لولا ان عارض خططا جهنمية لما قتل !
ربما ارادوا استغلاله ضد النظام لانه أقلية فرفض !
ثم من اصدق ؟ هل اصدق ما قرأته في الاقباط الاحرار ام هنا
مسيحيو الجزيرة السُّورية في المهجر يدعون لمعالجة التأزُّم بالمالكية بحكمةٍ وتعقُّل
نداء عاجل جدّاً
إلى القيادة السياسية في الوطن الأم سورية، وإلى كافة الشَّعب المسيحي بكلِّ طوائفه وتياراته السياسية، وكافّة الشَّعب الكردي بكافّة تياراته وأحزابه، وإلى رجالات الدين المسيحي والاسلامي ورؤساء العشائر والشخصيات الوطينة في المالكية وكافّة مناطق ومدن محافظة الحسكة.
تحيّة،
بادئ ذي بدء آلمنا جدّاً ما وصلنا من أخبار من الوطن الأم، ومن مسقط الرأس ديريك/المالكية، حول المشاجرة التي نشبت بين مجموعة من الشبّان الأكراد والشبَّان السريان، نتج عنها مقتل الشاب الكردي جوان أحمد محمد، ولا يسعنا إلا أن نتقدّم نحن الجالية المسيحية المغتربة في السويد وسائر أوربا بكافة طوائفنا أحرّ التعازي القلبية للفقيد الراحل جوان أحمد محمّد، ونرجو من الله أن يمنحه فسيح جنّاته، ويلهم أهله وذويه وأصدقائه الصبر والسلوان، ونتمنَّى الشفاء العاجل للجرحى من كلا الطرفين، ونأمل أن يتم معالجة الأمر بشكل قانوني، لأنَّ القضية لا تعدو عن كونها مشاجرة جماعية بين مجموعة من الشبّان المراهقين من الجانب الكردي والسرياني، لهذا علينا جميعاً أن نعالج المشكلة على أنها مشاجرة حصلت لأسباب من المؤكّد أن القضاء والشهود العيان يعرفون تفاصيلها، فلا نرى أجدى وأنفع من أن نحلِّل ونحاكم ونحكم على القضية من كافة جوانبها، كيف نشأت وكيف تطوَّرت وكيف انتهت، وعلى ضوء حيثيات القضية يتمُّ البتّ فيها عبر القانون السائد في البلاد لكي يأخذ كل ذي حقٍّ حقّه.
ومن الخطأ الفادح، والفادح جدّاً أن نحمّل هكذا مشاجرة جماعية جانباًَ سياسياً أو طائفياً أو دينياً، لأن القضية أصغر من أن نحمَّلها كلّ هذه الردود الفعل، وليس من مصلحة أي طرف تصعيد وتأليب الموقف، لأن الشعب الكردي والمسيحي متعايش مع بعضه بعضاً في الجزيرة السورية منذ عقودٍ من الزَّمان، لهذا فمن الحكمة بمكان أن نعالج الأمر بروح التسامح والمحبّة والإخاء على أنَّنا مواطنين آمنين نحافظ على أمن مدينتنا وبلدنا وأصدقائنا وأحبتنا من كلا الطرفين، فأنا شخصياً، لو أحصي عدد الطلاب والطالبات الأكراد الذين تخرَّجوا من تحت يدي في إعداديات وثانويات المالكية هم بالآلاف، وهناك آلاف مؤلفة أخرى تخرَّجوا من تحت أيدي زملائي وزميلاتي المسيحيين من كافة الطوائف، ونفس الشيء هناك آلاف الطلاب المسيحيين تخرّجوا من تحت أيدي المدرسين الأكراد، فكنّا وما نزال ولا بدّ أن نبقى شعباً حضارياً واعياً متآخياً محبّاً للحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة وندافع عن أنفسنا وكرامتنا، وعلى المسيحي أن يدافع عن الكردي لو تعرّض الكردي للخطر، وعلى الكردي أن يدافع عن المسيحي لو تعرّض للخطر، ولو لم ندافع نحن أبناء المنطقة الواحدة عن بعضنا بعضنا فمن سيدافع عنّا؟! وليتأكّد الجميع، جميع الطوائف المسيحية والأكراد والتيارات السائدة في الجزيرة السورية والوطن ككل، أن أي تصعيد لهكذا مشكلة دليل على جهل المعنيين بهذا التصعيد، كائناً من كان هذا الجاهل، ولا أظن أننا جهلاء، أكراداً ومسيحيين وعرباً، بعد كلّ ما نراه في الكون من متغيرات على الساحة الدولية والمحلّية، فلا ننتظر أحداً من خارج الوطن أن يتدخَّل ويعالج مشاكلنا، نحن أبناء الوطن الأم نعالج هكذا قضايا بشكل قانوني وجزائي كما يقتضيه الأمر، ولا يوجد للمشكلة أية خلفية سياسية أو دينية، فلماذا كل هذه التشنُّجات والانفعالات وكأنّ هناك هجوم مسيحي سرياني على الشعب الكردي غفلة أو غدراً، فهبّ الشبان الأكراد هبّة واحدة وحرقوا السيارات وكسروا نوافذ الأديرة والكنائس والمنازل؟! لماذا؟ هذه ردود فعل مرفوضة ونستنكرها قلباً وقالباً، وأنا بتقديري كانت ردود فعل طائشة وغير حضارية، ولكن نحن نقدّر من جهة غضبهم وردود فعلهم، ولهذا علينا أن نلملمه ونعالجه بحكمة وتعقل كبيرين.
يراودني أن أتساءل، كيف سمحت القيادات الكردية لشبانهم الأكراد أن يقوموا بهذه الممارسات، ألا يوجد انصياع للشباب الكردي لقيادته ومسؤوليه، أم أن القيادات الكردية لا تستطيع أن تضبط شبانها عندما تثور لمشكلة لا تعدو أن تكون مشاجرة جماعية؟ والجميع يعلم أن الذين بدأوا في المشاجرة كانوا أكراداً وكل ما قام به الشبان السريان، انهم دافعوا عن أنفسهم، ودفاعهم عن أنفسهم حق شرعي وقانوني، فهل تريدون مّنا أن نكون جبناء ولا ندافع عن أنفسنا؟
إنَّ القضية وما فيها هي قضية تصرفات شبّان مراهقين بطرانين لا أكثر، وهنا أودّ التأكيد على ضرورة أن يوجّه الآباء من كلا الطرفين أبنائه على أننا في المالكية وفي بقية المناطق من الشمال السوري، اننا مواطنين وعلينا أن نعيش في وفاق ووئام وتآخي، لا أن يهبُّ واحد من هنا وواحد من هناك ويطرح نفسه هرقل زمانه لكونه أكثرية، أو لكونه ذات عشيرة كبيرة أو ذات دعم ما من هذا التيار أو ذاك، فإذا كانت العلاقات بين المواطنين قائمة على هذا الشكل فما على الجزيرة السورية إلا السّلام!
لهذا نأمل من القيادة السورية أن تنظر إلى هذا الأمر نظرة عميقة وشاملة وتعالجه بحيث تضمن الحفاظ على أمن المواطن بكل تلاويينه الآن وغداً وفي كل حين، لما فيه مصلحة المواطنين جميعاً، كما نأمل أن يتمَّ التركيز من قبل القيادات الكردية بضرورة أن يزرعوا في قلوب شبّانهم وشعبهم التعامل بحكمة مع المسيحيين ومع أنفسهم ومع الجميع، وأيضاً على التيارات والطوائف المسيحية أن توجّه أبناءهم وشعبهم إلى طريق الصواب والحكمة والتآخي مع الجميع، وعدم معالجة المشاكل بالعنف، لأنّنا لا نعيش في عصر الظلمات، على الجميع التروّي لأن العقل والحكمة هما سيّد الأحكام!
بقي أن أقول، نحن الشعب المسيحي، في سورية وكل مغترب سوري مسيحي بكل طوائفه، دعاة سلام ومحبّة وإخاء، نحبُّ وطننا سورية، ونحب المالكية/ديريك، والحسكة والقامشلي وسائر المناطق في الشمال السوري، ولا يوجد لدينا أيّة مخطّطات أو توجّهات لا الآن ولا من قبل، ضدّ الشعب الكردي ولا ضدّ أيةِ جهة أخرى داخل سورية أو خارجها، نحن شعب آمن نحب السلام والوئام لأن رسالتنا في الحياة أصلاً هي السلام والمحبة بين البشر، وقد كنّا وما نزال الشعب الأصيل والعريق والحضاري في منطقة بلاد ما بين النهرين ولنا حقوق مثل أي مواطن وأكثر لأن هذا الأكثر ناجم من أننا أبناء حضارة هذه الأرض التي تضرب جذورها في أعماق التاريخ، فلماذا كل هذه التوترات والتشنُّجات على أثر مشاجرة جماعية عابرة صادرة من طيش بعض الشبان من كلا الطرفين، فإذا كانت القيادات الكردية بمختلف أحزابها وتياراتها لا تستطيع أن تحلَّ هكذا مشكلة عابرة، فكيف ستحل ما هو أعمق وأهم، وبكل وضوح أقول ما حصل في المالكيّة شيء مؤسف له، ما كنّا نريده ولا كنّا نتمناه، بل آلمنا كثيراً، ولكن وبكلِّ صراحة ووضوح أقول، أن الخطأ كان من جانب الأحبة الشبان الأكراد الذين ضخّموا الموقف وتحدّوا واستفزّوا بعض الشبّان السريان والذين كانوا قد جُرحوا منذ أسابيع من خلال مقتل الاستاذ غازي يونان غدراً من قبل بعض رجالِ البدو، فجاء استفزاز الشبان الاكراد وتحرّشهم بالشبان السريان كمَنْ يصبُّ الزيت على النار، فربما شعروا في قرارة أنفسهم، لماذا نتعرض لهذه الضغوط والاهانات والتهديدات، فاضطروا أن يدافعوا عن أنفسهم، وما علينا جميعاً الآن سوى أن نعالج هذا الطيش الشبابي، وأن نعالج الموضوع بروح حضارية بعيداً عن تضخيم الأمر، كي نؤكّد جميعاً أننا كنا وبكل تلاويينا في المنطقة أبناء حضارات متآخية، ولا بد أن تتعايش هذه الرؤى الحضارية والانسانية، آملاً أن أرى قريباً جدّاً عناقاً كردياً مسيحياً، فأنا وبكل ثقة أقول، كنتُ وما أزال أحترم الشعب الكردي، احتراماً عميقاً، لأنني ترعرعت في وسطهم، وما لمسنا من بعضنا سوى المودّة والإحترام، أعزف وأغنّي الأغنية الكردية، وأتكلم الكردية بطلاقة أنا وكل أفراد أسرتي، ربما أكثر من بعض الأكراد أنفسهم، ولدي عشرات الأصدقاء والصديقات من الشعب الكردي، فلا هذه القضية ولا ألف قضية أخرى متشابكة ومتشابهة مثلها، تجلعني أن لا أعانق مثلاً الصديق الزميل عادل فقه، والزميل خالد محمد خالد، والقاص العزيز صبري رسول، والفنان الرائع شيفان بيرور، والشاعرة العزيزة خلات أحمد، والصديق الأديب محمد عفيف الحسيني، والمبدع سليم بركات، والزميل الرائع د. عبد الباسط سيدا، والجار العزيز عدنان رشيد، والصديق الحميم كاميران الكيلاني وشقيقاته العزيزات، والصديق الزميل عمر سليمان والصديق الرائع جمال الحلاق والزميلة العزيزة أميرة عبدالكريم، والصديقان الجاران أنور صوفي وخالد صوفي، والصديق العزيز مصدق خليل، والصديق الزميل شريف خليل والطالب العزيز كومان صوفي ووالده العزيز أبو كومان، والجيرانين الأحبة بيت عيشو، وبيت حسينة، وبيت خفرو، وبيت الملا، وبيت شرو، وبيت فرمان وبسّو، وبيت ليلو، وبيت ييردغاني، وبيت خوخي، وبيت قدرتي، وبيت البيريه، وبيت حنينه، وبيت تلوى البيت يتشكَّل عشرات ومئات البيوت التي كانت تتواءم وتتآخى مع بيوتنا في ديريك وعشرات عشرات الأصدقاء والزملاء.
تتراقص الآن أمامي صور آلاف الطالبات والطلاب الأكراد، الذين كانوا بمثابة أولادي وبناتي، فكيف سألغي ونلغي تاريخ عقود من التآخي والوئام والعيش المشترك؟
أخيراً، أختم ندائي علناً وبنوع من التحدّي الإيجابي الحميم.
أتحدّى وبكل ثقة أقول أن تشكِّكَ أية طالبة أو طالب أو أي مواطنٍ كردي في المالكية وقراها، بمدى مودّتي وإحترامي لهم ولأهلهم ولذويهم وهناك آلاف المؤلفة مثلي من المسيحيين، ممن كانوا وما يزالوا يحترمون الأحبة الأكراد، وبالمقابل هناك آلاف الأكراد يكنّون المودّة والإحترام والتآخي للشعب المسيحي بكل طوائفه، فلماذا كل هذه الشوشرات العقيمة والتي لا تصبُّ إلا في مصلحة أعدائنا جميعاً، وعلينا أن نفوّت الفرصة على أعدائنا ونكون بقدر المسؤولية وبعيدي الرؤية وعميقي الحكمة، آملاً من الجميع التحلّي بالحكمة والصبر والتعقُّل لأننا كنا وما زلنا نعيش على ضفافِ أوَّل حضارةٍ في الكون، فلماذا لا نترجم تحضرنا على أرض الواقع ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين، عصر الانفتاح على بوَّابات الكون!
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com (sabriyousef1@hotmail.com)
www.sabriyousef.com