فى الوقت الذي وصل فيه رجل تعود جذوره لأفريقيا الى قمة هرم السلطة فى أكبر وأغنى وأقوى دولة فى العالم لها ماضٍ كريه وبغيض فى الإتجار بالبشر واستعبادهم نلاحظ التغييب المتعمد مع سبق الإصرار والترصد ضد الوجوه السمراء والمفارقة فى ذات القرن الحادي والعشرين على فضائيات الدول العربية وقنواتها ، فلا تجد أصحاب البشرة الداكنة مثلهم مثل الآخرين كمذيعين أو مذيعات أو مقدمات برامج حية أو حتى ميتة فى التلفزيونات المحلية العربية أو الفضائيات بالرغم من قناعتي التامة أن هناك الآلاف إن لم يكن عشرات الآلاف من الطلبات السمراء ( إن صح التعبير ) المقدمة للإلتحاق بهذه القنوات أو تلك الفضائيات ولكن يبدو أن طلباتهم تُرفض بسبب اللون وليس بعدم الكفاءة أو بانعدام الموهبة ويتم قبول طلبات غيرهم بالرغم من خواء معظمها وعدم إلمامهم بأبسط مقومات العمل الإعلامي سواءً فى التقديم أو الحوار أو حتى الإستدراك ناهيك عن الفطنة والذكاء.
إبتداءً من فضائية الجزيرة التى كان من الممكن بل من الواجب عليها ( طالما طرحت نفسها على أنها صوت من لا صوت له وظهر من لا ظهر لها وأجنحة من لا أجنحة له ) أن تُحدث فرْقاً فى سياسة التفرقة العنصرية اللونية الموغلة فى التخلف والجهل المنتشرة على نطاق واسع فى كل ركن أو زاوية عربية تماماً كما أحدثت فرقاً فى بداياتها فيما يختص بتناول الأخبار أوطرح الموضوعات أو الحراك الإعلامي العربي بصفة عامة ، ولكننا لم نر ذلك بل ظلت الجزيرة أسيرة عدم خدش الحياء العربي العام بتقديم مذيع أو مذيعة سمراء ، وحتى فيصل القاسم صاحب برنامج ( يا جماعه يا جماعه ) الإتجاه المتعاكس وليس المعاكس والذى يظهر فى برنامجه وكأنه تناول حبوب هلوسه مع مضيفيه قبل البث المباشر للبرنامج وعندما تبدأ العفاريت ( تـتـنـطط ) أمام مضيفيه نراه متلذذاً بصورة معكوسة وغريبة سببها أن ضيوفه قد فقدوا رشدهم ووقارهم وسيطرتهم المصطنعة على أنفسهم وعكسوا صورهم العارية وحقيقتهم المتعرية عن الطرق المثلى لتربية النشء وتعليم الأمة وتلقينها أحدث الأساليب للنيل من الخصم وكيفية التعامل بالظاهرة الصوتية مع من يختلفون معهم فى خطوط الطول والعرض مع إيماني التام بأن هؤلاء الضيوف قد حضروا من منازلهم وهم ( ولاد ناس ) وبكامل قواهم العقلية لمناقشة مواضيع القاسم الذى دائماً ما يكون جريئاً فى أمور معينة وفى وجه دول معينة وموضوعات بعينها إلا أنه لم يتجرأ فى تناول موضوع التفرقة على أساس اللون فى البلاد العربية أبداً ولا رأيناه يلقي حجراً فى هذا المستنقع العنصري الذى يُمارس أمام الكل يومياً بل كل ساعة ، ولكن الجزيرة لم تقف عند عدم تناول الموضوع فحسب بل جعلت منه شبه قاعدة فى استديوهاتها بالدوحة وذلك بأن يكون أصحاب البشرة السمراء خلف الكواليس ، تماماً كما تفعل بعض الأسر مع المعاقين داخل منازلهم عند قدوم ضيوف أو خُطّاب لفتياتهم ، أما غيرهم ( من غير السمر ) ففى المقدمة لابتسامات الكاميرا وتقديم البرامج وإجراء اللقاءات وتقديم نشرات الأحوال الجوية وأخبار البورصات وأسواق المال ولو فعلت الجزيرة ذلك منذ انطلاقها نهاية عام 1996م أو بعد هذا التاريخ أو بالأمس القريب مع الدفعة الأخيرة من المذيعين والمذيعات فى عيدها الثالث عشر لتبعتها بقية القنوات التى جاءت بعدها ولكن يبدو أن الجزيرة لا تريد ذلك ولا ترغب فيه وإلا لكانت قد قامت بذلك الأمر دون تأخير طوال هذه الأعوام ولذلك يمكننى أو يمكن لغيري أيضاً أن يقول أنها كانت ستطبق نفس القاعدة أوالنهج المتبع فى أروقتها فى العاصمة القطرية ( أى التفرقة على أساس اللون مع مقدمي النشرات والبرامج ) مع مراسليها فى السودان والصومال وتشاد إن استطاعت الى ذلك سبيلا ، أما إن كان الأمر غير ذلك فليفسروا لنا ما السبب أو الأسباب الوجيهة لما نراه أمامنا كل يوم من إنحياز وتفرقة ضد السَّمَارْ فى تقديم البرامج على الشاشات الفضائية والتلفزيونات المحلية فى البلاد العربية بصفة عامة وعلى قناة الجزيرة والعربية والـ MBC بصفة خاصة.
لقد مُورست ضد السمر فى الوطن العربي على مدى التاريخ ضغوطاً هائلة لجعلهم حبيسي اللون وأسيري النقصان ونعتوا بالعبودية لمجرد لونهم بالرغم من أن السبي والعبودية كانت تطلق لكل من وقع أسيراً فى الحروب بين القبائل المختلفة فى الماضي أو من تمت سرقتهم من أهلهم صغاراً وشمل أيضاً عبيد من الفرس والروم والعرب الأقحاح وليس عرب اليوم وغير ذلك مع الإشارة الى أن أولئك العرب الأقحاح ليسوا بيضاً ولكن بالرغم من ذلك لا زالت تلك الآثار التى خلفتها تلك الحقب التاريخية الكريهة باقية وإن كانت بدرجات ٍ متفاوتة وقد تخلصت العديد من الإثنيات والقبائل ( من غير السمر ) من تلك الوصمة ( العبودية التاريخية السابقة ) أو دفنتها أو أخفتها خلف الآخرين ولكنها لا زالت تلقي بظلالها على السود فى المنطقة العربية وذلك لإصرار فئات كبيرة من المجتمعات العربية على ممارسة العنصرية ومعاداة الزنجية بصورة سافرة رغم تطور المفاهيم والقيم فى عدة مناحٍ عما كانت عليه فى السابق وخاصة فى الهرولة خلف الغرب أو الإقتباس منه بالرغم أنهم يصمونه بالكفر والإلحاد ولكنه استطاع ( بعض الشئ ) أن يتخلص من عقده وأمراضه وعاره التاريخي فى استعباده للآخرين ويكفر عن سيئاته ليواكب الإنسانية والقيم والأخلاق بالقوانين والدساتير الحقيقية النافذة لا كما يجري فى الوطن العربي المفترض فيه محاربة مثل هذه الأمراض والتشوهات والتنشئة البغيضة كما أسس وشرع لذلك الإسلام الحقيقي .
كثيراً ما جالت بخاطري أسئلة كثيرة عن أين هم أو أين هن سمراوات قطر والبحرين والإمارات والكويت والسعودية والسلطنة بل أين هن سمراوات النوبة فى الفضائيات والقنوات المصرية ( الزى الهم على القلب ) بالطبع ليس لهن أثر والسبب الرئيس فى اعتقادي أن هناك من يعمل ليلاً ونهاراً وبخبث وأنانية منظمة حاملاً عاره وعنصريته وتشوهاته الأخلاقية لطمس هذه الوجوه ووصمها ونعتها بما لا يليق لمجرد أنها سمراء أو سوداء لحرمانها من ممارسة حقها الطبيعي فى الظهور عبر الفضائيات وغير ذلك من المرافق والمراكز طالما كانوا مؤهلين وبجدارة لشغل هذا المركز أو ذاك.
الجمال الإذاعي والتلفزي المفترى عليه شئ نسبي والمقاييس الجمالية على الفضائيات أيضاً ليس لها لون معين ولا إثنية معينة ولا قبيلة بعينها بل يتعلق الأمر قبل كل شئ بالقبول الرَّباني والموهبة الفطرية وطريقة الطرح وأسلوب التقديم وخفة الروح وصدق الكلمة وجرأة التناول والثقافة العامة أكثر من مسألة اللون والمساحيق وخرائط التجميل وحُقن الوجه وشد الجلد وكحت العيون وإعادة هيكلة الأنف التى نشاهدها اليوم على الشاشات المزيفةً لكل الحقائق والتى صارت للأسف مقياساً يطبق على خلق الله شرقاً وغرباً ، وبما أن العنصر النسائي هو الطاغي على الفضائيات والتلفزيونات العربية أقول لو وجدت السمراوات فرصاً حقيقية للعمل بعيداً عن مقاييس الزيف اللونية هذى لتقاسمن عرش التلفزيونات والفضائيات مع ذوات الألوان الأخرى إن لم يتربعن عليه ، فسمراءٌ موريتانية أو سودانية أو صومالية أو مغربية أو كويتية أو جزائرية أو سعودية أو عدنية أو قطرية أو بحرينية أو إماراتية أو ليبية أو عمانية أو عراقية أو تونسية أو فلسطينية واحدة كفيلة بأن تخلخل قواعد صاخبات فضائية الجزيرة أو متصابيات قناة العربية أو متخشبات قنوات دبي أو دلوعات ( الأم بى سى ) أو مائعات القنوات اللبنانية أو محنطات قناة قطر.