{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
ليس للكردي إلاّ الريح _شعر محمود درويش
محارب النور غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 5,508
الانضمام: Oct 2004
مشاركة: #1
ليس للكردي إلاّ الريح _شعر محمود درويش
[CENTER]ليس للكردي إلاّ الريح

محمود درويش


يَتَذكّرُ الكرديُّ، حين ازورُهُ، غَدَهُ...

فيُبٍِْعدُهُ بمُكنسة الغبارِ: إليكَ عنّي!

فالجبالُ هي الجبالُ. ويشربُ الفودكا

لكي يُبقي الخيالَ على الحياد: أَنا

المسافرُ في مجازي، والكراكي الشقيَّةُ

إخوتي الحَمقََى. وينفُضُ عن هُويَّتِهِ

الظلالَ: هُويَّتي لُغتي. أنا... وأنا.

أنا لغتي. أنا المنفيّ في لغتي.

وقلبي جمرةُ الكرديِّ فوق جبالِهِ الزرقاء...

نيقوسيا هوامِشُ في قصيدته،

ككل مدينةٍ اخرى. على درّاجةٍ

حمل الجهاتِ، وقال: اَسْكُنُ أَينما

وَقَعَتْ بيَ الجهةُ الاخيرةُ. هكذا

اختار الفراغَ ونام. لم يَحْلُمْ

بشيء مُنْذ حَلَّ الجِنُّ في كلماتِهِ،

(كلماتُهُ عضلاتُهُ. عضلاتُهُ كلماتُهُ).

فالحالمون يُقَدِّسون الامسَ، أَوْ

يَرْشُون بوّابَ الغد الذهبيِّ...

لا غَدَ لي ولا أمسِ. الهُنَيْهَةُ

ساحتي البيضاء.../

منزله نظيفٌ مثلُ عَين الديكِ...

منسيٌّ كخيمة سيّد القوم الذين

تبعثروا كالريش. سَجَّادٌ من الصوف

المجَعّد. مُعْجَمٌ مُتآكلٌ. كُتُبٌ مُجَلَّدةٌ

على عَجَلٍ. مخدّاتٌ مطرَّزَةٌ بإِبرة

خادم المقهى. سكاكينٌ مُجَلَّخةٌ لذبح

الطير و الخنزير. قيدو للإباحيات.

باقاتٌ من الشوك المُعَادِلِ للبلاغةِ.

شُرْفَةً مفتوحةٌ للإستعارة: ها هنا

يتبادَلُ الاتراكُ و الإغريقُ أدوارَ

الشتائم. تلك تَسْلِيتَي و تَسْلِيةُ

الجنود الساهرين على حدود فُكاهةٍ

سوداء...

ليس مسافراً هذا المسافرُ، كيفما اتَّفَقَ...

الشمالُ هو الجنوبُ، الشرقُ غَرْبٌ

في السراب. ولا حقائبَ للرياحِ،

ولا وظيفةَ للغبارِ. كأنه يُخفي

الحنينَ الى سواهُ، فلا يغنّي... لا

يُغَني حين يدخُلُ ظِلُّه شَجَرَ الاكاسيا،

او يبلِّلُ شَعرَهُ مَطَرٌ خفيفٌ...

بل يُناجي الذئبَ، يسأَله النزالَ:

تعال يا ابن الكلب نَقْرَعْ طَبْلَ

هذا الليل حتى نوقظ الموتى. فانَّ

الكُرْدَ يقتربون من نار الحقيقة،

ثم يحترقون مثل فراشة الشُّعَراء...

يعرفُ ما يريد من المعاني. كُلُّها

عَبَثٌ. وللكلمات حيلَتُها لصيد نقيضها،

عبثاً. يفضّ بكارةَ الكلمات ثم يعيدها

بكراً الى قاموسه. ويَسُوسُ خَيْلَ

الابجدية كالخراف الى مكيدته، ويحلقُ

عانَةَ اللُغةِ: انتقمتُ من الغياب.

فَعَلْتُ ما فعل الضبابُ بإخوتي.

وشَوَيْتُ قلبي كالطريدة. لن اكون

كما اريد. ولن احبَّ الارض اكثر

أَو أَقلَّ من القصيدة. ليس

للكرديِّ الاّ الريح تسكنُهُ و يسكُنُها.

وتُدْمِنُهُ و يُدْمنُها، لينجوَ من

صفات الارض والأشياء...

كان يخاطب المجهولَ: يا ابني الحُرّ!

يا كبش المتاه السرمديّ. إذا رأيتَ

أباك مشنوقاً فلا تُنْزِلْهُ عن حبل

السماء، ولا تُكَفِّنْهُ بقطن نشيدك

الرَّعَوِيِّ. لا تدفنه يا ابني، فالرياحُ

وصيَّةُ الكرديِّ للكرديِّ في منفاهُ،

يا ابني... والنسورُ كثيرةٌ حولي

وحولك في الاناضول الفسيح

جنازتي سريَّةٌ رمزيّةٌ، فَخُذِ الهباءَ

الى مصائره، وجِرَّ سماءك الاولى

الى قاموسك السحريِّ. واحذرْ

لَدْغَةَ الأَمَلِ الجريحِ، فانه وَحْشٌ

خرافيّ. وأنت الآن... انت الآن

حُرّ، يا ابن نفسِكَ، انت حُرٌّ

من ابيك ولعنة الاسماء...

باللغة انتصَرْتَ على الهُوَيَّةِ،

قُلْتُ للكرديِّ، باللغة انتقمتَ

من الغيابِ

فقال: لن أَمضي الى الصحراءِ

قُلْتُ: ولا أَنا...

ونظرت نحو الريح

- عِمْتَ مساء.

- عمت مساء!..[/CENTER]
12-21-2005, 07:31 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  القربان ..محمود درويش وفرج فوده .. لقاء الكلمة و المعنى . بهجت 1 1,025 07-26-2012, 01:23 PM
آخر رد: بهجت
  الرد الإخونجي على قصيدة محمود درويش thunder75 2 2,735 02-10-2011, 07:00 AM
آخر رد: أندروبوف
  للتاريخ: هذا ما قاله محمود درويش عشية انقلاب حماس الدموي في غزة طلال محمود 1 1,328 01-18-2011, 02:21 PM
آخر رد: الجواهري
  محمود أمين العالم.. رائد المدرسة الواقعية في النقد الأدبي هاله 6 4,209 10-12-2010, 09:06 PM
آخر رد: هاله
  محمود درويش: قصائد غير منشورة العلماني 4 2,697 04-30-2009, 10:46 AM
آخر رد: ليلاء

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS