عزيزي خالد،
اقتباس:هل "يحتاج" الله رجال الدين ليتمم مشيئته؟ أم أن العامة هم الذين يحتاجوهم؟
لنفحص الأمر على ضوء تطورات الوضع في المسيحية.
المسيحية تؤمن أن الله أرسل ابنه في ملء الزمان متجسدا من عذراء لكي يبلغ الرسالة الإلهية في أسمى تجلياتها ووضوحها.
إذن، ابن الله أعلن شخصيا رسالة سماوية مفادها أن سعادة الإنسان تكمن في محبة الإنسان لله ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان محبته لنفسه.
انتخب ابن الله رجالاً درّبهم وأعدّهم لنشر هذه الرسالة ليكونوا البذرة التي ستصبح شجرة تقي بظلالها الناس وتحميهم، أو النور الذي يشع في الظلام، أو الخميرة التي تخمّر العجين كله.
الرسل والتلاميذ انتخبوا بدورهم تلاميذ آخرين ليتموا الرسالة، وهكذا دواليك.
إذن، ابن الله استعان بالإنسان لكي يصل إلى الإنسان. وعليه، نعم الله يحتاج لرجال الدين ليعمم رسالته (لا مشيئته) على البشر أجمعين.
اقتباس:ما هي طبقة رجال الدين ولم نشأت؟
أعتقد أن النبذة المبسطة أعلاه عالجت أيضا هذا السؤال.
اقتباس:لم كانت هناك امتيازات "إلهية" لا تتحقق إلا لهم من ناحية العبادة والرعاية؟
لم أفهم المقصود من السؤال. لربما تقصد ممارسة الأسرار المقدسة، مثل الاحتفال بالذبيحة الإلهية (القداس) ومنح سر العماد، والتثبيت ومسحة المرضى وتزويج الأزواج.
إن كان هذا قصدك، فهي سلطة ممنوحة من المسيح يسوع مباشرة يا صديقي.
بعض الأسرار يحق لأي مؤمن ممارستها في حال عدم وجود كاهن، وبعضها الآخر لا يمكن إلا لكاهن مكرس ممارستها.
اقتباس:من أين استمدوا هذه السلطات؟ وما هي صحة ادعائهم بهذا السلطان؟
السلطان هو سلطان خدمة من ناحية، وسلطان الحفاظ على وديعة الإيمان من ناحية أخرى.
اقتباس:من من الديانات في الدنيا تتبع نظرية ضرورة وجود رجال الدين؟
المسيحية بالتأكيد. لا أعلم عن غيرها. ولكن الإسلامية بالتأكيد تحتاج إلى شيخ (رجل دين) ليؤم الصلاة ويلقي الخطبة،على ما أعتقد.
اقتباس:ما هو الكاهن وما موقعه من الأكليروس؟
أولا كان هناك الرسل الإثني عشر، ومن ثم التلاميذ السبعين. في وقت لاحق انتخب الرسل والتلاميذ رجالاً لمعالجة بعض القضايا الاجتماعية والتنظيمية ليتفرغ الرسل للبشارة بالإنجيل والكرازة. ثم تم انتخاب الشمامسة أيضا للخدمة. وهكذا بدأت تبرز درجات في الخدمة.
حاليا نجد البابا الذي هو خليفة بطرس الرسول.
ثم هناك الكرادلة وهم على وجه العموم رؤساء أبرشيات كبيرة وضخمة تضم تحت جناحيها عدة أبرشيات يرأسها أساقفة تضم بدورها عدة رعايا يرأس كل منها كاهن رعية
إذن، لدينا جماعة مؤمنة، يخدمها كاهن
مجموعة الرعايايشرف عليها أسقف
مجموعة أسقفيات يشرف عليها رئيس أساقفة
بعض رؤساء الأساقفة ذوي السيرة الحسنة ينالون لقب "كردينال" (أي يحق له انتخاب البابا)
وعلى رأسهم أسقف روما الذي هو قداسة الحبر الأعظم
اقتباس:ما علاقة رجال الدين بالحياة العامة عموما والحياة السياسية خصوصا؟
لا يجب أن تربط رجال الدين أي علاقة بالحياة السياسية. ولكن، بما أن السياسة عموما تنعكس على حياة المواطنين الذين هم مسيحيين، إذن لا يجد الكاهن مندوحة عن انتقاد أو استحسان بعض الخطوات السياسية بحسب تأثيرها الإيجابي أو السلبي على الإنسان.
مثلا: انتقد قداسة البابا الراحل الحرب على العراق بكل شراسة. رغم أن الحرب هي عمل سياسي وعسكري، لكن تأثيراته بعيدة المدى وقريبة المدى على الإنسان جعله يتدخل مباشرة من أجل مصلحة الإنسان.
إذن الغاية من التدخل هي دائما وأولا "مصلحة الإنسان".
أكتفي بهذا القدر الآن، بانتظار استفساراتك أو تعليقاتك.
تحياتي القلبية