{myadvertisements[zone_1]}
القرآن وسجع الكهان وشعراء ما قبل الاسلام
سواح غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 99
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #1
القرآن وسجع الكهان وشعراء ما قبل الاسلام
القرآن وسجع الكهان وشعراء ما قبل الاسلام
الباحث : سواح
مقدمة
هذه مجموعة من الابحاث بعضها من اعمالى وبعضها من اعمال باحثين وناقدين آخرين , وجميعها يلقى الضوء على طبيعة القرآن فى سجعه ونظمه , تلك الطبيعة التى يشترك فيها القرآن ويتشابه مع ما نسب لكهان وشعراء الجاهلية .

الدراسة الاولى
كهان وشعراء ما قبل الإسلام
زيد بن عمرو بن نفيل
يقول عنه سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
تعود أرومته إلى قصي بن كلاب وأمه هي أمية بنت عبد المطلب وعنه يقول ابن كثير :
" إنه اعتزل الأوثان ، وفارق الأديان ؛ من اليهود والنصاري والملل كلها ، إلا دين الحنيفية ، دين إبراهيم ، يوحد الله ويخلع من دونه .. وذكر شأنه للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : هو أمة وحده يوم القيامة .. يبعث يوم القيامة أمة وحده .. وكان يحيي الموءودة ؛ يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته : لا تقتلها ، أنا أكفيك مئونتها فيأخذها .. وكان يقول : يا معشر قريش إياكم والزنا ، فإنه يورث الفقر .. فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يحشر ذاك أمة وحده ، بيني وبين عيس ابن مريم – إسناده جيد – وأتى عمر بن الخطاب وسعيد بن زيد إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فسألاه عن زيد بن عمرو بن نفيل : فقال غفر الله له ورحمه ، فإنه مات على دين إبراهيم .. مات زيد بمكة ، ودفن بأصل حراء .. قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل دوحتين " (ابن كثير : البداية والنهاية ، ج2 ، ص 221 ، 224 . ) .
فى قصيدة له نجده يسلم وجهه لله الذى دحى الارض وارسى عليها الجبال
أسلمت ؟!
أسلمت وجهي لمن أسلمت
له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما رأها استوت
على الماء ، أرسي عليها الجبالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت
له المزن تحمل عذبا زلالا
إذا هي سيقت إلى بلدة
أطاعت فصبت عليها سجالا
(ابن كثير : البداية والنهاية ، ج2 ، ص 225 .)
( وفي السيرة النبوية ) لابن هشام ؛ نجد زيداً دخل الكعبة وقال :
" اللهم لو أني أعلم أي الوجوه أحب إليك لعبدتك به ، ولكنني لا أعلمه “
ثم يسجد على الأرض "
(ابن هشام : السيرة ، ج1 ، ص 206 .) .
ويؤكد ( ابن هشام ) أنه حرم على نفسه أموراً – نقلها الناس عنه من بعد كتشريعات ؛ لانبهارهم بشدة ورعه وعلمه وتقواه – مثل تحريم الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ، وما أهل به لغير الله من ذبائح تذبح على النصب (ابن هشام : السيرة ، ج1 ، ص 208 . وانظر أيضا البيهقي ، ج2 ، ص 125 ، 126 . وقد ذكر ابن الكلبي في كتاب الأصنام ص 12 إن النبي ذكر العزي يوما ، فقال :
( لقد أهديت للعزي شاة عفراء وأنا علي دين قومي) .
وتروي لنا الأخبار أن زيدا قد عاصر النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وأنه إلتقاه ؛ عن عبد الله بن عمر : أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لقي زيدا بأسفل بلدح ، فدعاه إلى تناول طعام مما يذبح للأرباب ، فقال زيد للنبي : " إني لست أكل ما تذبحون على أنصابكم " ؟!
ويعلل ابن هشام أكل النبي قبل بعثه نبياً ، لأضحيات أو قرابين الأصنام بقوله : " إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كان يأكل مما ذبح على النصب ، فإنما فعل أمراً مباحاً ، وإن كان لا يأكل فلا إشكال " !! (الشهر ستاني : الملل والنحل ، ج2 ، ص 248 . وانظر أيضا ابن هشام السيرة ج1 ، ص 208 و209 .)
ويورد لزيد شعره القائل في فراق الوثنية :
أربا واحدا أم ألف رب
دين إذا تقسمت الأمور
عزلت اللات والعزى جميعا
كذلك يفعل الجلد الصبور
فلا العزي أدين ولا ابنتيها
ولاصنمي بن عمرو أزور
ولكن أعبد الرحمن ربي
ليغفر ذنبي الرب الغفور
فتقوي الله ربكم احفظوها
متى تحفظوها لا تبوروا
تري الأبرار دارهم جنان
وللكفار حامية السعير
وخزي في الحياة وإن يموتوا
يلاقوا ما تضيق به الصدور
وقال حجير بن أبي إهاب : رأيت زيد بن عمرو بن نفيل ، وأنا عند صنم بوانة – بعدما رجع من الشام – وهو يراقب الشمس ، فإذا استقبل الكعبة ، فصلى ركعة وسجدتين ثم يقول :
هذه قبلة إبراهيم وإسماعيل ، لا أعبد حجراً ولا أصلي إلا إلى هذا البيت حتى أموت ،
وكان يحج فيقف بعرفة ، وكان يلبي فيقول :
لبيك لا شريك لك ، ولا ند لك ،
ثم يدفع من عرفة ماشياً وهو يقول :
" لبيك متعبداً لك مرقوقاً "
(الأصفهاني : الأغاني ، دار الكتب المصرية ، القاهرة ، د.ت ج3 ، ص 123 .) .
وقالت أسماء بنت أبي بكر : " رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائماً ؛ مسنداً ظهره إلى الكعبة ، يقول :
يا معشر قريش ، ما منكم أحد على دين إبراهيم غيري ،
وكان إذا خلص إلى البيت استقبله ثم قال : لبيك حقاً حقاً ، تعبدا ورقاً
ثم قال :
عذت بما عاذ به إبراهيم
مستقبل الكعبة وهو قائم
يقول أنفي لك عان راغم
مهما تجشمني فإني جاشم
(ابن هشام : السيرة ، ج1 ، ص 227 . )
ويقول أيضاً :
إلى الله أهدي مدحي وثنائيا
وقولا رصينا لا يني الدهر باقيا
إلى الملك الأعلى الذي ليس فوقه
إله ولا رب يكون مدانيا
رضيت بك اللهم ربا فلن أرى
أدين إلهاً غير الله ثانياً
(ابن كثير : البداية والنهاية ، ج2 ، ص 205 .)

أمية بن أبى الصلت
يقول عنه سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
تصله أمه رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف ببيت عبد مناف بن قصي (ابن كثير : البداية والنهاية ، ج2 ، ص 206 .) وهو صاحب القول المأثور :
كل دين القيامة – إلا دين الحنيفية - زور !!
وكان يحاور أبا سفيان ويقول له :
" .. والله يا أبا سفيان ، لنبعثن ثم لنحاسبن ، وليدخل فريق الجنة ، وفريق النار "
(ابن كثير : البداية والنهاية ، ج2 ، ص 209 .) ،
وحول عقيدته في البعث والحساب يقول شعرا :
باتت همومي تسري طوارقها
أكف عيني و الدمع سابقها
مما أتاني من اليقين ولم
أوت برأة يقصي ناطقها
أم من تلظي عليه واقدة النار
محيط بهم سرادقها
أم أسكن الجنة التي وعد الأبرار
مصفوفة نمارقها
لا يستوي المنزلان ولا الأعمال
لا تستوي طرائقها
هما فريقان : فرقة تدخل الجنة
حفت بهم حدائقها
وفرقة منهم أدخلت النار فساءتهم مرافقها
(جواد علي : المفصل ، ج5 ، ص 280 و281 . وانظر ابن هشام : السيرة ج1 ، ص 208 و209 . وانظر أيضا ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج2 ، ص 206 : 208 .)
ويقول جواد علي : إن أمية حرم على نفسه الخمر ، وتجنب الأصنام ، وصام والتمس الدين ، وذكر إبراهيم وإسماعيل ، وكان أول من أشاع بين القرشيين افتتاح الكتب والمعاهدات والمراسلات بعبارة :
باسمك اللهم
( استعملها النبي محمد " صلى الله عليه وسلم " ثم تركها واستعمل بسم الله الرحمن الرحيم ) ، وقد روي الإخباريون قصصا عن التقاء أمية بالرهبان ، وتوسمهم فيه أمارات النبوة ، وعن هبوط كائنات مجنحة شقت قلبه ثم نظفته وطهرته لمنحه النبوة (جواد علي : المفصل ، ج5 ، ص 280 و281 . وانظر ابن هشام : السيرة ج1 ، ص 208 و209 . وانظر أيضا ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج2 ، ص 206 : 208 .)
وأمية هو القائل في رب الحنيفية الخلاق :
إله العالمين وكل أرض ورب الراسيات من الجبال
بناها وابتني سبعا شدادا
بلا عمد يرين ولا حبال
وســـــواها وزينهـا بنور من الشمس المضيئة الهلال
ومن شهب تلألأت في دجاها مـــــراميها أشـد من النصال
وشـق الأرض فأنجبت عيونا وأنهارا من العذب الزلال
وبارك في نواحيها وزكي بها ما كان من حرث ومال
يعتبر أمية أحسن الحنفاء حظاً في بقاء الذكر ، فقد بقي كثير من شعره وحفظ قسط لا بأس به من أخباره ، وسبب ذلك عند ( جواد علي ) بقاؤه إلى ما بعد البعثة ، واتصاله بتاريخ النبوة والإسلام اتصالاً مباشراً ، وملاءمة شعره بوجه عام لروح الإسلام ، برغم أنه حضر البعثة ولم يسلم ، ولم يرض بالدخول في الإسلام ، لأنه كان يأمل أن تكون له النبوة ، ويكون مختار الأمة وموحدها ، ولذلك ، برز كنموذج للاستقامة والإيمان والتطهر والزهد والتعبد ، وقد مات سنة تسع للهجرة بالطائف كافرا بالأوثان وبالإسلام (لويس شيخو : شعراء النصرانية ، ج2 ، ص 223.) !!
ويذكر الإخباريون المسلمون أنه لما سمع بخبر البعثة ذهب ليسلم ، لكن بعض أهل مكة علموا بمسيرة ، فأرادوا رده عن غايته ، فالتقوه عند القليب حيث قبر المسلمون سادات قريش في بدر الكبرى ، ولعلم القرشيين بحكمة أمية – التي دعته من قبل إلى تقدير السادات ؛ من حكماء مكة وأشرافها – فقد قالوا له : هل تدري ما في هذا القليب . قال : لا ؛ فقالوا له : فيه شيبة وربيعة وفلان وفلان ، فجدع أنف ناقته ، وشق ثوبه وبكى قائلاً : لو كان نبياً ما قتل ذوي قرابته ، وعاد يرسل نواحه شعراً يرثي قتلى بدر من أهل مكة ، في قصيدته الحائية التي يقول في بعضها :
ألا بكيت على الكرام بني
الكرام أولي الممادح
كبكا الحمام على فروع
الأيك في الغصن الصوداح
من كل بطريق لبطريق
نقي اللون واضح
ومن السراطمة الجلاجمة
الملاوثة المتجح
القائلين الفاعلين الآمرين بكل صالح
المطعمين الشحم فوق
الخبز شحما كالأنافح
خذلتهم فئة وهم يحمون عورات الفضائح
ولقد عناني صوتهم من بين مستشق وصابح
(ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج2 ، ص 212
وقال الإمام أحمد : " حدثنا إبراهيم بن ميسرة أنه سمع عمرو بن الشريد يقول قال الشريد : كنت ردفاً لرسول الله ( أي راكباً معه على بعير واحدة ) فقال لي : أمعك من شعر أمية بن أبي الصلت شئ ؟ قلت : نعم ؛ قال : فأنشدني بيتاً ، فلم يزل يقول لي كلما أنشدته بيتاً : إيه حتى أنشدته مئة بيت " (جواد علي : المفصل ، ج5 ، ص 384 و385 .) ومن هذا الشعر ما يصح الوقوف معه كنموذج – لا شك رائع – لمعتقدات واحد من رجالات الحنيفية ( مع ملاحظة أن هذا الشعر قد يختلف الأمر في نسبته إليه أو إلى زميله في الحنيفية زيد ابن عمرو بن نفيل ، وما عدا ذلك فمتفق عليه ) :
فهو يقول في إيمانه :
الحمد لله ممسانا ومصبحنا
بالخير صبحنا ربي ومسانا
رب الحنيفية لم تنفذ خزائنها
مملوءة طبق الآفاق سلطاناً
وفي إيمانه – مثل عبد المطلب وزيد – بيوم بعث ونشور ؛ يقول :
ويوم موعدهم يحشرون زمرا يوم التغابن إذا لاينفع الحذر
وأبرزوا بصعيد مستو حرز وانزل العرش والميزان والزير
ويستطرد شارحاً مفصلاً عن هذا اليوم :
عند ذي العرش يعرضون عليه
يعلم الجهر والكلام الخفيا
يوم نأتيه وهو رب رحيم
إنه كان وعده مأتيا
رب كلا حتمته النار كتابا حتمته مقضيا
ويحذر من عذاب الدار الآخرة فيقول :
وسيق المجرمون وهم عراة
لي ذات المقامع والنكال
فنادوا ويلنا ويلاً طويلاً وعجوا في سلاسلها الطوال
فليسوا ميتين فيستريحوا
وكلهم بحر النار صالي
وحل المتقون بدار صدق
وعيش ناعم تحت الظلال
لهم ما يشتهون فيها وما تمنوا
من الأفراح فيها و الكمال
وعن إبراهيم ( عليه السلام ) وابنه إسماعيل ( عليه السلام ) اللذين يرجع إليهما الحنفاء عقيدتهم ؛ يحكي قصة الذبح والفداء ؛ في حوار طويل ممتع نجتزئ منه :
ابني إني نذرتك لله شحيصا
فاصبر فدا لك خالي
فأجاب الغلام أن قال فيه
كل شئ لله غير انتحال
فاقض ما قد نذرته لله واكفف
عن دمي أن يمسسه سربالي
وبينما يخلع السراويل عنه
فكه ربه بكبش حلال
وعن يونس يقول :
وأنت بفضل منك أنجيت يونسا
وقد بات في أضعاف حوت لياليا
وعن موسى وهارون ولقائهما بفرعون مصر يقول :
وأنت الذي من فضل ورحمة
بعثت إلى موسى رسولا مناديا
فقلت له أذهب وهارون فادعوا
إلى الله فرعون الذي كان طاغيا
وقولا له :
أأنت سويت هذه
بلا وتد حتى اطمأنت كما هيا
وقولا له :
أأنت رفعت هذه
بلا عمد ، أرفق ، إذا بك بانيا
وعن عيسي وأمه يقول :
وفي دينكم من رب مريم أية
منبئة بالعبد عيسي بأن مريم
تدلي عليها بعدما نام أهلها
رسولا فلم يحصر ولم يترمرم
فقال :
ألا تجزعي وتكذبي
ملائكة من رب عاد وجرهم
أنيبي وأعطي ما سئلت فإنني
رسول من الرحمن يأتيك بانبم
فقالت : أني يكون ولم أكن
بغيا ولا حبلى ولا ذات قيم
فسبح ثم اغترها فالتقت به
غلاما سوى الخلقة ليس بتوأم
فقال لها : إني من الله أية
وعلمني ، والله خير معلم
وأرسلك ولم أرسل غويا ولم أكن
شقيا ، ولم أبعث بفحش ومأثم
ويقول جواد علي ما نصه :
" وفي أكثر ما نسب إلى هذا الشاعر من أراء ومعتقدات ووصف ليوم القيامة والجنة والنار ؛ تشابه كبير وتطابق في الرأي جملة وتفصيلاً ، لما ورد عنها في القرآن الكريم ، بل نجد في شعر أمية استخداما لألفاظ وتراكيب واردة في كتاب الله والحديث النبوي قبل المبعث ، فلا يمكن – بالطبع – أن يكون أمية قد اقتبس من القرآن ؛ لم يكن منزلاً يومئذ ، وأما بعد السنة التاسعة الهجرية ؛ فلا يمكن أن يكون قد اقتبس منه أيضاً ؛ لأنه لم يكن حياً ؛ فلم يشهد بقية الوحي ، ولن يكون هذا الفرض مقبولاً في هذه الحال .. ثم إن أحداً من الرواة لم يذكر أن أمية ينتحل معاني القرآن وينسبها لنفسه ، ولو كان قد فعل لما سكت المسلمون عن ذلك ، ولكان الرسول أول الفاضحين له "
(جواد علي : المفصل ، ج5 ، ص 384 و385 . )
وهذا – بالطبع – مع رفض فكرة أن يكون شعره منحولاً أو موضوعاً من قبل المسلمين المتأخرين ؛ لأن في ذلك تكريماً لأمية وارتفاعاً بشأنه ، وهو ما لا يقبل مع رجل كان يهجو نبي الإسلام ( صلى الله عليه وسلم ) بشعره ، ولا يبقى سوى أنه كان حنيفياً مجتهداً استطاع أن يجمع من قصص عصره ، وما كان عليه الحنفاء من رأي في شعره ؛ خاصة مع ما قاله بشأنه ابن كثير : " وقيل إن كان مستقيماً ، وإنه كان أول أمره على الإيمان ، ثم زاف عنه " (ابن كثير : البداية والنهاية ، ج2 ، ص205 .) .

وفى وصف الملائكة
جاء فى ( الشريعة الإسلامية : بحث في الموروث التشريعي للجزيرة العربية قبل الإسلام )
ورغم البصمة الإسلامية الواضحة في أغلب شِعر أمية إلا أن هناك من أشعاره ما تتضح فيه الروح العربية؟ حيث يستخدم فيه ألفاظ لم تكن تستخدم إلا في شعره مثل قوله:
ملائكة لا يفترون عبادة -- كروبية منهم ركوع وسجد
فساجدهم لا يرفع الدهر -- رأسه يعظم رباً فوق ويمدَّد
وراكعهم يحنو له الدهر خاش -- عاً يردد آلاء الإله ويحمد
ومنهم مُلفٍّ في الجناحين رأسه -- يكاد لذكرى ربه يتفصّد
(شعراء النصراتية - ص 227)
هذا الوصف للملائكة غير مستخدم في الشعر المكتوب بعد الإسلام؟ حيث أنه وصف يعتمد بشكل أساسي على ما جاء في التوراة حول الكروبيم - الملائكة - وهو ما لا نجده في شعر ما بعد الإسلام

قس بن ساعدة الأيادي
يكاد يجمع المؤرخون على موته قبل البعثة بقليل . وقد ورد أن محمد كان يسمع إليه في سوق عكاظ وقال عنه " والذي بعثني بالحق ، لقد أمن قس بالبعث " (الجاحظ : البيان تحقيق عبد السلام هارون ، القاهرة 1948 ، ج1 ص 309 . )
وهذه بعض اقواله واشعاره ( المرجع:العرب قبل الاسلام- سيد القمنى )
يحذر الناس من ويلات يوم القيامة
يا ناعي الموت والأصوات في جدث
عليهم من بقايا برعم خرق
دعهم فان لهم يوما يصاح بهم
فهم إذا انتبهوا من نومهم فرقوا
حتى يعودوا لحال غير حالهم
خلقا جديدا كما من قبله خلقوا
فيهم عراة ومنهم في ثيابهم
منها الجديد ومنها المبهج الخلق

ويصور الكون ويصفه سجعا قائلا:
ليل داج،
ونهار ساج،
وسماء ذات أبراج،
ونجوم تزهر،
وبحار تزخر،
وأرض مدحاة ،
وانها مجردة ،
ان في السماء لخبرا،
وان في الارض لعبرا
واورد سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية نقلا عن : الألوسي : بلوغ الأرب ، ج2 ، ص 244 هذه الخطبة البليغة لقس بن ساعدة
أيها الناس ؛
اسمعوا وعوا ؛
فإذا وعيتم فانتفعوا ،
إنه من عاش مات ،
ومن مات فات ،
وكل ما هو آت آت .
إن في السماء لخبرا .
وإن في الأرض لعبرا ،
جهاد موضوع ،
وسقف مرفوع ،
ونجوم تمور ،
وبحار لن تغور ،
ليل داج ،
وسماء ذات أبراج ،
أقسم قس قسما حتما ،
لئن كان في الأرض رضي ليكونن بعده سخطا ،
وإن لله دينا هو أحب إليه من دينكم
وعن دعوته للتوحيد يقول:
كلا ، بل هو الله المعبود الواحد ، ليس بمولود ولا والد ، أعاد وأبدي ، وإليه المآب غداً
(الشهر ستاني : الملل والنحل ، المطبعة الأزهرية ، القاهرة ، 1951 ، ص 96 .)
وعن حقيقة الموت يقول
فـــــــي الذاهبين الأوليــــــــــن
في الشــــعــــــــوب لنا بصــــائر
لمــــــــــــــــا رأيت مــــواردا للمــــــوت لــــــيس لهــــا مصادر
ورأيـــت قومــي نحــــــوها
تسعي الأصــــــاغـــــر والأكـــــابر
لا يـرجــــعن قــــومــــي إلي
ولا مــــن البــاقين غــــــــــــابـــــر
أيقنت أنـــي لا مـــــحــــالة
حـــيث صـــــار القـــــوم صـــائر
( سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية نقلا عن عبد القادر البغدادي ، خزانة الأدب ، تحقيق عبد السلام هارون ، دار الكتاب العربي 1967 ، ج2 ، ص 264 .)


علاف بن شهاب التميمي
يقول عنه سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
ومنهم علاف بن شهاب التميمي الذي أمن بوحدانية الله وبالبعث والنشور والحساب والثواب و العقاب ، وهو القائل :
ولقـد شهدت الخصم يوم رفاعة
فأخذت مـنه خطـة المغتال
وعلمـت أن الله جـاز عبـده
يوم الحساب بأحسن الأعمال
(الألوسي : بلوغ الأرب ، ج2 ، ص 277 .)

زهير بن أبى سلمى
يقول عنه سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
ومن الحنفاء أيضا من حاز بعض الشهرة ، مثل ( زهير بن أبي سلمي ) ،وذكر أنه كان يتأله ويؤمن بالبعث والحساب . ويروي أنه كان يمر بالعضاة قد أورقت بعد يبس فيقول :
" لولا أن تسبني العرب ، لآمنت أن الذي أحياك بعد يبس سيحيي العظام وهي رميم "
، وقد سلكه ابن حبيب ضمن من حرموا على أنفسهم الخمر والسكر والأزلام (ابن حبيب : المحبر ، ص 238 .) ، وهو القائل مقسماً بالكعبة :
أقسمت بالبيت الذي طاف حوله
رجال بنوه من قريش وجرهم
يمينا لنعــم السيـــدان وجــدتما على كل حال من سحيل ومبرم
(د . جمال العمري : الشعراء الحنفاء ، ص 164 .)
وهو القائل :
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
ولو خالها تخفي على الناس تعلم
ومن هاب أسباب المنية يلقها
ولو رام أسباب السماء بسلم
(ثعلب : شرح ديوان زهير ، الدار القومية للطباعة والنشر ، القاهرة ، 1964 ، ص 35 . )
ثم هو يحدد موقفه واضحا من لعقة الدم في حلف الأحلاف المناوئ للمطيبين في قوله :
ألا أبلغ الأحلاف عني رسالة
وذيبان ، هل أقسمتم كل مقسم
فلا تكتمن الله ما قي نفوسكم
ليخفي ، ومهما يكتم الله يعلم
(ثعلب : شرح ديوان زهير ، الدار القومية للطباعة والنشر ، القاهرة ، 1964 ، ص 35 .)
ثم يقول مؤمناً :
ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أري
من الأمر أو يبدو لهم ما بدا ليا
بدا لي أن الله حق فـــزادنــــي
إلى الحق تقوي الله ما كان باديا
(ثعلب : شرح ديوان زهير ، الدار القومية للطباعة والنشر ، القاهرة ، 1964 ، ص 35 .)

وفى:العرب قبل الاسلام- سيد القمنى
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم
ليخفي، ومهما يكتم الله يعلم
يؤخر فيوضح في كتاب فيدخر
ليوم الحساب، أو يعجل فينتقم

الزبراء
( المرجع:العرب قبل الاسلام- سيد القمنى )
اشتهرت بالسجع وكانت تقسم باللوح والليل والنجم
واللوح الخافق ،
والليل الفاسق ،
والصباح الشارق ،
والنجم الطارق ،
والمزن الوادق ،
إن شجر الوادي ليأود ختلا،
ويرق أنيابا عملا،
وإن صخر الطوا لينذر ثقلا،
لا تجدون عنه معلا

ربيعة بن ربيعة
( المرجع:العرب قبل الاسلام- سيد القمنى )
فى سجع دينى يصف يوم النشور ويوم الحساب
يوم يجمع فيه الأولون والآخرون ،
يسعد فيه المحسنون،
ويشقى فيه المسيئون
ويقسم بالشفق والغسق
والشفق والغسق والفتل اذا اتسق، ان ما أنباتك به لحق

سطيح
اشتهر عن سطيح ربيع بن ربيعة بن مسعود الغساني الّذي كان قبل بعثة الرسول (ص).
وروي ان ملك اليمن ذا جدن أراد أن يجرب علم سطيح لما قدم عليه، فخبأ له ديناراً تحت قدمه ثم سأله عما خبأ له.
فقال سطيح:
حلفت بالبيت والحرم والحجر الاصم والليل إذا أظلم والصبح إذا تبسم وبكل فصيح وأبكم لقد خبأت لي ديناراً بين النعل والقدم.
فقال الملك: من اين علمك هذا يا سطيح؟ قال: من قبل أخ لي جني ينزل معي فقال له الملك: أخبرني عمّا يكون في الدهور ...
(من مادة سطيح من سفينة البحار)
وفي سيرة ابن هشام:
قيل لسطيح: أنى لك هذا العلم؟ فقال: لي صاحب من الجن استمع أخبار السماء من طور سيناء حين كلم اللّه ـ تعالى ـ منه موسى(ع). فهو يؤدي إليَّ من ذلك ما يؤديه
خبر سطيح بسيرة ابن هشام 1 / 16
كتاب القرآن الكريم وروايات المدرستين للسيد مرتضى العسكرى- الكتاب الاول

شق بن صعب
( المرجع:العرب قبل الاسلام- سيد القمنى )
يتحدث عن عن يوم الحساب والميقات ويعد المؤمنين والابرار بالفوز والخيرات
يوم تجزي فيه الولايات،
يدعى فيه من السماء بدعوات ،
يسمع منها الاحياء والاموات،
ويجمع فيه الناس للميقات،
يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات
ويقسم لسامعه ان ما يقوله ليس الا الحق
ورب السماء والارض ،
وما بينهما من رفع وخفض ،
ان ما أنبتك به لحق ، ما فيه امض

الكاهن الخزاعى
( المرجع: جواد على : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 4: 71 والعرب قبل الاسلام- سيد القمنى )
يقسم بالقمر والكوكب والغمام
ولقد ذكروا أن أمية بن عبد شمس ، وكان حسد عمه هاشماً على ماله ، فدعا هاشماً إلى المنافرة فرضى هذا الأخير مكرهاً على أن يتحاكما إلى الكاهن الخزاعى . وكان ذلك ، فغلب الكاهن هاشماً على أمية ، مصدراً قراره سجعاً يقول:
" والقمر الباهر ،
والكوكب الزاهر،
والغمام الماطر، وما بالجو من طائر ،
وما اهتدى بعلم مسافر ،
من منجد وغائر ،
قد سبق هاشم أمية إلى المفاخر".
أما هاشم فأخذ إبل أمية فنحرها وأطعمها من حضره ، وأما أمية فخرج إلى بلاد الشام فأقام بها عشر سنين تنفيذاً لحكم الكاهن .[ جواد على : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 4: 71] .

كاهنة سهم
[ جواد على : المفصل في تاريخ العرب 4: 71 ]
من سمات الكهانة ان ياتى الكاهن باقوال مسجوعة مبهمة ويترك سامعيها فى حيرة من امرهم فى معناها , فياخذ كل واحد فى تأويلها بما يرى , وهكذا يضمن الكاهن خلود أقواله
فيحدثنا صاحب ( مفهوم العرب عن الله)عن الكاهنات :
ومنهن أيضاً امرأة من سهم يقال إن صاحبها جاءها ذات ليلة فأنقبض تحتها وقال :
" أدر . يوم عقر ونحر "
. ثم إنه جاءها ثانية فقال :
" شعوب شعوب ، تصرع فيه كعب لجوب ".
ويقولون إن قريشاً لم تستطع فك رموز هذا السجع حتى كانت وقعة بدر ووقعة أحد بالشعب

سويد بن عامر المصطلقي
يقول عنه سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
ومن الحنفاء ( سويد بن عامر المصطلقي ) . ذكرت المصادر أنه كان على دين الحنيفية وملة إبراهيم ، وقد جاء في شعره ذكر المنايا وحتمها ، وأن الخير والشر مكتوبان على النواصي ، وأنه ليس للمرء يد فيما يصبيه من القدر ، فكل شئ محتوم مقدور .
قال مسلم الخزاعي المصطلقي : " شهدت رسول الله " صلى الله عليه وسلم " وقد أنشده منشد قول سويد بن عامر المصطلقي :
لا تأمنن وإن أمســــيت في حرم
حـــتى تلاقي مــا يمني لك المــاني
فالخــير و الشر مقرونان في قرن
بـــكل ذلك يأتيـــــــــــك الجــــديدان
فكل ذي صـــــاحب يــــوما يفـــارقه وكـــــــل زاد أبقــــــــيته فان
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : لو أدركته لأسلم "
(الألوسي : بلوغ الأرب ، ج2 ، ص 219 و 259 .)

وكيع بن سلمة بن زهير الإيادي
يقول عنه سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
ومنهم أيضاً – قبل عبد المطلب – (وكيع بن سلمة بن زهير الإيادي ) ، الذي بني صرحاً بأسفل مكة جعل فيه أمة يقال لها حزورة ، وبها سميت حزورة مكة ، جعل فيه سلماً يرقاه ، زاعماً أن الله يناجيه فيه ، وكان يتكلم بالخير ، وزعم العرب أنه صديق من الصديقين (ابن حبيب : المحبر ، ص 136 .) ، وهو بهذا المعنى رجل متأله مدعي الوحي متنبئ وذكروا عنه كلمات مسجوعة مثل :
" إن ربكم ليجزين بالخير ثواباً ،
وبالشر عقاباً ،
وإن من في الأرض عبيد لمن في السماء ،
هلكت جرهم وزيلت إياد ،
وكذلك الصلاح والفساد "
أو مثل
" من رشد فاتبعوه ،
ومن غوى فارفضوه ،
وكل شاة برجلها معلقة "
(الألوسي : بلوغ الأرب ، ج2 ، ص 260 .) .

أبو قيس صرمة بن أبي أنيس
يقول عنه سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
ومنهم أيضاً ( أبو قيس صرمة بن أبي أنيس ) ، وهو من بني النجار أهل يثرب ؛ أنسباء البيت الهاشمي ، وتقول الأخبار إنه فارق الأوثان واغتسل من الجنابة ، وتطهر ، ودخل بيتاً له اتخذه مسجداً لا تدخله طامث ولا يدخله جنب ، وقال أعبد رب إبراهيم ، وكان قولا بالحق ، معظما لله ، وقال ابن حجر : إنه لما قدم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إلى يثرب ، أسلم وحسن إسلامه ، وهو شيخ عجوز ، وكان ابن عباس يختلف إليه ويأخذ عنه الشعر (ابن هشام : السيرة ج1 ، ص 510 . ) ، ومن هذا الشعر قوله :
فو الله ما يدري الفتــــي كيف يتقـــي
إذا هو لــــــم يجـــعـــل له الله واقيـــــــا
و لا تحفل النخــل المعيمــــة ربـــها
إذا أصبـــــــحت ريا وأصبـــح ثــــــاويا
وقوله :
يا بني الأيام لا تأمنوها واحـــــذروا مـــــــــــــــكرها و مــــر الليالـــــي
واعلمـــــوا أن أمـرها لنفاد الخلـــــق مـــــا كــــأن من جـــــــديد و بالي
وقوله :
سبحوا الله شرق كل صبـــــــاح
طلعت شمـــسه وكل هلال
عـالــم الــــسر و البيــان لـــــدينا
ليس مـــا قـال ربنا بضـــــلال
(ابن حجر العسقلاني : الإصابة في تمييز الصحابة ، مطبعة السعادة ، القاهرة 1323 هــــ ، ج3 ، ص 626 .)

ورقة بن نوفل
يقول عنه سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
ومنهم أيضاً ورقة بن نوفل الذي قال عنه الألوسي أنه ممن وحد الله ، وترك الأوثان وسائر أنواع الشرك ، واجتهد في طلب الحنيفية دين إبراهيم ، ثم تنصر ، لكنه لم يتبع النصاري في التبديل ، وظل موحداً (ابن هشام : السيرة ج1 ، ص 511 و512 .) وقد سأل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن ورقة فقالت له خديجة ( رضي الله عنها ) : إنه كان صدقك وإنه مات قبل أن تظهر ؛ فقال رسول الله
( صلى الله عليه وسلم ) : رأيته في المنام وعليه ثياب بيض ، ولو كان من أهل النار لكان عليه لباس غير ذلك (الألوسي : بلوغ الأرب ، ج2 ، ص 272 .) .
كان ينادي الناس ناصحاً :
لا تعـبـــدون إلهـــا غـــير خالقكم
فــــإن دعـوكم فقــــــولوا بيننا حدد
سبحان ذي العرش سبحانا نعوذ به
وقــبل قد ســـبح الجودي والجمد
مسـخر كل ما تحت السمـــاء لــــــه
لا ينبــــغي أن يناوي ملكــــه أحـد
لاشيء مما نري تبقي بشــاشــتـــه
يبـقي الإله ويودي المال والولد
وهو الذي قال في ( زيد بن عمرو بن نفيل ) رفيقه على درب الحنيفية بعد موته :
رشدت وأنعمـت بن عمرو وإنمـا
تجنبت تنورا من النار حــاميا
بدينك ربا ليـس رب كــمــــثله
وتركك أوثان الطواغي كما هيــا
وإدراكك الدين الذي قد طلبته
ولم تك عن توحيد ربك ســاهيا
فأصبحت في دار كريم مقامها
تعلل فــيها بالــكرامـــة لاهيــــا
تلاقي خليل الله فيها ولم تكن
من الناس جبارا إلى النار هاويا
وقد تدرك الإنسان رحمة ربه ولو
كان تحت الأرض سبعين واديا
(الأب لويس شيخو : شعراء النصرانية في الجاهلية ، مكتبة الآداب ، الحلمية الجديدة القاهرة ، 1982 ، ج4 ، ص 617 ، 618 .)

عامر بن الظرب العدواني
يقول عنه سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
ومنهم ( عامر بن الظرب العدواني ) ، وكان من حكماء العرب وخطبائهم ، وكانت له نظرات وأراء في العقيدة ؛ تتضح في قوله في وصية طويلة منها :
" إني ما رأيت شيئاً قط خلق نفسه ،
ولا رأيت موضوعاً إلا مصنوعاً ،
ولا جائياً إلا ذاهباً ،
ولو كان يميت الناس الداء لأحياهم الدواء ..
إني أرى أموراً شتي وحتى
( قيل له : وما حتى ؟ ) قال :
حتى يرجع الميت حياً ، ويعود اللاشئ شياً ..
( الألوسي : بلوغ الأرب ، ج2 ، ص 375 . )
وقالوا عنه : إن إيمانه بملة إبراهيم ، دفعه إلى تحريم الخمر على نفسه (ابن حبيب : المحبر ، 329 .)
وفي ذلك يقول :
أن أشـــــــرب الخمر للذتها
وأن أدعها فإني ماقت قال
لولا اللذاذة و الفتيان لم أرها
ولا رأتني إلا من مدي الغال
سئالة للفتي ما ليـس يمـلكه
ذهابه بعقول القوم و المال
مــــورثة القوم أضغانا بلا إحن
مــزرية بالفتي ذي النجدة العال
أقسمت بالله أسقيها وأشربها
حتى يفرق ترب القبر أوصالى
(الألوسي : بلوغ الأرب ، ج2 ، ص 276 .)

المتلمس بن أمية الكناني
يقول عنه سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
ومنهم ( المتلمس بن أمية الكناني ) الذي كان يخطب في فناء الكعبة منادياً بنبذ الفرقة القبلية عن سبيل نبذ الأوثان ، والاتجاه إلى رب كعبة مكة ، وكان يقول لهم :
" إنكم تفردتم بآلهة شتي ،
وإني لأعلم ما الله راض به ،
وإن الله رب هذه الآلهة ،
وإنه ليحب أن يعبد وحده
(الألوسي : بلوغ الأرب ، ج2 ، ص 276) .

عديّ بن زيد:
جاء فى ( الشريعة الإسلامية,بحث في الموروث التشريعي للجزيرة العربية قبل الإسلام )
من شعراء البلاط في الجاهلية؟ وله قصيدة نظمها في معاتبة النعمان على حبسه يقول في بيت منها:
سعى الأعداء لا يألون شراً
عليك ورب مكة والصليب
ولعله يبدو غريباً أن يقسم شاعر مسيحي بالكعبة قبل الإسلام وهي مجمع الأوثان والأصنام, ولكن ما أوردناه سالفاً من تحول بعض أحياء مكة للمسيحية؟ ووجود صور مسيحية داخل الكعبة (صورة مريم وابنها )؟ قد جعل المسيحيين يقدسونها ويعظمونها,
ولعدي أيضاً أبيات يذكر فيها بدء الخليقة كما وردت في سفر التكوين يقول فيها:
اِسمع حديثاً لكي يوماً تجاوبه -- عن ظهر غيب إذا ما سائل سألا
أن كيف أبدى إله الخلق -- نعمته فينا وعرفنا آياته الأولاد
كانت رياحاً وماءً ذا عراثية -- وظلمة لم يدع فتقاً ولا خللا
فأمر الظلمة السوداء فانكشفت -- وعزل الماء عما كان قد شغلا
وبسط الأرض بسطا ثم قدرها -- تحت السماء سواءً مثل مع فعلا
(جواد علي - المفصل - ج 6 ص 668)

خالد بن سنان
جاء فى ( الشريعة الإسلامية,بحث في الموروث التشريعي للجزيرة العربية قبل الإسلام )

خالد بن سنان العبسي:
كان مقراً بتوحيد الربوبية والألوهية؟ ناهجاً منهج الملة الحنيفية؟ وكثير من الناس ذهب إلى أنه كان نبياً؟ وجاء في الحديث: ذاك نبي ضيعه قومه
ويذكر البغدادي خبر قدوم ابنة خالد إلى النبي فسمعته يقرأ قل هو الله أحد فقالت: كان أبي يقرأ هذا (بلوغ الأرب للبغدادي 2:278),
ويذكر المسعودي: أن ناراً ظهرت في العرب؟ فافتتنوا بها؟ وكانت تنتقل؟ كادت العرب تتمجس وتغلب عليها المجوسية؟ فأخذ خالد بن سنان هراوة وشد عليها وهو يقول:
بدا بدا؟ كلٌّ هدى؟ مؤدٍّ إلى الله الأعلى؟ لأدخلنها وهي تتلظى؟ ولأخرجن منها وثيابي تتندى
فأطفأها,
فلما حضرت خالد الوفاة قال لإخوته:
إذا دفنت فإنه ستجيئ عانة من حمير يَفْذُمُها عيرٌ أبتر؟ فيضرب قبري بحافره؟ فإذا رأيتم ذلك فانبشوا عني فإنني سأخرج إليكم؟ فأخبركم بجميع ما هو كائن
فلما مات ودفنوه رأوا ما قال؟ فأرادوا أن يخرجوه؟ فكره ذلك بعضهم وقالوا: نخاف أن تسبنا العرب بأنا نبشنا ميتاً لنا (مروج الذهب - 1:67),
ويذكر ابن كثير عن ابن عباس؟ قال: جاءت بنت خالد بن سنان إلى النبي؟ فبسط لها ثوبه وقال بنت نبي ضيعه قومه (السيرة النبوية - ابن كثير - 1:104), ومن غير المعروف لنا أي شي أكثر مما ذكرناه عن خالد؟ ولا عن نبوته التي أضاعها قومه؟ حيث لا تحوي كتب التراث الإسلامي أي شيء عنه؟ وكما أضاعه قومه نبوته؟ أضاع أهل التأريخ ما يتعلق بسيرته,
وجاء فى كنز العمال – حرف الفاء
بنت خالد بن سنان من الإكمال
34429- مرحبا بابنة نبي ضيعه قومه‏.‏
‏(‏المسعودي في مروج الذهب - عن عكرمة عن ابن عباس، قال‏:‏ وردت ابنة خالد بن سنان على النبي صلى الله عليه وسلم فتلقاها بخير وأكرمها وقال - فذكره، عبد الرزاق في أماليه عن سعيد بن جبير مرسلا ورجاله ثقات‏)‏‏.‏ ‏(‏خالد بن سنان بن غيث، ليست له صحبة ولا أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وقال‏:‏ نبي ضيعه قومه‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ أتت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ‏:‏ قل هو الله أحد‏)‏ فقالت‏:‏ كان أبي يقول هذا
راجع أسد الغابة لابن الأثير ‏(‏2/99‏)‏ وهكذا ذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى ‏(‏1/296‏)‏ وتوسع ابن حجر في الاصابة عند ترجمة‏:‏ خالد بن سنان
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.as...BID=137&CID=426

مسيلمة بن حبيب ( مسيلمة الكذاب كما اطلق عليه المسلمون )

يقول مسيلمة :

والمبذرات زرعا
والحاصدات حصدا
والذاريات قمحا
والطاحنات طحنا
والخابزات خبزا
والثاردات ثردا
واللاقامات لقما
إهالة وسمنا
لقد فضلتم على أهل الوبر
وما سبقكم أهل المدر
ريفكم فامنعوه
والمعتر فآووه
والباغي فناوئوه
كتاب تاريخ الرسل والملوك للطبرى ج 2 ص 276
قارن سجع مسيلمة بهذه الايات القرآنية بسورة النازعات:

وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (2) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (3) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (5)

سمع الله لمن سمع
وأطمعه بالخير إذ طمع
ولا زال أمره في كل ما سر نفسه يجتمع
رآكم ربكم فحياكم ومن وحشة خلاكم ويوم دينه أنجاكم فأحياكم
علينا من صلوات معشر أبرار لا أشقياء ولا فجار
يقومون الليل ويصومون النهار لربكم الكبار رب الغيوم والأمطار

وقال أيضا
لما رأيت وجوههم حسنت وأبشارهم صفت وأيديهم طفلت قلت لهم
لا النساء تأتون ولا الخمر تشربون
ولكنكم معشر أبرار تصومون يوما وتكلفون يوما
فسبحان الله إذا جاءت الحياة كيف تحيون وإلى ملك السماء ترقون
فلو أنها حبة خردلة لقام عليها شهيد يعلم ما في الصدور ولأكثر الناس فيها الثبور

وقال
ألم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى أخرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وحشى
كتاب تاريخ الرسل والملوك للطبرى ج 2 ص 270-271
وقارن اسلوب القرآن :
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ

و قال
أوحي إلي أن الله خلق النساء أفراجا وجعل الرجال لهن أزواجا
فنولج فيهن قعسا إيلاجا
ثم نخرجها إذا نشاء إخراجا
فينتجن لنا سخالا إنتاجا
كتاب تاريخ الرسل والملوك للطبرى ج 2 ص 270-271

والليل الأطحم والذئب الأدلم والجذع الأزلم ما انتهكت أسيد من محرم
والليل الدامس والذئب الهامس ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس
وكان يقول
يا ضفدع ابنة ضفدع نقي ما تنقين
أعلاك في الماء وأسفلك في الطين
لا الشارب تمنعين ولا الماء تكدرين
كتاب تاريخ الرسل والملوك للطبرى ج 2 ص 276
وقال
إ نا أعطيناك الجواهر فصل لربك وهاجر إن مبغضك رجل فاجر
انا أعطيناك الكواثر فصل لربك وبادر في الليالي الغوادر واحذر أن تحرص أو تكاثر..
( قارن : انَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ 1 فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ 2 إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ 3 (سورة الكوثر)

والشمس وضحاها في ضوئها وجلاها والليل إذا عداها يطلبها ليغشاها
فأدركها حتى أتاها وأطفأ نورها ومحاها.
( قارن : وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا 1 وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا 2 وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا 3 وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا 4 (سورة الشمس)
( نقلا عن كتاب المجهول فى حياة الرسول قصل : بعض ما وصل الينا من كلام مسيلمة ويذكر ان مصدره نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري باب ذكر خبر تميم وأمر سجاح , لكنه لم يحدد الصفحات المقتبس منها )
***************
الدراسة الثانية
فواصل آيات القرآن تؤكد ان النص القرآنى نصا مسجوعا مثله مثل سجع الكهان والعرافين والمتنبئين الجاهليين

يقول الدكتور عبدالله ابراهيم فى كتاب (سيرة المرويات النثرية السردية الجاهلية ) فصل : استبداد السجع :

" استبدّ السجع بالتعبير النثري الجاهلي، وهذه الصيغة الأسلوبية تفرض على المتكلمّ تقطيعاً متتالياً لمضمون كلامه يتناسب والفقرات اللفظية المسجعة التى غالباً ما تكون قصيرة، مسبوكة في قالب أسلوبي حاد النهايات، يبرز التعسف واضحاً في بعض فقراته حينما تقحم فكرة في سلسلة من القوالب المتناظرة بحيث لايسمح للمعنى أن يفيض خارج تلك الأطر المحددة، الأمر الذي يستدعي تقسيم محتوى الخطاب على تلك القوالب بما يضمن نوعاً من التوزيع المتناسب للفكرة بينها. وبالطبع فإنّ كل هذا يقيد إمكانية الاسترسال والتعمق والإفاضة والإحاطة بجوانب الفكرة التى يراد التعبير عنها، وفي هذا نجد أنّ النثر المسجع يُشعر المتلقي دائماً بأن سياقاته الدلالية غير مشبعة ويكتنف الغموض بعض المقاصد فيها وكأن الكلام عبارة عن نبذ مناثرة انتظمت في قوالب متراصة ومتسلسلة تفتقر إلى التنوّع الذي يعد أساساً للإشباع الدلالي في الخطاب الأدبي. ويبدو أنّ هذه الصيغة التى تهدف إلى تعميق بعض الأفكار في أذهان المتلقين بالتركيز على النهائيات الحادة لفظياً والحاملة لأفكار مركزة مكثفة كانت قد وظفت في الأساس للتعبير عن بعض التعاليم الدينية والروحية، واستأثرت باهتمام الكهنة والعرافين والمتنبئين الذين كانوا يغذّون كلامهم بالروح الديني الغامض ذي التموجات الدلالية المؤثرة التى تنشط الاحتمالات في نفس المستمع، فيسهل التأثير فيه، سرعان ما أصبح السجع أحد أهم التقاليد الأسلوبية التى تفرض حضورها في كلام يجد نفسه قد ترفع عن الكلام العادي المباشر إلاّ أنه لا يريد أن يبلغ منزلة الشعر. إذ أنّ الشعر يوظف غالباً بهدف إثارة النفس وهو لا يتقصد إثبات أفكار مباشرة إنما يترك للايحاءات أن تمارس أثرها في نفس المتلقى بوساطة الاندماج مع حالة الانشاد. فهو يخاطب والحالة هذه جانباً من نفس الإنسان على سبيل الإيحاء والتغني بالذات والمشاركة في الأحاسيس. فيما كان السجع يؤدي وظيفة أخرى، أنه أسلوب يراد منه أضفاء حالة من الخشوع والتأمل والاستعداد لتلقي فكرة مقدسة أو وصيةّ أو عبرة، تقتضي الإيجاز والتكثيف، ولكنها تهدف إلى التأثير بالتركيز على نهايات الأفكار، وكل هذا يناسب التقاليد الدينية المبكرة التى كانت تعاليمها تقتضي اقتصاداً تعبيرياً مؤثراً يستعين بالمثل مرة، وبالترغيب مرة، وبالترهيب إذا لزم الامر. وتنطوي الصيغة السجعية التى تتلاحق فيها الأفكار المبثوثة بانتظام في قوالب مرتبة على إمكانية تأثير كبيرة في المتلقي الذي يكون قد جاء في الأساس لتلقي أفكار محددة، كما أنها مؤثرة بالدرجة نفسها في أولئك الذين يدفعهم الفضول لمعرفة أمر جديد، وعموماً، فالسجع أكثر الوسائل تأثيراً في وضع المتلقى تحت طائلة منظومة من المعانى التى تتدافع فيها الأفكار بين الوضوح والمباشرة من جهة والغموض والإيحاءات المتنوعة من جهة ثانية، وقد أمكن توظيف هذه الصيغة لنشر التعاليم الدينية والتنبوءات والشذرات العبادية والاعتبارية والوصايا والحكم ولعل أكثر النصوص التى استثمرت الإمكانات التأثيرية للأسلوب المسجع هي النصوص الدينية، والحواشي الخاصة بها. وكل هذا يرجّح إقتران السجع بتلك النصوص، فالحاجة إلى إثارة الاهتمام بها فرضت ضرباً من الصيغ المعبرة والمؤثرة، ويمكن التدليل على ذلك بما تجليّ من هيمنة شبة مطلقة لهذا الأسلوب في القرآن، فقد توصل ستيورات في دراسة إحصائية مجهزة بالبيانات إلى أن النسبة المئوية للآيات المسجعة في القرآن تبلغ 85.9%من مجموع آياته
أثير جدل متشعب حول موقف الرسول من السجع استناداً إلى تفسيرات متباينة لحديث نسب إليها الرسول في هذا الموضوع، والحكاية التفسيرية التى تشكل الإطار الذي ينظم الحديث تدور حول امرأتين اختمصمتا فيما بينها فضربت إحداهما الأخرى وكان أن أسقطت المضروبة جنيناً ذكراً كانت حبلى به ثم توفيت، واختلف أهل المرأتين فيما بينهما أن كان يتوجب على أهل المرأة القاتلة أن يدفعوا أيضاً دية الجنين فرفع الأمر إلى الرسول فقضى بوجوب دفع دية الجنين.وهنا انبرى ولي المرأة القاتلة معترضاً(( أندي من لاشرب ولا أكل، وإلا صاح فاستهل، فمثل ذلك يطل)). وهنا تتضارب الروايات في نص تعليق الرسول على اعتراضه، ففي رواية قال له(( أسجعاً كسجع الكهان))39 وفي أخرى(( أسجع كسجع الجاهلية))40. ولا يعرف بالضبط السياق الذي ورد فيه قول الرسول، فمن الممكن أن اعتراض الرجل على حكمة قد أغضبه، وأنه عبر عن ذلك الاعتراض بصيغة سجعية الأمر الذي دعا الرسول للتعليق بقول يؤدي أكثر من دلالة. وأبدى أبوهلال العسكري وجهاً لذم السجع بإطلاق في كلام الرسول، فمقصده أن الرجل المعترض عل حكمة اتبع أسلوباً متكلفاً في اعتراضه يماثل أساليب الكهان، فالمذموم هنا تحديداً هو سجع الكهان، وليس السجع بإطلاق، ولو كرهه الرسول لقال ((أسجعاً)) ثم سكت41 ويؤكد هذا المعنى القلقشندي بقوله إن ليس ثمة دلالة على كراهة السجع في كلام الرسول فما كره إنما هو وجه المشابهة بين كلام الرجل وسجع الكهان لما فيه من التكلف42، فيما يمكن تلمس وجه الإكراه للسجع بإطلاق في كلام الرسول إذا أخذت الرواية الثانية للحديث. وعلى أية حال، فهذا ما انتهى إليه الأمر فيما بعد. فقد شاع أمر كره الرسول للسجع، بيد أنّ الأمر ظل محصوراً في المظان، فالممارسة النبوية، ذاتها وجدت أنها بحاجة لهذا الأسلوب، ويكثر ذلك في أحاديثه، ومنها ما وقف عليه القدماء مثل قوله :
(( أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)). ويعلق أبوهلال العسكري عل ذلك بقوله((كل هذا يؤذن بفضيلة التسجيع على شرط البراء من التكلف والخلو من التعسف))43. وقد أطرأ استخدامه في القرون اللاحقة، فأصبح شائعاً في التأليف الأدبية النثرية، وخلال العصور الوسطى كان السجع من أبرز خصائص النثر العربي في الرسائل والمقامات وكثير من التأليف الأخرى 0
كان السجع القرآني هو الآخر مثار جدل مماثل، وقد وجهت قدسية القرآن ذلك الجدل توجيهاً محدداً كان في أصله لاهوتي. وسعى البلاغيون وبعض النقاد إلى تأويل الخصائص الأسلوبية القرآنية بما لا يجعلها مقترنه بمصطلح(( السجع)) واستبدلوه بمصطلح(( الفاصلة)). وجمعها(( الفواصل)) تنزيهاً للكلام الإلهي على أن يتضمن سجعاً،لأن السجع في اشتقاقه اللغوي متصل بسجع الحمام، ورتب على ذلك ضرورة تنزيه القرآن عن أن يشبه أسلوبه بأصوات لا معنى لها. وهذا هو مذهب الرّماني44 والسيوطي45 الذي يخالفه أبوهلال العسكري بقوله إنه لا يحسن منثور الكلام حتى يكون مزدوجاً، ولاتكاد تجد لبليغ كلاماً يخلوا من الازدواج لكان القرآن، لأنه فى منظمه خارج من كلام الخلق وقد كثر الازدواج فيه حتى حصل فى أوساط الآيات فضلاً عما تزاوج فى الفواصل منه، ويضيف: أن جميع ما فى القرآن مما يجري على النسجيع والازدواج ولو استغنى كلام عن الازدواج مخالف في تمكين المعنى،وصفاء اللفظ، وتضمن الطلاوة والماء لما يجري مجراه من كلام الخلق46.
كان الموجّه الأساسي لهذا الجدل هو تصور البلاغيين والنقاد الذين عالجوا هذا الموضوع بعدم وجود صلة للمشابهة بين الكلام الإلهي والبشري،الأمر الذي أفضى إلى فرض تفسيرات متعددة للإعلاء من شأن الخطاب الإلهي في ميادين يعد ذلك الإعلاء فيها نوعاً من الإساءة الضمنية لذلك الخطاب، إذا ليس ثمة تعارض بين أسلوب التعبير ومصدره، فتوصيف الأسلوب القرآني يندرج في معاينة الخصائص الفنية فيه وليس في الشك بمصدره. وعلى أية حال فكون أكثر آيات القرآن مسجعة لا ينهض دليلاً على التقليل من شأنه، بل ينهض دليلاً على رسوخ هذا الأسلوب وهيمنته في العصر الجاهلي، بدلالة الإفادة الكبيرة منه فى القرآن الذي يعد في نهاية المطاف خطاباً موجهاً للتأثير في نفوس الناس بهدف تغيير عقائدهم القديمة. ووجوه استثمار القرآن لإمكانات السجع كثيرة وكلها ترجح. أهميته في سياق الأسلوب القرآني، أما ما شاع عن موقف الرسول منه، والتأويلات المختلفة حول ذلك، فيمكن إرجاعه إلى قضية أخرى وهي أن الرسول وجد نفسه متماثلاً مع كثير من أصحاب الأساليب الأدبية الشائعة آنذاك مثل القصاص والكهنة والشعراء، فهو شأنهم كان يستثمر معطيات الأسلوب الشائع في عصره، إلاّ أنه وجد نفسه أيضاً متعارضاً في رسالتة الدينية معهم، الأمر الذي استدعى بذل جهد كبير لأن يظهر مختلفاً عنهم في رؤيته وتصوراته وفي أسلوبه إذا اقتضى الأمر. ومن الواضح أن مهمته في السعي إبراز التعارض الأسلوبي بينه وبين المسجعين كانت، أصعب المهام وذلك أن السجع قد ترسخ أسلوباً دينياً لا يمكن رسالة دينية أن تتجاوز أمر الاستعانة به للتعريف بنفسها، ونشر تعاليمها والتأثير في أتباعها."
ويقول المؤلف فى فصل : نثر الكهّان :
استأثر ضرب آخر من النثر باهتمام طائفة من الكهّان والمتنبّئين والمتعبّدين فى العصر الجاهلى. ونسب إليهم لأنه كان الوسيلة المعبرة عن مقاصدهم وأفكارهم. ويبدو أن جملة الظروف الثقافية القائمة آنذاك، قد دفعت هذا النوع من النثر إلى مقدمة أنواع النثر الجاهلي لأنه ارتبط بالنظم الدينية التي كانت قائمة آنذاك، ومن ناحية منطقية فإن الإسلام جبّ مضمون نثر الكهان وأساليبه السجعية، ولكن إذا نظر للأمر من ناحية واقعية فإن واقع الحال يكشف أن جوهر الرسالة الإسلامية والأسلوب الذى جاءت فيه لم يكن يتعارض مع نثر الكهان، ذلك أن الموضوعات التى كانت تتواتر فيه هى إجمالاً
04-18-2005, 01:50 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
سواح غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 99
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #2
القرآن وسجع الكهان وشعراء ما قبل الاسلام
" حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال ثم جاء رجل إلى بن مسعود فقال إني مررت بمسجد من مساجد بني حنيفة فسمعتهم يقرأون شيئا لم ينزله الله الطاحنات طحنا العاجنات خبزا اللاقمات لقما قال فقدم بن مسعود بن النواحة إمامهم فقتله واستكثر البقية وقال وقال لا أجزرهم اليوم الشيطان سيروهم إلى الشام حتى يرزقهم الله توبة أو يفنيهم الطاعون "

وجاء في مسند الشاشي 2/181
746
" حدثنا عيسى بن أحمد أنا يزيد بن هارون نا إسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم أتى ابن مسعود رجل فقال إنى مررت بمسجد من مساجد بنى حنيفة فسمعت يقرأ فيها بقراءة ما أنزلها الله على محمد عليه السلام قال ما يقولون قال يقولون والطاحنات طحنا والعاجنات عجنا والخابزات خبزا ثردا واللاقمات لقما فأرسل إليهم عبد الله فأتى بسبعين منهم وأميرهم عبد الله بن النواحة فقال له عبد الله ألم تكن تخبرنا أنك على ديننا قال بلى ولكن كنت أسر هذا قال فأمر به عبد الله فضربت عنقه ثم نظر إليهم فقال ما نحن هؤلاء الشياطين اجلوهم إلى الشام فإما أن يفنيهم الله تعالى بالطاعون وإما أن يتوب على من يشاء أن يتوب عليهم "

وجاء في مصنف عبد الرازق 10/169
" خبرنا عبد الرزاق عن ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال جاء رجل إلى ابن مسعود فقال إني مررت بمسجد من مساجد بني حنيفة فسمعتهم يقرءون شيئا لم ينزله الله الطاحنات طحنا العاجنات خبزا اللاقمات لقما قال فقدم ابن مسعود ابن النواحة أمامهم فقتله واستكثر البقية فقال لا أجزرهم اليوم الشيطان سيروهم إلى الشام حتى يرزقهم الله توبة أو يفنيهم الطاعون ."

وجاء في المغني لابن قدامة 9/18
روى الأثرم بإسناده عن ظبيان بن عمارة أن رجلا من بني سعد مر على مسجد بني حنيفة فإذا هم يقرؤون برجز مسيلمة فرجع إلى ابن مسعود فذكر ذلك له فبعث إليهم فأتي بهم فاستتابهم فتابوا فخلى سبيلهم إلا رجلا منهم يقال له ابن النواحة قال قد أتيت بك مرة فزعمت أنك قد تبت وأراك قد عدت فقتله

وجاء في مصنف ابن أبي شيبة 6/439 و في السنن الكبرى للبيهقي 5/205 ، وفي شرح معاني الآثار2/211
حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال خرج رجل يطرق فرسا له فمر بمسجد بني حنيفة فصلى فيه فقرأ لهم إمامهم بكلام مسيلمة الكذاب فأتى ابن مسعود فأخبره فبعث إليهم فجاءهم فاستتابهم فتابوا إلا عبد الله بن النواحة فإنه قال له يا عبد الله إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لولا أنك رسول لضربت عنقك فأما اليوم فلست برسول يا خرشة قم فاضرب عنقه فقام فضرب عنقه

وجاء في مسند البزار 5/188
1787 حدثنا يوسف بن موسى قال نا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال خرج رجل يريد أن يطرق فرسه فمر بمسجد بني حنيفة فدخل يصلي فإذا إمامهم يقرأ بكلام مسيلمة الكذاب فأتى عبد الله فأخبره فأرسل إليهم فاستتابهم فتابوا إلا عبد الله بن النواحة فإنه قال له يا عبد الله بن النواحة سمعت رسول الله يقول لولا إنك رسول لضربت عنقك فأما اليوم فلست برسول يا فلان قم إليه فاضرب عنقه

وفي مسند ابن أبي الشيبة 6/440:
32753 حدثنا شبابة قال ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال كان ناس من بني حنيفة ممن كانوا مع مسيلمة الكذاب يفشون أحاديثه ويتلونه فأخذهم ابن مسعود إلى عثمان فكتب إليه أن أدعهم إلى الإسلام فمن شهد منهم أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم واختار الإيمان على الكفر فاقبل ذلك منهم وخل سبيلهم فإن أبوا فاضرب أعناقهم فاستتابهم فتاب بعضهم وأبى بعضهم فضرب أعناق الذين أبوا


ومن بين علماء المسلمين من انتقد هذه الاقوال المنسوبة لمسيلمة وقال انه لا يعقل ان يكون مسيلمة بهذه الضحالة
ففي هذا المقال لفضيلة الأستاذ الشيخ على العمارى ص324 بعنوان "معارضات القرآن" في رسالة الاسلام العدد 43
وهذا موجود على الرابط نقرأ :

http://www.taghrib.org/arabic/nashat/esdar...am/11/43/13.htm


/ صفحة 324 /
معارضات القرآن
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ علي العماري
المدرس بالأزهر
ـ 2 ـ
ثم نعود إلى نسق هذه المرويات نتبينه، ونعوض نقد العلماء لها، ولكنا لا نقف عندما وقفوا، هم نقدوها ليدللوا على سقوطها وتفاهتها، ونحن نتخذ من هذا النقد ومما نراه فيها وسيلة إلى ما أسلفنا من إنكارها وردها.
ولسنا ندافع عن مسيلمة وأشباهه، ولا نريد أن نبرئ ساحتهم، بل إننا نقصد أن نبين وجه الحق، والحق وحده هدف جميل، وليس في إثبات هذه المعارضات ما يخدم القرآن لأنه فوق كل كلام، شهد بذلك أعداؤه، ولأنه أعجز أساطين البلاغة من العرب ومن غيرهم فلا يزيده شرفاً أن يقول بعض من يتعاطى البلاغة، أو بعض المتنبئين كلاماً لا يدانيه ولا يقف أمامه، ينبو في بعض الأحايين عن أذواق أوساط الناس.
وقد حكم التاريخ على مسيلمة بأنه كذاب، ولم نر أحداً ـ بعد عهده ـ تعصب له أو آمن به، أو دافع عن دعوته، بل رأينا من أتباعه من يقول له. أشهد أنك كذاب ولكن كذاب ربيعة خير عندنا من صادق مضر.
وأمر طليحة وسجاح خير من أمر مسيلمة فقد أسلم طليحة وحسن إسلامه، وكذلك أسلمت سجاح، فلا حاجة بنا إلى أن نظل نتابع وضاع الأخبار لنحط من شأن هؤلاء.
من هذه المعارضات قول مسيلمة: (والمبذرات زرعاً، والحاصدات حصداً،
/ صفحة 325 /
والذاريات قمحاً، والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً والخابزات خبزاً والثاردات ثرداً، واللاقمات لقماً، أهالة وسمناً، لقد فضلتم على أهل الوبر، وما سبقكم أهل المدر، ريفكم فامنعوه، والعتر فآووه والباغي فناوئوه) وقوله: (والشاء وألوانها، وأعجبها السود وألبانها، والشاة السوداء، واللبن الأبيض إنه لعجب محض، وقد حرم المذق، فمالكم لا تمجعون).
ونلاحظ في المعارضة الأولى الاستقصاء الذي لا يعرفه إلا أهل الصناعة من محترفي الكتابة، أما العربي الأول فما أظن أن يبلغ به التتبع والاستقصاء هذا الحد الذي نراه في هذه المعارضة فيبتدئ ببذر الزرع وينتهي بلقم الثريد، وما بقي عليه، إلا أن يختم عبثه بالخاتمة الطبيعية لهذا الترتيب!.
وطبيعة العربي تميل ميلاً شديداً إلى الايجاز، وما كان يخفي على مسيلمة سر قوة الكلام، وضرورة حذف الفضول طبعاً ونحيزة.
وقد وجدت في كتب التاريخ والسير كلمات لمسيلمة ـ غير ما عارض به القرآن ـ كلها موجزة غاية الإيجاز، مع قوة وفصاحة.
الأولى: قوله لسجاح التميمية حين اجتمعت به: هل لك أن أتزوجك فآكل بقومي وقومك العرب.
وهذه الكلمة تدل على مكان الرجل من الفصاحة وسعة الحيلة، وحسن البصر بالأمور، وجميل التأتي لما يريد وهل أوقع في نفس سجاح، وأكثر تأثيراً في نفوس قومها من أن يخيل لها أنه سيأكل بقومه وقومها العرب، وهل كانت تقصد سجاح غير هذا? وهل كان يقصد من أتبعوها إلا أكل العرب والاستيلاء عليهم.
فإذا قارنا بين كلمته هذه، وما شعر به لسجاح وجدنا فارقاً كبيراً في الأسلوب وفي الروح.
هذه الكلمة صادرة عن نفس جادة حازمة تتطلب أمراً عظيماً، أما الشعر فصادر عن نفس ماجنة عابثة لا تدرك ما وراء هذه المغامرة من المخاطر.
الثانية: قوله حين استحر القتل في قومه، وأخذتهم سيوف المسلمين من كل
/ صفحة 326 /
جانب، وقد سأله قومه ما وعد به، فقال: أما الدين فلا دين، قاتلوا عن أحسابكم.
فأي إيجاز، وأي قوة، وأي إيجاء وتحميس، أقوى من هذا، (قاتلوا عن أحسابكم).
الثالثة: وإن كانت دون الكلمتين السابقتين في قوتها إلا أن عليها سمة الوجازة في مقام يستدعى التطويل، كتب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من مسيلمة رسول الله إلى محمد بن عبد الله. أما بعد فإني قد أشركت معك في الأمر، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشاً قوم يعتدون.
وقد روى صاحب الأغاني في ترجمة الأغلب العجلي صورة هذه الرسالة ـ وهي مشهورة عن مسيلمة ـ رواها لسجاح على أنها من قرآنها الذي أنزل عليها. والمنصف لا يشك في أن صاحب هذه الكلمة الموجزة الصارقة ليس صاحب هذه المعارضات الركيكة المسهبة في بعض الأحايين.
وبسبيل من ذلك أن نقارن بين ما روي عن طليحة الأسدي من معارضة للقرآن وبين ما جاء في كتب التاريخ من اعتذاره لسيدنا عمر عن قتله رجلين من كبار الصحابة.
روى سهل بن يوسف قال: أخذ المسلمون رجلاً من بني أسد فأتى به خالد بالغمر ـ وكان عالماً بأمر طليحة ـ فقال له خالد: حدثنا عنه، وعما يقول، فزعم أن مما أتى به (والحمام واليمام والصرد الصوام، قد صمن قبلكم بأعوام، ليبلغ ملكنا العراق والشام).
وجاء في الطبري(1)، أن طليحة وفد على عمر ـ وكان طليحة قد أسلم ـ فقال له عمر: أنت قائل عكاشة وثابت ـ يريد عكاشة بن محصن وثابت بن أكرم ـ وهما سيدان من سدات المسلمين وفارسان من فرسانهم ـ والله

ــــــــــ
(1) تاريخ الطبري ج3 ص239.

/صفحه 327/
لا أحبك أبداً، فقال طليحة: يا أمير المومنين، ماتهم من رجلين كرّمهما الله بيدى ولم يهنى بأيديهما؟!
فإننا نجد الفرق واضحاً بين معرضته وعبارته أمام سيدنا عمر، هذه كلمة فيها روح أمكن بها الرجل أن يؤثر على عمر ـ وهو من هوـ
أو جز وأثّر، وذكّر عمر بأن الرجلين ذهبا إلى الجنة فأكرمها الله على يدى طليحة، وهو ـ أعنى طليحة ـ يأمل أن يدخلها، ولو قتلاه لمات على الكفر، بل على أقبح الكفر، وأى شىء أحب إلى عمر من أن تكون الجنة نصيب عكاشة وثابت، وأن يسلم طليحة بعد كفرته الصلعاء!
على أن فى نص الطبرى ما يؤكد افتعال هذه المعارضة، فسهل بن يوسف لا نعرف عنه شيئاً. وقد روى عن رجل، رجل مجهول، وصدر روايتة بقوله «زعم» على أن فى العبارة مخالفة نحوية فالصرد مفرد، وجمعه صردان، وفى ضمن ضمير الجمع، فكيف عاد على المفرد ثم لماذا التزم طليحة القسم بهذه الطيور الصغيرة، على أمر عظيم؟!
والمعارضة الثانية لمسيلة، فيها تكرار لا مبرر له، فقد أقسم بالشاء وألوانها ثم بالشاء السوداء، وكذلك أقسم الألبان ثم باللبن الأبيض، وربما تحذلق بعض العارفين فقال، أن القس بالشاة السوداء تخصيص بعد تعميم، وكذلك اللبن الأبيض، ولو عجبت من وصف اللبن بالأبيض لقال لك من يجد لكل سؤال جواباً أنه نعت كاشف، ولكن للتخصيص بعد التعميم فى كلام العرب الصميم مغزى، وللنعت الكاشف سر، ولا أرى هنا مغزى ولا سرا.
أما الكلمة الأخيرة فهى أشبه بأن تكون موضع الفكاهة، أو مركز الدائرة من السورة! فما خطب المجمع؟ وكيف عزف قوم مسيلمة عنه وتركوه؟ حتى جعل يتعجب فى حسرة من تركههم أياه، ويقسم بأشد الأيمان غلظا على أنه لا عيب
/صفحه 328/
فيه، وماذا ينقص نبوته أن يترك قومه المجع!
ان المجمع هو أكل التمر ثم شرب اللبن عليه، أو عجن التمر باللبن، وهو طعام ما أظن العرب تركوه وقد أمكنهم، وهو ـ ولا شك ـ أفضل من المذق (خلط اللبن بالماء) فكيف اعتلت طبائع هؤلاء الناس وانحرفت أمزجتهم فحرموا المجع، وحللوا المذق فجاء مسيلمة برسالته ليردهم عن هذا الوضع المقلوب؟! ولا غرو فالرجل كما يقول أرسل فى محقرات الأمور!
ولكن كيف يعفى أتباعه من تعاليم الاسلام، ويجرم عليهم خلط اللبن بالماء؟! ويشغل باله التحريم حتى يوحى إليه فيه بقرآن يبتدى بالقسم وينتهى بهذا الحكم العظيم.!
واذا كانت المعارضة الأولى تدرجت إلى أمر عظيم، وجاءت مؤكدة أن قوم مسيلمة فضلوا على أهل الوبر والمدر، فان المعارضة الثانية تدرجت إلى أمر عظيم أيضا، وهو تحريم المذق، وتحليل المجع!
ومن هذه المعارضات «الفيل، ما الفيل، له ذنب وبيل، وخرطوم طويل» وفى رواية الخطابى «الفيل وما الفيل، وما أدراك ما الفيل، له مسفر طويل، وذهب أثيل، وما ذاك من خلق ربنا بقليل» وقد نسبها الرافعى لمسيلمة، ونسبها الخطابى لمجهول، ولعل هذا الاختلاف فى الرواية هو من اختلاف القراءات!
وقد أحسن مسيلمة حين جمع بين القول فى الضفدع والقول فى الفيل، وكيف لا؟ وأحدهما بحرى والآخر برى، وأحدهما حيوان ضخم كبير والآخر صغير لا يكدر ماء ولا يمنع شاربا «والعجب من هذا النبى الذى يقول فى الفيل، وقد وصف نفسه بأنه أرسل فى محقرات الأمور، كأن الفيل شىء تافه صغير، وإن قال هو غير ذلك حين أعلن أنه ليس من خلق ربنا بقليل.
وقد تفنن الخطابى فى نقد هذه المعارضة حيث قال: «يقال لصاحب الفيل، يا فائل، افتتحت قولك بالفيل ما الفيل، وما أدراك مالفيل، فهوّلت وروعت،
/صفحه 329/
وصعدت وصوبت، ثم أخلفت ما وعدت، وأخدجت ما ولدت حين انقطعت، وعلى ذكر الذنب والمشفر اقتصرت ولو كنت تعرف شيئا من قوانين الكلام وأنواع المنطق ورسومه لم تحرف القول عن جهته ولم تضعه فى غير موضعه، أما علمت يا عاجز أن مثل هذه الفاتحة انما تجعل مقدمة لأمر عظيم الشأن فائت الوصف متناهى الغاية فى معناه كقول الله تعالى «الحاقة ماالحاقة وما أدراك مالحاقة» و «القارعة ماالقارعة وما أدراك ماالقارعة» فذكر يوم القيامة وأتبعها من ذكر أوصافها وعظيم أهوالها مالاق بالمقدمة التى أسفلها وصدر الخطبة بها فقال «يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش» إلى آخر السورة وأنت علقت هذا القول بدابة يدركها البصر فى مدى اللحظة ويحيط بمعانيها العلم فى اليسير من مدة الفكر، ثم اقتصرت من عظيم ما فيها من العجب على ذكر المشفر والذنب، فما أشبه قولك هذا ألا بما أنشدنيه بعض شيوخنا لبعض نظرائك.
وأنى وأنى ثم أنى وأننى *** اذا انقطعت نعلى جعلت لها ششعا
أىّ صغير ما أتيت به فى عجز كلامك من عظيم ما أصميته فى صدره، ويسير ما رضيت به فى أخره من كثير ما أنميته فى أوله، واذ قد دلتك فيالة رأيك وسوء اختيارك على معارضة القرآن بذكر الفيل وأوصافه فهلا أتيت بما هو أشف قيلا، وأشفى وأجمع لخواص نعوته وأوفى، فتذكر ما أعطيته هذه البهيمة العجماء من الذهن والفطنة التى بها تفهم سائسها ما يومىء به إليها من تدبيره، وهلا تعجبت وعجبت من ذلك من حسن مواتاتها وطاعتها له اذا أغراها، وقرب ارتداعها اذا زجرها ونهاها، وهلا قرنت الى ذكر مشفرها ذكر نابيها اللذين بهما تصول وبسنانهما تطعن وتجرح، وكيف أغفلت أمر أذينها العريضتين اللتين تلحفهما وجهها، وتذهب بتحريكهما البق والذباب عن صماخيها وعينيها، وبهما تروح على نواحى رأسها، وكيف لم تفطن لموضع التدببير من قصر رقبتها
/صفحه 330/
واندماج عنقها فانها لو طالت لم تقلّ رأسها ولأوهنها ثقل حمله فاذ قد منعت امتداد العنق فقد عوضت به انسدال المشفر لتتناول به من وجه الأرض حاجتها من القوت والعلف وتدلو به شربها من الماء وتملأ كالسقاء فتنضح به أعضاءها اذا شاءت ثم قد منعت البروك بأن لم تجعل لها مفاصل تنثنى، ولو أنها بركت لم تقدر على النهوض اذا ليس لها عنق تتطاول به كالبعير الذى يهنع بعنقه وينبعث ويثور فيما يشبه هذه الأمور من نعوت خلقها، وعجائب تركيبها».
ومن هذه المعارضات ما حكى عن بعضهم من قوله: «الم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى، أخرج منها نسمة تسعى بين شراسيف وحشى» ولم تنسب هذه المعارضة فى أكثر الكتب، ونسبها الطبرى لمسيلمة، وقال أنه قالها فى حضرة سجاح ومما قال فى حضرتها «إن الله خلق النساء.... وجعل الرجال لهن أزواجا...» فلما أتم هذه الكلمة على أفحش ما تتم به الكلمات قالت له: أشهد أنك نبى!
ولا أدرى لماذا اقتصر الوحى فى حضرة سجاح على ما يتعالق بالزوج والنكاح والحمل والوضع؟
وهل يمكن أن نفهم من هذه الكلمة (أشهد أنك نبى) بعد أن قرأ لها وحيه الواصف لما يكون بين الرجل والمرأة أن الرواة لم يقصدوا إلا إلى السخرية والتهكم، وإظهار طبيعة المرأة الغالبة عليها حتى فى أحرج الأوقات، وأكثرها حاجة إلى الجد والصرامة.
فهل كان مسيلمة عابثا وهو يدفع الآلاف المؤلفة من قومه إلى أتون الحرب، وهل كانت سجاح عابثة كل همها أن تجد رجلا يتزوجها؟!
لعلها لم تجد فى قومها نبيا يكون كفئا لها فبحثت عن مسيلمة حتى وجدت كفئها! أن الوضع جد ظاهر فى كل ما يتصل بأمر اجتماع هذين المتنبئين، وهو يرشد إلى الوضع قى بقية المعارضات.
ثم نعود إلى قصة الحملى، ونقد الخطابى لها، قال: أن أول ما غلط فيه هذا الجاهل أنه وضع كلمة الانتقام فى موضع كلمة الأنعام حين قال: ألم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى. وأنما تستعمل هذه اللفطة فى العقوبات ونحوها كقوله: «الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل» وإنما وجه الكلام مما رامه من المعنى أن يقول: ألم تر إلى ربك كيف لطف بالحبلي… وكيف أنعم عليها، أو نحو هذا من الكلام الذى يجرى مجرى الامتنان والأنعام(1)..."
من بحوث مجمع اللغة العربية(2)


الدراسة الخامسة
حرص محمد على السجع اوقعه فى اخطاء لغوية
يقول كامل النجار :
· · · سينين أم سيناء؟
والسجع هو العمود الفقري في لغة القرآن، لدرجة ان محمداً قد غير اسماء اماكن واشياء لتتماشى مع السجع في السورة. فمثلاً في سورة التين، الاية الثانية، نجد ان " طور سيناء " قد تغير الى " طور سينين " ليتماشى مع السجع:
1- " والتين والزيتون "
2- " وطور سينين "
3- " وهذا البلد الامين "
4- " لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ".
وليس هناك بالطبع مكان او جبل اسمه طور سينين، وكلمة طور نفسها ليست كلمة عربية وانما كلمة عبرية وتعني " جبل"، وهذا الجبل في سيناء، ولذلك دُعي جبل سيناء او طور سيناء. ونجده قد استعمل الاسم الصحيح في سورة " المؤمنون" الاية 20: " وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغٍ للآكلين".
· · · إلياس ام إل ياسين
ونجد في سورة الانعام، الآية 85، ذكر بعض الانبياء: " وزكريا ويحيي وعيسى وإلياس كل من الصالحين". ونجد كذلك في سورة الصافات، الاية 123 إلياس يُذكر مرة اخرة: " وان إلياس لمن المرسلين". ولكن فجأةً في الآية 130 من نفس السورة يتغير اسمه ليصبح إلياسين، ليتماشى مع السجع: " سلام على إلياسين". وهذه ليست " آل ياسين" وانما " إل ياسين" بكسر الالف الاولى.
· · · التكرار الممل
والتكرار في بعض ألآيات يكون مملاً. فخذ مثلاً سورة " الرحمن" وبها 78 آية كلها مسجوعة على الالف والنون ما عدا آيات بسيطة، ولسبب ما أدخل المؤلف " فبإي ألاء ربكما تكذبان" بعد كل آية ابتداءاً من ألآية الثانية عشر. وتكررت هذه العبارة 31 مرة في سورة طولها 78 آية. فاي غرض يخدمه هذا التكرار الممل.
· · · غسلين...
وفي سورة الحاقة، الآية 36: " ولا طعام الا من غسلين". ولا احد يدري معنى غسلين، ولكنها تنسجم مع سجع السورة، " ولا يحض على طعام المسكين، فليس له اليوم ههنا حميم، ولا طعام الا من غسلين".

الدراسة السادسة
لزوم السجع جعل كاتب القرآن يستخدم خلال بدلا من خلة كما هو فى أيات اخرى

البقرة 254
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)

واراد الكاتب ان يقول نفس الفكرة فى سورة اخرى كان ملتزما فيها بسجع مختلف فى اواخر الايات , فلو قال ( خلة ) لضاع السجع , فلم يتقيد باللفظ المناسب من اجل السجع وجاء بكلمة ( خلال ) بدلا من خلة !!
ابراهيم 31
قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ
هذه الاية موجودة فى وسط أيات مسجوعة بكلمات تنتهى بالف وراء مثل قرار , بوار , نار , نهار , كفار فتشترك جميعها فى صوت ممدود بسبب حرف الالف , فلما جاء للاية موضوع الدراسة فارادها ممدودة هى الاخرى لتتناغم مع سجع الايات فوجد ما يحقق له ذلك فى صيغة الجمع من كلمة " خلة " وهى " خلال"
واليك تلك الاية وهى فى وسط الايات المسجوعة

وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)

ولقد اورد السيوطى ما يؤكد ذلك , فمن بين عشرات الايات التى جاءت مسجوعة ( تحتوى على سجع يسميها العلماء فواصل ) مخالفة لما كان يجب ان تأتى عليه لغويا وبنائيا اورد رأى الشيخ شمس الدين بن الصائغ الحنفي فى كتابه (أحكام الرأي في أحكام الآي ) الذى جاء به عشرات الامثلة منها :

الرابع والعشرون‏:‏ الاستغناء بالجمع عن الإفراد نحو لا بيع فيه ولا خلال أي ولا خلة كما في الآية الأخرى وجمع مراعاة للفاصلة‏
( الاتقان فى علوم القرآن , فصل : النوع التاسع والخمسون في فواصل الآي )

الدراسة السابعة
لزوم السجع جعل كاتب القرآن يستخدم زمن المضارع بدلا من الماضى فى واقعة حدثت وانتهت
البقرة 87
وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ

يتحدث عن واقعة فى الماضى خاصة ببنى اسرائيل وانبيائهم الذين كذبوا بعضهم وقتلوا بعضهم , وبدلا من ان يعبر عن ذلك بالقول :
فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا قتلتم
اضطر ان يضرب السياق الزمنى بعرض الحائط لكى يحتفظ بالسجع والقافية التى تنتهى فى الايات التى تسبق هذه الاية والتى تعقبها بكلمات موزونة على الواو والنون مثل : تكتمون , تعقلون , تعملون , يعلنون , يظنون , يكسبون , خالدون , معرضون , تشهدون , تقتلون , يؤمنون , ينصرون !!
واليك الاية فى وسط مجموعة من الايات المسجوعة الاخرى لتوضيح حرصه على السجع حتى لو كلفه ذلك رداءة المعنى ومخالفته للمنطق اللغوى السليم

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84)
ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)
أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (86)
وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87)
وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88)

لقد اورد السيوطى ما يؤكد ذلك , فمن بين عشرات الايات التى جاءت مسجوعة ( تحتوى على سجع يسميها العلماء فواصل ) مخالفة لما كان يجب ان تأتى عليه لغويا وبنائيا اورد رأى الشيخ شمس الدين بن الصائغ الحنفي فى كتابه (أحكام الرأي في أحكام الآي ) الذى جاء به عشرات الامثلة منها :
" التاسع والثلاثون: العدول عن صيغة الماضى الى صيغة الاستقبال نحو " فريقاً كذبتم، وفريقاً تقتلون" - والأصل (قتلتم).

( الاتقان فى علوم القرآن , فصل : النوع التاسع والخمسون في فواصل الآي )


الدراسة الثامنة
لزوم السجع جعل كاتب القرآن يستخدم كلمة عجاب بدلا من عجيب

سورة ص 4-5
وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ
أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ

بسبب السجع الذى بدأه بقافية تنتهى بالالف والباء كما فى ( كذاب ) اضطر ان ينهى الشطرة الثانية بنفس السجع فقال
( عجاب ) بدلا من ( عجيب )

ولقد اورد السيوطى ما يؤكد ذلك , فمن بين عشرات الايات التى جاءت مسجوعة ( تحتوى على سجع يسميها العلماء فواصل ) مخالفة لما كان يجب ان تأتى عليه لغويا وبنائيا اورد رأى الشيخ شمس الدين بن الصائغ الحنفي فى كتابه (أحكام الرأي في أحكام الآي ) الذى جاء به عشرات الامثلة منها :

" الثامن والعشرون: إيثار بعض أوصاف المبالغة على بعض، نحو " إن هذا لشىء عجاب" أوثر على (عجيب) لذلك - مراعاة للفاصلة.
( الاتقان فى علوم القرآن , فصل : النوع التاسع والخمسون في فواصل الآي )


الدراسة التاسعة
لزوم السجع جعل كاتب القرآن يستخدم كلمة مستورا بدلا من ساترا مضحيا بالمعنى اللغوى والمنطقى لمفهوم الآية

الاسراء 43 – 47
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا
تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا
وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا
وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا

اراد ان يقول
وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا ساترا
لكن سيضيع السجع لو قال كذلك لان ما قبل هذه الاية وما بعدها مسجوع على قافية تنتهى بالراء والالف مثل كبيرا وغفورا ونفورا ومسحورا , فلو قال ساترا لضاعت الموسيقى السجعية , فماذا يفعل ؟
ضحى بالمعنى فقال ( حجابا مستورا ) !! فجعل الحجاب مفعولا بينما هو فاعلا !!
فالحجاب الهدف منه ان يكون ساترا ( فاعلا ) وليس ( مستورا ) اى يحتاج لشئ يستره !! اى ان الحجاب يحتاج لحجاب آخر يستره !!
وهكذا ادى حرصه على سجع الكهان الى معانى حمقاء لم يقصدها , وهذه المعانى تخالف العقل والمنطق اللغوى السليم
ولقد ادرك علماء المسلمين هذا المأخذ وبدلا من الاعتراف بخطأ القرآن فى ذلك اكتفوا بتقرير الحالة وقالوا ان القرآن جعل الفاعل مفعولا وقصد به الفاعل وليس المفعول !!

لقد اورد السيوطى ما يؤكد ذلك , فمن بين عشرات الايات التى جاءت مسجوعة ( تحتوى على سجع يسميها العلماء فواصل ) مخالفة لما كان يجب ان تأتى عليه لغويا وبنائيا اورد رأى الشيخ شمس الدين بن الصائغ الحنفي فى كتابه (أحكام الرأي في أحكام الآي ) الذى جاء به عشرات الامثلة منها :
الحادي والثلاثون‏:‏ وقوع مفعول موقع فاعل كقوله ‏ {‏حجابًا مستورًا‏} ‏ ‏ {‏كان وعده مأتيًا‏} ‏ أي ساترًا وآتيًا‏.‏

( الاتقان فى علوم القرآن , فصل : النوع التاسع والخمسون في فواصل الآي )



04-18-2005, 01:52 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
استشهادي المستقبل غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 3,317
الانضمام: Aug 2010
مشاركة: #3
القرآن وسجع الكهان وشعراء ما قبل الاسلام
:nocomment:
04-18-2005, 07:28 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ضيف
Unregistered

 
مشاركة: #4
القرآن وسجع الكهان وشعراء ما قبل الاسلام
لا شك ان هناك الكثير من اموحدين كانوا لان رسالة السماء لم تنقطع
بل ان القرآن الكريم ذكر هذه الحقيقة
وهناك نوعان من التوحيد:
توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية
نرجو من الاخ ناقل الموضوع ان يلخص ما يريد قوله بنقاط
04-18-2005, 09:43 AM
إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
fady غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 640
الانضمام: Nov 2004
مشاركة: #5
القرآن وسجع الكهان وشعراء ما قبل الاسلام
الأخوة الأفاضل

أهلا بكم

الزميل العزيز سواح أرحب بك (f)

كما عودتنا دائما علي مواضيعك الجريئة المليئة بالدراسات القيمة

أهنئك علي هذا الموضوع لما فيه من معلومات موثقة كماهو الحال في كل مواضيعك الاخري

رغم أني مسيحي ولكن أعجبني جدا موضوع تلفيق النبوات الذي كتبته ضد المسيحيين , واستفدت من كلامك ووجهة نظرك وملحوظاتك , وكذلك استفدت أيضا من ردود الزملاء الآخرين في هذا الموضوع وهذا هو الهدف الحقيقي الذي نسعى إليه وهو تقريب وجهات النظر في بعض الأمور الجدلية


استمر يا عزيزي فنحن دائما بحاجة إلي مثل هذه المواضيع الدسمة التي تشبع العقل والفكر

تقبل تحياتي (f)

مع تحياتي .......... فادي
04-21-2005, 12:43 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
سواح غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 99
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #6
القرآن وسجع الكهان وشعراء ما قبل الاسلام
الزميل فادى
اشكرك
وكم يسرنى انك مسيحى ومع ذلك تستمع لوجهات نظر تنقد المسيحية
هكذا يجب ان يكون الهدف من الحوار والنقاش بهذه الروح الحضارية بدلا من لغة السب والاهانة
تحياتى
04-21-2005, 03:18 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  بين القرآن ونهج البلاغة وسجع الكهان Jugurtha 1 1,740 06-08-2009, 08:01 PM
آخر رد: Hameeduddin
  الاسلام ... افديه بامي وابي وولدي !!! الاسلام ليس ارهابا وقتلا استشهادي المستقبل 20 5,418 11-23-2005, 08:06 AM
آخر رد: استشهادي المستقبل

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS