أزمة اللاجئين العراقيين: بين الكلام المعسول والواقع المر...Amnesty international
العراق
أزمة اللاجئين العراقيين: بين الكلام المعسول والواقع المر
1. مقدمة
بلغت أزمة النـزوج التي تسبب بها غزو الولايات المتحدة للعراق، وما تلاه من نزاع مسلح داخلي، حدوداً تبعث على الصدمة. فقد فرَّ ملايين الأشخاص ممن تعرضوا للخطر – مسلمين سنة وشيعة، ومسيحيين، وصابئة منديين، وفلسطينيين، وسواهم – من ديارهم، ويصارع معظم هؤلاء الآن من أجل البقاء.
وقد اتخذت أزمة اللاجئين والنازحين الداخليين العراقيين أبعاداً مأساوية. وعلى الرغم من ذلك، فإن حكومات دول العالم لم تفعل سوى القليل، وربما لا شيء يستحق الذكر، للمساعدة، حيث تخلت عن واجبها الأخلاقي، كما تخلت عن واجبها القانوني في تقاسم المسؤولية مع الآخرين حيال النازحين، حيثما كانوا. وكانت السمة الغالبة للموقف حيال الأزمة عدم المبالاة بشأن ما يحدث.
وسعت الحكومات إلى رسم صورة أكثر إشراقاً للوضع في العراق ولأزمة النازحين لتبرير تقاعسها عن الاستجابة لضروراتها. بيد أن الكلام المنمق الطنّان لا يغير من الواقع شيئاً. فقد لقيت أنباء "العودة الطوعية" المتزايدة والتحسن الهامشي للوضع الأمني في العراق التغطية والترويج الإعلاميين على نطاق العالم بأسره، إلا أن هذا لم يغير من الصورة الحقيقية شيئاً – فثمة أزمة لاجئين تتفاقم يوماً بعد يوم بفعل تقاعس المجتمع الدولي عن مواجهتها على نحو ذي مغزى. وواقع الحال يشير إلى أزمة لاجئين عراقيين ونازحين داخل العراق تزداد سوءاً، وستظل مشكلة تتطلب الاهتمام الدولي لسنوات قادمة.
فمنذ الغزو في 2003، تضخمت أزمة النـزوح في العراق بثبات، سواء من حيث الحجم أم من حيث التعقيد. وقد وصل عدد الأشخاص النازحين اليوم إلى أعلى مستوى له منذ اندلاع الأزمة – حيث ارتفع إلى 4.7مليون عراقي، وفق تقديرات مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين (مكتب المفوض السامي).1وفي الوقت نفسه، يعني غياب المواجهة الفعالة من جانب المجتمع الدولي التراجع المطرد لقدرة الأشخاص الذين يفرون من العراق على الحصول على الحماية خارج البلاد. فتشديد القيود على دخول البلدان المجاورة من خلال فرض تأشيرات للدخول تعني أن قدرة الأشخاص على الحصول على ملاذ آمن من التهديدات التي يواجهونها أصبح الآن يعتمد إلى حد كبير وبصورة متزايدة على أوضاعهم المالية، لا على حاجاتهم أو حقوقهم بمقتضى القانون الدولي الخاص بوضع اللاجئين أو القانون الدولي لحقوق الإنسان. ونتيجة لذلك، فإن أعداداً متزايدة من الأسر قد فرت من ديارها ولكن دون أن تستطيع مغادرة العراق – حيث يقدَّر عدد من غدوا نازحين داخل وطنهم الآن بنحو 2.77مليون عراقي، يزيدون أو ينقصون بحسب الظروف.2
أما بالسبة لمن يحالفهم الحظ فيتمكنون من الخروج إلى مناطق خارج العراق، فإن أوضاعهم تزداد سوءاً باطِّراد. ففي البلدان المجاورة للعراق، وتلك الأبعد منها، يمنع هؤلاء من العمل. وتتهدد الحاجة إلى دفع أجور البيوت وشراء الطعام وتسديد نفقات العلاج الطبي، مجتمعة مع الإمكانات المحدودة للهيئات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم، قدرة الملايين من الأشخاص على إقامة أودهم. فسرعان ما تتبخر المدخَّرات. وبعد مرور سنوات على فرارها من العراق، تشعر العديد من الأسر الآن أنها قد غدت معدمة وأنها أمام خيارات مستحيلة ومخاطر متجددة، بما في ذلك دفع الأطفال إلى العمل والبغاء واحتمالات أن تُجبرها الظروف على العودة "الطوعية" إلى العراق.
ومع كل شهر يمر، يحتاج المزيد من اللاجئين إلى العون للحصول على الأساسيات كيما يصمدوا. وعلى سبيل المثال، قُدِّم الغذاء حتى هذ الوقت من 2008،3إلى نحو 120,000شخص، أي 90بالمائة من إجمالي اللاجئين العراقيين المسجلين في سورية، بالمقارنة مع 43,000شخص في نهاية 2007، أي بمعدل نحو 32 بالمائة من اللاجئين المسجلين4. وفي وقت سابق من العام الحالي، توقَّع مكتب مفوض السامي لشؤون اللاجئين استمرار تصاعد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى الغذاء، وتنبأ بأنه سيترتب عليه توزيع الغذاء على زهاء 300,000شخص في سورية وحدها في نهاية 2008.
بيد أن مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين أعلن، في مايو/أيار، أنه وبسبب عدم كفاية التمويل لعملية العراق، لن يكون بإمكانه بحلول أغسطس/آب 2008"تغطية كامل الاحتياجات الصحية الأساسية لجميع العراقيين، كما إنه لن يكون بإمكان العراقيين الذين يعانون من أمراض مزمنة تلقي وجباتهم الشهرية من العلاج."5وحذَّر مكتب المفوض السامي كذلك من أن المساعدات الغذائية الحالية التي تقدَّم إلى 150,000لاجئ في سورية والعراق يمكن أن تُخفَّض، وأن من شأن هذا أن يجبر العديد من العراقيين على "السقوط أكثر في براثن الفاقة ويزيد من احتمالات ارتفاع معدلات سوء التغذية وعمل الأطفال."6
وكما تظهر هذه الأرقام، فإن مستوى الدعم الذي قدمه المجتمع الدولي حتى الآن كان أقل من أن يكون كافياً بشكل مريع. وقد فضَّلت بعض الدول إعطاء مساعدات عامة لتنمية العراق وإعادة الإعمار فيه فقط، ولكنها لم تستجب بأي صورة من الصور، أو على نحو كاف، للحاجات الإنسانية للمهجرين العراقيين عبر تقديم مساعدات موجهة إليهم تخصيصاً.
إن الصعوبات التي يواجهها اللاجئون في البلد المضيف تدفع البعض إلى اتخاذ القرار الصعب والخطير بالعودة إلى العراق، إما بصورة مؤقتة للحصول على راتب تقاعدي أو لأسباب مشابهة، أو بصورة دائمة بسبب وضعهم اليائس، وليس بسبب شعورهم بأنه لم يعد هناك خطر من أن تنتهك حقوقهم الإنسانية في العراق.
وفي الحقيقة، فإنه على الرغم من أن تحسناً طفيفاً على الظروف الأمنية قد تحقق في السنة الماضية، فإن العراق لا يزال غير آمن وليس مهيئاً لعودة النازحين. وفي واقع الحال، فقد تدهورت الأوضاع الأمنية على مدار الأشهر الأخيرة، وما زال العراق أحد أكثر البلدان خطورة في العالم.
إن ذوي المصالح المغرِضة يحاولون أن ينكروا هذه الحقيقة. فالإدارة العراقية الجديدة تحاول إثبات أنها تمسك بزمام السلطة في وجه المذابح واليأس. بينما يسعى المجتمع الدولي إلى تبرير تلكؤه عن تقديم المعونة المالية والتقنية، أو توفير فرص إعادة التوطين في مواجهة أزمة لاجئين هائلة الأبعاد.
أما المساعدات المالية المقدمة إلى البلدان المضيفة والهيئات العاملة من أجل دعم اللاجئين وحمايتهم فتظل متدنية بدرجة معيبة. فلم تتلق الدول المضيفة الرئيسية أي دعم ثنائي يذكر من الدول الأخرى، بينما ظلت الأمم المتحدة الوكالات الدولية بحاجة ماسة إلى أموال إضافية للإبقاء على برامجها الحيوية. وقد وصلت الاحتياجات إلى أدنى مستوى من الإشباع مع الإفقار المتزايد للاجئين وظهور قضايا جديدة خطيرة فيما يتعلق بتوفير الحماية. ومع ذلك، فإن الدول التي حملت على كتفيها القسط الأكبر من المسؤولية ما زالت تنتظر من الآخرين تقديم العون الحقيقي لها.
وعلى الرغم من صيحات الغضب الواسعة النطاق ضد ما يلاقيه طالبو اللجوء واللاجئون العراقيون من معاملة سيئة خارج الإقليم، فإن المعاملة التي يلقاها العراقيون الباحثون عن الحماية الدولية لم تشهد أي تحسن يذكر.7وفي واقع الحال، اتخذت هذه المعاملة انعطافة حادة نحو الأسوأ. فقد اتسع نطاق استخدام آليات الإكراه، مثل وقف المساعدات لدفع الناس إلى العودة، ناهيك عن العودة القسرية، وعدم الاعتراف بالأفراد كلاجئين. ويقوم المزيد من الدول الأوروبية الآن بترحيل من ترفض طلبات لجوئهم إلى العراق، بما فيها السويد، التي كانت ذات يوم مثالاً إيجابياً لجيرانها الأوروبيين.
إن إعادة التوطين جزء أساسي من الرد المطلوب لمواجهة الأزمة. وعلى الرغم من النداءات المتكررة إلى النظر بجدية إلى هذا الخيار، فقد اختارت معظم الدول تجاهل هذه الدعوات، ولم توافق الدول الأكثر قدرة على تقديم المساعدة إلا على كوتات ضئيلة لاستقبال اللاجئين. فعلى سبيل المثال، لا تزيد كوتا إعادة التوطين الإجمالية التي أقرتها المملكة المتحدة، وهي لاعب رئيسي في الغزو الذي أشعل فتيل أزمة اللاجئين الراهنة، عن 750شخصاً من ضمنهم عراقيون. بينما قامت سلطات شيلي والبرازيل بخطوات إيجابية ضمن دورهما في إعادة التوطين تستحقان عليها الثناء.
وتساور منظمة العفو الدولية بواعث قلق بالغ من أن استمرار التقاعس عن التجاوب مع هذه الأزمة سوف يزيد باطراد من تآكل حماية الإنسان التي ينبغي أن تتوافر لمن أجبروا على الفرار من أوطانهم طلباً للسلامة. وتحت المنظمة المجتمع الدولي على إدراك طبيعة الأزمة ونطاقها ومدى إلحاحها على أرفع المستويات السياسية، وعلى الالتزام الحقيقي بمساعدة النازحين العراقيين عن طريق ما يلي:
الاعتراف بالطبيعة الفورية للأزمة، وكذلك بأبعادها على المدى المتوسط والطويل؛
جمع المساعدات المالية المستدامة على نحو عاجل وبالقدْر الكافي؛
وقف ممارسات الإعادة القسرية التي تعرض أرواح الناس لمزيد من الأخطار؛
التوقف عن الممارسات التي تؤدي إلى العودة "الطوعية" تحت الضغط والإكراه؛
السماح لطالبي اللجوء واللاجئين بالحصول على العمل المدفوع الأجر؛
التوسع في برامج إعادة التوطين بصورة جوهرية.
إن ثمة حاجة ماسة لمثل هذا الدعم حتى تستطيع دول الإقليم المجاورة للعراق القيام بمسؤولياتها على نحو أكثر فعالية، وحتى لا تشعر بأن السيل قد بلغ الزبى وتلجأ إلى تدابير قمعية من قبيل تقييد دخول من يفرون من الترويع، أو ترحيل الموجودين منهم فوق أراضيها.
2. نظرة عامة على الأزمة
استمر، منذ نشر منظمة العفو الدولية تقريرها المعنون ملايين يلوذون بالفرار: أزمة اللاجئين العراقيين في سبتمبر/أيلول 2007، شهدت أوضاع النازحين العراقيين تدهور ملحوظاً.8
فعلى الرغم من وجود بعض الإشارات إلى أن العنف في العراق قد أخذ بالتراجع في 2007، إلا أن هذا المنحى انقلب إلى ضده بوضوح في الأشهر الأخيرة. إذ شهد النصف الثاني من 2007انخفاضاً رحَّبنا به في عدد من يقتلون من العراقيين – من ما يربو على 1,800في أغسطس/آب 2007إلى 541في يناير/كانون الثاني 2008.9 بيد أن هذا المنحى لم يستمر. ففي مارس/آذار وأبريل/نيسان 2008وحدهما، قُتل ما يربو على 2,000شخص، العديد منهم من المدنيين العزل، في اشتباكات بين قوات الحكومة العراقية، العاملة بدعم من الولايات المتحدة، وبين "جيش المهدي"، المليشيا الشيعية المسلحة الموالية لمقتدى الصدر. وبدأ القتال في البصرة، إلا أنه انتشر إلى أجزاء أخرى من البلاد، ولا سيما إلى مدينة الصدر والمناطق المحيطة بها، وهي معقل لجيش المهدي في بغداد. وبحسب التقارير الإعلامية، فإن 1,082عراقياً لقوا مصرعهم في مارس/آذار، بينما قُتل 969عراقياً في أبريل/نيسان.10
"لن أعود أبداً إلى العراق حيث قتلوا زوجي وانتزعوا منا بيتنا."
زهرة11أرملة شيعية في الرابعة والأربعين من العمر ولديها أربعة أطفال. واختطف زوجها السني وقُتل في مايو/أيار 2007في بغداد، على أيدي أعضاء في جماعة مسلحة، حسبما ذُكر. وأبلغت زهرة منظمة العفو الدولية أن أسرتها كانت تعيش في حي الرشيد في العاصمة، حيث تلقت وعدَّة جيران لها تهديدات خطية في أوائل 2007 يُعتقد أن مصدرها كان إحدى الجماعات المسلحة. وجاء في أحد هذه التهديدات أنهم سوف يُقتلون إذا لم يغادروا بيوتهم.
وكان زوج زهرة، في اليوم الذي اختطف فيه، قد غادر البيت في الصباح لتقديم امتحانات في جامعة المستنصرية في بغداد. وبعد ظهر ذلك اليوم، تلقت زهرة اتصالاً هاتفياً من الخاطفين طالبوها فيه بدفع فدية إليهم. ووضعت زهرة نحو 50,000دولار أمريكي في حقيبة التقطتها مجموعة من الرجال المقنعين. وعلى الرغم من ذلك، قاموا بقتل زوجها – حيث تلقى رصاصة في رأسه، وفق ما جاء في شهادة الوفاة.
وإثر مقتل زوجها، انتقلت زهرة إلى منطقة معظم سكانها من الشيعة في الكرخ، ولكنها نُصحت بعدم البقاء في المنطقة نظراً لكونها أرملة لرجل سني. وفي سبتمبر/أيلول 2007، هربت مع أطفالها ووالدتها وأختها إلى دمشق، حيث تلقوا مساعدات طارئة من مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين. ويعاني أطفالها من مشكلات نفسية منذ مقتل والدهم. وأبلغت زهرة منظمة العفو الدولية: "لن أعود إلى العراق حيث قتلوا زوجي وانتزعوا منا بيتنا. ماذا سأقول لأطفالي؟ أن والدهم قتل لأنه سني؟"
أجرى المقابلة مندوبون عن منظمة العفو الدولية في دمشق، فبراير/شباط 2008.
إن حالة حقوق الإنسان العامة في العراق ما زالت مريعة. فالناس يُقتلون شهرياً على أيدي الجماعات المسلحة والقوة المتعددة الجنسيات وقوات الأمن العراقية وأفراد الحراسات الخاصة، العسكريين والأمنيين. وتعكر أعمال الاختطاف والتعذيب وإساءة المعاملة والاعتقالات التعسفية صفو الحياة اليومية للعراقيين دون توقف. بينما يتصاعد العنف، حسبما ورد، ضد النساء والفتيات، بما في ذلك حالات الاغتصاب والقتل فيما يسمى "جرائم الشرف".12
كما يجد العراقيون على نحو متزايد أن من الصعب الحصول على بعض أساسيات الحياة، بما في ذلك الغذاء وماء الشرب النظيف. ففي 2007، وبحسب "أوكسفام"، لم يستطع 70بالمائة من العراقيين الحصول على ماء الشرب الآمن، بينما عاش 43بالمائة منهم على أقل من دولار واحد في اليوم، وازدادت معدلات سوء التعذية بين الأطفال من 19بالمائة خلال فترة العقوبات (1990إلى 2003) إلى 28بالمائة.13
وقد وصل عدد الأشخاص النازحين داخلياً – أي أولئك الأشخاص الذين أجبروا على مغادرة منازلهم داخل العراق طلباً للسلامة ولكن دون الحصول على الحماية خارج البلاد – إلى رقم قياسي لم يصله من قبل.إذ فرَّ ما يربو على 1.5مليون من إجمالي العراقيين النازحين داخلياً في الوقت الراهن، الذين يقدر عددهم بنحو 2.7مليون شخص، من بيوتهم منذ 2006. ومن المتوقع أن تستمر الزيادة في هذه الأعداد بسرعة مع فرار الأشخاص نتيجة ارتفاع مستويات الاضطهاد واستمرار انسداد السبل والتضييق المتزايد على من يرغبون في مغادرة البلاد.
الشكل 1 – لاجئون عراقيون يقفون في الصف خارج مكتب المفوض السامي للاجئين في كفرسوسة، © دمشق، فبراير/شباط 2008
ويواجه الأشخاص المهجَّرون داخلياً من العراقيين أوضاعاً محفوفة بالمخاطر، بينما يعرقل انعدام الأمن في البلاد بصورة حادة جهود الدعم الإنساني. فمعظم الوكالات الدولية قد نقلت موظفيها الدوليين إلى خارج العراق بعد تفجير المقر الرئيسي للأمم المتحدة في بغداد في 2003، رغم أن عدد الموظفين الدوليين لدى مكتب المفوض السامي المقيمين في العراق قد ارتفع في الآونة الأخيرة من موظفين اثنين إلى خمسة موظفين.14
إن ما يربو على مليوني عراقي قد تمكنوا من الفرار من البلاد، حيث غادرت أغلبية هؤلاء إثر تصاعد العنف الطائفي الذي أعقب تفجيرات فبراير/شباط 2006لمرقد الإمامين العسكريين للشيعة في سامراء. وانتقل معظم هؤلاء إلى سورية والأردن، وما زالوا يقيمون فيهما. وانتقلت أعداد كبيرة إلى بلدان أخرى في الإقليم، بما في ذلك مصر ولبنان. وقد تحملت هذه البلدان مجتمعة وطأة أزمة اللاجئين، ودون دعم يذكر من باقي الدول في المجتمع الدولي.
إن من الصعب التأكيد بدقة على أعداد تجمعات اللاجئين العراقيين في البلدان المضيفة. فمعظم اللاجئين يعيشون في المناطق الحضرية، وبذا فمن الصعب تحديد هويتهم؛ ولم يقم بالتسجيل لدى مكتب المفوض السامي للاجئين سوى البعض، بينما يتنقل العديدون من مكان إلى آخر. بيد أنه من المؤكد أن الحياة في غاية القسوة بالنسبة لمعظم المليوني لاجئ عراقي الذين يعيشون في المنطقة.
أما عدد النازحين العراقيين الذين وصلوا الدول الصناعية فقليل نسبياً. إلا أن نحو 45,000عراقي قد تمكنوا بطريقة أو أخرى من دخول الدول الصناعية في 2007لطلب اللجوء، على الرغم من الطيف المتزايد من التدابير التي يقصد بها تقييد فرص الدخول، من قبيل عمليات الاعتراض خارج الحدود، ومتطلبات منح تأشيرة الدخول، والرصد المتقدم للركاب، وضباط الارتباط الدوليين. ولا يمثل هؤلاء سوى 1بالمائة من إجمالي النازحين نتيجة الأزمة البالغ عددهم 4.7مليون شخص، إلا أنه يعادل ضعف العدد الذي شهده العام 2006، حين اقتصر عدد من تقدموا بطلبات للجوء على 22,900شخص. وتعني الزيادة أن العراقيين يشكلون الآن أكبر مجموعة من طالبي اللجوء في الدول الصناعية، وقد أدت هذه الزيادة إلى ارتفاع إجمالي في عدد طالبي اللجوء، وعكست الاتجاه نحو انخفاض عدد الطلبات الجديدة الذي ساد خلال السنوات الخمس التي سبقت.15
3. أوضاع اللاجئين في الإقليم
سورية
تستضيف سورية أكبر تجمع للاجئين العراقيين في العالم. وبينما لم يُجر أي إحصاء رسمي لهم، تضع التقديرات أعدادهم ما بين أدنى من المليون بقليل و1.5مليون عراقي.16
وقد مر على وجود العديد من اللاجئين العراقيين في سورية عدة سنوات الآن، وهم يواجهون الإفقار المتزايد واليأس. وقد تُركت الحماية غير المستقرة التي توفرها السلطات في سورية إلى من فروا من ديارهم دون دعم يذكر من جانب بقية العالم.17ويستشعر هؤلاء الآثار السلبية لذلك عبر عدد من الطرق.
وعلى المستوى الأساسي أكثر من غيره، فقد أصبح طلب الحماية عبر دخول الأراضي السورية يخضع الآن لقيود أشد، على الرغم من استمرار حاجة الأفراد إلى الفرار من العراق. فحتى أكتوبر/تشرين الأول 2007، كان العراقيون يستطيعون دخول سورية بحرية.18 بيد أن الحكومة السورية، التي ووجهت بزيادة هائلة في أعداد اللاجئين العراقيين، وبعدم تلقي الدعم من المجتمع الدولي، وبناء على طلب من رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، قررت أن تفرض قيوداً صارمة على منح تأشيرات الدخول.
أما اليوم فلا تستطيع سوى بعض الفئات من الأشخاص الحصول على تأشيرة الدخول. ويشمل هؤلاء الأكاديميين وأفراد أسرهم؛ والطلاب العراقيين المسجلين في الجامعات والمعاهد العليا السورية؛ والأطفال المسجلين في المدارس؛ وسائقي الشاحنات وسيارات نقل الركاب التي تعمل على خط بغداد – دمشق؛ والعراقيين الذين يحتاجون إلى المعالجة الطبية في المستشفيات السورية، شريطة أن يحملوا الوثائق الرسمية ذات الصلة؛ وأعضاء الوفود الثقافية والرياضية الذين يزورون سورية أو يمرون عبرها؛ والتجار ورجال الأعمال من ذوي المصالح التجارية ممن يحتاجون إلى السفر إلى سورية.
أما الأسر التي تضم أطفالاً في المدارس في سورية، أو التي يحتاج أفراد منها إلى المعالجة الطبية، فيمكنهم التقدم بطلب تصريح للإقامة المؤقتة ينبغي تجديده شهرياً، وبحد أقصى هو عام واحد فقط. وتتيح مثل هذه التصاريح للعراقيين الحصول على إذن من السلطات السورية للسفر إلى العراق مع الاحتفاظ بخيار العودة إلى سورية خلال ثلاثة أشهر. ومع اقتراب نهاية العام الدراسي،19ثمة مخاوف متزايدة في أوساط اللاجئين بشأن مستقبل تأشيرات الدخول التي يحصلون عليها بهذه الطريقة.
إن على سورية، ورغم أنها ليست دولة طرفاً في الاتفاقيات الدولية الخاصة بوضع اللاجئين، واجباً بمقتضى القانون الدولي العرفي والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب في أن لا تعيد أشخاصاً إلى أوضاع يمكن أن تُعرِّضهم لانتهاك حقوقهم الإنسانية، وذلك بالاتساق مع مبدأ عدم الإعادة القسرية. ويتضمن هذا مبدأ عدم الرفض عند نقاط الحدود، وواجب السماح بالدخول للأشخاص الساعين إلى الحماية الدولية لتقييم ما إذا كانوا يواجهون احتمال التعرض لانتهاكات خطيرة لحقوقهم الإنسانية أم لا، إذا ما أعيدوا.
وبعبارة أخرى، يتعين السماح بالدخول لأولئك الأشخاص الساعين إلى طلب الحماية الدولية والفارين من انتهاكات حقوق الإنسان. وعلى الرغم من هذا، فإن أنظمة منح تأشيرات الدخول السورية لا تتضمن أي فقرات تسمح بدخول من هم بحاجة إلى الحماية.
وأبلغ رسميون سوريون منظمة العفو الدولية في مارس/آذار 2008أن سلطات الحدود تمارس درجة عالية من العقلانية في منح تأشيرات الدخول، وأنها تسمح بالدخول لمن ترى أنهم بحاجة ماسة إلى الحماية حتى إذا لم يكونوا مشمولين بأي من الفئات التي تنص عليها هذه الأنظمة، بيد أن منظمة العفو الدولية لم تلتق بأي أفراد سُمح لهم بدخول البلاد على هذا الأساس.
إن اللاجئين الذين لا يتمكنون من دخول سورية يتعرضون لمواجهة ظروف حمائية غير موثوقة وغير مستقرة. وبينما تمكن بعض العراقيين من الحصول على تصريح بالإقامة المؤقتة، وسجَّل آخرون أنفسهم لدى مكتب المفوض السامي للاجئين،20إلا أن الأغلبية تعيش وضعاً شاذاً ودون وضع قانوني. وهذا يتركها عرضة للإعادة القسرية إلى العراق،
وهو أمر يسعى مكتب المفوض السامي للاجئين إلى الحيلولة دونه، ولكن دون أن يتمكن دائماً من ذلك.21وبين الأكثر عرضة لخطر الإعادة الأشخاص المحكومين – أو حتى الذين وجه إليهم اتهام فحسب – بارتكاب جرم ما، بما في ذلك جرائم صغرى من قبيل البغاء، أو حتى دخول البلاد بصورة غير نظامية أو بوثائق مزورة.
ومن غير المسموح للعراقيين العمل في سورية. ونتيجة لذلك، فإن المدخرات التي جلبها العديدون معهم آخذة في التلاشي، ما يتركهم في حالة من الإملاق. ومع أن المساعدات والحماية الإنسانية شهدت تحسناً ملحوظاً على مدار السنة بفعل طيف من البرامج التي تكفلت بها وكالات دولية، بما فيها مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة الصحة العالمية، إلا أن قدرة هذه البرامج على الاستجابة للاحتياجات المتنامية لتجمعات اللاجئين العراقيين ظلت محدودة نتيجة ضعف التمويل من جانب المجتمع الدولي.
وتضاعف صعوبات التعرف على احتياجات تجمعات اللاجئين في المناطق الحضرية من مشكلة التوصل إلى الاستجابة السليمة. بيد أن عدد من يُسجِّلون أنفسهم كلاجئين لدى مكتب المفوض السامي في ازدياد مطرد، وجزئياً بسبب برنامج مكتب المفوض السامي للاتصال بهؤلاء، وكذلك بسبب ما يُحكى عن تلمُّس الأفراد للمنافع المترتبة على التسجيل، بما في ذلك تلك التي تأتيهم عبر برنامج المساعدات الغذائية.
وقد تزايد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدات الغذائية ويتلقونها بنسبة كبيرة في العام الماضي. إذ يقدِّم مكتب المفوض السامي للاجئين الآن المعونة الغذائية لما يزيد عن 90بالمائة من اللاجئين العراقيين المسجلين في سورية.22وبينما لم يتلقَ أكثر من 54,000لاجئ عراقي مساعدات غذائية في 2007، فإن العدد الإجمالي لمن تلقوا مثل هذا المساعدات حتى مايو/أيار 2008تجاوز 120,000شخص. وتعود الحاجة المتزايدة إلى المعونة الغذائية كذلك إلى الزيادة المطردة في أسعار الأغذية – التي وصلت إلى 20بالمائة منذ أواخر 200723- وإلى خفض الدعم المقدَّم إلى السلع الأساسية.24
الشكل 2 – المواد الغذائية وغير الغذائية التي يُقدمها إلى اللاجئين العراقيين مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي والهلال الأحمر العربي السوري.
ولا يحصل على مساعدات مالية في الوقت الراهن سوى أقلية ضئيلة ممن يحتاجونها. فقد نفَّذ مكتب المفوض السامي برنامجاً للمساعدات النقدية مستخدماً بطاقات الصرف الآلي، حيث تم توزيع 4,357بطاقة صرّاف آلي يستفيد منها 13,161من العراقيين.25وفضلاً عن ذلك، يقول مكتب المفوض السامي إن من المحتمل وقف العمل ببعض برامجه بحلول يوليو/تموز 2008إذا لم يتلقَّ تمويلاً إضافياً مستديماً لهذه البرامج.26
وتبرز حالياً بواعث قلق جديدة بشأن الحماية نتيجة لتنامي معدلات الفقر وتلاشي الأمل لدى اللاجئين بانزياح الأزمة قريباً. وبين بواعث القلق هذه عمل الأطفال والبغاء وتزايد العنف الأسري.
إذ يمثِّل عمل الأطفال مشكلة متزايدة مع اضطرار العائلات إلى إرسال أطفالها للعمل في الشوارع أو المصانع لكسب النقود التي تمس الحاجة إليها. ففي فبراير/شباط 2008، التقى مندوبو منظمة العفو الدولية العديد من العائلات التي بعثت بأطفالها للقيام بما يعتبر أعمالاً خطرة مع أنها تود لو أن هؤلاء الأطفال كانوا في المدارس.
أطفال يساعدون أهلهم على البقاء
في دمشق، يساعد ثلاثة من الأطفال أسرتهم في صراعها من أجل البقاء. إذ يبيع صبي في السادسة من العمر العلكة في الشارع، حيث يجني نحو دولار واحد في اليوم ولا يذهب إلى المدرسة. وتبيع فتاة تبلغ من العمر 10سنوات العلكة نحو ثلاثة أيام في الأسبوع بعد الدوام المدرسي. ويقوم صبي في الخامسة عشرة من العمر بمسح الأحذية فيحصل على ما يعادل قرابة دولارين أمريكيين في اليوم ولا يذهب إلى المدرسة.
أما والداهما، شريف البالغ من العمر 42عاماً ويعمل سائق شاحنة، وزوجته منال البالغة من العمر 39عاماً، فقد غادرا العراق ومعهما أولادهما الثمانية إثر إصابة منـزلهما في منطقة الكرخ في بغداد بأضرار بالغة نتيجة التفجيرات. فرَّ الجميع إلى دمشق. وعاد شريف إلى العراق في يونيو/حزيران 2007، إلا أنه تعرض للاعتداء بالقرب من الرمادي، غربي بغداد، وسُلبت منه مدخراته التي بلغت قيمتها 6,000دولار.
وأبلغت منال منظمة العفو الدولية أن زوجها قد أصبح عدوانياً منذ الاعتداء عليه، وأنها تحاول إبقاءه بعيداً عن الأطفال. وترى أنه غير قادر على تحمل ما لحق به إثر خسارته مدخراته وحقيقة أنه غير قادر على العمل في سورية.
أجرى المقابلة مندوبون لمنظمة العفو الدولية في دمشق، فبراير/شباط 2008.
ومع أنه ليست هناك قيود تحول دون التحاق الأطفال العراقيين بالمدارس في سورية، إلا ن نسبة الأطفال الذين يلتحقون فعلياً بهذه المدارس تظل قليلة نسبياً. فحتى مايو/أيار 2008، لم يزد عدد أبناء وبنات العراقيين الذين يدرسون في المدارس الأساسية والثانوية في سوريا عن 43,749طالباً من أصل ما يقدر بنحو 200,000ممن هم في سن الدراسة.27
وهناك عدة عوامل أخرى غير عمل الأطفال تفسِّر النسبة المتدنية لالتحاق الأطفال العراقيين بالمدارس. إذ تعني القدرة الاستيعابية المحدودة للمدارس عدم قبول الطلاب بسبب ازدحام الصفوف. ولدى بعض العائلات بواعث قلق حيال الرحلة الطويلة التي ينبغي على أطفالهم القيام بها للوصول إلى المدرسة، ما يعني ضرورة ركوب الحافلات للذهاب إلى مدارس في أحياء بعيدة. ويتسرب بعض الأطفال العراقيين من المدرسة بسبب ما يواجهونه من صعوبات في التكيف مع المناهج الدراسية الصعبة.
الشكل 3 – صبيان يلعبون في حي معظم سكانه من اللاجئين العراقيين. ولأنه من غير المسموح به للعراقيين العمل في سبورية، يتعين على الأطفال القيام بأعمال هامشية لمساعدة أسرهم على مواجهة نفقاتها، © مكتب المفوض السامي للاجئين
ويستطيع العراقيون في سورية فعلياً الانتفاع بخدمات النظام الصحي العام، بيد أن محدودية قدراته لا تلبي جميع مستويات حاجاتهم الطبية. فمتطلبات العناية الطبية لدى العراقيين أعلى مما هي عادة نتيجة الصدمة النفسية التي يعانيها العديدون منهم بسبب سنوات النـزاع والحرب. وقد تحسن مستوى التمتع بالخدمات منذ 2007، إلا أن العدد الكبير من الأشخاص المحتاجين إلى العناية المتخصصة لمعالجة أمراضهم الخطيرة تعني عدم تلقي العديدين ما يحتاجون من علاج.
وكنتيجة لاتفاق أبرمه مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين مع وزارة الصحة السورية، فإن بإمكان العراقيين المسجلين لدى مكتب المفوض السامي ممن يعانون اعتلالاً صحياً خطيراً تلقي العلاج في عيادات يشرف عليها الصليب الأحمر العربي السوري، بما في ذلك العمليات الجراحية، إذا ما أسهموا مالياً في تكلفة العلاج.28بيد أن هذا الخيار ليس مفتوحاً للعديدين نظراً لأن معظم العراقيين غير مسجلين لدى مكتب المفوض السامي، ويمكن للتكاليف المالية للعلاج أن تحول دون الحصول عليه. وبينما يقدِّم مكتب المفوض السامي بعض المساعدة فعلياً للعراقيين المرضى من غير المسجلين لديه، إلا أن إمكاناته على القيام بذلك تظل محدودة بسبب تدني مستوى التمويل الجاري.
وتستضيف سورية أيضاً أعداداً متزايدة من الناجيات من العنف الجنسي والعنف بسبب نوعهن الاجتماعي. ففي 2007، قام مكتب المفوض السامي بتوصيف نحو 400حالة للاجئات عراقيات ناجيات من العنف الجنسي أو العنف القائم على جنسهن، بما في ذلك الاغتصاب، الذي تعرضن له في العراق. وتم تشخيص 200ناجية أخرى ما بين يناير/كانون الثاني ومطلع مايو/أيار 2008.29وأبلغ مسؤول في مكتب المفوض السامي منظمة العفو الدولية أن عدداً كبيراً من اللاجئات العراقيات يتعرضن للعنف على أيدي أزواجهن.
وبينما توفر بعض الملاجئ الآمنة المأوى والمشورة المتخصصة وخدمات أخرى للناجيات، بما في ذلك افتتاح مكتب المفوض السامي بيتاً آمناً جديداً كبيراً لهن في مايو/أيار بإدارة "كاريتاس النمسا"، فإن الحاجات الإجمالية تفوق القدرة الراهنة على الاستيعاب إلى حد كبير.
صدمات نفسية متكررة
اختطفت مريم، وهي امرأة من الصابئة المندية من البصرة تبلغ من العمر 48سنة، على أيدي رجلين وهي في طريقها إلى زيارة أحد الأقارب في يوليو/تموز 2005. حيث توقفت سيارة في الشارع وخرج منها رجلان قاما بالإمساك بها بقوة وحشروا رأسها في قلنسوة ودفعوها إلى داخل السيارة. ثم ساروا بها إلى بيت في مكان غير معروف.
وخلال الأيام الثلاثة من اختطافها، تعرضت مريم للضرب على أيدي ثلاثة رجال. وفي اليوم الأول، حُرمت من الطعام والماء، ومنعت من الذهاب إلى المرحاض. وفي اليومين الثاني والثالث، تعرضت للاغتصاب المنظَّم من قبل الرجال الثلاثة جميعاً. وفي اليوم الثالث، قام مختطفوها بعصب عينيها ونقلوها بالسيارة إلى مكان مجهول آخر، حيث تركوها في الشارع بعد تهديدها بالقتل هي وكل عائلتها إذا بلَّغت عن اختطافها. واستقلت سيارة تكسي وذهبت إلى البيت. وعندما دخلت البيت، بدأ زوجها على الفور بضربها.
وبعد ثلاثة أيام من فك أسرها، ذهبت مريم إلى الشرطة للإبلاغ عن الحادثة في محاولة منها لإقناع زوجها بما حدث لها. ومع ذلك، استمر زوجها في تحميلها مسؤولية الاعتداء عليها بسبب خروجها وحدها. وبعد أسبوع من تعرضها للاعتداء، جاءتها امرأة إلى بيتها لتبلغها بأنها تعرف أنها قد ذهبت إلى الشرطة، وبأن جميع أفراد عائلتها سوف يقتلون الآن. فهربت مريم مع أسرتها إلى سورية، حيث يوجد بعض أقاربها.
ومنذ وصولها إلى سورية، تركها زوجها وتم تهريبها إلى بلد أوروبي. وأبلغت منظمة العفو الدولية باعتقادها أنها قد رأت واحداً من الأشخاص الذين اعتدوا عليها في الشارع في دمشق. وما زالت تحت تأثير الصدمة الحادة الناجمة عن الحادثة، وتخشى مغادرة بيتها وحدها.
أجرى المقابلة مندوبون عن منظمة العفو الدولية في دمشق، مارس/آذار 2008.
الأردن
دفع الموقع الجغرافي الأردن، مثله مثل سوريا، إلى وضع من ينبغي عليه استضافة قسط كبير من اللاجئين العراقيين. ويقدر عدد العراقيين الذين يعيشون في الأردن بنحو 450,000إلى 500,000شخص.30ولا يتلقى معونات من المنظمات الدولية العاملة في الأردن سوى نزر يسير من هؤلاء.
ويخضع دخول اللاجئين إلى الأردن لقيود مشددة للغاية. ومع محدودية الدعم الذي يتلقاه الأردن من المجتمع الدولي، عمدت السلطات في الأردن إلى فرض القيود على منح تأشيرات الدخول للعراقيين. وفي الوقت نفسه، ليس في القانون الأردني أحكام محددة تسمح بدخول الأشخاص الفارين من انتهاكات حقوق الإنسان رغم ما يترتب عليه من واجب بمقتضى القانون الدولي العرفي بصفته طرفاً في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب، في أن يحترم مبدأ عدم الإعادة القسرية.
ممنوع الدخول
عمِل علي، وهو لاجئ فلسطيني في العراق، مترجماً لدى مقاول عسكري في العراق. وفي مايو/أيار 2006، اختُطف وأًسيئت معاملته. وأثناء احتجازه، جرى تكبيل يديه ولم يعط سوى كأس ماء واحد وحبتي أسبيرين طيلة أربعة أيام. ويقول علي: "في كل مرة كان الباب يُفتح، كنت أعتقد أن هذه ستكون نهايتي، وأنني سأقتل". ولحسن الحظ، تمكنت زوجته من تأمين إطلاق سراحه بعد دفع الفدية. وحاول علي وأسرته بعد ذلك الفرار من العراق.
كانت العائلة تعيش في العراق مدة 27عاماً وتحمل وثائق سفر أردنية سارية المفعول. وغادر علي بغداد في أغسطس/آب 2006برفقة زوجته وابنيه وزوجتيهما وثلاثة أحفاد. ولدى وصولهم الحدود الأردنية، سمحت السلطات لعلي وحده بدخول الأراضي الأردنية. ولم تُعط أية أسباب لعدم السماح لأفراد العائلة الآخرين بدخول الأردن. ونظراً لعدم وجود مكان يذهبون إليه، قضى أفراد العائلة شهراً في مسجد قريب من الحدود.
وبعد ذلك، سافرت زوجة علي إلى الأردن عبر سورية لمعرفة الأسباب الكامنة وراء عدم السماح للعائلة بدخول الأردن. وعاد علي وعائلته إلى بغداد واختبأ في غرفة واحدة في بيت أخيه لثمانية أشهر. وفي نهاية الأمر، اقترح أحدهم أن تحاول العائلة دخول الأردن عن طريق الجو، حيث أُبلغوا أن هذا يمكن أن يكون أحياناً أسهل من الدخول عن طريق الحدود البرية. واستقلت العائلة الطائرة إلى عمان في مايو/أيار 2007، بيد أنهم منعوا مجدداً من دخول الأردن. وأعيدوا إلى بغداد. وعند وصول العائلة إلى بغداد، لم توافق السلطات العراقية أيضاً على دخولهم العراق، لأنهم، ولكونهم فلسطينيين، لا يملكون إثباتاً بأنهم مقيمون بصورة قانونية في العراق. فأعيدوا إلى عمان. ونظراً لعدم سماح السلطات الأردنية لهم بالدخول، قضوا الأيام العشرة التالية في المطار – دون ملابس لتغيير ملابسهم المتسخة أو فراش. وفي نهاية المطاف، أرسلتهم السلطات الأردنية في يونيو/حزيران 2007إلى مخيم الرويشد، حيث كان يعيش 100من الفلسطينيين الآخرين القادمين من العراق.
وكانت الحكومة البرازيلية قد وافقت في هذه الأثناء على إعادة توطين لاجئين من المخيم، ولكن علي وعائلته لم يكونوا ضمن هؤلاء لأنهم لم يكونوا في المخيم عندما قام المسؤولون البرازيليون بالإجراءات اللازمة لإعادة توطين اللاجئين الموجودين في المخيم. وأخذت العائلة تشعر بمزيد من اليأس. بيد أنهم أبلغوا بصورة غير متوقعة صباح ذات يوم بأنه يمكنهم التقدم بطلبات للحصول على الجنسية الأردنية.
وهم الآن يحاولون تديم طلبات للحصول على الجنسية الأردنية، غير أنهم أبلغوا بأن كل طلب من طلباتهم سيكلفهم ما قيمته 5,000دولار أمريكي، وهم ببساطة لا يملكون مثل هذا المبلغ.
أجرى المقابلة مندوبون عن منظمة العفو الدولية في الأردن، سبتمبر/أيلول 2007.
وعلى الرغم من هذا الواجب، فإن دخول العراقيين إلى الأردن قد أصبح أكثر صعوبة بصورة متزايدة على مدار السنتين الماضيتين. وينطبق هذا بصورة خاصة على الشبان، الذين يُعادون دون استثناء عند نقطة الحدود.
وفي 1مايو/أيار 2008، أصدر الأردن قراراً بضرورة حصول العراقيين المتوجهين إلى الأردن على تأشيرة دخول. ويفرض القرار على العراقيين الذين يريدون دخول الأردن التقدم بطلب تأشيرات للدخول في العراق قبل سفرهم. ويمكن تقديم طلب تأشيرة الدخول إلى أي من 13مكتباً من مكاتب شركة المراسلات الدولية "تي إن تي" في العراق،31أو عبر البعثات الدبلوماسية الأردنية في الخارج. وبعد معالجة هذه الطلبات، يتم تحويلها إلى وزارة الداخلية في عمان. وخلال الفترة بين 1و11مايو/أيار 2008، قُدم 927طلباً تمثِّل ما مجموعه 2,811شخصاً.32وقد أشارت وزارة الداخلية إلى أنها قد وافقت على أغلبية هذه الطلبات. وقال مسؤول في "تي إن تي" إنه قد تمت الموافقة على زهاء 60 بالمائة من الطلبات التي أرسلها مكتبها الرئيسي في بغداد.33
ولا تتمتع أغلبية العراقيين الموجودين في الأردن بوضع قانوني، وبذا فهم يعيشون في حالة من عدم الأمان. وبحسب دراسة مسحية أجرتها في 2007المؤسسة النرويجية "فافو"، فإن من بين الفئات الأشد فقراً من العراقيين الذين قابلتهم، لا يملك سوى 22بالمائة تصريح إقامة ساري المفعول.34
كما إن مواصفات العديد من اللاجئين العراقيين – بمن فيهم المسجلون لدى مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين – لا تفي بمتطلبات المعايير المفروضة للحصول على تصريح الإقامة.35ولا يقتصر الأمر هنا على انعدام الأمان بالنسبة إليهم، وإنما يعني كذلك أن عليهم، بمقتضى القانون الأردني، دفع غرامة تصل قيمتها إلى 761 دولار أمريكي عن كل سنة يتجاوزون فيها مدة سريان مفعول تأشيرة الدخول. وقد أعلنت السلطات الأردنية في فبراير/شباط 2008أنها سوف تعفي العراقيين من الغرامات المتراكمة عليهم إذا ما قرروا العودة إلى بلدهم أو السفر إلى بلد ثالث، ولكنه سيكون على من يرغبون في البقاء بعد 17أبريل/نيسان دفع 50بالمائة مما يستحق عليهم لتسوية أوضاعهم، أو المخاطرة بعدم الموافقة مستقبلاً على منحهم إذن الإقامة.36وفي أبريل/نيسان 2008، أُعلن عن تمديد هذا الترتيب لفترة شهر واحد.37
من الناحية الاقتصادية، على اللاجئين العراقيين في الأردن أن يصارعوا من أجل العيش. فما زال العراقيون ممنوعين من العمل، كما هو الحال في سورية، ويواجهون حالة من الإفقار المتزايد. وبحسب الدراسة المسحية للعام 2007التي أجرتها "فافو"، تعيش أغلبية العراقيين على مدخراتها أو على التحويلات المالية؛ حيث يتلقى 42بالمائة منهم حوالات مالية من العراق.38وهذا يتركهم مكشوفين للعوز عندما تنفق مدخراتهم أو إذا ما تدهورت الأوضاع في العراق بما يوقف تدفق التحويلات المالية إليهم.
وورد أن بعض العراقيين الموجودين في الأردن يعملون بصورة غير قانونية، بينما حصل آخرون على تصاريح للعمل. وبحسب مصادر المنظمات غير الحكومية المحلية، فإن من يعملون عرضة لمشكلات من قبيل تدني الأجور والاستغلال والفصل التعسفي.39ومع ارتفاع أجور البيوت، يضطر عدد متزايد من الأسر العراقية إلى تقاسم الشقق وحتى الغرف السكنية.40
وبينما تسعى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية إلى المساعدة على سد هذه الحاجات، تظل قدرتها على ذلك محدودة. وحتى مايو/أيار 2008، كان زهاء 53,000شخص قد سجَّلوا أنفسهم لدى مكتب المفوض السامي للاجئين في الأردن. وثمة عدد من الأسباب يحول دون تسجيل جميع اللاجئين أسماءهم. فليس من الضروري للاجئين في الأردن أن يكونوا مسجلين لتلقي المساعدات، ولذا فإن العديدين منهم لا يتصلون بمكتب المفوض السامي للاجئين. وفضلاً عن ذلك، فإن البعض يواجه صعوبة في الوصول إلى مكتب المفوض السامي بسبب أماكن سكناهم. وقد بوشر بتطبيق برامج للاتصال في محاول لتصحيح هذا الوضع. فيحاول عاملون وظيفتهم الاتصال باللاجئين الوصول إلى العديد من العراقيين لتسهيل انضمامهم إلى مبادرات توزيع الأغذية. بيد أن مثل هذه البرامج تحتاج إلى زيادة التمويل واستمراره لتكتسب صفة الاستدامة.
ويقدم مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين حالياً معونات غذائية يستفيد منها 9,190شخصاً، ومساعدات مالية إلى 7,708أشخاص في الأردن.41وتشير هذه الأرقام إلى أن قلة قليلة من إجمالي عدد اللاجئين العراقيين في الأردن تتلقى المساعدات. ولا يعود هذا إلى عدم حاجة هؤلاء اللاجئين إلى المساعدة، وإنما إلى شح الموارد أو ضعف القدرات. وقد أبلغ مكتب المفوض السامي في الأردن منظمة العفو الدولية أنه غير قادر:
"في الوقت الراهن على حساب كمية الاحتياجات الحالية التي تزيد عن الأعداد المذكورة آنفاً، والتي تستند إلى الموارد المتوافرة، ولكن الاحتياجات الفعلية أعلى بالتأكيد بما لا يقاس مما نستطيع في الوقت الراهن تقديمه.
ويؤكد الموظفون الميدانيون للمنظمات غير الحكومية ولمكتب المفوض السامي الذين يحتكّون يومياً بمجتمع العراقيين ذلك. ومن المتوقع أن يتزايد عدد العراقيين المحتاجين إلى المساعدة نتيجة الزيادة في تكاليف المعيشة في الأردن، ويضاعف من ذلك تآكل ما بين يدي المنتفعين منهم من موارد (موجودات، مدخرات.. وما إلى ذلك".42
ويستطيع جميع الأطفال، بمن فيهم المقيمون بصورة غير قانونية، الالتحاق بالمدارس الآن. فبحسب مكتب المفوض السامي، أكدت الحكومة على أنه سيسمح للعراقيين بالالتحاق بجميع أنواع ومستويات مؤسسات التعليم العام.43بيد أن قطاع التعليم العام يواجه صعوبات في استيعاب أطفال اللاجئين العراقيين، البالغ عددهم 24,000طفلاً. وتحدث وزير التربية والتعليم في الآونة الأخيرة عن الحاجة إلى زيادة المساعدات القادمة من المجتمع الدولي للمساعدة على التخفيف من المشكلات الناجمة عن اكتظاظ الصفوف الدراسية ودوام المدارس على فترتين.
إلا أن هذا لا يعني أن جميع الأطفال العراقيين يذهبون إلى المدرسة. فمن أجل القبول في المدارس، يتعين عليهم جلب وثائقهم المدرسية الرسمية من العراق، وإثبات أنهم لم يتغيبوا عن المدرسة لمدة تزيد على ثلاث سنوات. ولا يلتحق البعض بالمدارس لعجزهم عن تلبية هذه الشروط. بينما يلجأ آخرون إلى القيام بعمل مأجور لمساعدة أهاليهم على إقامة أودهم.44وبحسب المنظمة الدولية لشؤون الهجرة، من السهل على الأطفال في الأردن الحصول على عمل في السوق غير القانونية للعمل.45
ومن الناحية الرسمية، يستطيع اللاجئون العراقيون الانتفاع بخدمات الرعاية الصحية الأساسية الطارئة. بيد أن القيود المفروضة على المعالجة الطبية الإضافية، بما فيها ضآلة فرص الحصول على الخدمات الصحية المتخصصة، تعني أن ثمة فجوة كبيرة بين ما هو ضروري وما هو متاح. فيواجه اللاجئون العراقيون ممن يعانون مشكلات صحية مزمنة، من قبيل داء السكري أو السرطان أو أمراض القلب، صعوبة بالغة في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لهم، إن توافرت.46وفي بعض الحالات، تتحول المشكلات الصحية الثانوية إلى مشكلات خطيرة بسبب عدم توافر العلاج. وفضلاً عن ذلك، تُسهم ظروف السكن المتردية التي يضطر العديد من العراقيين إلى العيش فيها، كالسقوف الدالفة وعدم كفاية التدفئة، في اعتلال صحة الكثيرين.47
ومن الناحية النظرية، يمكن للعراقيين طلب العلاج في العيادات الصحية الخاصة، ولكن معظمهم لا يقدرون على ذلك. وقد تم إنشاء بعض المراكز الصحية الممتازة التي تشرف عليها منظمات غير حكومية وهيئات إنسانية، غير أن هذه لا تستطيع معالجة إلا جزء بسيط ممن يحتاجون إلى العناية.
وتشكل الحاجة المتزايدة إلى الدعم النفسي والدعم النفسي – الاجتماعي من جانب اللاجئين العراقيين باعث قلق كبير الأهمية في الأردن، حسبما تظهر دراسة أصدرها المكتب الدولي للهجرة في فبراير/شباط 2008.48وبين من يحتاجون إلى الدعم في هذا المجال العديد من الناجيات من العنف الجنسي والعنف على أساس النوع الاجتماعي – حيث تم توصيف حالة ما لا يقل عن 4,380عراقية في هذا المجال من قبل مكتب المفوض السامي في 2007.49
لبنان
تمكَّن نحو 50,000لاجئ عراقي من دخول لبنان، 77.5بالمائة منهم بصورة غير شرعية، وذلك بحسب دراسة مسحية أصدرها "المجلس الدنمركي للاجئين" في أواخر 2007. ولسوء الحظ، فإن الطريقة التي استُقبلوا بها ترك الكثير مما ينبغي عمله. فقد عانى هؤلاء من وضعهم غير القانوني، وكذلك من الاعتقال والترحيل، ولا سيما في 2007.
وحتى فبراير/شباط 2008، لم يُمنح اللاجئون العراقيون في لبنان وضعاً قانونياً آمناً، كما لم يُعترف بهم كلاجئين من جانب الدولة. وظلوا طوال الوقت عرضة للتوقيف والاحتجاز إلى أجل غير مسمى في محاولة لإكراههم على العودة إلى العراق. وحتى يناير/كانون الثاني 2008، كان 600لاجئ عراقي، بينهم 323من المسجلين لدى مكتب المفوض السامي، رهن الاحتجاز في ظروف قاسية في سجون مكتظة، إلى جانب مجرمين جنائيين.50وفي أوائل 2008، ورد أن 104 من العراقيين قد عادوا "بصورة طوعية" إلى العراق بعد قضاء عدة أشهر قيد الاعتقال. وأمام تخييرهم بين السجن والعودة إلى العراق، لا بد من طرح الأسئلة حول ما هو "طوعي" في هذه العودة.51
وفي فبراير/شباط 2008، وردت أنباء طيبة عن إعلان الحكومة اللبنانية إقرار برنامج لتسوية أوضاع جميع الأجانب يعطيهم فترة سماح من ثلاثة أشهر لمراجعة مكتب الأمن العام برفقة كفيل لمنحهم إذناً للإقامة و/أو تصريحاً للعمل. وعلى الكفيل أن يودع مبلغاً بقيمة 1,000دولار ككفالة للشخص الواحد.52
وأقنع مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين السلطات بتوسيع نطاق البرنامج ليشمل اللاجئين المحتجزين، الذين يسبب احتجازهم بواعث قلق لمكتب المفوض السامي، وأغلبية هؤلاء من العراقيين. ونظراً لأنه ليس من السهل على اللاجئين المحتجزين أن يحدوا كفيلاً وهم رهن الاحتجاز، فقد أصبح الآن بالإمكان أن يفرج عنهم بلا كفيل. وقد تعهد مكتب المفوض السامي بدفع مبلغ الـ 950,000لييرة لبنانية المطلوب من كل لاجئ محتجز لتسوية وضعه. ومن ثم يطلق سراح اللاجئ ليسلَّم رسمياً
|