أحمد العبيدي
14/09/2009
ربما يحمل العنوان نوعاً من الطرافة ، ولكن النظر للموضوع بواقعية وانفتاح ذهني سيؤدي إلى إعادة قراءة تأريخنا الديني ، بل سيحدث انقلابا كاملاً في طريقة التعامل مع النصوص الدينية .
ما لا نشعر به بصورة حقيقية ، أن تراثنا الديني هو تراث فضائي بالتأكيد ، نحن نتعامل مع السماء والتي نقصد بها غالباً الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى ، ونؤمن بوجود كائنات فضائية مثل الملائكة والشياطين ، بل وبحسب النصوص القرآنية ، الحياة على الأرض جزء بسيط من الحياة التي يزخر بها الكون ، والاتصال بين الكائنات الفضائية من ملائكة وشياطين أمر طبيعي لدى جميع الأديان وخاصة الإبراهيمية .
ربما يبدو الأمر خارجا عن المنطق ، ولكنه المنطق التقليدي وليس العلمي ، المنطق العلمي يجب أن يستغرب من وجود الحياة على الأرض فقط من بين ملايين المجرات في المدى الامتناهي للكون .
ولكن ليس الجانب الديني ما يهمنا بالموضوع مع إن الناتج له تأثير كبير في الفكر الديني ، بقدر ما يهمنا التفكير الجاد بالموضوع نفسه من الناحية التاريخية .
أذا هل قدم السومريون من الفضاء ؟ أم أخذوا علومهم من كائنات فضائية !
في هذا المقال المختصر جداً سنفتح باب للتأمل في الموضوع من باب تغيير نمط التفكير السائد والانطلاق إلى أفاق جديدة تفتحها لنا الأسطورة ، وربما هناك عوالم هي أكثر تطوراً من عوالم الكائنات الفضائية .
ظهر السومريون على صفحات التاريخ بصورة مفاجأة قبل ستة ألاف سنة وبدأت كتاباتهم ناضجة قبل ثلاثة ألاف سنة ، لم يكن هناك أي تدرج واضح في هذا الظهور الفذ الذي خط أول نواميس الحضارة ، عشر نظريات تتنافس على تفسير هذا الظهور المفاجئ كلها تقترح أماكن محيطة بالعراق القديم كمصدر لنزوح السومريين من مرتفعات الأناضول في أسيا الصغرى إلى أواسط أسيا والصين وجبال زاكروس في ايران وحتى مناطق الشام القريبة أو الأصل العربي (عاد) في الجزيرة العربية إلى الإيجيون في البحر المتوسط ولا تنتهي بوسط أوربا وتشابه اللغة السومرية مع نظيرتها الهنكارية . لماذا حصل هذا النزوح ؟ وحتى لو حصل كيف نفسر ظهور الحضارة بهذا الشكل المفاجئ .
هنا يقدم الدكتور خزعل الماجدي نظريته المعاكسة بأن الحضارة السومرية ذات ولادة محلية ، وما يظهر هنا وهناك من تشابه بين آواني الفخار أو طريقة الكتابة المقطعية هي بسبب تأثير حضارة السومريون بالجوار وليس العكس .
لكن هذه النظريات لم تجيب على السؤال الملح : كيف حصل السومريون على كل هذه العلوم والمعارف وكيف تطور لديهم الدين هكذا بحيث كانوا أكبر شعب متدين عرفه التاريخ ؟ نظرة واحدة فقط على فهرست كتاب ألواح سومر لصاموئيل كريمر ستجعلكم تعرفون لماذا الاستغراب ، الحضارة تبرز فجأة وبدون سابق إنذار !!!
هنا لو حاولنا أن نقفز على الفكر الأكاديمي التقليدي ونقترح أطروحة محتملة بوجود كائنات فضائية قادمة من حضارة متطورة زارت السومريين وتعايشت معهم فترة طويلة وعلمتهم فنون الكتابة والفلك والدين الري والهندسة والرياضيات المتطورة . عندها سيكون هؤلاء الزوار هم الذين نعتهم السومريون بالقادمين من السماء ، وهم من أصبح فيما بعد آلهة السومرين الكثر والذين صورتهم الرقم الطينية بشكل بشري كامل مع وجود الأجنحة في اغلب الأحيان .
عدد الإلهة السومرية يتجاوز الأربعة ألاف اله ..فهل هناك وعي فردي يتمكن من عبادة هذا العدد الكبير من الإلهة ؟ في كتابه الرائع متون سومر بذل الدكتور خزعل الماجدي جهود كبيرة في محاولة لرسم شجرة أنساب الإلهة السومرية ، وجاءت جهوده لتؤكد لنا بأن ما يتحدث عنه هم عبارة عن أقوام حقيقيون عاشوا في تلك الفترة من التاريخ ، هذا ما نستنتجه من قصص الإلهة ، الزواج ، الخلق ، الصراعات ، تقسيم الوظائف الأساسية .
في مكان أخر يشير بان السومريون كانوا يتعاملون مع ألهتهم على أنهم بشر بالفعل ، ولا اعرف لماذا لا نقول بأنهم كانوا فعلا من البشر ؟
يقول الماجدي (وتحفل الأساطير السومرية بمبدأ التشبيه الإنساني حيث تشبه الآلهة بالبشر تماماً في كل سلوكها وشكلها وولادتها وأحياناً موتها ( وهو نادر لأن الآلهة تتصف بالخلود ) وأحياناً لا نشعر مطلقاً أننا أمام إله بل أمام إنسان عادي أو ملك حكيم )
يعتقد السومريون بان الملوكية نزلت من الفضاء على أريدو ولمرتين ، ونرى في المسلات وحتى المتأخرة منها والسامية الأصل مثل مسلة حمورابي صورة الملك يستلم الملوكية من السماء (من اله الشمس شمش )
وفي معرض حديثة عن الإله انكي يقول في نفس الكتاب
هناك صورة له تظهره في الأغوار المائية وهو يسكن غرفة عجيبة وكأنها غواصة ) !!
أقول هنا ما الضير لو قلنا هي مركبة فضائية حقيقية ؟ وهل من المعقول أن يأتي من فراغ خيال الفنان السومري وهو يمثل انكي الاله داخل مركبته العجيبة ، أم انه شاهده بالفعل فيها !!
طبعا الكلام في هذا الموضوع ليس حديث العهد بل هو ربما يعود إلى السبعينات من القرن الماضي حينما قدم العالم الأمريكي (زكريا سيتشن ) كتابه الكوكب الاثنا عشر وكتابه الأخر المثير للجدل (كتاب أنكي المفقود)
والذي أكد فيه نتيجة لإعادة ترجمته للرقم الطينية السومرية أصل السومريون الفضائي مما أثار ضده الأوساط الدينية اليهودية لان الموضوع لن يخرج من أطار كون التوراة اليهودية نسخة كتبت بتصرف من الأساطير السومرية بلغتها الأكدية والبابلية في أيام السبي البابلي .وليست بحوث الكاتب ديفيد أيكة ببعيدة عن هذا التوجه بحسب ما جاء في كتابه السر الأكبر .
ومن خلال منهجه اللغوي الصارم يثبت لنا عالم عراقي راحل وهو عالم سبيط النيلي في كتابه ملحمة جلجامش والنص القرآني ، الرحلة الفضائية لجلجامش ( مع التحفظ الشخصي على التأويلات التعسفية في الكتاب )ويتضح ذلك من استنتاج بديع لطريق صنع الأسلحة واختلاف أوزانها عن المعتاد ووصف الطريق من تبادل للظلمة والنور وكيفية حساب الوقت بوحدة قياس جديدة هي الساعة المضاعفة ، وأخيرا قصة الأرغفة الستة التي أعدها أنوبانشتم لجلجامش حينما وصل إليه والتي اثبت من خلالها له بان الساعة الواحدة التي نام فيها جلجامش قد استمرت لستة أيام بدليل التغيرات التي طرأت على أقراص الخبز .. وهذا يعني بدون شك اختلاف الزمن في هذا المكان أي إن هذه الحادثة لم تحصل على الأرض أكيداً .
وهكذا فأن قراءة ملحمة جلجامش مع أخذ الرحلة الفضائية بعين الاعتبار ستنتج رؤية في الذهن مختلفة ، نعم قصة الأرغفة الستة ونصيحة زوجة أوبانشتم بضرورة عودة جلجامش من نفس الباب الذي قدم منه ، وتفاصيل اللوح الثاني عشر من الملحمة لا تحيلنا إلى نسبية الزمن فقط ولكنها تدخلنا في معمعة الفيزياء الكوانتية حيث يكون البعد الرابع لاعباً أساسيا في الإحداث .
ولكن ماذا لو نظرنا وتأملنا في سيناريو أخر ، ربما يروق أكثر لذوي الميول الأكاديمية التقليدية ، يقترح هذا السيناريو الجديد ، بوجود حضارة متقدمة جداً على الأرض تطورت عبر ملايين السنين ، حضارة تفوق حضارتنا من الناحية التقنية بكثير ، اندثرت هذه الحضارة مع الطوفان الكبير ، والناجين من الطوفان بما كانوا يحملون من علوم ووعي تقني متطور قاموا ببناء الحضارة من جديد وبالتحديد من سومر ، نفس هؤلاء الناجين تحولوا إلى آلهة في قادم الزمان ، والأساطير السومرية أنما كانت تروي أحوالهم وقصصهم ومشاكلهم وصراعاتهم المستمرة .وهنا سيبقى السؤال المحرج هو عن الكيفية التي تم بها خلق الإنسان العاقل الحالي بحسب الأساطير السومرية ، وهل تعارض نظرية الخلق الدينية ؟
هذا الجدل سيبقى فلسفي أكثر من كونه تاريخي ، فهوس إنسان القرن الحادي والعشرين في خلق المثيل الآلي ( الروبورت ) ، شبيه بما تقدمه تلك الأساطير من أن خلق الإنسان كان بسبب الحاجة إليه في العمل ، فلو كانت تلك الحضارات متقدمة كفاية فربما هي تجاوزت مرحلة الريبوت الآلي إلى مرحلة الريبورت الواعي بهندسة بايلوجية متطورة !!
المصادر
· ألواح سومر ، كريمر ، ترجمة طه باقر .
· ملحمة جلجامش ، طه باقر .
· ديوان الاساطير السومرية ، قاسم الشواف ، أدونيس
· متون سومر ، خزعل الماجدي
· ملحمة جلجامش والنص القرآني ، سبيط النيلي
أحمد العبيدي
http://www.alnoor.se/article.asp?id=57547#