هناك رواية أوجزها وان كنت لا اعلم إن كانت مأساة أم ملهاة ....تقول أن يهودي أراد ربط حماره فوجد شباك لبيت عربي ، وفي الصباح استشاط العربي غيظا بعد أن أضناه السهر من نهيق الحمار وحركته طوال الليل فزجر اليهودي على فعلته ، وفي الليلة التالية أراد اليهودي ربط حماره فما كان منه إلا أن ربطه ببستان العربي ،ولما أحدثه الحمار من خراب في البستان، اعترض العربي على فعلة اليهودي ، فرد اليهودي ، وما العمل ، اعترضت على ربط الحمار بالشباك ، والبستان ، فعليك أن تختار بين الاثنين !!

وعلى أي حال فإن نقل الملهاة إلى مأساة بعد فائض الصهينة الذي رشح من زمرة أوسلو خلال الأيام القليلة الماضية والذي شغل الفضاء الفلسطيني بعلامات استفهام تدلت لتكون مشانق جدلت بالحبال الصهيونية لإبادة كل ما جاء به رسل السماء للبشرية وما جبل عليه بنو البشر من غرائز فطرية ، أصبح له ما يبرره في ظل هذا الواقع الفلسطيني المظلم.

وبهذا المنطق السقيم تريد زمرة أوسلو بعد أن تصهينت حتى النخاع ولحقت صهينة الفعل بصهينة القول أن تجعل من قدرنا إحدى حالتين ، وعلينا الاختيار بملء إرادتنا مع تقبيل أيديهم الملطخة بدمائنا أو دماء كرامتنا المهدورة على عتبات الرضا الصهيوني ، فعباس التي زادت ملوحة البحر الميت من دموعه المسكوبة مع ما تبقى من قطرات من ماء وجهه على عذابات اليهود لم يجد حرجا من حشرنا بأضيق الزوايا التي لا تليق حتى بأدنى الكائنات الحية .

فمع اختفاءه المهين بمقتل الطفلة هديل غبن وسرعة ظهروه لإدانة العملية الاستشهادية والتي معها حقير شعبه وحقير الشعوب التي ناضلت من أجل الحرية بوصفه العملية الاستشهادية البطولية بالحقيرة جعل قدرنا بين خيارين فإما الرضا بأن ننقل كالقطيع الذي أصابه احد الأمراض الوبائية وأصبحت السكين غنيمة له ولغيره أو تدمغنا الحقارة ( الميرزية ) .

أما إلغاء قرار وزير الداخلية سعيد صيام بشان المتطوعين من حركات المقاومة للقضاء على الفلتان الأمني وبسط سيادة القانون والحاصل على مباركة جماهيرية ممثلة بالعشائر وقوى المقاومة الفلسطينية فقام على فلسفة يشيب لها الولدان ، فمع هذا القرار يحشر محمود عباس الشعب الفلسطيني في زاوية الجهد الأمريكي والصهيوني الساعي لمعاقبته على خياره الديمقراطي وعلى الشعب اختيار الحالة التي سيموت عليها إما الموت بسكين صهيوني بيد عباس بالرضا بالفلتان الأمني الذي أرهق كاهل المجتمع الفلسطيني واضحي أداة للعبث باستقرار المجتمع الركيزة الأساسية والأولى للصمود والثبات في وجه الطغيان والذي لن يفضي إلا لحرب أهلية طاحنة أو الموت بسكين ويد صهيونية بالتسليم للإرادة الصهيونية التي ما رضيت مع كل ما قدمته زمرة أوسلو حتى مع ضياع حق اللاجئين .
اختر أيها الفلسطيني بأمر عباس وأمر عفن أوسلو بين خيارين لا ثالث لهما

دمك أو دمك ودم أخيك المشتت في أصقاع الأرض !!

أما المفلس ياسر عبد ربه صاحب وثيقة جنيف فلم ير في القضاء على الفلتان الأمني سوى سعي حماس لشرعنة سلاح المقاومة ، لم يعلم بعد ياسر أن شرعية المقاومة مكفولة بقرارات الإنسانية منذ نشأتها ومن وحي السماء وتلاقت على شرعيتها أخلاق بني البشر على امتداد التاريخ البشري ، ورغم ذلك لم تحظ باعتراف المفلس معنويا ياسر عبد ربه فبذلك فإن سلاح المقاومة خارج عن قانونه ومن خرج عن القانون فهو في خانة الإرهاب الأمريكي ، ووفق رؤية ياسر على الشعب أن يختار بين البحث بين القبور على الشهداء من قبل عهد صلاح الدين وتقديمهم للمحاكمة بأثر رجعي أو الكف عن ملاحقة عصابات الفلتان الأمني ومطاردة رجال المقاومة .

ولكن أين حمار اليهودي في المأساة الفلسطينية ؟

أبو ريالة*،

والحمار أبو ريالة هو الذي كان يطلق الفلاحون عليه (المحنك ) وهو الذي كانت تسيل ريالته باستمرار ومن يأسهم من علاجه يزهدون فيه ويطلقونه يأكل من خشاش الأرض ويحدث غالبا أن يلقاه ذي حاجة ماسة فتجدد فيه الحاجة أمل شفاءه فيسوقه .

لا شك أن من يعزو الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني ليلقى به على كاهل حماس ليبرئ منه الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية يمثل الحمار اليهودي بامتياز وعلى ذلك علينا تجاوز المقولة الشعبية التي تقول اربط الحمار بالمكان الذي يريده صاحبه ليس فقط لما تتضمنه من نفي للعقل بل لان صاحبه اليهودي في الرواية لن يقبل إلا بالبيت العربي جله ليقيم فيه هو وحماره أبو ريالة !!

أسامة العربي




* أبو ريالة : الاسم الذي كان يطلق على دحلان في طفولته وشبابه بمخيم الشاطئ