ترميم البكارة في سوريا تجارة رابحة!
طباعة أرسل لصديق
حسن سلمان - ميدل ايست اونلاين
11/ 03/ 2010
عاشت سوسن لحظة مرعبة حين مثلت أمام القضاء لسرد تفاصيل إجرائها عملية ترميم لغشاء بكارتها، لحظة تماثلت مع إحساسها بوخز الإبر، فيما طبيب النسائية يرهقها بأسئلة مشابهة لأسئلة القضاة.
سوسن فقدت عذريتها إثر علاقة جنسية بشاب سرعان ما تخلى عنها لاحقاً، لتجد قضيتها طريقها إلى المحاكم، بعد أن سطّر زوجها شكوى "غش" بحقها.
ووفقا لموقع "دي برس" الإخباري فإن قضية سوسن هي واحدة من 5 قضايا ترد سنويا لمحاكم دمشق، غالباً ما يكون المشتكي فيها هو الزوج.
ويقول أحد القضاة في قصر العدل بسوريا "لا يزيد عدد الدعاوى عن الخمس، ومعظم الفتيات ينتمين لبيئات فقيرة، أثبتت فحوصات الطبابة الشرعية إجراءهن لعمليات ترقيع".
غير أن هذا العدد لا يبدو دقيقا، فهناك عشرات القضايا من هذا النوع تحاط بالتكتم والسرية، بسبب تركيبة المجتمع وثقافة العيب.
ويؤكد الدكتور إسكندر سعيد (اختصاصي في التوليد وأمراض النساء) أن حوالي 5 فتيات يراجعن يومياً عيادته لإجراء عملية ترميم لغشاء البكارة.
ويؤكد سعيد أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت تضاعفاً كبيرا في أعداد الفتيات اللواتي يرغبن بإجراء عمليات مماثلة، مع استعدادهن لدفع أي أجر يحدده الطبيب ثمناً لاستعادة عذريتهن المفقودة.
وتشير بعض المصادر إلى أن عمليات ترميم البكارة باتت تشكل تجارة رابحة في سوريا، ويرى البعض أنها تحولت إلى "بورصة ترتفع فيها الأسعار حسب العرض والطلب".
وعادة ما يفرض الطبيب (الطرف الأقوى) شروطه المادية مستغلاً ضعف المرأة وقلة حيلتها.
ورغم أن الأجر المتعارف عليه لهذا النوع من العمليات يساوي 5 آلاف ليرة سورية (حوالي 110 دولارات)، فإن البعض يؤكد تضاعف هذا الرقم ليبلغ في بعض الحالات 100 ألف ليرة (حوالي 2200 دولار).
ويقول إسكندر "إننا نقدم خدمة للمريضة، وما نتقاضاه من أجر مهما كان مرتفعاً أهون من الفضيحة الاجتماعية التي ستلاحقها طوال عمرها، ثم إن الأجر يؤخذ بالاتفاق مع المريضة وبملء إرادتها".
فيما يعتبر أحد أطبائها (رفض ذكر اسمه) أن إجراء الطبيب لعملية ترميم البكارة يعد أمراً مخالفاً لأخلاقيات المهنة، وينطوي تحت بند الغش والتدليس، ما يُعرّض الطبيب للمساءلة في حال كشف أمره.
غير أن سجلات نقابة الأطباء في سوريا ما زالت بيضاء وخالية من هذا النوع من العمليات، بحسب عبد الحميد قوتلي نقيب أطباء دمشق الذي يؤكد سرية الاتفاق المبرم بين الطبيب والمريضة لإجراء العملية، على اعتبار أن مصلحة الطرفين تقتضي ذلك.
ويضيف قوتلي "أما في حال قدمت شكوى غش بحق أحد الأطباء فتتم إحالته لمجلس تأديبي، ويغرم بمبلغ يتناسب والأجر الذي تقاضاه".
ويشير موقع "دي برس" إلى أن المشافي سرعان ما لحقت بالركب، بعد أن أغراها الكسب السريع من عمليات الترميم، لتنافس بذلك العيادات وتقاسمها الأرباح على مضض.
وعادة ما ترغب الفتاة بإجراء العملية في مستشفى خاص لأنه أكثر أماناً من ناحية التعقيم، وتدارك المضاعفات الصحية الناتجة عن العملية.
وتشير بعض الإحصاءات أن 60% من النساء بعانين من حالة هلع قبل رتق غشاء البكارة، ما يعرضهن لمشاكل صحية أثناء التخدير قد تؤدي لـ"تقبض قصبي أو لنزيف يفضي بدوره للموت"، وفقاً للطبيب إسكندر سعيد.
غير أن ما توفره المشافي الخاصة من أمان لحياة المريضة "مقبوض الثمن" في فاتورة مضاعفة لا يعفيها من خرقها للقوانين الطبية.
واللافت أن مديرية المشافي في وزارة الصحة السورية لا تمارس الرقابة على هذا النوع من العمليات إلا بناء على شكوى.
وهذا ما يفسر استغراب الدكتور هشام ضويحي مدير المشافي في وزارة الصحة من إجراء عمليات كهذه في المشافي الخاصة، مضيفا "إنها المرة الأولى التي أسمع فيها عن مخالفات من هذا النوع، فما يردنا من شكاوى له علاقة بالتسعيرة والأخطاء الطبية فقط".
وتتحدث العديد من التقارير عن انتشار ظاهرة الترميم في سورية، لدرجة نجحت معها في استقطاب فتيات من مختلف الدول العربية، قصدنها بهدف الترقيع فقط.
ويفضل الأطباء عادة "الزبائن الدسمات" اللاتي يدفعن بالدولار، وقد فضلن إجراء العملية بعيداً عن بلادهن، فـ"ما تدفعه زبونة دسمة يغني الطبيب عن أجر عشر عمليات أو أكثر يجريها لبنت البلد".
في حين تزداد أعداد الفتيات الفاقدات للعذرية واللواتي لا يجدن مخرجاً من أزمتهن سوى بالإقبال على عمليات الترقيع وفقاً للدكتور توفيق داوود أستاذ علم الاجتماع بجامعة دمشق.
ويرى داوود أن اعتراف المرأة بفقدانها للعذرية قد ينتهي في معظم المجتمعات العربية بـ"جريمة شرف" لغسل العار الذي لحق بالعائلة.
وغالباً ما تعاني المرأة، قبل وبعد إجراء عملية الترقيع، من اكتئاب يرافقه خوف وقلق من اكتشاف أمرها.
ويرى الباحث النفسي الدكتور تيسير حسون أن "المريضة تعاني من اختلال ذهني ناتج عن خرقها للقيم المجتمعية، بعد أن فرطت بالحارس المنيع للعفة، ما يدخلها في دوامة من الاضطرابات النفسية قد تلاحقها لسنوات طوال".