الكاتب Ian Sample
ترجمة Jigsaw Killer
الموضوع الاصلي: Tests of faith
العام الماضي ظهرت نتائج استطلاع مؤسسة " ICM " في الولايات المتحدة بأن 85 % من سكان الولايات المتحدة يؤمنون بالإله كخالق للكون . في نيجيريا , 98 % ذكروا أنهم يؤمنون بالإله , بينما 9 من 10 في أندونيسيا ذكروا أن لا مانع لديهم من المونت في سبيل الدين أو الإله . الشهر الماضي , وجد مكتب الدراسات التسويقية بإيرلندا أن 87 % من السكان يؤمون بالإله . 19 % من الذين تعرضوا لكوارث أرضية مثل زلزال تسونامي الذي قتل 300,000 شخص , ذكر أولائك بأن هذه الكوارث عززت إيمانهم بدلا من إضعافها .
كان الإيمان لمدة طويلة لغز محير للعلم والعلماء , وهذا ليس شيء مفاجئ فالإيمان يتطلب التصديق بإعتقادات غيبية ولا حاجة لدعمها بأدلة مادية . المفهوم الذي لا يتعارض مع مبادئ التفكير العلمي هو أن في نظر العلماء بأن غياب الدليل للإيمان يضعفه ليصبح مجرد حدس وأفكار . السؤال هو , لماذا يؤمن العديد من الناس ؟ ولماذا يبقى الإيمان راسخ مع أن العلم يتقدم ويكشف الكثير من الألغاز التي جهلها المتدينون وكانو ينسبونها لغيبيات مثل : الفيضانات , الزلازل وحتى فهمنا الحقيقي للكون ؟ بحقن الراهبات بالمواد الكيميائية المشعة , بمسح أدمغة الناس المصابين بالصرع و دراسة الأطفال الأشقياء , يقوم العلماء بكل ما سبق حتى يجدوا لنا الأسباب وراء التشبث بالإيمان , حيث يبدو أن التطور اختار آلية التصورات الدينية في الدماغ كعامل للبقاء على قيد الحياة .
يقول عالم السلوك العصبي " Todd Murphy " من جامعة لورينتيان في كندا بأنه عامل واحد ساعد في تطوير المعتقدات الدينية وهو التطور السريع الذي طرأ على أدمغتنا عندما ظهر الإنسان كنوع حي . فبينما كانت يكبر الفص الخلفي والدنيوي من الدماغ , زاد هذا من قدرتنا على الإستنباط وتشكيل ذكريات متطورة . يقول Todd Murphy : " عندما حصل هذا , امتلكنا نحن مهارات إدراكية متطورة . على سبيل المثال , نحن نستطيع رؤية جسم ميت ورؤية أنفسنا يوما ما في مكان ذاك الجسم . يستطيع الشخص التفكير بأن ذلك الجسم سيكون في وقت ما هو " . ذلك الوعي الذي امتلكه الإنسان من الموت الوشيك دفعه للسؤال : " لماذا نحن هنا ؟ ماذا يحدث عندما نموت " . لقد إحتاج الإنسان لإجابات لتلك الأسئلة .
كل تلك الأسئلة دفعت الإنسان للإستغاثة بإجابات لا دليل عليها , سواء إجابات على معضلة الوجود , الدين و الروحانية كل هذا لعب دور مهم آخر بينما المجتمعات البشرية تتطور . يقول عالم علم الإنسان والنفساني " Pascal Boyer " من جامعة واشنطن في سانت لويس ميسسوري : " التصقت المعتقدات الدينية بالمجموعات البشرية وشجعتها على إعطاء أجوبة على الأسئلة التي بدورها أصبحت عامل بقاء لتلك المجموعات " . يعتقد البعض بأن الدين كان ناجحا جدا في تحسين فرص بقاء المجموعات البشرية الذي اختير كعامل بقاء خلال تاريخنا التطوري , بينما يعتقد البعض الآخر بأن الدين حديث جدا مما لا يشكل أي فرق .
يقول " Boyer " : " ما أجده أكثر معقولية بأنه بدلا من أن الدين يقدم فائدة ( أساسية ) في عملية التطور , هو أن الدين عبارة عن ( ناتج عرضي ) من سعة إدراكية أخرى أثناء تطورنا , الذي كان لها فوائد بالفعل " . الإختبارات النفسية التي قام بها " Boyer " على الأطفال أثبتت ميولنا الطبيعي للإيمان . يقول " Boyer " : " إذا نظرت إلى أطفال بأعمار ما بين 3 - 5 سنوات , عندما يقومون بعمل شيء مزعج , يخبرهم حدسهم بأن الكل يعلم بأن عملهم هذا كان عمل شقيا بغض النظر عما إذا رأى أو سمع الناس ما قام به أولائك الأطفال . إنه إعتقاد باطل , لكنه يكون إعداد جيد للطفل للتخلق ومعرفة كل شيء " , يكمل قائلا : " إن فكرة وجود شيء خفي في بعد إفتراضي الذي يقوم بمراقبتنا في كل وقت يشد انتباهنا بشدة " .
الإعتقاد الطفولي شيء واحد , لكن الإعتقاد الديني يعتنقه الأشخاص من مختلف الأعمار ومن مختلف الثقافات وليس فقط الأناس الجهلة بل حتى المتعلمين منهم . طبقا لـ" Boyer " , فإن الإستمرار على الإيمان حتى سن الرشد يهبط إلى الفرضية وربما يتحرر الشخص من الدين خلال هذا العمر . يقول " Boyer " : " عندما تكون داخل نظام إعتقادي , لا يعني أنك تتوقف عن طرح الأسئلة , إنما يصبح أمر غير مهم للأغلبية المتدينة . لماذا لا تسأل نفسك حول وجود الجاذبية ؟ لأن الكثير من الأشياء التي تقوم بعملها يوميا تقول لك نعم إن الجاذبية تعمل عملها . لذا , ما الحافر الذي سيحفزك للسؤال عن الجاذبية اصلا ؟ " , يكمل Boyer قائلا : " عندما تكون داخل الأنظمة الإيمانية , فإنك تميل للدخول لهذه الحالة الغريبة حيث أنك تبدا بالتفكير بأنه يجب أن يكون هناك شيء صحيح في تلك الأنظمة الإيمانية لأن كل الأشخاص حولك ملتزمين بتلك الأنظمة الإيمانية " .
بينما يحاول البعض تجنب البحث عن أسباب ظهور الأديان والتشبث بها , يقوم آخرون بالبحث في علم أعصاب الإعتقاد على أمل إيجاد قواعد بيولوجية للتجارب والتصورات الدينية . كنقطة بداية , ركزت العديد من الدراسات على بضعة ناس بشروط عصبية معينة التي جعلتهم عرضة للتجارب الحادة جدا . في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو , لاحظ عالم الأعصاب " VS Ramachandran " أن عدد غير متكافئ من المرضى - حول الربع تقريبا - يمتلكون حالة مرضية تسمى " صرع الفص الدنيوي للدماغ : temporal lobe epilepsy " , أولائك الذين يملكون هذه الحالة المرضية عبروا أنهم مروا بتجارب دينية مؤثرة جدا . يقول " Ramachandran " : " أخبروني بأنهم شعروا فجأة بأنهم وصلوا إلى المعنى الكامن الكامل للكون , وهذه يمكن أن تكون تجارب حياتية متغيرة " . الشعور الذي يشعره أولائك الذين يملكون حالة الصرع كانت تمر عليهم التجارب الدينية في حالات النوبة المرضية , حتى لو كانت النوبة المرضية - الصرع - معتدلة المستوى . يمكن أن يتم الكشف عن حالات الصرع بواسطة جهاز ( Electroencephalography ) , فأثناء حالة الصرع أصبح المرضى مشغولون بالتفكير عن الإله .
![[صورة: gemd_01_img0045.jpg]](http://www.minddisorders.com/images/gemd_01_img0045.jpg)
جهاز " Electroencephalography " : هو جهاز يستخدم لقياس النشاط الكهربائي الذي ينتجه الدماغ من خلال أقطاب كهربائية توضع على فروة الرأس .
![[صورة: 2008041950760101.jpg]](http://www.hindu.com/mp/2008/04/19/images/2008041950760101.jpg)
VS Ramachandran
أعطى " Ramachandran " تفسيرات - 3 فرضيات - الذي يمكن أن تشرح لما المرضى الذين يعانون من الصرع يكونون روحانيين جدا . أول تفسير , اعتبر بأن تغير العاطفة مسببة بواسطة النوبة المرضية التي قد تسيطر على الشخص , وفهمه المريض على أنه شيء روحي كان يجري معه . التفسير الثاني , النوبة المرضية قد تحض نصف الدماغ على إختلاق أفكار وهمية يظنها المريض حقائق تحصل له لتفسير عواطف غير قابلة للتوضيح على ما يبدو , قدرة نصف الدماغ على ما يمسى بـ" confabulate : اصطناع أفكار وهمية التي يشعر المريض بأنها حقائق " معروفة لدى علماء الأعصاب . التفسير الثالث , تساءل " Ramachandran " عن ما إن كانت النوبة المرضية عرقلت وظيفة من الدماغ وهي الـ( amygdala : منطقة في فص المتوسط من الدماغ ) التي تقوم من بين المهام الأخرى بمهمة وهي مساعدتنا على التركيز على الشيء الهام وإهمال الأشياء الغير هامة للشخص .
![[صورة: amygdala.jpg]](http://files.blog-city.com/files/J05/86734/p/f/amygdala.jpg)
قرر " Ramachandran " أن يختبر بعض المرضى مستخدما جهاز يسمى " galvanic skin response : استجابة البشرة العصبي " - قطبان كهربائيان تستعمل لقياس التغيرات الصغيرة جدا في التوصيل الكهربائي للبشرة - . في معظم المرضى الذين أجري عليهم الإختبار , يرتفع التوصيل الكهربائي للبشرة لديهم عندما يعرض عليهم صور أو كلمات جنسية وعنيفة . أثناء الإختبار , وجد " Ramachandran " بأن المرضى الذين يعانون من " صرع الفص الدنيوي من الدماغ " يعطون ردات فعل مختلفة عن الآخرين . الكلمات العنيفة مثل " Beat : اضرب " والكلمات الجنسية التي عرضت على أولائك الذين يعانون من الصرع لم يعطوا اي ردة فعل لها , حيث انه لم يسجل تردد مرتفع إزاءها , على عكس الكلمات الدينية التي عرضت عليهم مثل " God : الرب " فإنهم أعطوا ردة فعل عالية إزاءها .
![[صورة: gsr.jpg]](http://www.extremenxt.com/gsr.jpg)
galvanic skin response
اشترك في الإختبار مريضين فقط , حيث ذكر " Ramachandran " بأنه لا يمكن التوصل لأي استنتاجات قاطعة , لكن إذا استمر ظهور نتائج من إختبارات مستقبلية , فإن تلك النتائج قد تشير بأن النوبة المرضية - الصرع - في الفص الدينوي من الدماغ تقوي بعض الممرات العصبية المرتبطة بمنطقة الـ" amygdala " , أي أننا سننسب الدلالة إلى الحوادث والأجسام العادية . يقول " Ramachandran " : " إذا كانت تلك الممرات العصبية تتقوى بطريقة غير مقيدة , فإن كل شيء يمتلك أهمية عميقة للشخص , وعندما يحصل ذلك , فإنها تبدأ تشبه التجربة الدينية " , يكمل قائلا : " إذا أمكننا تحسين المشاعر الدينية بشكل إنتقائي , فإن ذلك سيدل على أنه يوجد مجموعة من الدوائر العصبية التي يؤدي نشاطها على البعث بالمعتقدات الدينية . إنه لا يعني أننا نملك وحدة إلهية في إدمغتنا , لكن لربما تدعونا تلك الدوائر للإعتقاد الإيماني " .
في جامعة بينسلفانيا , قام أخصائي الأشعة " Andrew Newberg " باختيار شبكة أوسع لعمل فحص أدمغة الناس الذين يقومون بالنشاطات الروحانية , فقام بحقن الراهبات والبوذيين وغيرهم بالمواد الإشعاعية داخل عروقهم , وقام ببناء خرائط للدماغ تبين كيفية تأثير الممارسات المختلفة على المعالجة العصبية . يقول " Newberg " : " ما نتج هو أنه يوجد شبكة معقدة في الدماغ وتعتمد على ما تقوم به , فهي تتنسط بطرق مختلفة " , يكمل قائلا : " إذا كان الشخص يمارس الطقوس البوذية - الوساطة البوذية التبتية - فإنه ستتنشط بعض أجزاء دماغهم , ولكن عندما تصلي راهبة فإن المناطق التي ستنشط في الدماغ ستكون مختلفة قليلا " .
![[صورة: 070127_newberg_hmed.hmedium.jpg]](http://msnbcmedia.msn.com/j/msnbc/Components/Photos/070127/070127_newberg_hmed.hmedium.jpg)
Andrew Newberg
كشف " Newberg " المعالجة العصبية فيما يخص التجربة الدينية لـلـ" وحدانية الكونية " . المعالجة العصبية لذلك هو أن مستوى الدم ينخفض في الفص الجداري من الدماغ " parietal lobe " - بنية الدماغ الذي يجعلنا نكيف أنفسنا بإعطاءنا الإحساس بأنفسنا - . يقول " Newberg " : " أعتقد أن هذه الخطوة الأخيرة الحاسمة " , يكمل قائلا : " مايبدو أنه يحدث أنه بينما تقوم بمنع دخول المعلومات الحسية إلى الفص الجداري من الدماغ , فإن منطقة الفص الجداري تستمر بإعطائك شعور بالنفس , ولكنها لن تستمر طويلا في ذلك لأنها لن تملك المعلومات الكافية لذلك . إذا حدث ذلك بالكامل , أنت لربما ستشعر بهذا الشعور الوحداني المطلق للكون " .
أنتقد " Newberg " بسبب اختباراته حول جوهر التجربة الروحية - أكبر الإنتقادات جاءت من الملحدين ! - يقول " Newberg " : " بعض الناس يريدون مني أن أقول هل هناك إله أم لا , لكن تلك التجارب لا تستطيع أن تخرنا إن كان موجودا أم لا . إذا قمت باختبار راهبة راهبة ومن ثم شعرت بحضور الإله , أستطيع أن أخبرك ما حصل في الدماغ , لكني لا أستطيع أن أخبرك عن ما إن كان الإله موجودا أم لا " . تقول المجموعات الدينية بأن الدين أكثر من مجرد تجارب صارمة .
بينما يقوم علماء الأعصاب بفتح أسرار الآليات الحيوية وراء التجارب الدينية , يريد الآخرين معرفة ما يقومون به مع المعلومات التي استخلصها علماء الأعصاب . في جامعة لورنتيان , يقوم كلا من " Todd Murphy " و " Michael Persinger " بتطوير أجهزة التي يعتقدوا أنها ستستطيع محاكاة أجزاء من الدماغ لتحسين التجارب الروحانية . يرى آخرون أن هناك إمكانية صنع عقار لرفع الروحانية . يقول " Newberg " بأن هذا يعتمد على التمرس العلمي الذي وجد منذ مئات السنوات , يكمل قائلا : " إذا تحدثت مع مع الروحانيين الذين يتعاطون مادة للدخول للعالم الروحي , هم لن يعتقدوا بأن ذلك سيحط من سمعة التجربة الروحانية " .
بشكل مثير , العديد من العلماء , قاموا باستكشاف الدين بدلا من تفنيد قواعده , حيث أن بعضهم يعتقد أنه مهما انكشف حول طبيعة التجربة الروحية إلا أن المعتقد الديني سيظل مستمرا . الأديان الأكثر نموا في الولايات المتحدة هي كنيسة المرمون و كنيسة العلموية " Scientology " , فكلاهما شعبيان , وطبقا لـ" Boyer " فإن السبب هو كنوهما جديدان على المجتمع . في الأجزاء الأخرى من العالم , الأديان الأكثر أصولية تنجح لكونها تعطي رؤية واضحة للعالم .
يقول " Boyer " : " لقرنين من الزمن , كان يوجد منافسة بين الكنائس والسوق الحر للأديان , المنتجات تصبح أفضل فأفضل بينما يريد الناس أشياء مختلفة " , يكمل قائلا : " هل سيكون العلم هو مسبب موت الدين ؟ كعلم الأعصاب , إنه من الجميل رؤية الأدمغة تخلق حالات غريبة جدا من الوعي , لكن من ناحية تهديد الدين , أعتقد أن ذلك لن يؤثر على الدين بتاتا " .