{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الهدوء المزعج
محمد سلوم غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 16
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #1
الهدوء المزعج
الهدوء المزعج

هدوء الشوارع يلف الأبنية والناس معاً.. وأنا أمام الشوارع والأبنية أمشي كما كنت منذ آلاف السنين.. لأنني أعرف أني كنت هنا قبل التاريخ.
ما زلت بعد السنين الطوال غريباً، لم تتعود علي الأرض ولم تتعود علي الأرصفة ولا الجدران، لا شيء يتعرف علي في هذه البلاد، مع أني لم أتنكر يوماً عبر الزمان لها.
في صخب الهدوء المزعج ما تزال أصوات الأموات تحلق عالياً.. ما تزال الأصوات القادمة من الظلام تتدافع والجسد الذي هدّه ترحال عقيم في دائرة من سواد، يقاوم، علها ترحل، تبتعد، لكنها باقية...
في هذا الجو المشحون بكل شيء الخالي من كل شيء، يطفو رأسي في الهدوء المزعج ويرحل بعيداً عني.. عيون تتوه في خيوط كثيرة من الألوان القاتمة، وترتطم بالأصنام الجامدة، تتعب وتغفو وأراها قد أسدلت جفونها بيديها كي ترتاح، لا أكترث، يجب أن تغمض العيون أحيانا وترحل.
***
هناك... ترتحل أجفاني في كل يوم، أسابق عيوني نحو ظلامي وأرى فجر الأنفاس الجديدة في وحدة مع ليالي خوفي. هناك أموت وأعيش، هناك لا أمل ولا أعذار... كن... فكنّا... ولنبقى دائما كما نحن.
أشعر بأنني حالة خاصة ضمن تعميماتهم الكثيرة، أرفض تصنيفهم وأغفو فوق جسدي لأكون غير ما رسموه... حرب طويلة هي؛ في فوضى ازدحامهم، في فوضى موتهم... من الصعب العيش والنفاذ من خلال الأنفاس الحارقة، من الصعب أن تصير حالة خاصة؛ نزعت بأظفاري جلد رغباتهم عني، ارتديت ثياب الغد لعالم الأمس، مشيت فوق آمالهم وتحت أحلامي في سماء من العدم واضحة الأبعاد وصافية. لا بد من رؤيتهم من هناك، وهناك هو الموت والحياة في غلاف من الوقت، لزج، يمتصك ويسحق صلابتك.
***
عند ناصية أحد الشوارع في تلك المدينة تقف أحلامي كشاهد على قبر أيامي فيها، في تلك الزوايا التي تحيط بي أراقب الوقت المتسلل والهارب من عالمنا نحو اللاشيء. دفنت فيه الكثير من الساعات التي ماتت في زمن كنت أنا فيه تجسدٌ للاشيء. لا أبكي عليها، لا أبكي على شيء، أزور ساعاتي التي ذهبت مني هنا، استرجع لحظات الخواء في بعد رابع غير موجود، أتمنى أن يعود الزمن للوراء... أحبذ فكرة العودة... حياتي قائمة على فكرة العودة وأعرف أن لا عودة في حياتي، لكني أجامل الوقت وأتسلل ضمن ثناياه لأحصل على صكٍ من غفران آلهته يمحي آثامي بحقه... أتعب من الوقوف عند تلك الناصية لأن هدوءاً مزعجاً يحيط بي... لا أريد الهدوء، أريد أن أعود لبيتي، فلتكن عودة نحو المستقبل والقادم، أو عودة باتجاه الزمن الضائع في الوقت الحاضر، أو نحو اللاشيء.
***
عندما متُّ لم أكن اتوقع أن أرمي أوراقي لرياح شمالهم. عندما متُّ مات كل شيء وبقيت هائما في دنيا لا أعرفها... لا أعرف شيئا عنها، متُّ وبقيت تلك الكلمات الساقطة شذرا في لحظة موت غافلة....
ماتَ ودُفِنَ ذاك الذي أدعوه ((أنا)) .. ذهب وبقيت وحيدا دونه، بقيَتْ بضع كلمات رماها لعيونكم، رماها في الهواء، وكانت ((أنا)).
10-10-2008, 04:46 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
mc-sokrat غير متصل
عضو مشارك
**

المشاركات: 30
الانضمام: Jul 2007
مشاركة: #2
الهدوء المزعج
رائعة
10-12-2008, 01:47 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 3 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS