مات "جمال عبدالناصر" قبل عقود ثلاثة ونصف العقد.

مات هذا الرجل الكبير الذي صبغ عصره وسيطر على قلوب العرب ومشاعرهم وأحاسيسهم مدة عقدين من الزمن دون منازع.

تدافع ملايين العرب يوم "رحيل جمال عبدالناصر" الى الشوارع. كانوا يحسون بأنهم قد فقدوا أخاً كبيراً وقائد مسيرة، وملهم ثورات، ورجل لا كالرجال. كانوا يتذكرون "الإصلاح الزراعي" و"تأميم القناة" و"تصنيع مصر" و"السد العالي" "ووقفات العز الناصرية". كانوا ما يزالون يعيشون عصر "ارفع رأسك يا أخي فقد ولّى عهد الاستعمار" و"لحلف بسماها وبترابها".

ثم تغير العصر، ودار الزمن، ودخلنا في زمن "الثورة المضادة" (بتعبير غالي شكري) ومشروع "كامب ديفيد" وعهد "الردة الحضارية" الذي ما زلنا نتمرغ في حمأته حتى الآن.

دخلنا زمن "العبيد"، فأتانا من يختصر عهد "عبد الناصر" بالديكتاتورية، قبل أن ينكر على الرجل انجازاته. ثم جرت العادة، مع تفاقم المد الأصولي، إلى إخراس الأصوات التي تريد أن تنصف الرجل والتغني "بديمقراطية أسرة محمد علي" والنواح واللطم على "ضحايا" نظام عبد الناصر، قبل أن يبدأ الجميع بالردح وإطلاق الفرضيات والكليشيهات الجاهزة المعلبة.

ومع هذا الهجوم الكاسح، إلا أن عبدالناصر باق، مقيم "ما أقام عسيب". فالرجل حاول أن ينهض بأمته، فأصاب وأخطأ مثل كثيرين، ولكن حضوره ووهجه وكلماته كانت فريدة مميزة كبيرة. وعصره، مهما انتقدناه، يبقى عصر أمل ومحاولات في حث الخطى على طريق التقدم والنهوض.

رحل جمال "عبدالناصر"، ولكن "ذكرى" هذا الرجل العظيم ما زالت في "القلب تنقر" كما يقول نزار.

أدناه، قصيدة قديمة في "ذكرى جمال عبدالناصر، لنزار قباني، رأينا أن نضعها هنا في هذه المناسبة. وتحتها ملف صوتي، في رثاء جمال عبدالناصر، "لزغلول الدامور"، أحد كبار الزجّالين اللبنانيين.

0000000000000

زمانك بستان وعصرك أخضرُ
وذكراك عصفور وفي القلب ينقرُ

ملأنا لك الأقداح يا من بحبه
سكرنا كما الصوفي بالله يسكرُ

دخلت على تاريخنا ذات ليلة
فرائحة التاريخ مسك وعنبرُ

وكنت فكانت في الحقول سنابل
وكانت عصافير وكان الصنوبرُ

لمست أمانينا فصارت جداولاً
وأمطرتنا حباً ولا زلت تمطرُ

تأخرت عن وعد الهوى يا حبيبنا
وما كنت عن وعد الهوى تتأخرُ

سهدنا وفكرنا وشاخت دموعنا
وشابت ليالينا وما كنت تحضرُ

تعاودني ذكراك كل عشية
ويورق فكري حين فيك افكرُ

وتأبى جراحي أن تضم شفاهها
كأن جراح الحب لا تتخثرُ

أحبك تفسيراً لديّ لصبوتي
أفسر ماذا ؟ والهوى لا يفسرُ

تأخرت يا أغلى الرجال فليلنا
طويل وأضواء القناديل تسهرُ

تأخرت فالساعات تأكل نفسها
وأيامنا في بعضها تتعثرُ

أتسأل عن أعمارنا أنت عمرن
اوأنت لنا المهدي أنت المحررُ

وأنت أبو الثورات أنت وقودها
وأنت انبعاث الأرض أنت التغيرُ

تضيق قبور الميتين بمن بها
وفي كل يوم أنت في القبر تكبرُ

تأخرت عنا فالجياد حزينة
وسيفك من أشواقه كاد يكفرُ

حصانك في سيناء يشرب دمعه
ويا لعذاب الخيل إذ تتذكرُ

وراياتك الخضراء تمضغ دربها
وفوقك لفات الأكاليل تضفرُ

تأخرت عنا فالمسيح معذب
هناك وجرح المجدلية أحمرُ

نساء فلسطين تكحلن بالأسى
وفي بيت لحم قاصرات وقصرُ

وليمون يافا يابس في حقوله
وهل شجر في قبضة الظلم يزهرُ ؟

رفيق صلاح الدين هل لك عودة
فإن جيوش الروم تنهى وتأمر

رفاقك في الأغوار شدوا سروجهم
وجندك في حطين صلوا وكبروا

تغنى بك الدنيا كأنك طارق
على بركات الله يرسوا ويبحرُ

تناديك في شوق مآذن مكة
وتبكيك بدر يا حبيبي وخيبرُ

ويبكيك صفصاف الشآم وورده
اويبكيك زهر الغوطتين وتدمرُ

تعال إلينا فالمروءات أطرقت
وموطن آبائي زجاج مكسرُ

هزمنا وما زلنا شتات قبائل
تعيش على الحقد الدفين وتثأرُ

يحاصرنا كالموت ألف خليفة
ففي الشرق هولاكو وفي الغرب قيصرُ

أبا خالد أشكو إليك مواجعي
ومثلي له عذر ومثلك يعذرُ

يثير حزيران جنوني ونقمتي
فأغتال أوثاني وأبكي وأكفرُ

وأذبح أهل الكهف فوق فراشهم
جميعاً ومن بوابة الموت أعبر ُ

وأترك خلفي ناقتي وعباءتي
وأمشي أنا في رقبة الشمس خنجرُ

وأصرخ يا أرض الخرافات إحبلي
لعل مسيحاً ثانيا سوف يظهرُ

أنا شجر الأحزان أنزف دائماً
وفي الثلج والأنواء أعطي وأبذرُ

نزار قباني
*****


يتبع رثاء عبدالناصر "لجوزيف الهاشم"(زغلول الدامور)

[RAM]http://www.alkadah.com/Chansons/zagloul_Nasser_modifie.mp3[/RAM]

مش عارف كيف أحط ملف الصوت

واسلموا لي
العلماني

على الضريح

السكه مفروشه
تيجان الفل والنرجس
والقبه صهوة فرس
عليها الخضر بيبرجس
والمشربيه عرايس
بتبكي
والبكا مشروع


من ذا إللي نايم وساكت
والسكات مسموع
سيدنا الحسين ؟
ولا صلاح الدين ؟
ولا النبي ؟
ولا الإمام ؟
دستور ياحراس المقام
ولا الكلام بالشكل ذا ممنوع ؟ !
على العموم
أنا مش ضليع
في علوم الانضباط

أبويا كان مسلم صحيح
وكان غبي
وكان يصلي ع النبي
عند الغضب
والإنبساط !
أبويا كان
فلاح تعيس
فى ليله ظلمه
خلفوه
وف خرقه سودا
لفلفوه
وف عيشة غبرا
طلعوه
وف عشه ما يله
سكنوه
ولصموه
وطلسموه
ودجنوه
وجهزوه
وجوزوه على عماه
فكان محير في هواه
ما بين أمي وما بين الجاموسة

وكان يخاف
يقتل ناموسه
وكان خجول
خجول
خجول
لكنه كان دايما يقول
أستغفر الله العظيم
من باب الاحتياط !

أبويا طلعتوه حمار
فكان طبيعي
يجيبني جحش
لا أعرف نبي
من أجنبي
ولا مين ما جاش
ولا مين ما راحش
موسى نبي
أبوه نبي
عيس نبي
أبوه نبي
كمان محمد كان نبي
ويا قلبي صلي ع النبي
وكلنا نحب النبي
وكل وقت وله أذان
وكل عصر وله نبي

وإحنا نبينا كده
من ضلعنا نابت
لا من سماهم وقع
ولا من مرا شابت
ولا انخسف له القمر
ولا النجوم غابت
أبوه
صعيدي وفهم
قام طلعه ضابط
ضبط
على قدنا
وع المزاج ظابط
فاجومي من جنسنا
مالوش مرا عابت
فلاح
قليل الحيا
إذا الكلاب سابت
ولا يطاطيش للعدا
مهما السهام صابت
عمل حاجات معجزه
وحاجات كتير خابت
وعاش ومات وسطنا
على طبعنا ثابت
وإن كان جرح قلبنا
كل الجراح طابت
ولا يطولوه العدا
مهما الأمور جابت

صعب يا عميد ألا نحب عبد الناصر، الرئيس الأكثر شعبية والزعيم الأكثر كاريزمية بتاريخنا العربي.
ولكن من الصعب أيضاً أن نحرم نقد المنتقدين لجمال، فجمال لم يكُ إلهاً، ولا يجب أن يكون.
ولا أحب أن أبكيه فأنا لا أعرفه، ولقد جرتني كثيراً عواطفي لأكون بجهة هذا الكاريزمي. وأظنه كان صادقاً بمشاعره الوطنية، ولكن هل كان أفضل ما عرفناه؟
بعصر جمال عرفنا نظاماً بوليسياً غاية في الوحشية للأسف.
وعرفنا أيضاً شخصاً قوياً نظم مصر بفترة ما.
لكن وآخ من هذه اللكن.
جمال يعبر عن نكسة حزيران ومهزلة استقالته التي لا يحتملها أي شخص نزيه وصادق مع نفسه.

رحمه الله إن كان هناك إله، ولكن الحياة قصيرة .. وليس هناك من مجال للمجاملة، علينا أن نتجاوز فترة جمال وفترة التعلق بالزعيم الكبير للوصول لعصور العمالقة الحقيقيين وهم الشعب، وثورة الشعب ورمي الرجعية فعلاً وراء الظهر فتلك الفترات باعتمادها لنفس النفح الرجعي الأخلاقي السابق ذبحتنا ذبحاً.
نريد طرحاً تقدمياً فعلاً، تحريري وتقدمي وليبرالي فكرياً. وليس طرحاً متذبذباً كطرح عبد الناصر وطرح من جاء بعده.

آسف جداً، لا يهمني موت جمال، يهمني أن يعيش أولادي بوطني العربي ضمن مستقبل أفضل .. وليست أفكار جمال ولا ما حققه يوماً جمال من يمكنه أن يفيدني بشيء في هذا.

ورحمه ربه على كل حال.
(f)

لم أطالب أحداً بالبكاء على جمال عبدالناصر، ولا أظن أنني بمستطيع أن أمنع أحداً من "نقد" الرئيس الراحل أو حتى "شتمه"- وما أكثر ما فعلوا - .

لا أستطيع أن أُخرس أحداً، ولن أطلب من أحد أن يقف وينشد على ضريح الفقيد:"قتلناك يا آخر الأنبياء...". فهدفي من الموضوع هو إشعال شمعة أمام قبر "جمال عبدالناصر"، الرجل الذي استطاع أن يستحوذ في حياته على قلوب العرب بين المحيط والخليج، رغم تعثر تجربته وفشلها في نهاية المطاف.

نستطيع أن نقول بأن "عبدالناصر" كان ديكتاتورا قاسياً، ونستطيع أن نلومه على "هزيمة حزيران"، ولكننا لن نقوى على إنكار الدور الكبير الذي لعبه الرجل على مسرح السياسة في الشرق الأوسط خلال القرن المنصرم، كما ولن يكون بمقدورنا أن لا نعتبره علامة فارقة في مسار التاريخ العربي. فهذا المصري القادم من لب وادي النيل، جعل نفوس العرب تهتز له بشكل غير مسبوق، وتشرق بأحلام وآمال عظام، أزهرت وعقدت دون أن تثمر.

يصفون "عبدالناصر" بالديكتاتورية، ويحكمون عليه من خلال "هزيمة حزيران" العسكرية وتبعاتها. وأعتقد بأن الديكتاتورية والهزائم العسكرية لا تستطيع أن تغتال ذكرى الرئيس الراحل. فما أكثر الديكتاتوريين الذين صنعوا التاريخ، وما أكثر القادة الذين خسروا حروبهم ولم يخرجوا من ذاكرة الأجيال. فهذا "محمد علي باشا"، رغم فتكه بالمماليك، وهزيمته أمام العثمانيين والانجليز، إلا أنه يبقى "صانع مصر الحديثة ورائد مباداراتها التقدمية". وهذا "نابليون بونابرت" الذي تحوّل إلى امبراطور متكبر متجبر قبل أن ينهزم في "ليبزغ" و"واترلو" يجلس في "البانثيون" ويصلي الفرنسيون على قبره ويباركون حوله بكرة وعشيا.

عبدالناصر، هو من نسيج هؤلاء العظام الذين حاولوا تغيير العالم ولم يتمكنوا من ذلك نتيجة لعوامل كثيرة. وحتى لو حاكمناهم على "ديكتاتوريتهم" و"هزائمهم" فهم يبقون كباراً، يستحقون منا الوقوف والسؤال عن تاريخهم (دون محاولة استرجاعه) ووضع طاقة ورد على ضريحهم. فنحن لا نستطيع أن نبني مستقبلنا عبر التنكر لتاريخنا، ونسيان المحاولات التي أرادت النهوض بنا، أخفقت هذه أم نجحت.

وردة من جديد على قبر "أبو خالد"، و"ليس جديداً علينا اغتيال الصحابة والأولياء".

(f)

واسلموا لي
العلماني

ألا تريد أن يشاركك أحد في أضافة شمعتين
علي قبر الخالد .. جمال عبد الناصر ..
أستعجبت من
( ولن أطلب من أحد أن يقف وينشد على ضريح الفقيد:"قتلناك يا آخر الأنبياء...". )
من أين جئت بها ؟؟
أرجوك أعد قراءة القصيدة

قال لي أحد أئمة الطرق الصوفية ذات مرة

لله 99 أسما
والأسم المائة هو
جمال عبد الناصر
دمت بالخير (f)

عميدنا الكبير (f)
ربما كان كلامي هنا بغير محله.
ولك هذه الشتلة من بستان النادي.
(f)

اقتباس:أستعجبت من  
( ولن أطلب من أحد أن يقف وينشد على ضريح الفقيد:"قتلناك يا آخر الأنبياء...". )  
من أين جئت بها ؟؟
أرجوك أعد قراءة القصيدة

جئت بها من "ذاكرتي"، ولكنك تجدها على هذا الرابط يا "دارويشي":

http://nasser.bibalex.org/NasserPoetry/bro...wser.aspx?ID=65

وإليك نصها الكامل:

ـ1 ـ

قتلناكَ .. يا آخر الأنبياءْ

قتلناكَ ..

ليس جديدا علينا

اغتيال الصحابة والأولياء

فكم من رسول قتلنا ..

وكم من إمام ذبحناه وهو يصلى صلاة العشاء ..

فتاريخنا كله محنة ..

وأيامنا كلها كربلاء ..

ـ 2 ـ

نزلت علينا كتابا جميلا

ولكننا لا نجيد القراءةْ ..

وسافرت فينا لأرض البراءةْ ..

ولكننا ما قبلنا الرحيلا

تركناك فى شمس سيناء وحدكْ ..

تكلِّم ربك فى الطور وحدك ..

وتعرى .. وتشقى .. وتعطش وحدكْ ..

ونحن هنا .. نجلس القرفصاءْ

نبيع الشعارات للأغبياءْ

ونحشو الجماهير تبنا .. وقشّا ..

ونتركهم يعلكون الهواءْ

ـ 3 ـ

قتلناك .. يا جبل الكبرياءْ

وآخر قنديل زيتٍ

يضىء لنا ، فى ليالى الشتاء

وآخر سيفٍ من القادسيةْ

قتلناك نحن بكلتا يدينا ..

وقلنا : المنيّة

لماذا قبلت المجىء إلينا ؟

فمثلك كان كثيرا علينا ..

سقيناك سمّ العروبة ، حتى شبعتْ ..

رميناك فى نار عمّان ، حتى احترقتْ

أريناك غدر العروبة ، حى كفرتْ

لماذا ظهرت بأرض النفاق ..

لماذا ظهرت ؟

فنحن شعوب من الجاهليهْ

ونحن التقلبُ ..

نحن التذبذبُ ..

والباطنيهْ ..

نبايع أربابنا فى الصباح

ونأكلهم .. حين تأتى العشيةْ ..

ـ 4 ـ

قتلناكَ ..

يا حبّنا وهوانا ..

وكنت الصديق ، وكنت الصدوق ،

وكنت أبانا ..

وحين غسلنا يدينا ..

اكتشفنا ..

بأن قتلنا منانا ..

وأن دماءك فوق الوسادةِ ..

كانت دمانا ..

نفضت غبار الدراويش عنّا

أعدْت إلينا صبانا

وسافرت فينا إلى المستحيل

وعلّمتنا الزهو والعنفوانا ..

ولكنّنا ..

حين طال المسير علينا

وطالت أظافرنا .. ولحانا ..

قتلنا الحصانا ..

فتبّت يدانا ..

فتبت يدانا..

أتينا إليك بعاهاتنا

وأحقادنا .. وانحرافاتنا

إلى أن ذبحناك ذبحاً

بسيف أسانا

فليتكَ فى أرضنا ما ظهرْت ..

وليتك كنت نبىّ سوانا ..

ـ 5 ـ

أبا خالدٍ .. يا قصيدة شعرٍ

تُقالُ ،

فيخضرٌّ منها المدادْ ..

إلى أين ؟

يا فارس الحلْم تمضى ..

وما الشوط .. حين يموت الجوادْ ؟

إلى أين ؟

كل الأساطير ماتتْ

بموتك ، وانتحرت شهرزادْ ..

وراء الجنازة .. سارت قريشٌ

فهذا هشامٌ ..

وهذا زياد ْ..

وهذا ، يريق الدموع عليكْ

وخنجرهُ ، تحت ثوب الحدادْ

وهذا يجاهدُ فى نومه ،

وفى الصحو ، يبكى عليه الجهادْ ..

وهذا يحاول بعدك ملكاً ..

وبعدك ..

كل الملوك رمادْ ..

وفود الخوارج .. جاءت جميعاً

لتنظم فيك ملاحم عشقْ ..

فمن كفّروكَ ..

ومن خوّنوكَ ..

ومن صلبوك بباب دمشقْ ..

أنادى عليك .. أبا خالدٍ

وأعرف أنى أنادى بوادْ

وأعرف أنك لن تستجيبَ

وأن الخوارقَ ليس تعادْ ..

(f)