بمن يلوذ الزوج «ضحية» عنف المرأة؟
الخميس, 30 سبتمبر 2010
"غران كافيه" للرسام اللبناني حسن جوني. هل كلهم فارون من بيوتهم؟.jpg
Related Nodes:
"غران كافيه" للرسام اللبناني حسن جوني. هل كلهم فارون من بيوتهم؟.jpg
ظهر خبر على شاشات الهواتف الخليوية ومواقع الإنترنت يفيد بأن صاحب فندق في مدينة درعا السورية، يقدّم غرفة «مجاناً» لاستضافة الرجال المتشاجرين مع زوجاتهم، ريثما يُحلّ الخلاف. ويشترط الفندق إبراز علامة من مخلّفات الشجار (أو الخلاف) مع الزوجة كـ «كدمة أو كسر». ويبرر صاحب الفندق «فعلة الخير» هذه بحرصه على تفادي الضحايا أماكن أخرى قد تؤجج الفتن بين الأزواج المتخاصمين.
لا يخلو الخبر من طرف، مع أن مسألة العنف الأسري ليست كذلك، وأكان صحيحاً أم ملفّقاً، يطرح موضوعاً لا يُلتفت إليه كثيراً، ويتعلق بملاذ أو ملجأ الزوج في حال خصام أو شجار مع زوجته، أكان هو الجاني عليها أم المجني عليه.
إلى من يلجأ الزوج وهو في حال خصـــام شــديد مع زوجته، أمه، أخيه، أخته، صديقه... الى الطــبيب النفسي، الشرطة، ام الى رجل الدين...؟ أم يبقى وحيداً ويلوذ بمكان ما. وهنا، يُطرح السؤال: إذا وجد فندق كهذا، فهل يقصده زوج «ضربته» زوجته، وطردته من المنزل؟
هل من ذَكَر يقبل أن يدق باب «الفـــندق»، حاملاً يداً بيد، وعلى عينه اليــسرى «دمغة» زرقاء داكنة، ويقول بصوت مرتجف: «أريد غرفة». فيجـــيبه النادل: «آسف، يجب أن تحجز واحدة قبل شـــهر على الأقل». قد يدغدغ هذا الموقف مخيلة نساء يعانين الأمرّين من أزواجهن أو آبائهن أو إخوانهن... ومنـــهن من يأملن في أن يأتي ذلك اليوم في ذلك الفندق...
... وحتى يحين ذلك الموقف، تتعرّض امرأة من كل ثلاث نساء لعنف جسدي في محيطها الاسري في سورية (أ ف ب)، كما جاء في دراسة أعدتها «الهيئة العامة لشؤون الأسرة» في سورية و «صندوق الأمم المتحدة للسكان»، حول «العنف الأسري ضد المرأة». وركزت الدراسة على العنف القائم على أساس الجنس داخل محيط الأسرة وشملت خمسة آلاف امرأة كعيّنة من شرائح المجتمع السوري.
وخلصت الدراسة إلى أن أشكال العنف السائدة هي، بالترتيب: الصفع والضرب واللكم، يليها العض وشد الشعر والأذن، ثم الضرب بالحزام والعصا. أما المسبب بالعنف فهو أولاً الأب ثم الأخ يليه الزوج. وغالباً ما يؤدي العنف إلى أذى على المستوى الجسدي من كسور في الأطراف أو الأضلاع، ورضوض وتورم وكدمات وجروح ونزيف خارجي. وقالت الدراسة إن المرأة في المدينة أقل تعرضاً للعنف منها في الريف، وكذلك ترتفع نسبة العنف في البيئة الأقل تعلماً.
وتحدّثت الدراسة عن أشياء كثيرة أخرى... كما لو أنها تصف أوضاعاً في بلدان كثيرة أخرى، فهذا الأمر لا ينحصر في سورية فحسب، بل يمتد إلى كل موطئ قدم لذكر وأنثى معاً، بدليل المعالجات الواردة هنا.
تبقى الإشارة إلى أن صاحب الفندق، يبقي غرفة للمتشاجرين مع زوجاتهم مفتوحة في شكل دائم، لربما يأتي يوم ويغص بـ «النزلاء»
http://international.daralhayat.com/inte...cle/186227
المقاهي والفنادق وبيوت العازبين ملاذات آمنة في مصر
الخميس, 30 سبتمبر 2010
القاهرة – أمينة خيري
القانون واضح وصريح ولا مجال لسوء الفهم فيه أو العبث به. إذا غضبت الزوجة من زوجها غضباً شديداً، فإنها تجمع ملابسها، وتتوجه إلى بيت أبيها. وإن لم يكن هناك بيت لأبيها، بحكم رحيله، أو ضيقه بمن ما زالوا يعيشون فيه، فالوجهة تكون بيت الخالة أو العمة أو إحدى بناتهما، وذلك حتى يأتي الزوج ويصالحها، حتى لو كانت هي الطرف الباغي.
أما الزوج، فأقصى ما يسمح له به، في فورة غضبه هو فتح باب البيت وغلقه بعنف، والتوجه إما إلى المقهى، واما الى بيت صديق عازب، أو فندق نجمة أو نجمتين في حي الحسين الشعبي، مثلاً.
هذا هو القانون الوضعي الذي يعطي الزوجة حقَّ «الغضب» في بيت الأهل والأقارب حيث تبقى معززة مكرمة، حتى يعترف زوجها بالخطأ، سواء اقترفه أم لم يفعل. وهو غضب يكون دائماً ممزوجاً بقدر غير قليل من المؤثرات الدرامية من بكاء واكتئاب وندم على العمر الذي فات. لكن غضب الزوج، على رغم أنه أكثر تكلفة، يصطبغ بصبغة «ترفيهية» تساعده في التغلب على غضبه، بل وقد يشجعه على تكرار التجربة في المستقبل.
«الحياة» قابلت ثلاثة نماذج مختلفة من غضب الأزواج، ورصدت ملامح التنفيس عن هذا الغضب، فوجدت الكثير من التفاصيل التي لا تخلو من «الفكاهة». والشكل الكلاسيكي للغضب الذكوري يعبر عنه محمد الذي يقول عن نفسه إنه «لا حول له ولا قوة»، فما أن يحتدم الخلاف بينه وبين زوجته، وتبدأ نبرات الصوت في الارتفاع، حتى يفتح الباب ويغلقه بقوة قبل أن يفقد أعصابه. ويروي: «كلما نزلت من البيت أجد نفسي وقد قادتني قدماي إلى المقهى القريب الذي أقابل فيه أصدقائي. والطريف أنه في كل مرة أذهب الى هناك والغضب يكاد يأكلني، أجد صديقاً أو اثنين وقد لجآ إلى المقهى للسبب ذاته، فيلتقي المتعوس بخائب الرجاء. وبعد دقائق، من صب اللعنات على مؤسسة الزواج، واليوم الذي رأينا فيه وجه المأذون، والترحم على أيام العزوبية، نجد الحديث أخذنا إلى جوانب أخرى لا تمت للزواج والخناقات الزوجية بصلة».
ويصف محمد جلسات المقهى هذه بالعلاج النفسي الذي يخفف من وطأة المعارك الزوجية وتوابعها. قائلاً: «هذه الجلسات تكون أشبه بحلقات علاج نفسي جماعي يعتمد على المجاهرة بالمشكلة أمام آخرين يعانون مشكلات مشابهة. وأثناءها تفرغ شحنة الغضب، ويشعر كل من المشاركين بأنه ليس وحده من يعاني. من جهة أخرى، فإن الجلوس في المقهى يشتت الانتباه والحديث بعيداً من المشكلة، وهو ما يعالج الغضب علاجاً سحرياً يمكّن صاحبه من العودة إلى البيت وهو أكثر هدوءاً، لا سيما لمن لا يملكون ملجأ آخر يغضبون فيه».
سامح لديه ملجأ يحسده عليه كثيرون، بل هناك من أصدقائه من يطلق عليه «الجنة». وما هذه الجنة إلا بيت سعيد صديق سامح الوحيد الذي نجا بنفسه من مهالك الزواج. إنه العازب الوحيد في «الشلة» الذي أضرب عن الزواج، ورفض تماماً التضحية بحريته. وبعد إنهاء سنوات الزواج الأولى لأعضاء الشلة، ودخولهم مرحلة «الزواج الاضطراري»، تحولت شقة سعيد إلى ملاذ آمن للغاضبين والمقهورين والنادمين على حمل لقب زوج وأب.
يقول سامح: «كلما دبّ خلاف قوي بيني وبين زوجتي، وجدت نفسي أطرق باب سعيد. وعلى رغم أنني لا أتحدث معه في المشكلة، أرتاح نفسياً لمجرد قضاء بعض الوقت في بيت يخلو من عنصر النساء. وأحسب هذا الأمر نوستالجيا (حنيناً) إلى أيام العزوبية، أو فرصة لتنقية الذهن، أو مجرد لحظات هروب من مشكلات البيت والأولاد».
المشكلة الوحيدة في هذا الملاذ الآمن تكمن في نظرات زوجته العاتبة كلما وطئت قدماه بيت سعيد. ويقول: «هي تتصور أن إمضاء وقت في بيت صديق عازب يعني فتيات ليل وخمر وخيانة. وهذا لا يحدث أبداً لأسباب كثيرة، أهمها أنني أحب زوجتي وأولادي. كما أنني أخشى من الأمراض».
أمراض أخرى يعود بها إبراهيم بعد موجات الغضب الزوجي، ولكنها أمراض جلدية تنجم عن لدغات البراغيث التي تمتلئ بها غرفة الفندق المتواضع الذي يلجأ إليه حين تنشب معركة بينه وبين زوجته. يقول: «أنا عصبي جداً وأستغرق الكثير من الوقت لأعود إلى طبيعتي. لذا، نصحني أحد الأصدقاء بفندق متواضع في حي الحسين. وقد أصبحت زبوناً دائماً هناك، وأحصل على تخفيض جيد. وعلى رغم أن الفندق تنقصه النظافة، وكثيراً ما أعود إلى البيت باحمرار شديد في أنحاء متفرقة من جسدي بسبب لسعات البراغيث، أستمتع كثيراً باليومين اللذين أمضيهما هناك بعيداً من التوتر».
أولئك الأزوج الثلاثة فضلوا نار المقهى، وعزوبية بيت سعيد، وبراغيث فندق الحسين على توتر الأعصاب، وذلك إلى حين تغيير الموروث الثقافي والسماح للرجل بجمع ملابسه والتزام بيت والده حتى تأتي زوجته لمصالحته وإعادته إلى البيت.