بلوغرز مصر تسيطر عليهم السياسة في اجواء الانتخابات الرئاسية
القاهرة - أمينة خيري الحياة - 10/07/05//
بلاد الكنانة في حراك سياسي قوي يؤثر على الفضاء الرقمي.
شهدت حركة «بلوغرز» Bloggers (التي تُتَرجَم أيضاً بالمدوّنات) المصرية نشاطاً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة. وبدأ مُدوّنوها تكوين شبكات تسهل للمتصفحين الوصول إلى البلوغات المطلوبة. وتعتبر «حلقة المدوّنين المصريين» من أبرز المهتمين بهذا الأمر·
فمن بين 309 بلوغ رصدتها تلك الحلقة، صنّفت 44 في المئة منها باعتبارها شخصية، و21 في المئة سياسية، و15.5 في المئة فنية ثقافية، و7.4 في المئة تكنولوجية، و7 في المئة اجتماعية، و2.9 في المئة مُصَوّرَة. ويشير واقع الحال الى سيطرة السياسة على معظمها, وخصوصاً ما تعلق منها بالمشهد السياسي المصري راهناً·
نماذج السياسة عند بلوغرز مصر
«وأنا ماشية في شارع، ورا قسم الشرطة، لقيت صناديق قذرة كثير متكومة بشكل قبيح. لقيت أمامي عسكري سألته، وأنا أدعو الله في سري أن يكون إللي في بالي ده غلط: «لو سمحت إيه ده»؟ «دي صناديق الانتخابات يا آنسة». «آآآآآه، صناديق الانتخابات، لا مؤاخذة، أصل عمري ما انتخبت، ولا أعرف شكلها، بس اللي بشوفه في التلفزيون في أي انتخابات ان صناديق الانتخابات بتبقى إزاز (زجاج) حتى في الدول الفقيرة الصندوق أشبه بباسكت الزبالة من البلاستيك النظيف الشفاف، مش خشب جاية مليانة أصلاً»· (من بلوغ «عايشة وخلاص» لفتاة مصرية في الـ 21 من العمر)·
« من تُفضّل أن يكون رئيساً لمصر: 1- حسني مبارك 2- علاء مبارك 3- ايمن نور 4- عمر سليمان 5- آخرين· نتيجة التصويت الالكتروني جاء بهذا الترتيب 1- آخرون 2- أيمن نور 3- عمر سليمان 4- حسني مبارك 5- علاء مبارك»· (استبيان ورد في بلوغ «أحلامي المبعثرة» لشاب مصري في الـ 24 من العمر)·
« العلماء المصريون يتعرضون لتجاهل إجرامي في وطنهم· أكاديمية البحث العلمي تثير الحنق بسبب كسلها والموقف الحكومي البحت الذي تتبعه· والغريب أن كلمة «حكومة» أضحت متلازمة مع صفات الكسل، البيروقراطية، تحقيق الأغراض السياسية والسرقة» (من بلوغ information junkie لمواطن مصري)·
البلوغ الفوتوغرافي لشاب مصري في الـ 16 من عمره وعنوانه «بلوغ رمسيس الـغرافيك»، يبدأ بهذه الكلمات: «إذا كانت الصورة الفوتوغرافية أبلغ من ألف كلمة، فإن الغرافيك أبلغ من مليون كلمة». وتحت عنوان «تعديل المادة 76 من الدستور»، أربع صور للرئيس مبارك في أعوام 2005 و2011 و2017 و2023 مع تغييرات في تعبيرات الوجه وكتب تحتها «سعياً وراء تدعيم النظام الديموقراطي، وحرصاً على التجديد، ووجود وجوه شابة جديدة تدعم مسيرة مصر الخالدة».
واللافت أن نسبة كبيرة من هذه المدونات تضع ضمن قسم «روابط ذات صلة»، موقع كفاية أي «الحركة المصرية من أجل التغيير»· ويتعرض هذا الموقع كثيراً للتشويش، لا سيما في أعقاب وقوع أحداث مثل التظاهر، أو تعرض اعضاء الحركة للضرب على يد الشرطة أو غيرها.
يُعرّف أعضاء الحركة أنفسهم بأنهم «مواطنون مصريون اتفقوا مع اختلاف اتجاهاتهم على أن الاستبداد الشامل هو السبب الرئيسي» لما تعيشه البلد من مشاكل.
ويعود الى الحركة الفضل في تحريك المياه الراكدة منذ سنوات طويلة في المشهد السياسي المصري. وهي اعتمدت بشكل كبير على شبكة الانترنت في عملها وانتشارها·
فبالإضافة الى موقعها على الشبكة، يعتبر عدد لا يستهان به من «المُبَلْوِغين» من المشاركين في تظاهرات الحركة. وأتاح الأمر فرصة للتعرف عن قرب الى حقيقة ما يجري في تلك التظاهرات. وكذلك للتخلص من هيمنة وجهة نظر الصحافة القومية او الصحف الخاصة ذات الانتماءات المعينة، ومن سيطرة قناة التلفزيون الرسمي الذي يغُض البصر عن كل ما يحدث من غليان في الشارع، ومن توجهات قناة تلفزيونية فضائية تخضع أي تظاهرة لمنظار مكبر لتصنع منه الخبر الرئيسي في النشرة الاخبارية المقبلة· وقدمت الأحداث من وجهة نظر المشاركين فيها.
ففي 18 حزيران (يونيو) 2005، وفي أعقاب التظاهرة التي جرت أمام مبنى أمن الدولة في ميدان لاظوغلي في القاهرة، حضت أحدى المُدوّنات على قراءة البلوغات كمصدر أخباري، باعتبارها: «الطريقة الوحيدة لتتأكد أنك تقرأ أكثر من مصدر»·
منافسة الصحافة التقليدية
بدأت المنافسة اذاً بين المدونات الشخصية (بلوغز) والصحافة المكتوبة، وكذلك البث المرئي- المسموع مصرياً. وتحفل المدونات راهناً بالصور القادرة على اثبات الحقائق· ويشكك البعض بها مشيرين الى امكان التلاعب بالصور. ويؤدي تكرر ظهور الصور في مدوّنات غير مترابطة الى نفي تلك الادعاءات.
الطريف أن أحدهم وضع في خانة «مواقع صديقة للبيئة» المواقع الثلاث الآتية: «الحزب الوطني الديموقراطي»، «موقع خدمات الحكومة المصرية» و»الدستور المصري»· بينما اختار لزاوية «مواقع ضارة بالصحة» :»صراخ جمجمة» و»مراقبة حقوق الانسان (هيومان رايتس ووتش)» و»خربانة يا جدعان»؛ والاسماء واضحة من عناوينها·
وفي هذا الحراك اليومي للمدوّنات الالكترونية، يظهر الغياب التام لحاملي رايات «نعم لمبارك».
قد يلمح الخبثاء إلى أن «البلوغرز» غالباً يكونون من الشباب والشابات الحاصلين على قدر وافر من التعليم والتربية، مما يجعل منهم شخصيات مفكرة وليس متلقية.
ويلمح آخرون إلى أن نسبة عالية من مؤيدي النظام، الذين يملأون صفوف التظاهرات الموالية هم من موظفي الحكومة الذين لا وقت لديهم للتدوين ولا للبلوغز! كما ان استخدام شبكة الانترنت غير وارد بالنسبة اليهم لأسباب كثيرة تتراوح بين ضيق ذات اليد، وضيق ذات الأفق، وغياب ذات الرغبة في التغيير بل والخوف والارتعاب من مجرد التفكير في تغيير الوضع القائم.
لكن هذا لا يعني غياب الحكومة عن عالم الانترنت. فهناك مثلاً موقع «الحزب الوطني الديموقراطي» الذي يطل على المتصفح بإطار أزرق مزين بصور لوجوه مصرية بشوشة سعيدة، في الجامعة، في الحقل وفي الشارع، وتتوسطها صورة الرئيس مبارك بين سنابل القمح، وعبارة «فكر جديد» على جانب الاطار·
ولا يخلو موقع الحكومة المصرية، واسمه بالفعل alhokoma.gov.eg من طرافة. فبعد كلمات الترحيب، يعد الموقع زواره بإنجاز اعمالهم من طريق شبكة الانترنت، ومن دون أن يتحركوا من مكانهم.
ولا تتعرض المواقع المُوالية على شبكة الانترنت للعبث الذي تعانية مواقع «كفاية» أو «الاخوان المسلمين»، الذين يملكون مجموعة من المواقع التفاعلية، اضافة الى موقعهم الرئيسي·
والغريب ان إحدى المدونات الشخصية وعنوانها ikh959.blogspot، ويبدو أنها لـ»مُبَلوغ» إخواني، توقفت أخيراً. وثمة من وضع عبارة «لا شيء هنا»، من الأفضل أن تنقر على Back·
أما مواقع الأحزاب - أو ما يسمى بأحزاب المعارضة - فهي انعكاس الكتروني لجرائدهم. ولا تختلف كثيراً في أسلوبها عن موقع الحزب الحاكم·
http://www.daralhayat.com/science_tech/07-...1539/story.html