[CENTER]
![[صورة: pic_img.php?picid=6786]](http://www.amanjordan.org/arabic_news/pic_img.php?picid=6786)
[/CENTER]
الراية
الدوحة - د. حسن علي دَبَا: أصدر فضيلة د. يوسف القرضاوي أحدث فتوي له يبين فيها حكم إمامة المرأة للرجال وخطبتها الجمعة التي أثارتها أمنية ودود في الأيام الأخيرة عازمة علي هذا الفعل بعد غد الجمعة في نيويورك، ودعا فضيلته أمينة ودود إلي مراجعة نفسها وأن تطفيء هذه الفتنة، كما دعا المسلمين والمسلمات في أمريكا إلي عدم الاستجابة إلي هذه الدعوة المثيرة، مبيناً أنه مع عدم وجود نص صريح ينهي عن ذلك فإن المذاهب الإسلامية الثمانية متفقة علي عدم جواز إمامة المرأة للرجل، غير أنه أجاز إمامتها للرجال في التراويح إذا كانت قارئة تصلي بأهل دارها.. هذا هو نص السؤال وإجابة د. القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة الشيخ الدكتور العالم العلامة: يوسف القرضاوي حفظه الله.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد.. ففي سابقة هي الأولي من نوعها، من المتوقع أن تصبح أمينة ودود- أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة فيرجينيا كومنولث الأمريكية- أول امرأة تؤم المصلين من النساء والرجال في صلاة جمعة تقام بمدينة نيويورك الأمريكية يوم 18 مارس 2005.
وذكرت صحيفة الشرق الأوسط الجمعة 11/3/2005 أن هذه الخطوة تأتي بدعم من جماعات إسلامية في الولايات المتحدة تسعي إلي تعزيز مكانة المرأة المسلمة والمطالبة بحقوقها .
وستقام الصلاة في قاعة سوندارام تاجور جاليري بنيويورك، التي تُنظم فيها لقاءات وحوارات عديدة حول العلاقة بين الحضارتين الشرقية والغربية.
ويسجل هذا الحدث سابقة تاريخية لكون أمينة ودود أول امرأة تؤم المسلمين في صلاة مختلطة. وستطالب أمينة- بحسب تعبيرها- بحق النساء المسلمات في المساواة مع الرجال في التكاليف الدينية كحق المرأة في الإمامة، وعدم ضرورة أن يصلي النساء في صفوف خلفية وراء الرجال، باعتبار أن هذا الأمر هو ناتج عن عادات وتقاليد بالية وليس من الدين في شيء.
ومن خلال الأبحاث التي قامت بها تري أمينة أنه لا يوجد في سلوكيات النبي محمد عليه الصلاة والسلام: ما يمنع أن تؤم المرأة المسلمين رجالاً ونساء ، وتري ودود أن عدم إعطاء المرأة المسلمة حق الإمامة هو أمر متجذر داخل المجتمعات الإسلامية دون أن يقوم أحد بمحاولات جادة لتصويبه .
نرجو من سماحة شيخنا العلامة فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله تعالي: بيان رأيه في هذا الخبر، في ضوء ما عرفناه عن سماحتكم: من وسطية في المنهج، واتباع للدليل، مع مراعاة لفقه الواقع، وفي ضوء رد الجزئيات إلي الكليات، وفهم النصوص الجزئية في ضوء المقاصد الكلية.
سائلين الله أن ينفع بعلم سماحتكم، ويبارك في عمركم، ويمتع المسلمين بكم، ويجعلكم ذخراً لهذه الأمة، وهذا الدين.
** الجواب
الحمد لله والصلاة السلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم..
وبعد.. لم يُعرف في تاريخ المسلمين خلال أربعة عشر قرناً: إن امرأة خطبت الجمعة وأمت الرجال، حتي في بعض العصور التي حكمتهم امرأة مثل شجرة الدر في مصر المملوكية، لم تكن تخطب الجمعة، أو تؤم الرجال، وهذا إجماع يقيني.
والأصل في الإمامة في الصلاة: أنها للرجال، لأن الإمام إنما جعل ليؤتم به، فإذا ركع ركع المأمومون خلفه، وإذا سجد سجدوا، وإذا قرأ أنصتوا.
والصلاة في الإسلام لها مقوماتها وخصائصها، فليست مجرد ابتهال ودعاء كالصلاة في النصرانية، بل فيها: حركات وقيام وقعود، وركوع وسجود، وهذه الحركات لا يحسن أن تقوم بها امرأة بين يدي الرجال، في عبادة يتطلب فيها خشوع القلب، وسكينة النفس، وتركيز الفكر في مناجاة الرب.
وقد اقتضت حكمة الله تعالي أن يخلق جسم المرأة علي نحو يخالف جسم الرجل، وجعل فيه من الخصائص ما يثير الرجل، ويحرك غريزته، حتي يتم الزواج الذي يحدث به النسل، ويستمر به النوع، وتتحقق إرادة الله في عمارة الأرض.
فتجنباً لأية فتنة، وسداً للذريعة: جعل الشرع الإمامة والأذان والإقامة للرجال. وجعل صفوف النساء خلف صفوف الرجال، وجعل خير صفوف الرجال أولها، وجعل خير صفوف النساء آخرها، بعداً عن أي فتنة تثار أو تحتمل. وحتي يركز الرجل في صلاته فكره ووجدانه في توثيق صلته بربه، ولا يشطح به الخيال خارج الدائرة الإيمانية، إذا تحركت غريزته البشرية التي لا دافع لها.
وهذه لأحكام شرعية ثابتة بأحاديث صحيحة، ومستقرة بإجماع المسلمين، المتصل بعملهم خلال القرون الماضية، في جميع المدارس والمذاهب، وليس مجرد عادات وتقاليد كما قيل.
** أين الواقعية
والإسلام دين واقعي، لا يُحلق في أجواء مثالية مجنحة، بعيداً عن الواقع الذي يحياه الناس ويعانونه، وهو لا يعامل الناس علي أنهم ملائكة أولو أجنحة، بل علي أنهم بشر لهم غرائز تحركهم، ودوافع تثيرهم، ومن الحكمة أن يحرص الشارع الحكيم علي حمايتهم من الافتتان، والإثارة، بمنع أسبابها وبواعثها ما أمكن ذلك. وخصوصاً في أوقات التعبد والمناجاة والوقوف بين يدي الله.
وقد اتفقت المذاهب الإسلامية الأربعة، بل الثمانية علي أن المرأة لا تؤم الرجل في الفرائض. وإن أجاز بعضهم أن تصلي المرأة القارئة للقرآن بأهل دارها، باعتبارهم محارهم لها. ولم يقل فقيه مسلم واحد من المذاهب المتبوعة أو خارجها بجواز أن تخطب المرأة الجمعة أو تؤم المسلمين.
وإذا نظرنا في النصوص: لم نجد نصاً صحيحاً مباشراً ينهي أن تقوم المرأة بخطبة الجمعة، أو بإمامة المصلين.
كل ما ورد هنا: حديث رواه ابن ماجه بسنده عن جابر بن عبدالله مرفوعاً، يقول: لا تؤمن امرأة رجلاً، ولا يؤم أعرابي مهاجراً، ولا يؤم فاجر مؤمناً .
ولكن أئمة الحديث قالوا عن إسناد هذا الحديث: إنه ضعيف جداً. فلا يحتج بمثله في هذه القضية.
وقد روي ما ينافي هذا الحديث، وهو ما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما: عن أم ورقة بنت عبدالله بن الحارث: أن النبي صلي الله عليه وسلم جعل لها مؤذنا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها (وقد كان منهم الرجال والنساء).
وهذا الحديث ضعّف العلماء اسناده، ومع هذا، فهو خاص بامرأة قارئة للقرآن تؤم أهل دارها، من زوج وأبناء وبنات، وهم محارم لها، ولا تخشي فتنة منها عليهم. وقد روي الدارقطني: أنه أمرها أن تؤم نساء أهل دارها.
قال ابن قدامة في (المغني): وهذه زيادة يجب قبولها، ولو لم يذكر ذلك لتعين حمل الخبر (أي الحديث) عليه. لأنه أذن لها أن تؤم في الفرائض، بدليل أنه جعل لها مؤذنا، والأذان إنما يشرع في الفرائض. ولا خلاف في أنها لا تؤمهم (أي الرجال) في الفرائض.
ثم قال: ولو قدر ثبوت ذلك لأم ورقة لكان خاصا لها، بدليل أنه لا يشرع لغيرها من النساء أذان ولا إقامة، فتختص بالإمامة، لاختصاصها بالأذان والاقامة.
وقد أيد ابن قدامة قوله بأنها لا تؤذن للرجال، فلم يجز أن تؤمهم. ل
** ا أوافق ابن قدامة
ولا أوافق الإمام ابن قدامة في جعل هذا الإذن النبوي خاصا بأم ورقة، فمن كان في مثل حالها، من النساء، بأن تكون قارئة مجيدة للقرآن، ولها من الابناء والمحارم من يصلي خلفها: جاز لها أن تؤمهم في الفرائض والنوافل. ولا سيما صلاة التراويح.
وعند الحنابلة قول معتبر منصوص عليه بجواز إمامتها للرجال في صلاة التراويح، وهو الأشهر عند المتقدمين، قال الزركشي: منصوص أحمد واختيار عامة الأصحاب: يجوز أن تؤمهم في صلاة التراويح. انتهي. وهو الذي ذكره ابن هبيرة عن أحمد.
وهذا محمول علي المرأة القارئة التي تصلي بأهل دارها وأقاربها. وقد قيدها بعضهم بالمرأة العجوز.
قال في الانصاف: حيث قلنا: تصح إمامتها بهم، فإنها تقف خلفهم، لأنه أستر. ويقتدون بها. هذا الصحيح.
وهذا علي خلاف الأصل في الإمامة: أن يكون الإمام أمام المأمومين، طلبا للستر، ومنعا للفتنة بقدر الامكان.
** إمامة المرأة للنساء
أما إمامة المرأة بالنساء وحدهن، ففيها أكثر من حديث. من ذلك:
حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، فقد روي عبدالرزاق (5086)، والدارقطني (1/404)، والبيهقي (3/131) من حديث أبي حازم ميسرة بن حبيب، عن رائطة الحنفية، عن عائشة أنهما أمتهن، فكانت بينهن في صلاة مكتوبة.
وروي ابن أبي شيبة (2/89)، من طريق ابن أبي ليلي، والحاكم (1/203 - 204) من طريق ليث بن أبي سليم كلاهما عن عطاء، عن عائشة: أنها كانت تؤم النساء، فتقوم معهن في الصف. لفظ ابن أبي شيبة. ولفظ الحاكم عن عائشة: أنها كانت تؤذن وتقيم، وتؤم النساء، وتقوم وسطهن.
وروي الشافعي (315)، وابن أبي شيبة (2/88) وعبدالرزاق (5082) من طريقين، عن عمار الدهني، عن امرأة من قومه يقال لها حجيرة، عن أم سلمة: أنها أمتهن، فقامت وسطا.
ولفظ عبدالرزاق: أمتنا أم سلمة في صلاة العصر، فقامت بيننا.
وقال الحافظ ابن حجر في الدراية (1/169): وأخرج محمد بن الحصين من رواية ابراهيم النخعي عن عائشة: أنها كانت تؤم النساء في شهر رمضان، فتقوم وسطا.
وروي عبدالرزاق (5083) عن ابراهيم بن محمد، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: تؤم المرأة النساء تقوم في وسطهن.
فليت أخواتنا المتحمسات لحقوق المرأة: يحيين السنة التي ماتت - من صلاة المرأة بالنساء - بدل احداث هذه البدعة المنكرة: صلاة المرأة بالرجال.
قال في (المغني): اختلفت الرواية: هل يستحب أن تصلي المرأة بالنساء جماعة؟ فروي أن ذلك مستحب، وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء: عائشة وأم سلمة وعطاء والثوري والأوزاعي والشافعي واسحاق وأبو ثور، وروي عن أحمد رحمه الله: أنه مستحب. وكرهه أصحاب الرأي. وإن فعلت أجزأهن، وقال الشعبي والنخعي وقتادة: لهن ذلك في التطوع دون المكتوبة.
** أصل العبادات الحظر
ومن المهم هنا أن نقرر: أن الاصل في العبادات في الاسلام هو الحظر والمنع، إلا ما أذن به الشرع بنصوص صحيحة صريحة، حتي لا يشرع الناس في الدين ما لم يأذن به الله. فليس للناس أن ينشئوا عبادة أو يزيدوا فيها، أو يدخلوا عليها صوراً وكيفيات من عند أنفسهم، وبمجرد استحسان عقولهم. ومن أدخل في الدين أو زاد عليه ما ليس منه فهو مردود عليه.
وهذا ما حذر منه القرآن الكريم حين ذم المشركين فقال: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) الشوري: 21 .
وحذرت منه السنة النبوية حيث قال صلي الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا (أي في ديننا) ما ليس منه فهو رد أي مردود علي صاحبه لا يقبل منه.
وقال: اياكم ومحدثات الامور، فإن كل بدعة ضلالة فالعبادات - كما قرر عامة العلماء - توقيفية.
وانما حرفت الأديان الأخري وغيرت عباداتها وشعائرها، لدخول الابتداع فيها، وعدم الانكار من احبارهم علي المبتدعات والمبتدعين.
وهذا بخلاف امور المعاملات وشؤون الحياة، فإن الأصل فيها هو الاذن والاباحة.
** ابتداع في الدنيا
فالقاعدة الاسلامية هي: الاتباع في امر الدين، والابتداع في شؤون الدنيا.
وهذا ما كان عليه المسلمون في عصور التألق والتفوق الحضاري: اتبعوا في امر الدين، وابتدعوا وابتكروا في امور الدنيا، فصنعوا حضارة عالية شامخة. فلما ساء حالهم عكسوا الوضع. فابتدعوا في أمر الدين وجمدوا في امر الدنيا.
علي اني اريد ان اقول في هذه القضية كلمة اختم بها، وهي: ما الضرورة الي اثارة هذه الضجة كلها؟ وهل هذا ما ينقص المرأة المسلمة: ان تؤم الرجال في الجمعة؟ وهل كان هذا من مطالب المرأة المسلمة في اي وقت من الاوقات؟
لقد رأينا الاديان الاخري تخص الرجال في شأن الدين بأمور كثيرة، ولم تثر النساء عندهم اعتراضهن علي ذلك، فما بال نسائنا يغربن ويسرفن في مطالبهن ويثرن ما يشق الصفوف بين المسلمين؟ في وقت هم احوج ما يكون الي لم الشمل، وجمع الصف، لمواجهة الفتن والازمات والمكايد الكبري التي لا تريد ان تبقي لهم من باقية؟!
**
نصيحتي للأخت أمينة
ونصيحتي الي الاخت امينة ودود: ان تراجع نفسها وترجع الي ربها ودينها وتطفيء هذه الفتنة التي لا ضرورة لاثارتها كما انصح اخواني واخواتي من المسلمين والمسلمات في امريكا ألا يستجيبوا لهذه الدعوة المثيرة وان يقفوا صفا واحدا في وجه هذه الفتن والمؤامرات التي تحاك بهم.
أسأل الله ان يلهم ابناءنا وبناتنا واخواننا واخواتنا في كل مكان: السداد في القول والرشد في العمل وان يري الجميع الحق حقا ويرزقهم اتباعه، والباطل باطلا ويرزقهم اجتنابه، آمين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب .
[أمــــان]
مركز الأخبار - أمان - http://www.amanjordan.org/arabic_news - تحقيقات وآراء