{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
التنويريون العرب عامة و"سلامة موسى" خاصة ...
العلماني غير متصل
خدني على الأرض اللي ربّتني ...
*****

المشاركات: 4,079
الانضمام: Nov 2001
مشاركة: #1
التنويريون العرب عامة و"سلامة موسى" خاصة ...
(1)
توطئة وتمهيد

حسبت أني في عطلة نهاية الأسبوع هذه سوف أتابع "خربشاتي مع الفلسفة" في "نادي الفكر"، ولكن الريح لم تأتني في حياتي بما اشتهت سفني، ولم تخرج هذه المرة أيضاً على قاعدتها معي، فجاءت إلىالنادي بهجوم "فج" "متسرع" "قاس" على أحد صروح التنوير في عالمنا العربي، كي تحشرني في زاوية مظلمة. فأنا قد أطيق الكثير من التهجم والتعرض والمس برجال السياسة والدين لأني لا أجد في واحد منهم خيراً ونفعاً عظيما، ولكني لا أطيق أبداً التمثيل بكبار المثقفين والمفكرين والتهجم عليهم وإدانتهم من خلال بضعة سطور وجمل هنا وهناك، دون أن نحاول معرفة الذي يند عنه هذا المثقف في كتاباته. خصوصاً أن في هذه المعرفة خير كثير من الثقافة والوعي، عدا عن أنها مطروحة في الاسواق مع كتب المثقف وسيرته.

تم أمس التهجم – في نادينا "العتيد" – على أحد صروح التنوير في الشرق وكبار مثقفيه البارزين ومعلمي أجياله، إنه الأستاذ "سلامة موسى" الذي لم يرعو في حياته عن خوض معارك ضخمة طويلة عريضة في سبيل ما كان يعتقده بأنه تقدم وحضارة وترق وتمدن وعمران وإعادة حياة لوطنه ومواطنيه.

ولم يكن غريباً أن يأتي هذا التهجم و"المحاكمة العسكرية السريعة" من قبل من يدعو للقومية العربية يسانده فيها المحسوبون على "الإخوان المسلمين"، تلك الجماعة بعينها التي كان "سلامة موسى" يصف أيديولوجيتها "بالعوج الفكري".

هذا ليس غريباً إذاً ولا مستهجناً أن يقوم أبناء هاتين الدعوتين بمهاجمة "سلامة موسى"، ففكر الرجل معاد لأصولهما جميعاً. وأنا – بحق – ما كنت لأكتب سطراً واحداً في الدفاع عن "مفكرنا " الكبير لو حاول المتهجمون عليه أن ينصفوه بعض الشيء ولا أقول أن يعدلو. فأنا نفسي لي مآخذ على فكر "سلامة موسى" ليست باليسيرة، ولكني شئت أم أبيت أجد نفسي مرغماً على إجلاله من ناحية، والتعامل مع فكره ببعض الموضوعية والتبسط والنقاش من ناحية أخرى. فالرجل ليس من بعض "المزعبرين" و"أميي المثقفين" وهواة الشهرة والنجومية، ولكنه مفكر مبتكر وكاتب وقور وغول ثقافة، قد يكون "تلميذه" "نجيب محفوظ" وفاه بعض حقه في "ثلاثيته الرائعة" ("السكرية" منها بالذات).

أكتب عن "سلامة موسى" إذاً، ولكن الكتابة عن هذا المفكر لا بد لها من أن تمر بالتعرف على عصره (أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين). وهي لا بد لها – ثانية – من المرور بأساطين هذا العصر وحياته الثقافية والسياسية، "فسلامة موسى" لم يكن يكتب من برج عاجي ولم يعش في خلوة صوفية، ولكنه كان يرافق وطنه (مصر) في الصحف والمجلات الصادرة فيه، ويرافق كل ما عصف بوطنه وبالشرق من حوادث وأمور وخطوب، متتلمذاً في مطلع حياته على بعض صروح الشرق العقلية من ناحية، معلماً في خريفها وشتائها الكثيرين ممن نهلوا من معينه.

ولكن قبل أن أبدأ رحلتي التي لا أعلم مدى طولها مع "سلامة موسى"، علي أن أنوه بخطر داهم أرى خلله في نادي الفكر وغيره من نوادي الحوار كثيراً ... إنه خطر "المعرفة الموسوعية" واختزال حيوات المثقفين والكتاب وفكرهم ونتاجهم ببضعة سطور وجمل قليلة قد تفيدنا حقاً، ولكنها تجني على عقولنا وموضوعيتنا لو أردنا التصدي لهم مؤيدين أو معارضين.
"المعرفة الموسوعية" يا سادة عبارة عن "بداية معرفة وتعرف" وليس نهايتها. ومن خلال بعض السطور في موسوعة لا يسعنا أن نقيم فكر كاتب أو مثقف مهما كان. وأمس عندما طلبوا من كاتبنا الكبير "ميخائيل نعيمه" أن يروي قصة حياته في كتابه "سبعون" احتار ماذا يروي فقال في مقدمته: "إنك خادع ومخدوع كلما حاولت أن تحكي لنفسك أو للناس حكاية ساعة واحدة من ساعات عمرك. لأنك لن تحكي منها إلا بعض بعضها. فكيف بك تروي حكاية سبعين سنة ؟ " .. ثم يقول بأن صفحات حياته التي يدونها والتي جاوزت الألف صفحة من القطع الكبير، تصلح للدلالة على حياته "كما تصلح الخريطة للدلالة على ارتفاع هذا الجبل وامتداده، وعلى طول ذلك النهر واتجاهه. لكنها لا تدلك على ما في الجبل من أخاديد ومنحدرات، ومن تراب وصخر ومعدن ونبات وحيوان، ولا على عدد القطرات في النهر وما في قعره من حشائش وأوحال وأسماك، وما على جانبيه من رمال وأدغال،وما فوقه من فضاء وسماء"(سبعون، ميخائيل نعيمه، طبعة مؤسسة نوفل، المقدمة) ....

هذا ما يقوله "ميخائيل نعيمه" ولا أظنه مخطئاً، ولكن مع ذلك أفهم بأن علينا محاولة الاختصار كي يتم لنا حيازة قدر كبير من المعارف،والتعامل مع الخطوط الرئيسية في حياة المفكر وآرائه. ومع هذا فليس لنا أبداً أن نجمل معرفتنا بسطر أو سطرين لأديب ونتاجه ونقول بأن هذا هو الأديب وتلك هي حياته، خصوصاً في "ناد للفكر" يريد رواده له أن يكون متميزاً ....

لنبدأ إذاً بحياة "سلامة موسى"، ولكن قبلها علينا الوقوف بعض الشيء مع عصره واساطينه الذين أثروا فيه ...

يتبع
05-26-2002, 12:13 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
العلماني غير متصل
خدني على الأرض اللي ربّتني ...
*****

المشاركات: 4,079
الانضمام: Nov 2001
مشاركة: #2
التنويريون العرب عامة و"سلامة موسى" خاصة ...
(2)

"شوية تاريخ" (أ)


قد أقول بأن "سلامة موسى" من مواليد 4 يناير 1887. ولد في كفر سليمان العفي، بجوار الزقازيق، وأن أسرته كانت تعرف باسم "العفي". وأن أباه كان موظفاً مميزاً حيث عمل كرئيس لتحريرات الشرقية في ذلك الإقليم بمرتب سبعة جنيهات ونصف شهرياً .
قد أقول هذا وأضيف بأن "سلامة" كان أصغر إخوته وأخواته. فقد أباه ولم يتجاوز الثانية من العمر (1889)، ووجد في أمه صدراً حنوناً ودلالاً كثيراً عوضه عن فقدان أبيه الذي كان قد أورثه – بدوره – 25 فداناً من أخصب أراضي الشرقية. ولقد كان لهذه الفدادين والأملاك العقارية دور بارز في حياة "سلامة موسى" بعد أن شب عن الطوق. فلقد منعت عنه الركض وراء "لقمة العيش" زمن شبابه ، وكفلت له ما يستطيع أن يعول عليه ويتفرغ إلى الدرس والتقصي والغرف من معين الثقافات.

ولكن حياة "سلامة موسى" لا تهمنا كثيراً في هذه المرحلة، إذ علينا أن نلقي نظرة أولى على ظروف العصر الذي عاش فيه "مفكرنا"، ثم نعود في مرحلة لاحقة كي نتقصى نشوءه فيه وتفاعله معه.

آخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين هو ما كان يعرفه الأوروبيون "بالعصر الجميل" (La belle époque). وهو قد يكون جميلاً لأوروبا ولكنه ليس "جميلاً" بالضرورة للدول الأخرى. فأوروبا كانت فيه قد صنعت ثوراتها الإنسانية (الفرنسية 1789 و"ربيع الشعوب"1848) والصناعية (منذ 1780 في إنجلترا)، وكانت قد سيطرت على موارد العالم وأصبحت فيه سيدته المطلقة.
كان في أوروبا في ذلك العصر خمسة قوى عاتية على رأسها "إنجلترا" التي أصبحت في ذلك العصر الإمبراطورية التي لا تغيب الشمس عن أراضيها. ولا بد أن يعنينا هنا "فرنسا" التي شكلت "المعين الثقافي" لأوروبا جميعها، بالإضافة إلى قوة عملية استعمارية إستطاعت أن تتقاسم العالم مع إنجلترا وتباريها فيه. ولربما ذكرنا ايضاً ألمانيا القوة الفتية الجديدة والنمسا الإمبراطورية رغم ضعفها، وعرش آل رومانوف المهلهل في روسيا، مع التأكيد على أن أصحاب الدور الفاعل على مسرح شرقنا" وفكرنا العربي الإسلامي تحديداً كانا "انجلترا وفرنسا" .

من الناحية الثانية، كان في "شرقنا " البائس "امبراطورية تركية هرمة" نخرها السوس عل الصعيد الإداري والحضاري. وكان "الغرب" عامة يحافظ على هذه الإمبراطورية كحاجز أمام "الدب الروسي" من الوصول إلى المياه الدافئة. وفي مقابل هذه المحافظة على "سلطنة آل عثمان" تخلى السلاطين للدول الأوروبية عن عدد كبير من الامتيازات والمصالح في الشرق منذ وقت كبير.
حقاً، لقد حاول بعض السلاطين الأقوياء من "آل عثمان" أن يعيدوا لسلطنتهم مجدها بمحاولتهم بعض الإصلاحات والترميمات في النصف الأول من القرن التاسع عشر، هكذا نرى السلطان "محمود الثاني" 1808-1839 يقضي على فيالق "الإنكشارية" ويقوم خلفه السلطان "عبدالمجيد" (1839-1861) بإصلاحات ينحو فيها نحو العلمانية والعصرنة (فرمان "خطي همايون 1856" لحفظ حقوق الأقليات)، ثم يأتي السلطان "عبدالعزيز" (1861 -1876) برئيس وزرائه "مدحت باشا" الذي يقوم بمشروع إصلاحات طويل عريض ضخم على رأسه تقف الحياة النيابية والدستور. وإن كان العالم قد ظن لوهلة بأن "مدحت باشا" قد نجح في "ترميم الدولة العلية" فإن انقلاب السلطان "عبدالحميد الثاني" (1876 - 1909) أدخل البلاد في عصر جديد من الاستبدادية والدموية، بالإضافة إلى العاهات المتفشية فيها منذ القدم، أعني : الفساد والفقر والدين والجهل والتخلف والتشرذم الداخلي والتكالب الخارجي . هذه "العاهات" التي منعت أي محاولة جادة للتغيير من الوصول إلى تحديث "الدولة العلية" ولحاقها بركب العصر.

إذا كان سلطان آل عثمان لم يتزعزع كثيراً في سوريا (الكبرى) فإن "مصر" كانت قد أفلتت من أيديهم منذ "محمد علي" (1805 - 1849). ولكن الجديد في النصف الثاني من القرن التاسع عشر هو بدء الدول الغربية (فرنسا وإنجلترا) "بقضم" أطراف الامبراطورية، هكذا استولت "فرنسا" على الجزائر (1830) وتونس (1883) والمغرب (1906 و 1912)، وهكذا أيضاً دخلت إنجلترا إلى "مصر" سنة 1882.

لقد جاءت نهاية القرن التاسع عشر، والهلال الخصيب منقسم إلى منطقة مظلمة (سوريا الكبرى) يحكمها استبداد عبد الحميد الثاني وزبانيته وأجهزته القمعية ، ومنطقة (مصر) بها الكثير من الانفتاح والحرية رغم الاستعمار والغزو الاجنبي .. وهكذا لا يكون من العسير علينا بمكان أن نفهم هجرة العقول والأدمغة السورية إلى مصر، وهكذا وإحداثهم بمعونة إخوانهم من المصريين جيلاً نهضوياً جديداً، ومسرحاً فاعلاً للسياسة والمعرفة والثقافة ...

على هذا المسرح، وفي تلك الفترة ولد "سلامة موسى" وبدأ حياته ...

يتبع
05-26-2002, 12:42 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
أنتي غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 131
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #3
التنويريون العرب عامة و"سلامة موسى" خاصة ...
حقوق الرد محفوظة

و لنا عودة و لو بعد حين

و اسلم لي
05-26-2002, 12:53 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #4
التنويريون العرب عامة و"سلامة موسى" خاصة ...
سيكون هذا الرد توطئة للمساهمة في موضوع يتناول واحدا ممن علموني ان احيا كإنسان ، و أن انتمي للإنسان في زمن النخاسة و التأسلم .
أشكر للعلماني طرحه و سأنتظر كي يكون هناك ما يمكن ان أقوله ،و لعله قريب !.:saint:
05-26-2002, 02:16 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إسماعيل أحمد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,521
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #5
التنويريون العرب عامة و"سلامة موسى" خاصة ...
أنا مستمتع بهذا الإثراء بدون مجاملة...

عندي أكثر من تعليق، لن أتسرع بوضعها قبل أن نتعرف على تقويم العلماني لسلامة موسى الذي جعله يصنفه في قائمة التنويريين العرب،


حيلك حيلك ياأستاذ بهجت...كل ده ولسه ماحدش قال حاجة!!

يبقى بعد كده حتقول إيش غير النخاسة والتاسلم؟!

كن موضوعيا ما استطعت ووطن عواطفك ألا تجنح بعيدا بما يضر بنزاهتك!

كل الشكر لكل من يساهم في الإثراء هنا مهما كان رأيه...

واسلموا لتواصل واحترام
05-26-2002, 02:45 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #6
التنويريون العرب عامة و"سلامة موسى" خاصة ...
أقترح دمج الموضوعين ( سلامة موسى ) في موضوع واحد .
سيحدثنا السيدين الأموي و إسماعيل أحمد عن سلامة موسى منسوخا من مواقع الجماعات الإسلاموية دون ان يقرأوا له كتابا واحدا ، هذا لتعلموا انني أعلم بعض الغيب بإذن ربي !!.:saint:
05-26-2002, 11:23 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
العلماني غير متصل
خدني على الأرض اللي ربّتني ...
*****

المشاركات: 4,079
الانضمام: Nov 2001
مشاركة: #7
التنويريون العرب عامة و"سلامة موسى" خاصة ...
فهم طعنوا "نجيب محفوظ" بعد "ثلاثين سنة" دون أن يقرؤوا "أولاد حارتنا" ....

واسلم لي
العلماني
05-26-2002, 11:46 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إسماعيل أحمد غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,521
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #8
التنويريون العرب عامة و"سلامة موسى" خاصة ...
أعتقد أنه لا يعنيكما زميلي المحترمين قرأنا أم لم نقرأ، ولاتستبقا الحوار بشخصنة إلا إن كنت قلت كل ما تريد توصيله أخي العلماني!

لأنني على أقل تقدير إذا نقلت وثقت بكل أمانة، أما غيري فأحتفظ له بنقل مع تحريف متعمد خرما للأمانة العلمية!! علاوة على ادعاء إبداع أفكار مع أنها أفكار منحولة من آخرين!!!

عموما وحتى لا ندخل بمهاترات كل منا يستغني عنها، ثقا تماما أنني هنا بالذات لن أقص والصق شيئا لأنني لا أملك مصدرا أقص منه، ويكون حسنا لو أرشدني عم بهجت على مواقع هذه الجماعات التي تحفل بفكر سلامكو هذا...وله مني كل الشكر.


واسلموا هربا من الموضوعية باختلاق مشكلة جانبية!!

مش كده ولا إيه عم بهجت؟.....متعودة!...دايما!:lol::lol::lol:
05-27-2002, 01:08 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
العلماني غير متصل
خدني على الأرض اللي ربّتني ...
*****

المشاركات: 4,079
الانضمام: Nov 2001
مشاركة: #9
التنويريون العرب عامة و"سلامة موسى" خاصة ...
(3)

لم تهاجر الأدمغة "السورية" إلى مصر عبثاً في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ... فمصر كانت قد عرفت الانفتاح والإزدهار، وذاقت الكثير من المدنية والتقدم بعد أن احتكت بأوروبا بشكل حثيث منذ أيام "محمد علي باشا" 1805 – 1849 .

لقد كان وقع حملة "نابليون" على مصر (1799 -1801) مدوياً، ليس للانتصارات العسكرية التي حققها القائد الفرنسي ولكن لهذا الارتطام النوعي الذي حصل بين الشرق والغرب. فلقد تفاجأ الشرقيون بالغربيين ومقدار القوة والتقدم التي امتلكوها، ثم انقلبت المفاجأة والدهشة إلى إعجاب وإكبار ولا غرو ولا غرابة في ذلك ... فبينما قعد الشرق على أمجاده مخدراً بكتبه الدينية وأمجاده الغابرة، راح الغرب ينشد التقدم يوماً بعد يوم حتى تعادل مع الشرق في القرن السادس عشر (1516، كما يحدده "دافيد كاسيدي" في كتابه "سر الغرب"). ثم راح بعد ذلك يقطع طريق الحضارة وحده، ويبسط سلطانه على الأرض من مشرق الشمس حتى مغربها، والشرق قاعد يدخن القات ويقرأ الأدعية والأوراد عشرة قرون.

ولقد كان من الطبيعي أن يفطن قائد محنك بارع مثل "محمد علي" إلى "التقدم" الأوروبي عندما تولى الحكم في مصر (1805) والياً عليها من قبل السلطان العثماني. ولم يكن غريباًعلى عقله المدبر الذكي أن يحاول معرفة سر هذا التقدم فيوفد البعثات إلى "فرنسا" (رفاعة رافع الطهطاوي) ويحاول تحديث مصر وإعادة هيكلتها وتصنيعها ومحاولة اللحاق بالعصر عن طريق التقلد بأوروبا والاستعانة بها في مشروعه الطموح. بل ذهب إلى استيحاء "قانون نابوليون" وتنظيم جيشه على يدي الفرنسيين بعد أن لاحظ "النفسية العثمانية" المترهلة لقواته بعد فشلها النسبي في قمع "الوهابيين" في الجزيرة العربية (1812 – 1815).

ولم ينته الاحتكاك بفرنسا والغرب عامة بموت "محمد علي باشا"، بل تبعه أولاده وأحفاده في مشروعه كل بقدر إمكانياته. ولكن عهد "الخديوي إسماعيل" (1863 – 1880) تميز بالتوجه الغربي المباشر والعمل على تصنيع مصر وتزويدها بآخر التقنيات الأوروبية فأنشأ أحواض السفن والمرافيء، ومد سكك حديدية وخطوط تليغرافية جديدة، وأدخل تحسينات نوعية على جهاز البريد، ورفع مستوى التربية الوطنية بزيادة غير معهودة في المدارس الأميرية (رفعها من 185 إلى 4817 مدرسة). وأنشئت في عهده أول مدرسة مصرية للبنات، وكلية للطب، وأول معهد عسكري فني.

في عصر الخديوي اسماعيل وابنه "توفيق" بعده أيضاً نجد جمهور العقول السورية يهاجر إلى مصر ويساهم بكثافة في تطوير الحركة الثقافية، فهذا يعقوب صروف ينشيء "المقتطف" وذاك جرجي زيدان يقدم على إنشاء "الهلال"، ويفد الأخوان "سليم وبشارة تقلا" كي يؤسسا "الأهرام" التي سوف يعززها بقلمه وإدارته "أنطوان باشا الجميل" فيما بعد .. وبعد قليل سوف ينتقل إلى مصر "رشيد رضا " و"فرح أنطون" على باخرة واحدة ، وقبلهما كان "شبلي شميل" قد أسس منبراً للعلم والانفتاح .. وفي مصر سوف تجد هذه العقول نظائراً لها من أمثال "الشيخ محمد عبده" و"أحمد لطفي السيد" وغيرهم الكثير.

لقد كانت "مصر" تضج بالأفكار وتلاقح الثقافات عندما ولد فيها "سلامة موسى" (1887) لأسرة كبيرة العدد كان "مفكرنا" اصغر أبنائها. وفي سن الخامسة من عمره (1892) مرض "سلامة" مرضاً طويلاً كاد يودي به، ولكنه تعافى بعدها ودخل "كتاباً إسلامياً" ثم تركه ودخل "كتاباً مسيحياً". ولكنه لم يخرج من "الكتابين" إلا ببعض الادعية والصلوات دون أن يتعلم القراءة والكتابة.

في عام 1898 إلتحق "سلامة موسى" بمدرسة الجمعية الخيرية القبطية في الزقازيق ونال شهادته الابتدائية منها سنة 1903. ثم التحق بالمدرسة "التوفيقية" في القاهرة التي أدارها الانجليز بنظام صارم لم يستطعه "سلامة"، فتركها والتحق بالمدرسة الخديوية الثانوية في القاهرة حيث تخرج منها عام 1906.


يتبع ...
05-27-2002, 01:19 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
أنتي غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 131
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #10
التنويريون العرب عامة و"سلامة موسى" خاصة ...
:rolleyes:
05-27-2002, 03:16 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
Question عامة اهل النار من النساء الباحثة عن الحقيقة 23 6,530 11-13-2011, 05:34 PM
آخر رد: yasser_x
  "هي دي مصر ياعبلة " طيف 8 3,072 03-06-2011, 09:37 PM
آخر رد: طيف
  نظرة عامة على المجتمع الإسلامى قطقط 0 1,004 10-22-2010, 05:26 PM
آخر رد: قطقط
  العنصرية عامة وعنصرية اللون خاصة علي هلال 28 7,087 10-21-2010, 11:11 PM
آخر رد: علي هلال
  موسى يدعو تركيا وإيران لعلاقة خاصة مع الجامعة العربية Basic 0 1,052 02-20-2010, 02:55 AM
آخر رد: Basic

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS