لنتذكرهم ونتذكر حالنا معهم

تمر هذه الأيام الذكرى الستون لتحرير قوات الحلفاء لمعسكر أوشفتز (27/1/1945) ، وهو أحد معسكرات الموت التى أقامها النازيون لغرض تجميع وقتل اليهود إبان الحرب العالمية الثانية وضمن خطة لإبادتهم فى أوربا وفى كل مكان تطاله يد النازيين فيما بات يعرف فى التاريخ بـالهولوكوست او الشواه أو المحرقة . وطبعا لا حدود للمعانى والدلالات الأخلاقية وغير الأخلاقية التى يطرحها الهول النازي إياه ، ولا حدود لما يمكن أن نخوض فيه فى شأن "الحل النهائى" ، لكن موضوعنا هنا للرثاء وتسجيل الخواطر الشخصية حول الحدث المذكور وليس للسجال حوله .

سمعت عن الهولوكوست لأول مرة فى بداية الدراسة الثانوية حيث كنا ندرس تاريخ العالم الحديث بما فيه الحرب العالمية الثانية بطبيعة الحال ، وأتذكر جيدا أن مدرس التاريخ ، وهو الناصرى المتشدد ، كانت تنتابه العصبية حين يتحدث عن المحرقة فيقول أن اليهود "يستاهلو اللى جرالهم " ثم يعود بسرعة ليذكرنا أن اليهود "عاشوا أحسن عيشة" فى البلدان العربية وإن "عداءنا للصهاينة وليس لليهود" ..الخ ، وأغلب الظن أن الرجل كان يعانى أزمة ضمير خلقهتا حيرته بين عدائه الكلى لإسرائيل من ناحية واستبشاعه للهولوكوست من ناحية أخرى ، والحاصل أننى لم أخرج من هذه المرحلة بأى فكرة واضحة عن المحرقة يمكن أن أبنى عليه موقفاً .

اختلف الأمر بالطبع مع دخول الجامعة (كلية الأداب) وما بعدها فعرفت الهولوكوست بقدر لا بأس به من التفصيل وأحاول دائما بقدر المستطاع أن أتابع الإصدارات الجديدة عن هذه الأحداث التى ما زالت ـ ولحسن الحظ ـ تشغل بال وضمير العالم . فى مرحلة ما كانت تحكم نظرتى للشواه نظرية "مالناش دعوة" ، بمعنى أن ما حدث لليهود هو شىء مؤسف فعلا لكن لا علاقة لنا به طالما أن منفذيه ليسوا منا ، وبالطبع كان للقضية الفلسطينية يد فى هذا الموقف السلبي البليد الذى كنت عليه .

لكن لا شيء يبقى على حاله ، مع التقدم فى العمر والتطور المحدود فى المعرفة والنضج الأخلاقى راحت نظرتى للهولوكوست وموقفى منها يتغيران بالتدريج فى إتجاه أكثر إيجابيةً .

وها نحن ذا فى ذكرى إحدى وقائع الهولوكوست فليس أقل من أن نتذكر ضحاياها ، نتذكرهم ونتذكر معهم ـ ضمن ما يجب أن تذكره ـ أن ألمانيا ، بلد كانط وجوته وفختى وبيتهوفن وهيجل وغيرهم الكثير من قمم الإبداع الإنسانى، هى نفسها ألمانيا التى أنجبت هتلر و"أبدعت" الهولوكوست ، والمعنى أن أى خطوة تخطوها البشرية فى على طريق التطور قابلة دائما للتقوض ولا عاصم للبشرية من الارتداد عن ما حققته من تقدم إلى أشكال قصوى من البربرية إلا يقظة دائمة فى الضمائر وتفعيل مستمر لثقافة وأدوات النقد الذاتى ومكافحة التعصب والهوس الدينى والقومى بكافة أشكاله وانفتاح الشعوب والثقافات على بعضها البعض وما شابه ذلك .

وردة على قبر ضحايا الهولوكوست (f)

(f)

و الله يا أخ آمون أنا أتحفظ على مجمل التاريخ الذي كتبه الغرب عن النازية بعد الحرب العالمية الثانية.

تذكر أن التاريخ دائما يكتبه المنتصرون.

صحيح أن اليهود تعرضوا لشكل من أشكال الاضطهاد و لكن كثير من الباحثين الأكاديميين في الغرب أثبتوا أن هذا الأمر تمت المبالغة فيه بشكل كبير و مع الأسف هؤلاء بدورهم تعرضوا للإرهاب الفكري.

أخى ثندر
صحيح أنه يظهر من وقت لآخر من يثير جدلاً حول عدد ضحايا الهولوكوست ، لكن المؤكد بأدلة يصعب التشكيك فيها مثل شهادة الناجين وشهادة قوات الحلفاء التى حررت أوشفتز وغيره ، أن مئات الألوف قد قضوا فى هذه المعسكرات بوسائل قتل وإبادة موغلة فى البربرية مثل غرف الغاز وغيرها .

دعنا الآن نتذكر دون تحفظات لا طائل من ورائها .

هل تذكرت صبرا وشاتيلا قبل 4 أشهر...لا أعتقد.:brock::rose:.ألم أقل لكم بأن النادي مشبوه وفيه يهود عرب :nocomment: أو يمين مسيحي قبطي متطرف.:nocomment:..

:97::97::97:

ولماذا لاتتذكرون 20 مليون روسي قتلو بالحرب العالمية الثانية...أو ملايين صينيين قتلهم اليابانيون....بالفعل البعض هنا ملكي:baby: أكثر من الملك شارون....أو داوود....

:brock: :rose: :rose:

طبعاًً قتل اليهود على يد هتلر هو أمر غير مقبول بأي شكل من الأشكال.

لكن في نفس الوقت وفي كل سنة يحتفل العالم في ضجة إعلامية لا مثيل لها، بذكرى هذه المذبحة التي مضى عليها أكثر من نصف قرن، يستمر حدوث مذابح كثيرة دون أن تنال أي نصيب من التذكار والاعتبار.

هذا عدى عن ملايين البشر الذين ما يزالوا يموتون سنوياً من الجوع والفقر والذين هم أحرى بالاهتمام لأنه بإمكاننا إنقاذ الكثيرين منهم لو كان هناك زخم إعلامي مشابه لذكرى أوشفيتز، وإرادة دولية للقيام بذلك.

إنقاذ من هم أحياء من الناس والذين يموتون يومياً من الفقر والجوع، وضمان حياة وتعليم لائقين لهم هو أكثر أهمية بكثير من صرف ملايين الدولارات سنوياً على تذكر مآسي ماضية قديمة لفئة واحدة فقط من البشر، دون غيرهم.

المذابح لا تقتصر على اليهود حتى ولو كانت مذبحتهم من أكبر المذابح وأكثرها عنصرية.
ولنتذكر مذابح التوتسو في أفريقيا التي مات فيها ما يقارب المليون ضحية منذ بضع سنوات في ظل تطنيش عالمي لا مثيل له.
ولنتذكر قتل هتلر لنصف مليون غجري.
عدا عن جرائم إسرائيل اليومية وخرقها لكل القوانين فيما يتعلق بحقوق الفلسطينيين منذ ستة عقود.
وعدا عن المليوني ضحية للنظام الكمبودجي.
وعدا عن مذابح البوسنة وجنوب السودان والخ الخ الخ !!!

7 ملايين طفل يموتون من الجوع ونقص التغذية سنوياً حسب تقارير اليونسف.
أي ما بين 250 إلى 300 مليون طفل ماتوا من الجوع ونقص التغذية منذ أن حصلت مذبحة اليهود !
وإذا أضفنا البالغين قد يصل الرقم إلى نصف مليار إنسان ماتوا من الجوع منذ حصول مذبحة اليهود.
ولا نرى احتفالات ولا أي اهتمام بموتهم كل هؤلاء البشر وفي المقابل ما أن تذكر مذابح اليهود حتى يستنفر العالم وتستنفر وسائل الإعلام والسينما والمسرح والكتّاب والسياسين للرثاء والتعزية !

هذا التضخيم والتركيز الإعلامي العالمي الهائل على مذبحة اليهود فقط يوحي بفكرة أن ضحاياهم أثمن من مئات ملايين ضحايا البشر الذين تساقطوا وما يزالوا يتساقطون فقراً وجوعاً وقتلاً على مرأى ومسمع العالم.

كل ذلك يعطي طابعاً عنصرياً للاحتفالات الضخمة بذكرى مذبحة اليهود وحدهم دون غيرهم !

هناك تعبير فرنسي يتداول كثيراً يزعجني بتناقضه وخطورته وهو:
"Plus jamais ça"
وهو تعبير شعبي يعني تقريباً: لا يجب أن يتكرر هذا مجدداً.
ويعني أنه يجب أن نتعلم من درس النازية وما فعلته من جرائم بحق اليهود وعنصريتها المؤكدة وحتى أني أعتبر أنه حتى لا مجال لمناقشة الأرقام فالباحثين بالتاريخ درسوا وتأكدوا من الأرقام بشكل مستفيض وكل من ينتقص من جريمة النازية يتحدث غالباً عن حقد أعمى أو عنصرية بغيضة.

لكن حين نتحدث عن تكرره في يوغسلافيا وراوندا وفي كل بقاع الأرض، يأتي الجواب لا ليس مثلما حدث لليهود بأوشفيتز ، لا لا ، لا يمكن المقارنة . القضية اليهودية فريدة لا يمكن مقارنتها بشيء آخر.
فهل يعني ذلك :
لا يجب أن يتكرر ذلك مجدداً بحق اليهود فقط. :what:

مجرد سؤال.

ماساة اوشفتز من وجهة نظرى المتواضعة تكمن فى ان الغرب المنافق يمكن ان ينقلب بلحظة متنكرا لكل مايدعيه من ليبرالية وحقوق انسان ساحقا ارواح ملايين من البشر دون ان يرمش له جفن..ان مأساة اوشفتز يمكن ان تحدث ثانية ويمكن ان يكون ضحاياها الجدد مسلمى الغرب فى هولوكست جديد ولن يكلف الامر حكام الغرب الا بعض مناديل كلينيكس للبكاء على الضحايا ثم الاعتذار وطلب الغفران!
انتبهوا ماحدث ليهود اوربا يمكن ان يحدث لمسلميها وما احداث البوسنة ببعيدة وليس الصعود الدرامى والتحالف العلنى لكل اجنحة اليمين الاوربى الا مؤشرات على الخطر القادم!!!!ولن يعدموا سببا لممارسة الابادة الجماعية ضدنا فمن جماعات ارهابية هى صناعة او بتمرير المخابرات الغربية الى نسبة البطالة العالية بين المسلمين الى تهديدهم الحضارى لقيم الغرب؟!!!وصدقونى ان وصلوا لهذه النقطة لن يوفروا احدا لا مسلم علمانى ولاملحد ولاشيعى ولاسنى ولا ليبرالى فحقدهم اعمى!!!!

(f)
(f)






بغض النظر عن حجم ارقام الكارثة إلا إنها مهما كان جريمة بشعة فى حق الإنـسانية


(f) على مقابر الضحايا