بعد تاريخ مخزي في ترسيخ واقع التبعية لأمريكا ، انتقل المدعو " فهد " مغتصب حكم بلاد الحرمين إلى القبر ، و رغم أنه كان مجرد حاكم رمزي ليس له من الأمر شيء بعد سنوات قضاها في مزبلة التاريخ إلا أن ذلك لم يمنع المنافقين من إعلان الحداد العام و تنكيس الأعلام ، و خرج عمرو موسى واصفا موته بالخسارة الكبيرة ، و الكل يعلم أنه لا خسارة في موته ، و لكن للنفاق واجبات و طقوس يجب تأديتها !

الاهتمام الإعلامي الضخم بموت " فهد " ليس إلا تعبيرا عن منظومة فكرية مبنية على تقديس الحكام العرب ، و تلك المنظومة تقوم على تسخير الإعلام الذي يسيطرون عليه لإبراز أخبار الحكام المملة و تصريحاتهم الساذجة في مقدمة النشرات و صدر الصفحات ، فإن مات أحدهم قامت الدنيا و لم تقعد ، ليستقر في نفوس المتلقين أن هؤلاء الحكام ليسوا مثل باقي الرعاع من الرعية ، و على الجميع توقير الحكام بما هم أهله و تقديم فروض الطاعة و الولاء لهم .

إن لا ننسي دور المدعو " فهد " و صاحبه الكويتي في فتح أبواب بلادهما للأمريكان و قواعدهم العسكرية
عام 1990 ليكون ذلك بداية الهيمنة الأمريكية في المنطقة .و التي مات على أثرها الآلاف في العراق عبر الحصار ثم عبر الغزو بعد ذلك . إن ذلك الفعل يضع فهد في مصاف عتاة الإجرام و رغم ذلك فالمجرم الآن مقدس من أذنابه الكثر .

و منظومة ( تقديس الحكام العرب ) لها طابع خاص في السعودية ، حيث تستغل الدولة العامل الديني أسوأ استغلال ، و ذلك بتعيين طائفة من العلماء ممن هم على شاكلة ابن باز لإضفاء الشرعية على كل فعل من أفعال الحكام المخزية نظير رشاوى مقنعة يسمونها الرواتب .

المشكلة الحقيقية في انسياق الإعلام المستقل وراء الإعلام الحكومي و مساعدته في ترسيخ منظومة التقديس الخادعة !

في داخل وعينا الشرقي المترسخ ننظر الى الحاكم كنظرتنا الى الاب و المخلص و الحامي و المنقذ و العبقري الذي وحده يعرف كيف يدير شؤوننا المعقدة بطرق غريبة و سرية لا يعرف احد عنها شيئا....

ما زلنا لم نستوعب بعد فكرة ان الحاكم هو مجرد موظف عادي يعيش على راتب يحدده له الشعب و ذلك للقيام برعاية شؤونه و لفترة محددة فقط ... و هو ان قام بشيئ من التحسين في اوضاع البلد فان ذلك اقل ما يمكن القيام به من واجباته التي يتقاضى عليها مرتبه, و لا يستحق عليها اي تعظيم استثنائي -فما بالك ان اهدر و خرب و بعثر كما الحال في حكامنا المساطيل؟؟

اقتباس:ما زلنا لم نستوعب بعد فكرة ان الحاكم هو مجرد موظف عادي يعيش على راتب يحدده له الشعب و ذلك للقيام برعاية شؤونه و لفترة محددة فقط

حاول ان تبتعد دائماً عن التعميم ، فالشعب الفلسطيني اعطانا درساً في الحرية وانتخب "ابو مازن" بأغلبية 60 % فقط ، مع ملاحظة ان لغة خطاب المسؤولين الفلسطينيين تتجه الي ترسيخ مفهوم دولة المؤسسات حيث البرلمان يحاسب الحكومة والرئيس.

كذلك نجد تحسناً ابطأ في مصر والاردن والمغرب وتونس..

وفي الجزائر تستحوذ المؤسسة العسكرية علي القوة ، وليس رئيس الجمهورية .

قد يصح كلامك جزئياً علي ليبيا وسوريا و دول الخليج ، مع ملاحظة ان شعوب كلاً من هذه الدول صار يملك وعياً سياسياً حاداً بالوضع وان فقد ادوات تغييره .

تحية

كلامي صالح للتعميم على كافة الدول العربية من الفها الى يائها بمن فيها جيبوتي و جزر القمر...

مع مراعاة الاختلافات الكمية الطفيفة في مقدار النظرة الابوية الى قادتها, فان كافة الشعوب العربية ما زالت تفصل بين "الحاكم" و "الرعية" و تعتبر ان شؤون الحكم هي امور مبهمة على الانسان العادي و ليست من اختصاصه بل هي عطية ربانية تسبغ على الحاكم ليتمكن من "تجشم" مصاعب السياسة و ماسيها...

اقتباس:كذلك نجد تحسناً ابطأ في مصر والاردن والمغرب وتونس..

و بالاخص و تحديدا في الدول اعلاه التي ذكرتها, تجد الصورة الابوية حاضرة في كل مكان تتجول فيه..

في المغرب كلما طار الملك الى اوروبا للتعريص و القمار يتم جمع الشعب المسكين كقطعان الماشية بغية توديعه على المطار و كذلك عند الاستقبال,

و في الاردن فان "جلالتو" هو الرياضي الاول و المثقف الاول و الفنان الاول و المخترع الاول... و يتندر الاردنيون بحيث يقولون فاز الرياضي فلان بالمركز الاول في السباحة بعد جلالتو!

في تونس فان لفتى الغرب المدلل الذي يجدد له و باستمرار و بدون اي ضجة او سؤال منذ عقود طويلة, فان لسيادته قصرا يشرف على المدينة و المرفأمن اعلى جبل و كأنه في السماء و ممنوع عليك حتى ان ترفع نظرك اليه و كأنك تنظر الى الله..

اما في مصر فاتركك مع الهدية التالية لتتأملها و تتأمل واقعنا المزري من المحيط الى الخليج...

اقتباس:  voodoo   كتب/كتبت  
في داخل وعينا الشرقي المترسخ  ننظر الى الحاكم كنظرتنا الى الاب و المخلص و الحامي و المنقذ و العبقري الذي وحده يعرف كيف يدير شؤوننا المعقدة بطرق غريبة و سرية لا يعرف احد عنها شيئا....

لا تنس أن هذه النظرة المسئول الأول عنها الإعلام الذي يسيطر على أفكار الشعب و يزيف و عيه ..
إدراك الصورة الحقيقية للحكام تعتبر مرحلة متقدمة من الوعي لا يصل إليها أغلب الناس

مقاتل

عندما كتبت عن هذا الموضوع في دار الندوة تم فصلي من هناك.

و عندما كتبت في نادي الفكر ثار بعض الزملاء علي من باب اذكروا محاسن موتاكم و انه لا يجوز الشماتة في الموت.

و كأنني أتحدث عن كنت أتحدث ابو بكر الصديق او صلاح الدين الأيوبي

يقال ان ثروة المذكور ((المعلنة)) و المصرح بها فاقت الـ 23 مليار دولار فلمن يا ترى كان يجمع أموال السحت هذه

((الذي جمع مالا و عدده * يحسب أن ماله أخلده))

اقتباس:إن لا ننسي دور المدعو " فهد " و صاحبه الكويتي في فتح أبواب بلادهما للأمريكان و قواعدهم العسكرية
عام 1990 ليكون ذلك بداية الهيمنة الأمريكية في المنطقة .و التي مات على أثرها الآلاف في العراق عبر الحصار ثم عبر الغزو بعد ذلك . إن ذلك الفعل يضع فهد في مصاف عتاة الإجرام و رغم ذلك فالمجرم الآن مقدس من أذنابه الكثر .

لدي تساؤل ، للزميل المقاتل : ذلك الفعل الذي تلومه على فهد وآل الصباح ، هل فعلوه ابتداء أم نتيجة احتلال الكويت والخفجي من قبل جيوش صدام ؟

أتمنى إجابة موضوعية ، ومنك أنت

و ماذا بقيت هذه الجيوش تفعل بعد 1990 وحتى الآن

و بأي حق كانت تنطلق كل يوم تقريبا من الأرض السعودية و الكويت و تقصف القرى و التجمعات السكانية العراقية داخل خطوط عرض ما كان يسمى مناطق حظر الطيران حتى قضى عشرات الآلاف من العراقيين نحبهم بسبب هذه الغارات الإجرامية.

اقتباس:لدي تساؤل ، للزميل المقاتل : ذلك الفعل الذي تلومه على فهد وآل الصباح ، هل فعلوه ابتداء أم نتيجة احتلال الكويت والخفجي من قبل جيوش صدام ؟

هل سمعت بالباخرة المحملة بالسكر و التي كان العراق بأمس الحاجة إليها في بداية الحصار يوم قام خنازير آل سعود بدفع مبلغ كبير حتى لا تفرغ في العراق.

ثم لماذا لا يضم صدام الكويت أليست أراض عراقية وولماذا يحق لخادم الانجليز و ربيبهم الوفي عبد العزيز آل سعود ضم بلاد الحجاز التي كانت دولة مستقلة و غيرها من البلاد و المناطق التي لم تكن يوما تابعة له و لا يحق لصدام ضم الكويت و التي هي أرض عراقية تابعة لمحافظة البصرة قبل ان يصنع منها الانجليز دولة لم يعترف بها أي من حكام العراق السابقين ولا توحيد البلاد حلال عليكم حرام على غيركم يعني.

هل سمعت كيف بذل حكامك الغالي و النفيس لإفشال الوحدة اليمنية و دعموا و شجعوا هم و الكويتيين حركة الانفصال.

هل تعرف ان السعودية هي التي تآمرت علي فرط اول وحدة عربية بين مصر وسورية، عن طريق الملايين التي دفعها للضباط السوريين ليقوموا بحركة انقلابهم.

صدقني سوف لا استغرب انك تشعر بالفخر و التباهي امام اقرانك لأن بلادك السعودية كانت منطلق العدوان على العراق و من اكثر الدول مساندة له .

لا تبرروا سقوط حكامك في مستنقع الخيانة و الحضيض الأخلاقي بتبريرات قد تخدع بها نفسك لكنك حتما لن تخدع الآخرين.

اقتباس:  voodoo   كتب/كتبت  
كلامي صالح للتعميم على كافة الدول العربية من الفها الى يائها بمن فيها جيبوتي و جزر القمر...

مع مراعاة الاختلافات الكمية الطفيفة في مقدار النظرة الابوية الى قادتها, فان كافة الشعوب العربية ما زالت تفصل بين "الحاكم" و "الرعية" و تعتبر ان شؤون الحكم هي امور مبهمة على الانسان العادي و ليست من اختصاصه بل هي عطية ربانية تسبغ على الحاكم ليتمكن من "تجشم" مصاعب السياسة و ماسيها...

اقتباس:كذلك نجد تحسناً ابطأ في مصر والاردن والمغرب وتونس..

و بالاخص و تحديدا في الدول اعلاه التي ذكرتها, تجد الصورة الابوية حاضرة في كل مكان تتجول فيه..

في المغرب كلما طار الملك الى اوروبا للتعريص و القمار يتم جمع الشعب المسكين كقطعان الماشية بغية توديعه على المطار و كذلك عند الاستقبال,

و في الاردن فان "جلالتو" هو الرياضي الاول و المثقف الاول و الفنان الاول و المخترع الاول... و يتندر الاردنيون بحيث يقولون فاز الرياضي فلان بالمركز الاول في السباحة بعد جلالتو!

في تونس فان لفتى الغرب المدلل الذي يجدد له و باستمرار و بدون اي ضجة او سؤال منذ عقود طويلة, فان لسيادته قصرا يشرف على المدينة و المرفأمن اعلى جبل و كأنه في السماء و ممنوع عليك حتى ان ترفع نظرك اليه و كأنك تنظر الى الله..

اما في مصر فاتركك مع الهدية التالية لتتأملها و تتأمل واقعنا المزري من المحيط الى الخليج...

بالفعل , كلامك ينطبق على معظم الدول العربية... شعوبنا حتى الان تقدس حكامها للاسف .....

اعتقد انه ليس من مصلحة احد استخدام الاسلوب التعميمي المتشائم في موضوع نظرتنا للحكام ، فلا يمكن مقارنة دولة كمصر بدأ يتمأسس فيها المجتمع المدني منذ القرن التاسع عشر ، بدولة كجزر القمر لا تمتلك الا ثلاث طائرات في اسطولها الجوي. ولن تتشابه سوريا بكل ما تفور به من تيارات سياسية ودينية ، بقطر التي لا يزيد عدد ناخبيها عن خمسة وعشرين الف ناخب ، والاصرار علي هذا الخطاب هو نوع من جلد الذات ، الذي قد يفضي الي الاكتئاب المرضي .
قد انقضي وولي عصر الشعوب التي تري في قائدها اباً لها ، كالشعب الروسي قبل الثورة البلشفية 1917 حيث كان الفلاحون الروس يهددون جلاديهم بأنهم سيشكونهم للقيصر(الذي امر بالجلد في الحقيقية) ، واعتقد ان شعوبنا -حتي ادناها حضارياً- هو بعيد بأميال عن هذه المهزلة.
اما ردودك فكلها تعميمات لا تحتاج للتعليق عليها ، اريدك فقط ان تعرف ان نظام الحكم في الاردن دستوري ملكي مثل برطانيا ، فكما لا نجد احداً في برطانيا يهاجم الملكة ويطالب باقالتها ،فلا تتوقع ان تجد احداً يهاجم الملك بدون سبب. الجيد في الاردن هو ان هناك ادوات شرعية , معقولة ، للتغيير.
وبالمناسبة : هديتك عن مصر فلا تدل علي "النظرة الابوية" كما تقول بل تدل ببساطة علي النفاق المستشري في مصر ، وهذا انا لا انكره ، فأن تات لي بامتحان وضعه مدرس منافق يحاول التزلف الي رؤسائه لا يعني هذا بأي حال من الاحوال ان شعب مصر يري مبارك "الاب الذي يسير الامور بطريقة مبهمة..الخ"

تحية