الامر كله إذا بسطناه لا يؤدي إلى حيرة ما جعلك تحتارين هو حديث النخبة والمثقفين الذي يبدو شائكاً ومشتتاً
سؤالك الذي جعلك تحتارين في الحقيقة هو معصرة فلسفية من الطراز الاول
لا يوجد دليل على وجود إله ولا يوجد دليل على عدم وجوده
كل امة وكل مجتمع صنع ديانته التي تلبي متطلباته وحاجاته ويسن القوانين التي ستكفل نمط عيش متحضر ، وهذه الاديان كانت تشتمل على إله وكل إله لا يكاد بل ابداً لا يخرج من ثقافة الحضارة التي فيها ، على سبيل المثال فآلهه الاغريق كانت عراة والتعري في الحضارة الاغريقية ليس بالامر المحضور بينما إله الإسلام يهتم كثيراً بالبهائيم وبالعادات العربية وذلك لأنه انبثق من نفس الحضارة وقولب عليها . إيجاد هذه الالهه كان لحاجة التفسير ولحاجة العيش بآمل وايضاً الموت بآمل ، اوجدت هذه الالهه لتصنع قصة ابدية ما قبل الحياة وما بعدها ، عقل الإنسان الاول وهو العقل المنطقي الإستنتاجي الوحيد على وجه الارض لم يقبل العيش بعبثية او تسليم بهذه الظواهر الكونية كالبرق وهطول المطر والخسوف والكسوف بدون تفسير ، الإنسان جبل على تفسير الاشياء ، لن تستطيعين انتي وانا والجميع ان ننام في غرفة يصدر منها صوت غير مبرر ، قد تكون هناك اصوات ولكن اسبابه واضحه لدينا او على الاقل لدينا الإيمان الكامل باسبابها كصنوبر ينقط الماء او القطط التي في الخارج او طقطقة في السقف ، اصوات لها اسباب معلومة ومهما كانت مزعجة فيمكننا النوم ، إلا إن صدور اي صوت غير مبرر وليس له سبب واضح فهو اكبر عائق للنوم وقد لا يستطيع النوم في غرفة يصدر منها صوت لا سبب له ، فيلجا الإنسان إلى البحث عن السبب في حدوث هذا الصوت وإن وجده وحتى وإن لم يستطيع ان ينهي مصدره فسيتطيع النوم لأن هذا الصوت له سبب معلوم والعلم بالشيء مصدر راحة وإطمئنان .
من هذا المنظور كانت الحاجة الاولى للإنسان لتفسير هذه الظواهر الكونية ، ومن ثم تطور هذا البحث إلى الرغبة في معرفة من اوجدها ولماذا وماذا بعد ذلك ، هنا خط الإنتاج الاول للالهه ويمكن وصف الخالق بنظرية او فرضية أي إفتراض لهذا الشيء ولكن هذه الفرضية اصبحت مسلم بها عند بعض حضارات البشر فيم بعد ، ومن هذا المنطلق نشأت الاديان الاولى وكما اسلفت كل دين نشئ حسب ما تقتضيه مصلحة الامم او الحضارات التي نشاء بها .
ولكن هل هناك خالق فعلاً ؟
كما اسلفت هذا سؤال فلسفي من الطراز الاول ، ولكن السؤال الذي اريد ان ادرجه وسيجيب ( تقريبا ) عن السؤال الاول .
لو تبين حقيقة وجود خالق او إله ، هل هذا يثبت صحة الاديان واي دين بالذات يثبت صحته ؟
طبيعياً كل الاديان ستجزم ان إلهها المزعوم هو ذاته الخالق ، ومنطقياً هناك من هو على حق وهناك من مخطئ ، ولكن هذه القاعدة لن تستخدم في ظل خالق نعتقد انه عادل إذا ان وجود ديانة على حق وجميع الديانات خاطئة وسيعاقب معتنقوها على ما فعلوا تعتبر بربرية همجية ، لأن هذا الخالق لم يقيم عليهم الحجة ، وعندما اقول حجة فانا لا اقصد انبياء او رسل بل معجزات حقيقية كمعجزات يسوع المزعومة .
إذاً وجود خالق لن يثبت صحة اي ديانة وكل ديانة فيها ما يكفي لنقضها نقضاً لا هوادة فيه ،وعندما نفكر جدياً او نفترض جدلياً وجود خالق فأن خالق هذا الكون الفسيح الشاسع العظيم لا يمكن ان ينظر إلى حصاة مستديرة تدور فيه او إلى اعمالنا نحن البشر الذي نعتبر كائينات نانوية في مجرة درب التبانة فضلاً عن الكون باوسعه ، فكرة مراقبة الخالق للخق ومعاقبتهم عليها غير منطقية بتاتاً ، الإيمان بالخالق وحده دون ديانه ( الادينية ) هي الخيار المفضل لمن هم لا تروق لهم التفسيرات العلمية المعقدة في نشوء الكون او الحياة ، والادينيين عموماً لا يؤمنون بحقيقة وجود حياة بعد الموت ، الإيمان بوجود خالق محب ورحيم ومتسامح هي فكرة وردية وشاعرية إلا ان الافكار الدينية التي من صنع البشر لوثتها وجعلت هذا الإلهه بربري همجي يراقب الفتيات ويعلقهن من صدورهن إذا مارسوا الجنــس او يعاقب الشخص الخلوق المحب إذا لم يؤمن به فقط بينما يدخل البربريين والهمجيين والسفاحين الجنة لأنهم امنوء به هي فكرة مقرفة جداً وهي ايضاً جعلت اي تصور لهذا الخالق تبدو سلبية . وسواءاً امناء ام الحدنا فالامر سيان فمضمون الادينية اقرب إلى الالحاد إلا ان الفكر الإلحادي هو اكثر منطقية ولا ينظر إلى اي روحانيات او مشاعر عاطفية في الحسبان ، والإلحاد قد لا يقود تماماً إلى إنكار الخالق ولكنه كفيل بأن يدحض اوهام الاديان وافكارها وتصوراتها عن الخالق .
اعود مرة آخرى واقول لا حاجة للحيرة ، كونك على ديانة لا يعني ان عليك تنفيذ جميع الاشياء التي ترينها سوداوية او لا إنسانية ، كونك مسلمة لا يعني ان عليك الإلتزام بالولاء والبراء وكره الاخر فقط لأنه على غير ملتك ، في النهاية جميع احكام الدين هي من صنع البشر هي من صنع إناس اردوا خدمة مصالحهم الولاء والبراء مثلاً كان افضل حل لرجال الدين المسلمين في الماضي لتأكد من خلوا جيوشهم من الطابور الخامس ( الجواسيس ) وتقوية جيوشهم من خلال زرع الافكار العنصرية التي تتيح له النيل من كرامة الاخر وتكفل قوة الجيش ، يمكننا ان نتمسك بالافكار الروحانية وهي الاساس الحقيقي لو كان هناك إله حقاً فلا الاعمال ولا الاقول ولا سماعي للموسيقى او الاغاني اشياء سيحاسبني عليها الخالق إن كان موجوداً .
لدي الكثير لأقوله ولكن الوقت لا يسعفني ، اتمنى اني اوصلت الفكرة التي اريد إيصالها
تحياتي