العرب الأحرار كما أسميهم هم أولئك الذين خالفوا المعتقدات المتوارثة في مجتمعاتهم وخاصة تلك الدينية منها، ولم يفعلوا ذلك بشكل جماعي ، بل كانت تجربة كل واحد منهم فردية ومتميزة عن كل التجارب الأخرى، لا تنفصل فيها العوامل العقلية الخالصة عن الظروف الإجتماعية والخبرات الشخصية والأوضاع العائلية والإقتصادية.

أما عن لماذا اخترت لهم وصف الأحرار؟
فالسبب هو أن المعتقدات التي خرجوا عليها غالبا ما تضع حياتهم في خطر سواء من الناحية العائلية أو من الناحية القانونية.

لقد أثرت الإنترنت كثيرا في نشوء العرب الأحرار ، لأن الإنفتاح المعلوماتي الضخم الذي حصل مع شيوع الإنترنت، خلق صدمة كبرى لدى هؤلاء ، بحيث أنهم رأوا التناقض والكذب الذي كان يعرض عليهم في الوسط الأسري والمدرسي في عصر ما قبل الإنترنت. وعندما انكشفوا على العالم ، إذا بهم يكتشفون بأنهم عراة تماما أمام عاصفة الحقيقة التي لا تعرف الواسطة أو المحاباة.

أخذ كل من العرب الأحرار اتجاها مختلفا وحصل الكثير من التخبط في الإتجاهات وواجهوا صعوبة كبيرة في تحديد خط السير الجديد. ولا زالوا

لكن نشأة المنتديات العربية الحرة ، وهي المنتديات التي تحمل قسط من العرب الأحرار مسئولية إنشائها وتأمينها للأعضاء سواء ماديا أم على صعيد الخصوصية الشخصية ، ساعد كثيرا على تبادل أفكار الحيارى المصدومين في نهاية القرن العشرين.

ومن أهم آثار نشأة تلك المنتديات هو صعود تيار علمي يتعاون على ترجمة الحقائق التي تم طمسها من قبل الحكومات والجماعات الإسلامية في مدارس الدول العربية وجامعاتها طوال الحقبة الماضية.
فظهرت حركة نشطة لترجمة أحدث المكتشفات العلمية التي يعتبر الحديث عنها كفر وتجديف في الوسط العربي حتى اليوم ، ومن أهمها نظرية التطور ، وخاصة منها ذلك القسم الخاص بتطور الإنسان.

وأما عن / لماذا هي حرب ؟

فلأن اللعنات والتوعدات في الدنيا أو الحياة الأخرى تلاحقهم دائما من أصحاب التقاليد المحافظة والعقائد التي تعتمد على تكميم الأفواه كسبيل إلى الإدعاء بصدقيتها ورسوخها.
ومن ثم فإن وجودها يصبح مهددا عندما ينشأ مناخ الحرية ، ولا بد أن تسعى إلى القضاء على الأصوات المعارضة أو المتشككة بدعوى درء الفتنة.
وأسهل وسيلة لتلك العقائد في محاكمة الأصوات الخارجة عنها هو صب اللعنات والسباب وإلصاق تهم الخيانة واللاأخلاقية على الأصوات الحرة التي اختارت طريقها، وهذه الطريقة العاطفية تساعد على اختصار وقت المحاكمة وإراحة الضمير عند تنفيذ الحكم الجائر بسجن أو قطع الأصوات العربية الحرة دون معاناة من عقدة الشعور بالذنب لارتكاب جريمة ضد العقل الإنساني وحريته في التجول بين الأفكار واختيار ما يناسبه منها وفقا لمباديء حقوق الإنسان والحرية التي أقرها العالم كله.

غير أنه لا زالت هناك بعض المشكلات الرئيسية التي تواجه العرب الأحرار في حربهم ضد محاولات تكميم حرياتهم..

ومن أهمها مشكلة التطرف المضاد، وقد وقع فيها الكثيرون كنتيجة للسخط الذي شعروا به بعد أن أمضوا كل عمرهم في خديعة كبرى - كما يعتقدون - وبالتالي فإن الغضب المحيق بهم جعلهم يتطرفون إلى الإتجاه المضاد بحيث أنهم أصبحوا فاشيين في مواجهة فاشية مجتمعاتهم ، ولم يعد لديهم مانع من سحق تلك المجتمعات التي ينتمون إليها لإرضاء هذا السخط والتدليس الذي تعرضوا له منذ الطفولة وحتى الشباب.

لا زال العرب الأحرار في الجيل الأول ، وقد نجحوا إلى حد كبير بمساعدة الإنترنت ورغبتهم الشديدة في نشر الحقيقة التي حرموا منها في الصغر بين القراء العرب في ترجمة العلوم المحظورة والنظريات الآثمة إلى اللغة العربية ، وقد بدأ الجيل الجديد منهم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 فما فوق في التشكل بالفعل كنتيجة لهذه الجهود.

ولا زال الجمود الإجتماعي يحيط بهم حيث أن كل محاولات مواجهتهم بالكلمة فشلت تماما أمام قوة التيارات العلمية من متخصصيهم والتي تؤازرهم امام دعوات التكفير والخطابات العاطفية التي لم تستطع مجتمعاتهم الجامدة أن تنتج سواها كمقاومة هشة لهم.

وأمام الجيل الاول من العرب الأحرار مسئوليات عديدة منها الإستمرار في مجهوداتهم ، وعدم التراخي، وأهمها هو نقل روح الحقيقة والشغف العلمي إلى الجيل الثاني ... لأن الخطر الذي يهدد الجيل الثاني من العرب الأحرار هو اللامبالاة والوقوع في فخ اللامعنى أو العبث ، وإهمال الشغف العلمي والتعطش للمعرفة ، وهذه مسئولية الجيل الأول.. أن يرسخها في أصدقائه من الجيل الثاني حتى تستمر الشعلة وتزول ظلمة التعتيم عن العالم العربي.