ذات حديث ماسنجري مع صديق أحبه أكثر من أهلي جاء ذكر مجلة "العصور" و حدثني عنها و سال ريقي لما ذكر. المهم كنت أتمنى أن نفكر في مسألة توفيرها للمثقفين العرب أينما كانوا، سواء كانوا في صقاع نجد أو دمياط أو أينما حلوا...أو في المنفي حيث أنا ....المهم، المهم توفير مجلة مثل هذه بشكل إلكتروني لكل مثقف عربي. من يريد أن يساعد؟

أنقل لكم مقال كتبه الأستاذ شهاب الدمشقي عنها:
--------------------------------------
جماعة العصور
بقلم : شهاب الدمشقي

ترجع بدايات الحركة اللادينية العربية الى أوائل القرن الماضي عندما جاء الى مصر قادما من تركيا المصري اسماعيل أحمد ادهم ، اذ عمل بنشاط على نشر الفكر اللاديني هناك ، فكتب رسالة صغيرة اسمها ( لماذا أنا ملحد ؟ ) وطبعها في مطبعة التعاون بالاسكندرية ، كما كتب في بعض المجلات هناك ، ولكن العمل المركز والحقيقي في نشر الفكر اللاديني كان على يد جماعة العصور ..

تُعتبر جماعة ( العصور ) المجموعة الفكرية الاولى التي اقتحمت ساحة نقد الدين والفكر الديني بجرأة وشجاعة وصراحة في بدايات القرن الماضي ، ويرجع الفضل في تأسيس هذه الجماعة الى اسماعيل مظهر الذي أسس مجلة ( العصور ) والتي كانت لسان حال هذه المجموعة والناطقة باسمها ..

ولد اسماعيل مظهر في عام 1891 من عائلة ثرية ، وتلقى تعليمه في القاهرة وانكلترة ، وكان لخاله أحمد لطفي السيد الذي شجعه على تبني الفكر الحر تأثير عظيم عليه ، ولكن اهتمامه بالعلوم الغربية جذبه الى حلقة يعقوب صروف ، فبدأ يكتب في مجلة المقتطف بدلا من مجلة السياسة ، ثم ترجم كتاب داروين " أصل الأنواع " وكتب عدة مقالات في العلوم والفلسفة قبل أن يصدر مجلة العصور ..

وفي عام 1927 أصدر اسماعيل مظهر العدد الأول من مجلة " العصور " وكتب في مقدمتها أن المجلة ستخصص للآداب والعلوم والفلسفة ، وقال أنها ستبحث في قضايا الساعة متحررة من جميع الآراء والنظريات المسبقة التي طالما قيدت الكتاب ومنعتهم من قول الحقيقة .

وما أن ظهرت مجلة العصور حتى تجمع حولها عدد من الكتاب الذين يناصرون الفكر الحر، فانتشرت على نطاق واسع في العالم العربي ، وكتب بعض هؤلاء مثل حسين محمود في الفكر الغربي الحر متناولا آراء برتراند راسل اللاادرية وسواها ، كما كتب آخرون مثل عمر عناية في تاريخ الدين والأفكار الدينية كما لو كانت مجموعة من الأساطير ، ونظم جميل صدقي الزهاوي وأنور شاؤول ( وهما شاعران من بغداد والثاني يهودي ) قصائد حبلى بالافكار اللاادرية ، كما أسهم ابراهيم حداد وكامل كيلاني في كتابة مقالات مماثلة ، ولكن اسماعيل مظهر فاق جميع المفكرين الأحرار في القاهرة بمقالاته الجريئة التي تناول فيها المعتقدات الدينية والتي لم يسبق لأحد أن تجرأ على نشرها ، ففي مقالة له عن علاقة الانسان بالله أشار الى أن من المفاهيم الخاطئة لدى الانسان أعتقاده أن الله خلقه على صورته ، مع أن الحقيقة هي أن الانسان هو الذي تصور الله بطريقة تعكس صورته هو ، أما بصدد الأنبياء فقال أن الله اختار انبياءه من منطقة واحدة تقع بين جبال طوروس والمحيط الهندي ، وبين البحر المتوسط والخليج العربي ، فلماذا اختارهم من هذه الديار ؟ الأن سكانها كانوا شعب الله المختار ؟ أم لأنهم كانوا سادرين في الضلال والكفر الى حد جعل الله يرسل اليهم العديد من الأنبياء ليهديهم سواء السبيل ؟ ثم لماذا سمح الله لشعوب اخرى بأن يتبعوا الأنبياء المزيفين أمثال بوذا وكونفوشيوس وجعلهم ينخدعون بهم ؟ ثم خلص الى القول بأن هذه المفاهيم الخاطئة هي التي دفعته الى الايمان بالفكر الحر .

وقد كتب العديد من كتاب مجلة " العصور " مقالات في نقد طه حسين لعجزه عن الادلاء بآراء واضحة في أمر القرآن ، ونقد علي عبد الرازق الذي ابدى بعض التلون في الكشف عن مواقفه من الاسلام على رأي أحد الكتاب في العصور .. هذا فضلا عن نقد الكتاب الاسلاميين أمثال رشيد رضا وعباس محمود العقاد ..

ولم يقتصر النقد على الكتاب العرب ، بل تجاوز ذلك الى نقد الكتاب الغربيين أمثال سير اوليفر لودج الذي حاول التوفيق بين العلم والدين ، وويل ديورنت الذي عالج بعض الفلاسفة كهيوم وهيغل معالجة ناقصة ، وفرانك كرين مؤلف كتاب : لماذا أنا مسيحي ؟ .

على أن الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 1930 أصابت مصر بالجمود والركود الاقتصادي ، وكان اسماعيل مظهر قد استثمر كل ما لديه في مجلته التي عادت عليه بالشهرة لا بالثراء ، وقد عانى مظهر الأمرين من تلك الازمة الاقتصادية مما اضطره أخيرا الى ايقاف مجلة العصور في عام 1931 ( أي استمر عطاء المجلة أربع سنوات فقط ) .

وعلى أثر توقف مجلة " العصور " حاول ابراهيم حداد ، الكاتب اللبناني ، أن يرفع لواء الفكر الحر في بيروت ، فاصدر مجلة سماها " الدهور " ، ولكن هذه المجلة عاشت سنتين فقط ، ثم توقفت كسالفتها لأسباب مادية ، ولم تصل " الدهور " التي كانت أكثر اعتدالا الى مستوى " العصور " ، ولكن الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي نشر فيها أشهر قصيدة فلسفية له بعنوان " ثورة في الجحيم " مقلدا رسالة الغفران للمعري ، والكوميديا الالهية لدانتي ، وفي هذه القصيدة أعرب الزهاوي عن آرائه المتشككة بالمعتقدات الاسلامية وعالجها وكأنها من الأساطير القديمة .

وبذلك طويت صفحة الفكر اللاديني الحر في المشهد الثقافي العربي .

المراجع :

1- الاتجاهات السياسية في العالم العربي : مجيد خدوري .

2- ملحق كتاب الملل والنحل : محمد سيد الكيلاني .



شهاب الدمشقي

shahabx@myway.com

شوقتنا يا راجل.
كنت أبحث عن كتاب أبكار السقاف منذ فترة طويلة، ولم أستطع العثور عليه، فأنا أملك الأجزاء الخمس الأولى (طبعة العصور الجديدة) لكن الجزء الأخير الخاص بالإسلام نفذ وغير متوافر (في مصر)، حتى أني اضطررت لتصوير بعض صفحاته - كنت أحتاج لها- من دار الكتب.
لذلك أتمنى أن يكون الكتاب موجود عندك كاملاً pdf .
(الملف المرفق به الغلاف فقط..:mad2: )
أما بالنسبة لمجلة العصور فقد أعيد إصدارها من فترة قريبة(هيئة الكتاب) وهي بمثابة وثيقة تدل على الانحطاط الفكري الذي وصلنا إليه الآن.. (بفضل الله)
وقد حاولت دار سينا للنشر بعثها للحياة مرة أخرى فأصدرت (العصور الجديدة) وصدر منها 19 عدد وتوقفت (آخر عدد فبراير/مارس 2001) ثم لحقتها مباشرة دار النشر نفسها !! وكانت خسارة كبيرة.
تحياتي، وفي انتظار الكتاب..
:97:

صديقي الغالي جدًا فولتير:

أعدك أنه عن قريب تفتح الـ إيميل بتاعك و تلاقي مفاجأة و هي الكتاب كامل ;) و مين عندي أعز من فولتير؟! على فكرة، أنت في بالي دوما و أشعر بالإحباط أني لم أقدر للآن أن أحقق لك طلبك بخصوص كتاب ابن المقفع، و أعتقد أننا تحدثنا بخصوص مقالة فرنشسكو جبرييلي و الوارد ذكرها في ص. 53. المشكلة يا صديقي حسب ما أظن أننا نطلب عدد من مجلة الدراسات الشرقية و أنا لا أعرف كيف أصل إليها كاملة فاستعارة كتاب أحيانًا أسهل من استعارة مجلة. لكن أرجوك أن تنبهني لأي بيانات قد تفيدني في طلب هذا الكتاب أو هذا الفصل في مجلة الدراسات الشرقية.

نفسي انسدت يا فولتير يا خويا لما سمعت أن المجلة وصلت لهذا المستوى من الانحطاط الفكري. أنا عايز أن احنا نجيب الأعداد القديمة. سمعت أنهم طلعوا بشكل ما في مجلدين. ممكن نجيبهم و نشتغل عليهم. و بكدة بنكون بنوفر ثروة فكرية من إفراز تراثنا الشرقي و مش مناهج غربية زنديقة ;) :devil:

فرحان قوي قوي أني أشوفك هنا يا فولتير. نفسي أرجع و أقرالك هنا زي زمان.. برغم أي اختلاف في سوء القراءة أو الفهم من جانبي قديما، إلا أني أحبك جدا جدا.

صديقك دوما،

برهومة

(f)

عزيزي ابراهيم،
(f)

اقتباس:نفسي انسدت يا فولتير يا خويا لما سمعت أن المجلة وصلت لهذا المستوى من الانحطاط الفكري.

لم أقصد هذا، ما قلته هو..
[QUOTE]أما بالنسبة لمجلة العصور فقد أعيد إصدارها من فترة قريبة(هيئة الكتاب) وهي بمثابة وثيقة تدل على الانحطاط الفكري الذي وصلنا إليه الآن
أقصد أن عصر مجلة العصور كان أفضل من الآن.
السؤال الآن..
هل كان الاحتلال الأجنبي هو السبب - أو السبب الرئيسي على الأقل- فيما وصلنا إليه من من نهضة وحرية فكرية في الفترة ذاتها؟

اقتباس:هل كان الاحتلال الأجنبي هو السبب - أو السبب الرئيسي على الأقل- فيما وصلنا إليه من من نهضة وحرية فكرية في الفترة ذاتها؟

في رأيي الأجواء التي عاشتها مصر وبلاد الشام بعد إلغاء الخلافة العثمانية كانت دافعاً للشخصيات المفكرة آنذاك للبحث عن طريق آخر للعيش غير طريقة الاسلام .. لذلك كانت الأفكار المتحررة والمُحررة ذات فاعلية وتواجد قوي لأن الساحة الفكرية كانت شبه خالية من الإسلام السياسي .. لكن بظهور الأخوان المسلمين بدأت التصفيات الجسدية والاقتصادية والنفسية بالظهور لتبتلع أغلب التيارات الأخرى المخالفة لها .

أما الاستعمار فإنه ما يزال كما كان ... تتغير الأسماء والأماكن .. أما الأصل فهو باقٍ بقاءً محكماً .

اقتباس: فكتب رسالة صغيرة اسمها ( لماذا أنا ملحد ؟ ) وطبعها في مطبعة التعاون بالاسكندرية ، كما كتب في بعض المجلات هناك ،

حاولت أن أبحث عن هذا الكتاب في مكتبة الكونجرس و أقوم بإعادة كتابته ليتم توفيره في صورة ملف ورد للجميع. لكن لم أجد كُتيب بهذا الإسم. كل ما وجدته من كتب لم يتجاوز الأسماء التالية:

http://catalog.loc.gov/cgi-bin/Pwebrecon.c...SE=1&HC=8&SID=5

بماذا تقترحون؟

هل هنا أحد يعرف إسم الكتاب الذي جاءت به هذه الرسالة؟ أو الكتاب الذي يعتبر ذروة فكره في هذ المجال و لكنه نفد طبعه؟ الرجاء أخبروني و سأبذل قصارى جهدي.

بالنسبة لمجلة العصور، وجدت أنها لديهم و لا أعرف كم عدد على الرابط التالي:
http://catalog.loc.gov/cgi-bin/Pwebrecon.c...519101014&SID=6
بحسب كلامهم يوجد مجلد على الأقل، سأحاول طلبه في أقرب فرصه و تصويره و جمع فريق للعمل. :loveya:


مشكورون يا رجال و يا رجالات.

I am confused!

أنا متلخبط!

في سنة 1961 أصدر إسماعيل مظهر كتاب بعنوان:
Mazhar, Ismail. Isl¯am l¯a al-Shuy¯u`¯iyah, ta'l¯if Ism¯a`¯il Mazhar.

«إسلام لا شيوعية»

أتوقع هذا العنوان من واحد مثل سيد قطب. لكن فكر حر و كتاب بهذا العنوان؟!

كيف؟

:?:

سلامتك من اللخبطة مولانا (f) .... خليها لأمور أهم :)

المهم ... قرأت ذات مكان بأن اسماعيل مظهر قد ( تاب ) و ( أناب ) عن أفعاله التي كان يمارسها مثل إصدار مجلات متحررة ودفاعه عن داروين ونظرية التطور وغيرها من الأمور التي تهز إيمان المؤمنين!!


المهم .. وإن حدث مثل هذا الأمر، فهو ليس الأول ولا الآخر وليس بيده شيء .. مثله مثل خالد محمد خالد ! وغيرهم*

ومثل هذي الأمور تُفسر بالنظر إلى الزمان الذي سلكها، ففي حالتنا - إسماعيل مظهر - نجد تاريخين [ 1927 ] و [ 1961 ] ... وهذين التاريخين يمثلان الشاطر والمشطور .. وما بينها كامخ - وفي رواية أخرى طازج - والكامخ هنا هو ثورة يوليو وما تبعها من ظهور قوى الإسلام السياسي.

* وقد وجدت في الموقع التالي قائمة باسماء بعض هؤلاء الكتّاب:

من التبعية إلى المواجهة

الدكتور منصور فهمي
الأستاذ إسماعيل مظهر
الدكتور مصطفى محمود
الدكتور محمد عمارة ( ما غيره)
المستشار طارق البشري
والأستاذ عادل حسين

والعقّاد وطه حسين كمااان !!

أشكرك جزيلا عزيزي سيتا على ردك السريع و اهتمامك الذي كنت بحاجة شديدة إليه لتوضيح هذا اللبسْ. متفهم جيدا موقف أستاذنا علي مظهر لأن جميعنا يمر بوقت لا يسعه سوى أن يقول: (( مجبر أخاك لا بطل)) :no: فأنا متعاطف جدًا معه و مع غيره ممن تضطرهم المواقف لمثل ذلك. لكن ما يهمنا هو العثور على درره من مرحلة 1927 و إلى ما قبل ثورة النحس و التي قادها غفر 23 يوليو و الذين كانوا بداية عهد أمية المتعلمين من حتى خريجي الجامعات مع أنه قبلها كان المحامي في مصر لا يقل شأنا عن الطبيب بل كان مثلا المحامي شاعر و فقيه أو لاهوتي إلخ.

أريدك أن تنقب مع بقية الزملاء عن تراث هذه الحقبة بما فيه من فكر حر و سأحاول قدر طاقتي الحصول عليه وأنا رجل فعل لا كلام. منذ لحظات أرسلت 3 طلبات إلى مكتبة الكونغرس، اثنان منها لمجلد عصور القديم و الثالث لكتابه حرية الفكر لعل به ما يحفز المثقف العربي على دعم الفكر الليبرالي. كما يبدو لك، أنك حدثتني عن مجلة عصور و أنا مذ سمعت بها لم أذخر دقيقة في البحث المضني و أتمنى أن تصلني و أبدأ العمل فورًا. أيضا أحب أن أطمئن من سألني عن كتاب "الشخصية المحمدية" أن طلبه لا يزال في بالي و هو قيد التجهيز. عمومًا أرجو إمدادي بأفكار فيما يخص ذخائر التراث العربي الليبرالي و التي إما نفد طبعها أو تمت مصادرتها و أرادوا أن ينساها التاريخ و لكن اليوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم و أرجلهم أن التاريخ يسجل فقط و لا ينسى.

(f)