رغم ما أصاب البعض من ألم وأسى بعد خسارة وزير الثقافة المصري فاروق حسني في معركة انتخاب رئاسة اليونسكو، فإن هناك عدة مكاسب حققتها هذه الخسارة:

ــ أما أول هذه المكاسب وأكبرها، فهي خسارة فاروق حسني نفسها، ليس فقط لأنها رحمة لبني البشر مما عاناه ويعانيه المصريون من واحد من وزراء باتوا يرضون به من باب القبول بالقضاء والقدر، ولكنه إنقاذ لفاروق حسني حتى لا يصدق أنه عبقرية فذة، على العالم أن يتجرعها عن آخرها.

ــ المكسب الثاني: أيضا يخص فاروق حسني نفسه، ويتمثل في الصفعة التي تلقاها من الصهاينة رغم محاولاته المستميته لشراء رضاهم، من خلال دفاعه المستمر والمستميت عنهم ودعايته لهم، وتجنبه أي حديث أو إشارة إلى عدوانيتهم وجرائمهم وإرهابهم، وامتناعه عن الخوض في أساطيرهم وادعاءاتهم الخرافية. وبالتأكيد فإن هذا المكسب ينسحب على كل المسؤولين المصريين من كبيرهم إلى أصغر أصغرهم، والذين نأمل من الله أن يقتنعوا بأن عشمهم في أميركا وإسرائيل لا يختلف كثيرا عن عشم من يتوقع إنتاج السمن من أوراك النمل.

ــ المكسب الثالث: متربط بسابقه، ويتمثل في الحملات الإعلامية والسياسية المصرية التي انفجرت معلنة اكتشافها العظيم بوجود إصرار أميركي صهيوني على الحيلولة دون بلوغ العرب والمسلمين أية مراتب رفيعه، لذلك تقرأ وتسمع اليوم في مصر كلاما كثيرا عن المؤامرات والدسائس التي يحيكها من يصرون على صراع الحضارات، فلا تملك حيال ذلك إلا أن تقول سبحان مغير الأحوال.

ــ المكسب الرابع: هو اكتشاف المسؤولين المصريين لحماقة التخلي عن أفريقيا، وتركها فريسة للصهاينة، على قاعدة أنور السادات الحمقاء، ((إحنا مالنا ومال المتخلفين دول))، فإذا بالمتخلفين يكبرون ويحسمون بأصواتهم معارك كبرى، ولسوف يحسمون قريبا معارك أكبر وأخطر تتعلق بمياه النيل، وبمن يحق له بسط نفوذه في القارة السوداء.

ــ أما المكسب الخامس من خسارة فاروق حسني فهو وضعه المسؤولين المصريين على أعتاب التخلص من عادة استبعاد غير المرغوب فيهم، أو عادة تكريم بعض متقاعديهم بترشيحهم لمناصب عربية ودولية كبرى، بصرف النظر عن قدراتهم وإمكاناتهم وفهمهم، وكأن هذه المناصب ليست اكثر من منتجعات للراحة والاستجمام حينما يبلغ الواحد منهم أرذل العمر