المسيح كان شخصا أخلاقيا .. لكنه كان متزمتا و متطرفا كذلك. لقد دعا لمحبة الأعداء و التسامح لدرجة الإنسحاق و الزهد لدرجة قلع العين و إخصاء المرء لنفسه, دعا ايضا لتحرير الأخلاق من سطوة المجتمع بطريقة تكشف عن حس اخلاقي مرهف.

و فلسفة المسيح في الأخلاق لها سمات مميزة نستطيع ان نمسكها و نحللها بسهولة فهي أخلاق تهدف لتحقيق السعادة بعد الموت عن طريق نظام الثواب و العقاب من خلال سلوكيات على الأرض صعبة التحقيق تنتصر للروح ضد الجسد و تتميز بالفردانية و البعد عن النفاق للمجتمع او التمسك بالطقوس.


و الآن سنتعرض لاهم النقاط الأخلاقية في فكر المسيح :

# الإيمان

توماس بين – الفيلوسف الإنجليزي الشهير – قال :

الإيمان ليس فضيلة و الشك ليس رذيلة, ديني هو عمل الخير .

هل أخطأ توماس بين بهذا التصريح ؟ هل يعتبر هذا معارضة صريحة لأخلاق المسيح ؟

المسيح أكد أكثر من مرة على اهمية الإيمان به و بتعاليمه :

من امن و اعتمد خلص و من لم يؤمن يدن (مر 16 : 16)

قال لها يسوع الم اقل لك ان امنت ترين مجد الله (يو 11 : 40)

بل و أكد على أهمية الإيمان دون رؤية كما حدث مع توما حين قال له :

قال له يسوع لانك رايتني يا توما امنت طوبى للذين امنوا و لم يروا (يو 20 : 29)

و قدد عرف بولس الإيمان في الرسالة إلي العبرانيين :

و اما الايمان فهو الثقة بما يرجى و الايقان بامور لا ترى (عب 11 : 1)

الثقة بما يرجى لا تعني أكثر من التفكير بالتمني, فما أرجوه أثق في حدوثه. و طبعا التفكير بالتمني هو تفكير طفولي و عقيم و لا يليق بالناس الكبار الناضجين, فليت كل ما يتمناه المرء يدركه.

أما الإيقان بامور لا ترى فهي تصديق الغيبيات فالرؤية هنا ليس المقصود بها الرؤية فقط بل أي وسيلة يمكن ان نجرب بها تلك الأمور أو نقيسها سواء بالرؤية أو اللمس أو السمع أو غيره, و بالطبع كل هذا بغير دليل.

إذن فالإيمان بحكم التعريف المسيحي هو التفكير بالتمني في الأمور الغيبية و تصديقها بغير دليل : و طوبى لمن آمن دون أن يتأكد أولا.

ثم لنرى بعد ذلك ما هو الذي سيؤمن به المرء دون أن يرى أو يتاكد :

إله يخلق الكون كله في ستة أيام ثم يخلق الرجل من طين و يخلق المرأة من ضلعه و يخلق لهما جنة في وسطها شجرة سحرية هي شجرة معرفة الخير و الشر و على فروعها تمرح حية متكلمة تحكي لحواء عن أن من ياكل من الشجرة سيكون مثل الله عارفا الخير و الشر فيأكلان من الشجرة السحرية ليعرفا أنهما عريانان فيحكم عليهما الله بالموت و يضطر للقيام بمهمة إنتحارية هي التجسد في شخص المسيح من أجل أن يخلص البشرية من حكم الموت الذي أمر به هو شخصيا, و هذا المسيح ولد من عذراء لم تمارس الجنس مع احد و حين كبر راح يشفي الناس دون وسائل طبية و يمشي على المياة و يقيم الموتى بعد أن انتنوا ثم في النهاية يصلب و يقيم نفسه من الموت واعدا بإقامة كل الناس من الموت ليحاسبهم.

بالطبع لم يكن المسيح هو مبدع هذا السيناريو و هذا الربط بين عصيان آدم و حواء و أكلهم من الشجرة من ناحية و صلب المسيح من ناحية أخرى, فهذا الإبداع هو إبداع بولس و الذي تبنته الكنيسة بعد ذلك. لكن المسيح أكد مع ذلك على الإيمان بشخصه و بتعاليمه و ليس قصة الفداء كما رواها لنا بولس.

قصة الفداء صعبة التصديق لانها مملؤة بالآلهة و الحيات المتكلمة و الشجر السحري و .. ألخ, أما الإيمان بشخص المسيح و تعاليمه أسهل و لكن المسيح أيضا قد صعب هذا الأمر حين أصر على أنه هو و الآب واحد و أن من رآه قد راى الآب و أنه هو المسيح إبن الله الحي .. ألخ. يعني الخيالات و الأوهام مرتبطة أيضا بشخص المسيح كما أنها مرتبطة بقصة الفداء البولسية – نسبة إلي بولس – و حتى تعاليم المسيح رغم إنتصارها للحب و التسامح إلا أنها ليست كاملة أو منيعة و بها الكثير من الأخطاء أيضا.

يعني سواء كان الإيمان بشخص المسيح و تعاليمه كما أصر المسيح, أو الإيمان بقصة الفداء كما أصر بولس و تصر الآن الكنائس العالمية, فكلاهما يصعبان على التصديق و كلاهما لن يجعلوا من الإيمان فضيلة أبدا لأن مجرد السذاجة و التصديق الأعمى لا يمكن أن يكونا فضيلة بأي منطق و حتى بحسب العلم الحديث فإن التجريب و القياس هما الحكم لما نصدق أو نكذب و هما الأشياء التي يعول عليها و ليس السذاجة أو الإيمان بلا دليل.

# السعادة المؤجلة

لقد أكد المسيح – بالرغم من دعوته إلي محبة القريب – على مذهب في السعادة قد يصح أن نسميه بإسم مذهب ( السعادة الأخروية ), فالمسيح قال أن هناك ثوابا و عقابا أبديين ينتظران الإنسان في حياة أخرى بعد الموت على اعتبار ان ما يزرعه الإنسان في هذة الحياة الدنيا لا بد أن يحصده في الآخرة. أما الإنسان الخير فقد يلقى في الحياة الدنيا الكثير من المصائب و الآلام و المحن و لكنه لابد ان يظفر في الحياة الأبدية بما يستحقه من نعيم و سعادة و غبطة روحية, فليس إنتقاص المسيح من قيمة العالم الحاضر سوى الواجهة الخلفية لإعلائه من شان الحياة الأخرى.

و لكن حتى لو نظرنا إلي فضيلة الإنسان في هذة الحياة الدنيا لوجدنا ان قيمتها رهن بخلود النفس في الملكوت و الإستعداد للحياة الأبدية. فالسعادة كما دعا إلي المسيح ليست مجرد سعادة أخروية فحسب و إنما أيضا هي سعادة فردية. فهو يطلب من الفرد – أولا و قبل كل شيء – العمل على تحقيق خلاصه الشخصي قبل التفكير في إنقاذ نفوس الآخرين. صحيح أن المسيح دعا الفرد إلي محبة القريب و الإهتمام به و الإحسان إليه في هذة الدنيا, لكنه لم يطلب منه ذلك إلا لكي يعمل على إنقاذ نفسه في الحياة الآخرة.

و هكذا نستطيع ان نقول أن التضحية من أجل الآخر المطلوبة في هذا العالم هي نفسها أنانية فيما يختص بالعالم الآخر. و هذا هو ما دعا فلاسفة الأخلاق إلي القول بأن العقيدة الميتافيزيقية القائلة بالحياة الأبدية هي التي تملي على المؤمن بالضرورة أن يكون أنانيا.

بالتالي فإن نقد نظرية السعادة كما دعا اليها المسيح يتلخص في ثلاث نقاط :

1- أن السعادة مؤجلة لما بعد الموت من خلال الخلاص الفردي و هذا يعني أن أخلاق المسيح لا تحقق شيئا في الدنيا التي نحياها, بل إن الإنسان قد يقع في المشاكل و المصائب في الدنيا نتيجة تمسكه بأخلاق المسيح.

2- ان السعادة ليست رد فعل طبيعي للسلوك الأخلاقي بل هي مكافئة مزاجية من شخص الله, و هذا يحيلنا إلي أخلاق بلا معنى في أحيان كثيرة و غير نافعة و إلا فمن سينتفع بالعفة أو الطاعة أو التسامح المبالغ فيه أو تبرع المرء بكل ما يملك. من الواضح أن الأخلاق المزاجية تنتج مكافئة مزاجية و قواعد اللعبة كلها تكون في يد الله و بالتالي يعجز عقل الإنسان عن فهم الحكمة من وراءها.

3- أن السعادة الأخروية هي مطلب أناني من المؤمن.

تلك مشكلة كبيرة, فلا يبدو أن المؤمنين بالمسيح أو المسيحية لديهم أي مشكلة في ان غير المؤمنين سيذهبون إلي جهنم لأن الكل يتعامل مع هذة المعلومة كأمر واقع لا يسترعي إهتماما و نجد في قصة الغني و لعازر سلوكا معدوم الرحمة من شخص المفترض فيه التقوى كما في لوقا 16: 22-26

فمات المسكين (لعازر)و حملته الملائكة الى حضن ابراهيم و مات الغني ايضا و دفن. فرفع عينيه في الجحيم و هو في العذاب و راى ابراهيم من بعيد و لعازر في حضنه, فنادى و قال يا ابي ابراهيم ارحمني و ارسل لعازر ليبل طرف اصبعه بماء و يبرد لساني لاني معذب في هذا اللهيب. فقال ابراهيم يا ابني اذكر انك استوفيت خيراتك في حياتك و كذلك لعازر البلايا, و الان هو يتعزى و انت تتعذب.

إن نظرية السعادة لأرسطو تبدو افضل من نظرية السعادة المسيحية لأن السعادة التي يقترحها أرسطو هي رد فعل طبيعي للسلوك الأخلاقي في هذة الدنيا و بالتالي فإن الشخص الفاضل يحصل على سعادته في هذة الدنيا. و لا يعيب نظرية السعادة لأرسطو إلا انها أنانية أيضا إلا ان السعادة التي دعا إليها أرسطو سعادة أرضية و هي مرتبطة بمفهوم الكمال و تحقيق الذات و بالتالي هي أفضل من نظرية السعادة للمسيح.

أتصور أن السعادة التي دعا إليها المسيح كانت ستكون أفضل لو كان قد اكد على أهمية إنقاذ كل فرد لعشرة أشخاص من جهنم كشرط لسعادته و بالتالي لكان قد ربط بين سعادة الآخرين و سعادة الفرد و لكنه لم يؤكد إلا على أن كل فرد يجب أن ينقذ نفسه من جهنم و لو لم يهتم بخلاص الآخرين : فقط يكون محبا و مراعيا لهم على الأرض أما أن يهتم بخلاصهم فهذا لم يتعرض له.

# إمكانية الإنجاز الأخلاقي

من المفيد ان يكون فهمنا للأخلاق أنها شيء من الممكن تحقيقه و إنجازه لكي لا نصعب الأمور على أنفسنا. فالشخص الذي يفهم الأخلاق على أنها سلوكيات مستحيلة او شبه مستحيلة هو شخص لا يريد أن ينجز أي عمل أخلاقي, فتعجيز الإنسان عن ممارسة الأخلاق بجعلها أخلاق مغرقة في المثالية و الصعوبة هو ليس تصرفا حكيما بأي حال. بالطبع هذا لا يعني أن نقوم بإضفاء الشرعية و الأخلاقية على أي سلوك من باب تسهيل الأمور على الناس بمعنى أن لو كان الكثير من أفراد مجتمع ما لصوص فإن تقنين السرقة و إباحتها ليست تصرفا حكيما أيضا, لكن جعل الأخلاق صعبة أو شاقة أكثر من اللازم لن يتسبب إلا في جعل الناس تيأس من تحقيقها و بالتالي تعيش دون اي معايير أخلاقية, و يحضرني هنا تعاليم المسيح الأخلاقية كمثال.

المسيح بحسب الأناجيل كان يوصي بأشياء تبدو صعبة التنفيذ بطريقة تنفر الناس من محاولة تنفيذها :

- مثلا في متى 5 : 39

اما انا فاقول لكم لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الايمن فحول له الاخر ايضا.

المسيح هنا يتجاهل أشياء مثل كرامة الإنسان و كبرياؤه و حقه في أن يكون محترما و مصانا, و مطالبته بعدم مقاومة الشر فيها سلبية كبيرة و يسهل إتهامها بالجبن. أتصور أن الدفاع عن النفس هو من أبسط قواعد الحياة و أقواها و محاولة تجاهلها لن يتسبب إلا في جعل الأخلاق صعبة التنفيذ و النظرية مهما كانت جميلة على الورق لن تصح إلا لو كانت قابلة للتطبيق.

- مثلا في متى 5 : 27-30

قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تزن و اما انا فاقول لكم ان كل من ينظر الى امراة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. فان كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها و القها عنك لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك و لا يلقى جسدك كله في جهنم, و ان كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها و القها عنك لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك و لا يلقى جسدك كله في جهنم.

هل هذا معقول ؟

المسيح يحرم الشهوة البريئة تجاه الجنس الآخر بل و يطالب من لا يلتزم بهذا ان يقلع عينه او يقطع يده. هل تلك سلوكيات أخلاقية ؟ و هل هي ممكنة التنفيذ ؟

بالطبع معظم المسيحيين يأخذون تلك الآيات بطريقة رمزية بحيث يفرغون الأوامر الصريحة من مضمونها. و لكن هناك من يتمسك بالمعنى الحرفي و يجادل بأن الناس خطاة فاسدين و إنهم غير قادرين على الوصول إلي القداسة الكاملة أبدا لأن الجميع زاغوا و فسدوا و ليس من يعمل الصلاح. البعض يؤكد أن المسيح وحده هو القدوس الطاهر الذي لم ينظر إلي إمراة أو يشتهيها طوال حياته و إن الناس لا يستطيعون الوصول أبدا لتلك المرتبة الرفيعة من الأخلاق العالية.

بالطبع تلك ليست أخلاق و لو صح إن المسيح لم يشتهي أي إمرأة طوال حياته فذلك لأنه لم يكن رجلا بالمعنى البيولوجي للكلمة. من الممكن أنه كان يعاني من عجز جنسي ما للدرجة التي يسهل بها ان يوصي بقتل الشهوة في صدور الناس, و من الممكن انه قد خصى نفسه تنفيذا لكلامه في الآية التي في متى 19 : 12

لانه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون امهاتهم و يوجد خصيان خصاهم الناس و يوجد خصيان خصوا انفسهم لاجل ملكوت السماوات من استطاع ان يقبل فليقبل.

المسيح هنا يحتقر الجسد و الجنس لدرجة أنه يدعو الرجال لإخصاء أنفسهم, أتصور أنه اول من نفذ تلك الوصية على نفسه لكي يتجنب عبء الإشتهاء للجنس الآخر.

إن أبسط دليل على أن الإمتناع عن الشهوة و الجنس – لا أعرف كيف يمكن ممارسة الجنس بدون شهوة – هي أمور سيئة أن الناس لو نفذت تلك الآية حرفيا يوما ما و نبذت الشهوة أو تناولت عقاقير لإبطال الشهوة لما تحولت الأرض إلي جنة في غمضة عين بل ربما إلي جحيم.

إن تلك الوصية الأخلاقية المزعومة لا تحقق السعادة لأي واحد و بالتالي هي بعيدة كل البعد عن الاخلاق.

- في متى 19(21 – 26)

قال له يسوع ان اردت ان تكون كاملا فاذهب و بع املاكك و اعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء و تعال اتبعني. فلما سمع الشاب الكلمة مضى حزينا لانه كان ذا اموال كثيرة. فقال يسوع لتلاميذه الحق اقول لكم انه يعسر ان يدخل غني الى ملكوت السماوات. و اقول لكم ايضا ان مرور جمل من ثقب ابرة ايسر من ان يدخل غني الى ملكوت الله. فلما سمع تلاميذه بهتوا جدا قائلين اذا من يستطيع ان يخلص. فنظر اليهم يسوع و قال لهم هذا عند الناس غير مستطاع و لكن عند الله كل شيء مستطاع.

لم يكن المسيح غنيا ليضرب لنا مثلا ببيع كل أملاكه و لكن كان يسهل عليه أن يعجز إنسانا كان يسأل كيف يكون شخصا أخلاقيا. و في النهاية يؤكد أن الأغنياء هم أشخاص غير مرغوب فيهم في ملكوت السماوات.

في النهاية يمكن تلخيص الأخلاق التي يقترحها المسيح كالتالي :

على المرء أن يضرب و يشتم (بضم الياء) دون ان يقاوم الشر و لو ضرب (بضم الضاد) على خده عليه ان يحول قفاه أيضا و لو سأله أحدهم ثوبه فليعطه لباسه أيضا و لو إشتهى إمراة عليه ان يقلع عينه و إن إراد ملكوت السماوات عليه ان يخصي نفسه و لو أصر على أن يكون كاملا عليه يذهب ليبيع كل أملاكه و يعطي الفقراء.

أما من لا يفعل كل تلك الأشياء مجتمعه فهو شرير و فاسد محتاج لرحمة الإله.

يعني إن لم يكن المسيح يصعب الأمور و يجعل الأخلاق مستحيلة التطبيق فما الذي يفعله بالضبط ؟

من يستطيع تنفيذ تلك الأشياء ؟

و أي فائدة يجنيها الفرد او المجتمع بإتباع تلك الوصايا ؟

ببساطة تصعيب الأمور ليس له أي فائدة فالحياة صعبة أساسا و لا تحتاج إلي من يزيد صعوبتها بمعايير أخلاقية مستحيلة التنفيذ و بلا هدف في الحقيقة. أتصور أن من يقترح مثل تلك الأخلاق هو منافق أولا لأنه لن ينفذها شخصيا و هو شرير ثانيا لأنه ينفر الناس من السلوك الأخلاقي و يصعبه عليهم و هو شرير ثالثا لأنه يريد أن يربي عند الناس عقدة ذنب بسبب مثل تلك الأخلاقيات الغريبة صعبة التنفيذ.

و عموما من يعتاد العيش مع عقدة الذنب يسهل عليه إرتكاب الجرائم اما من يصعب عليه تحمل الشعور بالذنب فسيصعب عليه إرتكاب أي فعل غير أخلاقي. من المهم أن يظن الناس أنهم أشخاص طيبين و أخلاقيين لكي يستطيعوا ممارسة السلوكيات الأخلاقية بسهولة و سلاسة. اما تربية الناس على انهم مذنبين بشكل دائم و مجرمين مهما فعلوا من أعمال طيبة فإن هذا سيجعل الوحش بداخلهم يصحو و يرتكب الرزائل و يؤذي و يدمر.

بهذا المنطق أتصور أن اخلاق المسيح ساهمت – بقصد او بغير قصد, لا يهمني – في جعل الناس وحوش على الأرض معتادين على الشعور بالذنب بسبب توافه مما يشجعهم على إرتكاب أبشع الأفعال و هم معتادين على هذا الشعور.

# ثنائية الجسد و الروح

لان الجسد يشتهي ضد الروح و الروح ضد الجسد و هذان يقاوم احدهما الاخر حتى تفعلون ما لا تريدون (غل 5 : 17)

قبل الحديث عن ثنائية الجسد و الروح يجب أولا إقتباس بعض المعلومات عن الغنوصية :

الغنوصية (أو العارفية أو العرفانية) هي مدرسة عقائدية أو فلسفية حلولية نشأت حول القرن الأول الميلادي، ويعتقد البعض أن لها جذور وبدايات تعود إلى القرون الثلاث الأخيرة قبل الميلاد في المجتمع السكندري لتبرير انتشار الديانة المصرية القديمة في الإمبراطورية الرومانية بجانب الديانات المحلية. أخذت الغنوصية طورا جديدا لدى ظهور المسيحية لإثبات تواؤم المعتقدين. وكانت لا تتعارض مباشرة مع الديانات التوحيدية كالمسيحية واليهودية ولكنها تم مقاومتها وقمعها من قبل الكنيسة منذ فترة مبكرة.

في 1945 ازداد النقاش لدى اكتشاف مخطوطات نجع حمادي المكتوب في القرن الخامس الميلادي والتي ما زالت المصدر الرئيسي والأكبر للغنوصية.

’الغنوصـية‘ Gnose كلمة يونانية تعني ’المعرفـة‘، اصطلح الدارسون على استخدامها لوصف عدد من الحركات الدينية في فترة سيطرة الإمبراطورية الرومانية، كثيرٌ منها لا صلة له على الإطلاق بالمسيحية. وهي تيار ومذهب فكري مُعقّد ذو فلسفات باطنية، بذل جهده لاكتساب المعارف الفلسفية الوثنية، مُهملاً فكرة الوحي الإلهي كأساس لكل معرفة لاهوتية، ومُفسّراً إياها تفسيراً مجازياً خالطاً بين النظريات الفلسفية الوثنية مع العناصر الذي نقلها مع العبادات الشرقية، مكوِّناً بذلك نظريات وفلسفات غريبة. لهذا فإن كل شكل من أشكال الغنوصية يشمل بعض الفكر الإبراهيمي إلى جانب الغنوصية الوثنية، ويبدو أن العهد الرئيسي للغنوصية هو الرؤى اليهودية وأفكارها عن العالم السماوي، بالإضافة إلى نظرية ثنائية الكون والخلق -المنقولة نوعاً ما عن فارس (إيران)- والتي تضع الله وأعماله “الصالحة” من جهة قبالة العالم وأعماله “الشريرة” من جهة أخرى، لهذا خرجت الغنوصية بمبدأ التعارض القائم -والدائم- بين الروح والمادة (الجسد). وهكذا خلع الغنوصيون على الفكر اللاهوتي طابعاً غنياً باستخدام المنطق، وبهذا يصح القول أنهم أسسوا علم اللاهوت ( مع التحفظ على تسمية اللاهوت بالعلم طبعا ).

