قراءة في كتاب: اليهود، العالم والمال
الاربعاء 12 ذو القعدة 1423 الموافق 15 يناير 2003
قراءة في كتاب: اليهود، العالم والمال
إدريس الكنبوري
الكتاب : اليهود، العالم والمال .
المؤلف : جاك أتالي .
#
مؤلف الكتاب يهودي وعمل مستشاراً ثقافياً للرئيس الفرنسي السابق هنري ميتران
#
كلمة المال تتكرر في كتاب ( العهد القديم ) 350 مرة .
#
أصبح المال بالنسبة لليهودي " الوسيلة الممكنة لخدمة الإله "
#
يحاول المؤلف من خلال كتابه أن يدفع الغرب إلى الاقتناع بأهمية اليهود للحضارة الغربية الحديثة .
#
يزعم المؤلف أن العولمة هي " الترحال" اليهودي القديم ، ولكن بصورة أخرى متطورة .
علاقة اليهود بالمال علاقة تاريخية متجذرة ، ما من كتاب في تاريخ اليهود أو تراث أدبي لم يتعرض لهذه العلاقة في التاريخ الحديث ، بعد بروز اليهود على السطح خلال القرون الثلاثة الأخيرة في أوروبا ثم في الولايات المتحدة الأمريكية لاعبين أدوارا مؤثرة ، كثيرها جرى وراء كواليس الظل قصد تحريك الأحداث عن بعد ، وقد غذت هذه العلاقة القوية بين المال والذهب واليهود فكرة "المؤامرة اليهودية " التي انتشرت في جميع دول أوروبا
وخاصة في روسيا في مرحلة من المراحل ، عكستها بدقة وتفصيل الكتابات الأدبية في القرنين الثامن والتاسع عشر ، إذ يكفي الوقوف مثلا لدى روايات الروسيين" غوغول" و"دوستويفيسكي" أو الإنجليزيين" شارل ديكنز" خاصة عمله الشهير" مغامرات أوليفر تويست" و الشاعر المسرحي "شكسبير" ، وغيرها من الأعمال الأدبية التي لقيت صدى واسعا بين مختلف الشعوب وحاربها اليهود بلا هوادة ، لكي ندرك كيف أن اللاوعي الإنساني في العصر الحديث قد احتفظ للشخصية اليهودية بصورة معينة لم تتغير، هي ذاتها الواقع مصاغا أدبيا. فالشخصية اليهودية في كل هذه الأعمال الأدبية والشعرية والمسرحية شخصية محبة للمال مقبلة عليه ، مؤثرة للربا مشرعة إياه ، ميالة إلى الغدر متصالحة معه ، شديدة البخل قليلة الإنفاق كثيرة الإستغلال للآخرين.
وقد ظلت هذه العلاقة بين اليهود والمال لا يتعرض لها إلا عرضا في بعض الكتابات التاريخية حول اليهود ، أو في المؤلفات الأدبية ، لكن الباحث الفرنسي المعروف"جاك أتالي" اليهودي والمستشار الثقافي للرئيس الفرنسي السابق هنري ميتران جعلها موضع دراسة علمية مستقلة ، ضمنها كتابا صدر العام الماضي 2002
تحت عنوان" اليهود، العالم والمال: التاريخ الإقتصادي للشعب اليهودي" في ( 638 ) صفحة من الحجم الكبير، هو الأول من نوعه في هذا الموضوع.
والكتاب من الضخامة بحيث من غير الممكن تلخيصه في صفحات ، ولكنه مليء بالمعطيات والإحالات والوقائع التاريخية ، خاصة وأن صاحبه يهودي فرنسي ومن رجال الأعمال الفرنسيين أيضا، ما يجعل كتابه مساعدا لفهم هذه الناحية من نواحي حياة اليهود. ويقول المؤلف أن العلاقة بين اليهود والمال" بقيت طوال قرون مثل العلبة السوداء التي يعتقد الجميع أن بداخلها ثعبانا ولا يقدر أحد على فتحها، لأن الإعتقاد الشائع أن هذه العلاقة هي مبرر معاداة السامية ومنبع المأساة ، إذن فقد كان المعتقد هو أنه من الأفضل عدم الحديث عنها".
ويشير المؤلف إلى أنه انطلق في كتابه من أنه لابد في الوقت الحالي من فهم العلاقات القوية بين الإقتصادي والديني، وأن"تفجيرات 11 سبتمبر ضد مركز التجارة العالمي هي استعارة مأساوية لذلك الترابط بين الإقتصادي والديني ، ويبدو من خلال الكتاب أن جاك أتالي - المعروف بتأييده للدولة الإسرائيلية والحركة الصهيونية- يريد أن يقدم خدمة لليهود بإظهار دورهم الكبير في نشأة النظام الرأسمالي ، وأن الرأسمالية مدينة لهم.
يبدأ المؤلف كتابه من بداية ظهور اليهود في التاريخ ، متتبعا مسار التاريخ اليهودي والهجرات اليهودية قبل نشأة تجمعاتهم وبداية التعامل بالنقد ، ليقول إن اليهود جعلوا من المال منذ وقت مبكر" البديل عن ممارسة العنف " ، والمقصود بذلك أنهم جعلوا المال مرادفا لعنف أقل وضوحا وأكثر خفاء ،
أي وسيلة أخرى للغلبة غير العنف . وفي الحضارة المصرية القديمة لعب اليهود دور تجار وسماسرة الإمبراطورية خاصة في" طيبة " ،
الأمر الذي جعل الفراعنة يحاربونهم، ويقول المؤلف : إن اليهود أثناء خروجهم من مصر إلى الشتات"حملوا معهم ثروات كبيرة نهبوها (المؤلف يستعمل فعل أخذ لا نهب) كتعويض عن سنوات العبودية في مصر".
بعد أربعين عاما من التيه سيستقر اليهود في أرض"كنعان"، وهنا بدأ التعامل الحقيقي بالنقد كـ"تجريد" في التعامل اليومي بين اليهود وباقي الشعوب ، ويرى المؤلف أن علاقة اليهود بالمال تجد جذورها في اللغة العبرية نفسها التي شكلت الوعي اليهودي المبكر، فاللغة العبرية لا تعرف فعل التملك"والشيئ المملوك لا يتميز عن الشخص الذي يملكه، والأشياء تعيش في حياة صاحبها، إن كلمة المال تتكرر في العهد القديم 350 مرة بمرادفات مختلفة منها كلمة ( كوسّيف) التي تعني الرغبة ،
والمال يسهل الحصول على جميع الأشياء، فقط السرقة هي المحظورة"، ويرى المؤلف أن اليهودي جعل من المال الوجه الآخر للألوهية على الأرض" لقد جعل الشعب اليهودي من المال الأداة الوحيدة والكونية للتبادل ، تماما كما جعل من إلهه الأداة الوحيدة والكونية للمطلق" ، وقد أصبح المال بالنسبة لليهودي "الوسيلة الممكنة لخدمة الإله"، و" كلما كان اليهودي أكثر ثراء كلما كان أكثر خدمة للإله"، هكذا بدأ اليهود في تغيير شرائعهم بحسب هذه القاعدة الذهبية في حياتهم ، فأصبح بإمكان اليهودي "شراء" حق البكورية الذي يخول للابن البكر في الأسر المقيمة(غير المترحلة) الحصول على ضعف نصيب إخوته من الإرث.
أما التعامل الربوي لليهود حسب المؤلف فقد ظهرفي الإمبراطورية الرومانية التي كان يعيش بها 6 ملايين يهودي ، حيث صار اليهود هم "الحرفيون والتجار والمقرضون والسماسرة "، وفي عام 66 قبل الميلاد سيتعرض اليهود للإبادة على يد الرومان، حيث استولى" نيرون" على حصن"ماسادا" الذي شهد الإنتحار الجماعي لليهود.
الربا وتراكم الثروة اليهودية
ويرى المؤلف أن الربا بالنسبة لليهودي أمر مشروع عندما يتعلق الأمر بالقرض الربوي لغير اليهودي " لأن الربح ليس سوى العلامة على خصوبة المال".
حين يدرس المؤلف الوجود اليهودي في الدولة الإسلامية يقول : بإن اليهود كانوا هم الوحيدين الذين يعرفون القراءة والكتابة في الخلافة الإسلامية " الأمر الذي جعل الحاجة إليهم قوية "، وقد أصبح اليهود هم المسيطرون على "الشبكة الدولية للسماسرة والتجار والمبادلين بالرغم من أنهم كانوا في مرتبة دنيا قانونيا، لأنه وفق مبدإ الذمية القرآني ينبغي حماية الأدنى" وهو يعني الذمي في مغالطة واضحة، ويرى أن"العبقرية اليهودية فرضت نفسها بسرعة" رغم ذلك الوضع الذي أشار إليه " فوزير المالية للخليفة الثالث في دمشق كان يهوديا".
ويتحول المؤلف إلى أوروبا بعد انتقال اليهود إليها عقب سقوط بغداد والخلافة الإسلامية"وتحول مركز الثقل إلى أوروبا"، فقد كانت هذه الأخيرة تشكو من الحاجة إلى النقد المعدني " ولم يكن هناك ما يكفي من الذهب والفضة لضمان إجراء العقود والمعاملات"، وفي هذه الوضعية قرب العام 1000 م وجد اليهود الذين قدر عددهم في أوروبا بنحو150000فقط أنفسهم "في وضعية عجيبة بحيث أصبحوا الوحيدين الذين لهم حق منح قروض بينما الحاجة إلى المال قوية"، وكانت هذه المهمة هي الوحيدة المسموح لهم به" لقد كانوا نافعين والمسيحيون اعترفوا لهم بذلك"، وخلال القرون الثلاثة التالية لعب اليهود أدوارا سياسية من بوابة المال، فقد عايشوا في أوروبا مرحلة إنشاء الدول القومية، فأخذ الملوك أيضا يقصدونهم
"وكان اليهود مستعدين للدفع من أجل أي شيء ، حتى من أجل المعارك والحروب الصليبية".
ونظرا للتعامل بالربا فإن اليهود تمكنوا في وقت قصير من مراكمة ترواث طائلة ، فهم كانوا يقرضون المال لمهلة من عام أو أقل ومقابل أرباح كبيرة ، مما كان يضاعف أموالهم بنسبة 50 إلى 80 %" فسار تراكم المال بسرعة".
اليهود والرأسمالية
يرى المؤلف أن اليهود هم الذين يقفون خلف الإقتصاد الرأسمالي الحديث ، ويرد على نظرية الفيلسوف الألماني المعروف"ماكس فيبر" الذي قال أن "الأخلاق المسيحية" هي البذور الأولى للرأسمالية ، لكن جاك أتالي يؤيد نظرية اليهودي "ويرنر سامبارت" التي تقول : إن "اليهود هم المؤسسون الحقيقيون للرأسمالية"، معتبرا أن وظيفة الإقراض التي زاولوها مكنت من زرع بذور الرأسمالية ، ويعتبر أن فيبر كان معاديا للسامية من أجل تلك النظرية.
ويكشف المؤلف عن الدور الذي قام به اليهود في البلدان الأوروبية التي شهدت أولى معالم الإقتصاد الرأسمالي كالبلدان المنخفضة وإنجلترا منذ القرن السادس عشر، والدور الذي قاموا به في القرن التاسع عشر في قطاعات حيوية مثل الطيران والسيارات والإعلام ، ويقول بأن القليلين فقط هم الذين يعرفون أن "وكالة رويتر للأنباء" ووكالة "هافاس" وضعهما اليهود في القرن التاسع عشر، مثلهما مثل البنك الألماني وبنك باريس والبنوك الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية بعد هجرة اليهود الروس إلى أمريكا، لكن تركيز اليهود الأمريكيين في بداية القرن العشرين تحول من القطاع البنكي والمالي إلى مجالات التسلية والإعلام والموسيقى والسينما،
حيث أنشأوا أهم الشركات العاملة في هذا المجال مثل"إم.جي.إم" و "فوكس" و"إر.سي. أي" و "إن.بي.سي" و"سي.بي.إس" ، والتي تشكلت منها "هوليود".
ويحاول المؤلف من خلال كتابه أن يدفع الغرب إلى الإقتناع بأهمية اليهود للحضارة الغربية الحديثة ، ودورهم في الدفع بالعولمة الإقتصادية ، فهو يجد نوعا من التخريج الغريب ولكن الذكي حين يقول: إن العولمة هي "الترحال" اليهودي القديم ولكن بصورة أخرى متطورة ، لأن العولمة هي"ترحال" الأموال والسلع. هكذا يوجد اليهودي رابضا خلف كل شئ .
http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx...b9226-9062&search=books
************************************************************
الحرب العالمية الثانية
درس من دروس التآمر اليهودي العالمي[1]
الظروف التي سبقت الحرب[2]:
§ معاهدة فرساي المجحفة بحق ألمانيا: التي كان لليهود وعملائهم اليد الطولى في صياغتها من وراء الستار، لتكون بؤرة لتوريط ألمانيا في حرب أخرى، إذا تطلب الأمر مستقبلا. حيث أن بنود هذه المعاهدة اقتطعت جزءا من الأراضي الألمانية وضمتها إلى بولندا، وأرغمت ألمانيا على دفع التعويضات للخسائر الناجمة عن الحرب العالمية الأولى، وأبقت ألمانيا تحت طائلة الديون إلى ما لا نهاية.
§ وجود الحركة النازية في ألمانيا: والسبب في بلورة أفكارها هو معرفة الألمان بفصول المؤامرة اليهودية، حيث أن الصيغة النهائية لبرتوكولات حكماء المؤامرة التي تدعو لتفوق العرق اليهودي، والتي كُشفت أصلا فيما سبق في ألمانيا نفسها، دفعت المفكر الألماني (كارل ريتر) إلى طرح أفكار تدعو إلى تفوق العرق الجرماني، ردا على ما طرحته برتوكولات حكماء اليهود. ومن أقوال مؤسس الفكر النازي (كارل ريتر) الذي نشر أفكاره عام 1849م: لكي يعود السلام والحرية الاقتصادية إلى العالم، يجب أولا القضاء على الممولين اليهود، وعلى جميع أعضاء الحركة الثورية العالمية، الذين يُوجّهون الشيوعية ويسيطرون عليها. ومضمون المعتقدات النازية يقضي بتفوق العرق الجرماني، والذي يتوجب عليه إخضاع العالم بالقوة العسكرية، ويجب أن تكون الطاعة فيه لرئيس الدولة الجرمانية طاعة عمياء وبدون نقاش. وعلى ما يبدو أن رجالات الحرب الألمان بعد الحرب العالمية الأولى، وما لحق بألمانيا من إجحاف من خلال المؤامرات اليهودية قبل وبعد الحرب، اقتنعوا بالمذهب النازي واعتنقوا مبادئه، فوضعوا مخططهم العسكري لاكتساح أوروبا وأمريكا للقضاء على الممولين اليهود والاستيلاء على ثرواتهم الطائلة.
§ مرتكزات السياسة الألمانية: كانت تقوم على وجوب تحرير ألمانيا من الاتفاقيات الاقتصادية المفروضة عليها، من قبل الممولين والمرابين الدوليين، بعد أن أدرك الزعماء الألمان خطر هذه الاتفاقيات على استقلال البلاد، لأن الفوائد المفروضة على القروض المالية بموجب هذه الاتفاقيات، ستؤدي حتما إلى وقوع البلاد في براثن دائنيها (بمعنى ارتهان القرار والموقف السياسي والاقتصادي بمصلحة الدائنين بغض النظر عن مصلحة الأمة) تماما كما وقعت بريطانيا عام 1694م، وفرنسا عام 1790م، وأمريكا عام 1791م. وبالتالي ستكون هذه القروض دينا واستعبادا لكل فرد من أفراد الشعب، لأن تسديدها لن يكون إلا بفرض مزيد من الضرائب يدفعها المواطنون جميعا، ويكون المستفيد الذي لا يخسر أبدا هو الدائن، أي الممول المرابي العالمي. عندئذ صمم القادة الألمان على خلق عملة ألمانية، لا تستند إلى القروض بل تعتمد على الدخل القومي والممتلكات الوطنية، وعلى موارد الصناعة والزراعة والثروات الطبيعية وعلى الطاقة الإنتاجية للأمة.
§ وصول هتلر إلى سدة الحكم: يذهب مؤلف الكتاب[3] إلى أن شخصية هذا الرجل اعتراها الكثير من التشويه الإعلامي اليهودي الغربي، وفي الحقيقة لم يكن هتلر داعية حرب ولم يكن معتنقا للمذهب النازي، بل كان رجلا قوميا يسعى لرفع الظلم والإجحاف الذي لحق بأمته من جراء معاهدة فرساي، وكان عدوًا لدودا للنازيين والممولين اليهود على حد سواء، وقد جاء في الصفحة الأخيرة من كتابه (كفاحي) الذي كتبه في السجن عام 1934م، قبل أن يتسلّم الزعامة ما نصه: " وبهذا يقف الحزب الاشتراكي الوطني موقفا إيجابيا من المسيحية، ولكنه لا يترك أمور العقيدة لجماعة من المنحرفين (النازيين)، ومن جهة أخرى يحارب الروح المادية اليهودية المتغلغلة في نفوسنا وفي نفوس الآخرين ". أما عن معاهدة فرساي فقد كتب يقول: " إنها لم تكن لمصلحة بريطانيا ولكنها كانت أولا وأخيرا في صالح اليهود لتدمير ألمانيا ". ونود أن نضيف أن السبب الرئيسي في هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى وهي في قمة انتصاراتها العسكرية، هو الثورات والفتن التي أحدثها الممولون اليهود بإحياء الثورات الشيوعية داخل ألمانيا، والتي أضعفت الجبهة الداخلية وأضعفت الروح المعنوية لدى الجيش الألماني، والتي تسببت في تنازل القيصر عن عرشه وتوقيع الهدنة للالتفات إلى الشأن الداخلي، خوفا من سيطرة الشيوعية على ألمانيا كما حصل في روسيا.
§ نشوء دول المحور: وجد الشعب الألماني بصورة عامة أنه يشارك شعوب اليابان وإيطاليا وإسبانيا، آمالهم وأمانيهم في المستقبل السياسي والاقتصادي فظهر حلف المحور، ونظرا لديناميكية زعماء تلك الدول وما بذلوه من جهود ضخمة، تمكنّوا من إعادة بناء بلدانهم على كافة المستويات الصناعية والزراعية والعسكرية بما يشبه المعجزات.
سيناريو الحرب:
بدأ هتلر عام 1936م محاولات التحالف مع بريطانيا، وجرت عدة محادثات غير رسمية بين دبلوماسيي البلدين، وكانت الغاية من هذا التحالف، هو رغبة الألمان في احتلال جميع الدول الشيوعية، وتحرير شعوبها وإعدام جميع الخونة فيها، وذلك لقناعة الألمان بارتباط الشيوعية بكبار أغنياء اليهود، الذين يوجّهون حركتها ويموّلونها، كما يوجهون ويمولون في نفس الوقت الحركة الصهيونية السياسية، وكان الرد البريطاني على مقترحات الألمان سلبيا، معبرا عن عدم موافقته على هذه المقترحات، فاقتنع هتلر بأنه يستحيل على أي أمة بمفردها، أن تحطم نفوذ المرابين العالميين وخاصة في الدول المسمّاة بالديموقراطية، وذلك لتحكّمهم المالي بهذه الدول وإيقاعهم إياها تحت طائلة الديون.
ولمّا رفض هتلر أوامر لوردات الحرب النازيين، لردع الشيوعية وستالين منفردا حاولوا اغتياله، ولما فشلوا حاولوا إضعاف شعبيته التي حققها بين الألمان، فبدأ النازيون بنشر الأفكار النازية الإلحادية بين الشعب الألماني، واستغلت الصحافة المعادية ذلك وألصقت هذه التهمة بهتلر، وبدأت وسائل الإعلام حملتها ضد هتلر، وانقسم الشعب الألماني إلى قسمين ووقع هتلر بين فكي كماشة، رجال الكنيسة من جهة ورجال النازية من جهة أخرى، أما في بريطانيا فكانت وسائل الإعلام اليهودية، ماضية في تشويه صورة هتلر وألمانيا لتمنع أي فرصة لأي تقارب ألماني بريطاني.
وعندما عرضت ألمانيا مشروعا مقبولا لمشكلة الممر البولندي ودانزنغ المدينة الألمانية، التي سببتها معاهدة فرساي الجائرة، سارع أقطاب المؤامرة لإيجاد تحالف بريطاني بولندي من خلال فبركتهم لإنذار مزوّر، تنذر فيه ألمانيا البولنديين بالاستسلام خلال 48 ساعة فقط، تمخّض عن معاهدة بريطانية لحماية البولنديين من أي عدوان ألماني عام 1939م. ومن ثم عملوا على إقناع البولنديين بصلاحية معاهدة الحماية البريطانية، وهكذا أهمل البولنديون المذكرة الألمانية أشهرا عديدة، في حين كانت الصحافة المعادية لهتلر تشنّ عليه الحملات العنيفة المضادة، وذلك لسبب واحد هو معاداته لأصحاب المؤامرة العالمية، واعتماده سياسة مستقلة داخل الإمبراطورية الألمانية، بعيدا عن قروضهم وخططهم الاقتصادية المدمرة، وبشكل عام كانت الصحافة الغربية، قد هيّأت الشعوب هناك لتقف موقفا معاديا للألمان، ولجميع الدول التي تؤيد سياستهم، وبدأت تفسّر وتحلّل أقواله وأفعاله وتقلب الحقائق وتفبرك الأخبار وتحذر من أطماعه التوسعية.
وهكذا بعد التعنت البولندي وتجاهله للمذكرة الألمانية، ضجر هتلر من انتظار الرد، ومن الحرب المشينة التي وجهتها ضده صحافة الحلفاء، فأمر جيوشه بالتحرك نحو بولندا لاسترجاع ما استقطع من أراضي ألمانيا بالقوة، ولم يتعدّ إلى ما وراءها بل توقف عند ذلك الحدّ. عندئذ أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا بموجب الاتفاقية السابقة، مع علم الذين أوجدوا هذه الاتفاقية عدم قدرة بريطانيا، على حماية نفسها في مواجهة القدرات العسكرية الألمانية. وعندما تأكد لهم أن رئيس الوزراء البريطاني (تشامبرلين)، غير مُتحمس للدخول في حرب فعلية مع ألمانيا، أسقطوه وجاءوا (بتشرشل) الذي قام بقصف المدن الألمانية بالطائرات. وهكذا اضطر هتلر مرغما مُستجيبا للوردات الحرب النازيين لتكملة تلك الحرب المدمرة التي دامت قرابة الخمس سنوات، وانتهت بخروج معظم الدول التي شاركت فيها، مثقلة بالديون والخسائر المادية والبشرية.
وكان المستفيد الوحيد هم المرابين اليهود، الذين موّلوا هذه الحرب في سنواتها الخمس، وموّلوا عمليات الإعمار بعدها، بقروض لم تستطع البلدان الأوربية تسديدها إلى يومنا هذا.
وأما ألمانيا ومن أجل عدائها المعلن لليهود سواء من هتلر أو من قبل النازيين، فقد لاقت مصيرها المحتوم من تقسيم أراضيها وتحجيم قدراتها ونهب مقدّراتها وثرواتها، حيث استطاع اليهود العالميون التخلص من الخطر الألماني الذي كان يُهدّد وجودهم ويقضّ مضجعهم ويتقاطع مع مخطّطاتهم لتدمير البشرية.
ويخلص صاحب كتاب (أحجار على رقعة الشطرنج) المسيحي الكندي، في نهاية حديثه عن الحرب العالمية الثانية، إلى القول:
أما الحقيقة الأولى: فهي أن الإنسان لن يصحب معه إلى القبر شيئا من كنوز الدنيا، أو شيئا من أكاليل المجد والثناء.
والحقيقة الثانية: هي أن القبر ليس النهاية، بل إنه الطريق الذي لا مناص منه ولا مفرّ بعد القبر، من تقديم الحساب أخيرا، حيث ليس للمرابين العالميين من حول ولا قوة.
تأخر موسم الحصاد اليهودي للمحصول العالمي:
كان مخطط المؤامرة يقتضي تنفيذ ما جاء في البروتوكولات بحرفتيه، والغاية من ذلك السيطرة على اقتصاديات دول العالم بأسرها، وحصر رؤوس الأموال العالمية كلها في أيدي اليهود، وعندما يحين الموعد المناسب يعمد اليهود إلى شراء الذهب من الأسواق العالمية وتكديسه، ومن ثم يُشعلون نيران الحرب العالمية الثالثة، والتي حسب تصورهم ستكون كارثة بكل معنى الكلمة على العالم بأسره، وتخلف وراءها قطعانا بشرية جائعة، ملحدة لا تؤمن إلا بما هو مادي، ومنحلة لا تبحث إلا عن كل ما يُشبع غرائزها الجسدية، آنذاك يُعلن ملوك الذهب عن أنفسهم، ويشترطون لإنقاذ تلك القطعان البشرية من الموت جوعا، بما أنهم يملكون الذهب، تنصيبهم ملوكا على الأرض ليُقيموا دولتهم العالمية الدكتاتورية وعاصمتها القدس، فلا تملك تلك القطعان إلا أن تدين بالعبودية المطلقة لليهود، بعد أن جاءها نور الذهب ليُبدد ظلمة الأديان الموحشة.
إذ كان من المفروض أن تقوم الحرب العالمية الثالثة حسب مُخططاتهم، بعد (20 – 25) عاما من الحرب العالمية الثانية.. ولكنّ ما لم يكن في الحسبان هو موت لينين الذي ربيب المؤامرة اليهودية، وانقلاب (ستالين) على مخطّطاتها ومخطّطيها، وتخلّصه من جميع القادة اليهود في الحزب الشيوعي، وإقامته لاتحاد سوفييتي قوي وامتلاكه للسلاح النووي، ومقاسمته لأمريكا حكم العالم ودخول عصر الحرب الباردة، الذي حجّم اليهود وطموحاتهم بوقوفه ندّا قويا في وجه أمريكا وطموحاتها، فكان لا بد من تدميره وتفكيكه أولا، عن طريق الغزو السلمي التسلليّ، فوجدوا في (غورباتشوف) ضالتهم، ولما أوشك الاتحاد على الانهيار تبعه عمليهم الآخر (يلتسين)، فسيطر على مقاليد الحكم بالقوة، وأنهى ما يُسمى بحلف وارسو، وأزاح الحكم الشيوعي المناهض لأمريكا عن روسيا، وأخذ بنصائح صندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادي من خصخصة وغيرها، فاستطاع المليارديرات اليهود كـ (بيريزوفسكي) من شراء معظم المشاريع الاستثمارية الروسية، وشراء القرار السياسي والاقتصادي الروسي.. وبالإضافة إلى ما كانت تواجهه روسيا من أوضاع اقتصادية متردّية، أدخلوها في حرب استنزافية مع الشيشان منذ أواسط التسعينيات، وكل ذلك حتى يتسنى لليهود أن يصولوا ويجولوا، في كافة أرجاء العالم ليُحققوا طموحاتهم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.. وعندما خلت لهم الساحة بانهيار الاتحاد السوفييتي، وتجيير قرارات روسيا بالأموال اليهودية أشعلوا حرب الخليج الثانية، باستخدام نفس السيناريو المستخدم في الحرب العالمية الثانية، وخرجوا بنفس النتائج.. ولقد شاركت روسيا في الحملة الثلاثينية على العراق، على استحياء من حليفها السابق، غير أن الحصار العراقي شمل كل مناحي الحياة، ولم يقتصر على التصنيع العسكري كما هو الحال مع ألمانيا واليابان.
وكان مؤتمر مدريد للسلام، الذي كان في الأصل، غاية لمخطّطي ومفكري اليهود في الغرب، والذي لم يكن يوافق عليه حكام إسرائيل العلمانيون، وذلك لخلق درع من معاهدات السلام لحماية إسرائيل من الأخطار الخارجية، من دول ما وراء دول الطوق، ولتحييد دول الطوق نفسها، ودفعها لخوض الحروب نيابة عن الدولة اليهودية، في حال فكرت أي دولة بعيدة كروسيا والعراق، العدوين اللدودين حسب النبوءات التوراتية، بالإضافة إلى مصر والسودان وليبيا، والأردن وسوريا وإيران وأفغانستان، وكل هذه الدول مذكورة في التوراة بأسمائها القديمة.
ولذلك كانت هناك معاهدة السلام المصرية، لقطع الطريق على مصر والسودان وليبيا، وكانت المعاهدة الأردنية لقطع الطريق على الدول الشرقية، ولم تتحقق معاهدة السلام السورية، نتيجة التعنت السوري لاسترجاع هضبة الجولان، التي لا تستطيع إسرائيل التخلي عنها بأي حال من الأحوال، فكانت هناك معاهدة أمنية بين إسرائيل وتركيا بديلا عن المعاهدة السورية مؤقتا لقطع الطريق على روسيا، أما هذه الأيام فالموقف من سوريا قد اختلف باختلاف الموقف السوري من إسرائيل ومن العراق، مما يستدعي أفكارا جديدة وأسلوبا جديدا للتعامل مع سوريا.. وأنت ترى الآن المأزق الذي تعانيه سوريا بعد الاحتلال الأمريكيّ للعراق، وضغوط أمريكا عليها للاستجابة لطلبات إسرائيل.