم ودون أن يشكل هذا التجمع حركة تهدد مصالحهم. والمشاورات المبكرة قد ساعدت على كشف الأكاذيب وحتى حالات خداع الذات.
- هل تعتقدين أن أجندة و أولويات التحالف كانت مثالية وبعيدة عن الواقع السياسي وآلية التفكير التي تقود الأحزاب ساعة الانتخابات؟
أجندة وأولويات التحالف لم تكن مثالية بل كانت واقعية حتى أنها قبلت بأدنى الحدود وهي عدم وجود بناء مؤسسي لكي لا تبرز قيادات تخيف أحد. ولا يتم الحصول على تمويل كي لا يتضارب أحد على الموارد. ويعمل الأشخاص طوعا حتى يتضح من يحمل قضية ومن قصته الكسب المادي. ولم يكن الهدف سوى البدء بهذه الانتخابات كنموذج لتوضيح الحاجة إلى حركة قوية للنساء بأولويات يتفق عليها الجميع ويسعون إلى تحقيقها خطوة بعد أخرى.
- وضع تحالف وطن هدفاً لنشاطاته تمثل في العمل على أن تحصل النساء على ألف مقعد في المجالس المحلية.. فإذا بالمرأة شبه غائبة أو مغيبة عن الترشح من حيث المبدأ.. ما رأيك في الهوة الكبيرة بين الألف مقعد وبين عدد المرشحات فعلياً؟
وضع التحالف رقم ألف امرأة كضرورة لكي يحصل الحد الأدنى للوصول إلى الكوتا التي كانت مطروحة للحوار في الساحة، ولكن التحالف لم يقل انه سينفذ ذلك بنفسه، بل هو الحد الأدنى الذي يجب أن تسعى إليه الجهات التي تنطوي في إطاره وتعمل على نحو مستقل. وهي الجهات التي تقول إنها تعمل من اجل الكوتا. ولأن الذين طالبوا بنظام للكوتا لم يتعلموا من تجربة انتخابات عام 1997م التي تم فيها طرح فكرة الكوتا للمرة الأولى مع كل أمناء الأحزاب من قبل برنامج زيادة مشاركة النساء في الانتخابات الذي كنت أديره في ذلك الحين من موقعي كنائبة ومؤسسة للمعهد العربي الديمقراطي، فأنهم هذه المرة أيضا لم يضعوا آلية داخل الأحزاب وداخل البرلمان وداخل اللجنة العليا للانتخابات تضمن الوصول إلى الهدف فكانت هذه البداية المخجلة بعدم تزكية نساء للترشيح للرئاسة، ثم عدم ترشيح عدد مقبول من النساء للانتخابات المحلية. الهوة ستضل قائمة بين الحلم وبين الممارسة إذا لم توضع برامج تغيير وتنمية وشراكة لمواطني اليمن رجال ونساء للخروج من ربقة التخلف والفقر والجهل.
- كانت نظرة التحالف إلى العامل الجغرافي تعول على المناطق الحضرية كبيئات مناسبة لترشيح المرأة واحتمال فوزها، و في ظل النسبة التي لا تكاد تذكر من المرشحات يبدو أن هذا العامل سقط أيضاً كما سقطت وعود الأحزاب .. فهل نستطيع القول بان المدينة اليمنية لا تختلف عن القرية إلا في الحجم؟
لا علاقة للمدينة ولا الريف لما حدث. قوائم الترشيح أعدتها الأحزاب ووضعت في تصورها عامل نجاح المرشح كمقياس واحد يتم اختباره على أساس توافق بين رجال الحزب. والقرى اليمنية ستختار رجال وتختار نساء اذا فهمت ان المنصب الذي يتم فيه اختيار المرشحين على أساسه هو خدمة المجتمع المحلي فأنهم سيختارون من يخدمهم وهم يعرفون ان النساء يقمن بذلك دون تردد. لكن الخيار في تسمية المرشحين لا يعود لهم بل للأحزاب التي تقدم المرشحين والناس تختار مما هو معروض.
- هل كان هناك دور لتحالف وطن في إعداد قوائم مرشحات للمجالس المحلية؟
ليس للتحالف أي دور سوى التجمع والتنسيق والاطلاع على ما يحدث داخل البلاد. الاجتماع يتم مرة كل شهر. ولم نقم بتوجيه نداء ثم الدعوة إلى مظاهرة صامتة إلا بعد أن فاض بالمشاركين الحال.
- هناك نساء متعلمات ولا تشكل لهن المطالبة بحقوقهن السياسية هاجساً مُلحاً.. برأيك ما سبب هذا الانزواء والاستسلام ؟
قضايا النساء في العالم العربي ليست بعد في قائمة الأولويات للمتعلمين أو المتعلمات. لكن عندما يدرك الناس أن حياتهم هي انعكاس لسلبيتهم في السياسة التي تدار حولهم سوف يأخذون المبادرة. النساء اليمنيات لا يلتحقن بالأحزاب ولا يشاركن في إدارة التجمعات المختلفة ولا يزاحمن في سبيل المناصب، وسيحدث ذلك في المستقبل.
صحيفة رأي الإخبارية / اليمن -
www.raynews.net