عندما نتكلم عن الانسان، من الناحية البيلوجية، ليس المقصود نوع الانسان الحديث وانما جنس الانسان بجميع انواعه، وبالتالي فنحن نتكلم عن انواع منفصلة تماما، وبالتالي ليس انسانا . على هذه الخلفية اتساءل:
الإنسان الاول وقف على رجليه في أفريقيا، ولكن متى وقف، وكيف استعمر العالم؟
على مدى الثلاثين عام الماضية سعى العلماء بعزم الى كشف اللثام عن تاريخ اجداد الانسان الحالي، وبفضل جهودهم اصبحت شجرة نسب الانسان الحديث كاملة تقريباً حتى الجذر، وهي شجرة لها من العمر مابين خمسة الى ثمانية ملايين سنة.
اللقى المستحاثية التي انارت للعلماء الطريق غالباً ماتكون بقايا صغيرة لهياكل عظمية، ونادراً مايعثر المرء على هياكل كاملة، ولذلك يمكن القول انه يوجد لدينا علماء مستحاثات اكثر بكثير من المستحاثات العظمية المرتبطة بتاريخ الانسان. والصحيح ايضا انه توجد الكثير من التفسيرات والنقاشات الحارة التي تصل الى حدود غير ضرورية، خصوصا بفضل تتدخل وجهات النظر على خلفية دينية.
يتفق العلماء على ان تاريخ الانسانية انطلقت من افريقيا، ويمكن تقسيم هذا التاريخ الى مراحل رئيسية وهي: مرحلة الانتصاب وظهور بعض خصائص الجسم المميزة التي نراها عند القرد الجنوبي المسمى Australopithecus, ومرحلة تتطور الدماغ، وإستخدام الادوات وتتطويرها عند الانسان الاول تحت تسمياته المختلفة: Homo Erectus, Neanderthalensis, Homo Sapiens.
من ناحية التصنيف البيلوجي يتفق علماء الاحياء على ان الانسان الحديث ينتمي الى نوع الهوموسابينس Homo sapiens, وينتمي الى جنس الهومو وتعني البشر ومجموع المنتمين الى جنس البشر واشباه البشر يشكلون الفصيلة البشرية (fam. Hominidae), وفيها يدخل الانسان الحديث وبقية الانواع البشرية التي انقرضت، وبالطبع مايسمى الفرد-الانسان. والمجموعة الاخيرة بدورها تدخل في رتبة Simiae or Anthropoidea, وعمليا تعني رتبة القرود. والرتبة هي جزء من صف Primates وينتمي اليها القرود وانصاف القرود ثم تأتي شعبة Eutheria, وبعدها مملكة اللبونات ومن ثم نطاق الفقريات واخيرا Chordata.
في موضوعنا هنا سنبدأ من صف البريمات ونصعد معهم في الطريق الى الانسان الحديث. آثار البريمات تدلل على انهم ظهروا للمرة الاولى قبل 65 مليون سنة في العصر الجيلوجي باليوسين. (paleocen). اقدم الاعضاء المعروفين لنا ينتمون الى ماتحت مجموعة Anthropoidea, وجرى العثور عليهم في افريقيا وامريكا اللاتينية، وهي مجموعة تعود الى عصر الاوليغوسين المبكر قبل 32 مليون سنة. في الفيوم المصرية جرى العثور على مستحاثة لبريمات تعود الى ماقبل 37 مليون سنة. غير ان اكثر المستحاثات اهمية عثر عليها في المانيا واطلق عليها ايدا، وتنتمي لمجموعة Adapoidea واهميتها في انها تقدم دلائل تشريحية مفصلة تظهر انها كانت ليمور-قرد غير كامل ولكنها قريبة للغاية منهم، بحيث انها تشكل جسر الانتقال بينهم. جرى العثور عليها عام 1981 وبدأت دراستها عام 2007. [URL="http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/Biologia/bio-0122.htm"]للمزيد عنها اضغط هنا[/URL]
الافريقيون يعيشون جنبا الى جنب مع الغوريلا والشمبانزي والشمبانزي القزم وبقية انواع القرود. منذ عام 1871 كتب تشارلز داروين، متوقعاً، ان القرود الافريقية الكبيرة تتشابه كثيرا مع الانسان، مما يعطي الاساس للتوقع اننا ستكتشف آثار بقايا اجدادنا في افريقيا بالذات. بعد هذا التنبوء بأكثر من مئة عام وبالضبط في منتصف القرن الماضي بدأ العلماء بالبحث في افريقيا، لتتحقق نبوءة داروين.
غير ان نبوءة داروين لم تتحقق بدون محاولات للاحتيال واستغلال العلم لصالح مصالح قومية وعنصرية. في انكلترا اعلن بعض العلماء عام 1912 بإكتشاف بقايا "إنسان بيلت داون" (Piltdown). الاكتشاف كان يشير الى ان الانكليز ملكوا جذوراً عميقة وان من الممكن ان يكونوا هم بالذات اصل الانسان، فالمستحاثة كانت مناسبة للغاية لتكون حلقة الوصل بين الانسان والقرد. لقد كانت تملك فك قرد، واسنان قرد ولكن جمجمة انسان. اظهرت الدراسات فيما بعد ان "إنسان بيلت داون" ليس إلا محاولة للغش والتزوير. الكشف عن هذا التزوير من قبل الاوساط العلمية، جعل الكثيرين يتنفسوا الصداء، ليس فقط اعداء النظرية، الذين اعتقدوا ان ذلك كافي لنفي صحة النظرية، بل حتى من قبل اتباع النظرية ومؤيديها، إذ اظهر بوضوح ان المؤسسة العلمية قادرة على كشف الخداع والتزوير وصيانة الحقيقة. بل ان سرور علماء المستحاثات كان اكبر، إذ ان " إنسان بيلت داون" بلبل كل امعطيات الموضوعية التي كانت بحوزتهم وأعاق قدرتهم على تقديم تفسيرات منطقية عن المستحاثات التي بحوزتهم، إذ معطياتهم لم تعد تتلائم مع المستحاثة المزورة.
عام 1924 جرى إكتشاف مستحاثة غاية في الاهمية اطلق عليها اسم "طفل جارت" (Darts baby), من قبل Raymond Dart, وهي عبارة عن مقدمة الجمجمة والفك الاسفل وقسم صغير من اسفل الجانب الخلفي للجمجمة. الاسنان تشابهت مع اسنان الانسان. كنوع اطلق على المستحاثة اسم Australopithecus africanus, وتعني القرد الافريقي الجنوبي. مكتشفها دارت اعتبرها من آثار اجداد الانسان، وهذا النوع يعتبر اعلى تتطورا من " لوسي" .
في البدء لم يعر احد اهتماماً بإعلان الباحث لاعتقاده بقرابتها مع الانسان، فالجميع كان ينتظر ان تكون مستحاثة " جد الانسان" مميزة بكبر دماغها، بإعتبار هذا ماجعل الانسان مختلفاًَ. وبفضل العثور على المزيد من المستحاثات إنتبه العلماء الى ان معالم التشابه مع الانسان الحديث تتطابق اكثر مع تفاصيل من مثل الاسنان وليس الدماغ.
اليوم نعلم بوجود، على الاقل، خمسة انواع من انواع القرد الجنوبي اربعة منهم من جنس القرد الجنوبي والخامس يدعى Ardipithecus ramidus, وهي للقرد الجنوبي الاكثر قدما والاقرب الى القرد. بعض المستحاثات التي وجدت لازالت بدون تصنيف.
القرد الجنوبي عثر عليه في عدة مناطق منها اثيوبيا وتنزانيا وجنوب افريقيا وكينيا، مما يشير الى انه كان منتشرا من القرن الافريقي الى جنوب القارة الافريقية. الاجناس المعروفة منه والاكثر قدما تعود الى ماقبل 4,4 مليون سنة وعاشت في الغابات. قبل حوالي 2,6 مليون سنة جرى تغيير في المناخ والبيئة، انعكس على ظروف حياة هذا القرد. المناخ اصبح اكثر بروداً وجفافاً، مما ادى الى تحول المنطقة الى شبه سهوب.
هذا التغيير في البيئة اظهر افضليات البنية التشريحية لقرد الجنوب، حيث ان مستحاثات الانواع الاقدم تظهر لنا ان جسم هذا النوع من القرود البشرية كان قادراً على السير منتصباً، ولكن عظام اصابع الاقدام كانت لازالت معقوفة، والاذرع لازالت طويلة، تماما كما لدى القرود المتسلقة. العثور على اربعة عظام لقدم قرد الحنوب تشير الى ان الابهام كان لايزال منتحياً الى الجانب، تماما كما لدى قرود اليوم، مما يجعله قادرا على مسك الاغصان بقدمه. الى فترة قريبة كان التفسير ان البعض من مجموعات القرد الجنوبي، لابد انه كان يملك اقدام لها نفس بنية اقدام الانسان، إذ قد عثرت العالمة Mary Leaky, عام 1978-1979 في منطقة Laetoli التنزانية على آثار اقدام لثلاثة قرود جنوبية، لها من العمر 3,6 مليون سنة، راسخة في طبقة من المخلفات البركانية. طبعة القدم تشير الى ان الابهم الكبير كان مكانه كما لدى الانسان الحالي، وان القرود تضع عقب الرجل اولا عندما تسير الى الامام، غير ان العثور على اردي يشير الى وجود مجموعة اقدم كانت في حالة تسمح لها بالسير المنتصب. [URL="http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/Biologia/bio-0132.htm"]للمزيد عن اردي اضغط هنا[/URL]
في عام 2000 وجد Tilahun Gebreselassie & Zeresenay Alemseged, من اثيوبيا هيكلا عظمياً كاملا، من مكان يسمى Dikika واقع في المنطقة المشهورة بإسم Rift Valley, وهي منطقة ترسبية تعود الى اربعة ملايين سنة. وعلى الاغلب فصاحبة الهيكل العظمي قد غرقت في هذه المنطقة وغاصت في رمالها بسرعة. اهمية هذا الاكتشاف في كونه لاول مرة نحصل على هيكل كامل ومركب مع بعضه البعض، إضافة الى انه لطفلة، حيث انه من الصعب ان تحفظ عظام الاطفال. هذه المنطقة التي وجد فيها المستحاثة لم يجري فيها البحث سابقاً، بسبب انها واقعة على الحدود بين قبيلتين متنازعتين.
اللقى في هذه المنطقة تشير الى انها منطقة كانت في السابق ممتلئة بالحيوانات المميزة لضفاف البحيرات. الهيكل الذي تم العثور عليه، كاملا يعود الى ماقبل 3,32 مليون سنة، ولفتاة من نوع Australopithecus afransis, تماما مثل نوع لوسي. لقد استغرق تحريرها من الرمال المحنطة فيها اربعة سنوات من العمل، واطلق عليها اسم Selam, وايضا يطلق عليها اسم "Lusys baby", بالرغم من ان لوسي اكبر عمرا بحوالي 120 الف سنة.
آشارت مستحاثة "سيلام" الى ان هذا النوع الانساني القديم كان فعلا يسير على اطرافه الخلفية، بالرغم من انها احتفظت بقدراتها على التسلق، الامر الذي يجعلها في سيار منطقي مع قدرات اردي الذي عثر عليه لاحقا. غير ان الابحاث اشارت الى ان دماغ " سيلام" ينمو ببطء، حيث دماغها بحجم 330 ميلليتر يشكل 63-68% من دماغ البالغين لهذا النوع، في حين يصل حجم الدماغ عند اطفال الشمبانزي في هذا العمر الى 90% من دماغ البالغين.
إستخدام وسائل وادوات
مع حدوث التغييرات البيئية والمناخية ظهر نوع جديد من القردة الجنوبية. احدى الجماجم حصلت على اسم " إنسان كاسر الجوز" وتشير الى قوة الفك والاسنان المتميزة. المجموعة اختلفت كثيرا عن سابقيها الى درجة ان بعض العلماء يصنفوهم في خانة قرابة خاصة: Paranthropus. هذه المجموعة كانت متلائمة مع نوع جديد من الطعام : الخضراوات، والفواكه والمكسرات. هذه السلالة ليست إلا فرعاً صغيراً في شجرة عائلة الانسان. لما يزيد عن 1,5 مليون سنة عاشوا جنباً الى جنب مع قريب اخر لهم "الانسان"، الذي ظهر فرعه قبل حوالي 2,5 مليون سنة منفصلا عن احدى عشائر القرد الجنوبي.
الانواع الاولى من الانسان نعلم عنها القليل للغاية. احداهم المسمى Homo Habilis, "الانسان صانع الادوات" والذي ينقسم حسب بعض العلماء، الى نوعين على الاقل.
اللقية الاولى حدثت عام 1961 في منطقة Olduvai التنزانية، من قبل ابناء العالم المستحاثي المشهور Louis Leakey. اسم هابيليس، يقصد بها الاشارة الى قدرته على صنع الحجر المستخدم كوسيلة عمل والذي عثر عليه قريبا من المستحاثة، وبسببها وسبب اكتشاف اقدم بناء قام به انسان ، في منطقة تلة Olduvaik اعتبر الهومو هابيليس اول انسان استخدم الادوات. البناء كان عبارة عن احجار على شكل دائري استخدمت لدعم عواميد خيمة تعود الى ماقبل 1،8 مليون سنة، بالرغم من ان الانسان السابق له استخدم وسائل خشبية، خصوصا ونحن نعلم انه حتى القرود قادرة على إستخدام هذه الوسائل اليوم، ولكن عدم عثورنا على دليل لكون الادوات الخشبية لاتبقى لسنوات طويلة ولا تترك اثراً يمكننا ان نتعرف عليه، ومع ذلك فإن اقدم نار وصل علمها لنا تعود الى ماقبل 1،4 مليون سنة، في كينيا قرب بحيرة بارينغو.
لاشك ان اليد التي هيئت ادوات العمل الحجرية كانت تتشابه مع ايدي الانسان الحالي: إبهام يتحرك كما لدينا الان، وعظام اصابع مستقيمة. الدماغ كان ايضا اكبر مما لدى القرد الجنوبي، حيث حجم الدماغ عند القرد الجنوبي كان 400-500 سم مكعب، في حين عند الهومو هابيليس وصل الى 500-800 سم مكعب. قبل 10 ملايين سنة ظهر النوع المسمى Homo Erectus, "الانسان المنتصب" ليبدء عصر جديداً. مثلا كان حجم الدماغ عند ايريكتوس اكبر بشكل ملحوظ مما لدى جد الانسان، لقد وصل الى 750-1250 سم مكعب.
هومو ايريكتوس صنع واستخدم ايضا الادوات، تماما كما فعل الهومو هابيليس، ومع الزمن قام كلاهما بتتطوير صناعته وتحسينها، الى درجة صناعة الفؤوس الحجرية. غير ان معطيات الفك تشير الى ان الهومو ايريكتوس يصبح كامل النمو عند الثانية عشر من العمر. عندما تنمو الاسنان تنشأ إشارات لنموها، تماما كما هو الحال عند الشجر. من خلال حساب هذه الاشارات عند الانسان الحالي ومقارنتها بمثيلتها عند الهومو ايريكتوس عرف العلماء عمر النضوج عند الانواع المبكرة. عند الانسان وبسبب الدماغ، إزدادت الحاجة الى فترة زمنية اطول للبلوغ حتى يتسنى له النضوج العقلي.
الهجرة كانت من افريقيا
في عدة مناطق من القارات الافريقية والاسيوية والاوروبية عثر المرء على مستحاثات عظمية للحالة المبكرة لانسان الهومو سابينيس " الانسان المفكر". في النماذج المبكرة عنه، تظهر بوضوح الكثير من التشابهات بينه وبين الهومو ايريكتوس، مثلا الفك ومنطقة الحواجب، في نفس الوقت يملك الكثير من التشابه مع الانسان الحالي.
المستحاثات المبكرة تشير الى كونها حلقة انتقال بين النوعين، ولذلك يطلق عليهالانسان القديم (Arkaiska). اليوم يشير علم الجينات الى ان الانسان القديم ظهر كنوع قبل 200 الف سنة في افريقيا.
عام 1987 تم توثيق الاصل الواحد لجميع شعوب الارض، عندما اصدر علماء الجينات نتائج بحثهم القائل ان الجميع يعودون الى مجموعة جينية واحدة، كانت تعيش قبل حوالي 200 الف سنة. من خلال مقارنة الميتوكوندري العائد الى 147 شخص من مختلف انحاء العالم، ظهر ان الاختلاف الجيني في الحوض الجيني صغير للغاية.
الميتوكوندري جزء من اجزاء الخلية له DNA خاص به، والذي يجري توريثه الى الاجيال من خلال الام فقط. في الحوض الجيني للميتوكوندري توجد بقايا بقايا جينية لبكتريا من ماقبل التاريخ، ولازالت تحتوي على احماض امينية من ذلك العصر. هذه الاحماض الامينية ليس لها قيمة فعلية ولكن هنا بالذات يمكن مقارنة الطفرات الانسانية عبر العصور.
من حيث ان العلماء لديهم مايكفي لتقدير مرات حدوث الطفرات، يمكن استخدام ذلك لحساب الزمن المطلوب لحدوث الطفرات المسجلة في الاحماض الامينية للميتوكوندري. بهذه الطريقة تم حساب الزمن اللازم لظهور الانسان الحالي.
عام 1995 تمكن العلماء من إكتشاف طريقة جديدة لتقصي اصل الانسان عن طريق الذكر، هذه المرة، وبالذات من خلال الكروموسوم الذكري، الذي يجري توريثه للذكور وعن طريق الخط الذكري، مما يساعد على ملاحقة وتحديد الاصل الذكري. بعد مقارنة الحماض الامينية للكرموسوم الذكري عند 38 شخصاً من مختلف انحاء العالم توصلوا الى انهم ينحدرون من اصل واحد، لازال يعيش في انحاء من افريقيا الجنوبية حتى اليوم.
إنسان المغارات
من الفروع الانسانية السابقة لم يبقى على قيد الحياة إلا نوع واحد، Homo sapiens sapiens. غير انه قبل 30 الف سنة فقط كان يعيش الانسان الحالي في اوروبا الى جانب إنساناً آخر يدعى Neanderthalensis. بعض العلماء يعتبرونه فرعا قائما بذاته ، في حين ان البعض الاخر اعتبره نوعا انبثق عنه الانسان ويطلقوا عليه Homo sapiens Neander, ويعتبر اليوم نوعاً قائماً بذاته، بناء على الكثير من المعطيات، على الرغم من اثبات انه اختلط جينيا بالهوموسابينس في مرحلة مبكرة من لقاءهم في منطقة الشرق الاوسط، في حين ان لقاءهم الثاني كان في اوروبا قبل 40 الف سنة. النيندرتال كانت له بنية جسمية مختلفة بوضوح: لقد كان اقصر، واقوى، وجبهة اغلظ، واكثر صلابة، وجمجمة اكثر تسطحاً.
إضافة الى ذلك كان هذا النوع من الانسان يملك دماغاً يتميز بحجمه الكبير، إذ يصل الى 1200-1700 سم مكعب. نيندرتال قام بتطوير ادوات خاصة للصيد والزينة، مما جعله يستحق لقب حضارة رجل المغارات. من الضروري الاشارة الى ان النيندرتال ترك آثاراً تشير الى إمتلاكه الوعي الاجتماعي، فقد كان يدفن موتاه مع رموز مصنوعة، وكان يصنع الحلى للزينة، كما ترك رسوماً في المغارات.
الحفريات في مغارة Rhônedalen الموجودة في جنوب فرنسا كشفت ان مجموعة من النيندرتال آكلت ستة من ابنائها قبل 100 الف سنة. العلائم تشير الى هؤلاء الستة تم ذبحهم وشويهم بنفس الطريقة التي تتم مع بقية الحيوانات التي بقيت آثارها ايضا، مما يشير الى وجود آكلة لحوم الانسان بينهم. بقايا آثار عظام الحيوانات تشهد على ان النيندرتال لم يعاني من نقص في الطعام، فلماذا أكل ابنائه؟ يعتقد بعض العلماء ان الامر كان جزء من طقوس، او انهم كانوا يفتقدون للطعام في اواخر فصل الشتاء.
على احدى الجزر الاندونيسية فلورينس تم العثور على هياكل عظمية لانسان قزم. العظام ظهر ان عمرها 18 الف سنة. بعد دراسات مطولة ظهر انها تعود لنوع بشري لم يكن معروف لنا على الرغم من انه عاصر الانسان الحديث، هذا النوع اطلق عليه اسم Homo floresiensis . اقدم هذه الهياكل تعود الى 95 الف سنة، مما يدل على انهم عاشوا على الجزيرة قبل وصول الانسان الحديث اليها بضعف المدة التي عاشها على الجزيرة. [URL="http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/Biologia/bio-0078.htm"]للمزيد عن هذا الانسان اضغط هنا[/URL]