السلام للجميع :

عندما تفاقمت احداث الرسوم الدنماركية المسيئة وما تلى ذلك من تبعات ساهمت فى تصوير الاسلام بشكل سلبى ... تشكلت على اثر هذا لجنة عربية دعيت بلجنة حوار الاديان وكانت مهمتها تقتضى التعريف بالدين الاسلامى وبنبى الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم وقد تضمنت العديد من الدعاة حديثهم وقديمهم بالاضافة الى عدد من علماء الدين الاسلامي من مختلف الدول العربية .. وانطلقت اللجنة فى مهمتها وسافرت الى اورويا .... وحاورت وناقشت والقت المحاضرات والمناظرات . ولا استطيع ان احدد هل نجحت هذه اللجنة فى مهمتها ام لا ...

ولكن على اى حال فقد كان مستوى الحوار والنقاش ضمن هذه اللجنة يتفاوت بين الموضوعية والانفعال فبين اسئلة الحضور والتى اوضحت بشكل جلي ان الاسلام لم يفهمه الغربي الا عبر العباءة الاشد قتامة عباءة بن لادن والقاعدة(( وقبل ذلك لم يكن الاسلام بالنسبة للغرب باكثر من صورة نمطية لرجال قساة الوجوه يرتدون العقالات والاشمغة على رؤوسهم ويقتادون ورائهم عدد غير محدد الزوجات المنقبات
( الحريم ) ويصرفون دولارات النفط على متعهم ))
.. وبين اجوبة اعضاء اللجنة والتى اتسم بعضها بالانفعال والخروج عن النص المرسوم ( اللجنة المبتسمة المتفهمة ذات الشكل الحضاري والمعبر عن الاسلام كدين سلام وامن ) ربما لان الكثير منهم لم يتعود الاسئلة الجريئة .
وطبعا لم يفطن اعضاء اللجنة الى ان دورهم كان قد جاء متأخرا جدا وان التعريف بالاسلام والمسلمين لم يكن منصفا ولم يكن التوقيت صائبا .
ففى الوقت الذى تتحدث فيه اللجنة عن سماحة الاسلام وعظمة نبيه كان عموم المسلمين يحرقون السفارات فى دولهم ويدمرون الممتلكات العامة بينما متطرفيهم يدعون الى الجهاد وسفك دماء الغربيين حيثما ( ثقفتموهم ) ...
فلم يكن الحوار باكثر من ذر للرماد فى العيون لم تكلل مهمة اللجنة بالنجاح التام والذى يتمثل فى اماطة اللثام عن جوهر هذه الدين والخروج به من صورته المقولبة الى صورة معاصرة قادرة على التعايش مع الاخر وتقبله ... فالغربي عموما لم يكن ليهتم بابتسامات اعضاء اللجنة ولا لباسهم العصري ولابذلهم و كرافتاتهم بقدر ما كان يهمه ان يجد الاجوبة على اسئلة هى جرئية فى منطقنا بل وتكاد تكون محرمة ..
واعذرونى كون المقدمة اطول من الموضوع الرئيسى
اذ انى وددت اصل الى هذه النقطة .. الاسئلة الجرئية والاجوبة الخجلة او العكس ... اريد ان اصل الى نقطة ماذا عن الحوار الداخلي .. ومدى حاجتنا اليه .. وهل نحن قادرون على تحمل استفسارات الاخر وتفسيراته ؟
هل نحن حقا بحاجة الى حوار اديان ؟
هل نحن نحتاج الى لجنة والى دعاة والى ممثلين عن الاديان السماوية فى الوطن العربي لمحاولة تقريب وجهات النظر ؟
هل نحن بحاجة الى هذا ؟ ام اننا بحاجة الى النضوج او للقدرة على تقبل الحوار ؟

ولنا فى نادى الفكر العبرة والمثال ..

فعندما ادخل نادي الفكر العربي .... تواجهنى صعوبة فى ولوج ساحة الاديان او حوار الاديان .. اذ يكفينى ان اقرأ تلك العناوين الغريبة الموضوعة على باب الساحة حتى يشعرنى هذا بخيبة امل مضاعفة واحاول قدر الامكان ان لا تقع عينى على تلك المنطقة ...

فهل نحن بحاجة الى حوار اديان فى نادى الفكر ام اننا يا ترى بحاجة الى مضاعفة الجهد من اجل الدفع باتجاه الموضوعية وتقبل الاخر كيفما كان ؟ او على الاقل الاعتراف بحق الاخر فى الاختلاف واحترام هذه الحق . وبشكل اوضح ان نكون على درجة كافية من النضج تسمح باقامة ساحة كتلك الساحة ..

لاحظوا معى كم المراقبين فى تلك الساحة..
اليس فى هذا دلالة واضحة ان اى حوار ذو صبغة دينية هو فى الواقع حوار طرشان مؤذى لمن كان له سمع وبصر ؟ ويحتاج الى الف رقيب ورقيب .. وانه فى الواقع مجرد امتداد لبرنامج جيري سبرينغر الشهير
ولكن بدون نكهة جيري ..

كنت ولا ازال وساظل مناديا بضرورة الغاء تلك السا حة الا يكفينا ما نلاقى نتيجة اختلافاتنا السياسية والثقافية ... ونحن الذين لم نستطع ان نكون على خط مواز للاخر المختلف او على مستوى تقبله او تفهمه ..

وجدت اليوم حال دخولى الى النادى عنوان مستفز بساحة الاديان ( يتناول قضية هامة وجوهرية فى تاريخ الامم والشعوب ... تسمية عبد المسيح )
مستفز ليس لتناول الدين المسيحي او الاسلامى .. مستفز لكونه يتناول هذه القضية على اعتبار انها قصية هامة يستحق ان توضع للحوار وان يفسح لها مكانا للنقاش والنقار والعراك ولا استبعد ان هذا ما سيحدث ... وما اشبه هذا بما كان يحدث فى برلمانات وصحف دول الشمال الاوربي الغنية من نقاش حول حرية خروج المرء عاريا .. وكيف كانت تلك النقاشات تصدمنا نحن العرب كونها بالنسبة لمن لا يملك حق التنفس فى بلده هى ليست سوى نوع من الترف الفكري .

هذه العناوين البارزة لما تسمى عن حق بالحوار بين الاديان ؟
وهذا نزر يسير ولو شئت لدخلت وجئت لكم بالعجب العجاب من شتى المواضيع التى تنال من كلا من الدينين الاسلامي والمسيحي معا وباسلوب يبتعد تماما عن النضج وعن الموضوعية والعقلانية ..

ولامر ليس بالمستحيل ولا يتطلب منك سوى كمامة على الانف واخرى على الاذن وبامكانك الدخول هناك .. يؤسفنى ان اقول هذا او اضع هذه الجمل ... وانزه تلك المواضيع الجادة والرزينة و ما أقلها والتى لم تسلم فى الواقع هي ايضا من مداخلات اذهبت بجمالها وموضوعيتها و جوهر فكرتها ..


يا سادة نحن عاجزون عن الحوار ....عاجزون عن الحوار .. لا الدينى قادر على التحاور مع اللادينى ولا المسلم قادر على التحاور مع المسيحيى ... بل ولا الشيعى قادر على التحاور مع السنى والعكس هو الصحيح فى كل ما سبق ..

اذا ما فائدة الحوار .. اذا كان يبعد فيما بيننا ولا يقرب ... يفرق ولا يوحد ..
يمهد للخلاف لا للاتفاق ... يضاعف مساحات الاهانة ويقلل مساحات الاحترام فيما بيننا ...
يقصى ويكفر

يشوش الافكار وينزل بنا الى الاسفل بدل ان يرتقى بنا الى الاعلى .. نقاتل بعضنا لكى نتصيد الاخطاء بدل ان نعيد اكتشاف ذواتهااخطاء ويسعى البعض وبكل وسيلة لتسجيل نقاط ضد الاخر .


هل ستسهم الانذارات والعقوبات والكثيرة المراقيبن فى ضمان رقى الحوار ؟

مافائدة حوار كهذا الحوار ؟؟ وهل سيسهم فى الارتقاء بالفكر على الاقل داخل نادي الفكر العربي ... ومن ثم هل سيساهم هذا الحوار بالارتقاء بالعقل العربي بشكل عام ؟؟

لنا عودة (f)


ولى لقاء قريب...

ماشاء الله عليك ياجاد.. قلمك منساب (f)
واسمح لي أن أقول، لأننا لا نجيد الحوار.. وخاصة في الأديان.. فبداية المران على الحوار- لنقل افتراضا- تبدأ من هنا..

السلام للجميع :

العزيزة العربية السعيدة (f)

هذا ما توقعت ان يقوله البعض ...

انه لا بأس بالصراخ هاهنا ..بالقتال .. بالاشتباك ... فنحن فى واقع افتراضى يسمح لنا هامشه بافتعال المعارك والتعبير عن اشد افكارنا جموحا دون ان نكون فى حاجة الى ان نكشف عن شخصونا ..

ولكن هذا ليس دقيقا ..

لان الواقع الافتراضى تخلي عن كونه واقعا مذ ان صار مؤثرا وبشكل فاعل على واقعنا المعاش ولم يعد بعدا موازيا لهذا الواقع بل صار امتدادا له واستكمالا لاركانه .. منفعلا بنا ومنفعلين به ومعه ...

وقد قام الزمن بمهمته فى ان يطور من هذا الواقع ليصبح على ما هو عليه اليوم ... غير اننا نحن لم نتغير وان حدث فهو للاتجاه السلبى ..حيث صرنا اكثر تطرفا ..اكثر انفعالا .. وان كانت فترة المران تلك مر عليها سنون طوال ...فاننا لا نزال عند المرحلة الاولى .. لم يتخط احد منا كبريائه . ويحاول ان يتعلم المزيد ...

فهل اختلف المشهد اليوم عن مشهد المخاض وميلاد هذا الواقع الافتراضى
وهل تطورنا الى الافضل ؟

قال الزميل العاقل فى مداخلة له فى موضوع منفصل بما معناه

اننا جميعا فى البداية منفتحون وبمجرد ان تقع الازمة نعود الى ماكنا عليه واحسبه يقصد دائرة الخلاف التى نتجت اثر الميلاد

واعتقد انه قد اصاب فى قوله .

تحياتي :redrose:

والى لقاء قريب...

تحياتي للعزيز جاد

منذ فترة وأنا أحاول الوصول إلى تصور واضح حول جدوى ما يسمى ب"حوار الأديان" خصوصا هنا في نادي الفكر العربي اذي يجمع عينة لا بأس بها من المفكرين من مختلف التوجهات والأديان.

بالنسبة لي فأنا أتفق معك تماما في وصفك للجنة حوار الأديان ومهمتها بأنها عبارة عن "ذر الرماد في العيون" لأنها لا تمثل سوى محاولة ل"ترقيع" ما يقوم به المتطرفون هنا وهناك...

لو ألقينا نظرة واحدة على حال المجتمع الإسلامي في أي دولة مسلمة لوجدنا فيه تباينات كبيرة جدة تصل إلى درجة فجوات فكرية وحضارية لا يملؤها سوى التخابط بين الأفكار.

هنا يأتي دور كل فئة للتعريف بنفسها، كل يغني على ليلاه، بالتالي يبقى الدور على من يريد التعرف على الإسلام، فيختار من بين هذه الخطابات أقربها إلى الفكرة التي زرعت في مخيلته من قبل الإعلام أو المجتمع.

يحضرني حوار بين شريكي في السكن وفتاة من دولة أوروبية لا تعرف عن الإسلام سوى أن الرجل يحق له أن يتزوج ما يشاء من النساء!!!

قالها الرسول عليه الصلاة والسلام: "يأتي زمان على أمتي تداعى عليها الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" وعندما سأله الصحابة عنا إنا كنا كثرة أم قلة قال: "بل أنتم كثير لكنكم غثاء كغثاء السيل" (أو كما قال عليه الصلاة والسلام)، وهذا هو بالضبط ما يحصل حاليا، وأحد أشكاله قوة الدعاية "غير الإسلامية" عن الإسلام والضعف الشديد للدعاية الإسلامية، فكما ترى الإعلام مثلا في أمريكا لا يجرؤ على عرض صور أو فيديوهات لما يحصل من تنكيل في الشعب الفلسطيني بينما تشتعل الشاشات أفلاما وصورا عند حصول هجوم لمتطرف/ين إسلاميين على أبرياء.

شيء آخر، أشهر الدول التي تدعي بأنها إسلامية تجد فيها نسبة عالية من التطرف أو التصرفات التي تعتبر خاطئة وفقا للمقاييس الدولية لما يسمى "حقوق الإنسان" والذي لم تشارك الدول العربية في وضعه على حد علمي بل هي مقاييس الدول العظمى.

أظن أنها هذه هي السياسة !!!

هذا بشكل عام، أما في نادينا هذا فساحة حوار الأديان أو "حوار الطرشان" هي عبارة عن "ساحة معركة" بين المسلم والمسيحي واللا ديني، أدت إلى هروب كثيرين من ذوي الطروحات الجادة من الساحة لا بل من النادي كله، قبل سنة من الآن كنت أتوق لدخول الساحة ومعرفة ما فيها من حوارات جديدة وقضايا مثارة فآخذها بيدي بعد الطباعة وأجري إلى كلية الشريعة في جامعتي لأناقشها مع من أجدهم أهل علم وثقة، أما الآن فلا أدخل هذه الساحة لهدف سوى رمي بضع كلمات في موضوع قد أجد فيه قليلا من الموضوعية في الحوار.

هل نلغي هذه الساحة؟ سأكذب إن جاوب بالإيجاب أو الرفض لأنني أريد لها أن تلغى لكنني في نفس الوقت أريدها أن تعود كما كانت.

تحياتي (f)

سلام و تحية عزيزي جادمون و عساك بألف خير

تاريخ الشرق تاريخ الاديان كما قيل و لو شطبنا ساحة الاديان هنا فان وجع الدماغ مشتعل اينما وليت وجهك على أرض الواقع.. و نحن هنا بالطبع جزء منه .
رأيي دعهم يتحاورون و لو وصل السيل الزبى فبرأيي لا تتعلم حرفة دون مكابدة و سنتعلم فن الحوار حبة حبة في بعضنا .. و لو لم تتح لنا المساحة أو الفرصة فنحن خاسرون .. و انظر شعوبنا التي ولدت و تناسلت في ظل ديكتاتوريات أليس هذا هو سر عدم قدرتنا على تقبل الآخر المختلف و ضيق صدر بالرأي المخالف ؟
و ان اردت وجهة نظر نظرية فلسنا بحاجة لساحة الاديان و لا للاديان .. و ذلك أقرب للتقوى و الصلاح ..

تحياتي

السلام للجميع :

سنوات الحوار التى مرت لم تعلمنا سوى ان نكون اكثر عنادا و تشبثا بأراءنا واكثر عدائية فى الدفاع عنها ورفض الرأى الآخر

عزيزتى هالة ... ربما فاتك انى قد اجبت فى مداخلة سابقة على ملاحظتك حول ما وصفته الزميلة العربية السعيدة بالمران على الحوار .

برأيى ان المسألة تتجاوز هذا الحد لاننا قد نكون قمة الرقي فى الحوار اذا ما تناول قضايا ذات شكل هامشي سطحى ... ولكن بمجرد حدوث ازمة عقائدية ما حتى يتحول ذاك الرقي الى مجرد قشرة سرعان ما تسَاقط لتبدأ سلسلة الرفض والرفض المقابل ....

اقتباس:و انظر شعوبنا التي ولدت و تناسلت في ظل ديكتاتوريات أليس هذا هو سر عدم قدرتنا على تقبل الآخر المختلف و ضيق صدر بالرأي المخالف ؟

اوليس فى الفضاء الافتراضى تعويض مناسب وبيئة موازية لبيئتا وان اختلفت فى جوهرها .. اوليس هذا الفضاء الذى اتاح لنا المران .. وهو ذاته الذى اتاح لنا الافصاح عن اكثر واشد رؤانا سوادا وقتامة ..

اذا كانت البيئة العربية تولد الكبت والإقصاء ..
فهل الفضاء الافتراضى يفعل ؟ رغم اختلاف الظروف والعوامل ؟

وسيظل الامر مقصورا وبشدة على الحوارالدينى فهو الاكثر قدرة على استخراج اسوء ما فينا اما فيما يخص الشكل الاخر من الحوار فعلى الاعتراف بان اسلوب الحوار صار اقل حدة وان لم يتخلص بعد من مفرداته النموذجية ( العمالة والتخوين والوطنية ) ...وعلى ان اعترف ان الحوار السياسي صار لصيقا اكثر بازمات هذا الوطن ولجوجا فى طلب الحلول بل وساعيا لها . اعترف ان سقف الحوار السياسى والثقافى ارتفع بشكل نسبى فيما انخفض بل وتداعى مستوى الحوار الدينى ولم يعد هنالك من حوار للأسف .. واكثر ما اخافه ان يتأثر الحوار السياسى والفكري بشكل عام بتهافت الحوار الدينى وسطحيته وان يعود بنا الى الوراء وان يخلط الجميع الاوراق فيتداخل الدينى مع السياسى مع الثقافي ونعود بالجميع الى اسفل الدرج ....

نحتاج الى صقل قدراتنا فى تقبل الاخر بشكل عام .. وهذا امر هو فى طور النمو والتطور مالم يدخل عليه مثاقفى الحوارات العقائدية فيفسد الامر بمجمله ...
دعوتى الى إلغاء الحوارالدينى لها ما يبررها كما سبق و اسلفت وتظل العملية عرضة لوجهات نظر مختلفة .. غير انى اعتقد ان معظمكم يتفق معى فى ان الحوار الدينى لم يتطور وينضج وان اثاره السلبية لاتزال تفوق اثاره الايجابية ان وجدت .


تحياتي :redrose:

والى لقاء قريب...

الزميل المحترم / جادمون

تحياتي و احترامي ,,

إذا كنا ننظر لجدوى ما يسمى بحوار الأديان قاصدين بكلمة (حوار) ما نعلمه عنها من مناقشة موضوعية عقلانية بين قضايا ذات إختلاف - لكي ينتج عن هذا الحوار تباعا تغيرا في بعض أو كل هذه القضايا - فأنا معك بأنه لا توجد جدوى نهائيا من الساحة الدينية بل و ما يسمى بحوار الأديان عامة.
و هذا لكون الأديان منظومات لاموضوعية و غير قابلة للمناقشة بطبيعتها - و لا جدوى تذكر من وضع أتباع أي ديانات في مناقشة لآلاف السنين. و لذلك فالنتيجة الطبيعية لمناقشة كهذه ستكون ما نراه من مهاترات غالبا في ساحة الأديان في الواقع الإفتراضي - أو إراقة الدماء في الواقع الحقيقي.
جملة (حوار الأديان) هي جملة متناقضة أصلا في رأيي - و لا عجب أن إدارة نادي الفكر قد غيرت عنوان الساحة من حوار الأديان لتعود لعقائد و أديان.

لكني مع ذلك أختلف معك في إلغاء هذه الساحة:

- فمجرد وجود فرصة حقيقية لإثارة إختلافات الأديان و عرض وجهات النظر (بدون وجود أسلحة و لا جنازير) هو مكسب حقيقي. فمجتمعاتنا لم تعتد على مجرد فتح مناقشات كهذه في الحقيقة - و مجرد إظهار السلبيات في تفكير منغلق لقرون بتلك الحوارات و لو بإسلوب متهافت هو مكسب. و مع الوقت - و تدخلات الإدراة أحيانا - فأيضا مجرد إعتياد أي شخص متعصب لدينه أن يرد على آخر بدون دم أو شتائم هو مكسب آخر.
ففي الواقع الحقيقي - لو تخيلت ساحة الأديان كغرفة حقيقية - كانت ستغلق بعد طرح أول موضوع (بعد موت غالبية المحاورين) - ثم خروج الفئة المنتصرة لقتال رواد باقي الساحات.

- هذه الصدمة التي نشعر بها تجاه مستوى الحوار بساحة الأديان و التي قد نعتبرها أكبر مساوئ هذه الساحة - قد تحمل أيضا مكسبا حقيقيا. فطبيعة الإنسان المتطرف المنغلق على فكره أن يتخيل أنه الحق و ما عداه الباطل - و أنه بمجرد أن يسرد فكره أمام الآخر فسيخر منبهرا به - فتكون صدمته كبيرة كون محاوره على نفس هذا القدر من الثقة - و النتيجة شخصنة و مهاترات تثبت لهم و لغيرهم عجز الفكر المنغلق و ليس عجز المحاورين ذاتهم.

- و في النهاية فهناك مواضيع و أشخاص على قلتهم إلا أنهم على مستوى عالي من الخلق و الإستعداد لتقبل الآخر و المناقشة الجادة.

ملحوظة: لا تنسى تفوق ساحة الأديان أحيانا على ساحة مواضيع ساخرة مما يعد ميزة ترفيهية إضافية.

تحياتي للجميع ,,

على أني أطلق عليها " ساحة الهذيان " ورغم عدم قناعتي بما يسمى حوار الأديان ، إلا أنه ايضا يحق لي ان أسأل :
هل الترفع عن هكذا حوارات تثاقف أم جهل أو تبسيط للأمور ؟!
خاصة واننا لا نعيش لوحدنا في هذا العالم ..

(f)

الأخ المحترم جادمون .
الزملاء الأفاضل .
عطر الله أوقاتكم بالمحبة .(f)
اسمحوا لي أن أشارك في هذا الموضوع ، و لكني سوف أتناول مجموعة من النقاط العامة حول حرية التعبير دون الحديث عن ساحة الأديان بشكل محدد .
النقطة الأولى :هل مفهوم الحرية ( و على رأسها حرية التفكير و التعبير ) هو مفهوم فطري طبيعي للجميع أم خاص بمجتمع دون آخر ؟.
حسنا .. مبدئيا أود أن أقول أننا لفرط حماسنا لأنفسنا ننسى أو حتى نتناسى أن مفهوم حرية التعبير هو أحد عناصر حزمة الحريات الليبرالية المعاصرة التي نشأت نتيجة التقدم الذي أحرزته بعض و ليس كل المجتمعات البشرية ، فقط هناك فصائل محددة من بني الإنسان عرفت و طورت الحريات الفردية التي نعرفها في عالم اليوم ، بينما كانت هناك أجناس أخرى تعارضها بشدة كزيغ في العقيدة و هدم للوطنية بل و حتى كعهر و خنوثة !. لم يظهر مفهوم الحرية المعاصر بشكل تلقائي و لم يظهر بين كل البشر ! .انبثق هذا المفهوم في البداية في روما القديمة ثم حديثا في إنجلترا ثم بعض الشعوب الأوروبية بعد ذلك من أجل تقييد سلطة الحاكم من قبل المحكومين ، و ظهرت بعد ذلك الأنظمة الديمقراطية ، فأصبح القائمون على السلطة وكلاء عن الشعب ،و تتمثل إرادتهم إرادة الأمة مدة إنابتهم عنها .
هذا المفهوم للحرية هو فكر دخيل على ثقافة العرب والمسلمين ، و بالرغم من تبنيهم غالبا الأنظمة الديمقراطية شكليا فإن نفوسهم لم تتشرب روح الحرية المقدسة ، و أتمنى أن ينظر كل منا لنفسه في المرآة و يسأل هل ما أرى يمكن أن يكون حاكما يوما ما ، هل أتساوى مع هذا الحاكم أو ذاك ؟. بالطبع سننكر جميعا أننا لا نقدر الحرية في أعماقنا ، فلا أعتقد أن البشر يختلفون حول القيم العليا مثل الحرية و العدل و الأخلاق ،و لكن بمجرد أن نترك حيز المبادئ العامة للتفاصيل تبدأ الخلافات التي ربما تصل لحد التناقض و العداء فالشيطان كما يقولون في التفاصيل ، و هكذا نجرد الحرية من مفاهيمها الأصيلة بحيث تصبح الحرية هي حرية الإنسان في نوع العبودية التي يختارها !.
إن المسلمين يسمون الحاكم ولي الأمر واجب الطاعة ،و لا يتعاملون معه كموظف عام ، و يعتقدون أن دينهم يوجب طاعته إلا إذا كفر بالله أو خالف أوامره ، دون أن يسألوا أنفسهم وما دخل الدين و الله في تأدية الموظف لواجبات وظيفته ؟!.
يسلم العرب و المسلمون - و نحن لسنا اسنثناء - عادة بمبدأ حرية الرأي دون أن يسلموا بتطبيقاتها ، فيجيزون مناقشة المشكوك فيه- و حتى ذلك يحدث بشكل استثنائي - دون المتفق عليه . و أغلبهم يرى تحصين بعض الآراء من النقد بداعي نفعه للناس ، وفي هذا السياق يحرمون نقد العقيدة ،ولكنهم أيضا ينسون أن المنفعة ليست لها العصمة أو الثبات .إن إدعاء العصمة معناه إجبار الغير على قبول ما نراه من أفكار و عقائد دون أن نسمع رأيه فيها ، فالحق يوجب أن نسمع الآراء المخالفة حتى العنيف أو القاسي منها ، و لكننا بدلا من ذلك نلجأ عادة لسلاح التكفير و التخوين و الشتائم كالسوقة و الملتاثين .
يرى الأغلبية من العرب و المسلمين أن المبادئ الثابتة المقررة خاصة المرتبطة بالعقائد الدينية و الأفكار الوطنية و حتى القومية تعبر عن الحق الكامل ، فإذا بشر الإنسان بغيرها كان ضالا مضلا ، ولكن العقلانيون يرون أن عبارات الأدبيات الدينية مثلا غامضة ، أقرب إلى أسلوب الشعر منها إلى التشريع المحدد ، و يشهد التاريخ أن كثيرا من الأفكار الوطنية و القومية التي نؤمن بها كانت خيانة منذ جيل او جيلين . إن ما يعرف بالآداب المسيحية ملآ هي من وضع الكنيسة الكاثوليكية و ليست من وضع المسيح ، أما ما يعرف بالشريعة الإسلامية فهي بالأساس منتج بشري لرجال عاشوا منذ 1300 سنة .إن أروع ما في تراث الإنسانية من مبادئ الأخلاق بشر بها رهط عرفوا الأديان الشائعة و التعصبات الوطنية و العرقية و لكنهم أنكروها ورفضوا الإيمان بها .
حسنا .. وماذا أرتب على ذلك ؟.
إن الحريات العامة خاصة حرية الضمير .. حرية التفكير و التعبير هي المقياس الوحيد للحضارة ،و إذا أردنا حقا أن نتطور فعلينا :
أن نتعلم الحريات المدنية من العالم المتقدم ومن الألف بلا إدعاء ولا كذب و تدليس ، و أن نتدرب عليها كتلميذ مبتدأ ، عليه أن ينزع عن عقله البلادة و عن قلبه العبودية .

السلام للجميع :

زملائى واصدقائي

اشكركم جزيل الشكر على مداخلاتكم القيمة والتى اثرت الموضوع وجعلت لما كتبت قيمة اكبر واهم ..


لنا عودة

تحياتي


والى لقاء قريب...:redrose: