{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
حلم ليلة صيف .. وجنبري !!
حسان المعري غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 3,291
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #1
حلم ليلة صيف .. وجنبري !!
كان يوما طويلة ذلك الذي عشته - بل مته - البارحة ، فقد كان نكدا في نكد من الساعة السابعة صباحا إلى الساعة السابعة من صباح اليوم التالي ، 24 ساعة وطنية لن أنساها طالما شارباي العربيان بكامل نخوتهما .
من المنطقي جدا أن أعاقر - كمواطن - كأسي الديمقراطي إلى آخر قطرة ، تلك الكأس التي لم تنقص قطرة واحدة منذ أن بلغت سن الرشد الفيزيولوجي ، فهذه الكأس لا تنقص عادة ، بل تزيد كلما واصلت الشرب منها ، ولأنه " كاس يدور على كل المواطنين " ، فلا داعي لشرح أحداث ذلك اليوم لأنها " أحداث وطنية " جدا صار يعرفها كل عربي يعيش بين ضفتي الجرح ، كما لا يلزم أن أتكلم عن كل أشكال التكريم الإنساني الذي يلقاه المواطن منذ لحظة خروجه من البيت متوجها إلى عمله صباحا حتى عودته ، مرورا بما يلاقيه على أيدي وألسنة رؤسائه من أشكال التكريم.

لكني أزيد عن هؤلاء بأن زوجتي هي جزء من واقعي الديمقراطي العام ، فأخوها الأكبر شرطي مرور والأصغر - تحسين - يعمل في شرطة مكافحة الأخلاق السياسية ، وهي لا تستطيع أن تنسى أبدا أن أخيها من حقه أن يمارس دكتاتوريته على سائقي السيارات على الطرقات الخارجية ، وبإمكانه - بقوة القانون - أن يوقفها جميعا ويخلع قبعته العسكرية ويتنقل بين نوافذ السيارات يجمع من سائقيها الأتاوة قبل أن يسمح لهم بمتابعة سيرهم ، والأصغر يسهر على حماية الأخلاق السياسية للمجتمع .
لكن ما ذنبي أنا ؟؟؟ هل علي أن أدفع ضريبة كوني تزوجت أخت أحد قاداتنا بعد قصة حب عاصفة ؟؟ هي تحدت قوانين البيت وتزوجتني ، ومع ذلك لم تستطع أبدا أن تنسى إمتدادات شخصية أخويها الديمقراطية ، وعليها أن تذكرني على الدوام أنها جزء من هذا الإرث الحضاري ... الحب إستطاع أن ينسيها قوانينها الإجتماعية ، أما التسلط فلم يستطع أبدا أن ينسيها أنها جزء من الواقع العام .
ذلك اليوم دعاني صديقي لوليمة عشاء بمناسبة زواج أمه ( عربي جدا !! ) ، فمن تزوج أمه أصبح عمه وعليه أن يثبت ذلك بأن يدعو أصدقائه على شرف ذلك العم ، ولأن السهرة كانت عامرة ، فقد تحديت القوانين وعدت إلى البيت متأخرا خمس دقائق كاملة عن الموعد المحدد لي للعودة ، وقلت لنفسي أن زوجتي من الممكن أن تغفر لي هذه الزلة البسيطة تقديرا لروحانية وعظمة الخميس وتأثيره في مسيرة الحياة الزوجية .
في تلك الليلة المشهودة ، أكثرت من أكل السمك والقشريات البحرية لأن غدا الجمعة وعلي أن أذهب إلى الصلاة نظيفا خاليا من أوساخ الأسبوع كالعادة ، ولأنها فرصة لن يكررها لي مرتبي الحقير مهما حييت ، فقد تركت كل ما على المائدة من أصناف وتفرغت للسمك ومشتقاته غير آبه لنظرات المدعوين المستهجنة لشراهتي ، كانت قدماي تسبق سيري و الأحلام تحملني على بساطها السحري ... سمك ... جمبري ... خميس ؟؟ ماذا بقي على إكتمال الحلم ؟؟!!
لكن الحلم سرعان ما تبخر ، زوجتي كانت قد أصدرت فرمانها وعلقت على الباب صورتي وسط دائرة حمراء يقطعها خط أحمر بشكل قطري ( لإبراء الذمة فقط : لاعلاقة للكلمة بالقيادة القطرية ) ، وأمام الباب مخدة ملفوفة ببطانية ... بالعربي ، ممنوع الدخول لصاحب هذه الصورة وعليه أن يأخذ بطانيته ويمضي ليلته على " الأسطوح " ... إشارة عقابية بت أفهمها لكثرة ما رأيتها ، لكن هذه الليلة مختلفة ولن أفرط ابدا بالحلم .


يتبع
07-23-2002, 04:25 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
حسان المعري غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 3,291
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #2
حلم ليلة صيف .. وجنبري !!
عادة عندما أجد هذه المؤشرات أمامي " آخذ بعضي " وأتجه فورا الى السطح بكل أدب واحترام للنفس ، لكن اليوم " غير شي " فقد فتح الله علي أخيرا دون أن أدفع قرشا واحدا ثمنا للشبح الأزرق الذي طالما حلمت به ، والذي لا يكفيني دخل عام كامل لشرائه ، وتسمرت أمام الباب متمسكا بحلمي لآخر لحظة .
حاولت أن أفتح الباب بالمفتاح ، لكنها كانت حريصة على إذلالي ، فقد وضعت المفتاح في الجهة الأخرى للقفل وأصبح من المستحيل بالنسبة إلي أن أدخل البيت بتلك الطريقة الحضارية ، وحاولت أن أحدث جلبة أمام الباب لعل حبها القديم يشفع لي عندها ، لكن عبثا ، أخيرا قررت أن أستجمع كل رجولتي وأقرع جرس الباب ، ويأتي صوتها من الداخل :
- لك انتي مابتفهم ؟؟ مانك شايف اللوحة معلقة على الباب ؟؟!!
- مبلا حبيبتي ، بس ...
- طالما " مبلا حبيبتك " .. لكان ليش ما بتحس على دمك و بتطلع تنام عالأسطوح؟؟!!
لافائدة ، لقد نزل قضاء الله ولا راد لأمره ، لكن خطرت لي فكرة أن أفهمها أن الله من علي بالفرج أخيرا ويجب أن تشاركني فرحتي بهذا الفرج .
– طيب افتحي شوي بس ، بدي احكيلك كلمتين من عالباب .
قلت لعلها تشم رائحة البحر !!.
– بتحكيلي ياهن بكرا .
– ما بينفع حبيبتي ، لازم تسمعيهن هلأ .
– مالي خلق اسمع شي ، ضب بطانيتك واطلاع نام فوق .
– طيب بس بدي حكيلك وين كنت سهران وشو تعشيت !!.
– شو تعشيت يعني ؟؟ يللي بيسمعك بيفكرك كنت معزوم عند شي وزير .
- لك شو وزير وشو غفير هلأ ؟؟ لشو الفضايح آخر الليل ؟؟ أنا شو موصلني هالمواصيل؟؟!!
- سمااااع ، ما رح افتح يعني ما رح افتح ، بقا خدها من قصيرها وافرقني خليني أعرف كمل الفلم الهندي " الفيل صديقي " .
وقلت في نفسي : " تقصدين الفيل زوجتي " !!.
- إيه إيه ، هاد فلم حلو كتير ( لم يسبق لي أن سمعت به في حياتي ، أساسا فأنا أكره الأفلام الهندية ) ، طيب خليني فوت شوفو معك ؟؟! .
- فشرت عينك !!!.
- لك هلأ وقت أفلام هندية وصينية ؟؟!! اسمعي مني هالكلمتين وبعدين لا تفتحي انتي حرة .
- أمري لألللله ، حكيلي لشوف شو تعشيت يا حضرة المسؤول ؟.
وقلت لها هامسا :
- سمك !!!!
- بالللللللله؟؟؟ وأكلة سمك بدها كل هالحفله ؟؟؟؟؟؟
- ولك وأكتر ، لأني أكلت معها جمبري ، وكترت كمان.. يعني دابكها مظبوط !! .
وقالت مستهزئة :
- إي ما بيمشي الحال تقبر أمك ، لأني كترت أكل بصل على العشا .
أصبح مفهوما أن كل محاولاتي الرجولية لن تفلح ، وحاولت أن أخاطب الإنسان فيها :
- حبيبتي والله اليوم تعبان ، خليني ادخل وبنام في الصالة .
- ما فشرت ، عالبيت مالك دخلة حتى تتعلم كيف تتأخر !!.
- طيب كويسه هالفضايح آخر الليل يعني؟؟
وطفح معها الكيل وصار لزاما أن تستدعي واقعها ، وصرخت بعصبية :
- هلأ بتروح من هون والا بجبلك أخي تحسيييييين؟؟
- لأ دخيلك ، كلو إلا تحسين .. أنا رايح .. تصبحي على خير حبيبتي ..
تحسين ؟؟ يجب أن أكون لبقا ومؤدبا معها .. تحسين ؟؟!! وخطفت البطانية والمخدة ووصلت إلى السطح بسرعة البرق ، الشغلة فيها تحسين ، ولو وصلت الأمور إليه لمارس علي كل أصناف " التحسينات " المتاحة و غير المتاحة !!.
صحيح أن أخلاقي السياسية " عال العال " إلى الدرجة التي أفقدتني رأس مال الرجل الشرقي وحددت النسل لدي بشكل طبيعي ، لكن من يضمن أخلاق " تحسين " الأمنية ؟؟ ومن يعرف بأي تهمة سيقودني إلى " مصنع الأخلاق " لمجرد أني أغضبت شقيقته ؟؟!!
خوفي الشديد من تحسين لم يتح لي أن أنتبه لوجود جاري أبو عزو وهو ينام بجانبي بلباسه العسكري ، يا الله !!! أبو عزو الذي يخيف مدينة بكاملها ينام على السطح وبلباسه العسكري أيضا ؟؟!! وإذا كان " شقفة " تحسين جعلني أنسى كل السمك الذي أكلته وكل ما تبعه من أحلام ، فمن هو شقيق أم عزو إذا ؟؟!!
ما علينا ، خوفي من تحسين أفقدني كل حواسي المنظورة وغير المنظورة و أطار النوم من عيني وأثار الهواجس السوداء في رأسي ، فزملاء تحسين سيثبتون له مقدار حبهم له على حسابي لو وصلت الأمور إليه ، وحسابي الضعيف لا يحتمل صفعة واحدة ، كيف إذا وصلت الأمور إلى ماركات المشروبات الغازية المحلية والعالمية ؟؟!! .
مجرد تفكيري في هذا الأمر جعلني أرتجف من الخوف أكثر من البرد الذي بدأت تزداد وطأته مع وصول الليل إلى هزيعه الأخير ، صحيح كنت بحاجة إلى قارورة مياه غازية لأهضم بها ذلك العشاء الدسم بعد أن أفرغته أخت تحسين من معانيه الدافئة ، لكن كنت بحاجة للقارورة لكي أشربها لا لكي تشربني !!.
تعبي الشديد وأفكاري السوداء جعلتني أنام كالميت ، جثة بلا روح ولا أحلام ، لكن " تحسين " أبى إلا أن يطاردني بما تبقى لي من حلم ، وحلمت ليلتها أن زوجتي العزيزة إستنجدت بشقيقها فعلا ، وهاهي ثلة من رفاقه " تشحطني " بالسيارة إلى فرع الأخلاق السياسية :
- أهلين أبو الشباب ، قال لي أحد عناصر الفرع ، إنتي أخوها لمرت تحسين وإكرامك واجب .
- يا .. يا سيدي الله يكبر واجبك .
- شبك خايف وعم تأتئ ؟؟
- لا مو خوف ، بس أول مرة بدخل هيك مكان.
– إي لاتخاف ، ولو ؟؟ إنتي ضيف عزيز ولازم نكرمك ، بعدين معو معو بتتعود ... قلي شو بتشرب ؟؟
- لا ولا شي دخيلك ، بس لو تجبلي كرسي إقعد عليه ، ركبي ما عم تشيلني من الرعبه .
- شو رعبه ما رعبة يا زلميييي؟؟ إنت بين أهلك وحبابك ، بتشرب كاظوووووظ ؟؟
يا إلهي كم إستغرقت من وقته الثمين هذه " الكاظوووظ " ، لكن يجب أن أجامله .
- شاكر لطفك وكرمك ، يا ريت والله .
قال وهو يلاطفني ويتلاعب بالكلمات ، إي مو تأمز أمز ؟؟ ، ملاطفته لي جعلتني أصدق أنني بين أهلي وأحبابي فعلا ، مما دفعني للمبالغة في الإطمئنان :
- بس وحياتك بدي ياها كوكا كولا لأني ما بحب الأنواع المحلية .
وقهق عاليا حتى خلت أني أرى زائدته الدودية عبر حلقه :
- إي من عيوني التنتين ، وأحلى كواكيه لعيونك ، نحنا خدامين الشباب الطيبي " الطيبه " ، ومضى وهو لازال يقهقه . ثم عاد بعد قليل وبيده قاروة بيبسي كولا فارغة من الحجم العائلي :
- يا عيب الشوم منك ، معلمنا ما بحب الكوكا كولا قال سكرها قليل ، وهو ماشا الله مو ناقصو حلاوه ، وعاد ليقهقه من جديد ، ثم وضعها أرضا وقال لي :
- إتفضل شرااااب ، قصدي قعووود .
- وين بدي إقعد أخي ؟؟
- على " القنيني " ، وين يعني؟؟!
- بس أنا طلبت كرسي مو " قنيني " .
- وعم تتمسخر كمان ؟؟ وارتسمت أصابعه الخمسة على وجهي .
- هاي أريح من الكرسي ، هلأ بس فتت لجوا سآل الشباب ، بعدين إنت طلبت كرسي وكاظووووظ ، وهاي لبينالك طلبك ، يعني تنين في واحد .. وعاد يقهقه بهستيرية .
- داخل عليك أنا ، طيب جبلي " كاظوظة " غير هاي ، يعني صناعة محلية بيمشي الحال .
- لا ولو ؟؟ مشان واجبك ، شو بدك تحسين يقول عنا قليلين أصل ؟؟
- لك أخي والله إنتو الأصل كلو وسيادنا وتاج راسنا كمان ، بس دخيل عينك بلا هالضيافة ، أو على الأقل غيرلي الطلب .
- إي لأ حبيبي ما حزرت ، شو بدك تكسر قوانين الفرع وعاداة الضيافه فيييه؟؟
الأمر وصل إلى الأعراف والكرم والضيافة ، ولم يكن أمامي - في الحلم - إلا أن أقبل هذا الكرم الحاتمي مرغما .
كمية الغازات التي كانت تحتويها " القنيني " تفوقت حتى على غازاتي وجعلتني أهضم كل ما أكلته على مدار عام كامل .
بدأت وطأة " الكابوس " تشتد وأنا أرى قائد الفرع بنجومه اللامعه يحدق في وجهي ويأمرني بالنهوض ، وكيف أنهض ولم يبق لي ركبتان تحملان جسدي الهزيل ؟؟!! .
- قوم بقا حاجتك ، طلعت الشمس .
وفتحت عيناي على جاري أبو عزو يوقظني وقد بدأت الشمس بالإنعكاس على نجومه العسكرية ، ولم أنتظر لألقي عليه تحية الصباح أو لأشكره على إيقاظي ، بل هرعت فورا إلى البيت ودخلت كالمجنون أبحث في زواياه عن كل أحذية زوجتي إبتداءا من حذاء الحمام ، وصففتها أمامي و شرعت أقبلها من كل زاوية فيها وأنا ألهج لزوجتي بكل كلمات الإعتذار والتزلف التي حفظتها عن قاموسنا الشعبي .
ذلك اليوم لم أذهب إلى صلاة الجمعة ، لأني لم أكن قد أنهيت تقبيل كل أحذيتها بعد ، فالله غفور رحيم ، أما تحسين ... فلا!!.

حسان .. المعري
لا مكان تحت الشمس

07-23-2002, 04:27 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
حسان المعري غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 3,291
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #3
حلم ليلة صيف .. وجنبري !!
up
:D
12-07-2002, 06:11 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
حسان المعري غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 3,291
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #4
حلم ليلة صيف .. وجنبري !!
كان يوماً طويلاً ذلك الذي عشته - بل مته - نهار البارحة ، فقد كان نكداً في نكد من الساعة السابعة صباحا إلى الساعة السابعة من صباح اليوم التالي ، 24 ساعة وطنية لن أنساها طالما شارباي العربيان بكامل نخوتهما .
من المنطقي جدا أن أعاقر - كمواطن - كأسي الديمقراطي إلى آخر قطرة ، تلك الكأس التي لم تنقص قطرة واحدة منذ أن بلغت سن الرشد الفيزيولوجي لا بل هي كالحفرة تزيد كلما أخذت منها حفنة تراب .
ولأنه " كاس يدور على كل المواطنين " كالقدر ذاته ، فلا داعي لشرح أحداث ذلك اليوم لأنها " أحداث وطنية " جدا صار يعرفها كل عربي يعيش بين ضفتي الجرح ، كما لا يلزم أن أتكلم عن كل أشكال التكريم الإنساني الذي يلقاه المواطن منذ لحظة خروجه من البيت متوجها إلى عمله صباحا حتى عودته ، مروراً بما يلاقيه على أيدي وألسنة رؤسائه من أشكال التكريم.

لكني أزيد عن هؤلاء بأن زوجتي هي جزء من واقعي الديمقراطي العام ، فأخوها الأكبر شرطي مرور والأصغر - تحسين - يعمل في شرطة مكافحة الأخلاق السياسية ، وهي لا تستطيع أن تنسى أبدا أن أخيها الأكبر من حقه أن يمارس دكتاتوريته على سائقي السيارات على الطرقات الخارجية ، وأن الأصغر يسهر على حماية الأخلاق السياسية للمجتمع .

لكن ما ذنبي أنا ؟؟؟ هل علي أن أدفع ضريبة كوني تزوجت أخت أحد قاداتنا بعد قصة حب عاصفة ؟؟ هي تحدت قوانين البيت وتزوجتني ، ومع ذلك لم تستطع أبدا أن تنسى إمتدادات شخصية أخويها الديمقراطية ، وعليها أن تذكرني على الدوام أنها جزء من هذا الإرث الحضاري ... الحب إستطاع أن ينسيها قوانينها الإجتماعية ، أما حب التسلط فلم يستطع أبدا أن ينسيها أنها جزء من الواقع العام ، ذلك الداء العربي الذي نحبه !! .

ذلك اليوم دعاني صديقي لوليمة عشاء بمناسبة زواج أمه ، فمن تزوج أمه أصبح عمه وعليه أن يثبت ذلك بأن يدعو أصدقاءه على شرف ذلك العم ، ولأن السهرة كانت عامرة ، فقد تحديت القوانين وعدت إلى البيت متأخرا خمس دقائق كاملة عن الموعد المحدد لي للعودة ، وقلت لنفسي قد تغفر لي أخت القائد تحسين هذه الزلة البسيطة تقديرا لروحانية وعظمة الخميس وتأثيره في مسيرة الحياة الزوجية .
في تلك الليلة المشهودة ، أكثرت من أكل السمك والقشريات البحرية ، فغداً الجمعة وعلي أن أذهب إلى الصلاة نظيفا خاليا من أوساخ الأسبوع كالعادة ، ولأنها فرصة لن يكررها لي مرتبي الحقير مهما حييت ، فقد تركت كل ما على المائدة من أصناف وتفرغت للسمك ومشتقاته غير آبه لنظرات المدعوين المستهجنة لشراهتي .
كان رأسي يسبق ساقاي .. لا بل كنت أطير على بساطٍ سحري من الأحلام الوردية ... سمك ... جمبري ... خميس ؟؟ ماذا بقي على إكتمال الحلم ؟؟!!
لكن سرعان ما تبخر الحلم فقد نفذ سهم الله .. أمام الباب كانت المخدة الملفوفة ببطانية تشي بالحقيقة المرة ... بالعربي ، ممنوع الدخول وعلي أن آخذ ما تبقى من حلم وأكمل معه ليلتي على السطح ... إشارة عقابية بت أفهمها لكثرة ما رأيتها ..
لكن هذه الليلة مختلفة ولن أفرط ابداً بالحلم .

عادة عندما أجد هذه المؤشرات أمامي " آخذ بعضي " وأتجه فورا الى السطح بكل أدب واحترام للنفس ، لكن اليوم " غير شي " فقد فتح الله علي أخيراً دون أن أدفع قرشا واحدا ثمنا للشبح الأزرق الذي طالما حلمت به ، والذي لا يكفيني دخل عام كامل لشرائه ، وتسمرت أمام الباب متمسكا بحلمي لآخر لحظة .
حاولت أن أفتح الباب بالمفتاح ، لكنها كانت حريصة على إذلالي ، فقد وضعت المفتاح في الجهة الأخرى للقفل وأصبح من المستحيل بالنسبة لي أن أدخل البيت بتلك الطريقة الحضارية .. حاولت أن أحدث جلبة أمام الباب لعل حبها القديم يشفع لي عندها ، لكن عبثاً ، أخيراً قررت أن أستجمع كل رجولتي وأن أقرع جرس الباب ، ويأتي صوتها من الداخل :
- لك انتي مابتفهم ؟؟ مانك شايف البطانية على الباب ؟؟!!
- مبلا حبيبتي ، بس ...
- طالما " مبلا حبيبتك " .. لكان ليش ما بتحس على دمك و بتطلع تنام عالأسطوح؟؟!!
لافائدة ، لقد نزل قضاء الله ولا راد لأمره ، لكن خطرت لي فكرة أن أفهمها أن الله من علي بالفرج أخيرا ويجب أن تشاركني فرحتي بهذا الفرج .
– طيب افتحي شوي بس ، بدي احكيلك كلمتين من عالباب .
قلت لعلها تشم رائحة البحر !!.
– بتحكيلي ياهن بكرا .
– ما بينفع حبيبتي ، لازم تسمعيهن هلأ .
– مالي خلق اسمع شي ، ضب بطانيتك وكرامتك وطلاع نام فوق .
– طيب بس بدي حكيلك وين كنت سهران وشو تعشيت !!.
– شو تعشيت يعني ؟؟ يللي بيسمعك بيفكرك كنت معزوم عند شي وزير .
- لك شو وزير وشو غفير هلأ ؟؟ لشو الفضايح آخر الليل ؟؟ أنا شو موصلني هالمواصيل؟؟!!
- سمااااع ، ما رح افتح يعني ما رح افتح ، بقا خدها من قصيرها وافرقني خليني أعرف كمل الفلم الهندي " الفيل صديقي " .
وقلت في نفسي : " تقصدين الفيل زوجتي " !!.
- إيه إيه ، هاد فلم حلو كتير ( لم يسبق لي أن سمعت به في حياتي ، أساسا فأنا أكره الأفلام الهندية ) ، طيب خليني فوت شوفه معك ؟؟! .
- فشرت عينك !!!.
- لك هلأ وقت أفلام هندية وصينية ؟؟!! اسمعي مني هالكلمتين وبعدين لا تفتحي انتي حرة .
- أمري لألللله ، حكيلي لشوف شو تعشيت يا حضرة المسؤول ؟.
وقلت لها هامسا :
- سمك !!!!
- بالللللللله؟؟؟ وأكلة سمك بدها كل هالحفله ؟؟؟؟؟؟
- ولك وأكتر ، لأني أكلت معها جمبري ، وكترت كمان.. يعني دابكها مظبوط !! .
وقالت مستهزئة :
- إي ما بيمشي الحال تقبر أمك ، لأني كترت أكل بصل على العشا .
أصبح مفهوما أن كل محاولاتي الرجولية لن تفلح ، وحاولت أن أخاطب الإنسان فيها :
- حبيبتي والله اليوم تعبان ، خليني ادخل وبنام في الصالة .
- ما فشرت ، عالبيت مالك دخلة حتى تتعلم كيف تتأخر !!.
- طيب كويسه هالفضايح آخر الليل يعني؟؟
وطفح معها الكيل وصار لزاماً أن تستدعي واقعها ، وصرخت بعصبية :
- هلأ بتروح من هون والا بجبلك أخي تحسيييييين؟؟
- لأ دخيلك ، كلو إلا تحسين .. أنا رايح .. تصبحي على خير حبيبتي ..

تحسين ؟؟ يجب أن أكون لبقاً ومؤدباً معها ..
تحسين ؟؟!! وخطفت البطانية والمخدة ووصلت إلى السطح بسرعة البرق ، فالأمور فيها تحسين ، ولو وصلت الأمور إليه لمارس علي كل أصناف " التحسينات " المتاحة و غير المتاحة !!.

صحيح أن أخلاقي السياسية " عال العال " إلى الدرجة التي أفقدتني رأس مال الرجل الشرقي وحددت النسل لدي بشكل طبيعي ، لكن من يضمن أخلاق " تحسين " الأمنية ؟؟ ومن يعرف بأي تهمة سيقودني إلى " مصنع الأخلاق " لمجرد أني أغضبت شقيقته ؟؟!!
خوفي الشديد من تحسين لم يتح لي أن أتنبه لوجود جاري أبو عزو النائم بكامل قيافته وهيبته العسكرية غير بعيد عني ، يا الله !!! أبو عزو الذي يخيف مدينة بكاملها ينام على السطح وبلباسه العسكري أيضا ؟؟!! وإذا كان " شقفة " تحسين جعلني أنسى كل السمك الذي أكلته وكل ما تبعه من أحلام ، فمن هو شقيق أم عزو إذا ؟؟!!
خوفي من تحسين أفقدني كل حواسي المنظورة وغير المنظورة و أطار النوم من عيني وأثار الهواجس السوداء في رأسي ، فزملاء تحسين سيثبتون له مقدار حبهم له على حسابي لو وصلت الأمور إليه ، وحسابي الضعيف لا يحتمل صفعة واحدة ، فكيف إذا وصلت الأمور إلى ماهو أكثر من ذلك كماركات المشروبات الغازية المحلية والعالمية مثلاً ؟؟!!
مجرد تفكيري في هذا الأمر جعلني أرتجف من الخوف أكثر من البرد الذي بدأت تزداد وطأته مع وصول الليل إلى هزيعه الأخير ، صحيح كنت بحاجة إلى قارورة مياه غازية لأهضم بها ذلك العشاء الدسم بعد أن أفرغته أخت تحسين من معانيه الدافئة ، لكني كنت بحاجة لقارورة لأشربها لا لتشربني !!.
تعبي الشديد وأفكاري السوداء جعلتني أنام كالميت ، جثة بلا روح ولا أحلام ، لكن " تحسين " أبى إلا أن يطاردني بما تبقى لي من حلم ..
يا خالق الأكوان .. ماذا لو فعلها الفيل صديقي ورفع أمري للملك الأسد ؟!

