{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
بغاء العائلة: خطاب "العائلة الواحدة" مفتتاً
حسين البحراني غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 38
الانضمام: Oct 2004
مشاركة: #1
بغاء العائلة: خطاب "العائلة الواحدة" مفتتاً
* العائلة = عائلة آل خليفة
تسعى هذه الورشة التي تقدم برامجها الدورية في شكل دورات مكثفة إلى التعريف بمفهوم الخطاب وطرق تحليل الخطابات السياسية والاجتماعية والثقافية من منظور العلوم الإنسانية الحديثة، وهذه الصفحة مخصصة لنشر خلاصات تطبيقات الورشة.



بغاء العائلة
تفكيك شعار ”العائلة الواحدة"
بقلم- علي أحمد، حسين يوسف، عباس المرشد:

(ماريا) بطلة رواية (إحدى عشرة دقيقة) للروائي البرازيلي باولو كويلو، فتاة برازيلية تحلم بالحب الكبير والثروة. يدفعها حبها للمغامرة للذهاب إلى سويسرا لتكون نجمة، إلا أن الأمر انتهى بها لتعمل في ممارسة الدعارة في حانة (كوباكابانا) التي يديرها (ميلان)، الذي يعتبر هذه الحانة مصدر رزق عائلته الوحيد! لذلك هو مصدر جدير بالاحترام والجدية. في إحدى المنافسات على أحد زبائن الحانة وهو أحد مديري المصارف تشتبك فتاة يوغوسلافية مع فتاة كولومبية، وهما من الفتيات اللاتي يديرهن ميلان في حانته، فيضطر ميلان بعد أن بلغ الأمر إسالة دم الفتاة اليوغوسلافية إلى التدخل وحل المشكلة داخلياً، قائلاً : إن كوباكابانا مؤسسة عائلية في نهاية الأمر، (وهذا التعريف لم تستطع ماريا فهم معناه) وأنه كان حريصاً على سمعته وعلى الدفاع عنها (وهذا يحيرها أيضاً). (انظر رواية 11 دقيقة، ص173)
 الحانة والعائلة:
لماذا لم تستطع ماريا أن تفهم تعريف ميلان لحانته: إن كوباكابانا مؤسسة عائلية في نهاية الأمر؟ كيف لحانة أن تكون مؤسسة عائلية؟ كيف لحانة خارجة على قانون العائلة أن تكون مؤسسة عائلية؟ كيف لحانة مهمَّشة من المجتمع العام أن تكون مؤسسة وهي تتحسس من القانون وتخشاه وتتهرب منه وتتحاشاه بوصفه مؤسسة عامة؟ ما القواعد المؤسسة على هذا التعريف؟ كيف نفهم المملكة الدستورية بوصفها مؤسسة عائلية في نهاية الأمر؟
علينا أن نفرِّق بين الاستخدام الحقيقي للعائلة القائم على فكرة النسب والدم، وبين استخدام العائلة الخطابي المجازي. الاستخدام الخطابي يلعب بالاستخدام الأول ليحقق أغراضاًً كلامية. في هذا الاستخدام الخطابي تكون العائلة فعلاً كلامياً. كما هو الأمر في استخدام ميلان لمجاز العائلة لتعريف مؤسسته (كوباكابانا) وكما هو الأمر في الخطاب السياسي عندنا الذي يريد أن يعرِّف المملكة الدستورية بوصفها عائلة.
ما الذي يجعل من قول ميلان فعلاً كلامياً؟ وكيف يمكن أن نفهم استخدام خطابنا السياسي للعائلة من خلال فعل ميلان الكلامي؟ أي كيف تبغي (البغي التعدي والاستطالة والتجاوز) العائلة؟ أو لنقل كيف تتعدى العائلة على غيرها؟ كيف تتجاوز حدها وتدخل حدود غيرها؟ كيف تكون العائلة اسما لحانة (مبغى) وحجة لسياسة؟ كيف يمكن أن نفهم كيف تكون الممالك الدستورية مؤسسات عائلية في نهاية الأمر، وهي البديل الذي طوره الإنسان، بوصفه حيواناً سياسياً، للممالك العائلية؟
الذي يجعل من قول ميلان فعلاً كلامياً هو أنه لم يكن يقول خبراً ليُعلِم العاملات في حانته بمعلومة كنَّ يجهلنها، بل أنه كان يعيد تعريف مؤسسته، كان ينشئ مفهوماً جديداً لعالم مؤسسته، والفعل الكلامي هو إنشاء لفضاء تواصل بين المتكلمين، لذلك كان قول ميلان حدثاً أي فعلاً غيَّر لحظة التواصل التي كانت قائمة على العنف، إلى لحظة تواصل قائمة على التعاضد العائلي وهي لحظة تجسِّدها قاعدة الصمت التي يتوجب اتباعها في الحانة، هذه القاعدة تسمِّيها العاهرات الإيطاليات (الأوميرتا)، إذ إن كل المشكلات ابتداء بتلك الناتجة عن غيرة وانتهاء بحوادث الموت يبت بشأنها وتجد حلولاً لها بشارع برن التي تقع فيه حانة كوباكابانا (شارع الدعارة في سويسرا). دون تدخُّل السلطة القضائية، لأن شارع برن يمتلك قانونه الخاص به.
لذلك بعد أن أنشأ قول ميلان عالماً جديداً في التواصل يقوم على أن كوباكابانا مؤسسة عائلية، راح يضع قواعد هذا العالم/ المؤسسة/ العائلة، وهي قواعد تنص على احترام الزبون والتكتُّم المطلق، تمثلاً بقانون سرية المصارف في سويسرا.
كان قول ميلان ملائماً ومناسباً وموفقاً، لأنه أنجز حالة بين العاملات في عائلته لصالح مؤسسته، حالة كلامية أنقذت حانته من تدخل مؤسسة القضاء والقانون، فالفتاة اليوغسلافية عندما وصلت الشرطة أعلنت أن وجهها شُطِب مصادفةً إذ سقط قدح زجاجي من أحد الرفوف وأصابها.
 العائلة والقانون:
العائلة في الممارسة الخطابية، هي مؤسسة ضد القانون، هي تبغي على القانون، وتكذب على القانون. حين يريد أن يتدخل القانون، تدخل العائلة وتقيم حداً أو تخماً يحول دون تمكن القانون. تدخل العائلة لتعفو أو تحكم أو تكرم أو تطلق أو توقف أو تأمر أو تهيج أو تنتخي. ليست مؤسسات القانون هي التي تحكم فالعائلة لها قانونها الخاص.
الخطاب السياسي يستخدم العائلة في ممارسته الخطابية، كي يحمي نفسه من القانون وسلطته ومساءلته. نحن عائلة يعني نحن محميون من القانون. العائلة تبغي على القانون، بكل ما تحمله الدلالة المعجمية من معنى للبغي: التعدي والاستطالة على الناس و مجاوزة الحد والظلم والكذب والاختيال. (انظر لسان العرب)
لنقرأ بعضاً من الاستخدامات الخطابية لمجاز العائلة كما جرى تداوله في الخطاب الإعلامي، لنرى كيف تبغي العائلة عبر ما تقوم به من وظائف خطابية:
"يستقبل قبيلة آل .... وعبرت القبيلة عن استنكارها للتطاول على رموز البلاد، مؤكدة وقوفها وتضامنها مع القيادة الرشيدة ورفضها وإدانتها للمساس بأي شكل من الأشكال للوطن ورموزه أو كل ما يسيء بالمصلحة الوطنية أو يفرق بين مجتمع الأسرة الواحدة الذي تعيشه البحرين في ظل القيادة الحكيمة بعدها ألقيت قصائد وطنية تجدد الولاء للقيادة الحكيمة والحرص علي مصلحة الوطن ونبذ أية إساءة لمسيرته""فيما عبرت الأسرة التجارية من خلال كلمة .... عن إدانتها لأي انحراف يسيء للمشروع الإصلاحي ويتطاول بالإساءة على رموز الوطن أو الدول الشقيقة بسبب سوء استغلال المعاني الديموقراطية وحرية التعبير بأنه أمر مرفوض وغير مقبول، مجدداً وقوف الأسرة التجارية صفاً واحداً خلف قيادتها الحكيمة بقيادة جلالة الملك المفدي"" أعتقد أن الغالبية تثق ثقة مطلقة في حكوماتها، وتثق في أنها ترفض أية ممارسات تضر بأوطانها من خلال التجاوزات أو استغلال المال العام، بالتالي فإننا نتمنى أن تكون الحكومات كرب الأسرة الذي يحاسب أعضاء أسرته إن أخطأوا ويعاقبهم عقابا شديدا لو كان الخطأ أحدث ضررا جسيما بحق الأسرة الواحدة"تجسِّد هذه العينة وظيفة الأسرة الواحدة الخطابية، وهي تتمثل بحسب منطوق هذه الخطابات في: الوحدة والتلاحم وحماية مكتسبات الأسرة وتحقيق الوحدة الوطنية للأسرة والمحافظة على سمعة أفراد الأسرة ومحاسبة أعضاء الأسرة ومعاقبتهم عقاباً شديداً إن أخطأوا، وصهر أعضاء الأسرة في بوتقة واحدة متراصة، ووقوف أعضاء الأسرة صفاً واحداً خلف قيادة رب الأسرة الحكيم.
 العائلة والرب الحكيم:
هكذا يعمل مجاز الأسرة، يصير فعلاً كلامياً خطابياً ينجز رباً (حكيماً) وقيادةً وتلاحماً ووحدة وصفاً ومحاسبةً ومعاقبةً وصهراً وطوعاً وملاذاً، ينجز أسرة لها قانونها الخاص، أي رابطها الداخلي الذي يقيدها بشدة وعصبية لحمياتها، كما لشارع (برن) قانونه الخاص الذي يحميه بوصفه مؤسسة عائلية من تدخل مؤسسة القضاء. هكذا تبغي الأسرة على القانون لتشكِّل لها قانونها الخاص الذي يحميها من القانون العام. بل إنها تبغي حتى على المجتمع المدني الذي هو نقيضها السياسي وتجعله مثيلها: "كما أوضح أن شباب هذا الوطن هم بحق ثروته الحقيقية وعماد التنمية فيه وأن الحكومة تضع عليهم الآمال والطموحات لمواصلة البناء الذي سيعلو ويرتفع بإذن الله بفضل تكاتف الجهود وتضافرها في ظل روح العائلة الواحدة التي يتحلي بها المجتمع المدني".

إن الأسرة الواحدة لا تحقق وحدة وطنية، إذ الوحدة الوطنية ليس لها قانونها الخاص، كما للأسرة الواحدة، بل لها قانونها العام، والأسرة لا تحافظ على مكتسبات الوطن ومنجزاته، إذ إنها تحافظ على مكتسبات أعضائها، وأعضاء الأسرة ليسوا أعضاء الوطن وليسوا مواطنين، إذ المواطن يحكمه القانون العام لا القانون الخاص، المواطن يحكمه قانون سويسرا لا قانون شارع (برن).
لقد أيقظ خطاب الأسرة الواحدة عالماً من قبائل، وقصائد، وأسر تجارية، ومجالس عائلية، ومقالات صحفية، وحملات إعلامية، وبيانات سياسية، ووفوداً شعبوية، وطائفيات، وهويات، وهو بكل هذا الخلق فعل كلامي بامتياز، يتيح للاعب ممارسة سلطته في الأمر والنهي، وتلك هي العائلة التي يراها (بروديو) مجرد كلمة تجسِّد الأمر والنهي، أي لغة تترجم علاقات السيطرة.

الأسرة الواحدة: الأبوية "المستحدثة"
لايمكن فهمُ منطوقاتٍ خطابية، مثل: (الأسرة الواحدة، البحرين أولاً، الأبواب المفتوحة..إلخ) من دون ردها إلى فضاء خطابي أكبر، يطلق عليه ميشيل فوكو (التشكيلة الخطابية). فإذا عرفنا أن المنطوق ذرة الخطاب، أو العنصر من اللغة، المتشكل في صيغة وثيقة أو جملة أو قضية أو فعل لساني أو واقعة خطابية، فإن التشكيلة الخطابية Formation Discursive هي، الفضاء العام المسؤول عن إنتاج هذه المنطوقات. إن سلاسل المنطوقات لاتوجد هكذا في العراء؛ إنها تؤدي مجتمعةً وظيفة مقصودة، ويقع على عاتق التشكيلة الخطابية أن تحدد لها وظيفتها في الزمان والمكان. فالتشكيلة الخطابية، كما يفيد فوكو: (المنظومة المنطوقية العامة التي تحكم مجموع الإنجازات اللفظية).
وفق هذا التقديم النظري، يمكن لنا الآن التقدم خطوة إلى الأمام في تحليل الوظيفة التي ينبري لها منطوق (الأسرة الواحدة) داخل التشكيلة الخطابية العامة التي ينتمي إليها وهي، كما نفترض، السلطة الأبوية أو النظام الأبوي/ البطركي "المستحدث" الذي يطبع نماذج الاجتماع السياسي في البيئة العربية، والتي منها نظام الحكم في البحرين.
يشير هشام شرابي في ثنايا تحليله لبنية النظام الأبوي، إلى أن نمط العلاقات في السلطة الأبوية يرتكز على "ثقة أخلاقية، وليس على نظام تشريعي". ذلك أن الأبوية، كما عَهدتْها وتعهدها المجتمعات القديمة أو تلك التقليدية السابقة على الحداثة، إنما تتقوم على (نموذج الأب)، وتصاغ بناها السياسية والاجتماعية والنفسية تبعاً لذلك، على عناصر الدم، العائلة- العشيرة. أما فكرة (التعاقد) بين الحاكم والمحكوم، تلك التي ارتكزت عليها صيرورة الدولة الحديثة في أوروبا؛ فهي تُنتَبذُ إلى موقع قصي، ويُتعذر أن تشغل أي حيز داخل المجال السياسي الذي يخلقه النظام الأبوي.
من هنا، يمكن القول إن (الأسرة الواحدة)، وسائر المنطوقات الأخرى التي يتم تصعيدها في خطاب الحكم، وعلى الأخص في المنعطفات والأزمات؛ إنما تشكل في اجتماعها "تكنولوجيات" خطابية تمر عبرها سلطة النظام الأبوي. ونظراً لكون النظام الأبوي، النظام المنطوقيّ العام أو نظام الأنظمة الذي يحكم صدور المنطوقات، كما ألمحنا إلى ذلك سلفاً؛ فهو من سيبنين هذه المنطوقات، هو من سيختلق لها هويتها، يسيج لها معناها ويصوغ لها أدوارها، فضلاً عن أنه، هو، من سيضع برامج التنشئة الذاتية التي ينبغي على الخاضعين أن يمتثلوا لها، للانسجام مع الدور المراد لـ(الأسرة الواحدة)، وماسواه.
 هوية العائلة الواحدة:
إن إلقاء نظرة على المدونة الخطابية المتشكلة من مجموع استخدامات (الأسرة الواحدة) في خطاب الحكم، تحولنا على ثلاث علاقات في هذا الشأن، تتقوم، على حاصل مجموعها، هوية (الأسرة الواحدة): التأكيد على السلطة والخضوع، التبعية، ونظام الولاء؛ وهي ذاتها العلاقات التي يعتقد شرابي إن السلطة الأبوية تنتظم وفقها. إن أي انتظام اجتماعي، يحجم عن الإذعان للمجال الذي تؤسس له العلاقات هذه، لايمكن له أن يدخل في علاقات (الأسرة الواحدة). ولأن (الأسرة الواحدة) تقوم على سلطة (الأب)، فإن أي تهاونٍ في التأكيد على سلطته، أو التراجع عن إبداء إرادة الخضوع له، كما والتخاذل عن إحاطته بفروض الولاء، لابد أن يؤدي، والحال هذه، إلى جعْل الممتنع أجنبياً عن (الأسرة). فوفق هذه العلاقات، تؤدي (الأسرة الواحدة) دورها الرئيس الذي هو، "إرادة الانضباط" -بحسب عبارة فوكو-، أي إيجاد تشريح سياسي للجسد الاجتماعي، تشريح يفصل الداخلين عن الخارجين، أولئك المتمجدين عن أولئك المناوئين، والأجساد الطيّعة عن تلك الأجساد المنيعة.
(من جانبه تفضل صاحب السمو بإلقاء كلمة شكر فيها سموه أهالي المحافظة على مواقفهم الوطنية الصادقة خلف قيادتهم [...] موضحاً سموه أن شعب البحرين المخلص هو السد المنيع الذي سيقف في وجه كل من يضمر سوءاً لهذا البلد ومقدراته من خلال استغلال أجواء الانفتاح والشفافية وحرية الرأي [...] معرباً عن الفخر والاعتزاز والتقدير الكبير للولاء والإخلاص الذي أظهره المواطنون مجسدين بذلك الوحدة الوطنية وروح الأسرة الواحدة). -جريدة الأيام، 29/9/2004م-.o (وبهذه المناسبة ألقت [...] كلمة نيابة عن سيدات المحرق [...] وقالت نجيء نحن الأمهات والزوجات والبنات اليوم نكمل المسيرة، ونؤكد بين يدي سموكم الكريمتين أننا علي العهد باقون وإننا رضعنا مشاعر الولاء والوفاء لكم ونُرضع ذات المشاعر للأبناء والأحفاد ولاءً يرثه الآتون عن الماضين ووفاء لا يقبل المساومة ولا يهتز مع مرور الأيام [...] هذا وقد عبر صاحب السمو رئيس الوزراء عن عميق الشكر والتقدير لما أبدته سيدات المحرق من مشاعر طيبة نحو البحرين وقيادتها، مؤكداً سموه بأن هذه المشاعر تجسد عمق التواصل والتلاحم بين أفراد الشعب وقيادته [...] مشيداً بدور المرأة البحرينية في التفاعل مع قضايا وطنها وإسهامها في النهضة المباركة التي تعيشها البحرين في إطار الأسرة الواحدة المتكاتفة). -جريدة الأيام، 7/10/2004م-.
[/COLOR] الأبوة السافرة:
نعثر في هذه المدونة على قائمة بالعلاقات السلطوية التي أشرنا إليها؛ هناك تأكيد شديد وسافر(ظاهر) على سلطة الأب (نؤكد بين يدي سموكم الكريمتين أننا على العهد باقون)، هناك إرادة في الخضوع (وفاء لا يقبل المساومة ولا يهتز مع مرور الأيام)، فضلاً عن رغبة في التبعية (ونُرضع ذات المشاعر للأبناء والأحفاد ولاءً يرثه الآتون عن الماضين)، وأخيراً إشهارٌ بالولاء (إننا رضعنا مشاعر الولاء والوفاء لكم). إن ابناً يتقن أداء هذه العلاقات، لابد وأن يكون مشمولاً برغيد العيش في (الأسرة الواحدة). وعلى العكس من ذلك (من يضمر سوءاً لهذا البلد ومقدراته من خلال استغلال أجواء الانفتاح والشفافية وحرية الرأي)؛ فهذا ممن لامناص عن مواجهتهم بـ(سد منيع)، متجسداً في (الأسرة الواحدة)، تلك التي خرج على سلطتها (سلطة الأب)، فصار أجنبياً عنها.
خلاصة القول هنا، إن العلاقات التي تخلقها استخدامات (الأسرة الواحدة) تندرج كلها في صالح التأكيد على سلطة أبوية/ بطركية تنبني على علاقة رأسية تمتد من (الأب) إلى (الأبناء). ويتولى النظام الأبوي إصدار سلسلة من المنطوقات التي تخدم دوام هذا الشكل من العلاقة. وبينما تنعدم فرصة الأبناء في صياغة أي علاقات جديدة تقوم على الاستقلال الذاتي، تنعدم، تبعاً لذلك، فرص التحول من (الأسرة الأبوية الواحدة) إلى (الأسرة الديموقراطية). وأمام الهوة السحيقة الواقعة بين "الأسرتين" يغدو الكلام عن "انتقال ديموقراطي" مجازاً بليداً!!

العائلة الواحدة والأوراق المندسة
هل شعار العائلة الواحدة يتوافق ومفهوم دولة المواطنية؟ وهل يحفظ لها أجواء المنافسة السياسية بين الفاعلين فيها؟
يتعين علينا للإجابة، أن نفكر في وحدة نظام اللامساواة، الذي يتشكل من خلال شعار العائلة الواحدة، مقابل نظام المساواة في دولة المواطنية، وفي تباين عناصر هذا الشعار وديناميكيات الاندماج والتشتت التي يخلقها، وعلى إثر ذلك يمكننا تحديد الوظائف والغايات (الأوراق المندسة) لشعار العائلة الواحدة، ومعها سندرك أن السياسة ليست فن الممكن فقط ، إنما فن المرواغة في استخدام اللغة والكلام أيضا؛ فاللغة المستخدمة سياسيا تمتلك طاقة جبارة على التحريض وإنتاج حقول التواصل أو التقاطع وقد تتنج أفعالا سياسية ضخمة أيضا.
الدولة والنوايا:
العائلة كوحدة اجتماعية تقوم على أساس النسب والقرابة والعصبية، كما تقوم على انحلال بعض الحقوق والواجبات، وقلما تلجأ إلى عقود للتعامل أو للتبادل، بناء على قيام العائلة على حسن النوايا وصدقها والمصالح الموحدة . في حين أن الدولة ليست كذلك مطلقا؛ فهي كيان اعتباري ينشأ بواسطة عقد سياسي محدد يشترط فيه الرضا والمشروعية لتنفيذ السلطة السياسية. إن الدولة تخلق لها المجال العمومي من خلال التداول التواصلي لقضاياها، لذا فهي تظل محتاجة دوما إلى إجراءات وآليات تحقق هذه الغاية، لا أن تقيدها أو تلغيها أو تشوهها .
من هنا فإن العائلة الواحدة كشعار يجب أن تكون في الامتداد الأفقي للدولة، وليس في الامتداد العمودي لها، أي أن تكون منفصلة عن إدارة الدولة وليست في صلبها.
إن العائلة الواحدة كمفهوم اجتماعي، عندما تُستدخل إلى الحقل السياسي، فإنها لا تفقد صلابتها وقوتها الطاردة والجاذبية المستمدة من مبدأ النسب والأسر والعصبية، بل تكتسب معها قوة إضافية مستمدة من طبيعة السلطة وهي الغموض والتقديس، وهو ما يتصادم ومبدأ التدوال والمجال العمومي والمساواة للدولة المواطنية. فالعائلة الواحدة بانخراطها في أجهزة الدولة تتيح مجالا قويا لبروز السلطة الخفية حيث يجتمع كبار أفراد العائلة وأبكارها لاتخاذ بعض القرارات وتمريرها عبر سلطة الإذعان والصمت أمام حكمة الشيوخ.
النتيجة الأخطر المتحصلة من هذا الاستدخال، هي أن يصبح الخضوع لقوة الدولة مكافئاً سياسيا للخضوع لقوة القرابة ولامتداد العائلة الواحدة في أجهزة الدولة؛ فالقرابة الدموية تحول إلى قرابة سياسية تستثمر الفئات والقوى الإجتماعية في تشكيل الإطار السياسي للدولة، وبالتالي السماح لنشوء تراتبيات هرمية اجتماعية متخلفة عن دولة المواطنية.
العائلة والأخوة الوزارء:
هذا الطراز من الانتقال والتحويل السفلي، يجعلنا نعتقد أن سلطة العائلة الواحدة كوحدة سياسية مدرجة في بنود دستور الدولة، لا يفقدها سلطتها التقليدية بل يتم تكييفها مع الأوضاع الجديدة، كما لو أن العائلة الواحدة بدأت كستار حقيقي لواقع التمييز والقسر والمركزية السياسية. وهي بذلك تسمح بأن تحوّل الأطر الديمقراطية إلى عوالم صغيرة تتجلى فيها الروابط التقليدية وتبرز ظاهرة "الإخوة الوزراء" عبر نقل سلطات العائلة إلى الدولة.
أما من ناحية المنافسة السياسية فإننا نلحظ أن شعار العائلة الواحدة غالبا ما يثار في أوقات الأزمات السياسية، أي وقت اشتداد المنافسة السياسية بين الفاعلين في الحقل السياسي. هذا التوقيت يؤدي في النهاية إلى إسباغ الطابع الأبوي للسلطة السياسية وعلى العملية السياسية برمتها، بشكل يجعلها تخرج خارج المنافسة؛ إذ من المعيب ومن غير اللائق منافسة الأب في سلطته ومناقشة بركته، فيصبح مبدأ فصل السلطات الذي هو أساس من أسس دولة المواطنية لاغياً، ويتحول العاهل (الحاكم) إلى أب للجميع، أب مشرّع وأب منفّذ وأب قاض من أجل إنتاج الإذعان الصامت والطاعة اللامشروطة.
08-06-2005, 02:14 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  العائلة المالكة السعودية: فهرس بأسماء الزوجات والأبناء الملوك والأمراء والأميرات ... العلماني 9 7,296 10-28-2012, 02:19 PM
آخر رد: * وردة *
  "هي دي مصر ياعبلة " طيف 8 2,942 03-06-2011, 09:37 PM
آخر رد: طيف
  ماهو مضمون مفهوم " الحضارة"؟ طريف سردست 15 8,428 06-30-2009, 03:51 AM
آخر رد: tornado
  لهذه الأسباب هنروح النار: قراءة في خطاب أوباما في جامعة القاهرة ليلين 10 3,832 06-16-2009, 03:39 PM
آخر رد: حمزة الصمادي
  ومازالت مصر بالمقدمة : أوباما يختار "عالماً مصرياً بارزاً" ضمن مجلسه الاستشاري ابن نجد 63 15,380 05-13-2009, 08:21 PM
آخر رد: السلام الروحي

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS