رسالة من القديس باسيليوس إلى إمرأة فقدت إبنها

إن أى نوع من الأودية إذا وضعت على عين ملتهبة .. حتى إذا كانت هذه الأدوية خفيفة فسوف تصيبها بالألم ، وبالمثل إن النفوس المتألمة حتى كلمات العزاء تكون غير مرغوب فيها لو قيلت فى هذا الوقت الصعب ، ولكنى أعرف أننى أتكلم مع إنسانة مسيحية وتعرف الله ، وتعرف فناء هذا العالم بالحقيقة ، ومن هنا لن أفشل فى مهمتى أيتها المرأة الوقورة

أول كلام أقوله لك .. حافظى على وقارك ، وأنا عارف بالآلآم التى تختبرها الأمهات ، وأعرف مقدار حبك الشديد ، واعرف جيداً كم أنت تعانى فى هذا الوقت الحاضر لأنك فقدت إبناً محبوباً

إعلمى أن التدبير الإلهى يعمل فى حياتنا لأن ربنا يسوع له المجد قال : أليس عصفوران يباعان بفلس وواحد منها لايسقط على الأرض بدون إذن أبيكم ( مت 10 : 29 )

لأجل هذا فكل شىء يحدث تبعاً لإرادة الله خالقنا ، ومن يستطع أن يقف ضد إرادة الله ؟ ليتنا نقبل مايحدث حتى نستطيع ان نتعامل مع ماحدث .. لأنه بدون هذا فإن نفوسنا ستتحطم ، وياليتنا لانطلب تصحيح حكم الله لأننا ليس لنا قوة لنفهم حكمة قراراته الغامضة .. لعل الله يختبر حبك له ، والآن جاء الوقت لتظهرى صبرك مثل الشهداء .. أم المكابيين رات موت سبعة من أولادها وهى لم تتأوه أو تبكى ، ولكنها كانت تشكر الله الذى نجاهم من النيران وعذابات الجسد ، لذلك هى مكرمة من الله ومن كل المؤمنين ( سفر المكابيين )

أنا اعرف أن التجربة هى عظيمة ، ولكنى مؤمن أن الله سيعطى المكافأة للذين يتألمون بصبر .

عندما أصبحت أماً ونظرت إلى طفلك وشكرت الله عرفت أيضاً أنك سوف تموتى ، وأنك ولدتى إنساناً لابد أيضاً أن يموت ، فما هو الغريب الأن أن يموت من هو لابد أن يموت ؟ لعل الحزن من أجل من مات قبل الوقت .. لأننا لانعرف الوقت المظبوط لولادة إنسان ، ولانستطيع أن نعرف النهاية المحتمة لحياة هذا الإنسان

أنظرى للعالم من حولك ، وسوف ترين أن كل شىء فيه مؤقت .. أنظرى للسماء فهى سوف تتحطم ، والشمس سوف تسقط .. كل النجوم والحيوانات على الأرض والأسماك فى البحار وكل شىء جميل وحتى الأرض نفسها سوف يحدث أن تصبح لاشىء .. هذه المعلومة لعلها تعطيك العزاء ، ولاتفكرى فى ألمك وأنه غير محتمل ، ولكن قارنيه بحالة البشرية جمعاء ، فستجدى تعزية عندئذ ، وأرجو أن تضعى زوجك فى إعتبارك ، وأطلب أن تعزوا بعضكم بعضاً ، وساندوا بعضكم بعضاً .

لا أعتقد أن الكلمات وحدها تستطيع أن تقدم العزاء الكافى ، ولكن أطلب منكم أن تهتموا بالصلاة فى هذه الظروف الحالية ، وانا بدورى سوف أصلى من أجلكم ، حتى يلمس الله قلوبكم بنعمته التى تفوق كل عقل ، ويضىء قلوبكم بنوره .. حتى تعرفوا السبب فى موته المبكر فتجدوا تعزية داخل نفوسكم .