أنزل غطاء محرك السيارة في حركة عصبية ووضع يداه على خصره و أخذ ينفخ في ضيق محدثاً نفسه: لعنك الله من سيارة تتعطل عندالحاجة.
تقدم مرة أخرى محاولاً أن يجعلها تدور ولكن دون فائدة. نزل منها وبغيظٍ شديد ركل عجلها الخلفي وتساءل في نفسه: كيف سأذهب إلى عملي الآن؟ هل استقل سيارةً للأجرة؟ ولكننا في نهاية الشهر والراتب يحتضر, كلا بل سأذهب ماشياً أنها مسافة ربع ساعة والله بيعين على هالشوبات.
بدأ بالمسير حتى وصل إلى ناصية الشارع حيث ينعطف يساراً فشاهد شجرة كبيرة يختفي نصفها خلف جدارٍ كبيرٍ فوقف لبرهة. كيف لم ألحظ وجود هذه الشجرة و أنا أمر من هنا يومياً؟ أن ركوب السيارة يمنعنا من ملاحظة الكثير من الجمال من حولنا. وشعر لأول مرة بالسرور في هذا اليوم القائظ من قراره بالسير إلى عمله. وبينما هو متوقف سمع صوتاً من خلف السور يردد " خمسة..خمسة..خمسة" ثم يصمت لثوان ويعاود الترديد
" خمسة..خمسة..خمسة" ويظل الصوت يردد خمسة ثلاث مرات ويصمت لثوان ويردد وهكذا.
تردد صاحبنا قبل أن يعاود سيره وقرر في قرارة نفسه أن صاحب الصوت لا بد وأنه شخص مجنون ولن يعيره أي اهتمام. وظل يسير حتى وصل إلى عمله في إحدى الدوائر الحكومية.
ألقى بتحية الصباح على زملائه وانصرف الى مكتبه, ثم أمضى ساعات الصباح في الحديث عن سيارته العجوز وشرب الشاي ولعب السوليتير على ذلك الجهاز المسمى كمبيوتر والذي أدخل الخدمة في الدوائر الحكومية منذ زمن ليس بالبعيد. لكنه لم يجد فيه أي فائدة سوى إضاعة الوقت في لعب السوليتير ومشاهدة بعض الصور عند غياب الزميلات.
تذكر ذلك الصوت مجدداً " خمسة..خمسة..خمسة" ماذا تعني ياترى. حاول أن يشغل نفسه في أي شيء لكنه لم يستطع أن يصرف تفكيره عن ذلك الصوت اللعين فقرر أن لا يكمل نهاره في العمل و يعود مرة أخرى ليرى إن كان ذلك الصوت لا زال يردد نفس العبارة.
نجح في أن يختلق عذراً لمديره ليذهب باكراً فتوجه من فوره إلى ذلك السور حيث تعلو الشجرة وتلقي بفيها على الأرض. وقف في فيء الشجرة ليلتقط أنفاسه فسمع الصوت لا يزال يردد " خمسة..خمسة..خمسة". فدفعه الفضول والريبة إلى ملاحقة مصدر الصوت. بحث في الجدار عن أي ثغرة يرى منها ما يدور من خلفه حتى وجد ضالته ثقب في منتصف الجدار لن يبذل معه جهداً ليرى ما يجري خلف هذا السور. التفت يميناً ويساراً ثم نظر من خلال الثقب فلم يرإلا حديقة واسعة وبعض الورود. حاول أن يدقق النظر عله يجد مصدر الصوت وفجأة اخترق مخرز الجدار وفقأ عينه فارتد إلى الوراء في ألم وهو يسب ويلعن. وإذ بنفس الصوت يردد "ستة..ستة..ستة".

أليست هذه حالنا في العالم العربي والإسلامي.
في السنوات الخمس الأخيرة زحفت آليات شارون على الضفة وغزة وحاصرت مدنها وقصفتها بالأباتشي والصواريخ وقتلت الآلاف من شبابها فصرخ الشارع العربي والإسلامي المقاطعة المقاطعة المقاطعة. هوجمت أفغانستان فصرخ الشارع العربي والإسلامي المقاطعة المقاطعة المقاطعة. احتُـل العراق ودُمرت حضارة آلاف السنين فصرخ الشارع العربي والإسلامي المقاطعة المقاطعة المقاطعة. وكنا عامة الشعب نتبع هذه المقاطعات بحس وطني أو ديني عالٍ. وفي كل مرة تنتهي المقاطعة دون أن يتحقق أي شيءعلى أرض الواقع. بل تُـفقأ أعيننا بالأمر الواقع وبأننا أمة تعتمد على العالم في كل شيء ولا قِبَلَ لنا في معاداة أحد.

والآن يصرخ الشارع العربي والإسلامي مجدداً المقاطعة المقاطعة المقاطعة فهل ستُـفقأ أعيننا من جديد؟؟؟؟؟

تحياتي للجميع :97::97:

ضياء

يخرب صنوجكم ان شاء الله.

47 شخص قرأها وما في ولا تعليق, كأنكم مليتوا من قصة المقاطعة.

قطيعة تقطع المقاطعة واللي بيقاطعوها.

:97: