مع تحميل الرئيس بوش سورية (وغيرها) مسؤولية الصعوبات العسكرية الأميركية في العراق، عدت الى مقالين عن الموضوع نشرا في يوم واحد الأسبوع الماضي، هو الخميس، في مطبوعة المحافظين الجدد "ويكلي ستاندارد"، وفي "ذي نيشن" الليبرالية.

ستيفن شوارتز كتب في مطبوعة عصابة اسرائيل تحت العنوان "وجه الإرهاب في العراق: دراسة جديدة تظهر من اين اتى المقاتلون الأجانب". وافي بيرمان كتب في المجلة الليبرالية التي تبيع ثلاثة اضعاف ما تبيع "ويكلي ستاندارد" موضوعاً عنوانه "القصة الحقيقية للتمرد (في العراق)".

شوارتز مهرج زعم يوماً انه خبير في البلقان وتجول فيه منتحلاً اسم سليمان احمد ستيفن شوارتز قبل ان يرتد الى اصله عندما عاد الى الولايات المتحدة، وبهذه الصفة فهذا الاعتذاري الإسرائيلي يستشهد بإسرائيليين، و"الدراسة" التي يعتمد عليها صدرت عن مركز الأبحاث العالمية والشؤون الدولية في اسرائيل.

وهكذا فالدراسة التي اشرف عليها الإسرائيلي روفن باز تناولت 154 جهادياً قتلوا في العراق رصد المركز اسماءهم من المواقع الإسلامية على الإنترنت، ووجد ان 94 منهم، او 61 في المئة سعوديون، وأن 16 رجلاً، او 10 في المئة سوريون، وأن 13، أو 8 في المئة عراقيون، وأن 11، او 7 في المئة كويتيون، والبقية من الأردن ولبنان وليبيا والجزائر والمغرب واليمن وتونس وفلسطين، بمعدل واحد في المئة.

وقال المهرج شوارتز ان الدراسة اكدت ما كان يشك فيه منذ فترة، وهو ان "الجار الخطر" الى الجنوب هو المصدر الرئيس للمقاتلين الأجانب.

وسجل باز ثلاث ملاحظات:

- المتطوعون للجهاد يمثلون جزءاً كبيراً من التمرد السني.

- عنصر يستحق الملاحظة، هو قلة عدد العراقيين في مجموعة الزرقاوي.

- غياب المصريين من بين المقاتلين مع ان مصر اكبر بلد عربي، والسبب تراجع النفوذ الإسلامي في مصر ونجاح خطوات الحكومة المصرية ضد الجهاديين.

يختتم شوارتز مقاله بهذه الفقرة "ان الإنسان يحتاج ان يقول ان الوقت حان لإغلاق حدود السعودية الشمالية وإسكات واعظي الجهاديين، وقطع التمويل عن الوهابية الدولية".

قلت ان شوارتز مهرج، وهو وصف يناقض ان اهتم بما يكتب، إلا ان الواقع انه مهرج يجد من يصدقه، و"ويكلي ستاندارد" قريبة من إدارة بوش، ولها نفوذ هائل، ليس لمجلة "ذي نيشن" الأوسع انتشاراً واحتراماً وصدقية، لذلك فمن الواجب ان نتابع ما يكتب هؤلاء المتطرفون.

افي بيرمان دمر حجته، من دون ان يرد عليه، فالمقالان صدرا في يوم واحد كما قلت سابقاً. وأفضل ان اسير مع بيرمان في عرضه، بدل القفز الى النهاية حيث تتهاوى معلومات شوارتز الإسرائيلية. وأزيد من عندي ان الرئيس بوش قال في 20/12/2004 ان "لا جدال في ان المهاجمين مؤثرون".

بيرمان سجل التسلسل الرسمي الأميركي في الحديث عن المقاومة، او الإرهابيين، بعد ان سمع وزير الدفاع دونالد رامسفيلد يقول امام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ انه لا يعرف عدد المتمردين، وأن آخر تقريرين للاستخبارات سريان، وهو لا يثق بهما اصلاً.

قبل ذلك سار الحديث بهذا الشكل:

- قال مسؤول عسكري بارز لجريدة "نيويورك تايمز" انه لا يرى شيئاً مهماً في الهجمات، ولا مستقبل للمهاجمين في العراق ما بعد صدام حسين. (17/6/2003).

- دونالد رامسفيلد قال ان هناك جيوباً من الفاشلين الذين لا امل لهم والجنرال فرانكس ورجاله يستأصلونهم. (18/6/2003).

- نائب وزير الدفاع بول وولفوفيتز اعرب عن اعتقاده بأنهم بقايا قضية ميتة. (18/6/2003).

- رامسفيلد قال ان الفاشلين الذين لا امل لهم لا يزالون معنا, ويحاربون بعد ضياع قضيتهم (25/8/2003).

- رامسفيلد يقول ان هناك خليطاً من أعداد صغيرة من الإرهابيين، وأعداد صغيرة من الميليشيات، مع بعض التظاهرات وبعض الفوضى.

- نائب وزير الخارجية ريتشارد ارمتدج يقول: "اننا اسأنا تقدير العدو. لم ندمره في الهجوم الأولي، فاختفى، ثم عدنا لنراه". (25/6/2004).

- مجلة "تايم" تنسب الى الميجر جنرال البريطاني اندرو غراهام، نائب رئيس قوات التحالف في العراق، قوله ان هناك 40 ألفاً الى 50 ألفاً من المقاتلين المتمردين. (20/9/2004).

- محمود عبدالله الشهواني، رئيس الاستخبارات العراقية، يقول ان المقاومة اكثر عدداً من القوات الأميركية في العراق ويقدرها بنحو 200 ألف رجل. (3/1/2005).

- الجنرال جورج كيسي يقول ان في السنة السابقة قتل الأميركيون او اسروا 15 ألفاً من المتمردين. (26/1/2005).

- رامسفيلد يقول: "ان التمرد من مستوى في الحدة لم نتوقعه". (8/2/2005).

- السناتور جون ماكين يقول: "انتقلنا من حفنة من الفاشلين الذين لا امل لهم الى قتل او اسر 15 ألفاً خلال سنة...

هناك مشكلة صدقية بالنسبة الى حجم العدو وطبيعته... لا اعرف كيف تهزم تمرداً اذا لم تكن تعرف عدد المتمردين الذين تواجههم".

اركان الإدارة لا يعرفون, ولكن شوارتز وباز يعرفان.

ومزاعم الأميركي المزعوم شوارتز، تدحر عن اكثر من طريق، فإذا كان هناك 154 جهادياً قتلوا في العراق، فإن العدد ضئيل جداً لأن من اصل 14 ألفاً بحسب شهادة جنرال اميركي مسؤول، وهذا يظهر ان المقاتلين الأجانب في حدود واحد في المئة، ولو كانوا كلهم سعوديين او سوريين، لما كان لوجودهم اهمية.

وفي جميع الأحوال، فالأميركيون لم يحددوا بلاد المقاتلين، لأنهم يفترضون ان غالبيتهم العظمى من العراقيين, ولو كانت هناك نسبة عالية سعودية او سورية او غيرها لأعلنوا ذلك. والتهمة ضد سورية جزء من حملة، وهي اصلاً لا تتحدث عن مقاتلين سوريين، فهؤلاء ان وجدوا قلة, وإنما عن ضبط الحدود وعدم مساعدة الإرهابيين وتمويلهم.

اقول كمواطن يهمه امر العراق، ان المقاومة المشروعة للاحتلال شيء والإرهاب شيء آخر مختلف تماماً. وما نرى في العراق الآن هو ارهاب فظيع واجب كل العرب مساعدة العراقيين على دحره، بغض النظر عن كلام عصابة اسرائيل او أي رأي في الوجود الأميركي في العراق.
* نقلا عن جريدة "الحياة" اللندنية

" اقول كمواطن يهمه امر العراق، ان المقاومة المشروعة للاحتلال شيء والإرهاب شيء آخر مختلف تماماً. وما نرى في العراق الآن هو ارهاب فظيع واجب كل العرب مساعدة العراقيين على دحره، "



:9:

[quote] Awarfie كتب/كتبت

" اقول كمواطن يهمه امر العراق، ان المقاومة المشروعة للاحتلال شيء والإرهاب شيء آخر مختلف تماماً. وما نرى في العراق الآن هو ارهاب فظيع واجب كل العرب مساعدة العراقيين على دحره، "



:9:


==========
تحياتي (f)

:9: نعم يا Awarfie وليس فقط العرب وإنما الدول الإسلامية والشخصيات الإسلامية التي تستطيع أن تمنع كل أشكال الإرهاب أيضا وعلينا أيضا محاربة تلك الأعمال الشنيعة
=========
هلمكار كتب

- غياب المصريين من بين المقاتلين مع ان مصر اكبر بلد عربي، والسبب تراجع النفوذ الإسلامي في مصر ونجاح خطوات الحكومة المصرية ضد الجهاديين.

أعتقد بأن السبب هنا هو تراجع التخلف و الشعب المصري لم يكن متعصبا يوما ما.:no2:

Kivi :aplaudit:

لا أعتقد أن التخلف و الجمود قابل للأنحسار في بضع سنين..فالحظور المصري ما زال قوي في القاعده....الفكر الأقصائي وصل الى مصر و الكثير من الدول العربيه و مازال موجود.. قد يكون تم أحتواءه على المستوى الأمنى ..ولكن على المستوى الفكري ..مازال حاضر..

اقتباس:  Arab Horizon   كتب/كتبت  
لا أعتقد أن التخلف و الجمود قابل للأنحسار في بضع سنين..فالحظور المصري ما زال قوي في القاعده....الفكر الأقصائي  وصل الى مصر و الكثير من الدول العربيه و مازال موجود.. قد يكون تم أحتواءه على المستوى الأمنى ..ولكن على المستوى الفكري ..مازال حاضر..

==========
تحية ..(f)

لا أعتقد ذلك ، وأعرف تعليقك يشير الى أيمن الظواهري .:no2:


Kivi :aplaudit:

عزيزي Kivi,

لم أقصد الأختزال في شخص الظواهري...بل قصدت الفكر الأقصائي المتجذر في البناء المجتمعي لمصر و غبرها من الدول العربيه..