ثمة حاجة ملحة في هذه الساعات الدقيقة والحاسمة الى تذكير الذئاب الاسرائيلية المهتاجة، وقد اشتمّت أو تخيلت أنها تشتم رائحة الدماء في لبنان، ان هذا البلد الذي حقق أول انتصار ناجز في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي سيبقى متمترسا دائما في حدود ذلك الشعار الراسخ الذي يجمع عليه كل اللبنانيين وهو:

"لبنان أول من يقاتل وآخر من يصالح".

ان المسألة هنا تتعدى الشعارات الى الاقتناعات الراسخة عند كل أبناء هذا البلد، الذي قاتل وحيدا عبر مقاومته وفي مقدمها "حزب الله"، في وقت كانت الجبهات الاخرى إما في التسويات وإما في الاستراحة.

وهكذا لا حاجة بأحد الى اجراء القراءات الغبية أو الخبيثة للكلام الاسرائيلي، الذي نقلته الوكالات اول من امس والذي قد يتسع ويتصاعد في الأيام المقبلة، وهو في النهاية ليس أكثر من ضخ للسموم في جرح لبنان الكبير الذي أحدثته جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقد كان حتى رمقه الاخير يعمل لاحتضان "حزب الله" وصون المقاومة وحمايتها في وجه محاولات التشويه، وبشهادة صارخة من سيد المقاومين حسن نصرالله.

لم يعد في لبنان أغبياء يمكن ان يجدوا في كلام سيلفان شالوم عن: "لبنان المحرر من الاحتلال السوري الذي سيوقع اتفاق سلام مع اسرائيل" أكثر من محاولة تخريبية سخيفة، تهدف الى اشعال فتنة لم يعد لها مكان في هذا البلد المعذب.

لم يعد في لبنان حمير يمكن ان يجدوا في هذا الكلام غير الملح المسموم يرشه وزير خارجية اسرائيل فوق جروح اللبنانيين وعيونهم، حتى وان هناك عندنا من "المقاولين" من لا يتورع، على جاري العادة، عن الانخراط في القراءة الخبيثة والتوظيف الاكثر خبثا لكلام شالوم، في محاولة فظة لتقييده على حساب المعارضين، وخصوصا في ظل المطالبة بالانسحاب السوري وتنفيذ اتفاق الطائف.

ليس من حق القتلة أمثال شالوم الحديث عما يريده اللبنانيون. فاذا كان لا بد من الحديث عن أمنيات المواطنين في لبنان، فالامر هنا يتركز على ضرورة اجراء حركة تصحيحية في العلاقات اللبنانية – السورية، تزيد من قوة التعاون بين البلدين لانهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي اللبنانية والسورية.

ان الذين ينخرطون في تخوين المعارضين في لبنان سيجدون [وربما وجدوا] في كلام شالوم ذخيرة ملائمة للانطلاق بقوة أكثر في محاولات سمجة وخبيثة هدفها القول: ألم تسمعوا كلام شالوم، أوليست شعارات المعارضة تصب في سياق مؤامرة اسرائيلية – أميركية على لبنان وسوريا؟

ولكن للناس عقول في هذا البلد.

واذا كان وزير خارجية اسرائيل يقول: "ليس لدينا نزاع مع لبنان. لا نزاع حول أرض او نزاع اقتصادي وان السبب الوحيد لأن ليس لديهم سلام معنا هو انهم كانوا محتلين من قبل سوريا"، فان من الضروري التذكير ان نزاع لبنان مع اسرائيل بالمعنى الاستراتيجي والحضاري سيبقى ويستمر حتى ولو انخرطت كل الدول العربية بما فيها سوريا في سلام مع اسرائيل.

ان هذا النزاع ينشأ من التعارض الشديد بين ما يمثل لبنان من قيم التعايش والانفتاح والتفاعل الخلاق بين الاديان والحضارات، وما تمثل اسرائيل من انغلاق عنصري وغيتوي يقوم على نبذ الآخر ولفظه توصلا الى العرق الواحد.

ثم ان نزاع لبنان مع اسرائيل سيبقى قائما الى ما بعد انتهاء النزاع مع كل الدول العربية، ولبنان سيكون فعلا آخر من يصالح.

ان هذه الحقائق التي أكد بيان المعارضة الصادر امس من المختارة تمسكه بها، في سياق الاصرار على انتماء لبنان وعروبته وحرصه على افضل علاقات الاخوة مع سوريا، هذه الحقائق يفترض ان تقفل الابواب وتلجم الالسنة والعقول الخبيثة التي لن تتوانى قط عن محاولة تشويه مواقف المعارضة لمجرد ان وزير خارجية اسرائيل حاول بخ السم فوق جروحنا، وهي بهذا ستقدم خدمة له عبر استجابة أغراضه الخبيثة في محاولة بث الانقسام والفتنة بين اللبنانيين.

لقد وصلت الغثاثة والسطحية والتزوير ببعض الالسن والعقول السود في الحكومة المستقيلة حد القول ان الذين يطالبون بانتخابات نيابية حرة ونزيهة وشفافة انما هم عملاء أميركا وفرنسا، لمجرد ان واشنطن وباريس دعتا الى اجراء انتخابات ذات صدقية ونزاهة. ولقد سبق ان استعملت تصريحات سابقة لشالوم تتعلق بالقرار 1559 كذخيرة عبيطة لتخوين المعارضين الذين يطالبون بتنفيذ "اتفاق الطائف"، في وقت تكرر سوريا عينها انها لا تعارض ذلك القرار وستتعاون معه!

أما الذين مضوا بعيدا في القول ان تنفيذ اتفاق الطائف واجراء حركة تصحيحية في العلاقات بين بيروت ودمشق سينقل لبنان من جبهة سوريا بمعناها القومي الى جبهة اميركا بمعناها التصالحي الاسرائيلي، فقد تلقوا هدية ثمينة عبر كلام شالوم.

لكنه كلام الملح المسموم يرشه أعداؤنا فوق جروحنا الغائرة، حيث تقتضي الامانة للبنان وسوريا ولدماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري لا أن نتذكر ما كان يفعل حتى رمقه الاخير في تصليب موقف لبنان في وجه اسرائيل، بل ان نلقي سموم شالوم في أقرب مزبلة.

راجح الخوري
منقول طبعا ما بعتلي اياه فاكس

اقتباس: [i]  نرفوزة   كتب/كتبت [/

راجح الخوري  
منقول طبعا ما بعتلي اياه فاكس

:D

اقتباس:راجح الخوري  
منقول طبعا ما بعتلي اياه فاكس

لتكوني انت راجح الخوري ياضرسانة ونحنا قرايب وأنا مش دريان

:baby::baby::baby: