تسونامي الشباب
الكاتب: إياد شربجي المصدر: مجلة شبابلك
تسونامي الشباب

يتّهمنا الكبار دوماً- نحن الشباب- باللامبالاة والضياع، وإذا كنا ممن يدعون الموضوعية فعلينا أن نعترف أن هذه هي حالنا بالفعل، بل أزيد على ذلك بإسناد الأدلّة والبراهين إلى تلك الاتهامات لدعم صدقيتها، وانظروا كيف:
في الحقيقة كثير من شبابنا لا يهتمون لأمور تحصيلهم العلمي، ولا المعرفي، كذلك لا يهتمون بصون أخلاقياتهم والمحافظة على مكتسبات بلدهم وممتلكاتهم العامة .
إنهم بالفعل لا مبالون لأن لا شيء يستحق المبالاة باعتقادي حين يفقد أحدنا نفسه، ويشعر بعدم جدواه، ويتحول إلى مجرد "كلمة طنانة رنانة" في خطابات المسؤولين وأحاديث الناس، عندها لن يأبه بشيء إلا بأمور(بسطه واصطهاجه) في محاولة منه لاصطياد اللحظات السعيدة، ذلك أن من حوله لا يمنحونه هذا الإحساس ولا يأبهون كفاية به وبحاجاته المادية والمعنوية، فالسلطات من جانبها تعامله في الأغلب على أنه شخص غير راشد وغير فاعل والدليل أن لا إعلام حكومياً موجهاًً للشباب في الوقت الذي تزخر صفحات الصحف وشاشات التلفزة ببرامج للأطفال وللنساء وللكبار، كما أنها لا تأبه بتحصيله العلمي والمعرفي، وهي غير معنية بتوظيفه وفتح الفرص أمامه، بل إنها متفرغة أحياناً لقمعه ووئد احلامه بشكل منظم ومنهجي.
[SIZE=5]من جانب آخر هناك الأهل الذين يكتفون على الأغلب بإسداء النصح والتوجيه وهم أحوج ما يكونون له، بل في كثير من الأحيان هم نماذج سيئة الدلالة، ولا يمكن الاقتداء بها ولا مجرد الإنصات لها، فهؤلاء الذين علّمونا:( الحيطان لها آذان، اللي بيتجوز أمي بقله عمي، الإيد اللي ما بتقدر عليها بوسها وادعي عليها بالكسر، الهريبة تلتين المرجلة، حط راسك بين هالروس وقول يا قطّاع الروس..) لا يستحقون مجرد منحهم سلطة تربيتنا، ونقترح أن يقتصر دورهم على ما تمليه عليهم الغريزة في تأمين لقمة العيش فحسب.
أما بالنسبة لتهمة الضياع فهي صحيحة أيضاً، لأن من تُسدّ في وجهه جميع الطرق والمفارق، لا بد أن يسلك أي حارة جانبية يعتقد أنها ستكون المخرج المنقذ له.
هنا نقول وبكل بساطة، إذا كان حال شبابنا اليوم بهذا السوء فلأنهم لم ينشؤوا في بيئة صالحة تقوم على إتاحة مساحات أوسع من الحرية والقدرة على التعبير عن الذات وتفجير الطاقات الخلاقة، كما أنهم لم يُحصنوا من الغزو الفكري الدافق من خارج الحدود، وكل ما أنجز في هذا المجال مجرد جملة من التحذيرات والتهويلات غير المسموعة، والتي لا تستند إلى منهج وخطة قادرة على مواجهة هذا الهجوم الطاغي.
ثمة من يقول إن هذا الكلام محاولة للهروب ورمي الفشل على الآخرين، ونقول لهؤلاء إن هذا الاتهام صحيح أيضا، فنحن بالفعل نسعى للهروب من هذه المآزق التي وضعنا بها بغير إرادتنا، وإن طاقاتنا الكامنة سوف لن تبقى كذلك، ولا بد أنها ستقلب الطاولة على من يحتكرون الفهم والوعي والدراية لشخوصهم الكريمة.
إن تسونامي الشباب قادم لا محالة، فهؤلاء وحدهم القادرون على العطاء والتجديد والمالكون لأدوات التغيير التي ستفتت كل الرواسب التي سكنت في مفاصلنا وعقولنا.
إياد شربجي