[QUOTE]بالأمس فقط، أُعلِنَ رسمياً عن وصول "أنفلونزا الطيور" إلى الأردن. بالأمس أُعدِمتْ مئات الطيور والدواجن في محافظة عجلون.
أمسكينةُ هي الطيور أم نحن المساكين؟
منذ مدة ليستْ بالقصيرة وأنا أفكر كيف يُحمَل الموت على أجنحة ترمز للحرية، والجمال، والعُلوّ، والنقاء والسلام؟
لا أتصور أنني سأجفلُ حين أرى عصفوراً حطَّ واستقر على نافذة غرفتي، أنا الأتفاءل بتغريد الطيور لا أتصوّرني أبداً أستعيذ بالله من شرّها وفتكِها!
نعم، منذ مدة ليست بالقصيرة أتساءل، لكني أُزيح عني التفكير لأن رأسي سالماً، إذا لا طيور قاتلة في سمائي، لكن الآن يُلحُّ علي السؤال، فأجدني أرجع للوراء بألف قصة وقصة مع الطيور، تلك الذكرى ما زالت طازجة كأنها الآن يا الله برغم أن عمرها تجاوز العشرين عاماً!
تنظر أمي عبر نافذة المطبخ، وترى بعض الأولاد في باحة العمارة يتحلّقون حول عصفور صغير، يتصايحون: "ما بطير.!"، "بطير بس خايف منكم إبعدوا عنه"، "لا لا جناحه مكسور"، "رح يموت.. يا حرام".
لا أعرف بالضبط هل خرجت أمي من البيت حيث الأولاد والعصفور، أم أنها طلبت العصفور من أحدهم. ما أعرفه أن أمي اعتنت بالعصفور عدة أيام في بيتنا دون قفص دون أن تحبسه، أعرف جيداً، أنها صنعت له بيتاً من صحن كبير موضوع على أرضية زاوية مرئية من المطبخ كي لا ندوسه حين دخولنا المطبخ،ولم تضعه على مكان مرتفع خشية سقوطه إن حاول المشي، أذكر جيداً كيف أطعمته أمي من حَبِّ البُرغُل، أذكر جيداً يا الله كم تحلّقنا في البيت لايام حوله نطمئن عنه ونضبط أنفاسنا مع تنفسه كي نتأكد أنه ما زال حياً.
أيام قليلةً حتى التأَم كسرُ جناحه، أيام قليلة حتى استبدلت آهاتنا البريئة خوفاً عليه، إلى ضحكٍ رنّان على طيرانه العشوائي في البيت، البيت الذي ضاق به وبجناحيه القويين، فأطلقته أمي من النافذة ذاتها، نافذة المطبخ!
آآآه أمي متأكدة الآن بأنكِ لن تُطَبّبي عصفوراً يحتمي بنافذتك، لن تطبّبيه، ومتأكدة أيضاً لو أنكِ ما زلت تحتفظين بِقِن الحَمام الذي كان فوق سطح بيتنا، لطالبت بإزالته فوراً.
تذكرين أمي كيف تعجّبت خالتي منك حين سألتها أن تحضر لكِ عدة أزواج من الحمام لتربيها على سطح بيتنا.
- طيّب بدِّك حمام، بتعرفيش تذبحي منهم حتى تطبيخم..!
- ما بدي أذبح منهم، بدي أربيهم.
- ....!!!!
وكان ما أردتِ أمي، امتلأ سطح بيتنا بقِنان الحمام، الحَمام الذي كان يعرفُكِ وحدكِ دوناً عنّا فيرقص حولكِ ما أن يراكِ، يغازِل وجهك، ويدعو ليديكِ الحانيتين الممدودتين بالحَبِّ، بصوته الرخيم.
ما زلتُ أذكر أمي كيف تخلّيتِ عن قِن الحمام، كان ذلك حين أصرّت خالتي بعد عدة أشهر من تربيتك للحمام أن نأكل منه، يومها ذبحت خالتي زوجين من الحمام، فما ذقتِه أمي وطلبت من خالتي أن تأخذ كل الحَمام....
هل تصدقين أمي أن الطير يحمل الموت بجناحيه؟
عنّي، لا أصدق، ولن أصدق، وسأبقى أردد مع فيروز "يا طير" و"دخلك يا طير الوروار" وسأردد "عصفور طل من الشباك وقلي يا نونو، خبيني عندك خبيني دخلك يا نونو..."
ومن هنا أيضاً، حيث الطيور، أودّعكم في صفحة "أشياء تشبه اليوميات"، إذ سأبتعد عن النت، لأسباب خاصة.
دمتم جميعاً بألف خير وود
بسمة
http://forum.nadyelfikr.net/viewthread.php...age=5#pid316693
إلى أين يا بسمة؟؟
:frown:
(f)