* * *

- أهلين أبو الشباب ، قال لي أحد عناصر الفرع ، إنت زوج أخت تحسين وإكرامك واجب .
- يا .. يا سيدي الله يكبر واجبك .
- شبك خايف وعم تأتئ كلهم كلمتين سؤال وجواب عالماشي وبعدها الشباب بوصلك براسهم للبيت .
- لا مو خوف ، بس أول مرة بدخل هيك مكان.
– إي لاتخاف ، ولو ؟؟ إنتي ضيف عزيز ولازم نكرمك ... قلي شو بتشرب ؟؟
- لا ولا شي دخيلك ، بس لو تجبلي كرسي إقعد عليه ، ركبي ما عم تشيلني من الرعبه .
- شو رعبه ما رعبة يا رجااااااال ؟؟ إنت بين أهلك وحبابك ، بتشرب كاظوووووظ ؟؟
يا إلهي كم إستغرقت من وقته الثمين هذه " الكاظوووظ " ، لكن يجب أن أجامله .
- شاكر لطفك وكرمك ، يا ريت والله .
قال وهو يلاطفني ويتلاعب بالكلمات ، إي مو تأمز أمز ؟؟ ، ملاطفته لي جعلتني أصدق أنني بين أهلي وأحبابي فعلا ، مما دفعني للمبالغة في الإطمئنان :
- بس وحياتك بدي ياها كوكا كولا لأني ما بحب الأنواع المحلية .
وقهق عاليا حتى خلت أني أرى زائدته الدودية عبر حلقه :
- إي من عيوني التنتين ، وأحلى كواكيه لعيونك ، نحنا خدامين الشباب الطيبي ( الطيبه ) ، ومضى وهو لايزال يقهقه . ثم عاد بعد قليل وبيده قاروة مرطبات فارغة من الحجم العائلي :
- يا عيب الشوم منك ، معلمنا ما بحب الكوكا كولا قال سكرها قليل ، وهو ماشا الله مو ناقصو حلاوه ، وعاد ليقهقه من جديد ، ثم وضعها أرضا وقال لي :
- إتفضل شرااااب ، قصدي قعووود .
- وين بدي إقعد أخي ؟؟
- على " القنيني " ، وين يعني؟؟!
- بس أنا طلبت كرسي مو " قنيني " .
- وعم تتمسخر كمان ؟؟ وارتسمت أصابعه الخمسة على وجهي .
- هاي أريح من الكرسي ، هلأ بس فتت لجوا سآل الشباب ، بعدين إنت طلبت كرسي وكاظووووظ ، وهاي لبينالك طلبك ، يعني تنين في واحد .. وعاد يقهقه بهستيرية .
- داخل عليك أنا ، طيب جبلي " كاظوظة " غير هاي ، يعني صناعة محلية بيمشي الحال .
- لا ولو ؟؟ مشان واجبك ، شو بدك تحسين يقول عنا قليلين أصل ؟؟
- لك أخي والله إنتو الأصل كله وسيادنا وتاج راسنا كمان ، بس دخيل عينك بلا هالضيافة ، أو على الأقل غيرلي الطلب .
- إي لأ حبيبي ما حزرت ، شو بدك تكسر قوانين الفرع وعادات الضيافه فيييه؟؟
الأمر وصل إلى الأعراف والكرم والضيافة ، ولم يكن أمامي إلا أن أقبل هذا الكرم الحاتمي مرغماً .
كمية الغازات التي كانت تحتويها " القنيني " تفوقت حتى على غازاتي وجعلتني أهضم كل ما أكلته على مدار عام كامل .
بدأت وطأة " الكابوس " تشتد وأنا أرى قائد الفرع بنجومه اللامعه يحدق في وجهي ويأمرني بالنهوض ، وكيف أنهض ولم يبق لي ركبتان تحملان جسدي الهزيل ؟؟!! .
- قوم بقا حاجتك ، طلعت الشمس .
وفتحت عيناي على جاري أبو عزو يوقظني وقد بدأت الشمس بالإنعكاس على نجومه العسكرية ، ولم أنتظر لألقي عليه تحية الصباح أو لأشكره لإيقاظي ، بل هرعت فوراً إلى البيت ودخلت كالمجنون أبحث في زواياه عن كل أحذية زوجتي إبتداءاً من " بابوج " الحمام ، وصففتها أمامي و شرعت أقبلها من كل زاوية فيها وأنا ألهج لزوجتي بكل كلمات الإعتذار والتزلف التي حفظتها عن قاموسنا الشعبي .


ذلك اليوم لم أذهب إلى صلاة الجمعة ، لأني لم أكن قد أنهيت تقبيل كل أحذيتها بعد ، فالله غفور رحيم ، أما تحسين ... فلا!!.


http://www.fdaat.com/vb/showthread.php?t=3708

http://fm.jsad.net/showthread.php?t=64427
10-01-2005, 06:43 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  ليلة من ألف ليلة وليلة - قصة قصيرة coco 0 3,691 01-03-2011, 07:06 AM
آخر رد: coco
  رحيل في ليلة ٍ راقصة أصيل 1 914 08-02-2007, 11:47 AM
آخر رد: أصيل
  ليلة الدخلة كمبيوترجي 2 902 01-23-2006, 11:44 PM
آخر رد: عادل نايف البعيني
  الجزائري جمال الدين بن شيخ أديب «الضفتين» رحل بعدما أنجز مشروع «ألف ليلة وليلة» بسام الخوري 3 1,263 08-20-2005, 11:52 AM
آخر رد: بسام الخوري

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS