جوناثان ماركوس
مراسل بي بي سي للشؤون الدبلوماسية


كانت الشوارع والأزقة الضيقة في مدينة الناصرة يوما ما تعج بالسياح والمتسوقين.

هذا كان قبل اندلاع الانتفاضة، أما الان فالركود يسود الحياة التجارية.

"الناس لا يأتون للتبضع"، هذا ما قاله أحد البائعين، بينما أضاف زميله: "بعض السياح يأتون ولكنهم يقيمون ويأكلون في مكان اخر. يلقون نظرة سريعة على الناصرة ثم ينصرفون".

مدينة الناصرة هي أحد مراكز التجمع السكاني الكبرى للعرب في اسرائيل، حيث يقيم 1،3 مليون عربي أي ما يضاهي 20% من مجموع السكان.

يشكل المسلمون 80% من العرب في اسرائيل بينما يتوزع الباقون ما بين مسيحيين ودروز.

تأثير الانتفاضة
أدى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2000 الى حدوث مصادمات غير مسبوقة بين العرب الاسرائيليين والشرطة الاسرائيلية انتهت بمقتل 13 عربيا منهم 12 يحملون الجنسية الاسرائيلية خلال أسبوع واحد.

على اثر هذه الأحداث تشكلت لجنة خاصة برئاسة قاض في المحكمة العليا للتحقيق، وجاء تقريرها ليفتح الجروح، فبينما أشار الى تنامي التطرف في المجتمع العربي فانه أيضا خلص الى ان الحكومة الاسرائيلية تعاملت مع الوسط العربي بشيء من الاهمال بل والتمييز، كما انتقد التقرير سلوك الشرطة الاسرائيلية مع المتظاهرين العرب.

توجهت الى محمد دراوشة وهو أحد أفراد احدى أعرق العائلات في الناصرة وأحد كبار الباحثين في قضية العلاقات العربية اليهودية في اسرائيل لمناقشة تأثير الانتفاضة على مواقف العرب في اسرائيل.

قال لي دراوشة ان الانتفاضة قد سلطت الضوء على المأزق الذي يواجهه العرب الاسرائيليون، وأضاف ان العرب يريدون أن يعاملوا كمواطنين يتمتعون بحقوق المواطنين الاخرين (اليهود منهم بالتحديد) ولكن هذا "بقي حلما".

أدت الانتفاضة الى تقوية الشعور بالهوية الفلسطينية بين العرب الاسرائيليين، والنتيجة ان معظم العرب الاسرائيليين اليوم يحسون بأنهم فلسطينيون يحملون الجنسية الاسرائيلية.

في فندق الامباسادور في القدس الشرقية التقيت عزمي بشارة النائب في الكنيست الاسرائيلي منذ عام 1996.

قال لي بشارة ان الانتفاضة أدت أيضا الى تعزيز الميول القومية بين اليهود أيضا، وقال ان كل ما يريده هو أن يكون العرب في اسرائيل مواطنين كاملي الحقوق.

أضاف بشارة:" لن أحتفل يوما بعيد استقلال اسرائيل، ولكني أقبل المواطنة الاسرائيلية وألتزم بالقانون الاسرائيلي، وبالتالي فأنا أصر على المساواة. هذه قضية لن تنازل عنها".

أحد الأمور التي يشكو منها العرب في اسرائيل ان مجالسهم المحلية تحصل على تمويل لمشاريعها أقل مما تحصل عليه المجالس اليهودية المشابهة.

"مطلوب اتخاذ خطوات"
طرحت الموضوع على الحاخام مايكل ميلكيور نائب وزير التعليم في اسرائيل والذي يحظى باهتمام كبير لتشجيعه الحوار بين الأديان، الذي قال لي ان اسرائيل لم تنعم بيوم واحد من السلام وهي لا تزال تحاول تحديد علاقتها بالأقلية العربية، ولكنه أكد انه يجب زيادة الانفاق في المناطق العربية.


دراوشة: لم يتحقق حلمنا بالمساواة
وأضاف نائب الوزير: " هناك فهم واضح الان لضرورة اتخاذ خطوات ثابته من أجل اصلاح أخطاء الماضي".

وقال ميلكيور انه لا يمكن انكار العلاقة بين المشاكل التي يواجهها العرب الاسرائيليون والنزاع القائم الا ان قضية المساواة يجب أن لا تبقى "رهينة" للنزاع السياسي وغياب السلام مع الفلسطينيين.

يؤكد الحاخام ان هناك ما يجب عمله ومن الضروري البدء في مجال التعليم.

من الخطأ الافتراض ان تغييرا دراماتيكيا على وشك أن يحدث ولكن من الواضح ان الانتفاضة ساعدت على تعزيز احساس العرب الاسرائيليين بأنهم فلسطينيون يحملون الجنسية الاسرائيلية.

هذا وصف استخدمه حتى رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون، وهو ما يشير الى ان ان هناك تغييرا في المواقف القديمة يحدث ببطء بينما يستمر النضال ضد التمييز المستمر منذ عقود.

كانت شوارع الناصرة تعج بالسياح