المسرحية الهزلية في البرلمان السوري
مروان سليمان
منذ إستيلاء حزب البعث الحاكم في سورية على الحكم لم يأخذ في الحسبان رأي الشارع السوري ولم يكن للشعب السوري حول ولا قوة، سواء في إتخاذ القرارات أ وتنفيذ ها، ومنذ إنشاء ما يسمى بمجلس الشعب وإلى يومنا هذا لم يصادق على أي قرار ولم يسن أي تشريع أ وقانون سوى قانون واحد، وه وتغيير البند المتعلق بعمر الرئيس، لكي يتناسب مع عمر الرئيس الإبن، ومنذ د خول سورية إلى لبنان وحتى يومنا هذا مروراً بإتفاقية الطائف لم تلتزم سورية بهذه الإتفاقية لا قولاً ولا عملاً، ومنذ ذ لك الحين بد أت المافيا السورية وهم طبعاً من أبناء الطبقة الحاكمة بالإتفاق مع مثيلتها اللبنانية تسرح وتمرح في لبنان وتأخذ بزمام الأمور، حتى أن القياد ات اللبنانية أصبحت أداة طيعة بيد القيادة السورية، فأصبحت تعين الرئيس اللبناني بقرار رئاسي وأمني من د مشق كتعيين أحد المحاف! ظين د اخل سورية.
وبعد عقود من الممارسات الخاطئة والغير المتكافئة مع اللبنانيين، إلا أن الظروف الدولية تغيرت، كما تغيرت العقلية من متلقية للأوامر إلى عقلية منفتحة مستقلة تريد تكوين الذات بد لاً من مسايرتها من قبل أنظمة كانت حتى بالأمس القريب حلفاء وأصد قاء، فأصبح اللبنانيون منذ فترة يطالبون بتنفيذ إتفاق الطائف، ولكن القيادة السورية كانت تماطل في هذا التنفيذ مرة بإعادة الإنتشار ومرة تحت ذ ريعة الخطر على لبنان............الخ من هذه الشعارات والعبارات التي أصبحت مهترئة ولم يعد العقل يصد قها عدا النظام السوري الذي يعرف كيف يراوغ ويتلاعب بالألفاظ التي مل الشعب من سماعها والتي تتردد منذ أوائل القرن الماضي والتي لم تعد لمثل تلك العبارات وجود في مثل هذه الأيام.
حفاظاً على ماء الوجه قام الرئيس الأسد بإستدعاء مجلس الشعب السوري للإنعقاد ليلقي كلمة فيها يحدد فيها سياسته تجاه لبنان للتظاهر بمشاركة المجلس بإتخاذ القرارات، وجاءت الكلمة كما كان متوقعاً من قبل الجميع بإنسحاب القوات السورية من لبنان والألتزام بإتفاقية الطائف، وليتظاهر بأن هذا القرار ه وقرار سوري وليس إملاءً من الخارج، فكانت الإبتسامات الظاهرية على وجه المسؤولين السوريين باد ية للعيان ولكن إرتجاف الركب تحت المقاعد كانت باد ية أكثر من خلال إتخاذ قرار سحب القوات بهذه السرعة الغير متوقعة، كما كان التصفيق الحاد من قبل المجلس الذي لا يعرف إلا التصفيق والتأييد، عد ا عن الركب الأمنية بظاهرة مد نية في الخارج ترفع صور الرئيس كالعادة وتفد يه بالروح والد م ولكن في اليوم العصيب لن تجد أحداً حوله وه ويعرف جيداً والتجربة العراقية ليست! ببعيدة.
إذاً جاء هذا القرار نتيجة للضغوط الدولية التي بد أت تمارس بقوة في الفترة الأخيرة وخاصة بعد تبني مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1559 والذي يد ع وكافة القوى الأجنبية إلى الخروج من لبنان جيشاً ومخابراتاً ونفوذ، والذي يقود هذا القرار الولايات المتحدة وفرنسا والتي ضمت العد يد من الدول الأوربية ومن بينها روسية والمانيا.
وقد بد ت السياسة السورية في التخبط نتيجة للضغوط الدولية الكثيفة والتصريحات المتناقضة من قبل المسؤولين السوريين، وإيجاد مخرج يحفظ لهم ماء الوجه والتهرب من حقيقة الإنسحاب تحت الضغوط الدولية لعد م وجود الجرأة الكافية لدى المسؤولين السوريين في قول الحقيقة.
وبدأ المسؤولون في جولات مكوكية بدأت من القاهرة إلى موسك ومروراً بالرياض، إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن وجاءت النصائح بأن الإنسحاب هو أفضل حل، وعاد الد بلوماسيون إلى من حيث أتوا خائبين وخائفين بنفس الوقت..............خائبين لأن دول العالم جميعاً طالبتهم بالإنسحاب الفوري من لبنان وبد ون تأجيل أ ومراوغة..........وخائفين لأن القرارات الدولية سوف تطبق سواء وافقت سورية على الخروج أ ولم توافق لأنها سوف تواجه التحالف الدولي ضد ها فأد رك النظام السوري أنه أصبح في عزلة دولية من جهة ومقاطعة عربية إذا لم تسحب قواتها من جهة أخرى.
ولكن قبل الإنسحاب السوري من لبنان يجب أن يد رك النظام عدة حقائق وهي :
أن الضغوط الدولية لن تتوقف بمجرد وصول القوات السورية إلى الحدود ولكن الضغوط سوف تتواصل إلى :
- تطبيق مبدأ الد يمقراطية تطبيقاً لا لبس فيه
- إحترام حقوق الإنسان السوري والمساواة أمام القانون في التعامل بغض النظر عن الجنس والد ين والعرق
- حل حزب البعث الحاكم لأن اسم الحزب يرتبط بالإرهاب والتمييز العنصري والشوفيني وحتى النازي
الخلاص من مبدأ أن الحزب قائد الدولة والمجتمع
- حل الأجهزة القمعية المخابراتية السورية والتي أصبح د عمها للإرهاب والإرهابيين في العلن سواء في عمليات قتل السوريين أ وتصد ير الإرهاب إلى الخارج ( كما في العراق )
- القضاء على المنظمات الإرهابية التي يد عمها النظام سواء في الد اخل أ والخارج
- تبييض السجون السورية من المناضلين المد افعين عن حقوق الإنسان من العرب والكرد وجميع الأطياف
ضبط الحد ود السورية العراقية لمنع تسلل الإرهابيين المد عومين من المخابرات السورية إلى العمق العراقي
- تسليم بقايا نظام الإجرام الصد امي والمتواجد ين في سورية وتحت الحماية الأمنية السورية
فيجب أن يدرك النظام السوري أن سجله الأسود في تاريخ حقوق الإنسان في د عم الإرهاب والإعتماد على أجهزته القمعية في كم الأفواه وإملاء السجون بالمناضلين المد افعين عن حقوق الإنسان في سورية والذين ما زالوا معتقلين ومنهم البرلمانيين رياض سيف ومأمون الحمصي والد كتور الجامعي عارف د ليلة ومعتقلي مسيرة أطفال الكرد في د مشق منهم المناضلين المحامي محمد مصطفى ومحمد شريف فرمان.
ولا يزال هذا النظام السئ الصيت يلاحق المواطنين في جميع الأوقات ويد اهم البيوت في أنصاف الليلي ويمارس أبشع أنواع الظلم والإضطهاد بحق الشعب السوري عامة والشعب الكردي خاصة، والذي إرتكب المجازر بحقه من مجزرة حماة إلى مجزرة القامشلي لأكبر شاهد على همجية هذا النظام وبشاعته.