أريد أن أكتب, لا لشيء سوى الكتابة التي اعتدها, و لم أعتن بها, أريد أن أصنع كذبا باقترافي كلاما لغويا, ككل ما يكتب باللغة التي تزخرف المجرد كي يبدو على غير ما يكون فيتنازع الناس و يتجمعوا, يهتفوا و يلعنوا غير دارين بأنهم لا يقولوا ما يختلج بهم من تجرد.

هل يوجد فعلا خير وشر, صالح و طالح, هل كان أسوء البشر يمتلك أن يكون أسوءهم إلا بلغته و فعله الناتج عن الفهم اللغوي, أم كان خيرهم كذلك, لست أدري.

تتزاحم المعاني, المترادفات, المتناقضات, يتجولون في ذهن أحدنا باحثين عن فكرة, عن حقيقة غير لغوية فيسرقوها لصالح اللغة , و تقدم اللغة غنيمتها من للناس بعد أن شوهتها الكلمات فيتنازعون فيهم و تبقى الفكرة حبيسة التجرد إلى أن تسرق بكلمات جديدة فيتنازع الناس حولها من جديد أو يتراصون.

ما هذا ! أهذا فعلا ما كنت أريد أن أكتب, أن أتبرأ من أدواتي, من لغتي التي حملت المعرفة القديمة, من لغتي التي استعارها الله كي تسرق بعضا مما لديه, من لغتي التي حملت اختلافا و عنفا عبر آلاف السنين, أأتبرأ من لغة الإنسان !

لا لم أرد هذا ! لقد أردت أن استخدمها قليلا , كي أتأكد أن كينونتي ما زالت موجودة, ففعلتها مجددا كما فعلها غيري, صنعت نصا يعبر عن أفكار لكنه لا يتحدث باسمها.

أضع كلمات تحدثني عني, تقتبس ما لدي من حب, تصور غضبا لا يخرج مني, يتراكم صمتا , و يستحيل تعبا.

أريد أن أكون جزءا من الإنسانية, المتراكمة من إنسان الكهف حتى إنسان الفضاء, إنسانية تنسى الحواجز الوهمية التي صنعها البشر, أود أن أتخطى الإنشاء الذي أمزقه بداعي أنه لا يقدم شيئا, فقررت أن أحتفظ به هنا و أجعل التمزيق لغيري.

لعنا العنف, لكننا لم نبارك السلم, و إن فعلنا تغاضينا عن إنتاج الثقافة, لم ؟ لست أدري, ربما كنا نبحث عن النظرية, نستجدي ثقافة من أوروبا أو من التاريخ ! مع أن الأدوات لدينا, أقلام صينية , و أوراق من شجر غابات الأمازون.