(05-16-2010, 10:30 PM)SH4EVER كتب:
السؤال : .... هل صحيح ما ذكر في المقال عن حياة تحية كاريوكا ؟؟؟
صحيح واضيف ايضا هذا المقال عنها
تحية كاريوكا
بقلم : طارق الشناوي
أخذت من النهر عذوبته والبحر عنفوانه والمحيط لا نهائيته.. تحب بعنف وتواجه بعنف وتمنح بسخاء!
«تحية» الفنانة هي بالضبط «تحية» الإنسانية.. إنها تتعايش مع الشخصيات ولا تمثلها ولهذا يصدقها الناس أمام الكاميرا وبعيداً عنها.. لأنها فنانة لا تعرف المكياج.. مكياج الوجه والإحساس!!
عطاء «تحية كاريوكا» يتجاوز مجرد الإبداع الفني، إنه وجود إنساني في أغلب المجالات السياسية والاجتماعية والوطنية.. قبل ثورة يوليو 1952 كانت تقف في مواجهة الاستعمار وعندما قامت الثورة كانت لها بعض الآراء في الممارسة السياسية ودخلت السجن السياسي لمدة 101 يوم بتهمة الانضمام إلي تنظيم يساري اسمه «حدتو >وهذه الكلمة اختصار لأربعة كلمات«حركة ديمقراطية للتحرير الوطني» وداخل السجن لم تفقد المقاومة بل زادتها جدران السجن إصراراً وقادت المظاهرات من داخل الزنزانة ورفعت شعار «ذهب فاروق وجاء فواريق» تقصد الضباط الأحرار!!»
وبعد الإفراج عنها شاركت في كل المناسبات الوطنية فلم تفقد أبداً إيمانها بالثورة رغم كل هذه الانتقادات التي وجهتها إليها وهكذا وقفت في أول الصف.. أسبوع التسليح، حروب 56 و67 و73 وكانت تحية هي أول من يتطوع في الهلال الأحمر وآخر من يغادر الموقع.. أثناء الحصار الإسرائيلي للفلسطينيين في بيروت كانت «تحية» أيضاً هي أول من يذهب إلي هناك مع المناضلين الفلسطينيين!!
هذا التاريخ الوطني الحافل لتحية كاريوكا لا ينافسه إلا تاريخها الفني المرصع بعشرات من الأعمال الفنية العظيمة، فلقد قدمت المسرح السياسي الذي حمل اسمها من خلال فرقتها المسرحية وكان الفنان «فايز حلاوة» يكتب ويخرج ويشارك أيضاً بالتمثيل في هذه المسرحيات التي تلعب بطولتها «تحية».
وقدمت «تحية كاريوكا» للسينما 117 فيلماً روائياً بدأتها عام 1935 بفيلم «الدكتور فرحات» مع المخرج «توجو مزراحي» وقدمت «تحية كاريوكا» في هذا الفيلم تابلوهات راقصة.. تكررت أيضاً تلك التابلوهات في أفلام «وراء الستار» لكمال سليم و«خلف الحبايب» لفؤاد الجزايرلي و«ليلي بنت الريف» لتوجو مزراحي.. فلقد كانت أغلب هذه الأفلام لا تخلو من رقصة أو أكثر.. وكانوا يستعينون بتحية كاريوكا الراقصة باعتبار أنها النجمة الصاعدة في هذا المجال!!
لكن «تحية كاريوكا» لا ترضي أبداً بالتكرار ولهذا سرعان ما تمردت على أن تظل تقدم نفس الصنف السينمائي وأنشأت شركة للإنتاج أطلقت عليها اسم «أفلام الشباب» مع كل من المخرج «حسين فوزي» والفنان «حسين صدقي» وأنتجوا معاً فيلم «أحب الغلط» كان ذلك عام 1942 وفي هذا العام قدمت «تحية كاريوكا» للسينما أربعة أفلام روائية، الثلاثة الباقية هي «الستات في خطر» للمخرج «إبراهيم عمارة» و«أخيراً تزوجت» للمخرج «جمال مدكور» و«أحلام الشباب» للمخرج «كمال سليم»، ويتأكد أن هذه الفنانة تجيد التمثيل بقدر إجادتها الرقص حيث لم تعد «تحية» تكتفي فقط بالرقص في هذه الأفلام ولكنها تؤكد اسمها أيضاً في دنيا الإبداع كممثلة!!
الفنانة المصرية تحية كاريوكا
ثم تأتي مرحلة فارقة وفيلم لا ينسي وهو «لعبة الست» وكان لي أكثر من لقاء مع «تحية كاريوكا» سجلت بعضها في كتاب أصدرته عنها قبل نحو 17 عاماً باسم «فنانة لا تعرف المكياج» سألتها عن دور «نجيب الريحاني» في حياتها فأجابتني قائلة:
قبل أن أصل الى الأستاذ «نجيب الريحاني» أتذكر أستاذي «سليمان نجيب».. كان «سليمان نجيب» هو الأب الروحي والموجه لي.. كان يعلم أن الفنان لا يمكن أن يستغني عن العلم ولهذا شجعني على دراسة الإنجليزية والفرنسية وقال لي ينبغي أن أدرس الباليه وهذا ما فعلته بل إنه اتفق مع السيدة القديرة مدام «رطل» التي كانت والى عهد قريب تتولي تدريب الأصوات الغنائية على فن الأداء.. ورغم أنني لم أكن غنيت ولم يكن أيضاً في نيتي أن أغني فإن «سليمان نجيب» ألحقني عند مدام «رطل» وهو الذي رشحني لمشاركة «نجيب الريحاني» بطولة «لعبة الست».. رفضت في البداية خوفاً من الوقوف أمام هذا العملاق وقلت له إنني مشغولة بالتصوير في فيلم آخر لحساب «توجو مزراحي» وتصور «سليمان بك» – تقصد سليمان نجيب – أنني أعترض على الأجر وتعاقدوا معي على 2500 جنيه وهو أعلى رقم بمقياس تلك الأيام عام 1946!!
تتذكر «تحية كاريوكا» أول مرة وقفت أمام «نجيب الريحاني» لم تنطق كلمة واحدة أمام الكاميرا وحتى يتم تخفيف الموقف داعب «نجيب» مخرج الفيلم «ولي الدين سامح» وقال له: معلش احنا لسه ما خدناش على بعض، أجل التصوير.. وبالفعل أرجأ «ولي الدين سامح» تصوير الفيلم وهكذا – تقول «تحية كاريوكا» – أخذ «نجيب الريحاني» يحدثني في كل شيء إلا فيلم «لعبة الست»، كان حريصاً على أن ينسيني أنني سوف أقف أمام الكاميرا معه حتى أصبحنا صديقين وبعد يومين أكمل المخرج التصوير وأكثر من مرة يهنئني «نجيب» بصوت عال وإذا حدث خطأ مني يعتذر هو مدعياً أن هذه هي غلطته!!
وتتذكر أيضاً «تحية كاريوكا» أن «نجيب الريحاني» رفض أن يحضر افتتاح الفيلم.. حيث استشعر أن الفيلم لن يحقق نجاحاً مع الجمهور وحضرت الافتتاح بمفردي وقابل الجمهور الفيلم أحسن استقبال وكان ولايزال هو أنجح أفلام «نجيب الريحاني»، ومن بعدها ظللنا أصدقاء.. وكانت صداقتي لنجيب الريحاني هي أكبر مكافأة لي أكبرحتى من نجاح الفيلم!!
قبل أن تغني «تحية كاريوكا» في هذا الفيلم كان العرف السائد هو أن النجمات لايغنين في الأفلام إلا عن طريق البلاي باك حيث تغني مطربة أخرى وما عليهن إلا إيهام الناس بأن هذه أصواتهن ولكن المخرج «ولي الدين سامح» حرص على أن تغني «تحية كاريوكا» بصوتها.. وجاء لها بملحن وصديق وهو الموسيقار «محمود الشريف».. كان «الشريف» في مطلع حياته الفنية قد التقى مع «تحية» في صالة «بديعة» وبينهما صداقة قديمة ورغم ذلك رفضت «تحية» أن تغني في البداية أمام الفرقة الموسيقية ووافقت على أن يصحبها «الشريف» بالعزف على العود، على أن تظل الفرقة الموسيقية في الخلفية وتم تسجيل أغنية «يا خارجة من باب الحمام» ولم تغن «تحية» بعدها حتى عندما طلب منها الموسيقار «محمد عبدالوهاب» غناء «قالوا البياض أحلي ولا السمار أحلي» رفضت وقالت له: أغني فقط من تلحين «محمود الشريف» وسجلت هذه الأغنية «سعاد مكاوي» بعد ذلك.. وتضحك «تحية» وتقول: أصل أنا عشرية قوي الشريف و فريد الأطرش ومحمد فوزي كنا نرقص معاً عند «بديعة» دول عشرة عمر ما أقدرش أقول لأ لكن «عبدالوهاب» مش صاحبي!!
يأتي فيلم «لعبة الست» عام 1946 بنجاحه الضخم ليؤكد صدق هذه الفتاة السمراء صاحبة الحضور والتوهج والتي تقف مع العمالقة «نجيب الريحاني» و«ماري منيب» و«عبدالفتاح القصري» و«بشارة واكيم» و«سليمان نجيب»، والمشاهد التي تجمعها مع «نجيب الريحاني» في لحظات تمردها هي من أهم المشاهد السينمائية التي تتضح فيها قدرات الممثل.. حيث إنها تقدم شخصية تتناقض في مشاعرها الخارجية والداخلية فهي تحب «نجيب الريحاني» ولكن نداء الشهرة والفلوس يثير في أعماقها هذه الحيرة وصدقها الناس ولا يزالون وبرغم مرور أكثر من نصف قرن على هذا الفيلم فإنهم يستعيدون دائماً مشاهدة بل إن «محمد صبحي» قبل عشر سنوات أعاد تقديم «لعبة الست» على خشبة المسرح!!
شاركت «تحية كاريوكا» في بطولة أفلام كبار مطربي الأربعينيات والبداية مع «فريد الأطرش» زميلها القديم في صالة «بديعة مصابني» فيلم «أحلام الشباب».. للمخرج «كمال سليم» عام 1942 ومع «محمد الكحلاوي» عام 1944 في فيلم «طاقية الإخفاء» إخراج «نيازي مصطفي»، و«ليلة الجمعة» عام 1945 مع المطرب «إبراهيم حمودة» إخراج «كمال سليم».. وتكررت التجربة مرة أخرى مع «إبراهيم حمودة» في فيلم «الصبر طيب» في نفس العام من إخراج «حسين فوزي» ومن إنتاج شركة «أفلام الشباب» التي تشارك في رأسمالها «تحية كاريوكا».
وتعاود أيضاً التجربة مع «فريد الأطرش» في فيلم «ما أقدرش» للمخرج «أحمد بدرخان» ومع «محمد أمين» «نجف» و«يحيا الفن» وأيضاً المطرب «محمد فوزي» في فيلم «حب وجنون» إخراج «حلمي رفلة» وإنتاج «محمد فوزي» و«كارم محمود» «عيني بترف» عام 1950، وقبل ذلك بعام تشارك عبدالعزيز محمود «منديل الحلو» والفيلمان لنفس المخرج «عباس كامل».. كانت هذه الأفلام الغنائية الراقصة تلقى صدي طيباً عند الجمهور.. بينما نجد أن «سامية جمال» على سبيل المثال تقدم أغلب أفلامها مع «فريد الأطرش» بينما «تحية كاريوكا» تشارك كل مطربي الأربعينيات تقريباً بطولة أفلامهم.
تحية كاريوكا في فيلم شباب امرأة
ذروة أعمال «تحية كاريوكا» هو فيلم «شباب امرأة» 1956 للمخرج «صلاح أبو سيف» والذي حصلت من خلال دورها فيه على جائزة الدولة.. إن هذا الدور يبدو وكأنه ينادي على «تحية كاريوكا» فلقد ذابت تماماً الحدود الفاصلة بين الدور والشخصية التي تؤديها.. «شفاعات» هو ذروة أدوار بنت البلد ليس فقط في تاريخ «تحية كاريوكا» بل في تاريخ السينما العربية.. إن هذه الشخصية التي أدتها «تحية كاريوكا» برغباتها المحمومة كان من الممكن أن تسقط في الفجاجة والنمطية ولكن «تحية» تقدم هذا الدور بأستاذية وإيحاء وبعدها نكتشف أن أكثر من فنانة تحاول أداء هذه الشخصية ولكنهن يسقطن وهن يحاولن تقليد «تحية كاريوكا»، لقد صار «شفاعات» هو ترمومتر أداء دور بنت البلد!!
وقالت لي «تحية كاريوكا»، عندما رشحها «صلاح أبو سيف» لبطولة فيلم «شباب امرأة» قال لها هو وكاتب القصة «أمين يوسف غراب» «ليس لدينا أجر لا توجد ميزانية للممثلين فقط لدينا فيلم».. قرأت «تحية كاريوكا» القصة وقالت لهم: أنا معكم بدون أجر، واتصلت بشادية التي كانت تلعب أدوار البطولة المطلقة وقالت لها «تحية كاريوكا»: الدور صغير ولا يوجد أجر.. قالت «شادية»: أنا معكم، وكان حماس «شادية» هو الدافع لإنتاج هذا الفيلم حيث إن الموزع يشترط موافقة «شادية» التي لعبت هذا الدور لمساندة «تحية».. هذا الفيلم تقول عنه تحية كاريوكا: «شباب امرأة» و«أم العروسة» و«لعبة الست» وغيرها من الأفلام التي نجحت مع الناس كان السبب الرئيسي هو جلسات العمل التي نشارك فيها، لقد كان «عبد الوارث عسر» يلتقى معي أنا و«صلاح أبو سيف» و«السيد بدير» و«أمين يوسف غراب» ونتناقش في كل التفاصيل ولهذا يتذكر الناس «شباب امرأة» حتى الآن وشاركنا بهذا الفيلم في مهرجان «كان» السينمائي يومها ارتديت الجلباب البلدي مع نجوم العالم الذين حضروا المهرجان.. ونفت لي «تحية» ما تردد وقتها بأنها رفعت الحذاء في وجه «ريتا هيوارت» المعروفة باتجاهاتها الصهيونية قالت لي «تحية»: هذا لم يحدث إنها مجرد إشاعات!!
ويتجدد لقاؤها عام 1957 مع «صلاح أبو سيف» في «الفتوة» ثم يسند لها المخرج «حسن رضا» فيلم «المعلمة» وقبل ذلك بعام تلعب دور «سمارة» في الفيلم السينمائي الذي أخرجه «حسن الصيفي» وهو عن المسلسل الإذاعي الشهير الذي لعبت بطولته «سميحة أيوب» وجميعها تنويعات لدور بنت البلد!!
تتعايش «تحية كاريوكا» مع الزمن ولا تناصبه العداء ولهذا يتواصل عطاؤها.. إنها تقدم دور امرأة ناضجة تتجاوز مرحلة الشباب في فيلم «احنا التلامذة» للمخرج «عاطف سالم» عام 59 وهذا الفيلم مأخوذ عن وقائع حقيقية.. وتواصل مشوارها مع «عاطف سالم» أيضاً في ذروة سينمائية أخرى لها وهو فيلم «أم العروسة» تأخذ عن هذا الدور جائزة الدولة للمرة الثانية.. إنها تقدم في الفيلم دور أم لسميرة أحمد وفي العادة فإن السينما عندنا تقدم الأم في دور هامشي ولكن في هذا الفيلم الذي انتج عام 1963 نجد أمامنا دوراً متكاملاً في بنائه وأمًا قوية الشخصية لها موقف وقد أعطت «تحية» الكثير لهذا الدور.. منحت «تحية» بأدائها صدقاً وخصوصية لدور الأم لم تشاهده السينما قبل «تحية كاريوكا».. قالت لي «تحية كاريوكا» إن «عماد حمدي» كان متردداً في قبول دور «أبو العروسة» بسبب أن «سميرة أحمد» تلعب دور ابنته وكان قبلها يلعب دور حبيبها في «الخرساء» ولكنها قالت له: ولكنك من الممكن أن تنجب «سميرة»، وقدم «عماد» في «أم العروسة» أروع أدواره!!
وفي فيلم «الطريق»1966 للمخرج «حسام الدين مصطفي» تؤدي «تحية كاريوكا» دور «بسيمة عمران».. إن المشاهد قليلة جداً لأن البطولة في الفيلم لـ «شادية» و«سعاد حسني» و«رشدي أباظة»، ولكن المخرج رشح الفنانة الكبيرة التي لم تتردد في الوقوف مع هذا الفيلم.. وتظل «تحية كاريوكا» بهذه اللقطات القليلة عالقة بأذهان الناس.. كان «رشدي» قبلها ببضع سنوات زوجاً لتحية ولكنها وافقت ببساطة أن تلعب دور أمه!!
تحية كاريوكا مع سعاد حسني فيلم خللي بالك من زوزو
وتأتي السبعينيات زاخرة بالسينما السياسية وتشارك «تحية كاريوكا» في «زائر الفجر» للمخرج «ممدوح شكري» و«الكرنك» للمخرج «على بدرخان».. أدوار قصيرة لكنها لا تتوقف عن العطاء ويأتي دورها المميز مع المخرج «صلاح أبو سيف» في «السقا مات».. وتصالحت بأستاذية مع الزمن في عام 73 ووافقت على أن تؤدي دور «نعيمة ألماظية» الراقصة التي فقدت لياقتها ولكنها لا تستسلم، وفي الثمانينيات تقدم «تحية كاريوكا» فقط سبعة أفلام روائية أهمها «للحب قصة أخيرة» للمخرج «رأفت الميهي» و«آه يا بلد آه» للمخرج «حسين كمال»، وفي عام 1990، تلتقى مع «يوسف شاهين» مجدداً في «إسكندرية كمان وكمان» وتستمر «تحية كاريوكا» في العطاء والوجود وبرغم أن المناخ السينمائي لم يحسن وقتها الاستفادة من طاقة هذه الفنانة العملاقة لكنها تظل بمثابة الجندي الحارس على صدق إيقاع الحياة السينمائية.. يسند لها «يسري نصر الله» دوراً مهمًا في أول أفلامه الروائية «مرسيدس» عام 1993 وتشترك من أجل لقمة العيش في أفلام مثل «سوق النساء» و«يا تحب يا تقب»!!
المحطة الأولي في مشوار «تحية كاريوكا» في هذه المدينة الجميلة الهادئة «الإسماعيلية» تقول «تحية» واسمها الأصلي «بدوية محمد كريم» لكنها لم تكن تحب أن يناديها أحد بهذا الاسم الى درجة أنها في حوار مكتوب من خلال استمارة أعدها المخرج الكبير «محمد كريم» لتصبح بمثابة وثيقة سألها عن اسمها الحقيقى قالت أيضاً «تحية».. قالت لي «تحية»: الإسماعيلية بلدي ولدت بها وعشت فيها حتى 12 عاماً، أضافت: إن الرئيس «أنور السادات» أثناء مرحلة كفاحه كان يختبئ عندهم في المزرعة وأنه هو الذي ذكرها بتلك الواقعة.. نزحت للقاهرة بعد ذلك بسبب مشكلات مع أخيها الكبير الذي عذبها وحلق شعر رأسها.. قصدت بيت السيدة «سعاد محاسن» وهي صديقة لأخ آخر لها ولكنها لم تجدها في القاهرة وسافرت الإسكندرية حيث كانت مدام «سعاد محاسن» تغني هناك وطلبت منها أن نعمل معها كانت تمسك «حربة» وتقف على المسرح ولا تنطق بكلمة واحدة وكان يشارك في هذه المسرحية الفنان «بشارة واكيم» وهو الذي اقترح على مدام «محاسن» أن تمسك بالحربة.. وارتضت وتعايشت في صباها المبكر مع عملها ككومبارس في المسرح وتضيف: لكن بعد أربعة أشهر سافرت السيدة «محاسن» الى سوريا بعد أن زال سوء التفاهم مع زوجها إلا أنها قبل أن تسافر لم تشأ أن تتركني بدون أن تعرفني على أهم سيدة عرفتها في حياتي «بديعة مصابني»!!، تعلمت من بديعة مصابني أن الإنسان يقاوم السقوط برغم أن بديعة كانت قد أنتجت فيلماً وسقط جاءوا للحجز عليها وكادت أن تنتحر لكنها صمدت ووقفت على قدميها بعد أن أنقذتها ووجدت أمامي السيدة «بديعة مصابني» تقف شامخة مرة أخرى ورفضت أن أقيم بالقاهرة بمفردي وأصرت على أن تأتي أمي لتقيم معي.
«تحية كاريوكا» ظلت تمارس الحياة السياسية حتى سنواتها الأخيرة فلقد تزعمت اعتصام الفنانين وكانت هي الفنانة الوحيدة التي أضربت عن الطعام عام 1988 ولم يوقف إضرابها سوى تدخل الرئيس «حسني مبارك» الذي اتصل بها في نقابة السينمائيين مقر اعتصام الفنانين وداعبها قائلاً: عايزة يقولوا يا ست «تحية» إنك عشت تأكلين في عهد فاروق وعبد الناصر والسادات وبعدين تموتي جوعانة في عهد مبارك!.. وانفض الاعتصام وتقابل الفنانون وعلى رأسهم «تحية» بعدها مع الرئيس في لقاء ودي داعب فيه الرئيس كثيراً «تحية كاريوكا»!!
عرفت «تحية كاريوكا» منذ أن كنت طالباً بكلية الإعلام وأجريت معها وأنا في السنة الأولى بالكلية حواراً نشرته على صفحات جريدة «صوت الجامعة» ومن بعدها صارت بيننا علاقة حميمة.. كنت في تلك الأثناء أذهب إليها في بيتها 16 شارع النيل بالجيزة بيت مترامي الأطراف.. به شرفة تتجاوز عشرة أمتار ومر زمن قصير لتسلب منها شقتها بعد أن طلقها «فايز حلاوة»، وأطلق «مأمون الشناوي» نكتة وهي أن «فايز» تزوج «تحية» «عظم ورماها لحم» حيث كان وزنها قد ازداد كثيراً.. وأذهب إليها في شقة لا تتجاوز بضعة أمتار قليلة أمام سينما التحرير عمارة رقم 49 غرفة نوم وصالة فقط لا غير ولكن «تحية» لم تتغير ظلت تملأ هذا المكان الضيق حياة وكنت أشعر عندما أقابل «تحية» داخله وكأنه قصر ملكة وليس بيتًا لا تتجاوز مساحته فقط 100 متر.. كنت أجد في الصالة صورة «رشدي أباظة» قالت لي إنه الرجل الوحيد الذي أحبته.. وقبل رحيلها بعام واحد وهي تفتح باب شقتها وجدت طفلة رضيعة فقررت أن تتبناها وأطلقت عليها اسم «هبة الله» أصرت على أن تكتب لها «فيفي عبده» وديعة في البنك مقدارها 100 ألف جنيه وأوصتها أن تتبناها بعد رحيلها وهو ما نفذته بالفعل «فيفي عبده»!!
وفي المستشفى الذي شهد أيامها الأخيرة ذهبت إليها قالت لي: دائماً أحلم بـ «نجيب الريحاني»، «سليمان نجيب»، «بشارة واكيم»، «حسين رياض»، «عبدالفتاح القصري»، «محمد فوزي»، «فريد الأطرش»، «ماري منيب»، «سامية جمال».. وعلمت من ابنة شقيقتها الفنانة «رجاء الجداوي» أنها أيضاً في يقظتها كانت تعيش معهم وتردد أسماءهم وربما تغني معهم «يا خارجة من باب الحمام وكل خد عليه خوخة».. وبعد رحيلها فتحوا الدرج الخاص بها لم يعثرو على نقود وجدو فقط صورة تجمعها مع «رشدي أباظة» ودبلة زواجها من «فايز حلاوة»!!
فيديو تحية كاريوكا اغنية يا خارجة من باب الحمام من فيلم لعبة الست
http://www.youtube.com/watch?v=EJCFs5OI-d4&feature=player_embedded