الكتاب: المسكوت عنه-الجذور الوثنية للأديان التوحيدية
الكاتب: وليد المنسي
الناشر: دار عشتروت- بيروت طبعة اولى 2003

يقتحم كتاب(المسكوت عنه-الجذور الوثنية للأديان التوحيدية) احد أكبر الحصون المحرّمة في النص المقدّس، وهو فكرة قيام الأديان التوحيدية الثلاثة(الإسلام والمسيحية واليهودية) على الدحض المطلق لكافة الديانات المحلية التي كانت قائمةً قبلها، والمستندة أساساً على تشخيصٍ طوطميٍّ(بدرجاتٍ مختلفة) للإله أو الآلهة المتعدّدة. وذلك في مقدمة واربعة فصول.

في الفصل الأول يتناول الكاتب مسألة وجود ثلاثة طواطم مستمرة في الوجود وبأشكالٍ متعدّدة لدى الديانات التي كانت سائدةً قبل ظهور الديانات التوحيدية الثلاث، وهي(القرن/الكبش-إيل، والقمر/الشمس-سين/والحية-الشيطان)، واستمر وجود تلك الطواطم في اليهودية ومن ثم المسيحية والإسلام .
فالقرن هو الدال على العظمة والملك، والقمر/الشمس الدال على الضياء والنور المنعكس على القرن/الكبش، والحية رمز السلف والخصوبة والخلود والقدرات العلاجية والمعرفية، وفي مراحل متقدمة رمزاً للشر*.
وفي الفصل الثاني يتحدّث الكاتب عن اليهودية التي يراها نتاجاً لاندماج عقائد الديانات المصرية مع عقائد الساميين من جهة، وعقائد النوبيين من خلال موسى الذي يّعي الكاتبُ أنّه كان أميراً نوبيّاً تزعّم اليهود في ظروف غامضة، بعد تأثّره بتوحيد أخناتون.
أما ثلاثية الطواطم المقدّسة فيرى وجودها في اليهودية من خلال القرن الذي هو(الكبش-إيل-العجل الذهبي)، والحية(الشيطان)، ويهوه(وهو نفسه إله الشمس) الذي تم توحيدهبعد فترة منتصراً على إيل(الكبش) الإله الكنعاني الذي عبده اليهود.
كما يقدّم الكاتب معلومةً متداولة جدّاً بين الأوساط المهتمة بتحليل الفكر الديني(أنطولوجيّاً وأبستمولوجيّاً) وهي كون الختان البديل عن القربان البشري الذي كانت تقدّمه الشعوب لآلهتها، وهذا ما استمر في قصة(إسحق-اسماعيل) التوراتية القرآنية.

أما المسيحية(التي تناولها الكاتب في الفصل الثالث) فيرى ثلاثية الطواطم فيها متجسّدة في إله الشمس الملتصق اسمه باسم المسيح(يسوع-يهوشع)، والقرن(إيل) الذي كان الاسم الوحيد الذي أطلقه المسيح على الإله عدى ألقاب الرب والأب، بالإضافة إلى اتخاذ المسيح اسم(الحمل) أي ابن الكبش(إيل). والحية التي بقيت مجسّدةً للشيطان أو التنّين رمز الشر.

وفي الفصل الرابع يتحدّث الكاتب عن الإسلام، مبتدئاً بإظهار مدى انتشار عبادة الشمس والقمر في الديانات العربية القديمة، وانتقال عبادة الآلهة الآرامية و الكنعانية إلى العرب عن طريق السوريين الأنباط**.
ثم يتحث الكاتب عن جذور الدين الحنفي العائد بالأساس إلى قيام أهل أوغاريت بتوحيد الإله (إيل) وإلغاء حضور باقي الآلهة، ومن ثم انتقال ديانة التوحيد إلى الجزيرة العربية، والتقارب الشديد جدّاً بين مفاهيم الحنفية والإسلام***.
ويعّرج الكاتب على موضوع آلهة العرب وتاثيرها وورودها في القرآن، أما الثلاثية المقدّسة في الإسلام فهي الكبش(إيل-إل-الله)، وقد أشار الطبري إلى أن تعليق قرني الكبش في الكعبة هو أول الإسلام، كما أن الهلال المتشابه مع قرني الكبش هو الرمز الأكثر شهرة في الإسلام، ولا تزال اللغة العربية تستخدم كلمة(آل) للدلالة على النسب.
أمّا القمر فهو مرتبطٌ بالطواطم ذات القرون كالكبش، ويذكر الكاتب مدى قداسة القمر إسلاميّاً، فهو مقياس التقويم،بالإضافة لذلك يعتبر أنّ السورة القرآنيّة(ياسين) هي مناجاة للقمر(حيث أن سين بالآرامية واللغات العربية الجنوبية تعني القمر)، ومن هنا بفسّر الكاتب تحريم المذهب المالكي التسمية باسم ياسين.
كما ان الحية مشتقّة لغويّاً من الحياة أي الخلود والتجدّد الدائم، ومن أسمائها العربية الشيطان، وهي مرتبطة بالشر بتأثير مباشر من قصة آدم وحواء التوراتية القرآنية.

الكتاب جدير بالقراءة، إلا أنه لم يقم بتغطية الموضوع بشكلٍ كامل، فالديانات التوحيدية لم تستند فقط للديانات الفرعونية كما ذكر الكاتب، بل أن لها جذورا(لربما كانت أعمق) هي الجذور السورية (الأوغاريتية البابلية الأكادية.....). هل ننسى قصة ولادة سرجون الأكادي المتشابهة إلى حد كبير مع قصة ولادة موسى، وقصة موت بعل الأوغاريتي وعودته إلى الحياة والتي تبدو شبه متطابقة مع قصة صلب وقيامة المسيح، وملحمة كلكامش بما تحويه من أفكار حول الخلق من طين وموضوع الطوفان،..........(ونلاحظ هنا عدم ذكر الكاتب شيئا عن تأثير بابل في التوراة، بل يؤكد انبثاق اليهودية من الفرعونية، بالرغم من قيام البابليين مرتين بسبي اليهود ونقلهم إلى مدينتهم).
وربما كان الجذر السوري الأوغاريتي هو الأقدم، وهو ما يذكره الكاتب نفسه عندما يقول أن تأليه الإله الواحد(إيل) قد عرفته اوغاريت في الألف الرابع قبل الميلاد.
كما يذكر الكاتب أن أصل كلمة عرب آتٍ من اللغة العبرية، مع أن كلمة عرب الدالة على البدو ساكني الجزيرة العربية(العربة باللغة الآشورية وسكانها عريبو) قد ذُكر في المدونات الآشورية قبل التوراتية بكثير.
ويبقى موضوع تأثير الديانات السورية الباطنية (الفيثاغورسية، عبادة مترا، الهرمسية)في المسيحية بدايةً ومن ثم في الديانات الباطنية (المرتبطة بالإسلام كمرحلة أخيرة) والمنتشرة في بلاد الشام .

إن عنوان الكتاب كبيرٌ جدّاً ويحتاج إلى مجلدات ضمة لتغطيته بشكل جيد، ومع الاحترام لجهد المؤلف إلا أنه كان من الأجدر به تسميته(من الجذور الوثنية للأديان التوحيدية)
___________________________________________

الحواشي

* ( انظروا المجادلة الشهيرة في القرآن والتوراة بين الله وإبليس الشيطان حول السجود لآدم ).
** (اذكروا قصة عمرو بن لحي الذي تقول القصة العربية أنه جلب عبادة الأصنام إلى الجزيرة العربية من بلاد الشام)
***(انظروا إلى القصة القرآنية المأخوذة المتشابهة مع الأساطير العربية و التوراتية والتي تنص على قدوم ابراهيم من سوريا ومجيء ابنه اسماعيل في مكة والذي أصبح اباً للعرب المستعربة أي التي أصولها من خارجة العربة-الجزيرة العربية)

الزميل المحترم arfan:

هذا الموضوع، في نظري، من المواضيع المستهلكة و التي طحنوها بحثا و عجنًا و خبزًا. كتب فيها جورجي كنعان و محمد سليم الحوت و طبعا فراس السواح و صموئيل نوح كريمر و "الشلة المباركة". هل تعتقد أن المؤلف قام بتكرار ما سبقه فكان النتاج تحصيل حاصل أم أنه أضاف للبحث العلمي في قضية الألوهة شيء جديد؟ مما عرضته واضح لي أنه مجرد تكرار لما سبق و سمعناه. هذا الموضوع كان له بريقه البحثي في مطلع القرن الـ 19 و تطور جدا و تطورت معه المفاهيم؛ فالقول مثلا بأن إله الإسلام أصله سين إله القمر كجملة على الإطلاق تدل على أن الباحث، سطحيًا يبدو لي، في طور الحبو على أطرافه و لم تر عينه شمس زخم المعرفة البحثية المتقدمة في هذا الميدان.

ما رأيك؟

و أنا من المهتمين جدا بمثل هذه الموضوعات.

(f)

عزيزي عرفان ..

اوافق العزيز ابراهيم فيما قال .. و المشكلة اننا في هذه المواضيع بالذات نفتقر الى الباحث و المدقق و هذا ما نحتاج اليه بحث و تنقيب و افكار جديدة و ليس نقل و حتى شرح لأفكار طرحت و نوقشت و استهلكت ...
لم أقرأ الكتاب و لكنني استشفيت من كلامك انه مجرد نقل افكار و تكرار لأفكار طرحت من قبل .. ربما كنت مخطىء في كلامي و لكن اذا كنت قد قرأت الكتاب و لديك اطلاع على على الكتب المطروحة من قبل في هذا الموضوع فحبذا لو تشاركنا الأفكار الجديدة و الطروحات القيمة في هذا الكتاب ..

بالنسبة لي أفضل من كتب بهذه المواضيع هو فراس سواح .. و بذكر فراس سواح عزيزي ابراهيم انشالله يوم السبت بكون رجعت لأني الآن في كوريا بشوية شغل .. و سأحاول ان اجد طريقة لنسخ دين الانسان

تحياتي

اقتباس: و بذكر فراس سواح عزيزي ابراهيم انشالله يوم السبت بكون رجعت لأني الآن في كوريا بشوية شغل .. و سأحاول ان اجد طريقة لنسخ دين الانسان

تكرم عزيزي باسل و ما يحرمنا منك يا غالي...شوية شوية راح يصير الكتاب كامل يعني خد وقتك و المهم أننا نتذكر مدى وصول فكر بهذه القيمة على الانترنت حيث تسود الغوغائية و الكتاب القيم يندر جدا حتى في المكتبات العامة.

و بما أني من عشاق عايدة الشاعر، اسمح لي أن أهديك أغنية حلوة، فالحياة مش كتب و بس ;)

[RAM]http://egyptian2.salmiya.net/songs/AidaAlshair/ram/AidaAlshair1.ram[/RAM]