ملاحظة على الحدس

إن الحدس هو المعالجة غير الواعية للأفكار , وإنتاج أفكار أو الاستجابات جديدة
وهذه المعالجة تتم غالباً لمجموعة أفكار في نفس الوقت , أي تتم معالجتها بالتوازي وفي وقت واحد , وليس بالتسلسل واحد بعد الآخر , وتكون غير واعية .
وهذا ما جعل الحدس يظهر وكأنه انبثاق لأفكار ليس لها أساس , أي كأنها أتت من وحي خارجي .

والذي يقوم بعملية الحدس هو الدماغ الزواحفي ( الموجود مثله لدى الزواحف ) أوالدماغ الحوفي أو الدماغ القديم
فكان يقوم في إدارة المدخلات العصبية - أو واردات الحواس - والاستجابة عليها , قبل نشوء الدماغ الحديث بما فيه اللحاء , فقد كان يقوم بمعالجة مجموعة مدخلات في نفس الوقت أي بالتوازي , وليس واحد بعد الآخر
فالدماغ في أول نشأته كانت مهمته معالجة كافة المدخلات الحسية في نفس الوقت أي بالتوازي
والمثير الأقوى والأهم هو الذي يقرر الاستجابة , وذلك بعد مقارنة كافة المثيرات الداخلة للمعالجة مع بعضها في نفس الوقت ,
ثم بعد ذلك صارت بعض المدخلات تأخذ أهمية ليس لقوتها أو تأثيرها الحاضر ولكن لتأثيرها المستقبلي الهام , وهذا حدث نتيجة تشكل آليات الإشراط أو ترابط المثيرات مع بعضها نتيجة التجاور المكاني أو الزماني أو معانيها والتي تنتج الأحاسيس الواعية , أي بعد نشوء الذاكرة الواعية , التي هي متطورة لدينا نتيجة لحائنا المتطور .
وكان قبل ذلك غالبية الاستجابات على المثيرات الأساسية والهامة تكون موروثة على شكل غرائز .
ولكن بعد نشوء الدماغ الحديث بما فيه اللحاء وتطور باقي بنيات الدماغ وتكاملها , وتشارك الدماغ الحديث مع الدماغ الحوفي وباقي بنيات الدماغ في معالجة المدخلات الحسية والأفكار, ونشوء سبورة الوعي المتطورة .
صارت الكثير من الاستجابات تتم بعد القيام بالمعالجة المتوازية بالاضافة للمعالجة المتسلسلة والتي تكون واعية , في نفس الوقت .
فالمعالجة التي تجري على سبورة الوعي تكون معالجة متسلسلة , وفي نفس الوقت تجري معالجة شاملة في الدماغ الحوفي , ويتم إرسال نتائج هذه المعالجة إلى سبورة الوعي .
فالدماغ الحوفي ينظم دخول المثيرات والأفكار , بعد أن يعالجها بالتوازي إلى سبورة الوعي , فتشارك في تحديد الاستجابة .
والشيء المهم أن المقارنة اللازمة لإجراء القياس والحكم يلزمها معالجة بالتوازي
فلكي تتم مقارنة مجموعة مدخلات أو مؤثرات أو أفكار مع بعضها البعض يجب إدخالها معاً لمعالجتها دفعة واحدة , وفي سلسلة واحدة
لذلك نجد الدماغ ككل يستخدم المعالجة التسلسلية والمعالجة المتوازية في نفس الوقت , وهذا ما يعقد عمليات التفكير وبالتالي معرفة كيفية عمل الدماغ .
وهناك المخيخ وهو أقدر بنية دماغية على المعالجة المتوازية , فهو يستطيع معالجة الكثير من أعقد الأوضاع الحركية دفعة واحدة أي في نفس الوقت.
وتتم هذه المعالجة غالباً دون تدخل سبورة الوعي , وعندما يتدخل الوعي تنخفض قدرات وأداء عمل المخيخ ويصبح يعالج مسار واحد من الحركات بشكل واعي , وهذا يلاحظه كل منا .

لذلك كل حدس وكل إلهام أو إبداع غير واع , لا يمكن أن يحدث دون مدخلات أو معلومات سابقة تسمح بحدوثه , فهو لا ينبثق من تلقاء ذاته .

جميل ولان فهمت لماذا شارلوك هولمز كان يدمن على الافيون ..غياب الوعي ..دخول الى عالم العقل الزواحفي ..المعالجة المتوازية وليس المتوالية ..

تحية لك مرة ثانية..

محارب النور

أبدي (f)

الأخ محارب النور

لقد ذكرت فكرة هامة وعالية الدقة لم أكن أنتبه إليها من قبل , صحيح أنني كنت أعرف تأثير الوعي أو المعالجة الواعي على أعمال المخيخ الذي يستطيع أن يقود أي عدد من عضلات الجسم الإرادية في نفس نفس الوقت ودون تدخل الوعي , وذلك بعد أن يتم تعلمها .
فنحن نستطيع أن نسير ونركب الدراجة ونسوق السيارت ... بعد أن نكون تعلمنا ذلك بشكل آلي ودون تدخل الوعي .
وإذا حاولنا التركيز الواعي على عمل المخيخ نرى أن عمله يتراجع ويسوء .

وما قلته دقيق جداٌ , فعندما يضعف تأثير عمل العقل الواعي يزداد تأثير عمل الدماغ الحوفي
وكما قلت عند ضعف تأثيرات وتدخلات الوعي نتيجة المخدرات أو غيرها , تقوي تأثيرا الدماغ الحوفي .
وكما قلت تأكيد على ذلك أن الإبداع بكافة أشكاله الشعري والموسيقي والعلمي والفكري والديني ... , لا يحدث إلا في حالات تكون فيه تأثيرات العقل الواعي ضعيفة .
وعندما تحدث للإنسان يظن أنها أتت من وحي أو إلهام خارجي لأنها تظهر فوراٌ دفعةٌ واحدة .

وقد ظهر بشكل عالي الدقة , أن الأحلام ينتجها الدماغ الحوفي عندما تطفأ سبورة الوعي , ويبقى الدماغ الحوفي عامل , و يتدخل أحياناٌ العقل الواعي ولكن بشكل ضعيف ومحدود جداٌ .

أن موضوع الحدس وعمل الدماغ واسع جداٌ , وكان من الممكن أن أتوسع فيه .
ولكنني لاحظت أنني إذا كتبت مقال واسع يقل الإقبال على قراءته , بالإضافة إلى أنه يحتاج إلى عمل وجهد كبير مني .
لذلك فضلت الملاحظات المركز الصغيرة

الزميل نبيل تحية طيبة وبعد ..

بالعكس مقالاتك ممتعة واجدها ذات قيمة عالية ..هي مثل الدرر لا تقيم بالثمن..لاوعي هذا بحث رائع ..كان عندي كتاب يربط بين التصوف و ظواهر البارسايكلوجي ..وانت سيد العارفين ان التصوف من اهم اركانة هي حالات الوجد ,والمتصوفة المتاخرين احلو شرب الحشيش من اجل الوصول الى السكرة ..نوع من الكارما ..كولن ولسن كاتبي المفضل كان فترة في الستينات مدمن العقار المشهور lsd..الذي يدخلك في متاهات لاشعور والعمل التوزاي ..

عملي في مجال البرمجة اتاح لي فهم قصدك من ناحية المعالجة المتوازية والمعالجة المتتالية ..المعاجلة المتوازية هي خاصية لاوعي والمعالجة المتوالية هي خاصية الوعي .

استمر يا خلاب .

محارب النور

أبدي

ألف مرحبا يا عزيزي محارب النور

لقد ذكرتني ب كولن ولسن .
عندما قرأت له " تقوص في الظلام " فتنت بها وأعدت قراءتها عدت مرات وبعدها قرأت له لالمنتمي وغالبية قصصه وكتبه , إنه بالفعل يشطح كثيراٌ في أفكاره ويخلط الأمور العلمية بالأمور غير العلمية . ولكن القراء له لذيذة جداٌ .

أنني تخصصت في المقاسم الهاتفية الآلية , وكما تعلم " بافلوف " شبه الدماغ بالمقاسم الهاتفية ,
فالمقاسم الآلية قبل أن تتحول إلى كومبيوترات , كانت أجهزة كبيرة جداٌ فهي مؤلفة من عشرات الصفوف من الخزائن وفي كل صف عشرة خزن أو أكثر كل منها إرتفاعه أكثر من مترين .
وكان إختبار المقسم بعد تركيبه معقد وصعب جداٌ فهناك ملايين الخطوط والكبلات والدارات الإلكترونية التي تعمل كلها بقيادات مركزية منظمة .
فكانت الصعوبة تحديد مكان العطل وفي أي صف وفي أي كتلة ,
وهذا لا يستطيع المصلح أن يعرفه إلى إذا كان يفهم عمل كافة أجهزة مقسم والعلاقات بينها , ليستطيع تحديد مكان العطل بعد تحليل ظواهر العطل .
والآن أصبحت المقاسم كومبيوترات وإصلاها أصبح سهل جداٌ .

إنني أتعامل مع الدماغ بنفس طريقة تعاملي مع المقسم .
إنني عندما كنت في بداية العشرينات وجدت أنني لكي أفهم الوجود ولماذا وجدنا يجب أن أفهم العقل وكيف يعمل , فكنت أقرأ كثيراٌ في هذا المجال . وصار لدي فكرة لا بأس بها عن عمل الدماغ .
وأنا منذ أكثر من خمس سنوات أكتب كتاب عن الدماغ والعقل , وربما ينتهي بعد سنة أو سنتين .

وقد وجدت أثناء قراءتي عن الدماغ أن الكثير من الذين كتبوا في هذا المجال ليسوا أطباء أو بيولوجيين أو علماء نفس بل فلاسفة وفيزيائيين ورياضيين , أمثال كارل ساغان



مع مودتي

هل اطلعت على كتاب " الانسان و قواه الخفية " يا نبيل ؟

هل هو لكولن ولسون .

أظن أنني أشتريته من زمن طويل وهو الآن ليس عندي .
لقد نسيت ما جاء فيه .

وأنا لا أوافق كثيراٌ كولن ولسون , فمعلوماته غير دقيقة .


مع تحياتي

اقتباس:  نبيل حاجي نائف  (f) كتب/كتبت  
 
وما قلته دقيق جداٌ , فعندما يضعف تأثير عمل العقل الواعي يزداد تأثير عمل الدماغ الحوفي  
وكما قلت عند ضعف تأثيرات وتدخلات الوعي نتيجة المخدرات أو غيرها , تقوي تأثيرا الدماغ الحوفي .
وكما قلت تأكيد على ذلك أن الإبداع بكافة أشكاله الشعري والموسيقي والعلمي والفكري والديني ... , لا يحدث إلا في حالات تكون فيه تأثيرات العقل الواعي ضعيفة .  
وعندما تحدث للإنسان يظن أنها أتت من وحي أو إلهام خارجي لأنها تظهر فوراٌ دفعةٌ واحدة .

نعم ولهذا كان الشعراء الجاهليون في الماضي البعيد يعتقدون بأن لكل شاعر شيطان يبثّه الوحي ليقول الشعر والحقيقة ما الشيطان هنا إلاّ هذا الحدس الذي نتحدث عنه الآن.
فالحدس هو الإلهام هو ما يسمى بالوحي هو ما يقوم ويتكوّن في اللاوعي إلى أن ينبثق ( أدبا وإبداعا وفنا الخ..."

محبتي ومودتي
محمد الدرة(f)

نبيل صديقي العزيز ..فهمت من كلامك ..

لا وعي يعمل على التوازي ...يعني مثل هذة المعالجة البسيطة لهذة المعادلة

1+1=2

تتم العملية بشكل متوازي ..كل المعادلة تدخل في حيز لاوعي بشكل متوازي سوف يلاحظ الواحد وعلامة الزائد ورقم واحد وكذلك اليساوي وكذلك رقم اثنين


الوعي يعمل بشكل متوالي

1+1=2

سوف يميز الوعي هذة المعادلة على شكل واحد وبعدها رمز الزئاد وبعدها رقم واحد وبعدها اليساوي وبعدها رقم اثنين

توالي عملية بطيئة جد التوازي عملية سريعة.


لاوعي والوعي ..كلامك هذا له مدلول قوي ..كيف نقدر ان نشغل لا وعي المتوازي المعالجة ونبطل الوعي المتوالي المعالجة ..السرعة في ردة الفعل مطلوبة ..

محارب النور

الأخ محارب النور
لقد ذكرت أنت نفسك الجواب في ردك السابق , وهو استعمال المخدرات .
فالمخدرات تؤثر على عمل اللحاء وعلى عمل الدماغ الحوفي وتضعفهما , ولكن تأثيرها على الدماغ الحوفي يكون أقل , و يضعف عمل اللحاء الذي لا يستطيع العمل إلا على طريقة السببية والتسلسل الزمني أي , ويظهر تأثير عمل الدماغ الحوفي الذي من قدراته معالجة عدة أمور في نفس الوقت .

إن الدماغ الزواحفي في الدماغ البشري لازال مستمراً بشكل ما في القيام بوظائفه , وليس ثمة شك في أن كل خطوة جديدة في تطور الدماغ تقترن بتغيرات في فزيولوجية مكوناته السابقة , ولابد أن يكون تطور الدماغ الزواحفي قد ترك تغيرات معينة في الدماغ الأوسط وفي مناطق أخرى , ولابد أن تكون مكونات هذا الدماغ لازالت تؤثر في بقية أقسام الدماغ الجديدة الدماغ الحوفي واللحاء .
فالدماغ الزواحفي يؤدي دوراً مهماً في السلوك العدواني وفي أمور أخرى .
أما الدماغ الحوفي ونظراً لتطوره في قيادة وإدارة الكائن الحي فقد شارك بشكل أساسي ( مع الغدد الصم ) في تشكيل العواطف والانفعالات , وأيضاً بالتحكم بها , فالدماغ الحوفي قبل تشكل اللحاء كان هو المسؤول عن قيادة كافة تصرفات الكائن الحي .
وكانت طريقته في معالجة واردات الحواس والتحكم بالاستجابات تختلف بشكل أساسي عن طريقة عمل اللحاء في معالجته لواردات الحواس والتحكم بالاستجابات , فالدماغ الحوفي يعمل بنفس طريقة عمل المخيخ وهي التحكم في كافة الاستجابات في نفس الوقت , أي العمل بطريقة التوازي أو التفرع أي معالجة المجموع في نفس الوقت , وليس بطريقة التسلسل التي تعالج مسار تحكم واحد للاستجابة معينة , فهذه طريقة عمل اللحاء .
لذلك كان الوعي لدي الكائنات الحية التي ليس لها لحاء مختلف بشكل كبير عن وعي الكائنات الحية التي لها لحاء متطور.
فالسببية التي نعتمدها في تفكيرنا نحن البشر هي ناتج طريقة عمل دماغنا الذي يملك لحاء متطور ولغة .
وطريقة تفكير الكائنات الحية التي تعتمد فقط على الدماغ الحوفي تختلف عن طريقة تفكيرنا بشكل كبير فهي لا تفكر بطريقة السببية وبالتالي المنطقية , بل بطريقة البرامج الثابتة أي طرق استجابة تم اكتسابها ورثياً أو تم تعلمها أثناء الحياة عن طرق آلية الإشراط .

وتأثير الدماغ الحوفي والدماغ الزواحفي يكون كبير أثناء الأحلام .
أنني سوف أوضح ذلك في شريط الأحلام الذي أكتبه ببطء .

ويجب أن أوضح مفهم الوعي والاوعي بالاعماد على مفهوم سبورة الوعي أو ساحة الشعور , وهو ما يعتمده الأن الباحثين في عمل الدماغ .


مع تحياتي