{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
معركة صفـّين والحركات الإسلامية المعاصرة - توظيف الدين في خدمة السياسة و السياسيين
thunder75 غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,703
الانضمام: Feb 2002
مشاركة: #1
معركة صفـّين والحركات الإسلامية المعاصرة - توظيف الدين في خدمة السياسة و السياسيين
إحدى أهم المفاصل التاريخية في التاريخ العربي الإسلامي والتي طالما استوقفتني واستعصى علي فهمها لوقت طويل هي معركة صفين بين جيش الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان .

ما أثار حيرتي وأنا أقرأ تسلسل الأحداث ليس هو المعركة بحد ذاتها أو الصدام العسكري والصراع بين الطرفين بل هو ردة فعل الجنود في جيش الإمام علي بن أبي طالب بعد خدعة عمرو بن العاص الذي دعا إلى رفع المصاحف على أسنّة الرماح ، أي جعل القرآن حكماً بين الطرفين . و قبول الإمام عليّ بالتحكيم (مكرها) تحت ضغط جنده ، الأمر الذي أضعف مركزه بعد أن كاد أن يحسم المعركة من الناحية العسكرية وأن يقضي على التمرد الأموي في جسد الدولة الإسلامية آنذاك.

في وقت لاحق تبين لي بأن هذا اللغـز لا يمكن حله و فهمه إلا إذا وضعنا معركة صفين في السياق التاريخ السابق لها أي منذ بداية الدعوة الإسلامية وحتى لحظة رفع المصاحف على أسنة الرماح في معركة صفين ، فالذي حدث هو أنه من الناحية النفسية أراد عمرو بن العاص أن يوهم جنود الطرف الآخر أنهم في مواجهة وتقابل قتالي مع القرآن أي مع الإسلام ومع الله وهو أمر خطير جدا.

خصوصا إذا علمنا بأن هؤلاء الجنود كان مؤمنين يقينا أن الدعوة الإسلامية دعوة حق وقد شهد معظمهم كيف أن كل من حاول أن يقف في وجه هذا الدين الجديد كان مصيره على الدوام هو أن تحل عليه الهزيمة المنكرة وأن ينتهي من وجه التاريخ سواء كان هذا الطرف أفرادا أو قبائلا أو دولا أو حتى امبراطوريات وحضارات ذات تاريخ عريق.

كانت مجريات التاريخ الإسلامي حتى ذلك الوقت كلها تؤكد أن وراء هذه الدعوة قوة إلهية كانت تحميها و تحول بينها وبين التصفية وهو أمر تكرر أكثر من مرة في تاريخ الدعوة الإسلامية حتى عندما كانت تمر بأوقات عصيبة ولم تكن موازين القوى في صالحها وكانت المؤشرات المادية تدل على أنها في طريقها الزوال عدا أن الانتصارات وما عرف بالفتوحات الإسلامية التي أزالت امبراطوريتين كانت كلها اشبه بالمعجزة في ظل التفاوت الهائل في امكانيات الطرفين المتحاربين.

ظاهريا فإن جميع هذه الأسباب كانت كافية لثني الجنود في جيش الامام علي بن أبي طالب عن الاستمرار والمضي في المواجهة لكن هناك حقيقة هامة جدا وبسيطة غابت عن وعيهم تحت التأثير الإرهاب النفسي المخيف بالتهديد بمصير مشابه لمصير كل من وقف في وجه الله والدين و محمد وهي أن محور هذا الصراع لم يكن أصلا يدور حول الإسلام والعقيدة فلم يكن الخلاف بين علي ومعاوية حول وحدانية الله أو حول حقيقة نبوة محمد (ص) او حول أن القرآن وحي إلهي أم بشري وبالتالي فإن هذا الخوف الذي ظهر في صفوفهم من أن يكونوا في مواجهة و تقابل قتالي مع الإسلام و مع الله لا مبرر له لأن طبيعة هذا الصراع كانت سياسية دنيوية على السلطة والحكم و ليست حربا دينية مقدسة كما كانت حروبهم مع الذين وقفوا وحاربوا الدعوة الإسلامية.

ويسجل لنا التاريخ أن الإمام علي كان واعيا جيدا لهذه الخدعة وهذا التوظيف لرموز الإسلام من أجل مكاسب دنيوية نفعية حين رفض التحكيم في البداية قائلا بأن : ((القرآن كتاب مسطور لا ينطق و إنما يتكلم به الرجال)) وهو ما حدث بالفعل على أرض الواقع فقد تم تحكيم الرجال لأن النص القرآني وإن احتوى على تعاليم أخلاقية عمومية في السلوك الإنساني تصلح لكل زمان ومكان إلا أنه ليس سلطة قضائية تتحقق من حيثيات ودعاوي وحجج الخصوم وتصدر حكما لصالح أحد الطرفين.

لكن دهشتي من رد الفعل الساذج لجنود الإمام علي بن أبي طالب بدأت تتلاشى مؤخرا عندما أعدت النظر في الواقع العربي الحالي و رأيت أن هذا الأسلوب الانتهازي في العمل السياسي لا زال يفعل فعله السحري في تضليل الإنسان العربي حتى بعد مرور كل هذه القرون على معركة صفين فلا زال هناك بيننا من يرفع المصاحف في المعركة الخطأ ولا زال هناك من يحاول أن يوحي لعامة الناس أن خصوم فكر الإسلام السياسي إنما هم في مواجهة مع الإسلام ومع الله في معارك وتحديات دنيوية بحتة و ليس لها علاقة بالدين والعقيدة من قريب أو بعيد و لا زال هناك الكثيرون ممن ينطلي عليهم هذا التضليل والخداع.

لا زال الإخوان المسلمون وغيرهم من الحركات الإسلامية يمارسون هذا التزييف في وعي الناس و يرفعون شعار الإسلام هو الحل في كل انتخابات وفي العمل السياسي والذي هو عمل دنيوي بحت لا علاقة له بالدين من قريب أو بعيد وحين أقول عمل دنيوي أي أن لا تكون المرجعية فيها للنصوص الدينية أو للفقهاء و أساتذة الشريعة بل لأهل الخبرة والرأي.
03-27-2005, 02:45 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
على نور غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 275
الانضمام: Dec 2003
مشاركة: #2
معركة صفـّين والحركات الإسلامية المعاصرة - توظيف الدين في خدمة السياسة و السياسيين
اخى الفاضل ثندر
اؤكد لك ان ما حدث بالامس مازال يحدث اليوم
و لكن بشكل مختلف
صراع الدين متمثلا بالامام على عليه السلام
و صراع الدنيا :
متمثلا فى معاوية و المافيا التى التفت حوله .
الصراع اخى الفاضل صراع دينى بحت .
صراع بين اهل الحق و اهل الباطل
صراع المؤمنين و المنافقين
صراع من اراد تطبيق الاسلام كما جاء به الرسول الاعظم و امر به
و صراع من اراد توظيف الاسلام كما تفضلت لخدمة مصالحه الدنيوية من المنافقين .
يا اخى
فى صفين كانت احقية الامام على عليه السلام اوضح و اسطع من الشمس
و كان لابد ان يختار الرجل
الحق و العدل و الايمان
ام المال و الجاه و الظلم و الباطل

و مما يشابه اليوم بالامس هو خروج فئة الخوارج من بين اهل الحق
الذين عبدوا الله عن جهل
و ايضا ارادوا رسم الاسلام ليس كما اراده الله عز و جل و لكن برسمهم هم و تصورهم هم .
نعم ربما فى نيتهم مثل و قيم عليا و جميلة و يتمسكون بالقران و لكن عن جهل
و كانوا اخطر من قاتلهم الامام على عليه السلام كما صرح بذلك عليه السلام .

اللهم صل على محمد و ال محمد
لا فتى الا على و لا سيف الا ذو الفقار
03-27-2005, 03:57 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
thunder75 غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,703
الانضمام: Feb 2002
مشاركة: #3
معركة صفـّين والحركات الإسلامية المعاصرة - توظيف الدين في خدمة السياسة و السياسيين
الأخ الأكرم: على نور

حسنا سوف أتفق معك ,اختلف في نفس الوقت.

أنت ترى أن الإمام علي هو أحق بالخلافة من منطلق ديني عقائدي. حسنا سأتفق معك أن الإمام علي هو أحق بالخلافة و لكن ليس من هذا المنطلق.

الصراع بين الطرفين كان صراعا دنيويا يدور حول السلطة و ليس صراعا دينيا بين طرفين يريد كل منهما أن يفرض مفاهيمه الدينية و جتهاداته على الآخر.

بالطبع فإن كون هذا الصراع دنيوي لا ينفي أحقية أحد الطرفين على الآخر و أن إحدى الفئتين كانت باغية و لكنه يظل صراعا دنيويا

و دعني اضرب لك المثال التالي كي تتوضح الفكرة أكثر لو فرضنا أننا كنا موظفين في شركة ما و كانت هناك ترقية إدارية لمنصب كبير في هذه الشركة و كنت أنت أحق بها مني وفقا للنظام الداخلي للشركة و قمت أنا بالتحايل و وضع الواسطات للحصول على هذه الترقية بدلا عنك ثم دخلنا في صراع حول هذا الأمر في هذه الحالة فإن هذا الصراع لن يكون صراعا دينيا عقائديا بل صراعا دنيويا حتى لو كنت صاحب حق في هذه القضية.

كان وجه اعتراضي على سلوك أصحاب معاوية اللاأخلاقي عندما رفعوا المصاحف هو أنهم أرادوا أن يوهموا الطرف المقابل في لحظة معينة أن هذه الحرب هي حرب دينية و أنهم في مواجهة و تقابل مع القرآن و الإسلام - وهو ما نتفق على رفضه - من أجل تحقيق مكاسب دنيوية غير مشروعة .

و عليه و من ذات المبدأ أرفض كل من يحاول أن يزج بالدين في معارك و مناطق ليس لها علاقة بالدين من أجل غايات تتعلق بالسلطة و المال و السيطرة على عقول و مصالح الناس باسم الدين
و هذا هو عين ما تفعله جميع الحركات الإسلامية الأصولية المعاصرة.

لأن العمل السياسي و الاقتصادي و الإداري بمختلف أشكاله لا يتم من خلال مرجعية النصوص الدينية.

تحياتي
03-27-2005, 04:40 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إسماعيل أحمد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,521
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #4
معركة صفـّين والحركات الإسلامية المعاصرة - توظيف الدين في خدمة السياسة و السياسيين
اقتباس:  thunder75   كتب  
 لا زال الإخوان المسلمون وغيرهم من الحركات الإسلامية يمارسون هذا التزييف في وعي الناس و يرفعون  شعار الإسلام هو الحل في كل انتخابات وفي العمل السياسي والذي هو عمل دنيوي بحت لا علاقة له بالدين من قريب أو بعيد وحين أقول عمل دنيوي أي أن لا تكون المرجعية فيها للنصوص الدينية أو للفقهاء و أساتذة الشريعة  بل لأهل الخبرة والرأي.

لا يهمني باختصار التعقيب على الحكاية التاريخية ومنهجية تأويلها سياسيا بشكل مختلف...

أحترم الرأي الآخر وأخالفه في أن موقف الإمام علي رضي الله عنه كان موقفا سياسيا لا صلة له بالدين!!

هذه المغالطة مبنية على وهم فصل الديني عن السياسي بإطلاق!!

موضوع توظيف الدين في خدمة السياسة مرفوض قطعا، لأن الدين مخدوم لا خادم

موضوع الاستغلال الديني مرفوض لأن كل استغلال أيا كانت دوافعه هو محض ظلم...

موضوع استبطان النوايا وشق الصدور والحكم عليها هو جرأة لا أملك سلطانا على منعها، ولا أعتقد أنها أكثر الأمور أذى وإيلاما للمسلمين، ويكفيني سلوانا قوله سبحانه: (لن يضروكم إلا أذى)، 0بلى إن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا).

موضوع فصل العمل الدنيوي عن المرجعية القيمية دينية كانت أو فلسفية أو أخلاقية أو سياسية أو اجتماعية، هو بعض الوهم الذي يتوهمه بعض الناس مع أنهم غارقون فيه إلى الأذقان!!!

المرجعية بمفهومها العام، مسلمة لا نقاش فيها عند الكثيرين، وإن كان يرى فيها آخرون قيداً ناقضاً (للحداثة)، ومصادراً على المطلوب (الديمقراطي) !
إن كثرة الأخذ والرد حول موضوع (المرجعية) وأشكال الحوار التعسفي الذي يديره البعض أحياناً، سيجعلنا نركز عليها بشكل أكثر تفصيلا

ذلك أننا إذا كنا نصر على خصوصية حضارية نتمتع بها، فإن من المفيد هنا أن نؤكد أن ضابط (المرجعية) هو الذي يميز السياسي الإسلامي ودولته المدنية الحديثة التي يدعو إليها، عن الدولة (العائمة) أو (الدولة العلمانية) التي يدعو البعض إلى إقامتها في فراغ الرؤية الإنسانية لجيل محدود من الناس، تؤثر فيها عوامل متضاربة من القوة والضعف، ومن السداد والانحراف.
لا أحد يستطيع أن يتحدث عن كينونة في فراغ مطلق. والإنسان دائما هو ابن بيئته، وإن الفروق بين إنسان يعيش على شاطئ الفرات، وآخر يعيش على شاطئ (السين) أو (الأمازون) لأكبر بكثير من الفروق بين كأسين من الماء من هذا النهر أو ذاك.
من الناحية الواقعية ليست هناك دولة في العالم قامت حتى اليوم في الفراغ المطلق، أو وضعت ماضيها وحاضرها ومستقبلها رهن رؤية لحظية محدودة لنخبة من أبنائها، مهما كان صدقية تمثيل هذه النخبة لمجموع الأمة، إذ ما أسرع ما تتغير رؤية الإنسان حتى في إطار المجموع، في حالات الرضى أو الغضب، والعسر أو اليسر، والقوة أو الضعف، أو بين زمن وآخر، ودورة برلمانية وأخرى.
حتى في أعتى علمانيات العالم، دوائر تتسع أو تضيق من الثوابت والمرجعيات والقوانين الإنسانية التي يحظر تجاوزها. بل إن بعض ضروب البحث العلمي المجرد، ما تزال تخضع لقيود مرجعية أخلاقية وإنسانية، تجرّم الكثير من الأنشطة التي يسعى بعض الباحثين إلى ممارستها تحت شعارات البحث العلمي والتطور الإنساني.
وحديثنا عن (المرجعية) حديث عن مجموعة من (الثوابت) أو (الضوابط) العامة في الإطار الحضاري الإنساني، والضوابط الخاصة التي تشكل التمايز بين الأمم والشعوب. هذه الثوابت التي شكلت في إطارها العام الضمير الإنساني: الفردي والجماعي، كما شكلت في إطارها الخاص: ذاتية الأمم والشعوب.
والمرجعية أيضاً هي (الخطوط الحمراء) التي تضع حدا لأي حالة انهيار (قيمي) أو ثقافي قد يصيب الأمم في حال من الأحوال، فإذا الجمع أو (الملأ) حسب التعبير القرآني، يشرب من (نهر الجنون)، وتنتشر في الأمة حالة من الوباء الطاعوني يأتي على المجتمع من قواعده، في انتكاسة تشريعية، فإذا هو ينادي: (أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون.)
وكما تصيب الدولَ انتكاسات عسكرية أو سياسية أو اجتماعية، يمكن أن تصاب دولة بلا (مرجعية) ولا (ضابط) بانتكاسة تشريعية فإذا هي تسير في طريق (المزدكية) أو(النازية) أو(الفاشية) أو (الفوضوية).
المرجعية إذا هي الثابت والضابط، وهي المقياس المعياري: الذي يشكل نقطة القرار التي تطلق التسميات، وتحدد الماهيات، وتصنف الكليات.

مكونات المرجعية:

بينا دور (المرجعية) العامة والخاصة في تشكيل الضمير الإنساني، وصياغتها (لوعي) و(لا وعي) الفرد والمجتمع الإنساني، والقومي والوطني. ومن هنا فلا بد أن يكون لهذه المرجعية بعدها الإنساني العميق الغور في حياة المجتمعات. في تكوين المرجعية الإنسانية العامة أو القومية الخاصة يمكن أن نشير إلى ما يلي:
1ـ القانون الطبيعي. 2ـ المكون العقائدي والثقافي. 3ـ جوهر الانتماء القومي.
القانون الطبيعي :
هو منظومة القيم المطلقة المكنونة في أعماق النفس الإنسانية: (الحق والباطل) (الخير والشر) (الحسن والقبيح). (قانون الفطرة) و(فتوى القلب) (استفت قلبك) حسب المصطلح الإسلامي أو (وصية العقل). حسب (كانت) إذ تشير كل هذه المعاني إلى منظومة من القيم الإنسانية العليا، التي تقع موضع إجماع إنساني عام.
وحسب هذا القانون (تنفرز) القيم تلقائياً إلى حسن وقبيح، وتتميز ملامح الحق والخير والجمال من أضدادها، وسواء ذهبنا مع عقليي الإسلام (المعتزلة) بالقول بالحسن أو القبح العقليين، أو ذهبنا مذهب السلف بالقول بالحسن أوالقبح الشرعيين؛ فإن كبريات القيم الإنسانية ما تزال موضع إجماع بين أبناء الحضارات المختلفة. وإن كان بعض هذا القيم بدأ يتعرض لهزات عنيفة تحت تأثير المنظور المادي المتطرف، وتخطيط السيطرة التعسفي على عقل الإنسان وإرادته لتحويله إلى سلعة في سوق الاستهلاك الإمبريالي. إن هذه الهزات لتستدعي جهداً جماعياً أكبر من أبناء الأمم التي تمتلك رصيداً أقوم من مسلمات القانون الطبيعي لإعادة التوازن إلى منظومة القيم المطلقة، لا أن تهرول هذه الأمم وراء حالة الانهيار القيمي ظانة أن كل ما يلمع ذهب.
وحين تفرض النسبية على القيم (المطلقة) فيصبح (الحسن) (قبيحا) أو بالعكس، فإنما ينشأ هذا عن اختلال في المفاهيم في بعض الأحيان. أو عن انحراف في الفطرة الإنسانية نتيجة تغلب الغرائز وانتصار الأهواء والشهوات على دواعي الفطرة، ونداء العقل. وقوله تعالى (أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) يدل على أن الانحراف عن منهج الفطرة ليس حالةً (حداثية) كما يحاول أن يعبر عنها البعض، في ظلال من فلسفة الحرية الفردية المنفلتة، وإنما هو حالة (ذهانية) جمعية من الارتكاس الإنساني، والانحطاط من مراقي الإنسانية إلى دركات الحيوانية، كانت له في تاريخ الاجتماع الإنساني أمثلته الكثيرة، على أكثر من صعيد.
إن دعوات البعض إلى الانفلات من ربقة القانون الطبيعي، وتحطيم منظومة القيم الإنسانية العامة، تحت شعار الإقبال على الحياة برؤية مرهونة باللحظة (بلا قبل ولا بعد..) والمُعنون بعنوان (العلمانية)، إن هذه الدعوات لا تعبر بالتأكيد عن مواقف حقيقية ملتزمة لأصحابها. بقدر ما تعبر عن ردود أفعال صارخة لواقع متأسن يحاول البعض تحريك مائه، أو الإشارة إلى أنفسهم بالمخالفة، ولو بما يسوء.
ثم لا ندري كيف سيكون حال البشرية جمعاء في عالم بلا (قيم) و(لامرجعيات) حيث يسود تضارب المصالح، ويتحكم حب السيطرة والجشع في عالم تحكمه فقط (القوة) و(رأس المال) وهما صنوان لإرادة الإفساد والطغيان في الحياة الإنسانية جمعاء !! ولم تكن البشرية بحاجة إلى مرجعية مطلقة تحدد ملامح القيم: الخير والشر، وتعصمها من غيلان السيطرة: سيطرة القوة المتغطرسة، وسيطرة رأس المال، كما هي اليوم، حيث تتحول الأرض إلى غابة غاب عنها حتى قانونها الطبيعي.
المكون العقائدي والثقافي :
ومع القانون الطبيعي، يفرض المكون العقائدي والثقافي حضوره في تحديد ملامح المرجعية العامة للأمم والشعوب. وفي تناول عام لهذا المكون نشير إلى أن لكل أمة من الأمم (ذاتيتها) و(هويتها) المتمثلة في عقائدها، وموروثها الفكري والثقافي، المكتوب والمنقول، وكذا (رموزها) و(تجاربها)، والذي يشكل ما يعرف (بالثقافة) أو (التراث) ويتشعب هذا الموروث في فنون الفكر والعلم والمعرفة.
ويشكل هذا (المكون) بطيفه الواسع؛ الشخصية الإنسانية، ويحكم رؤيتها بطريقة شعورية حينا ولا شعورية أحيانا، حتى ليبدو من العسير على الموقف الإنساني أن ينفك من مكوناته الثقافية، بكل ما يكون فيها من تموج أو تضاد.
في عملية تاريخية تمحيصية تتحرك الأمم بدأب غير منقطع في تصحيح تراثها الثقافي، وتجاوز بعض معطياته أو انعكاساته التي تشهد على خللها شواهد الأيام. بينما تتأكد في حياة هذه الأمم القيم الإيجابية الفاعلة، وتتسع دوائر فهمها، وأساليب التبشير بها، والتعامل معها بجهد مباشر وقاصد، من دعاة التغيير أو الإصلاح، وبأسلوب يؤكد نمو هذه الأمم، وبقدرتها على تجاوز السلبي من تراثها الثقافي، الذي يشتمل على (معلومة خاطئة) أو قيمة سلبية أو مثبطة.
المكون العقائدي والثقافي: بين الديني والمدني
إن النظر الفلسفي، المحض ليس من أبعاد هذا المشروع، ومع ذلك فنحن مضطرون للتبيان أن الفكر الإنساني ينقسم تاريخيا وبحسب مصادره إلى ديني ومدني. وكثيرا ما يلتبس الديني بالمدني، أو يستفيد الثاني من الأول، حتى ليصعب على المرء أن يميز في تاريخ الأفكار، أو في مرتكزات ما أشرنا إليه بالقانون الطبيعي بينهما. وفي السياق نفسه لن ننسى أن نشير إلى تلبس (المدني) (بالديني) من خلال (الادعاء) أو التحريف البشري للمعطى الديني المطلق والمقدس.
إن حديثا عن العقائد أو الشرائع، أو المناهج الدينية بالتعميم والإجمال، يماثل تماما الحديث عن الفكر والمناهج (المدنية) بإجمال مماثل، ولا سيما حين يتعمد فريق تعميم الظواهر السلبية في معطيات العقائد والمناهج والسلوك.
فإذا كان في الفكر (المدني) مذاهب ومدارس متعددة ومتضاربة أحيانا، وإذا كانت فيه دعوات (عنصرية) و(شوفينية) و(نازية) و(فاشية) و(عدمية) و(إمبريالية)، فإنه لا يجوز بحال أن تؤخذ مدارس الفكر المدني، أو ممارساته بعضها بجرم بعض، فيلغى من المكون الثقافي للأمم والشعوب ثمرات العقول، وجهد العلماء والمفكرين، لأن في بعض هذا الثمرات حنظلاً فلسف النزعات: الاستعلائية، والطاغوتية، والتدميرية في الإنسان، وأنتج ركاماً من آليات القتل والإفساد والمناهج والأفكار الهدامة.
وبالطريقة نفسها فإن (العقائد) الربانية أو الإنسانية، أو مصطلح (دين) يشمل مللاً ونحلاً لا يكاد يحصيها العاد، ولا أن يحيط بها مؤرخ متتبع. ولا يجوز بحال أن يكون بعض هذه الملل أو النِّحل أو الأديان، شاهدا على المصطلح كله، فيرمى المنهج الديني، أو الفكر الديني كله بقوس واحدة.
إن التعميم في الحالتين خاطئ، فلا الفكر المدني الإنساني كله ترهات وأباطيل وسفسطة أو دعوات للاستعلاء والطغيان والعدوان. ولا الفكر الديني كله أساطير وحكايات وقيود إعاقة، وجرعات أفيون.
التعميم أول مقتل خاطئ في مناهج البحث، والالتزام بالخصوصية ليس غروراً ولا ادعاء، ولا هروباً إلى الأمام، كما يحاول أن يلمزنا بذلك بعض دعاة (الحداثة) أو (التطوير). إن (الخصوصية) حالة واقعية يفرضها المنهج العلمي للبحث، وتبقى نتائج البحث ملزمة لكل عاقل منصف وشريف.
في حديثنا عن المكون العقائدي والثقافي لمرجعيتنا تبرز خصوصيتنا الإسلامية، التي تشكل مصدرا أساسيا ومتميزا ومهيمنا للمرجعية المطلقة للدولة الحديثة التي ندعو إليها. ونعتبرها أساس الطرح الإسلامي السياسي. ولكن تقريرنا للخصوصية الإسلامية، لا يجوز من الناحية المنهجية أن يحشرنا في إطار الدولة (الثيوقراطية) ولا أن يقابل بالرفض المسبق، وإن كنا نرى سعة لمن أراد أن يساجلنا الحوار في ميدان التقريب والتسديد.
إن ربانية الإسلام، وعصمة نصوصه (الكتاب وصحيح السنة) تشكل -كما جاء في المشروع السياسي لإخوان سورية مثلا-المرجعية الشاملة للسواد الأعظم من أبناء أمتنا، كما أن التراث الثقافي المنبثق عن ثوابت الشريعة، والمتفرع عنها يتغلغل في ضمير الفرد والجماعة، ويشكل المكون الثقافي المهيمن والمتفرد، حتى في (لاوعي) أولئك الذين يتظاهرون بالتمرد على الإسلام، أو بمحاولات الانخلاع منه.
كما أن اشتراك الإسلام مع المسيحية في التأكيد على منظومة القيم ذاتها، باعتبارهما دينين سماويين. صدر أصلا عن مشكاة واحدة، يعزز قيمة هذه المرجعية (القيمية) المطلقة، ويبسط سلطانها على مجموع أبناء شعبنا.
وإلى جانب هذه المشاركة العامة بالمرجعية (القيمية) ثمة التوحد بالاعتزاز بالإنجاز الحضاري الذي تم عبر تاريخ مشترك متجذر في أعماق التاريخ. وتتمثل الإنجازات الحضارية الإسلامية برمزيتها الإنسانية في: عدل عمر، وشجاعة خالد، وإنسانية صلاح الدين وفروسيته، كما يشكل البناء الحضاري الفكري والثقافي والمنهجي خلفية مشتركة تصلح أساسا للبناء.
نعتقد أن القليل من (المخالفين) ينازعوننا حول المرجعية (القيمية) في الحق والباطل، أو الخير والشر أو الحسن والقبيح. وإن فعلوا ذلك فإنما يفعلونه في فرعيات دون أن يقدموا على المجاحدة في تقويم الكليات من الفعل الإنساني. وربما يدرك بعضهم أن إفصاحهم عن نهايات آرائهم في هذا الميدان سيفضي بهم، حسب الظروف الموضوعية لواقع الأمة إلى ضرب من الانتحار السياسي.
وإنما يكثر المراء والجدل حول المنطلقات والمناهج أكثر منه حول الحقائق والقيم، فمازال الصدق عند مجموعنا زينًا، وما زال الكذب شينًا ولم يطلع علينا حتى الآن من يطالبنا بإعادة النظر في منظومة القيم، وإن كان وراء الأكمة بعض الشنشنة حول هذه القيمة أو تلك.
إن الإسلام: العقيدة والشريعة والثقافة والمنهج هو المكون الأساسي للوعي الفردي والجماعي لأبناء هذه الأمة. وهو في الوقت نفسه المعزز والمتمم لحقائق القانون الطبيعي (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). إن أي حركة مقترحة خارج إطار هذه المرجعية بأبعادها: العقائدية والتشريعية والحضارية إنما هي حركة عبثية تطوح بأصحابها فكأن أحدهم (خرّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق)!!!

وعودا على بدء، فمن ظن أن الخلاف السياسي منبت عن الاختلاف الديني، أو رأى بثورة الحسين وإمارة ابن الزبير ووقعة الجمل والنهروان وصفين في جانبها السياسي فقط فقد تعمد أن يغمض عينه عن بعض الحقيقة، ويقرؤها بالتالي قراءة غير مستوعبة!!

نعم كان العامل السياسي في كل ذلك قويا ولا غضاضة، فذلك شأن البشر جميعا...

وكان فيها اجتهاد كثير يصيب ويخطئ ولا غضاضة في ذلك أيضا

وحتى في الدين هناك ميدان واسع من المرونة، يصيب فيه البعض ويخطئ البعض، ويبقى الكثير عفوا يستتبع بالضرورة التحول والتجدد والحركة كلما تغير مناط الفتيا

الديني والسياسي فيه ثوابت الخروج عليها خيانة

وفيهما جميعا متحولات اجتهادية تقبل الأخذ والرد ويمكننا أن نتعاطاها جميعا بلا عصمة ولا وصاية ولا مصادرة ولا أحكام مسبقة على النوايا

واسلموا لود واحترام(f)
03-27-2005, 05:04 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
حسان المعري غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 3,291
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #5
معركة صفـّين والحركات الإسلامية المعاصرة - توظيف الدين في خدمة السياسة و السياسيين
موضوع رائع جدا يا جواد ..
لطالما عقدت مقارنة بين معاوية وعلي وصفين وبين واقع الحركات الإسلام- سياسية والسياسة المحضة ..

سأعود إليه باستفاضة ، فقط أسجل حضور مبدأي .

تحياتي لك ولبقية المشاركين
(f)
03-27-2005, 09:25 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
thunder75 غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 4,703
الانضمام: Feb 2002
مشاركة: #6
معركة صفـّين والحركات الإسلامية المعاصرة - توظيف الدين في خدمة السياسة و السياسيين
مرحبا حجي اسماعيل:

اقتباس:لا يهمني باختصار التعقيب على الحكاية التاريخية ومنهجية تأويلها سياسيا بشكل مختلف...

خسارة

اقتباس:أحترم الرأي الآخر وأخالفه في أن موقف الإمام علي رضي الله عنه كان موقفا سياسيا لا صلة له بالدين!!

دعنا نستعرض أركان الإسلام وأركان الإيمان، لنبحث عن الركن الإسلامي أو الإيماني الذي قامت عليه الخلافات والحروب في صفين و الجمل:

- هل كان الخلاف على الإيمان بالله واليوم الآخر ؟ .. كلا.
- هل كان الخلاف على التوحيد ؟ .. كلا.
- هل كان الخلاف على بر الوالدين ؟ .. كلا.
- هل كان الخلاف على قتل الولد ؟ .. كلا.
- هل كان الخلاف على الفواحش ؟ .. كلا.
- هل كان الخلاف على قتل النفس، أم على الإرث ومحارم النكاح، أم على شهادة الزور وأكل مال اليتيم، أم على الحنث باليمين ؟ .. كلا.
- فهل كان الخلاف على شهادة أن محمد رسول الله .. ؟ .. كلا.
- وهل كان على إقامة الصلاة وإخراج الزكاة والصوم والحج ؟ .. كلا.

مرة أخرى كون الحق في هذا الصراع كان إلى جانب الإمام علي لا يعني أبدا بحال من الأحوال أن هذه الحرب هي حرب دينية أو أن هذا الصراع هو صراع ديني إنه صراع دنيوي حول السلطة.

اقتباس:موضوع توظيف الدين في خدمة السياسة مرفوض قطعا، لأن الدين مخدوم لا خادم **** موضوع الاستغلال الديني مرفوض لأن كل استغلال أيا كانت دوافعه هو محض ظلم...

من عجائب أصحاب الخطاب الديني يا صديقي أنه يقول بأشياء على المستوى النظري بينما ممارساته على المستوى العملي هي النقيض.
و مثل ذلك مقولة أنه لا كهنوت في الإسلام و مقولتك أعلاه باللون الأحمر


[QUOTE]موضوع استبطان النوايا وشق الصدور والحكم عليها هو جرأة لا أملك سلطانا على منعها، ولا أعتقد أنها أكثر الأمور أذى وإيلاما للمسلمين، ويكفيني سلوانا قوله سبحانه: (لن يضروكم إلا أذى)، 0بلى إن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا).

لا أعرف لماذا توجه هذا الاتهام لي
إن كنت تقصد اتهامي لعمرو بن العاص بأنهم وظفوا الدين و رموز الإسلام في هذه الحرب بوعي و بقصد الخداع و من أجل غايات نفعية فأنا لن أتنصل من قولي.


اقتباس:موضوع فصل العمل الدنيوي عن المرجعية القيمية دينية كانت أو فلسفية أو أخلاقية أو سياسية أو اجتماعية، هو بعض الوهم الذي يتوهمه بعض الناس مع أنهم غارقون فيه إلى الأذقان!!!
المرجعية بمفهومها العام، مسلمة لا نقاش فيها عند الكثيرين، وإن كان يرى فيها آخرون قيداً ناقضاً (للحداثة)، ومصادراً على المطلوب (الديمقراطي) !
إن كثرة الأخذ والرد حول موضوع (المرجعية) وأشكال الحوار التعسفي الذي يديره البعض أحياناً، سيجعلنا نركز عليها بشكل أكثر تفصيلا

يا اسماعيل المرجعية القيمية و الأخلاقية موجودة عند كل العالم
فالغش و الكذب و السرقة يرفضها كل الناس بالفطرة
النص الديني ليس شاملا بل هو محدود و الواقع الذي تريد أن تجعل هذا النص مرجعية له هو غير محدود فكل ستحل هذا الإشكال ؟؟!!

اقتباس:ذلك أننا إذا كنا نصر على خصوصية حضارية نتمتع بها، فإن من المفيد هنا أن نؤكد أن ضابط (المرجعية) هو الذي يميز السياسي الإسلامي ودولته المدنية الحديثة التي يدعو إليها، عن الدولة (العائمة) أو (الدولة العلمانية) التي يدعو البعض إلى إقامتها في فراغ الرؤية الإنسانية لجيل محدود من الناس، تؤثر فيها عوامل متضاربة من القوة والضعف، ومن السداد والانحراف.

إدارة الدولة يا اسماعيل شأن دنيوي أي مرجعيته لأهل الرأي و الخبرة
فكيف تريد أن تدير شؤون الجيش و الصحة و الزراعة و السياسة النقدية و مالية و سياسة القطاع العام في التوظيف هيكله الإداري و الجمارك و شؤون الرياضة و سياسة تشجيع الاستثمار و معالجة البطالة بالرجوع إلى النصوص الدينية أو إلى الفقهاء !!!!!!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل عندما تخرب سيارتك يا اسماعيل ترجع إلى القرآن و البخاري و الترمذي و ابن تيمية أم تذهب بها إلى أهل الخبرة؟

اقتباس:لا أحد يستطيع أن يتحدث عن كينونة في فراغ مطلق. والإنسان دائما هو ابن بيئته، وإن الفروق بين إنسان يعيش على شاطئ الفرات، وآخر يعيش على شاطئ (السين) أو (الأمازون) لأكبر بكثير من الفروق بين كأسين من الماء من هذا النهر أو ذاك.

هناك حقائق موضوعية و بديهيات لا تختلف عند الإنسان في أي مكان كان و من هذه الحقائق على سبيل المثال لا الحصر هي ما ذكرته لك في الفقرة اعلاه.

اقتباس:حتى في أعتى علمانيات العالم، دوائر تتسع أو تضيق من الثوابت والمرجعيات والقوانين الإنسانية التي يحظر تجاوزها. بل إن بعض ضروب البحث العلمي المجرد، ما تزال تخضع لقيود مرجعية أخلاقية وإنسانية، تجرّم الكثير من الأنشطة التي يسعى بعض الباحثين إلى ممارستها تحت شعارات البحث العلمي والتطور الإنساني.

لحظة واحدة توقف عندك فأنت ا تخلط الديني بالدنيوي كما فعل عمرو بن العاص
و ترفع المصاحف في المعركة الخطأ .

القيم الأخلاقية موجودة عند معظم المجتمعات بالفطرة حتى تلك التي لا تؤمن بالله

دعني أقتبس لك هذه الفقرة من كتابات الدكتور محمد شحرور والتي أدعوك و أدعو كل الذين مروا بهذه الموضوع أن يتأملوا في محتواها : فهي ترد على هذا الطرح و تفنده :

[QUOTE]
من الخطأ الفادح إخضاع الإسلام ومثل الإسلام العليا لعمليات التسييس، لأن للسياسة معنيين، المعنى الأول: هو مفهوم كلمة "Politics" وتعني "فن تدبير المصالح المتنازعة "Art of Managing Conflict of Interests" فإن تسييسنا الاسلام بالمعنى الأول فيه ضياع للاسلام والسياسة معاً.

ففي المعنى الأول تصوروا معي حزباً يزعم أنه إسلامي، فماذا يعني هذا؟ إنه يعني أن أعضاء هذا الحزب يؤمنون بالله واليوم الآخر وبالتوحيد والمثل العليا، وكأن أعضاء الأحزاب الأخرى لا يؤمنون بهذا كله. إنه يعني تحديد الاسلام بمجموعة بعينها من الناس، وسحبه من غيرها، وهذه هي المهزلة الخطيرة. فإذا نحن نظرنا في أركان الإسلام واستعرضنا مثله العليا، كما وردت في سورة الأنعام وغيرها، رأينا أنها جميعاً غير قابلة للتسييس، بل هي للتأطير الاجتماعي الانساني كله، لا يحدها وطن ولا لسان ولا عرق، وهذا ما لم يستطع العرب المسلمون المؤمنون استيعابه حتى اليوم.

أي لم يستطيعوا التفريق بين المعنى الأول للسياسة المذكور سابقاً والمعنى الثاني للسياسة والذي هو Policy وتعني النهج وهو أعم من الأول بكثير، فسياسة الدولة لها منهج إسلامي التي يقال عنها أسلمة السياسة، أي أن الذي يعمل بالسياسة، يؤمن بالمثل العليا سواء أكان من هذا الطرف أو ذاك. أي أن ذوي المصالح المتضاربة الذين يمارسون السياسة بالمفهوم الأول تحدهم سياسة عامة Policy التي هي المثل العليا الإسلامية أو ميثاق الإسلام، والتي تعتبر حقوق الانسان جزءاً منها، فمثلاً أي تضارب في المصالح بين فئتين تمارسان السياسة فإن كلاهما يؤمن بأن التجسس على الناس يخالف المثل العليا. وهنا نلاحظ الفرق الدقيق بين المفهوم الأول للسياسة والمفهوم الثاني الذي هو نهج، أي أن الإسلام هو نهج للمجتمع كله ولأي إنسان سواء أكان في السلطة أو المعارضة أو لإنسان أصلاً غير مسيس.

إن القول بأسلمة السياسة يعني بأن الإسلام مثل عليا إنسانية. فهل يمكن لأي حزب سياسي أن يتخلى عنها لأنه يعمل بالسياسة؟ أي نسمح لأي حزب سياسي بأن يكذب على الناس تحت شعار أن الصدق من المثل العليا الإسلامية، وأن السياسة ليس لها علاقة بالإسلام كمثل عليا؟ وهل نسمح لحزب تحت شعار العلمانية بأن يمارس التجسس على رسائل الناس وهواتفهم، زاعماً أن مبدأ (ولا تجسسوا) هو مبدأ ديني فردي لا علاقة له بالدولة؟ وهل نسمح لحزب بأن يقوم بتزوير الانتخابات، تحت شعار أن النزاهة من الاسلام، وهو حزب سياسي، وأن السياسة لا علاقة لها بالنزاهة؟

هل نسمح تحت شعار العلمانية، بفصل مثل الإسلام عن الدولة، بأن يسود الغش والقتل والرشوة والسرقة والمحسوبية وشهادة الزور وأكل حقوق الناس، زاعمين أن هذه مثل إسلامية إنسانية عليا، لا علاقة لنا بها لأننا علمانيين، فنحن غير ملتزمين بها وبالدفاع عنها؟

لهذا فإن تبني كل الأحزاب السياسية، يمينية ويسارية قومية وغير قومية، للمثل العليا في المجتمع أمر مفروغ منه وغير قابل للنقاش وللتصويت.


تحياتي


حسان :

بداية شكرا جزيلا على الحضور و تسجيل اسمك بين قراء الموضوع.

جيد أن يثير هذه الحدث التاريخي اهتمامك و أن تطرح في ذهنك الأسئلة لأن ما حدث في صفين هو أعمق بكثير من مجرد صدام عسكري بين طرفين متنازعين على السلطة

مودتي
03-27-2005, 10:29 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
على نور غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 275
الانضمام: Dec 2003
مشاركة: #7
معركة صفـّين والحركات الإسلامية المعاصرة - توظيف الدين في خدمة السياسة و السياسيين
اخى الفاضل ثندر:
اخى العزيز :
بالنسبة لمثال الشركة الذى تفضلت به
اسمح لى ان اقدم طرفا ثالثا فى هذا الصراع
و هو رجل همه هو الحفاظ على الشركة و قوتها .
لا يهمه شرعيته و منصبه و ان كان ذلك الامر مسلم له فى قوانين الشركة اذ هو من المؤسسين للشركة .
و لكن ما يعنيه هو تطبيق قوانين و تشريعات الشركة و الحفاظ عليها حتى لو اسفرت عملية الحفاظ على الشركة الى هدم حقوقه الشرعية .
الامام على عليه السلام كان يهمه تطبيق شرع الاسلام و حمايته من تغييرات معاوية الذى وصفه عمر بانه كسرى العرب و الذى حاربه ابو ذر و راى بعينه ان معاوية يغير شرع الله اذ استحل الربا بصورة احتيالية و انه غير بالصلاة
الامام على عليه السلام كان يعلم تماما بما يكنه معاوية و يضمره لابادة الاسلام .
فالامام على عليه السلام حربه كانت دينية بحتة
و قد اعلن بنفسه ان الرسول الاعظم امره بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين .
اعلن انه مامور بهذه الحرب دينيا من الرسول الاعظم
و اعلن الرسول الاعظم ان الفئة الباغية هى فئة معاوية .
اى انها الفئة التى تقاتل من اجل الدنيا
فكيف تكون الفئة التى تقاتل الفئة الباغية فئة غير دينية .
النهج السياسى لابد منه لمن يبغى تحقيق اهداف على مستويات عليا و شاملة للمجتمع و الاسلام لم يمنع السياسة بشرط التزام القيم الاسلامية و التشريعية .
و اوافق الاخ اسماعيل فى كثير مما تفضل به فى هذا الخصوص

اللهم صل على محمد و ال محمد
لا فتى الا على و لا سيف الا ذو الفقار
03-27-2005, 11:48 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إسماعيل أحمد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,521
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #8
معركة صفـّين والحركات الإسلامية المعاصرة - توظيف الدين في خدمة السياسة و السياسيين

إنما تحاشيت التعقيب على الحكاية التاريخية ومنهجية تأويلها من منطلق موضوعي بحت، لأنني باختصار لا أريد أن أتعلق بوهم!
وإذا كان الدكتور شحرور يرفض التعاطي مع أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلك وهي أثبت إسنادا، وأكثر إلحاحا في فهم الدين، باعتبارها فهم صاحب الرسالة الذي أمرنا بالتأسي به، فمن باب أولى أن ترد هذه الأقاصيص التي لم تتجه العناية بأسانيدها عشر معشار ما توجهت لحفظ أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم...
على أن تأويل الرواية حكاية أخرى، فكثيرا ما يختلط الموضوعي بالذاتي في معرض التأويل وندخل في حيص بيص من تحكمات تفسيرية لا يضبطها إلا سعة الخيال وسوء الظن ومنطلقاتنا الفلسفية التي نستدعيها دون أن نشعر ونوجه التأويل تبعا لها!!
وعجبت من تعليقك على ما قد قدمت لك من أن موقف الإمام علي رضي الله عنه لك يكن موقفا سياسيا خالصا منبت الصلة عن الدين باستعراضك لأركان الإسلام والإيمان جملة، وأمهات المحرمات في القرآن، فإن خلت بنود التحكيم من ذلك، فما هو إلا التفاوض السياسي المجرد!!
لاحظ أخي الكريم أنني منذ البداية أوافقك أن العملية ذات طابع سياسي –ولا غضاضة- فهذا هو شأن الدولة والإمام، وهو إن لم يتعاطى مع السياسة فمن الذي يتحتم عليه أن يخوض بها؟!
غير أن فكرة فصل الديني عن السياسي بالمطلق فكرة تحكمية غير منطقية لكل من أحاط بالشريعة وفقهها الإسلامي...
بيعة الإمام تدخل في إطار أصول الدين لدى المسلمين الشيعة، وهي في مناط فروع الدين العملية لدينا معاشر السنة، وأيا كان فهذا السلوك السياسي الخالص في النظرة العلمانية لا يخلو من أبعاد دينية لدى المسلمين جميعا، وفي هذا الإطار اقترنت طاعة ولاة الأمر بطاعة الله ورسوله في القرآن، وجاءت السنة لتعضد هذا في جملة ضخمة لا تكاد تحصر من الأحاديث، ولن اتعب نفسي بسردها وأنا أعلم موقفك من السنة عموما!
حسنا..
ماهي شجون الديني المرتبط بالسياسي في قضية التحكيم مثار حوارنا؟
1-كونه استقر في ذهن المنصفين الموضوعيين منالطرفين أن علي على رضي الله عنه على الحق، ومعاويةرضي الله عنه في هذه المعركة على الضلالة –والتوصيف بدقته لعمار رضي الله عنه لا لي وقد وثق رجال الرواية في مجمع الزوائد 7/242-، وأوصاف الحق والضلالة ذات ظلال دينية صارخة في هذا المقام.
2-كونه استقر لدى الطرفين أن عمار رضي الله عنه ميزان الفتنة –تقتلك الفئة الباغية- فكلا الفريقين يتعاطى مع السياسي في هذه المسألة على خلفية حديث روي لهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. حتى أن الأحاديث لتربط بين قاتل عمار ودخول النار، وما أحسب النار إلا شأنا دينيا اعتقاديا فكيف نبعد الديني عن السياسي هنا؟ وهذا البعد الديني تدخل في قضية صحابيين جليلين:
- كخزيمة بن ثابت رضي الله عنه حيث جاء عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: ما زال جدي كافا سلاحه حتى قتل عمار بصفين. فسل سيفه فقاتل حتى قتل...(مجمع الزوائد 7/244)
- وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فعن ابن عمر قال: لم أجدني آسى على شيئ أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي (مجمع الزوائد 7/244)
3-كون معاوية رضي الله عنه يطالب بدم قتلة عثمان اعتمادا على أصل آية أولها بطريقة خاطئة، وبالغ في الاعتداد برأيه في ذلك..
4-أن غاية التحكيم هي توحيد الصف الإسلامي وهو مقصد ديني قبل أن يكون مقصد سياسي (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا..)
5-أن بغي معاوية وجيشه في هذه المعركة نوع من الضلال الديني الذي نهت عنه آيات القرآن مع كونه سلوك سياسي مرفوض (فإن بغت إحداهما فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله)
6-أن سباب المسلم فسوق وقتاله كفر كما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإن لم تؤمنوا بالسنة، فقد عقب القرآن الكريم نفسه على حادثة اختلاف الصحابة والنبي بين جنباتهم بقوله سبحانه: (وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله، ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) ومن هنا فصفين التي ذهب فيها قرابة السبعين ألف من المسلمين كانت حرب بغي ولا شك بالمفهوم الديني والسياسي، وهي كفر عملي باعتبار ما جرى فيها من قتل للمسلمين. (والكفر العملي لا يعني أننا نكفر من خاض فيها اعتقاديا معاذ الله).
هذا من حيث ارتباط السياسي بالديني فيما تحاشيت الخوض به من قبل، لولا أنك تحاول تبسيط الأمر باعتبار قتالهم لا يتعارض مع أركان الإيمان وأركان الإسلام وأمهات المحرمات، وكأن البغي وقتال المسلم للمسلم أمرا غير محرم ولا صلة له بالدين من قريب ولا بعيد!!

موضوع التوظيف والاستغلال يحتاج منك مصداقية أكبر في توضيح المواطن التي تتهمنا بها، وهل مجرد رفع لواء تحكيم القرآن و (الإسلام هو الحل) بقتضي مثل هذا الاستغلال والتوظيف في رايك مثلا؟!!
عموما لن أدخل في مهاترات واتهامات مضادة حتى لا نخرج عن جو الحوار الموضعي...
دعك من العبارات الفلسفية العقيمة من شاكلة: (النص الديني ليس شاملا بل هو محدود و الواقع الذي تريد أن تجعل هذا النص مرجعية له هو غير محدود فكل ستحل هذا الإشكال ؟؟!! )
لأنه ليس صحيحا أن النص الديني محدود، بل هو شامل إلا في بعض مواضع لا العكس...
الله واحد أحد ولن يأتي زمان يكون لمعنى الألوهية والربوبية دائرة للفعل ودائرة للتعطيل...
(ولا تقربوا الزنا) حكم مطلق لن يتغير بكر الأيام والليالي
(وأحل الله البيع وحرم الربا) لن يأتي عليها زمان تكون غير ذلك...
(للذكر مثل حظ الأنثيين) ليست خاصة بأعراب الجزيرة، ولا بخير القرون بل هو حكم مطلق في الزمان والمكان والحال...
(ولكم في القصاص حياة) كذلك
المحرمات السبع..
أركان الإيمان والإسلام..
وهكذا....
فليس صحيحا أن النص محدود دائما، ولا ننفي ذلك بالمطلق أيضا، فهناك مواضع يعلمها الذين يستنبطونها من أهل الذكر يستطيع كل فقيه نزيه مخلص أن يتعرف عليها بلا تمحل ولا لف ولا دوران...

مرة أخرى أخي الكريم تفترض أن شأنا من شؤون الدين والدنيا هو شأن خالص لا صلة له بالآخر حين تكلمني عن علاقة الدين بشؤون الجيش و الصحة و الزراعة و السياسة النقدية و مالية و سياسة القطاع العام في التوظيف هيكله الإداري و الجمارك و شؤون الرياضة و سياسة تشجيع الاستثمار و معالجة البطالة
ولو دققت في شريعتنا لعلمت أنها لا تنفي خبرات أهل الراي كما تتوهم في حديثكن ولا هي تعتمد على الفقهاء في تصريف هذه الأمور، بل ولا تعتبر قول هؤلاء السادة الأفاضل مرجعية بحال، فكل يؤخذ من قوله ويرد، ولا مرجعيى لغير القرآن والسنة وإجماع الأمة.
ومن هنا فلا داعي للحديث الساخر عن ارتباط البخاري بميكانيك سيارتي وأشباه هذا من السياقات السخيفة!

إنك أخي الكريم أنت من يفترض ذلك، ولم يقل هذا أحد من المتطرفين بله أهل الوسط والاعتدال!
نظرتك هي التي تفترض بأن حاكمية القرآن تقتضي أن ينزل الباري عز وجل عن عرشه الكريم ليجلس على منصة القضاء في محاكمنا –تعالى الله عن ذلك- ثم يسمع كلام الشهود والادعاء والمحاماة، وبعدها يفصل في القضية وربما يمارس بعدها سلطاته التنفيذية!!!

سبحانه وتعالى ما قدرناه حق قدره إن تصورنا لثانية مثل هذه التصورات العقيمة!
أما كيف تفترض نظرتك ذلك، فمما قرأته لك هنا!
أنت تفترض أن تحكيم علي ومعاوية يرتبط بمثل هذه النظرة الساذجة، وبالتالي فتحاكم الصحابة للقرآن يعني أنهم ينصبون منصة قضائية فوق المصحف في نظرك، أو أنهم يستغلون القرآن لتمرير أطماعهم الدنيوية!
مع أن الله سبحانه هو الذي قال لهم (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون)...
وهو الذي قال لهم: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون...)
وهو الذي قال: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) فهل في هذه الآيات – بعيدا عن تلاعب الدكتور شحرور بتجريدها من فهم الصحابة الذين أنزلت عليهم!- هل مقتضاها أن يأتي القرآن فيجلس على المنصة ماديا ويحكم على هذا أو ذاك كما تصوره تأويلاتك الساذجة؟!!
أم مقتضاها أن جماعة الشام بعد أن رأوا الحق شاخصا بمقتل عمار رضي الله عنه، ودارت الدائرة عليهم فطاشت كفتهم في المعركة، أرادوا أن يكفوا بأس أهل الحق عنهم، ربما توبة وإنابة، وربما استعاذة من القتل، وربما لأطماع سياسية وعسكرية، ولا نملك أن نشق عن صدورهم، كل ما يهمنا أن البغاة فاؤوا إلى كتاب الله الذي يأمرهم بطاعة أولي الأمر منهم، وفاؤوا إلى كتاب الله الذي يأمر بوحدة صف الأمة، وفاؤوا إلى كتاب الله الذي يحقن دماء المسلمين عن بعضهم البعض، وفاؤوا إلى كتاب الله الذي ينهاهم عن البغي وشق عصا الطاعة عن الإمام، فكان حتما على أقرب الطائفتين إلى الحق (جماعة المسلمين الشرعية) أن تقبل بالصلح بعد إذ فاء أولئك (فإن فاءت فأصلحوا بينهما إن الله يحب المصلحين)

كيف نرد الأمر حال التنازع إلى الله طاعة لأمر القرآن في رايك أخي الكريم؟ هل نبعث له سبحانه برقية ما فيجيبنا عنها جوابا مفصلا مثلا –تعالى الله علوا كبيرا-!

أليس التحكيم هو تلك المحاولة الإصلاحية وهو الرد إلى الله ورسوله، وهو الحكم بما أنزل الله بعيدا عن الصور الكاريكاتورية التي تحاول تجسيدها للتهوين من هذه الحقائق البدهية؟!

أما ما تقتبسه من كلام الدكتور شحرور فهو موضوع آخر، ولكن لا بأس عليك من إيراده هنا.
زعمه أن الانتماء (الإسلامي) يقتضي بالضرورة تملك هذا الانتماء واحتكاره، هو كلام فارغ، وكان الأجدى بيساري سابق مثله ألا يقوله، لأنهم أنصار نظرية الملكية الجماعية!
نعم جماعتي تعتز بإسلاميتها، ولكنها لا تحتكر ولم تحتكر الإسلام يوما، بل هو مشاع يستطيع كل من استمسك بأصوله أن يرفع راية الولاء له بلا غضاضة دون أن يزوره او يلبسه غير ثوبه لينصب نفسه كمفكر إسلامي تجديدي مثلا!
إننا نتفق مع الدكتور في رفض دعاوى الوصاية على الدين أو احتكاره أو تسييسه لصالح جهة أو أخرى، وهو كلام أوجهه في حالي هذا إلى صاحب القراءة المعاصرة والإصلاح الديني قبل غيره من الذين لم يخترعوا إسلامات من لدنهم بله أن يزعموا احتكار فهم الإسلام!!

لكن الذي أرفضه من الدكتور خلطه الأوراق بهذه الطريقة البهلوانية!
فهو يفترض أن للمجتمع مثله العليا الإنسانية التي يلتقي عليها اليسار واليمين والقوميون والإسلاميون والعلمانيون والطائفيون والليبراليون والمحافظون...
حسنا قد لا نختلف في العموميات، فنحن نفترض أن للأمة هويتها الجامعة أيضا وأن هذه الهوية هي مرجعية الجميع بغض النظر عن تفاصيا انتمائهم السياسي والفكري والاجتماعي...
لكن أن يظن الدكتور بأن ما تدعو له الشيوعية من قيم في مثلها العليا الإنسانية هي ذات ما تدعو له الأحزاب الليبرالية، أو ان العلمانيين والإسلاميين شركاء في ذات الهوية، فذاك ضرب من الخيال...
ليس من لوازم ذلك بالطبع أن ما ندعو إليه من فضائل هو خاص بالمجتمع المسلم على طريقة اليهود مثلا (ليس علينا في الأميين سبيل)!! أبدا...
نحن أنصار (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا)
نحن أنصار (وإن جاهداك على ألا تشرك بالله شيئا فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا)...
نحن أنصار (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)..
نحن أنصار (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)
نحن أنصار (وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون)
ليس من مرادنا أن نقول لأحد إنما النهي عن التجسس خاص بالمسلمين كما يتوهم الدكتور شحرور
ولا نقبل بحال أن نرى الحكمة في أمر من العفو الذي تركه الله لاجتهادنا البشري، ثم نرفض قبوله لمجرد أنه ثقافة مجوسية أو بوذية أو نصرانية!
الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها
على أننا نستمسك بمرجعيتنا ولا نفرط بها ونعض عليها بالنواجذ دون أن نمنع أنفسنا من التفاعل مع كل جديد ونافع في كل الثقافات على أرضية ثوابتنا التي هي بصمة تميزنا وعنوان هويتنا وأركان بنياننا الإسلامي ولولاها لكنا في عالم عائم من الفوضى والسراب، ولكنا نخوض مع الخائضين فيما لن يصلوا فيه إلى نتيجة منذ السفسطيات اليونانينة وحتى اليوم!

واسلموا لود واحترام



03-28-2005, 02:19 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
حسان المعري غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 3,291
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #9
معركة صفـّين والحركات الإسلامية المعاصرة - توظيف الدين في خدمة السياسة و السياسيين




تحياتي جواد ..

حقيقة لطالما استوقني الصراع بين علي ومعاوية ( رضي الله عنهما ) من بابه الدين-سياسي واستوقفتني النتيجة التي خلص إليها الصراع لصالح الطرف الأكثر سياسة و " براجماتية " ، وفي رد سابق على الأخ الكريم علي نور أثرت هذه النقطة باقتضاب ، وأشكرك جزيل الشكر على الإستفاضة بها (f)

بداية يتوجب إيضاح موقف :
- كلا الطرفين صحابي جليل لهما الإحترام الذي يستحقانه ، وعليهما وزر ما فعلا وهذا مرده إلى الله وحده .
- لا شك أن عموم المسلمين شيعة وسنة يرون بأحقية علي بالخلافة من معاوية بن أبي سفيان ، مع ذلك - وهنا التناقض - سنرى أن عموم المسلمين رضخوا لخيار معاوية (( الدنوي )) وتخلوا عن الخيار (( الديني )) لعلي رغم إيمانهم وقناعتهم الراسخة بأحقيته بالخلافة .
الأمر - برأيي - ليس تناقضا بقدر ما هو نتيجة طبيعية لصراع الدين والسياسة ذلك أن للسياسة آليات لا تنبغي لرجل الدين ، والعكس بالعكس خاصة أن الرسول ( ص) حدد هكذا مفهوم عند رفضه تولية أبو موسى الأشعري وهو من أفاضل الصحابة وأحبارها لأنه رجل فيه دعه ، وفي حديث علي أننا آل بيت اختصنا الله بالنبوة ونزع عنا الحكم ( أو فيما معناه ) ، وفي موقف عمر المشهور من حلم رآه عن تولي أحد أحفاده الخلافة ، لا بل في حديث الرسول ( ص ) : " أنتم أعلم بشؤون دنياكم " ...

سأقر مع جواد أن معاوية استغل الدين لأهداف دنيوية ، وهذا صحيح .. فقد وظف معاوية الدين في هدف سياسي ، لكن أيضا سنجد أن علي بن أبي طالب تمترس بالنص .
قبل صفين علينا أن نعود إلى الوراء قليلا وإلى الأسباب التي أدت لوقوع هذه المعركة وهي مقتل عثمان ومطالبة معاوية بن أبي سفيان بدم عثمان من القتلة الذين اندسوا في جيش علي ، ورفض علي لإملاءات معاوية على أنه هو خليفة المسلمين وهو من يقرر الأمر ، تلك (( الذريعة )) كانت أول خطأ (( سياسي )) في مسيرة علي الذي تمترس بالنص لا غير وتغليبه الدين على السياسة ، وأول نقطة يسجلها معاوية السياسي الداهية على علي بن طالب .

النتيجة : هل استغل معاوية النص ؟؟
بلا شك .. ونجح في ذلك إلى أبعد الحدود ، وهذه نقطة (( دنيوية )) تحسب لمعاوية على خصمه علي المتمسك بحرفية النص .. ذلك أن السياسة عرض (( دنيوي )) وفن توظيف المتاح ، وهذه معانٍ تجرح كثيرا بمصداقية الدين عندما يتحول إلى رجل سياسة وينتج عنها نتائج كارثية ، بل و " قذرة " وفي التاريخ الإسلامي صور كثيرة على " قذارة " تحالف السياسة مع الدين ليختلط الحابل بالنابل .

تلك ليست دعوة إلى أقصاء الدين بقدر ما هي دعوة إلى " عكس " الآية وإعطاء الأولوية للسياسة وليس للدين فيما يخص الشأن السياسي كشأن له أهله وآلياته و " قذارته " إن شاء الإخوة الإسلاميون هنا كعلي وإسماعيل .
وإن كان معاوية نجح في " توظيف " الدين في مرحلة ما ، ذلك لأنه هو بالأساس رجل سياسة واستغل ما كان متاحا لعصره وزمنه ونجح في ذلك ، لكننا الآن على مسافة زمنية بعيدة جدا عن معاوية والقرن الأول حيث النبوة كانت لا تزال ترفرف بأجنحتها فوق رؤوس العباد حيث اختلفت " المتاحات " تماما وصار من أهم واجبات الدين الحفاظ على المجتمع لا الإنفصال عن القاعدة والصراع على القمة .. فدولة الإسلام ما قامت منذ عهد معاوية ولا أدري كيف ستقوم الآن .

تحياتي ومحبتي للجميع
(f)(f)


فقط ملاحظة
يا حجي اسماعيل يستر عليك اختصر في ردودك .. مش رح اكذب عليك ، لم أقرأ ردك لطوله .. اختصر يا مولانا .. اختصر :D
(f)
03-28-2005, 03:35 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إسماعيل أحمد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,521
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #10
معركة صفـّين والحركات الإسلامية المعاصرة - توظيف الدين في خدمة السياسة و السياسيين
-بدية لم يتخل المسلمون عن خيار علي حتى استشهد رضي الله عنه، ولم يعتد أحد بشرعية أمر لمعاوية حتى عام الجماعة كما تعلم...
- لم يكن الإمام علي رجل دين بالمعنى الذي تقارن فيه بينه وبين معاوية، بل كان رجل السياسية والحروب والفتى الأنزع فيها، مثلما كان علما من أعلام الدين لا يشق له غبار...
- مواقفه المظفرة في الخندق وخيبر والفتوحات الإسلامية تدل على أنه يتفوق على معاوية في هذه الجوانب كما يتفوق عليه في اسبقيته الدينية سواء بسواء...
- لم يرفض النبي صلى الله عليه وآله وسلم تولية أبي موسى الأشعري يوما، بل على العكس كان من القلائل الذين تولوا له في حياته، وكان عامل المسلمين في عهده على اليمن مع معاذ بن جبل، ووصيته في تأميرهما مشهورة وهي التي جاء فيها: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا..)
- ليس صحيحا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أن الله نزع عن آل البيت الحكم!!! بل هو القائل بأن الملك الصالح الذي يأتي آخر الزمان ويصلح أمر الأمة، واشتهر بالمهدي، حكما قسطا يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، وهو عند السنة والشيعة من آل البيت لا من سواهم...

أما أن يكون قائل الحديث هو الإمام علي كما يوحيه ظاهر السياق الذي تورده فيه، فهو كلام غير منطقي ولا معقول، لأنه إن كان في اعتقاد الإمام علي أن الله سبحانه نزع عنهم الحكم -كما تدعي روايتك- ففيم كل هذه المعارك التي خاضها وبنيه من بعده؟!!! ألا ترى أن ذلك يجعل الرواية واهية لا معنى لها مع أنني لم أسمع بها من قبل!
- وحديث أنتم أعلم بأمور دنياكم جاء في حادثة زراعية صرفة، وفي فترة التشريع لا بعد أن أكمل الله الدين وأتم النعمة، ومن المعلوم أنه في تلك الفترة كانت الأحكام لم تستقر بعد، وكم من حكم نسخ أو خص أو قيد لاحقا....
- موضوع عمر مع الخلافة أنه رشح ابنه عبد الله ليكون الحكم في قضية اختيار الخليفة وهي قضية سياسية صرفة –حسب طرحكم!- ولم تكن حجته في منع ابنه من تولي الخلافة إلا أنها أمانة ثقيلة ويكفي آل الخطاب واحدا منهم يحمل همها..
- معاوية لم يمل إملاءات يزعم فيها أنه خليفة المسلمين كما تتوهم، ولا كانت هذه ذريعته للمعركة، وإليك هذه الرواية التي يرويها شيخ المحدثين الذهبي في تاريخه (...قال قال أبو مسلم الخولاني وجماعة لمعاوية: أنت تنازع عليا!! وهل أنت مثله؟ فقال: لا والله إني لأعلم أن عليا أفضل مني وأحق بالأمر، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما؟ وأنا ابن عمه، وإنما أطلب بدمه، فأتوا عليا فقولوا له فليدفع إلي قتلة عثمان وأسلم له، فأتوا عليا فكلموه بذلك، فلم يدفعهم إليه) فالقضية أن معاوية رضي الله عنه يقرأ قوله سبحانه (من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) فيرى أن له سلطان فيما هو بحقيقته بغي وخروج عن الحق، بينما علي رضي الله عنه يعلم أي فتنة يمكن أن تؤدي إليها محاكمة الناس في الميدان والحكم عليهم بالظنة مطاوعة لطلب معاوية، فلم يجاريه في ذلك، ولم يدفع إليه هؤلاء، خاصة أن الظرف ظرف فتنة ...
- لا أعتقد أن ما كان بين الصحابة استغلال للنصوص بقدر ما هو التأويل الفاسد من بعضهم لها، وهو أمر يتأتى كل حين، وقد جرى في عهد النبوة نفسه مع ذلك الصحابي الجليل الذي فهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر على ظاهره، فخطأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم اجتهاده، وقال له: (إنك لعريض القفا)!!
-ليس صحيحا أن دولة الإسلام لم تقم منذ معاوية رضي الله عنه، هذا تكفير بالجملة!!!

نعم كان في الدولة الإسلامية انحرافات شتى، وكان خط الانحراف يزداد قرنا بعد قرن، والفتق يتسع والهوة تكبر حتى سقطت الخلافة في القرن العشرين...
سلب صفة الإسلامية عن الأمويين والعباسيين والمماليك والأيوبيين والغزنويين وووو كل هذا محض عدوان على حقيقة الإسلام الذي كان يرفرف كمرجعية عليا لهؤلاء جميعا...
هل كان لهؤلاء سلطان قضائي أو تشريعي غير شريعة الإسلام؟!
وهل يمكننا أن نحكم على مسلم عاص يقصر في واجباته الدينية أو يمارس بعض المنكرات -هوى أوضعف نفس أو سوء تأويل- بأنه كافر غير مسلم، أم نقول بأنه مسلم لديه انحرافات قليلة أو كثيرة بحسب حاله
وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون

والله أعلم

سأحاول اختصار ردودي ما استطعت، لكن ما العمل إن لم أجد لك سطرا يمكنني أن أوافقك عليه وأتركه كما هو بلا تعليق!!:lol2:

واسلموا لود واحترام(f)
03-28-2005, 04:14 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  رسالة في السياسة فارس اللواء 0 465 06-06-2013, 12:15 AM
آخر رد: فارس اللواء
Star إيران وأذرعها في المنطقة ... معركة الوجود والنفوذ والمصير زحل بن شمسين 1 559 06-03-2013, 02:04 AM
آخر رد: زحل بن شمسين
  دور العقلانية الإسلامية في إعادة صياغة الوعي الثوري فارس اللواء 3 1,150 03-02-2012, 09:09 PM
آخر رد: فارس اللواء
  نسف نظرية الخلافة الإسلامية نظام الملك 11 3,287 12-26-2011, 01:02 AM
آخر رد: السيد مهدي الحسيني
  الهجوم على برهان غليون: من «اغتيال العقل» إلى «اغتيال السياسة» the special one 1 1,333 12-19-2011, 05:35 PM
آخر رد: فلسطيني كنعاني

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS