في خطوة أخرى جريئة يؤكد الحرس الجديد انه القائم بالأعمال حاليا داخل الحزب الحاكم فقد تم خلال الأسبوع الماضي إقالة 15 أمين محافظة من أمناء محافظات الحزب الوطني بعد أدائهم السيئ خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فبعـد النتائج السيئة التي حققها الحزب الحاكم و فشله أمام جماعة الأخوان التي أظهرت قوة لا بأس بها فتح الباب على مصراعيه أمام الوجوه الشابة لكي تأخذ مكانها بدلا من الوجوه القديمة و بالفعل تم التخلص خلال الشهر الماضي من أحـد رموز الحزب الوطني السيد كمال الدين الشاذلي كأمين عام مساعد لحزب و تعين أحمـد عز بدلا منه كذلك يجري حاليا الإعداد لتعيين أمين عام جديد و مرشح لذلك جمال مبارك (ولي العهــد) بدلا من صفوت الشريف، كما شهد الأسبوع الماضي حركة تصفية كاملة لباقي فلول الحرس القديم و تم الاستغناء عن 15 أمين محافظة للحزب و جاري حاليا تعين بدائل لهم كذلك إعادة تقيم العمل داخل الحزب من خلال لجنة خاصة تم تشكيلها بشكل خاص جدا لإعادة الهيكلة.

ولكن هل هذا التغير يأتي لصالح عموم الشعب ...... الظواهر تؤكد أن لولا المنافسة القوية و التنظيم الرائع التي أبداتها جماعة الإخوان المسلمين ما حدث هذا التغير كذلك رغبة ولي العهـد في إرساء قواعد رجاله داخل الحزب بعـد نجاحه في كسب جميع الجولات السابقة بل و تعيين مقربين له في التشكيل الحكومي الجديد بشكل واضح للعيان جميعهم من كبار رجال الأعمال، كذلك سرعة حركة بيع العديد من القطاعات المهمة و على رأسها قطاع الاتصالات مما يؤكد أن الفترة القادمة لن تكون سهلة على رجل الشارع بل سيعاني أكثر و أكثر من زيادة في التضخم بعد الكميات الكبيرة من الأموال التي تم ضخها في الأسواق بدون وجود إنتاج فعلي يغطي كمية الأموال التي ضخت سواء عن طريق طبع البنكنوت أو عن طريق تسيل حركة النقود بالبورصة التي أرتفع مؤشرها خلال الثلاثة الشهور الأخيرة بنسبة تصل إلى 35% مما وضع البورصة المصرية ضمن مصاف البورصات الواعدة – على مستوى المضاربة – مما شجع العديد من الشركات الأجنبية في الدخول إلى البورصة و ضخ أموال جديدة، خاصة بعـد أن تضاءلت الفرص أمام المستثمر الفرد / الصغير أمام الكيانات الكبيرة؛ مما جعل العديد من الأسر المصرية تندفع نحو البورصة أملا في كسب مادي سريع من خلال مضاربات غير محسوبة ، فأرتفع مؤشر البورصة إلى مستوى قياسي ولكن لم يستمر هذا طويلا فالخسائر توالت على العديد من الأفراد و خسر العديد منهم مدخراته التي بذل فيها الكثير خلال سنوات عمره بعد أن بدأ هؤلاء المضاربين في طرح الأسهم للبيع بشكل مفاجىء لتنخفض الأسعار بنسبة كبيرة و يصل خسائر البعض منهم إلى أكثر من 40% من أصل رأس المال الذي دخل به البورصة و لتعود مؤشرات البورصة مرة ثانية إلى معدلاتها الطبيعة والوحيد الذي كسب خلال كل هذا هم أما أصحاب الشركات اللذين تعاظمت مكاسبهم الرأسمالية بدون أنتاج فعلي والشركات الأجنبية التي دخلت البورصة المصرية فاشترت بأدنى سعر ممكن و أصبح العديد منهم يمتلك حصة كبيرة في شركات في غاية الأهمية.

طبقة و طبقة و بين كل طبقة $
الواضح للجميع أن التغيرات كلها سوف تأتي لصالح طبقة ألـ 2% و التي كان الشعب المصري قـد تخلص منها بعـد ثورة يوليو إلا أنها تعود اليــوم أكثر شراسة و أصبحت مخالبها تنخر داخل العظام التي نحرها الجوع و البطالة و التضخم، وبالأمس انتشرت إشاعة داخل مصر خلال ساعات قليلة أن مياه الشرب ملوثة و شاهد الجميع أن الشرطة قامت بإبلاغ المدارس بأن يمنعوا التلاميذ من شرب المياه من الصنابير، ولكن في خطة مضادة كما هي العادة خرج علينا جهاز التلفزيون الحكومي ببيان عاجل من حكومة الحزب الحاكم أن المياه سليمة وأن ما يقال هو مجرد إشاعات فقط صدرت من إحدى الإذاعات العربية !!

أعود للتغيرات والمواجهة القادمة بين الحزب الحاكم و الأخوان في الانتخابات المحلية و التي تم تأجيلها حتى يعيد السيد جمال مبارك – ولي العهــد – ترتيب البيت من الداخل، فنتائج الانتخابات البرلمانية جعلهم يرتعدون وكان من المفترض أن يكون ذلك لصالح الشعب و أن تعمل الحكومة لصالح مجمل شعبها و ليس لصالح فئة بعينها ولكن للأسف الشديد لم يتعلم رجال الحزب الحاكم من الصفعة التي نزلت على وجوههم في الانتخابات الأخيرة ... بل ويتمادون أكثر و أكثر في الخطأ و بدلا من أن ينحازوا لصالح رجل الشارع ينحازون لصالح فئة قليلة لا هم لها سوى تعظيم ربحيتهم حتى لو كان هذا على حساب هذا الشعب المسكين.

القادم أسوء
خلال الفترة القادمة و بالرغم من الثبات النسبي للسعر الرسمي للدولار وهو مؤشر خادع لعدم وجود احتياطي قوي من العملات الأجنبية يدعم العملة المحلية يتوقع العديد من رجال المال أن يزيد معدل التضخم مما يتسبب في زيادة الأسعار بشكل كبير إلا إذا استمرت الحكومة في ضخ الدولار في الأسواق للحفاظ على الثبات السعري له في مقابل الجنيه و لكن السؤال إلى متى .... فالناتج القومي لا يكفي كل هذا مما يؤكد أن الإسراع في خطوات الاتجاه للخصخصة لتغطية فارق السعر بين الرسمي و الحقيقي ولكن غالبا ما تفشل الحكومة و يظل الشبح الأخضر عملة نادرة و صعبة و يكون السعر الرسمي ما هو أكذوبة !!


راجـع: -
* حول الانتخابات المصريّة والإخوان المسلمين
* مصر .. ملف الإصلاح السياسي
* حرب تكسير العظام بين أركان النظام ... في مصـر
* اللجنة المصرية لمناهضة الاستعمار والصهيونية