وتذهب الغنوصية إلى أن الخلاص هو في تعلّم الأسرار الخفية ومعرفة أصل الروح ومصدرها الحقيقي، ومعتقدها الثنوي يجعل الروح الخيّرة في مواجهة الجسد الشرير، وفي حالة تعارض دائم مع المادة الفاسدة. والأرواح وحدها تمتلك المعرفة، وهي قد خلصت بالطبيعة، وهذا يستتبع كُرهاً للدنيا المادية ودعوة دائمة إلى التقشف. وفي العقيدة الغنوصية، الإله الحقيقي هو إله يخفى عن عيون البشر ويتجلى بإله سفلي هو خالق العالم، وهي ترفض إله العهد القديم الذي تعتبره خالقاً شيطانياً، شريراً وغيوراً ومسؤولاً عن كل مثالب العالم. وتعتبر المسيح معلماً روحياً مكلفاً بقيادة البشرية نحو معرفة الله الحقيقي الخفي. والمسيح حسب الغنوصية ليس ابن إله العهد القديم، بل هو من ’شيث‘، الابن الثالث لآدم الذي ينتمي إلى المعبودة الأنثوية “باربيلو” Barbélo.

والغنوصية حركة دينية خاصة، لكنها ليست مُحددة بسياق مُوحّد، بل هي مجموعة من الفرق والمدارس التي كان لها في عصور المسيحية الأولى عقائد مشتركة عن ’المعرفـة‘، لكن الكنيسة الأرثوذكسية (وبشكلٍ خاص المصرية القبطة منها تحديداً) رفضت هذه الحركة بمعارفها وممارساتها. وذلك لأن أعضاء الجماعات الغنوصية، الذين كانوا يعتقدون أنهم يملكون مفتاح المعرفة غير المُتاح للآخرين، قد تميّزوا بالحقد على العالم المادي الذي كثيراً ما يعتقدون أنه ليس من خلق الله، بل من إله دونه قد خلقه ليحبس فيه أرواح البشر. وفي المفهوم الغنوصي، أن البشر، حرفياً، مُحاصرون في أجسادهم، كما في قول يسوع مُخاطباً يهوذا: “هذا يُغلّفني” حسبما تُشير مخطوطة ’إنجيل يهوذا‘ (الإسخريوطي)، والتي سيلي تفصيلها لاحقاً. ومعنى الخلاص عندهم هو أن ينطلقوا ويتحرروا من أجسادهم تلك.

لقد ظهرت الغنوصية عام 70 ميلادية وتطورت في القرن الرابع الميلادي، وصار لها عدة مذاهب، منها مذهب “القاينيين” الذين ظهروا حوالي عام 158/159 بعد الميلاد، وهو جزء من حركة عبدة الأفاعي الذين يعتبرون الأفعى رسول الحكمة المنقذة للبشر، وكانوا يؤمنون أن يهوه كان ناقصاً وعقله مليء بالجهل والغطرسة، لذلك اعتبروا أن اكتمال الطبيعة الإلهية يقتضي البحث عن حقائق مناقضة لتعاليم “يهوه”، فوجدوا في “قايين” نموذجاً يعبرّ عن رؤيتهم ومن وجهة نظرهم أن “قايين”، عندما قتل أخاه “هابيل”، برهن أنه يفوق “يهـوه” الذي يرعى هابيل فقدِّسوا “قايين” ثم أضافوا إليه “عيسو” وسكان مدينة سدوم (التي عرفت في الكتاب المقدس بتجبر أهلها)، وأخيراً، “يهوذا الاسخريوطي”، وغيرهم.

أما الديانة التي إشتقت منها الغنوصية فهي الديانة الزرادشتية أو المجوسية و التي كانت قبل المسيحية في إيران :

الزرادشتيه ديانه ثنائيه فارسيه قديمه، مؤسسها زرادشت اللذي عاش فى القرن 7 و 6 قبل الميلاد. فكرة الدين الاساسيه بتقوم على مبدأين متناقضين و هما مبدأ الخير مشخص فى اله النور و اسمه أهورا مزدا ، و مبدأ الشر المشخص فى اله الظلمه و اسمه أهرمان. الصراع بين الاثنين يلخص نظرة الدين الزرادشتى للكون. تؤكد الزرادشتيه على البعث و الحساب و تؤمن بظهور مخلص سيولد من عذراء لينصر اعوان الخير و يسود للأبد.

الدين المجوسي أو الزرادشتي ديانة إيرانية ثانوية يعتقد معتنقوها بوجود إلهين رئيسيين أحدهما يمثل الخير والآخر يمثل الشر إضافة إلى ذلك هناك عدة آلهة للخير في الديانة المجوسية وعددها إثنا عشر إله كذلك للشر عدة آلهة وهذه الديانة لم تنقرض بل لا تزال موجودة بأقليات صغيرة، أسس هذه الديانة زرادشت الذي بشّر بالقوة الشافية للعمل الصالح والقوة الخيرة. النار والشمس هما رمزا المجوسية، ولذلك فإن النار مقدسة ويحرص الزرادشتيون على ألا تنطفئ في معابدهم، وهو ما جعل أصحاب الكثير من الديانات الأخرى يفسرونه على أن الزردشتيين يعبدون النار.

الزردشتية هي عقيدة دينية تتمحور حول ألوهية إله واحد مطلق عالمي ومجرد خالق غير مخلوق اليه ترجع امور كل المخلوقات، وتؤمن المجوسية ان النفس الإنسانية تنقسم إلى قسمين:(القوة المقدسة)والتي تدعمها سبع فضائل عليا (الحكمة والشجاعة والعفة والعمل والإخلاص والأمانة والكرم هذه الفضائل بمثابة الملائكة. تدفع هذه الفضائل القوة المقدسة النفس البشرية إلى الخير والنور والحياة والحق.

و (القوة الدنيا)وتساند هذه القوة سبع رذائل هي النفاق والخديعة والخيانة والجبن والبخل والظلم وإزهاق الروح وهي بمثابة شياطين. وتدفع هذه القوة الخبيثة المتكونة من النقص في النفس البشرية إلى الشر والظلام والموت والخداع، ويبقى هذا الصراع قائماً بين هاتين القوتين داخل النفس البشرية إلى أن يصل الإنسان إلى النقاء.

الديانة المجوسية تؤمن بالعقاب واليوم الاخر وبالروح ووجودها، ويعتقدون إن الفاني هو الجسد وليس الروح، وإن الروح ستبقى في منطقة وسطى بين النار والجنة في منطقة تدعى البرزخ، وأن اعتقادهم راسخ بالجنة والنار والصراط وميزان الاعمال أما بالنسبة للجحيم في الديانة الزردشتية فهي تختلف في وصفها عن الأديان الأخرى، فالديانة الزردشتية تقول بأن الجحيم عبارة عن منطقة باردة وفيها أنواع من الحيوانات المتوحشة التي سوف تعاقب المذنبين بما اقترفت أيديهم من أثم في الدنيا.

المجوسية تحث الإنسان على التمسك بالفكر الصادق والقول الصادق والعمل الصالح للوصول إلى ذاته وليضمن سعادته فالإنسان كائن حر وعليه اطاعة الاله الوحد ،كما أن المجوسية تحرم الرهبانية بكل أنواعها.

ليس هذا طبعا مجال مناقشة العلاقة بين المسيحية و الغنوصية أو المسيحية و الزرادشتية رغم التشابه الكبير بينهما في أمور كثيرة و لكنني أحببت أن أقتبس بعض المعلومات عن الفلسفة الغنوصية و الديانة الزرادشتية من أجل توضيح أصل العقيدة الثنائية : الجسد ضد الروح و الروح ضد الجسد. و عموما أنا لن اتهم بولس بإختراع تلك الثنائية أو بإدخالها على أفكار المسيح كما فعل بقصة الفداء لان المسيح قد صرح أكثر من مرة بإحتقاره للجسد و لشهوات الجسد مع تأكيده على أهمية الروح و السمو الروحي.

بغض النظر عن أصل عقيدة الثنائية هل هي مسيحية أم غنوصية أم زراشتية : تلك عقيدة فاسدة عقائديا و أخلاقيا ..

عقائديا لأنه لا يوجد ما يسمى الروح, يعني بقدر ما فهمنا معنى كلمة روح.

فمن جهة هي توجد “في الجسد” أو “متحدة به” بشكل أو بآخر سواء كانت متمركزة في جزء منه مثل القلب أو الرأس أو الدم أو منتشرة في الجسم كله … الخ، (حسب الرأي السائد في العصور والثقافات المختلفة). أو مرافقة لجسد الإنسان ومرتبطة به بكيفية ما، إلا أنها في الحالتين – والحال هكذا – تخضع لعامل المكان، بالرغم من أنها ليست مادية(؟!) وليست هذه هي الخاصية المادية الوحيدة التي مُنحت للروح. فبالإضافة لإمكانية التواجد المكاني فيفترض أن لها قدرة على التأثير في الأجسام المادية!! فوجودها يؤدي إلى تمتع الجسد بالحياة ومفارقتها للجسد يؤدي لموته(؟!)

ولكن بالرغم من هذه الخصائص المادية فيجب ألا يذهب ذهننا إلى أن الروح شيء مادي، بل هي كائن ميتافيزيقي!! فيبدو أن الروح قد تم إعفاءها – من قبل المؤمنين بوجودها – من الخضوع للزمن!! فموت الجسد لا يعني لها شيء بالمرة، بل هو ناتج عن “رحيلها عنه”، فالجسد يحتاجها ليحيا، لكنها لا تحتاجه في شيء. فالموت بالنسبة للروح هو مجرد انفصال عن الجسد. وبالرغم من اختلاف مصير الروح بعد الموت في العقائد والأديان والثقافات المختلفة، إلا أن المتفق عليه بينهم أنها لا تنتهي أبداً فهي تتعالى على الزمان. قد تقدم لمحاكمة عاجلة أو يتم تخزينها في مكان ما لحين استدعائها لحساب جماعي أو تخزن لحين إرجاعها للجسد مرة ثانية أو تمتزج بالإله الذي هو مصدرها كما يبدو!!! ولكنها دائماً وأبداً سرمدية لا تتأثر بمرور الزمن!!

و على قدر تفهمنا لموقف الإنسان البدائي من هذه الفكرة يكون تعجبنا من الإنسان المعاصر الذي مازال يحمل نفس هذه الأفكار العتيقة!! بل والأعجب هو عدم مقدرة قطاع عريض جداً من الناس على تفهم ظاهرة الحياة باعتبارها ظاهرة طبيعية مثل باقي ظواهر الطبيعة لا يحتاج تفسيرها إلى هذه التصورات الميتافيزيقية والميثولوجية. فالمعطيات البيولوجية تشير بوضوح إلى أن المادة الحية ليست شيء فريد بين الموجودات، وإنما هي مجموعة متوالية ومتشابكة من التفاعلات الكيميائية العادية تنتج هذه الظواهر التي نعرفها باسم “الحياة”. فالتغذية والنمو والتكاثر والإحساس بل وحتى الموت كذلك، ما هي إلا تفاعلات كيميائية يمكن تفسيرها ودراستها بطرق علمية رصينة بعيداً عن كل هذه التناقضات التي تطرحها فكرة الروح وما إلى ذلك.

المؤمنون على اختلاف طوائفهم وقناعتهم، ينزعجون للغاية من هذه الأفكار ويضيقون زرعاً من الرأي القائل أن الإنسان بكل أفكاره ومشاعره وأحاسيسه، ما هو إلا أبن من أبناء الطبيعة ونتاج للمادة “الخسيسة”!! والواقع أن هذه المادة “الخسيسة” العاجزة عن فعل أي شيء والفاقدة لكل الصفات والخصائص والمقومات الطبيعية لا علاقة لها بالمادة الحقيقية التي نتحدث عنها والموجودة فعلا في أنحاء الكون.

إذن فعقائديا الروح فكرة قديمة و سخيفة و بالتالي فإن ثنائية الروح و الجسد فكرة قديمة و سخيفة إلا أن بها مشاكل أخلاقية أيضا بخلاف المشاكل العقائدية.

يعني هذا الصراع الذي يعيشه الإنسان بين روحه و جسده هو صراع عقيم و الإنتماء لأي جانب فيهم هو خيانة للجانب الآخر من ذاته لذلك لو فرضنا وجود ما يسمى الروح فمن الواجب ان نصالحها على الجسد بحيث تقبل الروح ما للجسد و يقبل الجسد ما للروح. يعني لو كانت الروح موجودة فإن صراعها مع الجسد ليس حتميا و لأن إرتباطهما حتمي طالما أن الإنسان حي لذا فمن الأفضل لو يتفهم الجسد متطلبات الروح كما تتفهم الروح متطلبات الجسد فلا يرفض أحدهما الآخر.

يعني ما المشكلة في الإعتدال و التوازن ؟

ما المشكلة في مبدأ “ساعة لروحك و ساعة لجسدك” ؟

لماذا يجب علينا أن نختار بين الروح و الجسد ؟

مرة اخرى اعتقد أن من زرع تلك الشيزوفرانيا او الفصام في الناس هو شخص شرير سواء كان بإسم الزرادشتية أو الغنوصية أو حتى كان المسيح شخصيا. تلك الثنائية الفلسفية و السيكلوجية تجعل الإنسان في صراع دائم ضد ذاته حتى الموت و تفقد الحياة أي معنى للسعادة لأن سعادة الروح ضد سعادة الجسد و لا يمكن التوفيق بينهما أبدا بحسب الزرادشتية و الغنوصية و المسيحية.

الأفضل فيما لو إفترضنا أن الروح موجودة – و هو الأمر الغير منطقي و الغير علمي – أن نصل إلي نقطة توازن بين الروح و الجسد فلا نرضي هذا على حساب تلك و لا ننتصر لتلك على حساب هذا.

# بين الثواب و العقاب

متى 13 ( 40 – 43 )

كما يجمع الزوان و يحرق بالنار هكذا يكون في انقضاء هذا العالم. يرسل ابن الانسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر و فاعلي الاثم. و يطرحونهم في اتون النار هناك يكون البكاء و صرير الاسنان. حينئذ يضيء الابرار كالشمس في ملكوت ابيهم.

هل الطمع و الخوف هما دوافع تصلح لممارسة أخلاقية سليمة ؟

هل الطمع في مكافأة بعد الموت أو الخوف من العقاب يؤديان بالإنسان لان يسلك سلوكا أخلاقيا ؟

قد يقول قائل أن العبرة بالأعمال و ليس بالدوافع :

يعني مادام الإنسان يساعد غيره من الناس و يحسن معاملتهم فمالنا و دوافعه سواء كانت طمع أو خوف أو غيره ؟ هل الأعمال بالنيات ام بنتائج الأفعال أم بكلاهما ؟

لكن الرد بديهي : فهل يكون قاضي الظلم (لوقا 18 : 1-8) شخصا أخلاقيا ؟

هل يكون الإنسان طيبا و لو رغم إرادته ؟ أخلاقيا حتى و إن لم يرغب في ذلك ؟

أعتقد أن لا ..

من كان دافعه هو الطمع فهو طماع و من كان دافعه هو الخوف فهو خواف و الطماع و الخواف ليسوا أخلاقيين بالضرورة. كانط يؤكد أن الدافع الوحيد للأخلاق هو الشعور بالواجب و أن أي سلوك ينبع من خوف او طمع أو غيره لا يعتبر أخلاقيا : حتى هذا لا يمكن إعتباره صحيحا لأن مفهوم الواجب ليست ثابتا و لا مطلقا و لا يطلب لذاته, لكنه على الاقل سما بالاخلاق فوق الدوافع الدونية و البدائية.

هناك قاعدة ذهبية أقرها المسيح في متى 7 : 12

فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم لان هذا هو الناموس و الانبياء.

تلك القاعدة الذهبية مهمة و لكنها تفقد معناها بالثواب و العقاب ..

الدافع الرئيسي للممارسة الأخلاقية هي الشعور بإحترام الإنسانية :

فإن كنت لا تحترم إنسانيتك أو إنسانية غيرك فإفعل ما تريد.

يقول سارتر أنه طالما ان الله غير موجود فكل شيء مباح, لكن رغم أن كل شيء مباح فعلا لكل إنسان إلا أن إحترام الإنسانية يكبلنا بمعايير و قيم لا يمكن الإستغناء عنها. فالإنسان يختلف عن الكائن البشري على أساس أن كلنا كائنات بشرية و لكن ليس كل واحد منا هو إنسان حقا.

تحدث سارتر أيضا عن الإنسان الأصيل : الإنسان الذي يختار هويته بحرية, و أفضل هوية ممكنة هي الهوية الإنسانية حيث يكون الكائن البشري شخصا شفوقا رحيما حتى مع أعداؤه و مع الحيوانات أيضا. هذا الكائن البشري هو كائن واعي بنفسه و بالعالم و يرفض الخرافة و يحتكم للعلم و يرفض أي سلوك شرير بل يشعر بالمسئولية تجاه إخوانه البشر و تجاه كل الكائنات الحية و موطنه العظيم : كوكب الأرض.هذا الموجود البشري لا نعد نسميه حيوانا أو بشريا بل ندعوه إنسان.

إن كلمة إنسان في كلام العرب يرجع إلى معنى الظهور و ما دام أن الظهور أصل معناه، فيفترض به أن يكون الظهور سمته البارزة، فيحقق هذا المعنى في:نفسه، وطريقته، وحياته. فيكون ظاهرا في : مبادئه، وقيمه، وأخلاقه، و كل ما يؤمن به، فلا يستخفي، ولا يتوارى كأي حيوان آخر. ربما لا يكون معنى كلمة إنسان في اللغة العربية شيقا او موحيا و لكن كلمة إنسان في اللغات الأخرى لها مدلول عظيم لأن كل ثقافة عبرت عن شخص الإنسان كما تراه و كما يجب أن يكون.

إن الموجود البشري هو كائن ذكي و قوي و جميل بالفعل و لكن الإنسان هو ما نسعى لان نكونه و الكثيرين ينجحون فعلا في أن يكون كل واحد منهم إنسان بمعنى الكلامة فالمثاليات الإنسانية ليست مستحيلة التحقق او الإنجاز مثل المثاليات المسيحية بل يكفي أن يكون المرء أخلاقيا و علميا ليكون إنسانا. إن الإنسان هو الكائن البشري في صورته المتحضرة و هذا يعني ان البشري قبل الحضارات لا يحسب إنسانا.

إن الإنسان معنى عظيم و عالي و هو غاية تطلب لذاتها كما تطلب من اجل فوائدها و منافعها, بمعنى أنه لو أصبح كل موجود بشري إنسانا فسوف نحيا في جنة على الأرض في سلام و تقدم و رفاهية. لذلك فالدافع الوحيد للأخلاق هو ان يكون البشري إنسانا محترما و قديرا و ليس تلك الدوافع الدنيئة المتمثلة في الطمع و الخوف.

# الرقابة الجماعية

في متى 6

احترزوا من ان تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم و الا فليس لكم اجر عند ابيكم الذي في السماوات. فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع و في الازقة لكي يمجدوا من الناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. و اما انت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية.

و متى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون ان يصلوا قائمين في المجامع و في زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. و اما انت فمتى صليت فادخل الى مخدعك و اغلق بابك و صل الى ابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.

و متى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فانهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. و اما انت فمتى صمت فادهن راسك و اغسل وجهك. لكي لا تظهر للناس صائما بل لابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.

إهتم المسيح جدا بالأخلاق الفردية و دعا كل واحد لأن يمارس الأخلاق في الخفاء سواء صدقة او صلاة أو صوم أو غيره فلا يسعى للحصول على تقدير الناس بممارساته الأخلاقية بل يسعى لكي يرضي أباه السماوي لكي يجازيه علانية. بالطبع مسألة الجزاء تلك تفرغ الأخلاق من معناها و لكننا تحدثنا عن هذا سابقا, الموضوع الآن عن الأخلاق الخفية البعيدة عن اعين الناس.

في البداية تبدو الأخلاق الخفية أصدق من الأخلاق الدعائية, يعني سواء كان الشخص الممارس للخير او الأخلاق يفعل ذلك في الخفاء لكي يرضي إلهه او ليرضي نفسه إلا أن في كلتا الحالتين يفعل ذلك دون أن ينتظر تقدير من الناس. بالطبع هذا يبدو أفضل من ممارسات اليهود المليئة بالنفاق الأجتماعي و حب الظهور و لكن كلا السلوكين متطرفين في إتجاهين مختلفين.

اليهود المنافقين متطرفين في حب الظهور و التفاخر ..

و يسوع المسيح متطرف في حب الإختفاء و التواضع ..

الإعتدال أفضل.

لو سلمنا بأخلاق المسيح فيما يخص الإختفاء حين نقوم بأي عمل خير إذن فلن يتبقى أمام الناس إلا عمل عادي أو شرير و هكذا لن نحصل على سمعة جيدة بل على سمعة سيئة. ربما يكون حب الظهور المبالغ فيه من اليهود أيام المسيح كان منفرا و لكن حب الإختفاء أيضا هو مبالغ فيه.

يعني ما المشكلة لو تصدقت أمام الناس و لكن دون أن أتفاخر او أبالغ في ظهوري امامهم ؟

ما المشكلة في أن أكتسب بعض السمعة الجيدة من خلال تعريف الناس ببعض أعمالي الطيبة ؟

صحيح أن التفاخر و الظهور المبالغ فيه منفر و لكن الظهور البسيط محبب و جميل, لكن أن أدخل إلي مخدعي و أغلق بابي كلما أردت أن أقوم بأي فعل خير إذن فانا خجول و متطرف. ناهيك عن ان فعل الخير يستلزم وجود ناس أساعدهم بفعلي الخير فلا يمكن أن أساعد أحدهم دون ان يراني ما لم أكن ارتدي طاقية الإخفاء.

من ناحية أخرى فالمجتمع يحق له الرقابة على اخلاق الفرد إلي حد ما و لكن ليس إلي حد كبير بمعنى ان المجتمع هو أكثر من يحدد لنا طبيعة الأخلاق الجيدة و يميزها عن الاخلاق السيئة و بالتالي نحن محتاجين لإشراف المجتمع على سلوكيات الفرد بطريقة بسيطة و خفيفة فهذا الكلام لا يعني دفاعا عن الشمولية بأي حال.

# رحمة لا ذبيحة

فلو علمتم ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لما حكمتم على الابرياء (مت 12 : 7)

ثم قال لهم السبت انما جعل لاجل الانسان لا الانسان لاجل السبت (مر 2 : 27)

بصراحة لا أجد كلاما أقوله بخصوص هذة النقطة, فهذا هو أفضل تعليم أخلاقي للمسيح : الأخلاق لا الطقوس. المسيح هنا ينتصر للأخلاق و فعل الخير حتى يوم السبت و حتى لو كسر الشريعة لانه يريد أخلاقا طيبة و ليس إلتزاما بطقوس فارغة من أي قيمة اخلاقية, لا أستطيع أن اعبر عن إمتناني لهذا التعليم الأخلاقي العميق و حب الخير المتأصل في المسيح بل و محبة الإنسان السارية فيه.

لكن بالطبع لم تعلم الكنائس المسيحية هذا التعليم بعد ذلك لانها رفعت من قيمة الطقوس و جعلتها بديلا للأخلاق و أصبحت المسيحية على عكس المسيح تريد ذبيحة لا رحمة.

المسيحيين اليوم غير قادرين على فهم روح الاخلاق عند المسيح و بالتالي غير قادرين على خرق شرائعهم و لا إهمال طقوسهم من أجل إعلاء قيم الخير و الفضيلة. إن المسيحيين اليوم هم ابعد ما يكونوا عن فكر المسيح الحقيقي لأن الكنائس لم تاخذ من فكر المسيح إلا القشور.

في النهاية فإن الموقف السليم من المسيح هو أنه معلم فاضل حاول تعليم الناس الاخلاق كما فهمها و ابدع في فهمها و لكنه أخطأ معظم الأحيان و أصاب أحيانا أخرى. بالطبع لم يكن إلها و لا ابن إله و لا حتى نبي لكنه على أي حال أسهم في إضافة أبعاد أخلاقية للممارسات اليومية و أسهم في تعليمنا فكرا اخلاقيا راقيا بعيد كل البعد الكره و الأنانية.

سلام للجميع,,

الزميل Beautiful/Brave Mind

اشفق على تعبك في كتابة المقال, لانك خرجت بنتيجة انت تعرفها مسبقا ,لم تغير في حالك لا زيادة و لا نقصان.

و للاسف يا صديقي هذه النتيجة هي "هراء في هراء" .

العلك تظن ان التحليل الميتافيزيقي اللازوردي للمسيحية سيجعل من مقالك مادة دسمة مثلا؟

فأنت تضع حقائق- ايات مقتبسة- ثم تفسرها بحسب هواك و تخرج شوربة بالبرتقال معصور عليها موز و محلاة بالفليلفلة الحمراء مخلوطة بالنابلسية!

و كأني بك تقول مثلا: ان عاصمة مصر هي القاهرة( حقيقة) و من ثم توضح: تقع القاهرة على الشاطئ الشمالي من المحيط الهندي و يحدها شمالا و جنوبا جمهورية الموز الديمقراطية الشعبية!

من هذا مثلا قولك :

اقتباس:لقد دعا لمحبة الأعداء و التسامح لدرجة الإنسحاق و الزهد لدرجة قلع العين و إخصاء المرء لنفسه!

نعم لقد دعى المسيح للتسامح و محبة الاعداء, لكن هل قال فعلا "بقلع" العين فيزيائيا؟ او اخصاء المرء نفسه حسيا؟

لن أجيب الان, أعطيك الفرصة لتبحث قليلا...

ثم قولك الذي يضاهي اختراع القنبلة النانوميثاتونيجية( لا تبحث في غوغل عنها):

اقتباس:بالطبع لم يكن المسيح هو مبدع هذا السيناريو و هذا الربط بين عصيان آدم و حواء و أكلهم من الشجرة من ناحية و صلب المسيح من ناحية أخرى, فهذا الإبداع هو إبداع بولس و الذي تبنته الكنيسة بعد ذلك

ما هذا الهراء؟

و ماذا نفعل مثلا بأشعياء الذي تنبأ عن ولادة المسيح العذراوي و عن ألامه و موته لفداء البشرية قبل ميلاد المسيح بسبعمائة سنة؟ أم أنك تعتقد ان المسيح فجأة و لد و صرخ قائلا: Surprise!!!!

أقرأ التالي , لعل و عسى تتنسم رائحة المسيح الزكية:

1 مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا، وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟ 2 نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. 3 مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ.
4 لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. 5 وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. 6 كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. 7 ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 8 مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9 وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ.
10 أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ، وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. 11 مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. 12 لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.
اشعياء 53

شئ اخر اقوله لك: ليس كل من امسك قلما اصبح كاتبا و ان كان متخيل ان لديك مواهب كتابية فنصيحتي ان لا تقول لاحد و دع هذا السر معك الى الابد!( اخص فقط الشق المسيحي).


مرحبا باسئلتك مهما كانت شدة انتقادها, لكن ارجو ان لا تجعل من نفسك مفكرا ناقدا المسيحية.

كل المودة

لا داعي للحديث عن أخلاق المسيح ( ابن الله )
فأفعال ابيه اللاخلاقية نجد لها فصولا في الكتاب المسمى بالتوراة
والبذرة الفاسدة لن تنتج نباتا صالحا
وحتى التماسيح تتباكى على ضحاياها

سلام للجميع,,

(11-29-2010, 07:51 PM)مسلم كتب:  لا داعي للحديث عن أخلاق المسيح ( ابن الله )
فأفعال ابيه اللاخلاقية نجد لها فصولا في الكتاب المسمى بالتوراة
والبذرة الفاسدة لن تنتج نباتا صالحا
وحتى التماسيح تتباكى على ضحاياها

ممكن توضح(elaborate) اكثر بمثال او اثنين عن أعمال الاب و عن اعمال الابن الفاسدة لو تكرمت؟

لاَ تَكُونُوا كَآبَائِكُمُ الَّذِينَ نَادَاهُمُ الأَنْبِيَاءُ الأَوَّلُونَ قَائِلِينَ: هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الشِّرِّيرَةِ وَعَنْ أَعْمَالِكُمُ الشِّرِّيرَةِ. فَلَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يُصْغُوا إِلَيَّ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ.

مع الشكر

عزيزي / لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة
محبة و سلام

أولا أريدك أن تهدأ قليلا و ان تضع اعصابك في تلاجة
مسيحك لن ينقص ينقدي له و لن يزيد بمديحي فيه و هو أقدر بالدفاع عن نفسه لو كان موجودا.
فيا حبذا لو تتجاهل شخصي المسكين تماما سواء كنت أعتقد أنني مفكر أو فيلسوف أو عالم في الطاقة النووية ثم تلتزم بالموضوع و ترد علي في النقاط التي أثرتها و هم سبع نقاط رئيسية.

ثانيا : بالنسبة لقصة الفداء البولسية ( نسبة إلي بولس و ليس البوليس)
اعتقد أن المسيح لم ينطق بأي هراء لاهوتي عن كونه قد جاء ليكون فداء للبشرية عن خطية آدم او انه قد جاء لإصلاح الطبيعة البشرية أو أي خرافة أخرى ..
بولس الرسول الذي كتب أكثر من نصف العهد الجديد و الذي إختارته الكنيسة الأولى ليكون متوافقا و معبرا عن الرؤية المسيحية بغض النظر عن إختلافات الأناجيل التي لم تخترها ( إنجيل يهوذا و أنجيل توما و إنجيل الطفولة و غيره ), هو المسئول عن قصة الفداء المزعومة و عن لوي عنق الآيات لكي تعبر عن نبوات مزعومة أيضا.
القصة من تأليف بولس الرسول طبعا و إن كانت مغشوشة من أساطير أخرى لحضارات أخرى, بنفس الطريقة التي ألف بها محمد القرآن إعتمادا على الأساطير اليهومسيحية العربية.
لكن عموما تلك المواضيع لا علاقة لها بالموضوع الأساسي الذي نتكلم فيه و هو :
الأخلاق التي دعا إليها المسيح.

ثالثا : قطعا كان المسيح جادا فيما دعا اليه من قلع العين و إخصاء المرء لنفسه
أو علينا أن نفترض هذا طالما أنه لا يوجد دليل على العكس.
و لدينا أمثله من تاريخ الكنيسة البليد مثل :
- القديس سمعان الخراز الذي فقع عينه جزاءا له على إشتهاء إمرأة فأنعم عليه الله بنقل جبل المقطم.
- العلامة أوريجانوس الذي خصى نفسه إتباعا لقول المسيح بإخصاء المرة لنفسه ..

يعني لديك قديسين يفهمون الآيات حرفيا و تأتي انت لتكلمني عن التفسير الرمزي أو الروحي للآيات ..
أنا لا يهمني محاولات التفسير الكنسية لأقوال المسيح لأنني أحاول أن أتعامل مباشرة مع فكر المسيح الذي طمسته الكنيسة تحت طقوسها و أساطيرها الوثنية و لذلك فأنا أعتقد أن المسيح ربما قد يكون خصى نفسه فعلا إتباعا لقول الآية و إلا فانه منافق كالعادة مثلما لم يحول خده الآخر للجندي الذي لطمه يوم محاكمته ..

بالطبع كان المسيح متطرفا في أفكاره و بالطبع فإن تنفيذ تلك الأفكار من أصعب ما يكون حتى أنه قد لا يستطيع تنفيذها إلا لو كان متطرفا حقا, و لهذا أنا اعيب عليه و أنتقده رغم ما جاء في فلسفته الأخلاقية من بعض الأشياء الجميلة.

أرجو أن تلتزم بالموضوع نفسه و ترد عليه لو عندك رد بدلا من المهاترات و المناوشات من جانبك ..
و لا تنسى انني كنت مسيحي سابقا و بالتالي فإن المواضيع التي أتكلم عنها قد لمستها شخصيا و عانيت منها شخصيا و على إستعداد لأن أثبت لك صحتها.

كل ود

---

(11-29-2010, 08:02 PM)لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة كتب:  ممكن توضح(elaborate) اكثر بمثال او اثنين عن أعمال الاب و عن اعمال الابن الفاسدة لو تكرمت؟

اعتقد أن كل أوامر القتل الوحشية التي جاءت في العهد القديم تغنيك عن السؤال ..
لكن هذا ليس موضوعنا طبعا فلوسمحت نلتزم بالموضوع الأصلي.

عمليات الابادة كما قال الزميل عقل شجاع

سلام للجميع

(11-29-2010, 09:08 PM)Brave Mind كتب:  عزيزي / لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة
محبة و سلام

أولا أريدك أن تهدأ قليلا و ان تضع اعصابك في تلاجة
مسيحك لن ينقص ينقدي له و لن يزيد بمديحي فيه و هو أقدر بالدفاع عن نفسه لو كان موجودا.

الزميل Brave Mind,,,

ردي لك ليس رد انسان غاضب أو محروقة أعصابه,و مسيحي ليس بحاجة للدفاع عن نفسه و لا انا ادافع عنه, بل هو يدافع عني و يعتني بي يوم حاجتي له( و انا احتاجه كل يوم) فهو القائل:
الرب يدافع عنكم و انتم تصمتون!
و ليس العكس.

اقتباس:فيا حبذا لو تتجاهل شخصي المسكين تماما سواء كنت أعتقد أنني مفكر أو فيلسوف أو عالم في الطاقة النووية ثم تلتزم بالموضوع و ترد علي في النقاط التي أثرتها و هم سبع نقاط رئيسية.

أنا لا انتقد فيك عيوب شخصية, بل "أنتهر" حس النقد المسيحي لديك و هناك فرق شاسع بين الاثنين.

و قولك انك مسيحي سابق لا يقدم و لا يؤخر في كلامك, فهل اذا كنت انا طالب صف سادس ابتدائي و اعرف جدول الضرب استطيع ان أنقد لابلاس او كيبلر مثلا؟

اقتباس:ثانيا : بالنسبة لقصة الفداء البولسية ( نسبة إلي بولس و ليس البوليس)
اعتقد أن المسيح لم ينطق بأي هراء لاهوتي عن كونه قد جاء ليكون فداء للبشرية عن خطية آدم او انه قد جاء لإصلاح الطبيعة البشرية أو أي خرافة أخرى ..

عفوا’ و لكن اعتقادك هذا تستطيع ان ترميه في اقرب سلة مهملات, فانا اعتقد ايضا ان الكنغر هو طائر مثله مثل الفيل تماما.

ما الذي نناقشه هنا؟ ارائك الشخصية التي ليس لها أي وزن أم نناقش كتاب مكتوب على يد اربعين كاتبا على مدى الف و خمسمائة سنة يدور حول فكرة واحدة هي الفداء و المسيح؟

اقتباس:بولس الرسول الذي كتب أكثر من نصف العهد الجديد و الذي إختارته الكنيسة الأولى ليكون متوافقا و معبرا عن الرؤية المسيحية بغض النظر عن إختلافات الأناجيل التي لم تخترها ( إنجيل يهوذا و أنجيل توما و إنجيل الطفولة و غيره ), هو المسئول عن قصة الفداء المزعومة و عن لوي عنق الآيات لكي تعبر عن نبوات مزعومة أيضا.

هذا الكلام لا يصدر الا عن شخص لا يفقه شيئا لا في المسيحية و لا في اليهودية ,ألم تقرا ردي السابق عليك و اقتباسي من اشعياء النبي ؟ ام انك تكتب لمجرد الكتابة؟

هل بولس هو الذي كتب عن "خروف الفصح"؟ هل بولس هو الذي تكلم عن الذبائح و القرابين في العهد القديم و التي كانت رمز الذبح الاعظم السيد المسيح؟
هل بولس هو الذي تنبا عن ولادة و موت السيد المسيح في العهد القديم؟
هل بولس هو الذي تكلم عن المجئ الثاني للمسيج في العهد القديم؟

هل كان فكر بطرس او يوحنا او يعقوب او كتبة الاناجيل مخالفا لقول بولس؟

بماذا تدعم هذا الهراء عن بولس؟ ب قالوا لي يعني؟

(استراحة قصيرة فرأسي يؤلمني)
...

الموضوع مرفوع لمن يريد النقاش الجاد.

http://amaninaleppo.blogspot.com/2011/08...st_16.html

اما أنا فمسيحي سابق و أعرف سيئات المسيحية جيدا.
كما أعتقد أن المسيحية خطر على المجتمع مثلها مثل الإسلام و إن كانت بدرجة أقل قليلا.
و لكن دعنا من أسباب نقد المسيحية و ناقشني في الموضوع :

هل ترى أن الاخلاق التي نادى بها المسيح و التي يفترض أنه قد إلتزم بها هي أخلاق جيدة و صالحة للتطبيق ؟

كل ود.