بكلمات أبعد قليلا فى العمق ، من يعادى المتقدمين لا يمكن أن يكون متقدما . هنا تكمن حكمة ما تحدثنا عنه واسمه الاستسلام ! مشكلة العرب ليست فى الأميين ، المشكلة فى المتعلمين . التعليم يزيدهم جهلا ، ويشحنهم بالعداء ضد التقدم والمتقدمين ، ويكفى وحده ذلك الكم الذى تحفل به كتب التاريخ وما يسمى التربية الوطنية والتربية القومية من مغالطات وتزوير فاضح للحقائق . بكلمة أخرى نسبة الأمية فى بلادنا أكثر من 100 0/0 !.
إن أردت الإصلاح ( إن كان ثمة أمل فيه ) ، فانس مؤقتا كل ما يخص الثقافة ، فهذه لن تصلح فى أى مدى منظور . إنه الاقتصاد يا سادة ، لا شىء أقوى منه ولا أكثر قاعدية.
من هذا ، زائد مما سبق واتضح من الأوقاع السياسية للجلوبة يتضح فى ذات الوقت أن من المحتوم علينا بالتبعية لما ذكر ، أن نعيد النظر فى صنم كبير اسمه الاستقلال . فمن التبعات البديهة لكلمة جلوبة ضرورة مراجعة فكرة كتلك نفسها . بصياغة صريحة نحن لا نسعى وبمنتهى التهافت حاليا سوى لشىء واحد هو التخلص من ذلك الاستقلال الذى أفنينا من أجله عقودا فضلنا فيها أن نظل أسرى للفقر والتخلف . والمذرى حقا أن يا ليت العالم المتقدم يستجيب لنا ويقبل العودة بتقنياته واستثماراته وحمايته …إلخ . السبب المضحك ببساطة أن كل هذه الاستثمارات كانت موجودة عندنا يوما وتمارس أعظم دور فى تاريخنا لتنميتنا وتطويرنا لكننا بمنتهى الدم البارد طردناها ! وليس أكثر مدعاة للاستهزاء أو لإثارة الشفقة أو لهما معا أن ندعوها اليوم للرجوع .
إن الاستقلال ومما لم يعد فيه شك اليوم أنه كان غلطة ستراتيچية كبرى بل أم كل الأخطاء القومية . لن يمر وقت طويل حتى يكتشف الجميع أن فكرة إعطاء العالم الثالث الحكم الذاتى كان جرما فى حق كل الشعوب غنية وفقيرة لحساب حفنة محرضة فاسدة .
فى سنة 1960 كان الخمس الأكثر ثراء فى العالم أغنى ست مرات من الخمس الأكثر فقرا . فى أقل من 40 سنة الفارق يزحف لما وراء المائة ضعف . هذا يدلك على حجم الجريمة التى ارتكبها ما يسمى بالاستقلال فى حق شعوب الإنسانية . عندما كان الاستعمار ’ ينهب ‘ ما لدى العالم الثالث من ’ ثروات ‘ كانت شعوبه أكثر بحبوحة وكرامة بما لا يقاس مما هى عليه الآن !
ما يسمى بالاستقلال كان فكرة فاشلة ولم يعد خيارا مقبولا . دعك من الجلوبة والتنمية وتوحيد العالم ، أقل ما فى الأمر تلك النتيجة المخيفة المترتبة عليه من تفاقم الفقر ومن ثم زحف عكسى لجحافل الفقراء تغزو الغرب ، تنهش ثرواته كما الجراد وتضخ فيه قيم التخلف والدين ضخا ، وهو فيما يبدو تقليد رائج لحد التقديس فى منطقتنا ككل ، تحديدا منذ نهج عليه ما يمكن تسميته بجراد يثرب حين ترك ذاك الوكر لأول مرة ، فيما سمى بغزوة بدر ، ليغزو كل العالم تقريبا ناهبا ثرواته تاركا إياه جدبا خربا وأرضا محروقة .
بمناسبة الجراد ، فالكل جراد ، والجراد المهاجر لم يهاجر إلا بعد أن أجدب جراد الداخل الأرض . الحل ليس فى هجرة جحافل الجراد تنهش ثروة الغرب . الحل أن يعود العالم الأول لحكم العالم الثالث . حكم العالم الثالث لنفسه ‑وبالأخص منه العرب والمسلمون‑ هو جريمة فى حق العالم وجريمة فى حق نفسه أولا . الحكام الوطنيون ، بالذات لو تسموا بالعروبة أو الإسلام ، هم جراد يترك الأرض جرداء ، بينما الاستعمار ، وبالذات الأنجليزي ، هو الفلاح الذى ينميها ليأكل منها الجميع وهو ، حتى نهاية الزمان !
ومثالنا الحزين هو ما سمى بتجربة الليبرالية المصرية . مر على مصر من الاحتلال أشكال وألوان . إنها محتلة طيلة كل تاريخها تقريبا . بعضهم جاء بمشروع حضارى أخذ وقته وذهب ( الرومان مثلا جاءوا للأراضى التى احتلوها بالكثير من تقنيات الزراعة والرى والصناعات وبناء السفن وقطعا كانت عاصمتهم الأعلى حداثة وتمدينا وتقنيات بين كل مدن الأرض … إلخ ) ، وبعضهم جاء لينهشها لا أكثر مثل بدو الجزيرة العربية ( ليس لديهم أية مشروع حضارى ولا غير حضارى ، بل لا يعرفون الزراعة ولا الرى أصلا ! ) . ثم بدأت تزدهر تجربة نهضوية على يد حاكم ألبانى اسمه محمد على . عانت من كبوات ، وخيل للجميع أن قضى عليها بهزيمة وعزل الخديوى إسماعيل . هنا يدخل الإنجليز . استعمار غير كل استعمار . وكما من يقوم من بين الأموات ، ازدهرت بشدة من جديد الليبرالية المصرية . لقد أحياها احتلال الإنجليز مصر ، بل وصلت بمصر لأعلى ‑بل أجمل‑ نقطة فى كل التاريخ البائس لهذا البلد ، وبدأت بالفعل تشع بنورها على المنطقة كلها . على أن الأجل لم يطل بها إذ سرعان ما عاجلها وخانها فى الظهر هى والإنجليز معا ، ذلك الخائن السافل المدعو سعد زغلول ، رافعا أبشع شعار فى التاريخ الإنسانى ، الوطنية والاستقلال .
حكم العالم الثالث لنفسه ‑وبالأخص منه العرب والمسلمون كما أشرنا‑ هو جريمة فى حق العالم وجريمة فى حق نفسه أولا . بل نذهب لما هو أبعد للقول بأن ما سمى بالاستقلال كان فكرة محكوما عليها سلفا بالفشل . الأسباب فى هذا كثيرة ، لكن ليس أقلها قاعدية أن رؤية الصغير للعالم ولمستقبله الاقتصادى والتقنى والثقافى لا بد وأن تختلف بالضرورة عن رؤية الكبير له ، إن لم تكن معدومة أصلا . الكبير يرى ما هى الخطوة التالية التى يجب اختراعها من التقنية ، ويرى كيفية تنمية وتكامل الموارد على مقياس واسع ، وعادة ما يكون صاحب مفهوم أنضج وأشمل للثقافة بل ولكل شىء .
الأمور ليست فى حاجة إلى إثبات . قبل أربعة عقود حاولت أميركا احتلال شبه الجزيرة الكورية . فشلت . لم تفرض هيمنتها سوى على نصفها فقط . الآن ما هو وجه المقارنة بين الجزء الذى قبل العمالة والتبعية والمهانة والقواعد العسكرية ، والجزء الذى حقق الاستقلال السيادة والهوية القومية والهامات المرفوعة ؟ نصيب الفرد من الناتج الداجن الاجمالى فى الجزء الأول عشرون ضعف نظيره فى الجزء الثانى ! تخيل أنت أن استيقظت غدا لتجد دخلك الشهرى عشرين ضعف ما هو عليه الآن !
يمكن للباحث أن يرصد بسهولة أن أنه باستثناء استقلال أميركا فإن جميع عمليات الاستقلال قد أضرت بشعوبها أضرارا جسيمة ووصلت بها لدرجة من التخلف بات معها التراجع عنها وطلب الصفح تمحكا فى عصر الجلوبية الجديد أمرا غير مقبول ومتأخرا للغاية . إن استقلال الهند ومصر وغيرهما أكبر جريمة ارتكبت فى حق شعوب العالم الثالث . بل من غير المؤكد حتى أن عدم استقلال أميركا كان سيفضى لعالم أبطأ تقدما .
باختصار : الوطنية والقومية والاستقلال كلها شعارات هدفها طرد المستعمرين الأكفاء واستيلاء حفنة المحرضين المحليين الانتهازيين الفاشلين على السلطة وفتات الثروة . الآن تتوق الشعوب لأيام كان يحكمها فيها مستعمرون أكفاء نزهاء ويشتغلون من أجل تقدم كل العالم ، وهم جزء منه كلما ارتقى مستواه وإنتاجه واستهلاكه ، كلما تفرغ المستعمر لابتكار ما هو أحدث من التقنية ، وبالتالى المزيد من الرفاه للجميع ، وهلم جرا . باختصار : تماما كما أن الشيوعية أخذت فرصتها كاملة وثبت فشلها المطلق ، أيضا الاستقلال أخذ فرصته كاملة وثبت فشله المطلق ، وليس فى هذا غرابة فكلامهما ينطلق من معاداة أو مصادرة بعض أو كل القوانين القاعدية للطبيعة كالقوة والمنافسة والاستعقاد والعملقة …إلخ . والحل الوحيد أن يعود العالم الأول لحكم العالم الثالث ، فكل البدائل الأخرى تبدو مرعبة !
بمناسبة البساطة ، نحن لا نحلل هنا ولا نحاول سوق المبررات لك كى نقنعك مثلا بالإمپريالية أو الاقتصاد الحر . فقط نحن نقرر حقائق تاريخية باردة ، لكنها صارخة فى المقارنة بين أحوال أمم اختارت طريق الاستقلال والاشتراكية ( الهند ، مصر ، بقية أفريقيا ، وما سمى بعدم الانحياز …إلخ ) ، وأخرى اختارت طريق التبعية والرأسمالية التنافسية ( النمور الآسيوية ، تشيلى ، ومن قبلها دول جنوب أوروپا المتوسطية ، وفى القرن الماضى الياپان ، وهلم جرا ) .
http://everyscreen.com/views/culture.htm
أنتهى الأقتباس.
هنا أضيف مقتطف من مداخلة لأحد الزملاء المغاربة في منتدى الحاد:-
(بدون سياسة او فلسفة .
مدينة سبتة هي جنة اوروبية على اراضي مغربية .
عندما انظر اليها ارى فوائد الاستعمار ارى الافارقة و الاسياويين و ابناء بلدي يموتون في البحر او على اسلاك الحدود الشائكة لكي يطئو ارضها .
ارى المغاربة القاطنين هناك بسياراتهم الفارهة و مشاريعهم المربحة انظر الى ابنائهم المبتسمين دائما باناقتهم الاوروبية و سلوكهم الراقي و حضارة الغرب بادية عليهم انظر الى وجوههم الناصعة المتفتحة و المشرقة و الدماء تجري فيها بينما وجوه ابناء بلدي صفراء تملأها النذوب القهر و الحرمان يتقطر منهم عرقا و دما في المخافر.
ما الذي انجزناه في خمسين سنة من الاستقلال .
السكة الحديدية تركتها فرنسا في في حدود مراكش لا زالت هناك لم يزد نظام ما بعد الاستقلال عليها مترا .
الطرق لا زالت هي القناطر ايضا ماذا استفدنا من الاستقلال الحرية الوهمية .
لولا فرنسا لكنا لا زلنا ندرس قي الكتاتيب القرآنية و جامعات تافقه الاسلامي .
عندما بدأت العمل مع ابي في بيع الملابس في الاسواق الاسبوعية النائية في اعالي الجبال الوعرة كنت اساله من اوصل الطريق الى هنا يا ابي فيرد : الاسبان .
ما هذه الخرابة هناك يا ابي في اعالي الجبال؟ فيجيب انها حانة لشرب الخمور كانت في عهد الاسبان .
هذه قنطرة رائعة يا ابي كيف استطاعو ربط هذا الجبل بذاك ؟ فيجيب : انهم النصارى ( هذا اسم يطلق على الاوروبيين عامة) يا بني يقدرون على اي شيئ .
لننظر الى العالم ببرغماتية ماذا ستفيدني الهوية ما دمت مجرد مستهلك لما ينتجه هذا الآخر و عندما اراد هذا الآخر مساعدتي على ان انتج شيئا شريطة فوائد نجنيها معا حاربه اجدادي و نعتوه بالكافر و النصراني و المنحل و الفاسق حاربوه من اجل اديولوجية صحراوية يحملونها حاربوه من اجل عرش جاث على جتتهم حاربوه من اجل 60 دولار تقاعد حاربوه من اجل وسام شجاعة لا يغني من الجوع شيئ حاربوه من اجل ان تحكمهم نخبة تشرب دمائهم يوميا باسم الاستقلال حاربوه من اجل ان يموت ابنائهم في مخافر نظام ما بعد الاستقلال و ليموت ابنائهم في قوارب الموت طمعا في لعمل في حقول هذا الآخر حاربوه من اجل ارض تنكرت لابنائها و من اجل نظام نكل بهم تنكيلا حاربوه لكي يموتوا في اكواخ من القزدير وسط القذارة حاربوه من اجل ان يموتوا في ابواب مستشفيات ينتظرون ان يتصدق عليهم اطباء النظام بتشخيص طبي لحالتهم حاربوه لكي يطرد ابنائهم من المدارس بدعوى سوء سلوكهم ( و منهم انا ) حاربوه لكي يركل ابنائهم في الجامعات و لكي يموت احفاذهم جوعا في ابواب البرلمان ينتظرون ان يجود عليهم نظام ما بعد الاستقلال بوظيفة حقيرة في احد الادارات التي جل مدارائها من ابناء ممثليه حاربوه لكي تغتصب و تبثر بطون نسائهم ان طالبوا بحقهم حاربوه لكي يزدادو جهلا و فقرا ................................................. .................الخ.
الوطن هو المكان الذي يعطيني كامل حقوق مواطنتي و ليس المكان الذي ولد فيه اجدادي .
هناك مثل يقول .
ان تعطلت الحافلة و تمنّع اصلاحها فعلينا بحافلة اخرى و ليس بتغيير السائق )