ليس سهلا أن تستقر المنطقة برمتها حتى ينتهي الفكر الاسلامي من رؤوس العباد. هذا الفكر يحمل في طياته نزعة انتقامية شرسة ضد كل ما هو غير مسلم..

مقتل الزرقاوي و القاء القبض على صدام حسين, حدثين أتى على اثرها ردود أفعال الأمة عكس ما هو طبيعي و ما هو صائب. فمقياس الحقيقة لدى الدهماء من الأمة ينحدر فورا نحو الدين و العرق.

كنا نعتقد أن مقتل الزرقاوي هو بمثابة العيد لكل حر على الأرض. لكن الواقع كان خلاف ذلك تماما, بل العكس تقريبا. فالعامة ترى في الزرقاوي خالد بن الوليد و في صدام صلاح الدين الأيوبي, وان كان الأخير هو خراب الدين لا صلاحه..

يعود السبب في التقييم الخاطيء لهاتين الحادثتين هو انعدام مقاييس الحقيقة بين الناس و اللجوء جماعات الى كتب السيرة و كأنها العقل الوحيد المدبر و الحكم الفاضل بينهم..

صدام و الزرقاوي لم يبنيا شيئا, لم يقدما للتاريخ الانساني شيئا, ولم يكونا قادرين على فعل شيئا حسنا سوى الهدم. و الهادم لا يبني. ولكن كيف تؤمن الأمة بهذا المقياس و قد آمنت عن يقين أن الله لم يأمرهم الا بالهدم..وهم لأياته صاغرون..!!

حسام راغب..

حسبة منطقية،

إن كان صلاح الدين هو عمليا خراب الدين كما يقول الزميل الكاتب، وإن كان هو يأمر بخراب الدين وينهى عن صلاحه، نستنتج منه أن علينا أن نسير على نهج "خراب" الدين الأيوبي.

بالمناسبة، أين تحدث القرآن عن بقر بطون اليهوديات في خيبر وقينقاع؟ أرجو لطفا الإجابة!

عودا الى غياب المقاييس الطبيعية للتقييم..

صلاح الدين أنتصر في (معركة) حطين. فماذا جنى المسلمين من هذا النصر المؤقت؟ ثم أنبرى صلاح الدين على المصريين و قتلهم وأنهى الدلولة الفاطمية في مصر. فماذا فعل المصريين؟

في اعتقادي هناك مقياس واحد يحسم أي قضية جدلية: الانسان..!

هل سمعت عن شيء اسمه انسان يا خالد؟

الزرقاوي قتل الانسان حرابة و صدام فعل الشيء ذاته, فما الفرق بينهم جميعا؟ خراب الدين و صدام و الزرقاوي؟

راغب..

أريد منك وببساطة أن تعرف لنا كيف يصبح الإنسان مقياسا، لعلنا نستعمل هذه المسطرة التي تقترحها في الحكم على الأشياء والأفعال والسلوك الإنساني.

من يرتكب جريمة القتل، والسلطة التي تقتص منه كلاهما مجرم لأن كلا منهما يزهق نفسا إنسانية!!!


من يؤمن بالله ومن يكفر به كلاهما مؤمن...وكلاهما كافر! أوليس المؤمن يكفر بالأوثان، والكافر يؤمن بالجبت والطاغوت!:D


من يخطب الحرة من أهلها، ويكرمها في إشهار زواجها، كمن يختطفها من أهلها، أو يعبث بها في ساعة غفلة واستهتار بعيدا عن المسؤولية
كلاهما يفكر بوصال المرأة، ولن تكون العفة بضع كلمات من شيخ أو كاهن!

وهكذا نجد أشباه هذه الأحكام عند الأولين حين اختلطت عندهم المقاييس فقالوا: (إنما البيع مثل الربا)!!

قبل أن نحكم على الأشياء دعونا نتفق على المقاييس:

المقياس الليبرالي مقياس مطاط وغير منضبط

الإنسان محترم
والأنسنة غاية الجميع

لكن ألا ترى أن ثمة متاجرة بهذه الأنسنة غير المنضبطة!

يعني أمريكا راعية العولمة الليبرالية ومصدرة الحريات لا ترى في جريمة غزة قبل يومين غير دفاع عن النفس مشروع! فأين هي الأنسنة ثمة؟!

اللبرلة الأمريكية أتحفتنا بغوانتنامو و(أبو غريب) وتورا بورا والفلوجة فأين الإنسان الذي يتاجرون به هناك؟

ثم بين يديك قضية الزرقاوي كحالة إنسانية مثلا، تعتب على من يتعاطف معها!

لماذا لم يقشعر بدنك وتذرف دموعك لذلك الدم المسفوح في بعقوبة وراح ضحيته هذا الإنسان وسبعة معه، منهم كما ورد في وسائل الإعلام امرأتان!

هل ستحمل هم الزرقاوي الإنسان وترق له وتبكي عليه، أم أن الزرقاوي ليس بإنسان؟!
لماذا لا تدفع عنه بمثل ما تدفع عن عقوبة القصاص الشرعية!

لماذا القصاص في نظركم غير إنساني لأنه إعدام لنفس وإنهاء للحياة!! بينما مقتل الزرقاوي لا تتحملون له أن يتعاطف معه بضع عشرات من أهله ومن حوله!

إن لم يكن إنسانا فما هي مقاييس الأنسنة التي يحق لنا أن نتعاطف معها، وما هي مقاييس الأنسنة التي يمكننا أن نغض الطرف عنها؟

أعطني نموذجا للإنسان حتى نحتكم إليه؟

وإن أتحفتنا بأمثلة تطبيقية غير مجتزأة نكون لك من الشاكرين..

وشكرا للألق خالد الذي اختصر كلامه وأحكمه(f)