{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
مجنون ليلى
كمبيوترجي غير متصل
أحن إلى أمي
*****

المشاركات: 5,154
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #1
مجنون ليلى
دعوهم يقولوا عن الحب ما شاءوا في هذا الزمان، و لكن ادعوهم ليتوقفوا برهة على قصة. قصة حب خالدة خلود الزمان، باقية ما بقيت في الأرض الأديان، ملهمة الشعراء متخذي الأخدان، يا ليته يرويها لكم صاحبها، لتعلموا كيف الحب في هذا الزمان....

أقرأ عزيزي و تمعن، و تشرب القصة و من جمالها تمكن، ففيها من عذب الكلام، و تكالب الآلام، ما عجز عن وصفه الأنام:

"كان في زمان خلافة عبد الملك بن مروان رجلٌ من أهل المفاخر و أصحاب المناصب و المآثر، يقال له الملوَحُ بن مُزاحم، و كان من سادات بني عامر، و له من الأولاد الذكور ثلاثة أنفار، كأنهم البدور، و كل بالأدب مذكور و مشهور. منهم قيس، و هو صاحب هذه السيرة، الذي اشتهر بالعشق و حسن السريرة، و كان أصغر إخوته عمرا، و أعلاهم همة، و أرفعهم قدرا، و أفصحهم كلاما، و أجودهم نظما و نثرا، و أعلمهم بالأدب و أخبار العرب. و كان مع هذه الأوصاف جميل المنظر، عالي الهمة، لطيف المحضر، فصيح الكلام، قويم القوام، كأنه البدر التمام، حافظا ذمام الاحتشام. قد نطق بالشعر و هو ابن سبعة أعوام، و كان أعز إخوته عند أبيه نظرا لأوصافه و حسن مساعيه، لأنه كان قد حاز جميع الصفات البديعة، و الأخلاق الكريمة الوديعة. و صاحبته هي ليلى بنت مهدي، تتصل بنسبه في كعب ابن ربيعة، و كنيتها أم مالك بدليل قوله"
تَكادُ بِلادُ الله يا أم مالكٍ .... بما رَحبَتْ يوماً علي تضيقُ

و كانت سمراء اللون، قصيرة القامة، فصيحة الكلام، و على خدها اليمين شامة. و كان سبب عشقه لها انه ركب يوما على ناقة له، و خرج من الحي على سبيل النزهة و التسيير، و عليه حلتان من الديباج و الحرير، فأقبل على بعض الغدران فوجد عليه جماعة من البنات و النسوان، فحياهن بالسلام، و تكلم معهن بأفصح كلام، فأعجبهن غاية الإعجاب، و كانت ليلى من جملتهن، فنزل و جلس معهن، و جعل يحادثهن، و يقلب طرفه عليهن حتى وقعت عيناه على ليلى، فافتتن بها و اندهش، و خفق فؤاده و ارتعش، و قال لها: هل عندكن شيئا من الطعام؟ قالت: لا يا بن الكرام، فعمد إلى الناقة فنحرها، و أضرم النار، و أخذ يشاغلها بالحديث و الأخبار و مناشدة الأشعار، و هو شاخص فيها دون باقي النساء، ثم قال لها: أتأكلين الشواء؟ قالت: نعم أيها السيد المحترم، فطرح الناقة على الجمر في الحال، و قد اعتراه الخبال، و تضعضعت منه الأحوال من شدة الوجد و البلبال. فقالت له ليلى: انظر إلى اللحم هل استوى أم لا؟ فتقدم إلى الجمر و قبضه بكلتا يديه، و سقط على وجه الأرض مغشيا عليه، فأكل الجمر لحم راحتيه؛ فلما رأته على تلك الحالة مدت إليه ذراعها، و شد يده بهدب قناعها، و علمت أنه قد غرق في بحر هواها، و قد اشتهاها و تمنّاها، فتغير لون وجهها من شدة الحياء، و أقام قيس معهن كل ذلك اليوم إلى المساء، ثم ذهب و هو على غير الاستواء من تباريح الوجد و الهوى. فلمّا جن الليل أخذه الافتكار، و صرف ليله بالبكاء و مناشدة الأشعار، فمن ذلك قوله:

نَهاري نَهارُ النّاس حتّى إذا بدا .... ليَ اللّيلُ هزّتْني إليكِ المَضاجِعُ
أُقَضّي نَهاري بالحَديث و بالمُنى .... و يجمعُني اللّيلُ الذي الهَمَّ جامِعُ
إذا مرّ يومٌ من حياتي و لا أرى .... خيالَكِ يا ليلى فَعُمري ضايِعُ
تَضيقُ عليّ الأرضُ حتّى كأنّني .... من الصّبرِ في سِجْنٍ فما أنا صانِعُ

فلما كان ثاني الأيام استدعته للمنادمة و الكلام، و قد داخَلها الحبُ و الغرام، لأنها كانت مغرمة بأحاديث الناس و أشعارها، و كان هو عارفاً بأيام العرب و أخبارها، فتمكّنت بينهما المحبّة و المودّة حتى لم يعد يستطيع على فراقها ساعة واحدة، هذا هو المشهور في كيفية عشقهما حسب ما ذكرناه، و زعم البعض أنّ سبب وقوع الهوى بينهما خلاف ما أوردناه، و هو أنهما كانا قد انتشيا صغيرين يرعيان الغنم بدليل قوله:

تَعَشّقْتُ ليلى و هي غرٌّ صغيرةٌ .... و لمْ يَبْدُ للأترابِ من ثَدْيها حجمُ
صَغيرَيْنِ نَرعى البَهْمَ يا ليتَ أنّنا .... إلى الآن لم نَكْبُرْ و لم تَكْبَر البهمُ

فتحابا و مضى على ذلك برهة و هما بأطيب عيش و نزهة، ثم حجبت عنه كما سيأتي الخبر، و جرى عليه ما لم يجر على قلب بشر، و على كلا الحالتين عرف كل منهما ما عند الآخر؛ و كان قيس يذهب في كل يوم إلى أبياتها، فيقف حتى يراها فيشكو إليها ما عنده من حبها و هواها، و لم يكن له داب إلا البكاء و الانتحاب و مناشدة الأشعار في الليل و النهار؛ و أقام أياما لا يلذ له حال، و لا ينعم له بال حتى اعتراه السقام من شدة الوجد و الغرام.

فلما كان ذات يوم سألها قيس أمرا من الأمور لينظر هل له في قلبها مثل الذي لها في قلبه، فمنعته حاجته، و أظهرت النفور، و كان قصدها بذلك امتحان الصحبة لترى ما عنده من المحبة، فقال لها قد أخلفت العهود على خلاف الأمل المعهود، ثم اصفرّ لون وجهه، و تغيّر و كاد يتفطّر، و أنشد يقول:

مَضَى زَمَنٌ و النّاسُ يَسْتَشْفِعونَ بي .... فَهَلْ لي إلى ليلى الغَدَاةَ شفيعُ
يُضَعِّفُني حُبّيْكِ حتّى كأنّني .... مِنَ الأهْل و المالِ التّليدِ نَزيعُ
إذا ما نََهَاني العاذِلونَ بِحُبِّها .... أبَتْ كَبِدي مِمّا أُجِنُّ تُطيعُ
و كيفَ أُطيعُ العاذِلينَ و حُبُّها ... يُؤَرّقُني و العاذِلونَ هُجُوعُ

فلمّا سمعت شعره بكت من فؤادٍ متبول و أنشدَت تقول:

كِلانا مُظْهِرٌ للنَّاسِ بُغْضاً .... و كُلٌّ عِنْدَ صاحِبِهِ مَكِينُ
و أسرارُ الملاحظ لَيْسَ تَخْفى .... و حُبُّكَ في فُؤادي لا يَبينُ
و كيفَ يَفوتُ هذا النَّاس شيءٌ .... و ما في الناسِ تُظْهِرُهُ العُيونُ
فَطِبْ نَفْساً بذاك و قرَّ عَيْناً .... فإنّ هَواكَ في قلبي مَعينُ

فعندما سمع مقالها خَرَّ مغشيّاً عليه من شدّة الوجد و البلبال؛ و لمّا أفاق أنشد و قال:

أُحِبُّكِ حُبّأً لو تُحِبّينَ مِثْلَهُ .... أصابَكِ مِنْ وَجْدٍ عَلَيَّ جُنونُ
حَليفٌ مَعَ الغِزلانِ أمّا نَهارُهُ .... فَحُزْنٌ و أمّا لَيْلُهُ فَأنينُ
فَيَا نَفْسُ صَبْراً لا تَكوني لَجوجَةً .... فما قد قَضَى الرَّحمنُ فهو يَكونُ

يتبع ................"

كانت تلك البداية، و يتبعها أخبار قيس و عشيقته المليحة، و ما لقيا من ضيق العيش و ضعف الحيلة، و ابتعاد المجنون عن الخليلة، حتى إذا مرت الساعات و الأيام و انقطعت بهما عن الحياة المنية، و ابتعدا بحبهما عن البريّة.

اعذروني أحبتي إن انقطعت و ابتعدت، إنما هو ضيق الوقت، و لكن تذكروا في الحال أنّ دوام الحال من المحال......

تحياتي الوردية (f)
05-01-2005, 09:09 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  يقولون ... مجنون كمبيوترجي 0 871 05-24-2009, 02:21 AM
آخر رد: كمبيوترجي
  مجنون الحب orwa 2 945 04-08-2007, 06:22 PM
آخر رد: orwa
  مجنون الحب orwa 2 830 04-04-2007, 08:45 PM
آخر رد: orwa
  ليلى كمبيوترجي 4 1,208 10-19-2005, 03:00 AM
آخر رد: كمبيوترجي

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS