{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
حقائق وزير الحقيقة البعثي .. بقلم : ياسين الحاج صالح
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
حقائق وزير الحقيقة البعثي .. بقلم : ياسين الحاج صالح
حقائق وزير الحقيقة البعثي .. بقلم : ياسين الحاج صالح

في محاضرة ألقاها في مدينة الرقة يوم 16/7/2005، قال وزير الإعلام السوري السيد مهدي دخل الله، إن الكتّاب السوريين الذين يكتبون في جريدة "النهار" اللبنانية و"القدس العربي" التي تصدر في لندن و"السياسة" الكويتية يقبضون 1500 دولار أميركي على المقالة الواحدة، قبل أن يضيف إنهم مشاريع كتّاب في "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.

لندع الجانب التقديري من كلام دخل الله، المتصل بالجريدة الإسرائيلية جانبا، وإن كنا سنعود إليه لتقدير مدى كراهية "رجل الدولة" السوري لقطاع من مواطنيه يخالفونه الرأي والموقف السياسي. ولنتوقف الآن عند معلومة الـ 1500 دولار. كاتب هذه السطور يكتب في "النهار" منذ أربع سنوات ونصف سنة تقريبا. وينشر فيها، في ملحقها الثقافي في الخصوص، بمعدل مقالتين كل شهر. هذا يعني انه يكسب من "النهار" 3000 دولار، أو 160 ألف ليرة سورية شهريا. سنويا أكثر من 1,9 مليون ليرة. المجموع 156 ألف دولار خلال 4 سنوات ونصف سنة، أي حوالى 8 ملايين وربع مليون ليرة سورية. متوسط دخل الفرد السوري حوالى 1000 دولار سنويا. ويعيش مرتاحا إن كان دخله 3000 او 4000 دولار سنويا، وبـ 6 آلاف دولار، يعيش حياة كريمة، وبـ12 ألف دولار سنويا يعيش "ملكا"، يشتري ما يشاء ومن يشاء تقريبا. أما 36 ألف دولار، وهو المبلغ، الذي يفترض ان أناله سنويا فيكفي وحده لشراء بيت معقول لمن ليس لديه بيت. ويكفي نصفه لشراء سيارة جيدة. الباقي يمكن المرء أن يشتري به عقارات اخرى او يودعه في بنوك لبنان وربما سويسرا.

ولو اني كرست جهدا أكبر للكتابة في "ملحق النهار" لنشرت مقالا كل أسبوع، ولكان دخلي الشهري 6000 دولار، حوالى 320 ألف ليرة؛ والسنوي 78 ألف دولار، اي أكثر من 4 ملايين ليرة سورية. وخلال أربع سنوات ونصف سنة أكثر من 350 ألف دولار، اي قرابة 16 مليون ونصف مليون ليرة سورية. وهو يتجاوز المداخيل التي يفترض أن ينالها السيد دخل الله ودزينة من زملائه الوزراء من وظائفهم في "خدمة الشعب السوري" خلال الفترة نفسها.

طيّب. انا مستعد لمبادلة ما أملك بما يملكه سيادة الوزير وحده. واتبرع له فوق ذلك بما أتقاضاه من الصحف الأخرى التي اكتب فيها. ولا ريب أن مجموع كتّاب "النهار" السوريين، ممن أعرف او لا أعرف، مستعدون لمشاركتي في الصفقة. فهل يرضى السيد الوزير؟

أما المقالات الثلاثة او الأربعة التي كتبتها في "القدس العربي" فتكفي لثلاث او اربع سهرات عامرات مع لوازمهن مما يشتهى وممن يشتهي. وللأسف لم اكتب في الصحيفة الكويتية لأن رئيس تحريرها يذكّرني، اسما وسياسة، برئيس تحرير سابق لجريدة "البعث" السورية.

لنتوقف عن السخرية، ونتكلم بنصف صراحة: الكلمة الأنسب لوصف معلومات وزير المعلومات السوري، بحسب ما يسمّى في اللغة الانكليزية، ليست لائقة؛ الكلمات اللائقة في المقابل لا يمكن أن تفي سيادته وحقائق سيادته ما هما جديران به من... احترام. اين الحقيقة؟ جريدة "النهار" تدفع للكتّاب السوريين المواظبين على النشر فيها مبلغا يقل أو يزيد قليلا على 100 الف ليرة لبنانية اي حوالى 70 دولارا، 3600 ليرة سورية، تزيد قليلاً أو تنقص. الكتّاب الذين يكتبون بصورة متقطعة، يحدث أن لا تنزل أسماؤهم على قوائم المحاسبة في "النهار" ولا ينالون ثمرة عملهم. اما جريدة "القدس العربي" فلا تدفع شيئا لغير الكتّاب الذين تستكتبهم. وشخصيا لم أنل، وأصلا لم أطالب، قرشا واحدا على ما كتبت فيها.

على أن كلام الوزير المسؤول عن تزويد الشعب السوري الحقائق، يضمر أن الكتاب السوريين يكتبون في "النهار" وغيرها وليس في "البعث" و"الثورة" و"تشرين" لأسباب مادية. هذا صحيح، تماماً مثلما هو صحيح أن العمال السوريين في لبنان يعملون هناك لأسباب مادية. والمقارنة مع العمال مضيئة هنا. فالكاتب السوري يتقاضى، قياساً الى ما يتقاضاه كاتب في البعث ، أجرا يوازي أجر العامل السوري في لبنان قياسا إلى العامل السوري في بلده. نحن أيضا عمال سوريون. ومثل العمال السوريين الآخرين نعمل في لبنان لأن أبواب فرص العمل في بلدنا مسدودة في وجوهنا. لكن هل ينشر المثقفون السوريون في لبنان لأسباب مادية حصراً؟ ما يجدر بالسيد دخل الله معرفته أن معظم المثقفين المعنيين هم من نوع العاملين الذين لا يكادون يقرون أصلا بفارق بين سوريا ولبنان على المستوى المعنوي، ولا يجدون مشكلة البتة في الاختلاف السياسي. كثيرون من المثقفين، هنا وهناك، هم التجسيد الأنبل، بل الوحيد، للإخوة والشراكة بين سوريا ولبنان وبين شعبيهما. هذا رغم أنهم ليسوا من المغرمين بحكايات شعب واحد في بلدين و سوا ربينا التي تنقلب في الممارسة عداء فظاً وشوفينية مبتذلة. كان سمير قصير شهيدنا المشترك.

نكتب في لبنان كي نكتب بحرية نفتقر إليها في بلدنا. نكتب ونحن نجازف بما لا يمكن معادلته بثمن: حريتنا. ولعل "وزير الحقيقة" البعثي يعلم أن كثيرين منا تعرضوا لمساءلات أمنية لأنهم كتبوا في "النهار" وغيرها. كاتب هذه السطور أحدهم.

لعله كذلك يتذكر أن مثقفين ديموقراطيين سوريين كتبوا قبل قرابة 5 سنوات في جريدة "الثورة" أيام رئاسة المرحوم محمود سلامة لتحريرها. هل كتبوا من أجل المال؟ ولماذا كفّوا بعد أشهر قليلة عن الكتابة فيها، يا رفيق؟

على أن الوزير السوري يستحق الشكر على ما قاله. كثيرون كانوا يسألوننا: كيف تفسرون ان الحكومة تسمح لكم بالكتابة المعارضة في لبنان؟ كان جوابي الشخصي أن الحكومة لم تسمح لنا ابدا بذلك. انها ليست مسرورة أبدا بأننا نجد منابر نكتب فيها، إنها تجد نفسها أمام خيار سيئ وخيار اسوأ. السيىء ان نكتب وتهاجمنا على طريقة وزير المعلومات، الأسوأ ان نكتب وتعتقلنا وتحاكمنا على آرائنا. وها هي اقوال الوزير توفر علينا عناء مزيد من الشرح.

الخلاصة أن علاقة كلام الرفيق الوزير بالصدق ترتفع إلى مستوى علاقة وكالة "سانا" به يوم غطت أنباء اعتصام 10 آذار 2005 احتجاجا على حال الطوارئ المعمّرة، أو يوم عرضت النسخة "الصحيحة" مما جرى في القدموس أواسط شهر تموز الجاري، أو علاقة جريدة "تشرين" بالصدق يوم نشرت حديثا لعميد الأسرى السوريين في الجولان، هايل ابو زيد، وحذفت ثلثيه وأضافت إليه بعض حقائقها الخالدة، ما سمّته ليلى صفدي من الجولان "الإضافات التي اعتقدوا... أن هايل كان يجب أن يقولها!!".

سيكون من المنير للرأي العام، على أي حال، أن يعدد الوزير أسماء الكتّاب السوريين في جريدة "النهار" ويحصي أملاكهم من سيارات مرسيدس وليموزين ومزارعهم وأراضيهم في الرقة والحسكة وأرصدتهم في البنوك الأجنبية وأبناءهم المتعددي الجنسية.

يديعوت احرونوت!

هل سنكتب يوما في "يديعوت احرونوت"؟ كلام الوزير واحد من شيئين: إما أن لديه معلومات حول نية كتّاب سوريين النشر في الجريدة الإسرائيلية، وهو مطالب في هذه الحال بتقديمها الى الرأي العام، وبخاصة لكونه وزير الشفافية، وإما هو "شلف" غير مسؤول للكلام، ما يوجب أن يحاسب عليه.

المضمر في كلامه أن غسان تويني وعبد الباري عطوان وأحمد الجار الله هم في "منزلة بين منزلتين": منزلة الوطنية القراح التي تمثلها جريدة "البعث" مثلا، وفي الخصوص ايام رئاسته لتحريرها، ومنزلة الخيانة التي تمثلها الكتابة في "يديعوت أحرونوت". فمن يكتب في الصحف التي يرأس تحريرها تويني وعطوان إنما يجري"معسكرا تدريبيا" للكتابة في "احرونوت" بحسب فتوى "رجل الدولة" البعثي.

من جهتنا نتساءل: لماذا من السهل على المسؤولين السوريين ان يخوّنوا مواطنيهم؟ لماذا تفلت أعصابهم بسهولة في اي نقاش ويلجأون إلى اغتيال خصومهم معنويا؟ هل يقول ذلك شيئا عن هؤلاء الخصوم أم عن السادة المسؤولين؟ وهل يسأل هؤلاء المسؤولون عما يقولون أم ان حصانتهم هي حصانة من المسؤولية أولا؟ ولماذا يستحيل على مسؤول إسرائيلي ان يتهم أحدا من حركة "السلام الآن" مثلا بالخيانة، فيما التخوين هو أول ما يلجأ إليه مسؤولون بعثيون وجبهويون حيال خصومهم السياسيين في البلد؟ ربما نتذكر أن وزير إعلام سابقاً لدخل الله كان اكتشف ان مفهوم المجتمع المدني لا يستخدم إلا في اميركا، موحيا ان مستخدميه السوريين أتباع للاميركيين. وأسعفه وقتها وزير دفاع سابق حين أعلن ان النشطاء من مواطنيه عملاء للسفارات الأجنبية، وانه يملك ارقام جوازاتهم وتواريخ سفرهم إلى عواصم "أسيادهم" المفترضين. ولا يشذ عن منطق احتكار الوطنية هذا تفضل مسؤولين سوريين آخرين بوصف المعارضة بالوطنية أحيانا. ترى ما هي مؤهلاتهم لإصدار هذه الأحكام؟

آلات تخوين

يعطي كلام الوزير البعثي فكرة عن حدة الصراع السياسي والفكري في سوريا بين الديموقراطيين والمستقلين وبين نظام الحزب الواحد. أن يلجأ الطرف الثاني في هذا الصراع إلى اسلحة الدمار المعنوي الشامل، التخوين والإخراج من الوطنية، يثير انطباعا بأن قضية الديموقراطيين تتقدم رغم ما يبدو عليهم من ضعف وتشتت. وبينما قد يفترض المرء أن سلطة تملك الدولة وحزبا من مليوني شخص لن تلجأ إلى أسلحة مطلقة، يفترض ان تكون محرمة وطنيا، في مواجهة خصم أضعف منها بكثير، فإن لجوءها الفوري إلى هذه الأسلحة مؤشر الى شعورها بالحصار وإفلاسها الأخلاقي والفكري والسياسي.

السلاح الآخر في نضال الرفيق الوزير هو تهم تتصل بالمال والفساد. هل يصدر ذلك عن آلية نفسية إسقاطية؟ أم هو إدراك مجرب لجبروت المال؟ أم ربما رغبة دفينة في احتكار منافذ الدخل جميعا؟ واين يتوطن الفساد؟ حيث التقاء السلطة والمال وتقييد النقاش العام العلني ام في أوساط "عمال الثقافة" الذين لم يشتهر احد منهم بثراء بينما عرف غير قليل منهم ببؤس مقيم؟

وكما هو واضح، تغيب فكرة الدولة والسياسة عن تفكير الرفيق دخل الله الذي يتكلم ويتصرف كطرف خاص، يحمل كل طرفيته وحزبيته، في صراعه السياسي والإيديولوجي والأخلاقي مع مواطنيه الذين يخالفونه الرأي. الدولة ليست إطارا عموميا لخوض هذا الصراع وتسويته بل اداة يستخدمها أهل السلطة لكسب المواجهة وسحق الأعداء. لذلك ليس ثمة أية حواجز فكرية او اخلاقية تقف في وجه نزعات دخل الله وامثاله التخوينية. في هذا ما يشير إلى أن الوطنية التي يصدرون عنها بلغت من الخواء وفراغ المضمون مرتبة أن ارتد أصحابها إلى آلات تخوين فحسب.


النهار

08-01-2005, 01:39 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  رجال للبيع ... بقلم : محمد نور كرديش بسام الخوري 2 806 03-08-2006, 11:15 AM
آخر رد: SonofSun

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS