مبروك ... العلمانية تخسر
انتهت الانتخابات اللبنانية .... التي شارك فيها العالم كله ...
أمريكا حضرت ...
الغرب حضر ...
السعودية حضرت ...
إسرائيل حضرت ....
إيران حضرت ....
وسوريا وإن تعاملت بلا مبالاة لافتة فقد حضرت ...!!
وبالطبع الحاضر الغائب لبنان ...!!
لن أغوص في تفاصيل العملية الانتخابية اللبنانية ، لأنها لا تعنيني فعلاً إلا في موضوع واحد وهو مدى عكسها لصورة الواقع العربي في المنطقة .
أقرأ كثيراً عن الرابحين وعن الخاسرين ونظريات تحلل وأناس يفرحون وآخرين يحزنون لنتيجة هذه الانتخابات ولكن الثابت الأهم والمعطى الأساس أن هذه الانتخابات كشفت مدى بشاعة الديمقراطية في دولنا العربية ...
وإذا ما ابتعدنا عن الكلام العاطفي الذي لا قيمة له من مثل عبارات (لبنان ربح – لبنان خسر في هذه الانتخابات ) الذي يطلقه بعض المثقفين (المدعين ) نتيجة جهلهم الواضح أو المحازبين لهذا الطرف أو ذاك ... فإن الحقيقة الواضحة والجلية التي ظهرت أن لا أحد في لبنان خسر سوى العلمانيين إذا كان قد بقي علمانيين .. !!
أنظر إلى الطوائف اللبنانية وأرى أن الجميع نجح في إيصال نوابهم إلى المجلس الشيعة – الموارنة – السنة – الدروز – الأرمن ...إلخ
من الذي خسر فعلاً في هذه الانتخابات... اصطفاف 8 آذار..؟
ونحن نعرف أن بتغير المعطيات الإقليمية الاصطفافات اللبنانية تتغير ... !!
إذاً من الذي خسر ...؟!
إن الخاسر الوحيد والأوحد في هذه الانتخابات وهذه الديمقراطية هي العلمانية ...
أعود لأَنظر إلى العراق وديمقراطيته وإلى لبنان وديمقراطيته وسوريا بينهما ... هل فعلاً لو انتشرت الديمقراطية اليوم في سوريا سوف تكون بمنأى عن الاصطفافات الطائفية والإثنية ...؟!
يزعجني دائماً من ينَظّرون للديمقراطية ممن يدعون الثقافة والتزامهم الديمقراطية وهم على جهل تام بواقع شعوبنا العربية... متناسين شرطين أساسيين لنجاح هكذا ديمقراطية مفترضة ...
1- توعية هذه الشعوب وزيادة منسوب الوعي العلمي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي .. إلخ
2- إلغاء التحزب الديني والطائفي والإثني من تفاصيل الحياة اليومية لهذه الشعوب بواسطة زيادة نسبة الوعي لديها .
لا ديمقراطية في المنطقة العربية قبل تحقيق هذين الشرطين أو السير بجدية على طريق تحقيق هذين الشرطين ، ومن يعتقد أن ديمقراطية الطوائف هي ديمقراطية ... فإن أقل ما يقال فيه مخطئ هذا إذا لم نقل عنه جاهل ...
إني اليوم أقف وأنظر إلى المنطقة العربية ، من مصر ومشكلتها مع الأقباط إلى السعودية ومشكلتها مع الشيعة إلى العراق الذي فيه ما فيه إلى لبنان وحكم الطوائف إلى سوريا التي حرص النظام فيها على وَأد أي مشكلة طائفية في مهدها ولو استلزم الأمر الحديد والنار ... وأسأل نفسي سؤال بسيط ... ما العمل وهل من خلاص ؟
نشر في 9-6-2009