{myadvertisements[zone_1]}
من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟
الراعي غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 637
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟
[SIZE=4]من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟


1 - القديـس لوقـا:

يُذكر القديس لوقا في رسائل القديس بولس الرسول بالطبيب الحبيب “ يسلم عليكم لوقا الطبيب الحبيب “ (كو4 :14)، والعامل معه “ مرقس وارسترخس وديماس ولوقا العاملون معي “ (فل24). كما يذكره كالصديق الوفي الذي ظل معه وحده بعد أن تركه الآخرين “لوقا وحده معي “ (2تي4 :11). ويتكلم القديس لوقا عن نفسه في بداية الإنجيل وبداية سعر الأعمال كالكاتب لكليهما بضمير “أنا “ “رأيت أنا أيضاً “ (لو1 :3)، “ الكلام الأول أنشأته ياثاوفيلس 000 “ (أع1 :1). ثم يتكلم عن نفسه بعد ذلك في سفر الأعمال بضمير المتكلم الجمع “ نحن “، “ نا “ عندما نقابله للمرة الأولى كرفيق للقديس بولس من تراوس بعد أن ظهرت لبولس “ رؤيا في الليل رجل مكدوني قائم بطلب إليه ويقول أعبر إلى مكدونية وأعنا. فلما رأي الرؤيا للوقت طلبنا أن نخرج إلى مكدونية متحققين إن الرب قد دعانا لنبشرهم “ ويستمر بعد ذلك في استخدام ضمير المتكلم الجمع “ فأقلعنا 000 وتوجهنا 00- فأقمنا 000 خرجنا 000 فجلسنا وكنا نكلم 000 وبينما كنا ذاهبين 000 استقبلنا 000 بولس وإيانا “ (أع16 :9 -17). وقد أصطحب القديس بولس إلى فيلبى. ويبدو أنه ظل هناك بعد رحيل القديس بولس وسيلا إلى كورنثوس (سنه 51م) لرعاية الكنيسة الناشئة، حيث يستبدل فجأة ضمير المتكلم “ نحن “ إلى “ هم “ (أع17 :1). وبعد سبع سنوات أخرى (سنه 58م) ينضم للقديس بولس ثانيه عندما مر بفيلبي في رحلته الأخيرة إلى أورشليم وتوقف لمده أسبوع في تراوس (أع20 :5و6). فمن تلك اللحظة يعاود القديس لوقا استخدام الضمير “ نحن “ و “ وأما نحن فسافرنا 000 ووافيناهم 000 صرفنا “ (أع20 :5-7)، “ وأما نحن فسبقنا إلى السفينة وأقلعنا 000 الخ “ (أع21 :1-18).
ويستمر في استخدام ضمير المتكلم الجمع هكذا حتى وصول القديس بولس ومن معه إلى روما وإقامته وحده مع حارسه “ ولما أتينا إلى رومية 000 وأما بولس فأذن له أن يقيم وحده مع العسكري الذي كان يحرسه (أع26 :16) “. وكان مع القديس بولس أو كان قريباً منه في رحلته إلى روما التي وصفها وصفاً دقيقاً وكان معه مدة سنتين في قيصرية وظل معه إلى نهاية سجنه الأول في روما (سنة 63م). وكانت أخر إشارة لوجوده مع القديس بولس هي عندما تحدث عن استشهاده " لوقا وحده معي “ (2تي11 :4).
وقال بعض الآباء إنه من إنطاكية بسوريا ومما يبرهن على ذلك هو إشاراته الكثيرة إلى إنطاكية في سفر الأعمال، فقد وضعها في مكانة خاصة، فكانت نقطة البدء في رحلات القديس بولس، وفيها دعي التلاميذ مسيحيين أولاً “ ودعي التلاميذ مسيحيين في إنطاكية أولاً “ (أع11 :26) ومن الشمامسة السبعة يذكر أن أحدهم من إنطاكية “ نيقولاوس دخيلاً إنطاكياً “ (أع6 :5)، دون أن يذكر قومية الستة الآخرين. وقدم في السفر معلومات كثيرة عن الكنيسة في إنطاكية (أع 19:11-30؛ 1:13-3؛ 1:15-3، 22-35).

000 يتبع

الراعي / عمانوئيل

07-30-2005, 01:51 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
الراعي غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 637
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #2
من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟
2 - الكاتب وشهادة الآباء عنه
أجمع أباء الكنيسة على أن كاتب الإنجيل الثالث هو القديس لوقا الذي تبع الرسل وتلميذ بولس الرسول. وقد أقتبس منه الآباء واستشهدوا بآياته منذ نهاية القرن الأول، واستخدموه بكثافة أكثر منذ بداية القرن الثاني. ولكن هؤلاء الآباء اقتبسوا واستشهدوا بآيات الإنجيل بأوجهه الأربعة باعتبارها “ أقوال الرب “ وكلمة الله الموحى بها، والتي استلموها أولاً شفاهة وحفظوها، ثم سلمت لهم مكتوبة بعد ذلك. ولذا فلم يهتموا بذكر مصدر الإنجيل أو السفر الذي اقتبسوا منه أو استشهدوا بآياته لأنها جميعاً تحتوى على “أقوال الرب “ وأعماله. ولكن مع ظهور كتب أخرى في أوساط الهراطقة دُعيت أناجيل ونُسبت لكتابها من الهراطقة أو لبعض الرسل، بدأ أباء الكنيسة يحددون الأناجيل القانونية الموحى بها ويميزونها عن الكتب الأبوكريفية الزائفة. وهكذا ظهرت قوائم بالكتب القانونية الموحى بها وأخذ أباء الكنيسة يدافعون في كتاباتهم عن الأناجيل والأسفار التي كتبها الرسل بوحى الروح القدس وعن صحتها وقانونيتها. ومن ثم بدأ أباء الكنيسة منذ منتصف القرن الثاني يذكرون الأناجيل بأسماء جامعيها ومدونيها بالروح القدس من الرسل وكذلك بقيه أسفار العهد الجديد.
أما فيما يختص بالإنجيل للقديس لوقا فقد أقتبس منه وأستشهد به أباء الكنيسة وتلاميذ الرسل، كما اقتبس منه يوستينوس الشهيد كثيراً وذكر نزول قطرات العرق مثل الدم من الرب يسوع المسيح عندما كان يصلى في بستان جثسيماني، والتي لم تسجل إلا في هذا الإنجيل فقط.
وينسب العلامة الإنجليزي وستكوت 50 إشارة لتاريخ الإنجيل و70 حقيقة خاصة برواية القديس لوقا أدخلها يوستينوس في حواره مع تريفوا.
+ كما أقتبس منه إنجيل بطرس الأبوكريفي كثيراً،
+ واستخدمت الرسالة الثانية المنسوبة لأكليمندس كثيراً من آياته،
+ وضمه تاتيان في كتابه الرباعي “ الدياتسرون “.
فيقول أحد العلماء ويدعي بلامر “من الثابت إنه في النصف الثاني من القرن الثاني، كان هذا الإنجيل معترفاً بصحته كسفر موحى به ومن المستحيل إثبات إنه لم يكن معترفاً به من قبل ذلك بكثير “.
وقال آخر ويدعي بولخر “ يتفق القدماء بالإجماع على إن الكاتب هو لوقا تلميذ بولس الذي ذكره في رسالته إلى فليمون “.
ومنذ الربع الأول من القرن الثاني أستخدمه الهراطقة مثل باسيليدس (Refut. Her. 7:2,25,26.) الذي علم في الإسكندرية حوالي (120م)، وسردوا Cerdo الذي عاش في بداية القرن الثاني والذي يتكلم عنه ثيودوريت Thedoret، وماركيون (حوالي 140م) الذي أختار هذا الإنجيل فقط من الأناجيل الأربعة مع عشر من رسائل بولس الرسول كقانونه الوحيد، وترك صديقه هيراكليون تفسيراً لهذا الإنجيل مع إنجيل يوحنا ما تزال صفحات منه باقية وقد أشار إليه أكليمندس الأسكندرى (Strom. 4:9,73).

كما شهد لكتابه القديس لوقا لهذا الإنجيل الثالث كل الترجمات السريانية البشيتا واللاتينية القديمة واللاتينية الثانية التي تمت في شمال أفريقيا في عصر مبكر جداً، وكذلك الترجمة القبطية الصعيدية.
+ وأقتبس منه أيضا كتاب “البطاركة الأثنى عشر “ المكتوب فيما بين سنه 100 و 120م. وقد أقتبس منه 22 كلمة نادرة منها 19 كلمة نادرة لم يستخدمها أي كاتب معاصر آخر، كما أقتبس 24 كلمة من سفر الأعمال منها 20 كلمة لم توجد في أي سف آخر من أسفار العهد الجديد سوى أعمال الرسل فقط.

+ وجاء في الوثيقة الموراتورية (170م) “ كتاب الإنجيل الثالث، الذي بحسب لوقا، هذا الطبيب لوقا، أخذه بولس معه بعد صعود المسيح كخبير في الطريق (التعليم)، دونه باسمه حسب فكره. مع أنه لم يرى الرب في الجسد، ولأنه كان قادراً على التحقق منه، فقد بدأ يروى القصة من ميلاد يوحنا “.

+ وجاء في الكتاب المسمى “ مقدمه ضد المارسيونيين- Anti Marcionite Prologue “. الذي أشتهر في الكنيسة الرومانية، ويرجع إلى النصف الثاني من القرن الثاني “ لوقا سوري انطاكى، سوري السلالة، طبيب المهنة، أصبح تلميذاً للرسل، وتبع بولس الرسول أخيراً حتى استشهاده (بولس)، وخدم الرب بإصرار، لم يتزوج، ولم يكن له ولد، أمتلئ بالروح القدس، ومات في الرابعة والثمانين من العمر في بيوثية. فبعد أن كُتب الإنجيل الذي لمتى في اليهودية والإنجيل الذي لمرقس في إيطاليا، قاده الروح القدس لكتابه إنجيله هو في إقليم أخائية، ويذكر في مقدمته أن كتابات أخرى قد دونت قبله، لكن تراءى له ضرورة تدوين سيره كاملة وشاملة للمؤمنين من أصل يوناني “ (Anci. Chr. Gos. P.335.).

+ وقال إيريناؤس أسقف ليون “ ودون لوقا – الذي كان ملازماً لبولس - في كتاب الإنجيل الذي أعلنه بولس “ (Ag. Haer. B.3 Ch. 1:1 and 3 Ch 14:1.).

+ وقال ترتليانوس في شمال أفريقيا اعتادت الكنائس الرسولية أن تقرأ الإنجيل بحسب لوقا، ولأن لوقا هو تلميذ بولس وصاحب الإنجيل الذي أعتمده مارسيون دون سواه (Ag. Mar. 4,5.).

+ وقال أكليمندس الأسكندرى، إن المسيح وُلد في عهد أغسطس قيصر “ كما هو مكتوب في الإنجيل الذي بحسب لوقا “.
+ وقال العلامة اوريجانوس “ والثالث كتبه لوقا، وهو الإنجيل الذي أقره بولس، وكُتب من أجل المنتصرين من الأمم “ (يوسايبوس ك6 ف6:25).
+ وقال يوسايبوس القيصري “ أما لوقا الذي كان من أبوين أنطاكيين، والذي كان يمتهن الطب، والذي كان صديقاً حميماً لبولس ومعروفاً عند سائر الرسل، فقد ترك لنا في سفرين قانونيين براهين على موهبة الشفاء الروحي التي تعلمها منهم. أما أحد هذين السفرين فهو الإنجيل الذي يشهد بأنه كتبه كما سلمه الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة. والذين قد تتبعهم من الأول بتدقيق. وأما السفر الثاني فهو أعمال الرسل الذي كتبه لا بناء على رواية الآخرين بل بناء على ما رآه هو بنفسه. ويقال أن بولس كلما قال “ بحسب إنجيلي “ (رو 16:2،25:16،2تى 8:2) إنما كان يشير إلى هذا الإنجيل الذي بحسب لوقا كأنه يتحدث عن إنجيله هو “ (يوسايبوس ك3 ف6:4).
وهكذا شهدت الكنيسة منذ البدء في الشرق والغرب في الشمال والجنوب إن كاتب الإنجيل الثالث الروح القدس هو القديس لوقا تلميذ الرسل ورفيق القديس بولس.

تحياتي

الراعي / عمانوئيل
08-02-2005, 01:19 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
الراعي غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 637
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #3
من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟
3 - خصائص الإنجيل وأسلوبه:
وصف بولس الرسول القديس لوقا بـ " الطبيب الحبيب “، وكان القديس لوقا، كما جاء عنه في كتابات الآباء، وكما يبدو لنا من أسلوبه في التدوين والكتابة سواء في الإنجيل أو في سفر الأعمال، شخصية متعددة الجوانب والمواهب، فقد كان طبيباً وأديباً وشاعراً وفناناً واسع الفكر، ورحالة غير محترف ولكن معتاد على الرحلات البحرية وله خبرة واسعة بها، إلى جانب كونه تلميذاً للرسل ومسيحياً يونانياً وكارزاً عملاقاً، دون الإنجيل وسفر الأعمال بالروح القدس. وكان ذو ثقافة عالية ومؤرخاً دقيقاً يرى الدارسين أنه أحسن كاتب يوناني بين الإنجيليين الأربعة، ويقول رينان عن إنجيله هذا " أنه أروع كتاب في العالم “، وقد استخدم مفردات كثيرة، فهو غنى بالمفردات وإيقاعي في تراكيبه، وكمؤرخ فهو حريص جداً ودقيق إلى أبعد حد. ويبدأ الإنجيل بمقدمة مؤرخ، وهى، كما يرى العلماء، أبلغ قطعة في العهد الجديد، وعندما يبدأ في رواية أحداث ميلاد يوحنا المعمدان والرب يسوع المسيح في الإصحاحين الأول والثاني، يبدو اللون العبري والصبغة العبرية واضح جداً أكثر من بقية أجزاء الإنجيل، فهو يسجل أناشيد زكريا والعذراء القديسة مريم وأليصابات وسمعان الشيخ، والتي يترجمها من العبرية والآرامية، وكذلك نشيد الملائكة كآخر المزامير العبرية وأول الترانيم المسيحية، فهذا الجزء من الإنجيل عبري يوناني وبقية الإنجيل يوناني خالص.
كما تميز الإنجيل الثالث، هذا، بمفردات كثيرة عن الأناجيل الثلاثة الأخرى إذ يتميز وحده بـ 180 تعبير في حين يتميز الإنجيل للقديس متى بحوالي 70 والإنجيل للقديس مرقس بـ 44 والإنجيل للقديس يوحنا بـ 50 تعبير. وكطبيب فقد استخدم عبارات واصطلاحات طبية كثيرة مثل " المفلوج، جراح، ضمد، صب زيتاً وخمراً، مضروباً بالقروح، الجذع، يغشى من الخوف(176) “، وأهتم بمعجزات شفاء المرضى، ويتحدث عن الأمراض بدقة، واتفق في وصفه للأمراض مع كُتاب الطب القديم مثل جالينوس، فوصف حمة حماة بطرس بأنها " حمة شديدة(177) “ والروح الذي كان على الابن الوحيد لأبيه " فيصرعه(178) “ والمرأة التي كانت بها روح ضعف " كانت منحنية(179) “، وهو وحده إلى سجل قول المسيح " على كل حال تقولون لي هذا المثل أيها الطبيب أشف نفسك(180) “، ولأنه طبيب فقد تكلم عن الأطباء بلهجة مخففة عن لهجة القديس مرقس في نفس الحديث، فيقول " وامرأة بنزف الدم منذ اثنتي عشرة سنة وقد أنفقت كل معيشتها على الأطباء ولم تقدر أن تشفي من أحد(181) “، ويقول القديس مرقس “ 000 وقد تألمت كثيراً من أطباء كثيرين وأنفقت كل ما عندها ولم تنتفع شيئاً بل صارت إلى حالة أردأ(182) “.
وقد كتب القديس لوقا الإنجيل الثالث للمسيحيين من الأمم، وبصفة خاصة اليونانيين، كما كتب القديس متى لليهود والقديس مرقس للرومان والقديس يوحنا للمتقدمين في الإيمان من يهود ورومان ويونانيين ومن كل الأمم. ومن ثم فقد شرح القديس لوقا مواقع المدن الفلسطينية وأسمائها “ مدينة من الجليل اسمها ناصرة(183) “، “ كفر ناحوم مدينة من الجليل(184) “، وكذلك المسافات بين البلاد “ قرية بعيدة عن أورشليم ستين غلوة اسمها عمواس(185) “، وشرح عادات اليهود “ وقرب عيد الفطير الذي يقال له الفصح(186) “. ولأنه كتب للأمم فقد ركز على تدوين المواقف والأحداث التي تؤكد وتبين أن المسيح جاء ليخلص جميع الأمم والشعوب من جميع الخطايا والأتعاب ومن جميع الأمراض، ومن فقد تجنب تسجيل جميع الأقوال التي قال فيها الرب يسوع إنه أرسل إلى خراف بيت إسرائيل أولاً، وعلى العكس من ذلك فقد سجل الأحداث التي تمجد الأمم وتفتح الطريق أمامهم للخلاص الأبدي مثل قائد المئة الذي بنى لليهود مجمعاً “ يحب أمتنا وهو بنى لنا المجمع(187) “، ومثل السامري الصالح الذي كان أكثر صلاحاً من اللاوي والكاهن اليهوديين(188)، والسامري الذي شفاه الرب يسوع له المجد من برصه وعاد ليشكره في حين كان معه تسعة من اليهود لم يفعلوا مثله(189).
كما ركز على تدوين الأقوال والأعمال التي تؤكد شمولية الخلاص وعموميته، وأن المسيح قد جاء مخلصاً وفادياً لكل البشرية في العالم كله من كل جنس ولون ولسان، وليس اليهود فقط، ولذا يرجع بنسب الرب يسوع المسيح إلى آدم، أب البشرية كلها “ ابن آدم ابن الله(190) “، وكانت بشارة الملاك وجمهور الجند السماوي للرعاة تعلن ميلاد مخلص كل البشرية “ إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب 000 المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة(191) “، ويعلن سمعان الشيخ بالروح القدس أن المسيح جاء لخلاص جميع الشعوب والأمم “ لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور إعلان للأمم ومجداً لشعبك إسرائيل(192) “، في نبوّة اشعياء عن يوحنا المعمدان معد الطريق للمسيح، يقول “ ويبصر كل بشر خلاص الله(193) “. وهو وحده الذي يسجل قول المسيح عن إرسالية إيليا للأرملة الوثنية في صرفة صيدا(194)، وتطهير أليشع لبرص نعمان السرياني(195). وهو وحده الذي يسجل إرسالية السبعين رسولاً(196) والذين يتفق الجميع إنها كانت للأمم، كما يسجل شفاء المسيح لعبد قائد المئة الروماني(197)، كما يسجل قول الرب يسوع المسيح “ يأتون من المشارق ومن المغارب ومن الشمال والجنوب ويتكئون في ملكوت الله(198) “، كما يسجل إرسال المسيح لتلاميذه ورسله ليكرزوا بالإنجيل لجميع الأمم وإلى أقصى الأرض “ وأن يكرز باسمه (المسيح) بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأً من أورشليم(199) “، “ وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض(200) “.
كما دون الأحداث والأقوال التي تقدم الرب يسوع المسيح صديق الخطاة وفاديهم ومخلصهم الرحيم، ومريح التعابى وشافي المرضى من جميع أمراضهم وأتعابهم، ومحب البشرية والراعي الصالح الذي يبحث عن الضال في مثل الخروف الضال “ هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة(201) “، وفي مثل الابن الضال “ أبنى هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجد(202) “، وفي مثل الدرهم المفقود “ هكذا أقول لكم يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب(203) “، وكذلك في مثال الفريسى والعشار(204)، قدم المسيح غافر الخطايا مهما كانت، وفي قصة المرأة الخاطئة(205)، نرى المسيح الذي يبرر حتى الزواني. وعلى الصليب يقدم لنا المسيح الذي غفر لصالبيه “ يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون(206) “، وعلى الصليب أنها يقبل توبة اللص المصلوب التائب ويعده بالفردوس(207).
كما يقدم المسيح محب الإنسانية، الذي يحب الجميع كأفراد، فهو يهتم حتى باحقر الناس، ويحب الوضيع والمحتقر ويعطف على المريض، بل ويعطف حتى على الزوانى والعشارين ويدعوهم للتوبة، ويطوب المساكين والفقراء بالروح والجائعين، ويشفي المقعد والعرج والأعمى، ويحب السامريين ويوبخ على التعصب الأعمى ضدهم ويرفض الانتقام من القرية السامرية التي رفضت استقباله وينتهر يعقوب ويوحنا لأنهما طلبا أن تنزل نار من السماء لتهلك هذه القرية “ وقال لستما تعلمان من أي روح أنتما. لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص(208) “، ورفض الفكر الطائفي “ من ليس معي فهو على. ومن لا يجمع معي فهو يفرق(209) “.
ويسجل الأحاديث والأحداث التي تقدم لنا المسيح كإنسان، فهو يدون قصة طفولته وميلاده بالتفصيل، فيذكر الحبل به بالروح القدس(210) وميلاده في الشهر التاسع(211) من الحبل به وختانه في اليوم الثامن لميلاده(212) ونموه في القامة والحكمة كإنسان “ وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس “(213)، كما يسجل سموه وتفوقه منذ صبوته، فيذكر جلوسه في الهيكل كمعلم وسط العلماء وهو في سن الثانية عشر واهتمامه بما للأب “ ينبغي أن أكون في ما لأبى(214) “. ويذكر صلاته بجهاد ولجاجة في البستان ونزول “ عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض(215) “ وظهور ملاك له من السماء ليقويه كإنسان(216).
ويقدم المسيح الذي يكرم المرأة من خلال تسجيله لقصص مجموعة من النساء البارات القديسات، فيقدم العذراء القديسة مريم “ الممتلئة نعمة “ والتي استحقت أن تدعي بـ “ أم الرب(217) “ لأنها ولدت الإله المتجسد، وأليصابات التي عرفت بالروح القدس المسيح وهو جنين في بطن أمه وحيت والدته(218)، وحنة النبية التي ظلت في الهيكل ولم تفارقه “ نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً(219) “، ومريم أخت لعازر التي اختارت النصيب الصالح الذي لن ينزع منها(220) “، ومرثا أختها المضيافة، ومريم المجدلية ويونا وسوسنة وبقية النساء التلميذات اللواتي “ كن يخدمنه من أموالهن(221) “، ثم يذكر عطف الرب يسوع المسيح على النساء المتألمات مثل أرملة نايين التي كانت تنوح على وحيدها الذي مات، فأقامها لها الرب(222)، والمرأة الخاطئة التي دهنت قدميه بالطيب وبدموعها ومسحتها بشعرها(223)، ونازفة الدم التي صرفت كل معيشتها على الأطباء(224)، والمرأة المنحنية(225)، والأرملة التي أعطت كل ما لديها لله(226)، وكذلك إشفاقه على بنات أورشليم اللواتي كن ينحن عليه وهو حامل الصليب(227). فقدم لهن الرب يسوع الحنان والحب والعطف والكرامة في عصر لم يبالى بالنساء وفي مجتمع كان الرجل فيه يشكر الله لأنه لم يخلقه امرأة، وكان الكتبة والفريسيون يجمعون أرديتهم في الشوارع والمجامع لئلا يلمسوا امرأة، وكان يعتبرونها جريمة أن ينظر رجل لامرأة غير محجبة. ولكن الرب يسوع المسيح عطف على المرأة ورفعها وكرمها واخرج من امرأة سبعة شياطين.
كما قدم المسيح محب الأطفال؛ إذ يضع هالة مقدسة وسحر سماوي على الطفولة التي تخلد الفردوس وتقدم البرآة في عالم خاطيء، فهو وحده الذي روى تفاصيل طفولة المعمدان وتفاصيل طفولة الرب يسوع المسيح وختانه وصبوته. ويروى لنا قصص “ الابن الوحيد لأمه “ ابن أرملة نايين، وأبنة يايرس الوحيدة، والابن الوحيد الذي كان به روح يصرعه.
وأخيراً يقدم لنا إنجيل الشعر الروحي؛ يقول الدارسون أن الإنجيل للقديس لوقا هو إنجيل الترانيم والتسبيح والتمجيد، وأفضل مرنم وأول كاتب ترانيم مسيحي هو القديس لوقا. فهو يقدم الشعر الروح والديني الذي يستقر على حقائق وحق أبدى، والإنجيل كله مملوء بالحيوية الدرامية والتشويق، إذ يبدأ بالشكر والتسبيح. ويفيض الفصلين الأولين فيه بالفرح الاحتفالي والسرور والبهجة، أنهما فردوس من شذى الأزهار، وعزف بأحلى الألحان السمائية يرتل أجمل الترانيم والمزامير العبرية المسيحية السمائية، وفيهما نسمع تسبحة أليصابات وتسبحة القديسة مريم وبركة زكريا وترنيمة المجد التي شدت بها الملائكة في الأعالي، وتمجيد سمعان الشيخ بلسان الأجيال ووحي الروح القدس، ترانيم وتسابيح أبدية. والإنجيل كله ملئ بتمجيد الله وحمده، ففيه نرى الرعاة “ وهم يمجدون الله ويسبحونه على كل ما سمعوه ورأوه وقيل لهم(228) “ بعد مشاهدتهم للطفل الإلهي، والمفلوج الذي شفاه الرب “مضى إلى بيته وهو يمجد الله(229) “، وجميع الذين شاهدوا معجزة شفائه أخذتهم “ حيرة ومجدوا الله وامتلئوا خوفاً قائلين أننا قد رأينا اليوم عجائب(230) “، وعندما أقام الرب ابن أرملة نايين من الموت “ أخذ الجميع خوف ومجدوا الله(231) “، وبعد أن شفي المرأة التي كان بها روح ضعف “ استقامت ومجدت الله(232) “، والسامري الذي شفاه الرب من البرص “ رجع يمجد الله بصوت عظيم(233) “، والأعمى الذي شفاه الرب بالقرب من أريحا “ تبعه وهو يمجد الله. وجميع الشعب إذ رأوه سبحوا الله(234) “.

_______________

الهوامش :
(176) أنظر لو 18:5، 24؛ 30:10-35؛ 2:16-25؛ 13:14؛ 26:21
(177) لو 38:4
(178) لو 39:9
(179) لو 11:13
(180) لو 23:4
(181) لو 43:8
(182) مر 25:5،26
(183) لو 26:1
(184) لو 31:4
(185) لو 13:24
(186) لو 1:22
(187) لو 5:7
(188) لو 33:10
(189) لو 15:17
(190) لو 38:3
(191) لو 11:2،13
(192) لو 29:2-32
(193) لو 6:3
(194) لو 26:4
(195) لو 27:4
(196) لو 1:10
(197) لو 2:7-10
(198) لو 29:13
(199) لو 47:24
(200) أع 8:1
(201) لو 7:15
(202) لو 24:15
(203) لو 10:15
(204) لو 10:18
(205) لو 48:7
(206) لو 34:23
(207) لو 43:23
(208) لو 55:9،56
(209) لو 23:11
(210) لو 35:1
(211) لو 6:2
(212) لو 6:2.
(213) لو 52:2.
(214) لو 49:2
(215) لو 44:22
(216) لو 43:22
(217) لو 43:1
(218) لو 42:1
(219) لو 37:2
(220) لو 42:10
(221) لو 2:8،43
(222) لو 11:7
(223) لو 37:7
(224)
(225) لو 11:13
(226) لو 1:21-4
(227) لو 27:23-29
(228) لو 20:2
(229) لو 25:5
(230) لو 26:5
(231) لو 16:7
(232) لو 13:13
(233) لو 15:17
(234) لو 43:18
____________________

تحياتي

الراعي / عمانوئيل

08-09-2005, 09:05 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
الراعي غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 637
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #4
من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟

4 - مصادر الإنجيل وتاريخ تدوينه:
ويبدأ القديس لوقا الإنجيل الثالث بالمقدمة التالية " إذ كان كثيرون قد أخذوا يدونون قصة تلك الأحداث التي جرت يقيناً بيننا. كما تسلمناها من أولئك الذين رأوا بأعينهم وكانوا خداماً للكلمة. رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شئ منذ الابتداء بتدقيق، أن أكتبها لك بحسب ترتيبها أيها العزيز ثيئوفيلوس. حتى تتحقق من صحة تلك الأمور التي تعلمتها(235) “.
ومن هذه المقدمة نعرف الحقائق التالية:
+ إنه كان هناك كثيرون قد سبقوا القديس لوقا في تدوين رواية التسليم الرسولي كما سلمه تلاميذ المسيح ورسله شهود العيان.
+ وهذه الأحداث التي جرت كانت معاصرة للقديس لوقا وكانت معروفة لديه معرفة يقينية " التي جرت يقيناً بيننا “، وقد تسلمها من الرسل شهود العيان الذي تبعهم وتتلمذ على يديهم وكرز معهم.
+ وقد قام هو أيضاً بتدوين ما عمله وعلمه الرب يسوع المسيح متتبعاً كل شئ من الأول بتدقيق وسجل كل شئ ودونه بحسب ترتيبه الصحيح وبكل دقة المؤرخ المدقق وروحه.
فقد تبع القديس لوقا تلاميذ المسيح ورسله شهود العيان واستلم منهم الإنجيل شفاهة وأجزاء منه مدونة، حيث زار الكنائس الرسولية الرئيسية فيما بين أورشليم وإنطاكية وروما، وكرز مع مؤسسيها وقادتها من الرسل وخدم معهم وتعامل معهم مباشرة. فقد تقابل مع القديسين بطرس وبرنابا ومرقس في إنطاكية، كما تقابل مع القديس مرقس أنها في روما، وفي أورشليم تقابل مع يعقوب أخي الرب وكثيراً من الرسل والشيوخ الذين كان الكثيرون منهم ما يزالون أحياء(236)، وكان في إمكانه أن يقابل العذراء القديسة مريم هناك أيضا، وذلك في رحلة القديس بولس الأخيرة، كما قابل فيلبس المبشر وبناته ومن كان معهم من الرسل في قيصرية وقضى سنتين مع القديس بولس فيها(237). وكان أمامه خلال سنوات سجن القديس بولس الأربع في قيصرية وروما وقت كافي ليقوم بعملية جمع شاملة للتسليم الرسولى الشفوي والمكتوب والذي استلمه من الرسل شهود العيان مباشرة، وليقوم أيضا بدراسة واسعة وبحث دقيق للاستلام والحصول على المعرفة والمعلومات والنصوص والآيات سواء المكتوبة أو المحفوظة شفوياً. وكان أمامه كم كبير من الأقوال والأعمال التي تسلمها من الرسل شهود العيان ومن العذراء القديسة مريم والتي تسلم منها روايات وأحداث الفصلين الأولين، خاصة أحداث الحبل بالمسيح وميلاده وطفولته وصبوته، ويشير هو نفسه إلى ذلك بقوله “ وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها(238) “، " وكانت أمامه تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها(239) “. ويحتمل أنه قابلها فيما بين سنة 57 وسنة 59 م (أو 58-60).
وكان عليه أن يختار بإرشاد الروح القدس وينتقى بدقة مما تسلمه سواء شفاهة أو مكتوب، ويقوم بتدوين الإنجيل وكتابته على التوالي وبحسب الترتيب الدقيق والصحيح للأحداث وهو مسوق من الروح القدس الذي قاده وعلمه وأرشده وذكر أثناء التدوين والكتابة وساعده على اختيار الأقوال والأعمال بحسب الهدف الذي كان يكتب الإنجيل لأجله وبحسب غاية الروح القدس نفسه وتوجيهه وإرادته، وحفظه من الخطأ والزلل وعصمه.
وقد كُتب الإنجيل للقديس لوقا فيما بين سنة 58 و 63 م قبل انتهاء سجن بولس في روما، وقد كتبه قبل كتابة سفره الثاني، سفر أعمال الرسل قبل إلى يتقرر مصير بولس الرسول حيث ينتهي السفر والقديس بولس أسير في روما.

___________________

الهوامش :

(235) لو 1:1-4
(236) 1كو 6:15
(237) أع 24-26
(238) لو 19:2
(239) لو 51:2

الراعي / عمانوئيل

08-13-2005, 02:31 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
العميد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 934
الانضمام: Jul 2003
مشاركة: #5
من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟
عزيزي الراعي والأعزاء القراء

في هذا الرابط نجد الرد مفصلاً على ما تفضل به الراعي في حوارنا السابق معه .

http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?t...=21260&pid=#pid

تحياتي


العميد
08-14-2005, 02:04 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
god help us غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 529
الانضمام: Jun 2004
مشاركة: #6
من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟
سلام ومحبة للاستاذ الفاضل العميد (f)
متمنيا من الله أن تكون بخير وسلام وناجحا في حياتك الروحية والعملية

اقتباس:  العميد   كتب/كتبت  
عزيزي الراعي والأعزاء القراء  

في هذا  الرابط نجد الرد مفصلاً على ما تفضل به الراعي في حوارنا السابق معه .

http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?t...=21260&pid=#pid

تحياتي  


العميد

نشكرك عزيزي العميد علي وضع رابط موضوع النقاش القديم حول كاتب إنجيل لوقا

وأظنك تتفق معي بأن الزميل الاستاذ الراعي ليس من اللذين يفتحون مواضيع بطريقة عشوائية بدون هدف لكن لابد هناك أسباب جعلته يعيد فتح الموضوع مرة ثانيا , منها مثلا الطريقة الأكثر تنظيما وترتيبا والتي يمكن أن نستفاد منها جميعا(f)

ومن ليديه تعليق منا علي كلامه فاليتفضل

وفي الاعادة إفادة

خاصة في مثل هذه المواضيع الهامة والتي نحتاج للنقاش فيها بين الحين والآخر .

تقبل محبتي (f)








تسجيل متابعة (f)

08-15-2005, 04:00 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
الراعي غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 637
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #7
من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟
العلماء ومصادر الإنجيل للقديس لوقا كما ورد في كتاب تفسير إنجيل لوقا للأب متى المسكين :

يبتدىْ ق. لوقا انجيله ( 1: 1- 4) بمقدمة تعطيه الصفة الرسمية بأعتباره تجميعاً لنصوص وحقائق على اساس تقليد يقوم على الرؤية العينية , ومن افواه خدام رسميين للكلمة , حيث يقصد التلاميذ والرسل الذين يتتبعهم فى سفر الاعمال بشخصياتهم واقوالهم وطبائعهم وكرازتهم . فهو يقدم تسجيلات تاريخية موقعة على هيئة احداث وتعاليم , بعد فحص ومتابعة ومثابرة متأنية استترت وراء الحوادث , ولكن تنطق بقدرة ق. لوقا كمؤرخ وباحث ملهم لا يكتفى بالعرض والتسجيل ولكنه يصنع من العرض والتسجيل بشارة الهية مفرحة تحمل معياراً لاهوتياً عالى المستوى . فالقديس لوقا فى انجيله على مستوى الانجيل الذى كتبه , فهو لاهوتى يسجل لاهوتيات , وفى هذا يهدف ان يقدم خبراً صحيحاً دقيقاً كاملاً محققاً على مستوى الصدق والحق معاً , بترتيب ينطق بعبقرية النظام زالتتابع الالهامى .
وهو كغيره من الانجليين يقدم تقليداً رسولياً غير انه يخفى علاقة لاهوتية وفكرية تعليمية بالقديس بولس الرسول لا يسهل العثور عليها مباشرة , فهى منسوجة مع روايته .
وفى نفس الوقت يحمل مصادر واضحة ومباشرة من انجيل ق. مرقس بألفاظها و اسلوبها , فلغة ق. مرقس تكشف هوية صاحبها شاء الناقل او لم يشأ.
والعالم جوانس وايس الذى فصص انجيل ق. لوقا تفصيصاً على اساس بحثى متين قد وجد اننا :[ اذا اسثنينا الاصحاح الاول والثانى , ثم الخاتمة التى تبدأ من ( 24: 9) حتى النهاية , ثم بأخراج الجزء من ( 6: 20) والاخر من ( 9: 51) حتى ( 14: 8) يكون كل ما بقى من انجيل لوقا بأكمله سواء فى ترتيبه او صيغته الخاصة جداً هو اعتماد كلى على انجيل ق. مرقس ].
اما انجيل القديس متى كمصدر استقى منه القديس لوقا فى انجيله , فالعالم أ هـ . و . ماير يؤكد ان ق. لوقا اعتمد على القديس متى فى الاجواء غير الموجودة عند القديس مرقس , ولكن وايس خالفه فى ذلك . اذ يقول وايس ان القديس لوقا استقى الاقوال من مصادر رسولية اقدم من انجيل متى , والتى تحتوى على مادة تاريخية اكثر من انجيل ق. متى اما اماكن اخذ القديس لوقا من هذه المصادر الرسولية الاقدم فهى معروضة فى الاجزاء التى تضمنها ق. لوقا فى انجيله والتى ذكرناها اعلاهو وقد نقلها ق. لوقا بوضعها والفاظها زنطامها . ويقرر العالم نورتون ان انجيل القديس لوقا لا نجد فيه سوى عشرة فقط منقولاً بحروفه من بقية الاناجيل , والتسعة اعشار الاخرى هى من صياغته الخاصة . وبالتحليل الدقيق قد لا تزيد النسبة عن واحد على عشرين , حيث قصد ق. لوقا فى الاجزاء التى اقتبسها من الاناجيل الاخرى ان يكتبها بلغته الخاصة ويعيد صياغة الترجمة ليعطيها صفة الاصالة التى التزمها على نفسه .
وبالرغم من ان مادة انجيل ق. لوقا تبدو ضعف ما حواه ق. مرقس , الا اعتمد فى هذا عليها كليهما ولكن بأسلوبه الخاص .
اما فيما غير الانجليين متى ومرقس كمصادر لانجيل ق. لوقا فتقف اقوال الرسل انفسهم اما السفاهية او المكتوبة , كمصدر ثالث هام للغاية . فأنجيل ق. لوقا يحمل الاصالة الرسولية الرسمية بكل تأكيد , ذلك بشهادة الكنيسة الاولى خاصة ما جاء فى القوانين الرسولية . علماً بأن علاقة ق. لوقا بالقديس بولس تبرز ذاتها بكل تأكيد , وقد انحدر الينا رسمياً من اقوال القديس ايرينيئوس ما يؤكد هذا :
[ ولكن لوقا وهو رفيق بولس وضع فى كتابه الانجيل الذى كان بولس يبشر به ]
وهذا الامر نفسه لفت نظر كل من اوريجانوس ويوسابيوس وجيروم , اذا رأوا ان انجيل ق. لوقا اثماً تخطط حاملاً اصطلاحات ق. بولس الذى كان يسميه ق. بولس " انجيلى" ( رو 2: 16) ويقيناً اطلع ق. لوقا ودرس واستفاد من الرقوق والكتب التى يحملها ق. بولس فى اسفاره :" الرداء الذى تركته فى ترواس عند كاربس , احضره متى جئت , والكتب ايضاً ولا سيما الرقوق "( 4: 13).
كذلك لا يمكن ان نغفل المقدار الهائل الذى استوعبه ق. بولس من المسيح رأساً والذى شاركه فيه ق. لوقا واستوعبه :" لاننى تسلمت من الرب ما سلمتكم ايضاً ان الرب يسوع ... الخ "( 1كو 11: 23) علماً بأن غالبية العلماء يضعون تاريخ كتابة انجيل ق. لوقا قبل كتابة سفر الاعمال الذى ينتهى فجأة اثناء زمن سجن ق. بولس فى روما . اى ان الانجيل كتب فى اول زمن سجن ق. بولس فى روما :" واقام بولس سنتين كاملتين فى بيت استأجره لنفسه وكان يقبل جميع الذين يدخلون اليه "( اع 28: 30). هذا ما كتبه . قلوقا بنفسه فى سفر الاعمال . وهكذا جلس ق. لوقا يسمع ويكتب من فم ق. بولس , وهذا للاسف الشديد لم يدخل فى حسبان كثير من الذين تعرضوا لشرح انجيل ق. لوقا , وفات على الجميع مقدار تأثير ق. بولس الشديد فى انجيل ق. لوقا غير ان ق. لوقا لم يشر الى ذلك بل تركه للقارىْ ان ق. لوقا كان مع ق. بولس فى السفينة التى اقتلهما الى روما وتحطمت بهما على شواطىْ مالطة , , وعانى مع ق. بولس الغرق والاشراف على الموت , ثم جلس بجوار ق. بولس يكتب هذه القصة بدقائقها وبقية سفر الاعمال النفيس .
كيف اخذ القديس لوقا من المصادر الموضوعة امامه ونسج منها قصة واحدة :
بقدر ارتفاع قيمة المصادر واهميتها وفرادتها يأخذ ق. لوقا اهميته وفراداته فى انجيله , وقد سبق ان قلنا ان اول مصدر هام وفريد التجأ اليه ق. لوقا هو انجيل ق. مرقس كأساس لانجيله . ولكن هناك مصدر اخر اقترحه العلماء واعطوه اسم Q , وهو يمثل فى الحقيقة الجزء المشترك بين انجيل ق. لوقا وانجيل ق. متى غير موجود فى انجيل ق. مرقس . وينحصر فى حوالى 200 ايه لا يظهر منها شىْ فى انجيل ق. مرقس . وهذه الوثيقة اعتبرت مفقودة ولكن يظن ان تتابع اجزائها كان اقرب لانجيل ق. لوقا اكثر مما لانجيل ق. متى .
على الابحاث الحديثة اظهرت ان ق. لوقا لم يعتمد على ما جاء فى انجيل ق. متى , ولكن كلا من ق. وق. متى اخذ بدوره من نفس الوثيقة Q كل حسب اسلوبه ؛ بل يظن ان هذه الوثيقة ذاتها Q كان يوجد لها اكثر من نسخة منقحة .
على ان قصة الميلاد التى سجلها ق. لوقا فى الاصحاحين الاولين لا يوجد لها مثيل فى اى من الاناجيل , لذلك اعتبرت انها منقولة بحد ذاتها من مصدر اعطاء العلماء حرف L وهكذا اتحدث الوثيقتان فى انجيل ق. ق. لوقا Q + L مع ما جاء فى انجيل ق. مرقس . على ان ما جاء فى تسجيل فصل الالام يعتبر خاصاً بالقديس لوقا .
وعلى العموم يبدوا واضحاً ان الدقة التى التزمها ق. لوقا فى تأليف انجيله ترجع بالدرجة الاولى الى اهمية ورسوخ التقليد فى هذه المصادر التى اخذها عنها ق. لوقا : سواء انجيل ق. مرقس او وثيقة Q او L .
فأذا اردنا معرفة المزيد عن كيف استخدم ق. لوقا هذه المصادر التى اعتمد عليها , يلزمنا ان نعمل مقارنة بين انجيلى ق. لوقا و ق. مرقس والوثيقة كما اخذها القديس متى . وهذه الدراسة قام بها العالم بوركت الذى اكتشف ان ق. لوقا ولو انه لجأ الى بعض التصرف فى الاخذ من انجيل ق. مرقس , الا انه لم يخرج عنه كثيراً . على ان ق. لوقا بعد ان اعتمد على انجيل ق. مرقس , عاد فأجرى على كل ما دون مراجعة منهجية غيرت قليلاً من الشكل الذى اعتمد عليه , وهذا نراه بوضوح اذ اصبح لانجيل ق. لوقا وانجيل ق. لوقا اسلوبه الموحد والمميز . ولكن هذا لم يعق الباحثين من العلماء عن عمل دراسة مقارنة بين انجيل ق. مقارنة بين انجيل ق . لوقا وانجيل ق. مرقس ذات موضوعية من جهة النص . وفيها اكتشفوا ان التغيير الذى اجرأه ق. . لوقاعلى ما اخذه من انجيل ق. مرقس اصاب بدايات الفقرات ونهايتها واحتفظ بالمضمون كما هو . كذلك اجرى قلمه على سرد الرواية مع حفظ صحة المقولات , على انه كان شديد الحرص ان يحتفظ بكل ما اخذه من المصادر دون تغيير .
اما فى رواية الالام فظهر كيف كان ق. لوقا يضم المصادر ليستخرج منها الوقائع بتسلسل .
على ان ق. لوقا التزم بترتيب الاحداث كما جاءت فى انجيل ق. مرقس حيث اتبع ق. مرقس دون انحراف . ولكن ق. لوقا لم يلتزم بتحديد الاوقات او الاماكن التى اوردها ق. مرقس اذ ترك ق. لوقا الاوقات والاماكن بلا تحديد .
اما الاختلاف فى اللاهوت المنهجى بين ق. لوقا . مرقس فيظهر بوضوح كان ق. مرقس حريصاً اشد الحرص على سرية المسيانية فى كل اقوال واعمال المسيح بأهتمام بالغ على مدى الانجيل كله , بينما نجد هذا غير وارد عند ق. لوقا ، ا اهتم بأمور أخرى رآها أكثر أهمية . فبدت تعاليم المسيح و صورته مغايرة فى انجيل ق. لوقا عن ما هى فى انجيل ق. مرقس.
كما كان يحلو للقديس لوقا أن يغير من الدقائق التى اهتم بها ق. مرقس، فمثلاُ فى مثل الزارع نجد الذى سقط على الأرض المحجرة عند ق. مرقس مات اذ ليس له جذر (أصل)، أما عند ق. لوقا فجف و مات لأن ليس له رطوبة، وهذا التعديل بالذات يوضح كيف أن ق. لوقا يلتزم بالحقائق دون الوسائل , فى أخذه من المصادر

000 يتبع

الراعي / عمانوئيل

09-06-2005, 02:49 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
الراعي غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 637
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #8
من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟
[SIZE=5]6 – تعليق على اعتراضات سبق أن أثيرت:

1 - يقول الاعتراض الأول : " من يدّعي شيئاً فعليه إثباته ، والمسيحيون هم من يدعّي أن كاتب " إنجيل لوقا " هو لوقا ، فإذن على المسيحيين إقامة الدليل على دعواهم ، وإلا كما هو معروف أن كل دعوى بلا برهان فهي ساقطة مردودة ، والدعوى المجردة لا يعجز عنها أحد ، فكل إنسان يستطيع أن يدّعي ما يشاء وكيف يشاء ".

ونقول للزميل المسيحيين لم يدعوا شيء على أحد ولا يفرضون شيء على أحد ، بل هم يؤمنون بناء على ما تسلموه من الكنيسة ، فقد سلم المسيح الإيمان لتلاميذه الذي عاشوا معه والتصقوا به ، بل وأكلوا وشربوا معه ، حتى بعد قيامته من الموت كما يقول القديس بطرس " الكلمة التي أرسلها إلى بني إسرائيل يبشر بالسلام بيسوع المسيح.هذا هو رب الكل. انتم تعلمون الأمر الذي صار في كل اليهودية مبتدئا من الجليل بعد المعمودية التي كرز بها يوحنا. يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيرا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس لان الله كان معه. ونحن شهود بكل ما فعل في كورة اليهودية وفي أورشليم.الذي أيضا قتلوه معلقين إياه على خشبة. هذا أقامه الله في اليوم الثالث وأعطى أن يصير ظاهرا ليس لجميع الشعب بل لشهود سبق الله فانتخبهم.لنا نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات وأوصانا أن نكرز للشعب ونشهد بان هذا هو المعين من الله ديانا للأحياء والأموات. له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا " (أع10 : 36-43).
وقال أيضاً " لأننا لم نتبع خرافات مصنعة إذ عرّفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه بل قد كنا معاينين عظمته. لأنه اخذ من الله الآب كرامة ومجدا إذ اقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى هذا هو ابني الحبيب الذي أنا سررت به. ونحن سمعنا هذا الصوت مقبلا من السماء إذ كنا معه في الجبل المقدس. وعندنا الكلمة النبوية وهي اثبت التي تفعلون حسنا أن انتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضع مظلم إلى أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم عالمين هذا أولا أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص. لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس " (2بط1 : 16-21).
وقال القديس يوحنا " الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة. فان الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضا شركة معنا. وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح. ونكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملا " (1يو1:1-4).
هذا الذي عاشه وعاينه الرسل سلموه لتلاميذهم وخلفائهم ممن تسميهم الكنيسة بالآباء الرسوليين ، أي تلاميذ الرسل وخلفائهم ، وهؤلاء بدورهم سلموه لمن تتلمذوا على أيديهم حتى وصل إلينا في تقليد مكتوب ، لذا يقول الكتاب " مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية " (أف2 :20). ويقول القديس يهوذا تلميذ المسيح وأخو يعقوب المعروف بـ " يعقوب أخا الرب " (غل1 :19): " أيها الأحباء إذ كنت اصنع كل الجهد لأكتب إليكم عن الخلاص المشترك اضطررت أن اكتب إليكم واعظا أن تجتهدوا لأجل الإيمان المسلّم مرة للقديسين " (يه 3).
فقد سُلم التعليم الشفوي والمكتوب من التلاميذ لخلفائهم في الكنيسة في الشرق والغرب. وقد انطلقت الكنيسة الأولى في أربعة اتجاهات رئيسية هي أورشليم وإنطاكية في آسيا والإسكندرية في أفريقيا ، وآسيا الصغرى (تركيا حاليا) واليونان وروما إلى الليريكون (رو15 :19) في أسبانيا في أوربا ، وقرطاجنة في شمال أفريقيا ، إلى جانب جزر البحر المتوسط مثل مالطة وقبرص وكريت 000 الخ وقد ترك التلاميذ والرسل خلفهم من أعدوهم وتلمذوهم على أيديهم. وفي كل هذه البلاد كانت الكنيسة تحفظ ما تسلمته من التلاميذ والرسل سواء شفاهتة أو مكتوب .
(1) وكان على رأس الكنيسة في روما القديس أكليمندس الإسكندري تلميذ بولس الرسول والذي يقول عنه القديس بولس أنه جاهد معه في الإنجيل (في4 :3). والذي قال عنه يوسابيوس القيصري في تاريخه ، أنه كان أسقفا لروما ومساعداً للقديس بولس(1)، وقال عنه القديس جيروم سكرتير بابا روما (343 – 420م) ؛ " هذا هو الذي كتب عنه الرسول بولس في الرسالة إلى فيلبي "(2)، والذي تعرف على الكثيرين من الرسل وتعلم منهم ، يقول عنه القديس إريناؤس أسقف ليون (120 -202م) " أسس الرسل الطوباويون الكنيسة (كنيسة روما) وبنوها وسلموا الأسقفية للينوس 000 ثم خلفه اناكليتوس ، وبعده الثالث من الرسل صارت الأسقفية لاكليمندس . هذا الرجل رأى الرسل الطوباويين وتحدث معهم وكانت كرازتهم لا تزال تدوي في أذنيه وتقاليدهم ماثلة أمام عينيه . ولم يكن هو وحده في هذا لأنه كان يوجد الكثيرون الباقون من الذين تسلموا التعليم من الرسل "(3). كما قال عنه العلامة اوريجانوس (185 -230 -254) " أكليمندس الذي رأى الرسل حقاً "(4).
هذا القديس أشار في رسالته التي أرسلها إلى كورنثوس(5)، والتي كتبها حوالي سنة 96م ، وهي واحدة من أقدم الوثائق الكنسية بعد العهد الجديد ، إلى تسليم الرب يسوع المسيح الإنجيل للرسل ومنحهم السلطان الرسولي فقال " تسلم الرسل الإنجيل من الرب يسوع المسيح ، ويسوع المسيح أًرسل من الله . المسيح ، إذا ، من الله والرسل من المسيح وينبع الجميع من إرادة الله بترتيب منظم . وقد حمل الرسل بشارة اقتراب الملكوت السماوي بعد أن استمدوا معرفتهم من قيامة السيد المسيح وتأكدوا من كلام الرب بالروح القدس " . كما أشار إلى ما جاء في الأناجيل الثلاثة الأولى وأقتبس منها على أساس أنها أقوال المسيح ، وكلمة الله التي يجب أن تطاع فقال :
 " تذكروا أقوال الرب يسوع كيف قال : ويل لذلك الإنسان (الذي به تأتى العثرات) كان خير له أن لا يولد من أن يكون حجر عثرة أمام مختاري ، كان خيراً أن يعلق (في عنقه) حجر رحى ويغرق في أعماق البحر من أن يعثر أحد مختاري " ( 7:46،8 مع مت16:18؛24:26؛مر42:9؛لو2:17) .
 " لنذكر على وجه الخصوص أقوال الرب يسوع التي قالها عندما كان يعلم الوداعة وطول الأناة لأنه تكلم هكذا : ارحموا ترحمون . اغفروا يغفر لكم . وكما تفعلون يعطى لكم ، وكما تدينون تدانون ، وكما تعطفوا يظهر لكم العطف "( 1:13، 2) كما اقتبس في (ف8:46) ما جاء في متى24:26 ولوقا1:17،2 .
(2) وكان القديس أغناطيوس (30 - 107م) أسقفاً لإنطاكية بسوريا وتلميذاً للقديس بطرس الرسول وقال عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري (340م) " أغناطيوس الذي اختير أسقفاً لإنطاكية خلفاً لبطرس والذي لا تزال شهرته ذائعة بين الكثيرين "(6). وقد كتب هذا الرجل سبعة رسائل أكد فيها على المساواة بين ما كتبه الرسل وبين أسفار العهد القديم فجميعها كلمة الله الموحى بها وأسفار مقدسة .
(3) وكان القديس بوليكاربوس (65 - 155م) : أسقفاً على سميرنا بآسيا الصغرى (حاليا أزمير بتركيا) والذي قال عنه كل من القديس إريناؤس والمؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري أنه كان تلميذاً للقديس يوحنا وبعض الرسل الذين أقاموه أسقفاً على سميرنا بآسيا الصغرى والذي استلم منهم التقليد الرسولي ، يقول عنه القديس إريناؤس " ولكن بوليكاربوس لم يكن متعلماً من الرسل فحسب بل وتحدث مع الكثيرين من الذين رأوا المسيح وتعين من الرسل في أسيا أسقفاً لكنيسة سميرنا ، الذي رأيته في شبابي 000 كان رجلاً أكثر عظمة وأكثر رسوخاً في الشهادة للحق "(7).
" إنه لا يزال ثابتاً في مخيلتي نوع الاحتشام والرصانة الذي كان يتصف به القديس بوليكاربوس مع احترام هيئته ووقار طلعته وقداسة سيرته ، وتلك الإرشادات الإلهية التي كان يعلم بها رعيته وبابلغ من ذلك كأني أسمع ألفاظه التي كان ينطق بها عن الأحاديث التي تمت بينه وبين القديس يوحنا الإنجيلي وغيره من القديسين الذين شاهدوا يسوع المسيح على الأرض وترددوا معه وعن الحقائق التي تعلمها وتسلمها منهم "(8).
وقد كتب رسالة قصيرة سنة 110م أستشهد فيها 112مرة من الكتاب المقدس كله منها 100 مرة من 17 سفراً من العهد الجديد .
(4) القديس أكليمندس الإسكندري (150 - 215م) : والذي كان مديراً لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية وتلميذاً للعلامة بنتينوس ومُعلماً لكل من العلامة أوريجانوس وهيبوليتوس وكان كما يصفه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري " متمرساً في الأسفار المقدسة "(22)، وينقل يوسابيوس عن كتابه وصف المناظر أنه أستلم التقليد بكل دقة من الذين تسلموه من الرسل ، فقد كان هو نفسه خليفة تلاميذ الرسل أو كما يقول هو عن نفسه إنه " التالي لخلفاء الرسل "(23)، " ويعترف بأن أصدقاءه قد طلبوا منه بإلحاح أن يكتب من أجل الأجيال المتعاقبة التقاليد التي سمعها من الشيوخ الأقدمين "(24)، وذلك باعتباره أحد خلفائهم . ومن ثم فقد سجل التقليد الشفوي الذي سمعه ورآه وتعلمه وعاشه وحوله إلى تقليد مكتوب ، كما شرحه ودافع عنه . وينقل عنه يوسابيوس ، أيضا ، قوله عن معلميه الذين استلم منهم التقليد " وقد حافظ هؤلاء الأشخاص على التقليد الحقيقي للتعليم المبارك ، المسلم مباشرة من الرسل القديسين بطرس ويعقوب ويوحنا وبولس ، إذ كان الابن يتسلمه عن أبيه (وقليلون هم الذين شابهوا آباءهم) حتى وصل إلينا بإرادة الله لنحافظ على هذه البذار الرسولية "(25).
وقد أقتبس من أسفار العهد الجديد 1433 مرة ، منها 591 من الأناجيل الأربعة و731 اقتباسا من رسائل القديس بولس الرسول و111 من بقية العهد الجديد .
(5) العلامة ترتليان (145 -220م) : من قرطاجنة بشمال أفريقيا والذي قال عنه القديس جيروم أنه " يعتبر رائداً للكتبة اللاتين "(26)، عن صحة ووحي الأناجيل الأربعة " أن كُتاب العهد الإنجيلي هم الرسل الذين عينهم الرب نفسه لنشر الإنجيل إلى جانب الرجال الرسوليين الذين ظهروا مع الرسل وبعد الرسل 000 يوحنا ومتى اللذان غرسا الإيمان داخلنا ، ومن الرسوليين لوقا ومرقس اللذان جدداه لنا بعد ذلك "(27). كما اقتبس من كل أسفار العهد الجديد واستشهد بأكثر من 7000 (سبعة آلاف) اقتباسٍ .
هؤلاء الآباء أكدوا لنا حقيقة واحدة وهي أن الرسل سلموا لخلفائهم وتلاميذهم التعليم الشفوي والإنجيل المكتوب بأوجهه الأربعة وبقية أسفار العهد الجديد. وكانوا في البداية لا يهتمون بذكر اسما من جمع الإنجيل بأوجهه الأربعة ودونوها بالروح القدس ، فقد كانوا يستخدمون أما عبارة " يقول الرب يسوع " أو يقول " كتاب مقدس " وينقلون آية أو بعض آيات العهد الجديد . ولكن لما بدأت تظهر بعض الكتابات الأخرى من خارج دائرة الكنيسة ، مع بداية القرن الثاني ، والتي كتبها كتاب من الهراطقة ، سواء الغنوسيين أو الأبيونيين ونسبوها للرسل ، اضطرت الكنيسة لإعلان رفضها لكتب الهراطقة وبدأت في نسب الأناجيل القانونية لكتابها الموحى إليهم. فقد كانت الكنيسة حتى النصف الأول من القرن الثاني غير مضطرة للحديث عن كتاب الإنجيل الموحى إليهم ، ولكنها اضطرت لذلك بعد ظهور الكتب الأبوكريفية ولموجهة الهراطقة وأفكارهم المنحرفة ، كما بدأوا في التأريخ للكنيسة وتسجيل أهم أحداثها ومن ضمنها جمع الإنجيل بأوجهه الأربعة وتدوينه وذكر أسماء من دونها بالروح القدس ، ومن تلك الفترة بدأوا في تعريف الإنجيل ونسبه لمن دونوه بالروح القدس ، متى ومرقس ولوقا ويوحنا.
وهكذا ظهرت قوائم بالكتب القانونية الموحى بها وأخذ أباء الكنيسة يدافعون في كتاباتهم عن الأناجيل والأسفار التي كتبها الرسل بوحي الروح القدس وعن صحتها وقانونيتها . وقد أجمع آباء الكنيسة منذ بداية القرن الثاني على أن كاتب الإنجيل الثالث هو القديس لوقا الذي تبع الرسل وتلميذ بولس الرسول . وقد أقتبس منه الآباء واستشهدوا بآياته منذ نهاية القرن الأول فقد اقتبس منه يوستينوس الشهيد كثيراً وذكر نزول قطرات العرق مثل الدم من السيد المسيح عندما كان يصلى في بستان جثسيماني ، والتي لم تسجل إلا في هذا الإنجيل فقط . وينسب العلامة الإنجليزي وستكوت 50 إشارة لتاريخ الإنجيل و70 حقيقة خاصة برواية القديس لوقا أدخلها يوستينوس في حواره مع تريفوا. كما أقتبس منه إنجيل بطرس الابوكريفي كثيراً ، واستخدمت الرسالة الثانية المنسوبة لأكليمندس كثيراً من آياته ، وضمه تاتيان في كتابه الرباعي " الدياتسرون " . ويقول أحد العلماء ويدعى بلامر " من الثابت إنه في النصف الثاني من القرن الثاني ، كان هذا الإنجيل معترفاً بصحته كسفر موحى به ومن المستحيل إثبات إنه لم يكن معترفاً به من قبل ذلك بكثير " . وقال آخر ويدعى بولخر " يتفق القدماء بالإجماع على إن الكاتب هو لوقا تلميذ بولس الذي ذكره في رسالته إلى فليمون " .
ومنذ الربع الأول من القرن الثاني أستخدمه الهراطقة مثل باسيليدس (Refut. Her. 7:2,25,26.) الذي علم في الإسكندرية حوالي (120م)، وسردوا Cerdo الذي عاش في بداية القرن الثاني والذي يتكلم عنه ثيودوريت Theoret، ومارسيون (حوالى 140م) الذي أختار هذا الإنجيل فقط من الأناجيل الأربعة مع عشر من رسائل بولس الرسول كقانونه الوحيد ، وترك صديقه هيراكليون تفسيراً لهذا الإنجيل مع إنجيل يوحنا ما تزال صفحات منه باقية وقد أشار إليه أكليمندس الأسكندرى (Strom. 4:9,73.) .
كما شهد لكتابه القديس لوقا لهذا الإنجيل الثالث كل الترجمات السريانية البشيتا واللاتينية القديمة واللاتينية الثانية التي تمت في شمال أفريقيا في عصر مبكر جداً ، وكذلك الترجمة القبطية الصعيدية .وأقتبس منه أيضا كتاب "البطاركة الأثنى عشر" المكتوب فيما بين سنه 100 و 120م . وقد أقتبس منه 22 كلمة نادرة منها 19 كلمة نادرة لم يستخدمها أي كاتب معاصر آخر، كما أقتبس 24 كلمة من سفر الأعمال منها 20 كلمة لم توجد في أي سفر آخر من أسفار العهد الجديد سوى أعمال الرسل فقط .
وجاء في الوثيقة الموراتورية (170م) " كتاب الإنجيل الثالث ، الذي بحسب لوقا ، هذا الطبيب لوقا ، أخذه بولس معه بعد صعود المسيح كخبير في الطريق (التعليم) ، دونه باسمه حسب فكره . مع أنه لم يرى الرب في الجسد ، ولأنه كان قادراً على التحقق منه ، فقد بدأ يروى القصة من ميلاد يوحنا " .
وجاء في الكتاب المسمى " مقدمه ضد المارسيونيين- Anti Marcionite Prologue". الذي أشتهر في الكنيسة الرومانية ، ويرجع إلى النصف الثاني من القرن الثاني " لوقا سوري انطاكي ، سوري السلالة ، طبيب المهنة ، أصبح تلميذاً للرسل ، وتبع بولس الرسول أخيراً حتى استشهاده (بولس) ، وخدم الرب بإصرار ، لم يتزوج ، ولم يكن له ولد ، أمتلئ بالروح القدس، ومات في الرابعة والثمانين من العمر في بيوثية . فبعد أن كُتب الإنجيل الذي لمتى في اليهودية والإنجيل الذي لمرقس في إيطاليا ، قاده الروح القدس لكتابه إنجيله هو في إقليم اخائية، ويذكر في مقدمته أن كتابات أخرى قد دونت قبله، لكن تراءى له ضرورة تدوين سيره كاملة وشاملة للمؤمنين من أصل يونانى" (Anci. Chr. Gos. P.335.) .
وقال إيريناؤس أسقف ليون " ودون لوقا –الذي كان ملازماً لبولس- في كتاب الإنجيل الذي أعلنه بولس" (Ag. Haer. B.3 Ch. 1:1 and 3 Ch 14:1.) .
وقال ترتليانوس في شمال أفريقيا اعتادت الكنائس الرسولية أن تقرأ الإنجيل بحسب لوقا، ولأن لوقا هو تلميذ بولس وصاحب الإنجيل الذي أعتمده مارسيون دون سواه (Ag. Mar. 4,5.) .
وقال أكليمندس الإسكندري ، إن المسيح وُلد في عهد أغسطس قيصر " كما هو مكتوب في الإنجيل الذي بحسب لوقا " .
وقال العلامة اوريجانوس " والثالث كتبه لوقا، وهو الإنجيل الذي أقره بولس ، وكُتب من أجل المنتصرين من الأمم " (يوسايبوس ك6 ف6:25) .
وقال يوسايبوس القيصرى " أما لوقا الذي كان من أبوين أنطاكيين ، والذي كان يمتهن الطب ، والذي كان صديقاً حميماً لبولس ومعروفاً عند سائر الرسل ، فقد ترك لنا في سفرين قانونيين براهين على موهبة الشفاء الروحي التي تعلمها منهم . أما أحد هذين السفرين فهو الإنجيل الذي يشهد بأنه كتبه كما سلمه الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة . والذين قد تتبعهم من الأول بتدقيق . وأما السفر الثاني فهو أعمال الرسل الذي كتبه لا بناء على رواية الآخرين بل بناء على ما رآه هو بنفسه . ويقال أن بولس كلما قال "بحسب إنجيلي" إنما كان يشير إلى هذا الإنجيل الذي بحسب لوقا كأنه يتحدث عن إنجيله هو" (يوسايبوس ك3 ف6:4.) .
وهكذا شهدت الكنيسة منذ البدء في الشرق والغرب في الشمال والجنوب إن كاتب الإنجيل الثالث الروح القدس هو القديس لوقا تلميذ الرسل ورفيق القديس بولس .
_____________

الهوامش :

1) " وفي السنة الثالثة عشرة من حكم نفس الإمبراطور (فاسبسيان الذي حكم من أول يولية سنة 69م إلى 24 يونية سنة 79م) تولى أكليمندس أسقف كنيسة روما خلفاً لأنتيلكتس الذي ظل فيها اثنتي عشرة سنة . ويخبرنا الرسول بولس في رسالته إلى أهل فيلبي أن أكليمندس هذا كان عاملاً معه (في3:4) " . يوسابيوس ك 3ف15 .
(2) " أكليمندس هذا هو الذي كتب عنه الرسول بولس في الرسالة إلى فيلبي قائلاً 000 وهو رابع أسقف لروما " (مشاهير الرجال ف 15 ) .
(3) Adv. Haer.b.3:3.
(4) Origen De Principiis iii .6.
(5) ووجد عدد من المخطوطات ؛ المخطوطة الإسكندرية (450م) ومخطوطتين في الترجمة القبطية ترجع الأولى للقرن الرابع والثانية للقرن السابع ، مخطوطة سريانية ترجع لما بين 1169 – 70م ، ومخطوطة Hierosolymitanus (1056)
(6) يوسابيوس ك3ف2:36 .
(7) Ag.Her. iii.2,4.
(8) الآباء الرسوليون للقمص تادرس يعقوب ص 126 .
(22) يوسابيوس ك 5 ف1 .
(23) يوسا . ك6ف13 .
(24) يوسا ك6ف8:13 .
(25) يوسا ك 5 ف5:11 .
(26) مشاهير الرجال ف 53 .
(27) Ag.Marcion4:2 .


تحياتي

الراعي / عمانوئيل


09-13-2005, 07:06 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
الراعي غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 637
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #9
من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟
[SIZE=5]2– ويقول الاعتراض الثاني:
" بل المشكلة أنكم تبني إيمانكم على أنهم قالوا ، ولا تريدوا أن تعرفوا كيف عرفوا هم أنفسهم وتعرفوا دليلهم . ومن ثم فعليكم أن تسألوا أنفسكم من أين عرفوا (آباء الكنيسة) هم أنفسهم حتى تقدموا دلائل منطقية على صحة هذا الزعم ، ولا تنسوا أن ما يقوله الآباء الأوائل هو ترديد لما قاله الواحد عن الآخر ، فنحن لا يهمنا ترديد بعض الآباء لما قاله الذين قبلهم ، بل نريد أن نعرف من هو أول من ذكر لوقا ككاتب للإنجيل ؟؟
وعند البحث ستجد أن ايرناؤس هو أول من ذكر لوقا ككاتب للإنجيل ، وميلاده حوالي سنة (140) بعد الميلاد ، فهذا يعني أن بينه وبين لوقا عشرات السنين ، وهنا يطرح السؤال نفسه : كيف عرف اريناؤس أن لوقا هو الكاتب ؟؟؟؟ فيجب علينا هنا التحقق من أين أتى لوقا بهذه المعلومة وهو لم ير لوقا ؟
ونقول رداً على هذا الكلام الجدلي غير المنطقي، فضلاً عما سبق أن ذكرناه أعلاه : أن ما نقوله عن التسليم الرسولي والشفوي موجود في الإنجيل بأوجهه الأربعة وبقية أسفار العهد الجديد ولم نخترعه من عند أنفسنا وقد برهنا عليه وسنعيد التأكيد على هذه الحقائق مرة أخرى. وما قلناه فقد أكد عليه العلماء سواء علماء الكتاب المقدس وتاريخ الكنيسة أو علماء النقد النصي، بل وعلماء النقد الأعلى، وقبل هذا وذاك هو ما أكد عليه آباء الكنيسة أنفسهم كما بينا أعلاه وكما سنعيد التأكيد عليه.
(1) التقليد الشفوي للإنجيل :
كان المؤمنون الأولون في أورشليم يحفظون التسليم الرسولي بدقة شديدة ، وكان الكثيرون منهم شهود عيان لما عمله وعمله الرب يسوع المسيح ، وهؤلاء كان عددهم بالمئات، وليس مجرد أفراد أو حتى عشرات، بل بالمئات ويذكر القديس بولس على سبيل المسيح أن الرب يسوع المسيح ظهر في أحد ظهوراته بعد القيامة لأكثر من 500 أخ ، كان أكثرهم باقياً وقت تسجيله لهذه الحقيقة " وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمس مئة أخ أكثرهم باق إلى الآن ولكن بعضهم قد رقدوا " (1كو15 :6). وكان الرسل الموحى إليهم ، وبقية شهود العيان، موجودين في وسطهم يرجعون إليهم وقت الحاجة باعتبارهم المرجع الأول ووسطاء الروح القدس الذي كان يعمل فيهم وبهم ومن خلالهم . وعندما خرجت الكنيسة من فلسطين إلى عواصم الدول الكبرى مثل إنطاكية والإسكندرية وأثينا ومدن اليونان والرومان ومدن آسيا الصغرى الرئيسية وشمال أفريقيا ومصر وقبرص وغيرها، كان الرسل أنفسهم على رأس هذه الكنائس وقد عينوا لهم مساعدين من تلاميذهم وخلفائهم والذين دعوا بعد ذلك بالآباء الرسوليين ، على رأس هذه الكنائس في حالة انتقالهم إلى أماكن أخرى ، ومن هؤلاء المساعدين الذين ذكروا في سفر الأعمال ورسائل القديس بولس والقديس بطرس ، لوقا الطبيب وتيمؤثاوس وتيطس واكليمندس وفليمون وأنسيموس وسلوانس ونمفاس وتيخيكس وأرسترخس (أنظررو5:16؛1كو19:16؛2كو1:1؛أف21:6؛فى1:1؛أف21:6؛1بط 12:5.) . هؤلاء استلموا الإنجيل بأوجهه الأربعة من الرسل شفاهة وحفظوه بكل دقة وقداسة وسلموه لآخرين مشهود لهم بالكفاءة والإيمان وهؤلاء سلموه لغيرهم وهكذا . يقول القديس بولس بالروح :
+ " أمدحكم أيها الأخوة على إنكم تذكرونني في كل شيء وتحفظون التعاليم كما سلمتها إليكم " (1كو2:11) .
+ " لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا " (1كو23:11) .
+ " فإنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضا " (1كو3:15) .
+ " وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورأيتموه في فهذا افعلوا " (فى9:4) .
+ " لأنكم إذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله التي تعمل أيضا فيكم انتم المؤمنين " (1تس13:2) .
هذا التعليم أو التسليم كان يسلم من الرسل إلى تلاميذهم وتلاميذهم يسلمونه لآخرين وهكذا " وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناسا أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضا " (2تى2:2).
فقد كان الذين قبلوا الأسفار في البداية هم نفس الذين تسلموا ما جاء فيها من قبل شفوياً وكانوا يحفظون كل ما كتب فيها ككلمة الله ووحيه الإلهي بل وأكثر مما كتب فيها ، حيث كرز رسل المسيح ونادوا لهم بالإنجيل وحفظوه لهم بأسلوب التعليم والتسليم الشفوي فلما دونت الأناجيل كان هؤلاء يحفظون كل ما دون فيها بل وأكثر مما دون فيها .
2 - الإنجيل المكتوب:
ولكن مع امتداد ملكوت الله وانتشار المسيحية في دول عديدة ومدن كثيرة وقرى لا حصر لها سواء بواسطة الرسل أو بواسطة تلاميذهم صار من المستحيل على الرسل أن يكونوا متواجدين في كل هذه الأماكن في وقت واحد ، حتى جاء الوقت الذي آمن فيه الآلاف بالمسيحية ولم يروا الرسل في عصر الرسل ، بل وأصبح من دواعي سرور البعض وفخرهم أنهم شاهدوا الرسل واستمعوا إليهم وصار من دواعي فخر البعض الآخر أنهم تعلموا بواسطة تلاميذ الرسل بل ومن تلاميذ خلفاء الرسل . ولذا فقد صارت الحاجة إلى جمع الإنجيل وتدوينه ونشره في جميع الكنائس تزداد كل يوم بالتدريج حتى صارت ملحة جداً .
كما كانت اجتماعات العبادة الأسبوعية والليتورجية والتي وجدت حيثما وجد المسيحيون في حاجة للإنجيل المكتوب للاستخدامات الليتورجية والقراءة والتعليم والشرح والتفسير . وكان هناك العامل الأهم والذي كان من أهم الدوافع لتدوين الإنجيل وهو رحيل الرسل شهود العيان من هذا العالم إلى العالم الآخر فقد استشهدت الغالبية العظمى منهم ، بل وكان من الطبيعي أن لا يبقى الرسل أحياء في هذا العالم إلى الأبد . ومن ثم فقد كانت عملية تدوين الإنجيل حتمية .
وقد قبلت الكنيسة هذه الأسفار فور تدوينها واستخدمها الرسل في كرازتهم كالإنجيل المكتوب ، وكانت تقرأ في الكنائس واجتماعات العبادة ، في الكنائس التي كتبت فيها ولها أولاً ، مع أسفار العهد القديم بالتساوي ، خاصة في أيام الأحد ، يقول القديس يوستينوس الشهيد في بداية القرن الثاني " وفى يوم الأحد يجتمع كل الذين يعيشون في المدن أو في الريف معاً في مكان واحد وتقرأ مذكرات الرسل (الأناجيل) أو كتابات الأنبياء بحسب ما يسمح الوقت " (Abol. 47) .
ولكن يعترض علينا الزميل ويقول :
"أقول أيضاً مجرد كلام دون دليل ، فلا يوجد أبداً ما يثبت أنهم استلموا الإنجيل مشافهة وحفظوه ، وما هذا إلا من محض خيالك ، وهيهات أن تثبت ذلك .أما ما استشهدت سيادتك به على لسان بولس : " أمدحكم أيها الاخوة على إنكم تذكرونني في كل شيء وتحفظون التعاليم كما سلمتها إليكم " (1كو2:11) . " لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا " (1كو23:11) . فهذا كلام عام ، وليس فيها أن الذي سلمه لهم هو الأناجيل الأربعة أو حتى واحد منها .
ناهيك أنّه لا يوجد أدنى إثبات أنّ بولس نفسه كان يدري بوجود الأناجيل .
وأضف أيضا أن رسائل بولس نفسها تحتاج من يشهد بنسبتها له "!!!
ونقول له ما قاله القديس بولس بالروح عن جوهر هذا التسليم الذي هو عينه جوهر بشارة الإنجيل ، سواء الشفوي أو المكتوب " أعرّفكم أيها الإخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وتقومون فيه وبه أيضا تخلصون أن كنتم تذكرون أي كلام بشرتكم به إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثا. فأنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضا أن المسيح مات من اجل خطايانا حسب الكتب. وانه دفن وانه قام في اليوم الثالث حسب الكتب. وانه ظهر لصفا ثم للأثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمس مئة أخ أكثرهم باق إلى الآن ولكن بعضهم قد رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين " (1كو15 :107).
أنه لم يقل هذا هو جوهر الإنجيل بأوجهه الأربعة ولكنه أكد أن هذا هو جوهر الإنجيل الذي سلمه إليهم ، وهذا الجوهر هو نفس محتوى الإنجيل بأوجهه الأربعة.
وقد استلم هؤلاء التلاميذ ، تلاميذ الرسل ، المذكورين الإنجيل ، سواء شفاهة أو مكتوب واقتبسوا منه ، سواء مما كانوا يحفظونه شفوياً أو مكتوب في كتبهم التي كتبوها دفاعا عن الإيمان ولم يكونوا في حاجة مطلقاً لذكر كلمة الإنجيل لمتى أو لمرقس أو لوقا أو ليوحنا ، لأنها كانت أمور معروفة بالنسب لهم ولم يثر حولها ، في ذلك الوقت ، أي نوع من الجدل !!
ويعلق الزميل على قولنا " كان القديس أكليمندس الروماني (30 – 100م) أسقفاً لروما (يوسابيوس ك 3 ف15) ، كما كان أحد مساعدي القديس بولس الرسول والذي قال عنه أنه جاهد معه في نشر الإنجيل (في 3:4). ويقول : " كلام مغلوط تماماً ، فليس هناك ما يثبت أن اكلمندس المقصود في رسالة بولس (في 3:4) هو اكلمندس الروماني أسقف روما ، وأتمنى أن تخبرني عن الدليل الي لا يرتكز إلاعلى الظن .. يقول قاموس الكتاب المقدس تحت اسم اكلمندس 000 وثم تتابع فتقول عن اكلمندس بكل جرأة : " والذي تسلم الإيمان بكل دقة عن القديس بولس ومن ضمنه الإنجيل الشفوي والمكتوب ". ثم يضيف " ما أسهل الكلام والدعاوى ، فطبعا كل إنسان يدعي ما يشاء وكيفما يشاء ، ولكن أين من يثبت ؟؟؟
تسلم الإنجيل شفويا ومكتوبا !!!!!

ونقول له كلامه هذا يدل على حقيقتين: الأولى هي أنك تقوم بمسرحية جدلية هزلية ولكن ليس لها جمهور عاقل، والثانية هي أنك تجهل تاريخ الكنيسة فلماذا تقحم نفسك فيما لم تدرسه؟؟!!
فقد شهد كل آباء الكنيسة على أن أكليمندس المذكور هنا هو تلميذ القديس بولس وإليك أهم أقوالهم في تأكيد ذلك: فقد قال عنه يوسابيوس القيصري في تاريخه ، أنه كان أسقفا لروما ومساعداً للقديس بولس " وفي السنة الثالثة عشرة من حكم نفس الإمبراطور (فاسبسيان الذي حكم من أول يولية سنة 69م إلى 24 يونية سنة 79م) تولى أكليمندس أسقف كنيسة روما خلفاً لأنتيلكتس الذي ظل فيها اثنتي عشرة سنة . ويخبرنا الرسول بولس في رسالته إلى أهل فيلبي أن أكليمندس هذا كان عاملاً معه" (Origen De Principiis iii .6.).
هذا الرجل كتب رسالته إلى كورنثوس في نهاية القرن الأول وأقتبس من الكثير من أسفار العهد الجديد ونقل عنها ولم يكن هناك حاجة في وقته لذكر أسماء الذين دونوا الإنجيل بالروح القدس ، لأن هم المؤمنين كان هو كلمة الله التي نقلت إليهم عن طريق الرسل كما كان تلاميذ هؤلاء الرسل موجودون معهم مما ينفي الحاجة للسؤال .
وكان معاصرا له كان القديس أغناطيوس الأنطاكي (30 – 107م) أسقف إنطاكية وتلميذ بطرس الرسول والذي قال عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري " أغناطيوس الذي اختير أسقفاً خلفاً لبطرس ، والذي لا تزال شهرته ذائعة بين الكثيرين " (ك 3 ف 2:36) .
وكان معاصرا لهما القديس بوليكاربوس (65 - 155م) : أسقف سميرنا بآسيا الصغرى والذي قال عنه كل من القديس إريناؤس والمؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري أنه كان تلميذاً للقديس يوحنا وبعض الرسل الذين أقاموه أسقفاً على سميرنا بآسيا الصغرى والذي استلم منهم التقليد الرسولي ، يقول عنه القديس إريناؤس " إنه لا يزال ثابتاً في مخيلتي نوع الاحتشام والرصانة الذي كان يتصف به القديس بوليكاربوس مع احترام هيئته ووقار طلعته وقداسة سيرته ، وتلك الإرشادات الإلهية التي كان يعلم بها رعيته وبابلغ من ذلك كأني أسمع ألفاظه التي كان ينطق بها عن الأحاديث التي تمت بينه وبين القديس يوحنا الإنجيلي وغيره من القديسين الذين شاهدوا يسوع المسيح على الأرض وترددوا معه وعن الحقائق التي تعلمها وتسلمها منهم " (الآباء الرسوليين للقمص تادرس يعقوب ص126) .
وقد كتب رسالة قصيرة سنة 110م أستشهد فيها 122مرة من الكتاب المقدس كله منها 100 من 17 سفراً من العهد الجديد و 12 سفراً من العهد القديم .
وهنا يعترض علينا الزميل بقوله " ولكنك نسيت أن تذكر لنا أن القديس بولكاربوس ، والمفروض أنه تلميذ الرسول يوحنا، لم يستشهد في رسالته قط بإنجيل يوحنا ، ناهيك أنه لم يذكر إنجيلاً ليوحنا من الأصل ، لا وبل الأدهى من ذلك أنه لم يذكر اسم يوحنا قط في رسالته الوحيدة !!!!!! فعجباً لهذا السند المتصل ، وعجباً لتلميذ يوحنا الذي لا يستشهد بإنجيل معلمه ولو لمرة واحدة "!!
ونقول أن القديس بوليكاربوس وغيره من آباء الكنيسة عبر كل عصورها كانوا يكتبون في موضوعات عديدة وكانوا يستشهدون بالآيات التي تتناسب مع هذه الموضوعات، وقد كتب بوليكاربوس رسالته وهو في الطريق إلى الاستشهاد لتثبيت أبنائه وحثهم على الشجاعة في مواجهة الموقف وأختار الآيات المناسبة لموضوعه ومن ضمن هذه الآيات ما اقتبسه رسالة القديس يوحنا الأولى في قوله " كل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد ، هو ضد المسيح " ، " ومن لا يعترف بشهادة الصليب فهو من الشيطان " (1يو2:4 ،3:8:3مع بوليكاربوس 1:7) وهذه يبطل أدعائكم.
بل ونضيف أنك في سياق ردك الجدلي تجاهلت ما اقتبسه القديس أغناطيوس تلميذ القديس بطرس الرسول من الإنجيل للقديس يوحنا والذي كانت آياته مؤثرة جداً على عقله وفكره وقلبه ويبدو أنه كان السفر المفضل لديه.
ثم جاء إيريناؤس أسقف ليون بفرنسا حاليا والذي كان تلميذا للذين تتلمذوا على أيدي تلاميذ الرسل ، خاصة القديس بوليكاربوس ، وخلفائهم ، وكان حلقة وصل بين الآباء الرسوليين تلاميذ الرسل ومن جاءوا بعده . وقد كتب مجموعة من الكتب بعنوان " ضد الهراطقة " دافع فيها عن المسيحية وأسفارها المقدسة وأقتبس منها حوالي 1064 اقتباسا منها 626 من الأناجيل الأربعة و325 من رسائل القديس بولس الرسول الأربع عشرة و112 من بقية أسفار العهد الجديد ، منها 29 من سفر الرؤيا . وأكد على حقيقة انتشار الأناجيل الأربعة في كل مكان بقوله " لقد تعلمنا خطة خلاصنا من أولئك الذين سلموا لنا الإنجيل الذي سبق أن نادوا به للجميع عامة ، ثم سلموه لنا بعد ذلك ، حسب إرادة الله ، في أسفار مقدسة ليكون أرضية وعامود إيماننا 000 فقد كانوا يمتلكون إنجيل الله ، كل بمفرده ، فقد نشر متى إنجيل مكتوب بين العبرانيين بلهجتهم عندما كان بطرس وبولس يكرزان ويؤسسان الكنائس في روما . وبعد رحيلهما سلم لنا مرقس تلميذ بطرس ومترجمه ، كتابة ما بشر به بطرس . ودون لوقا ، رفيق بولس في سفر الإنجيل الذي بشر به (بولس) ، وبعد ذلك نشر يوحنا نفسه ، تلميذ الرب والذي اتكأ على صدره إنجيلا أثناء أقامته في أفسس في آسيا الصغرى " (Ag. Haer.3:1).
وقال عن وحدة الإنجيل " ليس من الممكن أن تكون الأناجيل أكثر أو أقل مما هي عليه الآن حيث يوجد أربعة أركان في العالم الذي نعيش فيه أو أربعة رياح جامعة حيث انتشرت الكنيسة في كل أنحاء العالم وأن "عامود الحق وقاعدة " الكنيسة هو الإنجيل روح الحياة ، فمن اللائق أن يكون لها أربعة أعمدة تنفس الخلود وتحي البشر من جديد ، وذلك يوضح أن الكلمة صانع الكل ، الجالس على الشاروبيم والذي يحتوى كل شيء والذي ظهر للبشر أعطانا الإنجيل في أربعة أوجه ولكن مرتبطة بروح واحد 000 ولأن الإنجيل بحسب يوحنا يقدم ميلاده الأصلي القدير والمجيد من الآب ، يقول " في البدء كان الكلمة وكان الكلمة عند الله وكان الكلمة الله " و" كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان 000 ولكن الذي بحسب لوقا يركز على شخصيته (المسيح) الكهنوتية فقد بدأ بز كريا الكاهن وهو يقدم البخور لله . لأن العجل المسمن خلال كل الإنجيل كإنسان وديع ومتواضع . ويبدأ مرقس من جهة أخرى بروح النبوة الآتي على الناس من الأعالي قائلاً " بدء إنجيل يسوع المسيح ، كما هو مكتوب في اشعياء النبي " مشيراً إلى المدخل المجنح للإنجيل . لذلك صارت رسالته وجيزة ومختصره لمثل هذه الشخصية النبوية " (Ibid. 3:11,8) .
وهنا يحاول الزميل التقليل من شأن شهادة إريناؤس ويحاول أن يصور أن القول بأنه هو أول من قال بأن كاتب الإنجيل الثالث هو القديس لوقا ، وأن الذين قالوا بذلك من بعد تأثروا بكلامه!!!!
ونقول له " أنت ترفض الدليل الذي فحصة مئات بل آلاف العلماء المتخصصون مثل علماء الأثار ، وعلماء الكتاب المقدس ، وعلماء النقد النصي بل والنقد الأعلى، ورحت ترفض الأدلة بأسلوب جدلي لا يجاريك فيه إلا من يستخدم مثل هذا الأسلوب الذي لن يوصل إلى أي نتائج ، فقط ، مجرد ردود جدلية سفسطائية ، يمكن لمن يستخدمها أن يبرهن على الشيء اليوم ويبرهن على نقيضه غداً !!!!! "
لقد كان إريناؤس تلميذا لبوليكاربوس وبوليكاربوس تلميذا للقديس يوحنا الرسل ورأى الكثير غيره من الرسل وتسلم عنهم ما علمه هو بعد ذلك، وأكدنا أن الكنيسة اهتمت في البداية بنشر كلمة الإنجيل سواء قبل أن يدون أو بعدما تم تدوينه ، ولم تهتم مطلقاً بأسماء من دونوه بالروح القدس لأنها كانت معروفة بينهم ولم تثار مسألة من كتب الأناجيل إلا بعد ظهور عددا من الأناجيل الأبوكريفية في النصف الأول من القرن الثاني ، وهنا بدأت الكنيسة تحدد الأناجيل القانونية وتنسبها لمن دونوها بالروح القدس وهذا تم بعد انتقال الآباء الرسوليين من العالم ، هؤلاء الآباء الذين اقتبسوا من كل أسفار العهد الجديد دون أن يذكروا اسم كاتب واحد لها لأنها كانت بالنسبة لهم كلمة الله التي تسلموها من شهود العيان، وكان معاصروهم يعرفون هذه الحقائق مثلهم تماماً.
ثم جاء القديس أكليمندس الإسكندري (150 - 215م) الذي كان مديراً لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية وتلميذاً للعلامة بنتينوس ومُعلماً لكل من العلامة أوريجانوس وهيبوليتوس وكان كما يصفه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري " متمرساً في الأسفار المقدسة " (يوسابيوس ك5ف5:11) . وقد أقتبس من أسفار العهد الجديد 1433 مرة منها 591 من الأناجيل الأربعة و731 اقتباسا من رسائل القديس بولس الرسول و111 من بقية العهد الجديد .
يا عزيزي كان هناك سلسلة كاملة متصلة من الشهود غير منقطعه بل متصلة وقد نقلت التسليم الإنجيلي والتقليد الكنسي من جيل إلى جيل في دقة متناهية ومنقطعة النظير .

000 يتبع

تحياتي

الراعي / عمانوئيل

09-15-2005, 03:18 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
الراعي غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 637
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #10
من هو كاتب الإنجيل للقديس لوقا؟
[SIZE=5]3 – الاعتراض الثالث:
يقول الزميل تقول: (فيما يختص بالإنجيل للقديس لوقا فقد أقتبس منه وأستشهد به أباء الكنيسة وتلاميذ الرسل ، كما اقتبس منه يوستينوس الشهيد كثيراً وذكر نزول قطرات العرق مثل الدم من السيد المسيح عندما كان يصلى في بستان جثسيماني ، والتي لم تسجل إلا في هذا الإنجيل فقط) .
ثم يقول؛ أقول: ما علاقة ما تكتبه هنا في تحديد هوية الكاتب ؟؟؟ هل اقتباس يوستين الشهيد منه يعني أن الكاتب هو لوقا ؟؟؟

ونقول له الكلام العلمي الذي يقبله العقل والمنطق وليس الكلام الجدلي التمثيلي الذي يوهمك بغير الحقيقة !!
أولاً : أن استشهاد القديس يوستينوس بنصوص وآيات الإنجيل للقديس لوقا ، ضمن ما يسميه بمذكرات الرسل التي أكد أنها الأناجيل دليل على قدم هذا الإنجيل ودليل على قبول الكنيسة له باعتباره موحى إليه وعدم وجود أي اعتراض عليه ودليل على صحة كل حرف فيه.
ثانيا: لقد كتب القديس يوستينوس للإمبراطور الروماني وتحاور مع تريفو اليهودي وكلاهما لا يعنيهما من كتب الإنجيل ، فقد كان يدافع مع الأول عن المسيحية وجوهرها ويشرح جزء من عقائدها ويدافع المسيحي بصفة عامة ، ويحاول أن يثبت للثاني صحة المسيحية من خلال أسفار العهد القديم ويشرح جوهر المسيحية من خلال إثبات أن يسوع الناصري هو المسيح الذي أنتظره اليهود عبر تاريخهم ، وهذا لا يتطلب التعريف بمن دون الأناجيل ، بل جوهر المسيحية.

4 – الاعتراض الرابع:
يقول: أما بقية الآباء الذين ذكرتهم أمثال : اريناوس ( توفي 202 م ) ، اكليمندس الاسكندري ( 215 ) واوريجين ( توفي 254 ) ترتليان ( 220 ) و يوسيبيوس القيصري ( 340 ) ، فكل هؤلاء ولدوا بعد لوقا بعشرات السنين ، حتى أن يوسبيوس بينه وبين لوقا حوالي مئتي سنة ، وأقربهم إلى زمن لوقا هو اريناوس ، وهذا الأخير ولد بعد لوقا بعشرات السنين ، فلا أدري كيف تقحمهم ضمن الأدلة ، ولا أدري كيف لا تسأل نفسك من أين عرفوا ذلك وما هو دليلهم ؟؟؟؟

ومن الواضح هنا أن الزميل يتجاهل الحقائق الجوهرية التي سبق أن كتبناها عدة مرات، فقط يحاول إياه قرائه بانقطاع ما يسميه السند المتصل!!!
ونعيد عليه ونؤكد الحقائق التالية:
أولا: أنه كان هناك سلسلة من الشهود غير منقطعين؛ من التلاميذ إلى خلفائهم من أمثال أكليمندس تلميذ القديس بولس، في روما، وأغناطيوس تلميذ القديس بطرس ، في إنطاكية، وبوليكاربوس تلميذ القديس يوحنا في آسيا الصغرى، كما بشر القديس مرقس في مصر وتلمذ مجموعة أسست أول مدرسة مسيحية هي مدرسة الإسكندرية والتي حفظت التقليد بأسلوب علمي بشهادة عظماء المؤرخين، وكان هناك تلاميذ الرسل في شمال أفريقيا.
وتتلمذ على أيدي هؤلاء كل من أريناؤس أسقف ليون وترتلين بشمال أفريقيا واكليمندس الإسكندري بمصر والكثيرين غيرهم!!
قال القديس أكليمندس تلميذ القديس بولس عن ذلك : " من أجلنا استلم الرسل الإنجيل من الرب يسوع المسيح ، ويسوع المسيح أرسل من الله (الآب) ، وكان ذلك حسب إرادة الله.
وبعدما تسلم الرسل أوامرهم واقتنعوا بقيامة ربنا يسوع المسيح تماماً ، وتأكدوا من كلمة الله ، ذهبوا في ثقة الروح القدس للكرازة بالبشارة المفرحة عن ملكوت السموات القريب . وبشروا في القرى والمدن ورسموا ممن آمنوا أولاً أساقفة وشمامسة ليخدموا مؤمني المستقبل 000 لهذا فأنهم إذ حصلوا على معرفة المستقبل بدقة، رسموا خداماً نشير إليهم . علاوة على ذلك فأن هؤلاء الآخرين وضعوا وصايا أيضاً من أجل هذه الحقيقة أنهم إذ هم يموتون يخلفهم أناس مشهود لهم يكملون خدمتهم
" (أكليمندس 42 – 44).
يقول القديس أكليمندس الإسكندري (150 - 215) المعروف بخليفة خلفاء الرسل والذي حفظ عنهم التقليد ، والذي يقول عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري أنه كان " متمرساً في الأسفار المقدسة " (يوسابيوس ك 5 ف1) : " وقد حافظ هؤلاء الأشخاص على التقليد الحقيقي للتعليم المبارك، المسلم مباشرة من الرسل القديسين بطرس ويعقوب ويوحنا وبولس، إذ كان الابن يتسلمه عن أبيه 000 حتى وصل إلينا بإرادة الله لنحافظ على هذه البذار الرسولية " (يوسا ك 5 ف5:11).
ويقول العلامة ترتليان (160 – 220م)، الذي قال عنه القديس جيروم أنه " يعتبر رائداً للكتبة اللاتين " (مشاهير الرجال ف 53): " أن كُتاب العهد الإنجيلي هم الرسل الذين عينهم الرب نفسه لنشر الإنجيل إلى جانب الرجال الرسوليين الذين ظهروا مع الرسل وبعد الرسل 000 يوحنا ومتى اللذان غرسا الإيمان داخلنا ، ومن الرسوليين لوقا ومرقس اللذان جدداه لنا بعد ذلك " (Ag.Marcion4:2).
ثانياً: وفي أيام القديس يوستينوس كانت المسيحية قد أنتشرت بسرعة كبيرة ، في بداية القرن الثاني، في القرى والمدن والبلاد المحيطة بالبحر المتوسط في آسيا وأفريقيا وأوربا، وقد عبر يوستينوس (120م) عن هذا الانتشار بقوله للإمبراطور الروماني " لا توجد سلالة واحدة من البشر سواء كانت بربر أو إغريق، سواء كانت ساكنة خيام أو بدو متجولين بينها مصلين ومقدمي شكر لا يقدمون صلواتهم باسم يسوع المصلوب " (Dial:117).
وقال العلامة ترتليان (145-220م)، في دفاعه الذي أرسله إلى الإمبراطور الروماني " نحن نملأ كل مكان بينكم، المدن والقرى والأسواق والمعسكر والقبائل والجماعات والقصر ومجلس الشيوخ والساحة العامة، ولم نترك لكم شيئاً سوى معابد آلهتكم ".
وبطبيعة الحال فقد كان هناك خلفاء الرسل ومن تتلمذوا على يديهم وكانت هناك نسخاً من الإنجيل بأوجهه الأربعة في كل هذه البلاد ، سواء القرى أو المدن أو الدول ، بحسب الكثافة، وكان كتاب هذه الأسفار المقدسة معروفين للجميع لأن البشارة قامت أساساً على التلاميذ أولاً ثم من تتلمذ عليهم من خلفائهم وهكذا 0
وكان الجميع يعرفون حقيقة كُتاب الأناجيل الأربعة بالروح القدس جيداً ولكن كان يعنيهم كلمة الله المكتوب في الإنجيل وليس من جمع الإنجيل ودونه بالروح القدس . ولما دعت الحاجة إلى ذلك بدأ الآباء يعلنونها ليميزوا للعامة من الناس الفرق بينها وبين الكتب التي كتب في دوائر الهراطقة ونسبت للرسل .
أما من جهة السند المتصل الذي يطالبنا به ويقول يجب أن يقول أغناطيوس مثلاً؛ عن بطرس أنه قال أن هذا إنجيل ولوقا ويقول من جاء بعده عن أغناطيوس عن فلان، عن علان ، وهكذا ، سلسلة من العنعنات !!!!!
ونقول يا عزيزي أن هذه المقاييس التي تضعها لا يمكن أن تطبق على الإنجيل لأن لكل كتاب وكل عصر وكل دين ظروفه ، والمسيحية بدأت بسلسلة متواصلة من الشهود لم تنقطع من التلاميذ إلى خلفائهم وتلاميذهم ، وهؤلاء اقتبسوا من جميع أسفار العهد الجديد في كتبهم، أي أنه يوجد لدينا وثائق لا عنعنات !!! وبرغم أن الوثائق الأقدم منها والمتصلة بالتلاميذ لم تذكر أسماء من جمعوا الإنجيل ودونه بالروح القدس إلا أنها اقتبست منه ككلمة الله وآيات الإنجيل، وهذا وحده كاف للاطمئنان لكونه كلمة الله التي سلمت لنا بكل دقة . كما أن ذكر خلفاء تلاميذ الرسل في كل البلاد التي أنتشرت فيها على سبيل المثال إريناؤس في الغرب وترتليان في شمال أفريقيا ، واكليمندس في الإسكندرية ، دليل مؤكد على صحة تقليدهم الذي تسلمه كل واحد منهم عن خلفائه في نفس البلد أو المكان الذي كان كل واحد مهم فيها ولم ينقله أحدهم عن الآخر بكل كل منهم استلم من التقليد السابق له ، فضلاً عن الانتشار العام للإنجيل بأوجهه الأربعة في كل مكان كان به مجموعة من المسيحيين .
ومع ذلك نقول له أن السند المتصل للعهد الجديد فلم ينقطع أبداً وقد قدمنا لك الأدلة القاطعة التي تجهلها أو تتجاهلها !!

وحتى ما تسميه بالسند المتصل لا ينطبق بدقة لا على القرآن ولا على كتب الحديث ولا على كتب السيرة ، فالقرآن هو أول كتاب يدونه المسلمين في العربية !!! فأنت تعرف أن كل كتب الحديث والسيرة التي تشهد للقرآن كتبت بعد حوالي قرنين ونصف من وفاة نبي المسلمين وقد امتلأت بالمدسوسات والموضوعات والإسرائيليات ويرى غالبية العلماء المسلمين أنها لا يمكن الاعتماد عليها !! لأنه كما يقولون وضعها كتاب تأثروا بدرجة كبيرة بما رواه اليهود ، وأنها مليئة بالخرافات 00الخ
وبالتالي فكل الكتب التي تشهد للقرآن متهمة ، بالدليل والبراهين ، بأنها كتب لا يعتمد عليها !! فأين السند المتصل للقرآن يا من تطالبنا بالسند المتصل للإنجيل ؟؟!!!
هذا فضلا عن أن كما هو مكتوب على كل مصحف؛ " كتب هذا المصحف الشريف وضبط على ما يوافق رواية حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الكوفي" والآن لنري ما قاله علماء الجرح والتعديل في "حفص" هذا الذي تتعبّدون بالقرآن، الذي لا يأتيه الباطل، بروايته:
قال أبو قدامة السرخسي ، و عثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى بن معين : ليس بثقة.
وقال على ابن المديني : ضعيف الحديث ، وتركته على عمد .
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : قد فرغ منه من دهر .
وقال البخاري : تركوه .
وقال مسلم : متروك .
وقال النسائي : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه .
وقال في موضع آخر : متروك .
وقال صالح بن محمد البغدادي : لا يكتب حديثه ، وأحاديثه كلها مناكير .
وقال عاصم أحاديث بواطيل .
وقال أبو زرعة : ضعيف الحديث .
وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم : سألت أبى عنه ، فقال : لا يكتب حديثه ، هو ضعيف الحديث ، لا يصدق ، متروك الحديث .قلت : ما حاله في الحروف ؟ قال : أبو بكر بن عياش أثبت منه .
وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش : كذاب متروك يضع الحديث.
وقال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث .
وقال يحيى بن سعيد ، عن شعبة : أخذ منى حفص بن سليمان كتابا فلم يرده ، و كان يأخذ كتب الناس فينسخها .
وقال أبو أحمد بن عدى ، عن الساجى ، عن أحمد بن محمد البغدادى ، عن يحيى بن معين : كان حفص بن سليمان ، وأبو بكر بن عياش من أعلم الناس بقراءة عاصم ، و كان حفص أقرأ من أبى بكر ، وكان كذابا ، و كان أبو بكر صدوقا .
هذا حال " حفص بن سليمان " الذي يتعبّد المسلم بروايته للقرآن:
ليس بثقة، متروك عن عمد، قد فرغ منه الدهر، لا يكتب حديثه، أحاديثه كلها مناكير، أحاديثه بواطل، لا يصدّق، كذّاب، يضع الحديث، يأخذ كتب الناس فينسخها. ولو طبقنا عليه ما يطالبنا أن نطبقه على الإنجيل ستكون النتيجة هي أن القرآن كتاب سنده غير متصل ومفقود الثقة !!!
ومع ذلك نقول له أن كتبنا موثقة بكتب الآباء وليس بعنعنات عن فلان بن قلان 00 الخ

مع تحياتي

الراعي / عمانوئيل

09-18-2005, 12:32 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  العثور على نسخة من الإنجيل تحتوي على نبوءة عيسى بالنبي محمد zaidgalal 15 4,480 03-16-2012, 05:39 AM
آخر رد: ahmed ibrahim
  مساعدة في الحصول على التفسيرات العلمية في الإنجيل iAyOuB 4 1,693 02-07-2012, 12:58 PM
آخر رد: iAyOuB
  تناقض الإنجيل الواحد رضا البطاوى 0 1,111 11-08-2010, 05:36 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  الإنجيل الحالى ليس كلمة الله رضا البطاوى 12 3,038 11-08-2010, 04:47 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  أين الإنجيل الأصلى بلغة اليسوع ؟ الزعيم رقم صفر 76 19,356 11-07-2010, 02:27 PM
آخر رد: الفكر الحر

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 3 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS